رواية نرجس الفصل الثالث 3 بقلم منى محمود بركات
رواية نرجس الجزء الثالث
رواية نرجس البارت الثالث
رواية نرجس الحلقة الثالثة
كانت تشعر بأن حملا ثقيلا عاشت عمرها كله تحملة واليوم فقط تخلصت منة ، تشعر براحة كبيرة وكأن كل الخوف الذي كان بداخلها قد تبخر و اختفي …
عربة البرنامج قامت بايصالها مرة أخري إلي منزلها … تحركت ببطء شديد كانت تعلم أنها ستواجة إعصار ٍ بالداخل اخذت نفس طويل وأخرجتة ببطء و تقدمت إلي الداخل ، وكما توقعت بمجرد دخولها أنقض عليها والدها عبد الهادي و بدون اي مقدمات ظل يضربها بقوة وقسوة وإسماعيل يحاول جاهداً تخلصيها ولكن يد عبد الهادي كانت الاقوي ، وبعد مدة قد تعب فيها عبد الهادي اثر المجهود الذي بذله ترك نرجس ملقاه علي الارض والدماء تخرج من رأسها فقد فتح جرحها الذي لم يلتئم بعد ، ابتسمت جدتها بشماتة حينما و جدت نرجس تنكمش علي نفسها في صمت بينما الأخري قد تملك منها التعب والارهاق بشدة فاستسلمت سريعا ، جلست تستمع الي شجار أبيها مع أخيها بشرود و كأنها بعالم أخر لا يهمها الأن سوي الانتقام من محمود وستفعل ولو كلفها الأمر حياتها فقد سبق و خسارتها بالفعل ولكن عند ذكر أبيها أمر رجوعها مرة أخري إلي بلدتها نفضت عنها ثوب الشرود و هبت واقفة و ملامحها تشتعل من الغضب وتحدثت بقوة لم تعهدها هي في نفسها من قبل …
– بلد ايه دي إللي هرجعها معاك ؟ انا مش هتحرك من هنا الا لما الاقي ابني و اللي عمل فيه كدا ياخد جزائة كمان
عبد الهادي غاضبا .. لا هتتحركي ورجلك فوق رقبتك انتي من أمتي ليكي كلمة يا بت هه ولا فاكرة عشان طلعتي في المخروب اللي اسمة تلفزيون دا أن مش هقدر عليكي لا فوقي كدة دا انا ادفنك مكانك هنا وحالا كمان بقا انتي يا حتة عيلة تفضحينا كدة وتخلي سيرتنا علي كل لسان
نرجس بصوت حازم … انا مش هسافر من هنا الا لما الاقي علي مش هتحرك من الشقة دي لاي مكان عايز تسفرني يبقي جثة فعلا لأن دي الحاله الوحيدة اللي هتقدر تسفرني بيها للبلد ، حرام عليك يا بابا انا مش عارفه ابني فين سبوني في حالي بقا انا مطلبتش من حد حاجة سبوني واعتبروني مت خلاص طلعوني برة حياتكم وحسابتكم زي ما طول عمركم عاملين سبوني بقا حرام عليكم والله حرام
رقية جدتها بقسوة … حرمت عليكي عيشتك يا بعيدة انتي يا بت ليكي عين كمان تتكلمي بعد ما فضحتينا في كل مكان بالكلام اللي قولتيه طول عمري اقول عليكي فاجر محدش صدقني
اسماعيل … ممكن نهدي كلنا اصلا طالما في محضر و تحقيق مينفعش نرجس تسافر كدة مرة واحدة لازم تفضل علشان تتابع اللي بيحصل دا اللي عرفتة من توفيق اللي بخلص معاه الشغل يا يابا في نفس الوقت مينفعش تفضل لوحدها احنا منضمنش محمود و عيلتة ممكن يعملو ايه لو عرفوا انها لوحدها كفايه فضايح لحد كدة بقا
رقيه … يعملو اللي يعملوة هي اللي قليلة الادب وتستاهل ضرب الجزمة كمان
اسماعيل متجاهلاٍ كلام جدتة
– يا حج صدقني مينفعش تسافر دلوقتي معانا كدة أو كدة هي ومحمود اكيد هيتطلقو بعد اللي حصل دا نشوف بس حكايه الواد هترسي علي ايه وبعدين نخدها معانا ونسافر
تدخلت رقيه مرة أخري في الحوار
