رواية نسائم الروح (ميراث الندم 2) الفصل الأول 1 بقلم أمل نصر
رواية نسائم الروح (ميراث الندم 2) الجزء الأول
رواية نسائم الروح (ميراث الندم 2) البارت الأول
رواية نسائم الروح (ميراث الندم 2) الحلقة الأولى
لف عائدًا للمنزل بوقت متأخر بعد قضاءه السهرة مع يوسف صديق غازي وبعض الشباب من العائلة، بصفته ضيف عزيز لابد من الترحيب به بينهم، جالت عينيه في الانحاء حتى وجدها جالسة في انتظاره، تحمل بيدها إحدى كتب الرويات التي كانت تتصفحها حتى أتى لتستقبله بتهكمها:
– يا اهلا بالباشا، راجعلي في نص الليل يا عارف،ما كنت بيت برا احسن؟
تبسم بخفة، كرد لها، وداخله سعادة لا توصف انه وجدها مستقيظة وقد غلبه الظن بنومها، بعدما تأخر لهذا الوقت ، فاقترب حتى جلس بجوارها، قبل ان يشاكسها بقوله:
– ما انا كنت هعملها فعلا، ابات مع يوسف في المندرة واونسه، لكن في الاخر افتكرت اني ورايا ست مستكينة في البيت، أكيد بتخاف من الجعدة لوحدها، لا تاخد على خاطرها هي كمان، روحت راجع في قراري .
تخصرت باستنكار لقوله مرددة بغيظ:
– مين دي اللي تخاف يا بابا؟ لا يا حبيبي كنت كملت مين غير ما تيجي على نفسك، انا بت الدهشان تربية الجبل، يعني تعالب الليل والديابة هي اللي تخاف منينا، مش احنا.
بغير قصد منها، صارت تلكزه بطرف اصبعها على عظام صدره، حتى انها لم تنتبه، سوى بعد ان قبض عليه سبابتها، مرددًا بوعيد:
– لكن انتي كديها الزغدة دي؟
انتابها الزعر لتردف على الفور بتراجع:
– لا والله ما كديها، سيب صباعي يا عارف انا مكنتش جاصدة اصلا .
رفض بعند يستنفر طاقتها:
– لا مش هسيبه يا روح، وريني بجى شراسة بت الجبل، اللي بيخاف منها تعالب الليل والديابة .
– لا دا انت جاي مصهلل وليك غاية للرزالة، بعد يا عارف انا عايزة انام .
قالتها وهي تهم للنهوض من جواره ولكنه شدد بالضغط على اصبعها الصغير يمنعها، حتى قالت باستسلام:
– في ايه يا عارف، سيبني انا عايزة انام الوجت اتأخر.
خاطبها بتحذير وانفاسه الحارة تلامس بشرتها، بعد ان قرب رأسه منها :
– مش جبل ما تعترفي انك خوفتي صح،
– وان معترفتش.
هتفت بها بوجهه باعتراض، قابله بابتسامة متسلية قائلًا:
– إنتي حرة، وانا بجى هفضل حابسك كدة وصباعك في ايدي لحد بكرة حتى .
تذمرت بغيظ تخفي ابتسامتها، امام جديه واهية منه، لتردف ببعض الدلال والمهادنة، وقد علمت بغرضه الاَن من خلف مناكفته:
– طب حتى لو جولتلك اني حايشالك طبق مهلبية بالمكسرات والحبشتكنات يستاهل حنكك دي تحلي بيه دلوك بعد الشاي ما نشف حلقك من الشرب فيه مع الرجالة .
– وه .
تمتم يبتلع ريقه بالفعل وقد سال لعابه شاعرًا بالجوع بالفعل، ليُقر بانتصارها:
– عرفتي تغلبيني صح فيها يا ست روح، انا هسيبك، بس اعملي حسابك لو الطبج مجاش بكل اللي ذكرتيه دلوك، هخترعلك احكام من الهوا، بعد ما جريتي ريجي وجوعتيني.
اومأت رأسها بتخوف لتنهض على حذر من جواره، قدميها تتخذ طريقها نحو المطبخ، لتدلف نحو البراد على الفور تخرج الطبق الكبير ، حتى تخرج له ما يسكت عقل رجل اصبح كالطفل بالنسبة لها، والذي لا يستكفي من الالعاب من أجل ترضيته،
ولكنها وقبل ان تستدير عائدة، اجفلها صوت مواء قطة من خلفها لتخرج صرختها، وتهتز بوقفتها حتى كادت ان تقع هي ويسقط طبق الحلوى منها ، قبل ان يتلقفها بين ذراعيه وينقذها وينقذها الطبق معها، يردد لها بسخرية ضاحكًا:
– ايه يا بت الجبل ، يا مخوفة الديابة والتعالب؟
التقطت أنفاسها اولا، واضعة يدها على موضع قلبها، الذي ازداد تسارع النبض فيه تأثرا بخضتها، ثم ما لبثت ان تضربه بقبضتيها على عظام صدره وذراعيه تعبر عن احتجاجها:
– والمصحف ما مسمحاك يا عارف ، والمصحف ما مسمحاك، وجعت جلبي، وشعر راسي وجف من الخضة.
