رواية نجمه ليلى الفصل الثالث 3 بقلم سارة مجدي
رواية نجمه ليلى الجزء الثالث
رواية نجمه ليلى البارت الثالث
رواية نجمه ليلى الحلقة الثالثة
عاد فريد الى البلده و مباشره الى غرفه جدته يطمئنها … و يخبرها بكل ما حدث …. و ايضا والدته التى لحقت به الى الغرفه حتى تطمئن
و بعد ان اخبرهم بكل شىء توجهه الى غرفته و اتصل بنجوى للمره الثالثه .. من وقت تركه لها بمنزل والدها و كان ردها (( لسه فى الاوضه و مش عايزه تاكل ))
تمدد فوق سريره بعد ان ابدا ملابسه .. بملابس منزليه مريحه .. و اغمض عينيه لثوان يتذكر امواج عينيها الهادره … برئه ملامحها … و روحها التى تخطف الانفاس
فتح عينيه ليتصل بنجوى للمره الرابعه
و كانت نجمه فى غرفه والديها تتئمل صورهم ملابسهم و اغراضهم
كل شىء كان يخصهم … اهتم فريد و السيد صادق على الحفاظ عليه بالشكل المناسب حتى يصل اليها بحاله جيده
و كانت المفاجأة الحقيقية حين وجدت فى خزانه والدها دفتر مذكرات
اخذته بشوق كبير و جلست فى منتصف السرير و قبل ان تفتحه
كانت هناك طرقات متتاليه على باب الغرفه … هى تعلم جيدا من صاحب تلك الطرقات فقالت
– ادخلى يا نجوى
فتح الباب و طلت الفتاه عليها بابتسامتها المريحه للنفس وقالت
– دى تالت مره اسخن الاكل و لو فريد بيه عرف انك مأكلتيش طول الوقت ده مش بعيد يدبحنى
لتضحك نجمه بخفه ثم نظرت الى المذكرات بحزن … و لكنها حقا تشعر بالجوع فقبلت المذكرات و هى تقول
– هرجعلك بسرعه
و غادرت السرير لتبتعد نجوى قليلا عن الباب حتى مرت نجمه و اغلقت الباب خلفها
توجها سويا الى المطبخ لتقابل نجمه رائحه الطعام الشهيه
فاصدرت معدتها صوت قوى يطالبها بالطعام
لتجلس سريعا غير منتبهه لنظره نجوى المشفقه … فهى تعلم كل شىء عن نجمه …. هى فى الاساس كانت تعمل فى بيت السيد صادق و هو من احضرها لثقته فيها
كانت نجمه تتناول طعامها بشهيه كبيره …. فاليوم شاهدت صور والديها
و اليوم رأت اغراضهم …. سوف تنام فى احضانهم حتى اذا كان السرير فارغ منهم لكن روحهم سوف تحاوطها و رائحتهم ايضا
غادرت نجوى المطبخ حين شعرت باهتزاز هاتفها
و توجهت مباشره الى الشرفه لتجيب على فريد للمره الخامسه خلال ساعه و نصف
– ايوه يا فريد بيه .. قامت و بتاكل و والله كويسه و زى الفل
اجابته حين سمعت صوته ليصمت هو ثوانى ثم قال
– طيب يا نجوى … انا هنام و لو فى اى حاجه كلمينى التليفون جمبى طول الوقت
لتبتسم نجوى ابتسامه صغيره و قالت
– تحت امرك … متقلقش خالص حضرتك
و اغلقت الهاتف و التفتت لتجد نجمه تنظر اليها بصمت لتقول نجوى بأبتسامه صغيره
– خامس مره يتصل بيا علشان يطمن عليكى
لمعه خاطفه لاحظتها نجوى فى عيون نجمه قبل ان تدير لها ظهرها و هى تقول
– انا داخله انام … و متخبطيش عليا و متقربيش اصلا من اوضتى
لتضحك نجوى بصوت عالى لتنظر اليها نجمه قبل ان تغلق الباب و قالت بابتسامة
– احبك و انتِ فهمانى
و غمزت لها ثم اغلقت الباب ظلت نجوى تنظر الى الباب لعده ثوان ثم وضعت هاتفها فى جيب فستانها و دلفت الى المطبخ لترتسم الصدمه على وجهها حين رأته نظيف تماما و مرتب
