رواية ندوب الهوى الفصل الخامس 5 بقلم ندا حسن
رواية ندوب الهوى الجزء الخامس
رواية ندوب الهوى البارت الخامس
رواية ندوب الهوى الحلقة الخامسة
“كانت جروح غائرة يصعب شفائها، شُفيت
الجروح وبقيت الندوب لتذكرنا بما حدث”
يوميًا يتألم قلبه في بعدها عنه، يُجرح لفكرة أنها ربما تكن لغيره، يموت بدل المرة ألف عندما يتخيل ذلك!..
الآن بعد أن استمع إلى حديثها وموافقتها بالزواج من ذلك الغبي، الذي يكبرها بخمسة عشر عامًا غير كل العيوب المتواجدة به لا يستطيع وصف شعوره، لا يستطيع أن يحدد ما الذي يحدث داخل قلبه..
هل داخله نيران تشتعل بحرارة تحرق وحدها من يمر أمامه، أم هناك براكين تثور داخله تجعله غير قادر على الوقوف أمامهم.. ربما ما يشعر به حقًا هو خنجر ضرب منتصف قلبه على عين غرة جعل عينيه الرمادية يختفي بريقها اللامع..
لقد وافقت على الزواج بجدية شديدة تحت أنظاره ووقفت أمامه وتحدثت بهذا، إذًا من تلك التي رفضته لأسباب كثيرة وأولها وجود الحُب!..
أخفضت بصرها إلى الأرضية وتحدثت بصوت خافت خجل بعد أن وضعت يدها أمام صدرها تحتضن نفسها بعد ذلك الموقف السخيف الذي وُضعت به:
-إحنا آسفين لازعاجك، ده سوء تفاهم بيني وبين جمال
توسعت عينيه بدهشة وهو ينظر إليها ويستمع حديثها، ابتلع أشواك عدة وقفت بحلقه فتحركت تفاحة آدم وبرزت بعنقه مع عروقه الغاضبة، هتف بجدية متسائلًا باستغراب ودهشة:
-أنتِ بتتكلمي من عقلك؟. بجد موافقة تتجوزي مسعد؟!.
رفعت عينيها العسلية إليه وهناك خلف جفنيها دموع حبيسة كثيرة تريد الفرار، والحزن طاغي عليها وقد لمحة هو دون مجهود، أجابته بجدية وهدوء دون تردد:
-آه موافقة
دقق النظر بها وداخله يشتعل، يحترق، ماذا يفعل؟. كيف سيمنعها من ذلك؟ أخفض بصره إلى الأرضية ثم رفعه بهدوء واستأذن منهم جميعًا وخرج دون أن يتفوه بحرفٍ واحد، قلبه به شيء لا يعلم ماهيته، ربما نيران ثائرة، أو ثلوج تريد أن تأتي به، ربما جُرح بشدة وداخله ينزف.. كثير من التعبيرات تمر عليه وهو لا يحدد
ما الذي حدث!.. كيف لها أن توافق، كان عازم أمره على حل مشكلته مرة أخرى دون الرجوع أمام والده ليحظى بها بعد الحديث الذي قاله لها على السطح، لما تعجلت وبخرت كل شيء؟ لما فعلت ذلك وهي لا تطيق مسعد من الأساس..
خرج من شقتهم ولم يصعد إلى الأعلى بل عاد بادراجه مرة أخرى وهو لا يدري إلى أين يذهب من الأساس..