وكان رده الضحك المتواصل والتشديد بضمه لها.
❈-❈-❈
انتفض عن نومه فجأة معتدلًا بجذعه، فور ان شعر ببرودة الفراش بخلوه منها، بعدما استغلت غفوته لتستل نفسها من جواره، وقد ارتخت ذراعيه التي كانت تكبلها بضمها له، لينهض عن التخت بجذعه المكشوف وبنطاله البيتي يبحث عنها ، هم ان يخرج من الغرفة، ولكن قدميه قادته إلى المرحاض ليبدأ به، وكان الاختيار الأمثل، وقد تأكد من وجودها داخله، بمجرد ان حطت يده على قبضة الباب، ليتوقف على صوت بكاء مكتوم، ونهنة ضعيفة شقت قلبه شطرين، بل ذبحته، علم ما بها، وما يدور برأسها.
انها نادمة على استسلامها له، نادمة ان ارتخت حصونها مع من هو حلالها، زوجها الاَن، تعتبرها خيانة لمن رحل، متناسية انه هو الأحق؛ عمن لم يعد له وجود، انها حقه هو الاَن، بل هي حقه الضائع منذ الثانية عشر من عمرها.
على خاطره الأخير، دفع بالباب يجفلها باقتحامه، وقد كانت واقفة بجوار حوض الغسيل، ترطب من الماء على بشرتها لتغسل اثر الدموع، طالعته في البداية بإجفال تحول بعد ذلك بغضب، معقدة حاحبيها بتجهم، قابله بتحدي قائلًا:
– ايه؟ انا داخل على مرتي، يعني مش حد غريب، ولا انتي نسيتي انك مرتي؟
ازداد عبوس وجهها ترفض حجته:
– وافرض يعني، برضوا كان لازم تخبط، فيه حاجة اسمها خصوصية برضوا ولا دي متعرفهاش؟
– لا يا نادية معرفهاش..
قالها بتحدي، ليدلف غير اَبهًا، حتى توقف اسفل صنبور مياه الاستحمام، وقد ضغط يفتحه، لتتساقط المياه فوق رأسه، تغرق وجهه وجسده بالتبعية، دون أن يتحرك أو يحيد بأبصاره عنها، حتى تحركت هي بتأفف تنتوي الخروج، ولكنه فاجأها بأن جذبها من ذراعها، حتى اصطدمت بصدره العضلي، لتزمجر باحتجاج تحاول نزع نفسها وذراعها منه، وعلى عكس ما توقعت، وجدته يرفع وجهها اليه بيده الحرة، يطالعها بنظرة دافئة متسامحه، زادت من تشتتها، قبل ان يدنو ليطبع طبع قبلة حانية أعلى رأسها، ثم جذبها بحزمه، ليحتصنها، ويريح الرأس المتعب بأفكاره على موضع قلبه، لتتلقى معه هطول المياه المتساقطة، علّها تخفف من نيرانه، قاومت في البداية، ولكنه اخمد مقاومتها بضمته، لتستجيب بذرف الدموع التي كانت تحرق بشرته، وكأنها وجدت المأوى لتفرغ ما في قلبها دون مراعاة لشعور هذا المأوى، ومع ذلك كان مرحبا، سوف يتحمل ، رغم احتراق روحه من الداخل، سوف يصبر، حتى يصل معها لبر يجمعهما سويًا دون معوقات، سوف ينتظر حتى يتلقى منها نسائم العشق التي تريح قلبه الممزق بجفائها
❈-❈-❈
وفي مكان آخر.
عاد من سفرته القصيرة والفجر على وشك البزوغ، ليدلف داخل المنزل، بعد ان فتح الباب الحديدي ، وقد كان على وشك الدخول لغرفته ، قبل ان يفاجئه الصوت الانثوي القوي:
– راجع ليه في نص الليل؟ ما كنت بيت مع جدتك احسن، والصباح رباح.
التف اليها بأعين ضيقة يطالعها لبعض الوقت، وهي جالسة بجوار النافذة التي كانت مفتوحة على مصراعيها، تطل منها الحديقة الداخلية بمنزلهم، ليعلم من تحفزها انها كانت في انتظاره،
زفر بخشونة قبل أن يكلف نفسه بعناء الرد عليها :
– كان من الأحسن اني مبيتش، لأني لو عملتها ما مكنتش هستريح غير وانا مخلص على مرة ولدها، ومرتكب جريمة. واخدة بالك؟
عاد يشدد على كلماته:
– انا جيت وانا على أخري يا ام سند، زي ما انا واجف جدامك دلوك وبرضوا وانا على أخري، وماسك نفسي بالعافية اني منفجرش فيكي.
رددت خلفه مستنكرة:
– وتنفجر فيا ليه؟ كنت انا روحت جوزت البت، ولا انا اللي روحت موت حجازي ووجفت المراكب اللي كانت سايرة…..