– أيوة يعني نسيب بيتنا و اشغالنا ونفضل قاعدين جمب الست هانم ولا ايه ؟
عبد الهادي بهدوء … هما تلت ايام مفيش غيرهم وبعدها هخدها ع البلد واللي يحصل يحصل ومن هنا لحد ما دا يتم مش هتشوفي الشارع تاني ابدا
اسماعيل .. تمام يا حج أن شاء الله خلال التلت ايام دي تكون كل حاجة خلصت و نعاود كلنا علي البلد تاني
لم تستطع الاعتراض كانت منهكة متعبة كل ما تريدة الان هو ضم صغيرها إلي صدرها والنوم بعمق ، تركتهم يتحدثون و ذهبت إلى حجرتها قامت بفتح خزينة الملابس واخرجت منها أحدي ملابس ابنها علي واتجهت إلي سريرها ونامت وهي تحتضن. ملابس صغيرها لعلها تستطيع الراحة
وما أن حطت رأسها علي الوسادة الا وبدأت الأفكار والذكريات تهاجمها بشدة ابتسمت حين تذكرت
فلاش باك
ذات يوم كان المنزل خالي تماماً من النقود عندما تأخر محمود عن معادة الشهري لمدة خمس ايام كانت جائعة بشدة و طفلها حينها كان يبلغ من العمر ثمانيه أشهر ، عندما بحثت بالمطبخ لم تجد سوي بعض حبيبات البطاطس نظرت إلى صغيرها الذي يطالعها ببراءة ورسمت ابتسامة علي وجهها وهي تحادثة
نرجس .. معلش يا علوه عارفه أن بقالك تلت ايام بتاكل بطاطس بس احنا نقول ايه هه نقول الحمد لله في ناس غيرنا مش لاقيين البطاطس دي وجعانين .. استحمل معايا شوية يا حبيبي اكيد بابا هيجي انهاردة أن شاء الله ( أصدر الصغير بعض الأصوات ) ايه دا انت مش مصدقني اكمني كل يوم اقولك كدا ؟ لا لا صدقني انا بقولك هيجي انهاردة يعني هيجي متقلقش ناكل دلوقتي البطاطس و اول ما بابا يجيب الخزين ويسيب فلوس هجبلك حاجات حلوة كتير كتير وبعدين اطمن لسه فيه علبة لبن من الكرتونة ال بابا جبها طالما اللبن بتاعك موجود خلاص يا حبيبي مش مهم اي حاجة تانيه
ابتسم الصغير و بدأت هي في تحضير الطعام وهي تلاعبه و تحادثة كانت تطمئنه وهي في الحقيقة تحتاج إلي من يطمئنها فكانت تلك المرة الأولي التي يتأخر فيها محمود عنهم هكذا ، هدأت نفسها و كعادتها أسمعت صغيرها جميع الكلمات التي تحتاج هي إلي سماعها
باك
أغمضت عينيها بقوة في محاولة منها لحبس دموعها وإجبار نفسها علي النوم ولم تستطع ظلت تبكي وهي تحتضن ملابس ابنها قرابه الساعه حتي نامت دون أن تشعر
في صباح يوماً جديداً استيقظت نرجس وهي تشعر بالتعب الشديد لكنها قاومتة واتجهت للخارج حيث يجلس الجميع وبمجرد رؤيتها قالت رقيه بشماتة وقسوة
– صح النوم يا سنيورة قومي يلا عشان تعرفي اخر الاخبار
نرجس بهدوء … اخبار ايه ؟
اسماعيل … محمود خرج امبارح من القسم في محامي راح و خرجه
نرجس مندهشه .. خرج ازاي ؟ انا مبلغة عنه ازاي يخرج
اسماعيل … أبوة اتصل ب ابوكي وقاله ان المحامي قدر يخرجو بسهوله وأنهم كمان ممكن يحبسوكي وطلب تحلوها ودي بينكم وبين بعض
نرجس بغضب … نحل ايه ودي انتم هتجنوني ؟ بقولك شفتة بيخنق علي بأيديه شفتة بيقتل ابني حل ايه اللي بتتكلمو عنه دا لو القانون مش هيجيبلي حقي انا هشرب من دمة بايدي
رقيه … كمان هتبقي قتاله قتله صحيح العرق دساس طول عمري بقولهم هتطلعي فأجرة زي امك
نرجس … ستي سبيني في حالي الله يرضي عليكي اصلا انا مش فاهمة انتي هنا ليه ؟ ما ترجعي بيتك وسبيني في اللي انا فيه بقا