دلفت نجمه الى الغرفه و سريعا الى منتصف السرير و امسكت بمذكره والدها و بدأت فى قرأتها
كانت دموعها تغرق وجهها رغم تلك الابتسامه التى ترتسم على شفاهها من وقت لاخر من كلمات والدها عن الفتايات التى تمنوا الارتباط به و رفضه للامر … و احساسه ان هناك شخص ينتظره … و ان قلبه مرتبط بها حتى دون ان يراها
حتى شاهد والدتها اول مره … و رآى بداخل عينيها بحور عشقه الذى غرق فيها من اول لحظه
و بداخله احساس انه وجد ضالته و من كان يشعر انها تملك قلبه حتى من قبل ان يراها و يعرفها
و تزداد دموعها انهمارًا و هى تقرأ كيف قابلت عائلته رغبته بزواجه منها
و لكن ما كان يؤلمها حقا .. هو احساس والدتها بالدونيه
و زاد هذا الاحساس لديها بسبب موقف عائله والدها
كيف وصف والدها احساس والدتها و كيف كان يرى كل ذلك بعيون قلبه و إحساسه
و كيف كان يتعذب ببعده عن عائلته و رغبته القويه فى العوده اليهم خاصه بعد ان رزق بها … و ايضا بعد اكتشافه لمرضه الذى اخفاه عن والدتها رغبه فى عدم رؤيه الحزن فى عيونها
وحين وقعت عيونها على كلمات والدها الذى يصف فيها يوم ذهابه الى البلده عله ينول رضاهم على زوجته و ابنته انهمرت الدموع مصاحبه لشهقات متتاليه و بصوت عالى
(( اليوم ذهبت الى البلده و قابلت ابى و اخى خالد .. من اشتقت اليهم و الى جدى نجيب و جدتى وفيه .. ولكن والدى رفض بشكل قاطع ان اذهب الى البيت الكبير او ان ارى اى منهم و خاصه بعد كلمات خالد
– انت بعتنا كلنا علشان خاطر الخدامه خليك معها و انسانا
لم يعقب والدى على كلمات اخى الذى اكمل بغل و كره لم اتخيله يوما
– لو فاكر انك زى كل مره هتاخد كل حاجه … لو فاكر انى هسيبك تفرح و تعيش مرتاح فى حياتك تبقا غلطان …. انت لازم تتعذب علشان انا أبقى اخذت حقى منك
لم افهم وقتها لم كل ذلك الحقد و الكره بداخل اخى تجاهى ماذا فعلت انا لكل ذلك و لكننى رجعت الى مكانى و امانى …. فبين ذراعى نجمه ارى جنه الله على الارض و اشعر بالراحه و السكينه و الامان و بين ضحكات نجمتى الصغيره اشعر بسعاده العالم و برائه الملائكه فى عالم مليىء بالشياطين ))
تركت المذكرات من يدها و اخفت وجهها بكفيها تبكى بقهر و بصوت عالى وصل الى نجوى التى دلفت اليها و جلست بجانبها تضمها بين ذراعيها بحنان و هى تحاول تهدئتها …. ظلت نجمه تبكى بصوت عالى و تنادى على والديها …. تتمنى ان تستمع الى صوتهم ان تشعر بدفىء انفاسهم …. ان تشعر بالامان و لو لمره واحده فقط … تأخذ من احضانهم طاقه قويه تجعلها قادره على مواجهه من ظلم والدها و والدتها و ظلمها
هدأت نجمه قليلا و ابتعدت عن احضان نجوى و قالت
– هعملك كبايه لمون تشربيها و تنامى و اى ان كان اللى بتعمليه كمليه بكره
اومئت نجمه بنعم لتغادر نجوى سريعا الغرفه لتنفذ ما قالته لتلملم نجمه كل الاغراض التى كانت تحيط بها و اعادتها الى اماكنها الا احدى قطع ملابس والدها و قطعه اخرى لوالدتها
و حين انتهت توجهت الى النافذه فتحتها و ظلت تستنشق بعض الهواء بشكل متسارع ثم اغمض عيونها و بدأت تتنفس بهدوء و هى تتذكر كلمات فريد