– انتي اللي بعدتيني،
صاح بها مقاطعًا لها، ليستطرد بغضبه واقدامه اقتربت حتى جلس امامها :
– بعدتينا في وجت مكنش ينفع فيه بعاد، كان لازم نفضل كابسين على نفسهم ومنسبش البيت، كان لازم نفضل جاعدين، البت دي وولدها مكنش لازم ابدا يسيبوا البيت؟
– عشان متروحش من يدك وتتجوزها برضك،
اضافت بها على قوله بسخرية، قبل ان تتابع بجديتها المعروفة:
– كلام جديم يا سند وانت عارف زين ان مكانش في يدنا حاجة، احنا كان لازم نبعد ونسيب الحرب ما بين المحروسة وضرتها، دا اللي انا احنا كنا عاوزينه، كنا عايزينهم يخلصوا عليها برأسها الناشقة اللي عاملة زي حجر الصوان دي وواجفة في وشنا تسد عنينا اي خير، لكن الحظ الزفت عاندنا للمرة الألف، وخالك بوز الاخص فاجئنا بأفعاله، اللي طول عمره ما بيطجش البص في وشها، دلوك بيتمسكن ويتمسح فيها زي البسة ، مستنيها ترضى عنيه، دي حد كان يتوقعها يا ناس؟
ضرب بقبضته ببطن كفه الأخرى، يردد بغيظ يفتك به:
– طب وبعدين؟ انا النار بتاكل فيا وكل، لا انا بجيت طايل سما ولا طايل أرض، بعد ما كنت خلاص، همسك الخير بيدي، كل راح واتسرسب كأنه هوا، اعمل ايه دليني، هنفضل ع الحال ده لحد امتى؟
زمت شفتيها تتقبل صياحه بهدوئها كالعادة، لتسند بمرفقها على إطار النافذة، تريح خدها على سبابتها المفرودة دون ان تنطق ببنت شفاه، لتزيد من استفزازه، فتابع بعاصفته:
– ليكون فاكراني هجعد كدة مستني كتير يا ام سند، انا مش هستريح غير لما ارسالي على حل، وبكرة تجولي سند جال.
نهض عن مقعده يضيف بانفعاله:
– البيت هحط يدي عليه، والخير اللي دفعنا فيه التمن غالي عشان نبعدو وش الفقر عنه ، برضوا هيطلع، سامعاني يا ام سند، لازم هطلعه سوا بمساعدة عيسى ولا من غيره دا كمان.
بصق كلماته وغادر متوجهًا لغرفته، وخلفه ظلت هويدا تطالع اثره، بحيرة تفتك بها، وتفكير مستمر لهذه المعضلة التي وجدت نفسها بها، بعد تخطيط دام لأشهر، وحين أتى وقت الحصاد ذهب كل شيء ادراج الرياح، بتدبير قدري لم تحسب حسابه على الإطلاق
❈-❈-❈
في اليوم التالي
استيقظت على لمسات حانية صغيرة تلامس وجنتيها بحنان واصوات ضحك مكتوم، مع همسات بالكاد تصل اليها لتفتح اجفانها، فتقابلها أعين صغيرها، والذي انفجر بالضحك مهللًا، وخلقه الصوت الخشن يردد بمرح :
– اهي صحيت اهي، اخيرًا يا معتز باشا صحيت.
– مامااا
ردد بها الطفل لينطلق ، مندمجًا معه، لتنهض وابتسامة اشرقت بوجهها، تخصها بصغيرها فقط، وما ان همت لتفتح له ذراعيها لتتلقاه بعناقها حتى تذكرت ما ترتديه، من منامة كاشفة وخفيفة، لتخفي نفسها تخت الغطاء على الفور ، مخاطبة لذاك الذي تبسم بتسلية لفعلها:
– مش كنت صبرت شوية على ما اغير، جايب الواد يصحيني، وانا ما لبستش حاجة عدلة
– طب وفيها ايه؟
قالها بعدم اكتراث ليعتدل بجلسته، ويعدل وضع معتز بحجره، مرددًا ببساطة:
– ما الواد لازم يتعود ، عشان يعرف ان دا مكانك، ولا انتي شايفاه اهبل ومش هيفهم.
تطلعت له بعبوس غاضب ، وهو يلقن صغيرها:
– من هنا ورايح هتجولي ايه؟
– بابا
قالها معتز على الفور ، قبل ان يتجه لوالدته مخاطبها لها بحروفه المنقوصة :
– ما تيلا يا ماما عايزين نفطل.
سمعت منه لتصاب بارتباك جعلها تلتف نحو الاخر بنظرة راجية جعلته يقهقه قبل ان ينهض تاركًا لها التخت، يرد على الطفل:
– مش احنا صحيناها يا عم معتز، تعالى بجى نلعب شوية في اللعب الجديدة لحد ما تجوم تغير خلجانها، و….
توقف يجفلها بنظرة عابثة متابعًا:
– وبرضك نصبر شوية يمكن تتسبح ولا حاجة.