بينما في الداخل أغلقت “مريم” الباب خلفه ووقفت تنظر إلى “هدير” هي ووالدتها التي تقدمت منها بهدوء عازمة على توبيخها للموافقة على “مسعد” وستمنعها أيضًا من فعل ذلك مهما حدث، ولكنها توقفت عندما استمعت إلى ولدها يتحدث بابتسامة بلهاء وانتصار وهو يزيل الدماء بجانب فمه:
-جدعه يا دودو تعجبيني كده، يابت دا إحنا هناكل الشهد منه حكمي عقلك يا خايبه
تقدمت منه والدته سريعًا دون سابق إنذار، أخذت حذائها البيتي من قدمها ثم انهالت عليه بالضربات به وهي تصرخ عليه بشدة بسبب قهر قلبها منه:
-شهد ايه يا كلب يا خسيس، بترمي أختك في النار يلي معندكش دم يا رمه
جذبتها “هدير” سريعًا وهي مستمرة في ضربه وهو يحاول الفرار منها حيث كانت ممسكة به من ياقة قميصه باليد اليسرى بينما اليمنى تقوم بضربه بها، أخذت منها الحذاء ألقته أرضًا وتحدثت بجدية وصوت عالٍ أمامه:
-أنتِ بتردي عليه ليه سيبيه براحته
تقدمت “مريم” منهم وهتفت بحدة متسائلة:
-يعني ايه تسيبه براحته؟ أنتِ عايزاه يبيعك لمسعد
استدارت تنظر إليه لتراه يقف يوزع بصره عليهم جميعّا والغضب يظهر عليه بوضوح، بسبب حديث والدته وشقيقته الصغرى والتي تحاول أن تؤثر على قراراها في الزواج منه، تحدثت بجدية وحدة غريبة تشابه التهديد وكأنها تتحدث إلى “مسعد” وليس شقيقها:
-أنتَ مفكر الكلمتين اللي قولتهم والاسطى جاد هنا هيتنفذوا؟.. تبقى غلطان أنا قولت أنا موافقة بس علشان مدخلش حد غريب بينا لأن إحنا أخوات ومش عايزة حد في الحارة يسمع عننا حاجه لكن أنتَ لو مسكت سلك الكهربا مش موافقة ولو طولت معايا في الموضوع ده واللهِ العظيم هروح أبلغ عنك وعنه بالزفت اللي بتبيعوه.. وأنتَ عارف إني أقدر ومش هيتهز شعره مني
نظر إليها بحدة وعصبية والغضب قد أعمى عينيه، كونها تقف أمامه هكذا وتتحدث بهذه الطريقة الفظة المُهددة إياه، جعله يود أن يخنقها بيديه أو يأخذها ليسلمها لمسعد وينتهي من أمره تمامًا، ماذا سيفعل معه الآن!. ومن أين سيأتي بالمال؟.
توجه إلى باب الشقة وخرج منه فذهبت خلفه وصاحت بصوتٍ عالٍ حاد:
-في ستين داهية
أغلقت الباب بقوة في وجهه جامعة إياه يصدر صوتًا عاليًا ثم دلفت إلى الداخل ومن ثم إلى غرفتها وأغلقت بابها خلفها مرة أخرى دون التحدث مع أحد..
❈-❈-❈
أذنت العشاء فخرجت من غرفتها لتتوضأ ثم دلفت مرة أخرى وقامت بالصلاة بهدوء وخشوع وكانت عينيها تدمع وحدها وهي بين أيدي الله، وقلبها يناجيه ليخفف عنه ذلك الحمل الثقيل الذي وقع عليها وهي لا تستطيع حمله..
انتهت من الصلاة وجلست كما هي على سجادة الصلاة تستغفر ربها على أصابع يدها، ومن بعدها تصلي على سيدنا محمد، عدة مرات متتالية كثيرة إلى أن انتهت ووقفت على قدميها رافعة السجادة من على الأرضية ووضعتها على الفراش متجهة إلى خزانة ملابسها البسيطة في غرفتها وقامت بأخذ عباءة سوداء واسعة، بدلتها مع إسدال الصلاة ووضعت حجابها متجهة إلى الخارج..
رأتها والدتها خارجة من غرفتها بتلك الهيئة فسألتها باستغراب عاقدة ما بين حاجبيها:
-على فين يا هدير
-رايحه لرحمة أقعد عندها شوية
أردفت والدتها بجدية وهي تقف على قدميها من على الأريكة في الصالة:
-رحمة كانت هنا المغرب خليكي لبكرة ابقي روحي بدري شوية
نظرت إليها بانزعاج ثم هتفت برجاء وقد قاربت على البكاء وهذا لأتفه الأسباب:
-علشان خاطري سيبيني يا ماما.. سيبوني اتفك شوية
أومأت إليها والدتها بحزن وهي تعلم ما الذي يجول داخلها من حزن وقهر لما يفعله شقيقها بها ومن المفترض أن يكون هو السند والعون لهم..