(( – عارف بتفكرى فى ايه و عارف كمان كم الكره اللى جواكى لعيله الزيني … بس لازم تعرفى حاجه كويس جدا …. صحيح انا ابن عمك لكن انا مليش اى دخل بكل اللى حصل … و لو عايزه تعرفى الحكايه بشكل مختلف احكيهالك
– جدك عاصم لقيناه مقتول فى مكان غريب و موصلناش ليه غير بعد ايام … كان قتل عن عمد او صدفه محدش عارف … و عمك قاعد دلوقتى على كرسى متحرك … مش بيقدر يتحكم فى جسمه و كمان مبقاش يقدر يتكلم بشكل واضح
– اول ما بدأت افهم اللى بيحصل حوليها شوفت كره ابويا لعمى … اللى مفهمتش سببه ايه … و وسوسته لجدى علشان ميسامحش عمى سليم على جوازه من والدتك … و على اصراره على انك تفضلى هنا فى الملجىء
– لحد ما امى حكت ليا كل حاجه حصلت و فهمت كل اللى حصل … ذنب عمى الوحيد انه اتجوز والدتك اللى ابويا كان عايز يتجوزها على امى و علشان كده قرر يحرمه من عيلته و من ماله و من كل شىء
– نجمه … املاك الزيني كلها تحت ايدى دلوقتى …. و انا عايز ارجعلك حقك … و حقك مش فلوس بس حقك اسم و سمعه … حقك عيله لازم تبقى فى وسطهم …. حقك انى احقق امنيه عمى انك ترجعى بيت الزيني الكبير و الكل يعترف بيكى و يعرفك
– تقبلى تتجوزينى يا بنت عمى ؟ ))
انتبهت من افكارها على صوت نجوى و هى تقول
– نجمه اللمون
نظرت اليها و امسكت الكوب بهدوء تناولته و هى تنظر الى الظلام الحالك بالخارج و عقلها يردد كلمات فريد و يرسم امامها صوره عينيه التى تحمل الكثير من امان يذكرها بوالدها الذى لم تتمتع بحنانه الا قليلا
انهت الكوب لتأخذه نجوى من يدها ثم جذبتها برفق و هى تقول
– تعالى نامى شويه بقا
سارت معها بصمت و تمددت على السرير و احتضنت ملابس والديها و اغمضت عيونها و فى ثوان قليله كانت غارقه فى النوم لتغلق نجوى النافذه و اغلقت النور و غادرت الغرفه
و فى المطبخ كانت تتصل بفريد الذى حين سمع ما قالته فى ثوان قليله كان ارتدى ملابسه التى تزيد من هيبته و وسامته و كان يقود سيارته فى اتجاه العاصمه يسابق الزمن و يسابق دقات قلبه المتسارعة خوفا عليها
انه يعلم جيدا ما ستجده بالمذكرات
و يعلم ايضا كم الالم الذى تشعر به الان
و لكنه يريدها قويه .. ثابته قادره على المواجهه و اقتناص حقها … حتى لو تطلب الامر ان تقتص ذلك الحق منه هو ….. روحه و حياته امام كل ما عانته و مرت به لا قيمه لهم
وصل اخيرا امام البنايه و ترجل سريعا حتى لم يهتم بغلق السياره …. ان كل كيانه يتلهف ليضمها بين ذراعيه و يطمئنها
و لكن حين وصل الى الشقه وجدها تجلس بهدوء فى الشرفه ثابته العينين … تنظر الى الظلام و الهدوء و الفراغ بصمت تام
نظر الى نجوى لتقول مباشره
– قامت من النوم مفزوعه … و من وقتها و هى قاعده كده
اقترب منها بخطوات ثابته مسموعه … لكنها لم تحرك جفنها … وقف امامها ايضا لم تتحرك عيناها فجثى على ركبتيه و هو ينادى عليها لتنظر اليه بهدوء ليقول هو بابتسامه حانيه
– مالك يا نجمه ؟ مش اتفقنى تكونى قويه و قادره على انك تقفى قدام اى حاجه