بهت وجهها لتلميحه المبطن، تبادله بنظرة شرسة زادت من ابتهاجه، قبل ان يسير ذاهبًا من أمامها يردد مع صغيرها:
– ياللا بينا يا حبيبي نسيبها عشان متعوجش اكتر من كدة علينا،
توقف قبل ان يفتح باب الغرفة يرميها بآخر كلماته :
– وحياة غلاوة معتز ما تعوجي علينا ، احسن الواحد جايم مفرهد من الجوع، بايت من غير عشا بجى ما انت عارفة
ختم بغمزة، ترافق تذكيره لها بما حدث بالأمس، لتغمغم بالكلمات الحانقة من خلفه:
– ماشي يا غازي، ان شوفتها الليلة دي تاني، بس .
❈-❈-❈
صباح الخير يا بسيوني.
سمع الاَخير بالتحية اثناء انشغاله، بسقي أحواض الخضرة، امام محيط منزله الهاديء، بخرطوم المياه الذي كان ممسكًا به، حين التف برأسه نحو صاحب الصوت، ليجيبه باندهاش بدا في نبرته:
– صباح الفل يا يوسف بيه، منور
رد يوسف بفصاحته ومزاحه كالعادة:
– دا نورك يا حبيبي، انا لقيتك اتأخرت عني قولت اجي اشوفك بنفسي، عامل ايه بقى يا وحش؟
قال الأخيرة يجلس اسفل عرش الكرم، على المقعد الوحيد به، وكأنه يملك المكان، حتى تبسم له بمودة قائلًا:
– انا زين والحمد لله يا باشا، بس انت كنت عايزني في ايه عشان تاجي على ملا وشك عشان تستعجلني، رغم اني انا متأخرتش اصلا على ميعاد شغلي
– لا يا سيدي انا مش تبع شغل غازي، انا عايزك في حاجة تانية تخصني انا ، عايزك توصلني لمشوار جنينية الفاكهة اللي روحتها المرة اللي فاتت معاك، عندي حاجات عايزة اضيفها واطمن على وجودها في الثمار، عشان تنفع وتليق للصادرات ما انت عارف .
– ايوة يا بيه عارف
تمتم بها بسيوني يجاريه، رغم استغرابه، قبل ان يتحرك ليغلق صنبور المياه، ثم نفض كفيه وعدل من هندام ملابسه، ليردف بعملية:
– انا جاي معاك على طول، بس الاول اشجق حلقي بلجمتين بدل ما اروح على لحم بطني، تحب تفكر معايا يا يوسف بيه؟
تلقى الأخير دعوته بترحاب شديد:
– احب اوي، بس ياريت يبقى جبنة قديمة مع فطير مشلتت يعني لو في، اما بقى لو قرص، يبقى احلى كمان مع الشاي، هات اي حاجة وانا هاكل معاك يا حبيبي، انا عمري ما اقول للأكل لأ.
ضحك بسيوني لتواضعه معاه ، ليشير بسبابته نحو اسفل عينيه مرددًا به:
– من عيوني الجوز، احلى فطار بلدي، والسمن الفلاحي
وليكي عليا اعمله بتفسي .
قالها وتحرك نحو المنزل على الفور، هم ان يساله الاَخر، عنها او عن زينهم، ولكن استدرك قبل ان يخطئ بعفويته، ف انتظر يتأمل الأجواء من حوله، يتلفت يمينًا ويسارًا، مع كل همسة تهيء له خروج الاثنان من الحظيرة المكشوفة في الجانب القريب، حتى فوجئ بخروج إحدى الفتيات من المنزل، بملابس عصرية، تحمل دفاتر علميه، وحقيبة يدها، لم يعرفها في البداية حتى فوجئ بها تبتسم له وتخاطبه بجرأة عن فتيات البلدة:
– صباح الخير، ولا نجول حمد الله ع السلامة احسن؟
تطلع لها مزبهلًا للحظات حتى تدراك ليلفظ بإسمها :
– ايه ده معقول وردة، انا معرفتكيش.
زاد اتساع ابتسامتها حتى ظهر صفي الؤلؤ لتقارعه بمرح :
– عشان نضيفة ولا بسة كويس صح؟ ع العموم دي حاجة عادية في بنات بلدنا، في البيت بنبجى حاجة، وبرا البيت حاجة تانية خالص ، ثم انا رايحة الجامعة، كنت هروح بالجلبية يعني ولا بالعباية السودة؟
أومأ بكفي يديده امامها يوقفها بمزاحه:
– حيلك حيلك بس، اديني فرصة اتكلم يا ست المحامية.
قال الأخيرة بالإشارة نحو كتاب القانون الذي تمسكه بيداه، ليكمل بابتسامة عبثية هو الاخر:
– يا بنتي انا بتكلم عشان متفاجئ اديني فرصة استوعب، بين هيئتك دلوقتي، وهيئة ورد والحارس زينهم.