خرجت من المنزل لتمر على ورشة مالك قلبها ومدمر أحلامها، مالك الحب الكامن داخلها، ومُسبب الحزن الدائم لها، رأته يجلس أمام الورشة بيده كوب شاي وجواره ابن عمه وشقيقه “سمير” يضع نظره في هاتفه، نظرت إليه وهي تمر أمامه والحزن يرتسم على ملامح وجهها بالكامل وعينيها تناجيه بضعف وقلة حيلة ليفعل شيء ينتشلها من كل هذا ويقول أنها ستكون له..
وهو عندما رآها خانته عيناه ونظر إليها وعليها، وأشبع نظره منها قائلًا لنفسه أن بعد ذلك لن يستطيع أن يرفع عينيه بها، لن يكن له الحق في النظر إلى عسلية عينيها، ولن يكن له الحق في السؤال عنها، ستكون زوجة رجل آخر!.. لقد احرقه الشوق كل هذه السنوات وازداد الحريق داخله ليصل معها إلى هذه النقطة!.. إنها السخرية بحق..
أكملت طريقها بهدوء شديد متوجهة إلى منزل صديقتها “رحمة” الذي يبتعد عنهم بسير عشر دقائق لتفرغ ما لديها من حديث لا يجوز أن يخرج من الأساس ولتبتعد عن المنزل وعن الجميع وعلى رأسهم “جاد”..
❈-❈-❈
في منزل من منازل الأثرياء والذي يظهر عليهم ذلك وبشدة، منزل المذيعة الشهيرة “كاميليا عبد السلام” تُقام الحرب بينها وبين زوجها “عادل شرف” في غرفتهم وبينما جميع الخدم في الأسفل يقفون في ردهة المنزل ليستمعون إليها وإلى صراخها على زوجها يبتسمون بسعادة وتشفي لأجل ما يحدث معها وكأنهم يأخذون حقهم بتلك الابتسامة المخفية عنها..
وقفت أمامه في وسط الغرفة تشير بيدها إليه من الأعلى إلى الأسفل باشمئزاز:
-بص لنفسك يا جربوع وأعرف إن كامليا عبد السلام هي اللي عملتك وعملت الراجل الناجح اللي كل الناس شيفاه أنتَ كنت حتة عيل لا راح ولا جه
ابتسم بغل وحقد داخله ولكنه مقرر أن يجعلها تفقد أعصابها وتفقد صوابها ولن تأخذ منه ما تريد، أردف ببرود قائلًا:
-قولي مهما تقولي أنا سامعك
تقدمت منه بحدة وهي لا تستطيع تمالك أعصابها بعد الآن وهو بكل هذا البرود، تريد التحرر منه يكفي الوقت الذي قضته معه إلى الآن:
-ما أنتَ لو كنت راجل زي بقيت الرجالة مكنش ده هيبقى ردك
ابتسم ببرود مرة أخرى وهو يتكئ على يده ويضعها أسفل ذقنه:
-وبعدين!..
صرخت بعلو صوتها مرة أخرى عليه بعد أن فاض كيلها منه:
-أنتَ جبلة، حيوان، طلقني وخلي عندك دم يا بني آدم
وقف على قدميه متقدمًا منها ثم وقف أمامها يبتسم ببرود واستفزاز، أمسك خصلة من خصلات شعرها ليعود بها إلى الخلف قائلًا:
-عندي سهرة جامدة صباحي أنا آسف مضطر أمشي وبعدين نكمل يا حياتي
غمزها بعينيه بوقاحة وبرود وهو يحاول أن يجعلها تفقد آخر ذرة عقل بها حتى يجعلها تتعلم كيف يكون الحديث معه وكيف تقلل منه كلما سمحت لها الفرصة، خرج من الغرفة وأغلق الباب خلفه ليستمع إلى شيء يحطم وأصدر صوت مزعج حاد، ربما ألقت المزهرية خلفه..
هبط الدرج ليرى الخدم كل واحدة تفر هاربة إلى عملها بعد أن استمعوا لصراخها وما يحدث معها، ابتسم داخلة لأنه سبب فرحة هؤلاء البسطاء مثله في يوم من الأيام!..