رقيه … شايف يا عبد الهادي بنتك بتطردني من البيت تشكرو هي دي اخرتها
عبد الهادي … غوري من وشي يا نرجس الساعة دي لحد ما اشوف هعمل فيكي ايه
نرجس وهي تتجة الي حجرتها … انا عرفتكم اللي هعلمو لو قانون مجبليش حق ابني هاخده بنفسي
ظلو يتحدثون لعدة ساعات ثم خرج اسماعيل و عبد الهادي معاً وبقيت نرجس مع جدتها رقيه بفردهم ، ظلت نرجس بحجرتها بدلت ملابسها وارتدت حجابها وظلت منتظرة الوقت المناسب حتي تستطيع الخروج من المنزل وبعد مرور خمسة عشر دقيقة انتهزت نرجس فرصة دخول رقيه الي المرحاض وقامت بالخروج من المنزل متجه إلي قسم الشرطة لتتأكد من حديث أهلها عن خروج محمود
في قسم الشرطة
يجلس مؤمن في مكتبة ينظر بحيرة إلي ملف التحريات الذي قام به ، يتذكر كم كان حزينا أمس حين شاهد نرجس في البرنامج كم شعر بالأسي و الشفقة علي ما عانتة تلك المسكينة طيلة حياتها وتسائل كيف استطاعت الصمود كل هذا ، نهض مبتسماً عندما دلفت إليه نرجس
نرجس مرتبكة … ا انا اسفة جدا بس ملقتش حد برة ف خبطت ودخلت
كانت ملابسها مهندمة عن اخر مرة رآها فيها حجابها يزيدها جمالاً بلونه الازرق بشرتها ناعمة ك بشرة الأطفال بعدما أخفت معالم ضربها جيدا حتي لا يسألها وتقع بمشاكل أخري .. ظل مؤمن يتفحصها وهو يشعر بمشاعر غريبة تجاهها وحين طال سكوته تحدثت نرجس مرة أخري بنبرة مرتبكة
– يا باشا حضرتك معايا ؟
مؤمن منتبها .. اه اه معاكي احم عادي ولا يهمك يا نرجس اتفضلي اقعدي
نرجس بترقب … هو حقيقي محمود خرج ؟ ا انا سمعت أنه خرج بس حبيت أتأكد من حضرتك
مؤمن … للأسف ايوة خرج مفيش اي دليل ضدة لا في شهود ولا في جثة
نظر للهلع بعينيها ولعن عجزه للمرة المائة فهو لا يستطيع مساعدتها أراد أن يخفف عنها فتحدث صادقا
– نرجس صدقيني انا هعمل كل اللي اقدر عليه و زيادة عشان اساعدك صدقيني انا مش ساكت ، الموضوع صعب لأن محامي بتاع محمود قال إنه هيتقدم ببلاغ ضدك أن الولد تاه منك و كدة هيكون بلاغ ضد بلاغ مفيش شهود مفيش جثة معكيش اي إثبات يثبت صحة كلامك مفيش قضية يعتبر
ألمها كلامه رغم إدراكها لصحتة … يعني خلاص مش هشوف علي تاني ؟ ( لمعت الدموع بعينيها ) طب انا أثبت كلامي ازاي حضرتك قولي وأنا انفذ .. طب كلموة انتم خلوة يرجعهولي بس مش عايزة حاجة تاني منه والله
مؤمن متأثرا … نرجس ممكن تهدي الموضوع مش سهل ابدا انا هحاول مش هسيبك لوحدك
قطع كلامه صوت نحبيها الذي علا ليفاجيء بها تبكي بشدة
مؤمن … نرجس ارجوكي اهدي اكيد في حل بس انهيارك دلوقتي مش في وقتة تماسكي شوية
نرجس … اتماسك ازاي ؟ انتم ليه مش حاسين بللي انا فية هه اهلي يقولولي نحلها ودي وانت تقولي تماسكي حرام عليكم انا جوايا نار ومبقتش قادرة استحمل
قطع كلامهم صوت طرقات علي باب الحجرة فأذن مؤمن للطارق بالدخول
صالح … لاموخذة يا باشا دكتور إيهاب اخو حضرتك برة
مؤمن … ماشي يا صالح خليه يدخل ومتسبش مكانك كتير كدة تاني مرة
صالح محرجاً … اسف يا باشا كنت في الحمام عن ازنك
مؤمن … اتفضل
التفت لتلك التي مازالت تبكي في صمت