ضحكت بذكره للاخير، لتعلق بمشاكسة:
– شكله وحشك والله، بس الصراحة يتحب، رغم انه شرس والنطح عنده غية، ع العموم انا فخورة بنفسي في الحالتين، سوا كنت محامية، او مراعية لبهايمنا وخدامة في بيتنا، اسيبك بجى عشان احصل محاضراتي.
– تحبي اوصلك؟
قالها بعفوية اضحكتها، لتوميء مناكفة له:
– لا كتر خيرك والله، دا طريجنا وانا حافظاه اكتر من بيتنا نفسه، اجعد انت استنى الفطار ابو زبدة فلاحي، وان حبيت تشوف زينهم ، هو في الحوش دلوك مع اصحابه، ارميله شوية برسيم بالمرة عشان يحبك ومينطحكش تاني.
– والله.
تمتم بها لتوميء له بابتسامة شقية، قبل ان تغادر من أمامه، ليظل عدة لحظات يراقب اثرها، بتأمل، ومشاعر لذيذة أصبحت تدغدغه من الداخل، انها بالفعل مختلفة، ولكن هيئتها اليوم فاجأته عن حق
❈-❈-❈
في حديقة الفاكهة التي كان يتفقدها مع بسيوني، مندمجًا في شرح المهندس المسؤل عن صحة الفاكهة، والأصناف المخطط لها التصدير في الوقت القريب ، تفاجأ بالصغيرات التي جئن يهرولن نحوه، يهتفن باسمه بمرح:
– عموو يوسف.
بابتسامة بعرض وجهه فتح ذراعيه ليتلقفهم بالاحضان والقبلات، ومواعبته لهم بالكلمات المعتادة عن قصرهن بالنسبة اليه وبعض النكات، حتى انتبه للصوت النسائي من خلفهم:
– ما براحة يا شروق انتي واية، هتوسخوا هدوم عمكم.
رفع رأسه نحوها، مع ترحيب المهندس المسؤل:
– يا اهلا يا فتنة يا هانم، نورتي الجنينة.
ردت بصوت لاهث، وكأنها كانت تركض مع الأطفال:
– يا اهلا يا ابنوب، عامل ايه انت وايه اخبار الاسرة الكريمة، معلش يا جماعة انا بنهت عشان مسرعة ورا البنتة اللي طاروا من الفرحة، وجت ما شافوا عمهم زي ما بيجولوا، لا مؤاخذة يا فندم اصل متعرفهاش.
توجهت بالاخيرة نحوه، لبتكفل ابنوب بالتعريف بينهم:
– ما هو الاستاذ يوسف مش غريب برضوا يا هانم، دا شريك والدهم، وتلاقي عشان كدة واخدين عليه، دي فتنة هانم والدة البنات يا يوسف بيه:
– يا اهلا وسهلا يا هانم، تشرفنا.
تمتم بها باقتضاب يخفض عينيه نحو الصغيرات فور ان علم بهوينها ، ليستفزها في الرد:
– تشرفنا يا يوسف بيه، أكيد انت جاي عشان كتب كتاب صاحبك، ربنا يهنيه بعروسته.
ارتفعت رأسه اليها ليقابلها بخاصتيه بنظرة خاطفة تحمل داخلها استهجان لطريقتها المكشوفة، ولكنه اخفى سريعًا حنقه ليخرج قوله بزوق:
– ان شاء الله، بس الحقيقة لشغل هنا في الجنينة، يخص الشراكة اللي ما بينا ،
نوقف موجها حديثه للصغيرات:
– تحبوا ندخل جوا نتفرج مع ابانوب على باقي الجنينة يا بنات؟
تلقف الصغيرات الدعوة يهللن بمرح، ومن دون انتظار، تقدمت الكبرى والوسطى ليسحبنها من كفه امامها ، ليتمنم لها باعتذار،
– معلش يا هانم عن اذنك، البنات وشقاوتهم بقى، براحة يا بت انتي وهي احترموني شوية .
راقبته محلها وهو يهرب من أمامها، وقبلها قصده المتعمد لعدم النظر اليها، ليستنفر هذا الجزء المتعالي بها بعدم تقديره لها، كزت على أسنانها بغيظ لتغمغم :
– غبي والله انتي اللي غبي
التفت نحو احد الرجال لتأمره بنزق واقدمها تتحرك نحو الذهاب:
– اسمع يا واد،، تبجى تسحب البنات وتروحهم ع البيت ، بعد ما يخلصوا لفتهم في الجنينة، وابجى ابلغ امي اني نازلة البندر مع السواج، ما تنساش
❈-❈-❈
بداخل السيارة التي ابتاعها حديثها، وقد كان يقودها للخروج من البلدة بغرض إيصال المدعو صلاح بعد قضاءه الليلة الفائتة في منزله، وكان الحديث الدائر بينهم:
– هتيجي تعيدها تاني، الزيارة دي مش محسوبة يا ابو الصلح .