❈-❈-❈
“في الساعة الواحدة صباحًا”
-امك وأبوك مش ناويين يرجعوا يابني ولا عجبتهم القعدة هناك
كانت هذه كلمات “جاد” لابن عمه وأخيه”سمير” سائلًا عن أهله الذين ذهبوا إلى بلدة والدته ولم يعودوا بعد..
أجابه “سمير” وهو يركل حجرة صغيرة وقعت أمام قدمه وهم يسيروا عائدين إلى المنزل:
-كلمتهم النهاردة وقالوا راجعين بكرة
-يجوا بالسلامة
ابتسم “سمير” وهو يتذكر ماتش الكرة العائدون منه الآن بعد فوز فريقهم على الفريق الآخر وتحدث بسخرية وتهكم:
-شوفت سلامة عمل إزاي بعد ما خسر، مش عارف أنا ليه الثقة الزايدة اللي في الواحد دي
ابتسم “جاد” هو الآخر بسخرية متذكرًا تحدي المدعو “سلامة” لهم متوعدًا بالفوز، لم يكن يريد الذهاب وأراد المكوث في المنزل فقد غلبه الحزن والإرهاق ولكن “سمير” الح عليه ليذهب معه ولم يتركه وحده حتى يجعله ينسى ما يمر به قليلًا وسيأتي الحل من عند الله دون مجهود..
رفع “جاد” يده ووضعها على كتف “سمير” من الخلف وهم يسيرون عائدون إلى المنزل ودلفوا إلى بداية شارعهم الذي كان خالي من المارة وتحدث قائلًا باتمان:
-متشكر يا عم سمير
ابتسم الآخر وغمزه يعبث معه مردفًا:
-عد الجمايل يسطا جاد
عاد بنظره إلى الأمام وهو يبتسم ثم وقعت عينيه على منزلهم ليرى والدة “هدير” وشقيقتها متجهين ناحيتهم، عقد ما بين حاجبيه باستغراب لخروجهم في مثل هذا الوقت على غير العادة واستمع إلى سؤال “سمير” المستغرب:
-مش دي أم جمال ومريم؟. رايحين فين في الوقت ده
لم يكن الشارع به الكثير من الناس بل كانوا جميعهم في بيتهم وهناك فقط ثلاثة أو أربعة من الشباب وقلت الحركة به كثيرًا!
أنزل يده من عليه وأسرع في خطاه متقدمًا منهم ليقف أمامهم هو وابن عمه سائلًا إياهم باستغراب وجدية:
-انتوا رايحين فين يا أم جمال.. الوقت متأخر وأنتِ عارفه المنطقة مش كلها أمان
أجابته بحزن وضعف لا تستطيع أن تتصدى له، إن تغلب عليها سيأخذ حياتها معه، أردفت بلهفة وخوف:
-واللهِ ما كُنا خارجين يابني دي هدير هي اللي خرجت ومرجعتش لدلوقتي
خفق قلبه داخل أضلعه، وبرزت عينيه بخوفٍ شديد ورهبة داخله عملت على توتره وقد ظهر هذا عليه أمام الجميع ليردف بحدة متسائلًا:
-مرجعتش يعني ايه دي الساعة واحدة! راحت فين أصلًا
أجابته “مريم” بخوف شديد على شقيقتها ورفيقة روحها:
-خرجت من بعد صلاة العشا قالت هتروح لرحمة صاحبتها ونسيت تلفونها في البيت ورحمة تلفونها مقفول حتى جمال معرفناش نوصله فخرجنا نروحلها نشوفها
أردف بحدة وعصبية وهو ينظر إليهم نظرة جامدة وقلبه يتلوى داخله:
-من بعد العشا ومستنين ايه!. مستنين الفجر
أبتعد عائدًا مرة أخرى ليتوجه إلى بيت صديقتها بيت “المغازي” وأردف بحدة وهو يبتعد:
-ارجعوا وأنا هشوفها.. سمير رجعهم البيت
أردف “سمير” بجدية مُجيبًا إياه وهو يشير إليهم بالابتعاد:
-هرجعهم واجيلك
ذهب معهم ليعيدهم إلى المنزل ويذهب إليه سريعًا وداخله يدعوا الله أن لا يكون حدث لها شيء فهو يعلم أن هناك مكان رديء تمُر عليه في الذهاب والعودة..