– ممكن تهدي اصلا حوار الحلقة اللي طلعتي فيها دا كويس جدا و لصالحك جدا
قطع كلامه مرة أخري دخول إيهاب أخوة الأكبر ذلك الذي يعتبر فخر العائلة ، ف إيهاب يكبر مؤمن ب خمس سنوات طبيب نفسي علي قدر عالي من الذكاء جعله في خلال مدة زمنيه قصيره من أشهر الأطباء النفسيين في البلد دائما ما يقارنة والدة به دائما ما يمجد في إيهاب بينما يحقر من مؤمن ولكن رغم ما يفعله والدة الا أن العلاقه بينهم جيدة إيهاب دائما يحاول التقرب من مؤمن دائما يكون له أخاً وصديقاً والاخير مازال متخبط لا يعرف ماذا عليه أن يفعل ، تحدث إيهاب
– السلام عليكم ( لفت نظرة وجود نرجس ) انا معرفش انك مشغول تحب استني برة ؟
مؤمن مرحباً … اهلا يا إيهاب تعالي اتفضل استناني هنا بلاش برة
هز إيهاب رأسه دليل علي موافقتة و جلس علي. الأريكة الموجودة بالغرفه وهو يتابع بكاء نرجس في صمت
مؤمن محاولاً تهدأتها … خلاص يا نرجس اوعدك هحاول اكثف تحريات لحد ما اوصل لاي حاجة تفيدك
منذ دخول إيهاب ونرجس مرتبكة بسبب نظراتة المسلطة عليها بشدة بدأت تضم إصبع إبهامها داخل كفها ملثما تفعل عند شعورها بالتوتر نظراتها كانت متحركة في كل أرجاء الغرفة و ذلك جعل إيهاب يتفحصها بدقة أكبر ، ولكي تتخلص نرجس من ذلك الضغط حاولت إنهاء الحوار بسرعه لتغادر المكان
نرجس متهربه … اكيد طبعا اانا هستاذن لازم أرجع البيت دلوقتي ولو في أي جديد اتمني حضرتك تبلغني
مؤمن … اكيد أن شاء الله هكون علي تواصل معاكي ديما
نرجس .. أن شاء الله عن اذنك سلام عليكم
مؤمن … اتفضلي وعليكم السلام ( ثم التفت إلى إيهاب المتابع في هدوء ) سوري يا هوبا
إيهاب .. ولا يهمك بقولك مش دي الست اللي طلعت امبارح في برنامج ايمان وصفي ؟
مؤمن … أيوة هي أنت شوفت الحلقة ؟
إيهاب … اكيد انا من محبي البرنامج دا وحتي لو مشفتهاش بعد الحلقة نرجس بقت تريند علي سوشيال ميديا
مؤمن … ربنا يكون في عونها حقيقي
إيهاب … بس انت ملاحظتش حاجة غريبة في تصرفاتها ؟
مؤمن … حاجة إيه ؟ مش فاهم
إيهاب … يعني حاسس أنها مش متزنة نفسياً
مؤمن … طب ما دا طبيعي يا إيهاب واحدة شافت جوزها بيخنق ابنها مفروض تكون ايه غير كدة !
إيهاب … لا يا مؤمن انا اقصد مش متزنة نفسياً مش عارف افهمهالك ازاي بس هي مخبيه حاجة في حاجة مش طبيعيه فيها صدقني انا غالبا احساسي بيكون صح
مؤمن بحيرة … انت هتلخبطني ليه هتكون مخبيه ايه يعني بعد كل اللي حكتة امبارح في البرنامج
إيهاب وهو يستعد للمغادرة … دي مهمتك انت بقا تعرف هي مخبيه ايه بس ثق فيا هيا وراها حاجة ، همشي انا بقا
مؤمن … انت جاي ف ايه و ماشي في ايه ؟
إيهاب … يا عم انا كنت جمب القسم قلت اسلم عليك بقالي يومين مشفتكش وهطلع علي المستشفي دلوقتي عندي شغل كتير
مؤمن … تمام يا إيهاب نورتني الشوية دول
إيهاب … نورك يا حبيبي يلا سلام
مؤمن … سلام
شرد مفكراً بكلمات أخيه و تزاحمت الأسئلة بفكرة مرة أخرى .. هل تعلق بها لدرجة أن لا يلاحظ ما. قاله له إيهاب ؟ ولما ضاق صدره عندما ذكر أخيه عدم اتزانها النفسي ؟ وهل سر تعلقة بها هو أشفاقة فقط علي حالتها ؟
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية نرجس)