ضحك الأخير مرددًا:
– مش محسوبة ازاي يا عم؟ يوم بحاله بليلته اللي نمتها في بيتكم، وتقولي مش محسوبة، كدة متبقاش زيارة كدة تبقى إقامة دايمة.
– يا سيدي وما تبجى اقامة ، هو احنا نكره، دا انت تتشال ع الراس يا باشا ،
قالها عمر بترحاب اثار الغبطة بقلب الاَخر، ليردف ضاحكًا:
– لا في الحالة دي يبقى تجوزني من عندكم بقى، عشان يبقالي عين حتى لما ادخل عندكم .
اطلق عمر ضحكة مدوية قبل ان يعلق على قوله:
– لا في دي اعذرني يا عم، انا خواتي كلهم متجوزين،، ادورلك بجى على بنات اخواتي، بس دول كمان صغيرين، اكبرهم واحد وعشرين ومخلصتش كليه، يعني هتبحى اكبر منيها بعدد كبير من السنوات
هم صلاح ان يذكره بزوجته الاتي لم تكمل عامها الثامن عشر ، وهو تقريبا يماثله في العمر ولكنه كالعادة، لا يفضل الاصطدام ابدا مع احد قد تأتي من وراءه مصلحة، فقال مجاريًا:
– خلاص يبقى تدورلي بقى ع اللي يناسبني، يمكن ربنا يهديني واعملها بجد المرة دي، ما انت عارف انا راجل هوائي ومش اي حد يعمر معايا
– من عيوني يا ابو الصلح، نبحث في الأمر، رغم عدم اطمئنانا لكلامك وانت بدأها بهوائي دي.
علق بها عمر ضاحكًا، ليكمل بالمزاح مع الاخر، والذي غفل عنه فجأة حينما هدأت سرعة السيارة اثناء المرور من مخرج القرية مع مرور واحدة بالجوار، فارهة، وداخلها سيدة في الخلف شقراء بحجاب يظهر نصف شعرها من الأمام، ترتدي عباءة سوداء باهظة الثمن ذكرته بنساء البلدة التي كان يعمل بها، ليعلق هامسًا، بأشارة نحوها:
– ايه يا عم عمر، هو انتوا عندكم نسوان خلايجة هنا ولا ايه؟
نطلع الأخير نحو ما يشير اليه، ف التقت عينيه بها، وقد انتبهت هي ايضًا لهما، لترمقه بنظرة متعالية، تحمل تهكمًا، واستخفاف شعر به على الفور، وكأنها تستنكر قيادته لسيارة فارهة كالتي تستقلها .
– مغرورة
تمتم بها داخله، قبل ان يعود إلى الاَخر:
– لا يا سيدي مش خليجية ولا تعرفهم حتى، دي المشجلبة بت سعيد الدهشان ، يعني من أعيان النجع هنا ، بس زي ما انت شايف كدة، مضروبة دم على عينها ، مش شايفة ولا مالي عينها حد ، مع انها مطلجة، ولو واحدة غيرها ما تطلع من البيت اساسا.
كانت السيارة قد مرت حينما أنهى كلماته ليرد صلاح ضاحكًا:
– يعني كمان مطلقة وشايفة نفسها ، لا دي باينها متعجرفة بجد من هيئتها، بس الشهادة لله، جامدة وصاروخ، انا مكنتش اعرف ان مستوى الجمال عندكم هنا واصل لكدة.
تبسم عمر هازءًا على قوله:
– يا سيدي تغور الحلاوة اللي تيجي من خلجة عكرة زي خلجتها ، مع ان برضوا في حكاية الجمال دي انت مكدبتش، العيلة دي بالذات وكأن ربنا اختصهم بكل حاجة حلوة ، مع كل الفلوس والاملاك اللي عندهم، برضك فيهم…. احلى ما جابت البلد من بنات ورجالة……
تقطعت كلماته الأخيرة ، بشروده فيمن اسرت قلبه وغدرت به، فور ان وصل اليها بعد خوض رحلة عذاب وغربة اجترع المرار من أجلها بها
قطع عليه صلاح، وقد راقه الوصف:
– اختصهم بالجمال والمال ، طب والله حلوة الحكاية دي، واضح كدة ان بلدكم دي فيها اثارة بجد.
تحولت ملامح عمر للجدية يحذره:
– صلاح، هنا غير اي حتة ، بلاش دماغك تروح لحتة توديك في داهية، خليك في حالك يا حبيبي وافتكر ان هنا غيرر
قهقه الاخير معقبًا، وكفه تحسس على عنقه بارتباك:
– لا وعلى أيه يا عم، هو العمر بعزقة اصلا، حبيبي يا عمر
❈-❈-❈
أتت اليها في البقعة المشمسة بمدخل المنزل لتجلس على الأرض بجوارها، وتضغ صنية الشاي المختلط بالحليب ، لتعطيها واحدة بين كفيها برفق دائمًا ما تلتمسه منها:
– اشربي يا مرة عمي، خليه يدفيكي.
تبسمت لها سكينة بامتنان قائلة:
– تسلمي ويسلم مجايبك يا نور عيني، خليكي جمبي بجى نتحدت شوية ونتونس.