❈-❈-❈
-بسم الله الرحمن الرحيم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، يارب سلم
تحدثت “هدير” بينها وبين نفسها في طريق العودة إلى المنزل بقلق وهي ترى الحارة فارغة من البشر على غير العادة، لقد كانوا دائمًا مستيقظين إلى وقت متأخر لما اليوم بالتحديد لا يوجد أحد إلا القليل!..
عندما ذهبت إلى صديقتها اكتشفت أنها قد نسيت هاتفها في المنزل، جلست معها وافرغت كل ما كانت تريد أن تخرجه من قلبها مصاحبه البكاء الحاد ثم غفت في أحضانها على فراشها ولم تستيقظ إلا الآن!، وبخت “رحمة” على تركها إياها إلى هذا الوقت بالأخص أنها تعلم أن هاتفها قد وقع منها وكُسر ولن تستطيع أن تتواصل مع والدتها لا من هاتفها الذي تركته ولا من هاتف “رحمة” المُحطم..
خرجت سريعًا وألحت عليها “رحمة” كثيرًا أن تقوم بتوصيلها ولكنها لم توافق لأن لا يوجد أحد بالمنزل سوى والدتها، وذهبت هي وحدها في هذا الوقت..
كانت تسير بسرعة وقلبها يخفق بقوة مستغربة لما اليوم بالتحديد لا يوجد أحد خائفة فقط من مكان واحد ستمر عليه يسمى عندهم بـ “الخرابة” وهو مكان مهجور يجمع كل تالف في حارتهم، تعلم أن ذلك المكان يحدث فيه أشياء محرمة بين الشباب بداية من شرب الممنوعات إلى أشياء أكثر سوءاً..
ولم تكن تعلم أن الأسوأ ينتظرها كلما اقتربت من هناك!..
في ذلك الوقت كان “مسعد” يجلس “بالخرابة” وحده يتعاطى الأشياء الذي يقوم ببيعها للشباب وقد توجه إلى هناك قبل ساعة بعد أن أخبره “جمال” بما حدث بينه وبين شقيقته من رفض تام للزواج منه وله..
وكأن القدر يخطط لشيء خفي بدايته حظها العثر!.. ولكن هل يستمر؟..
وقف “مسعد” ثم تقدم إلى الخارج يقف على أعتاب الباب الكبير وبيده سيجارة هو من فعلها ليضع بها ما يريد يفكر بتلك الفتاة التي عذبته وكيفية الحصول عليها..
ترفع رأسها للسماء عاليًا ولم تنظر له وهو الذي أراد لها كل خير معه، حقًا كان سيفعل المستحيل لارضائها ولكن الآن!.. فقط يحصل عليها وسيجعلها تتمنى الموت كل يوم في بيته مما سيحدث لها..
نظر إلى البعيد وضيق عينيه بدقة لينظر إلى القادمة هناك وقد تبين أنها هي!.. يا للسعادة التي حلت عليه، كيف هكذا تقع فريسة أسفله بهذه السهولة، اعتقاده أنه تخطيط إلهي، ولا يعلم أنها بداية أعماله السيئة، توارى خلف الباب سريعًا والابتسامة البشعة ظهرت على شفتيه مظهره أسنانه الصفراء، الفرحة دقت بابه بقوة، لقد تمنى هذا الأن فقط وأتت بقدميها إليه، أخرج من جيبه حبه صغيره وابتلعها في لمح البصر ولمعت عينيه لمعة شيطانية وكأنها التي كانت تستعيذ منه الآن..
توارى في الداخل حتى لا تراه فإنها إذا رأته حتمًا ستعود إلى المكان التي أتت منه راكضه، ولا تترك له الفرصة في فعل ما يريد، أما الآن فلترى الجحيم وما بعده!..