– انا جاعدة يا مرة عمي مش هجوم، امال جايبة كوبايتين ليه؟
قالتها سليمة وهي تتناول كوبها وترتشف منه، مما شجع الأخرى لسؤالها:
– اتصلتي واطمنتي عليهم؟! دا انا سمعاكي بتضحكي مع غازي الدهشان نفسه كمان، معقولة جدرتي عليها دي يا سليمة؟!
سمعت منها لتطفو ابتسامة متفهمة على ملامحها، قبل ان تجيبها:
– ويعني هي كانت هتجعد العمر كله من غير جواز؟ الواحد لازم يبجى حجاني يا اما، والبت صغيرة جوي على انها تتكسر على ولدها وتجعد عمرها كله عليه.
زمت سكينة فمها بحرج، وقد اصابتها الكلمات في مقتل ، تستدرك ان هذا بالفعل ما حدث معها رغم وجود الزوج حي يرزق ، فقالت معبرة عما تشعر به:
– ياريتك عمليتها انتي كمان يا سليمة،ع الأجل مكناش عيشنا بذنبك يا بتي، والله لو كنتي طلبيتها ما كان حد فينا هيجدر يعترض.
زفرت الأخيرة، تخرج دفعة من هواء محتبس داخل صدرها، لتجيبها برضا تام:
– محدش بياخد اكتر من نصيبه، وانا نصيبي كان كدة، حمد لله راضية بيه، المهم بس يبارك في الحي، وانا طول ما انا مطمنة ع الواد وامه، دي عندي بالدنيا كلها.
اهدتها سكينة ابتسامة حانية، تهم ان تؤازرها بالكلمات ، ولكن الحضور المفاجئ من احداهن جعل كل شيء يقف بحلقها:
– مساء الخير يا عمة، مساء الخير يا سليمة.
تطلع الاثنان للوجه المتجهم وهذه الأعين التي تطلق بشرر يكاد ان يحرق من هو امامه، فخرج الرد من الأولى:
– اهلا يا شربات، يا ترى ايه سبب الجية؟
تبسمت المذكورة لها بشر تطالع غريمتها بتمعن من أعلى لأسفل، لتجيبها:
– جيت اطل واعاين بنفسي، ع المرة اللي جرت ريق الراجل عليها، بعد العمر ما عدى وولى، بس اللي انا شايفاه دلوك مفيهوش اي تغير، ولا يكون الزوااق والتعديل بيبجى بس في وجوده
اظلم وجه سليمة ، ليثير الغضب بقلب المرأة الكبيرة فتهدر بها متوعدة:
– اخص عليكي وعلى جلة حياكي، لمي نفسك يا بت التنح، وغوري ارجعي على بيتك، بدل ما اشتكي لجوزك وهو يشوف شغله معاكي .
اعترضت شربات باتفعال تشتكي:
– وهو فين بيتي ولا فين جوزي؟ الباشا بيصرف علينا بالجطارة ، وداير ورا ست الهانم في اي حتة تروحها ، واكنها سحرتله، مبجاش طايق حد فينا ، سليمة جننت الراجل يا عمة، طب لما هي نفسها فيه، استنت ليه العمر دا كله، ما كانت جالت وانا كنت راضيتها فيه.
– لمي لسانك يا بت بدل ما اجطعهولك ،
صدرت قوية من سليمة وقد فاض الكيل من وقاحتها، لتزيد عليها ياعتزاز:
– مش غريبة الكلام الناجص يطلع من واحدة ناجصة، بس الغريب ان عجلك يروح منك وتيجي بنفسك تخربطي بيه جدامي، ومن غير ما ابرر ان مازالت مرته او على زمته، ولا ان كنت كرهته ولا حبيته، كلها امور متخصكيش بيا، ارجعي على بيتك يا شربات، انا زي الجمل ، على كد ما بتحمل، لكن في جلبتي ربنا ما يوركي
همت شربات لتنفيذ مخططها بالصراخ لتجعلها مشاجرة مدوية، تجدب انتباه جميع من في الشارع من مارة وجيران، ولكن الصوت الخشن اجفلها:
– ايه في إيه؟ هو انتوا بتتعركوا ولا تتحدثوا؟
انكمشت على نفسها وسكينة ترد عليه:
– تعالى شوف مرتك يا فايز، لمها من هنا يا ولدي احنا مش ناجصين فضايح.
تقدم حتى التف نحو وجهها ليرمقها بناريتيه معقبًا لهما:
– ليه بجى هي عملت ايه البت دي؟
ردت سليمة بتحكم تحسد عليه رغم مراجل الغليل التي تسري داخلها:
– وصي مرتك يا فايز، عشان تلم نفسها عنينا، عشان سليمة اللي كانت بتتحمله زمان، دلوك حتى ما هرضى بربعه، انا زهدت وسيبت بمزاجي، يكفي كدة
صدرت منها بقسوة وكأنها سهم اخترق نصف صدره، اهتز لها جسده بالكامل، لتكمل عليه شربات بحماقتها:
– ولما انتي رامية، ما تجوليها في وشه عشان يبطل ويفوج لبيته، ولا انتي عاجبك لفه ودورانه وراكي، ولكنه مربوط في سلبة في يدك.