تركها تمر من أمامه وهو خلف الباب ثم بعد ذهابها بخطوة واحدة خرج سريعًا إليها يقف خلفها حاملًا إياها من خصرها من الخلف بيد واليد الأخرى وضعها على فمها ليكتم صراخها ولا يستمع إليها أحد..
وقع قلبها بين قدميها عندما شعرت بمن رفعها عن الأرضية كاتمًا فمها بيده، حاولت أبعاد يده عنها بيدها الاثنين وحركت جسدها وقدميها في الهواء بحركات هوجاء لتفلت نفسها منه ولكنها لم تستطيع..
عاد بها إلى مكانه داخل “الخرابة” وأغلق ذلك الباب الكبير بقدمه مرتين ليغلق بينما هي خرجت الدموع من عينيها بغزارة شاعرة أن النهاية تقترب محاولة الفرار منه وهي تدفعه بيدها وأقدامها ولكن دون جدوى..
ألقاها على الأرضية بحدة فوقعت تتألم ولكن لم تبقى على ذلك الوضع فاستدارت سريعًا لتنظر إليه وترى من هو ولتكن الصدمة من نصيبها، وقفت على قدميها سريعًا حتى لا تعطي له الفرصة ليفعل أي شيء بها وصرخت به بغضب وهي تبكي:
-أنتَ عايز مني ايه
مال رأسه على كتفه وغمز إليها بطريقة مقززة قائلًا بصوتٍ خافت وهو في حالة اللاوعي:
-برنسس الحارة!.. مش قولتلك هناكل الشهد سوا
عادت إلى الخلف والخوف يقرع داخل قلبها وعينيها لا تستطيع الرؤية بوضوح من كثرة البكاء ثم نظرت إلى الممر الذي دلف منه والذي يؤدي إلى الباب وداخلها تعلم أنه ليس بوعيه وإطالة الحديث معه ربنا تأتي بالضرر عليها..
-أنا هعمل اللي أنتَ عايزة بس سيبني أمشي
استمعت إلى ضحكاته العالية بمظهره المقزز والذي تشمئز منه وأردف قائلًا وهو ينظر إليها من الأعلى إلى الأسفل ويراها تجذب حجابها عليها بقوة:
-هو كان دخول الحمام زي خروجه
ركضت سريعًا من أمامه متوجهة إلى الخارج وداخل مخيلتها تقول أنها ستهرب منه ولكن ربما هذا من تدبير القدر!؟…
أمسكها مسعد دون مجهود فقط أخذ خلفها خطوة واسعة وأمسك بها من حجابها جاذبة بشدة لينقطع الحجاب بسبب الإبر المثبتة به، لف يده حول خصرها دافعًا إياها على الأرضية مرة أخرى وأسفلها القش ثم جسى فوقها سريعًا محاولًا نزع عباءتها ورفع الحجاب عن خصلاتها بالكامل..
دفعته بيدها بحركات هوجاء وهي تصرخ بأحد ينقذها من الخارج، أخذت تتململ أسفله وهي تدفعه عنها بيدها وتحرك رأسها يمينًا ويسارًا حتى لا تسمح له بتقبيلها ولكنه كان الأذكى والأقوى:
-يا زبالة أبعد عني.. الحقوني، بالله حد يلحقني
أحكم قدميها بقدميه الاثنين ثم أخذ يدها الاثنين رافعًا إياهم أعلى رأسها بيده قائلًا بتباهي وعينيه لا تبشرها بالخير أبدًا:
-براحتك بقى.. انشالله تصوتي من هنا لبكرة
بصقت بوجهة وهي تبكي وتنتحب بشدة وقلبها قارب أن يقف عن العمل وأخذت تصرخ بأحد في الخارج لينقذ ما تبقى منها، وبداخلها “جاد” وكيف سترفع وجهها به بعد الآن ومازالت تصرخ به أن يبتعد وتصرخ بأن ينقذها أحد إلى أن شعرت أن حبالها الصوتية تأذت كثيرًا ومع ذلك استمرت في دفعه عنها والصراخ مدافعة عن روحها وكم كانت روحها نقية بريئة ولم تستطع التصدي له..
بينما هو لم يتوقف هنا عازمًا أمره على إنهاء ما بدأه لو ماذا فعلت
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ندوب الهوى)