– اخرسي يا بت المركوب.
خرجت منه يرافقها لطمة بكف يده على وجنتها، كادت ان توقعها ارضا، لولا انها تمكنت من التوزان لتناظره بصدمة ، غير مصدقة فعله وامام غريمتها
❈-❈-❈
– تعالي يا نادية، تعالي اجعدي هنا جمبي.
هتفت بها الجدة فاطمة وهي تشير لها على الاَريكة المجاورة لها، في جلسة جمعت الاسرتين ، شقيقها ووالدتها، بزيارتهم الاولى بعد زواج ابنتهم من كبير المنزل ، ف اقتربت هي تقبل كف يدها، بعدما رحبت بأفراد عائلتها ، ثم جلست تنضم معهم
فتابعت فاطمة بالتعبير عن فرحها وهي تتأملها، وكأنها تراها لأول مرة:
– يا زين ما خلفتي يا جليلة، مش انا البت دي كنت بحبها، دلوك بجى من ساعة ما بجيت مرة الغالي ، محبتها زادت في جلبي أضعاف والله، دا كفاية فرحته بيها والضحكة اللي شوفتها عليه النهاردة من الودن للودن، عملتي ايه يا بت في الكبير؟
قالت الأخيرة بنظرة زات مغزى اجفلتها لتغزوا السخونة وجنتيها على الفور، متخضبة بحمرة الخجل الذي جعلها تسبل اهدابها بخفر في الرد هامسة لها:
– ايه اللي بتجوليه دا يا جدة بس؟
ضحكت المرأة تتبادل النظر بخبث مع جليلة التي يبدوا انها تشاركها الأفكار، مما استفز عزب الموجود بينهم، ليزمجر متحمحمًا بخشونة، حتى ينتبهوا له:
– خلينا في اللي جاين عشانه يا اخونا، غازي فين؟ عايز اسلم عليه، امال انا جاي لمين بس؟
– انا هنا يا ابو العز .
قالها وهو يدلف اليهم اَتيا من الباب الداخلي، يحمل معتز بيده، ليخطو بخطواته السريعة نحوهم، يرحب بالعناق الرجولي مع عزب والمصافحة والمزاح بمودة مع جليلة، وجدته التي يناكفها كالعادة ، قبل ان يجفل الأخرى بجلوسه ملتصقًا بها:
– منوريني والله، معلش غيبت عليكم، بس انا والباشا معتز كنا عند الخيل برا في الحوش الوراني، بعلمه ازاي يبجى خيال على حصان لوحده.
سمعت منه لتضرب بكف يدها على صدرها بجزع مرددة:
– حصان لوحده! يا مري، ليوجع ولا يتكسر.
تبسم لها صامتًا، تاركًا الرد ياتي من الباقين، واولهم كان عزب والذي عبر عن استنكاره:
– فيه ايه يا نادية ما تخلي بالك، ولدك مع غازي الدهشان يا بت ابوي، يعني مش محتاج وصاية ، ودا عز سنه على فكرة ،
تدخلت جليلة ايضًا:
– ايوة يا بتي، طب والله انا الفرحة مش سيعاني، نفسي جوي اشوفه وهو بيجري بيه، دا هيبجى يوم المنا
– بكرة تشوفيه بيجري بيه وبيرجص عليه كمان، الخيل يحب اللي يحبه، ومعتز ما شاء الله عليه ، هيبجى تربية غازي، يعني بطل زيه.
قالتها فاطمة باعتزاز ليعلق هو هامسًا في اذن الأخرى بعبثية، وقد التفت ذراعه من الخلف حول خصرها في غفلة منها ليجفلها بضغطة عليه:
– واخدة بالك منها دي، بتجولك بطل.
كتمت شهقتها لتلتف يأعين متوسعة نحوه، بغيظ محذرة له، تتمتم بالشفاه، غير قادرة على رفع صوتها:
– شيل يدك،…. عيب .
تبسم باتساع فمه، حتى كادت ان تفضحه ضحكته، ليخطف بنظره نحو الثلاثة المنشغلين بحديثهم، ثم يغمز غائظًا لها بنفس طريقتها في الكلام:
– عيب……، هو انتي نسيتي انك مرتي؟
افتر فاهاها ، تود مقارعته، ولكن الخجل الجمها امام جدية اختلقها بتحدي لها على اعتراضه، لتبتلع اعتراضها باستسلام، وتشغل نفسها باللأندماج بحديث الثلاثة، ليردف هو بانتشاء، تاركًا بكفه الحرية بضمها، او الضغط على خصرها ان اعترضت على حديثه مرة أخرى:
– ها يا جماعة، انتو النهاردة لازم تتغدوا معانا .
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية نسائم الروح (ميراث الندم 2))