ظلت صامته لكن عيونها تتأمله بثبات ليقول من جديد
– نجمه من فضلك متخوفينش عليكى
– انت جيت ليه دلوقتى ؟
قالتها باندهاش ليقول هو بابتسامه
– نجوى حكتلى اللى حصل … خفت عليكى و كان لازم اكون جمبك
اومئت بنعم … ورفعت عيونها تنظر الى تلك النجمات الساطعه فى وسط ليل السماء المهيب و قالت
– ليه الناس وحشه … و ليه اقرب ما لينا بيوجعنا …. ليه اللى المفروض يكون مصدر امان … طعنه الغدر تصيبنا منه … ليه الكره و الحقد يملى قلب اخ لدرجه انه
صمتت لم تستطع ان تكمل كلماتها … خاصه مع تلك الدمعات التى بدأت فى الهطول من عينيها
مد يده يحتضن كفيها … و هو يقول بصدق
– ربنا خلقنا بفطره سليمه و سويه … بس فى نفوس ضعيفه الشيطان بيمتلك روحهم … بيخليهم ينسوا ربنا و يوم الحساب و يخليهم ينسوا ان كله سلف و دين … و ان ربنا شاهد و مطلع على كل شىء
صمت لثوان يأخذ نفس عميق ثم اكمل قائلا
– عارفه يا نجمه … كنت ديما اسمع جدى يقول (( الظلم ظلمات )) و مكنتش بفهم معناها … لكن دلوقتى حاسس بمعنى كل حرف … الانسان الظالم عايش جوه ظلمات نفسه و كمان عقابه يوم القيامه كبير و عظيم (( حرم الله تعالى خُلقاً كالظلم، وما توعد أحدا بمثل ما توعد به الظالمين. قال تعالى: إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقاً (الكهف: 29)، والظلم شر مستطير، وبلاء عظيم، وخُلق ذميم، عاقبته وخيمة، ففي الآخرة خزي وندامة، وظلمات يوم القيامة. )) … و انا بشوف الشخص الظالم ده زى واحد بيحبس نفسه و بأيديه فى مكان و يقفل كل الابواب و الشبابيك و يتخيل انه هيبقا شايف كل شىء و هيكون فى امان من كل شىء … و يكتشف فجأه انه مش شايف اى حاجه و يفضل يتخبط و يقع و يتخبط و ينجرح …. فهمت ان الظالم عايش فى ظلام روحه … الى الشيطان محليه ليه فى الدنيا
صمت لثوان قليله ثم قال
– قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الظلم، إنه ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح، فإنه أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم رواه مسلم … لازم تعرفى و تتأكدى ان كل واحد له يوم يتحاسب فيه عن اخطائه و لازم يكون عندك يقين ان ربك عدل و اسمه العدل و مفيش حق بيضيع عند العادل الجبار
كانت تشعر براحه و سكينه و هى تستمع الى ايات الذكر الحكيم بصوته الرخيم و كلماته التى لامست قلبها و اراحتها و لو قليلا
وقف وادار وجهه الى سور الشرفه و استند بذراعيه عليه و هو يقول
– خلاص يا نجمه هانت كلها يومين و كل حاجه تخلص و اوعدك ان اللى جاى هيبقا زى ما انتِ عايزه و بس
كانت تنظر الى ظهره و هى تستمع الى كلماته و بداخلها احساس قوى يزداد مع كل كلمه و كل حرف … حتى انه يزداد من كل نظره منه او حركه و التفاته … احساس الثقه و الأمان .
مر يومان و ها هى ترتدى ذلك الفستان الذى ارسله لها فريد ضمن مجموعه كبيره من الملابس الجديده التى تليق بأبنه عائله الزيني …. وقفت امام المرآه تنظر نظراتها بها الكثير من القوه و الصلابه اكتسبتها منه رغم انها توقن بميراثها فى طباع والدها كما اخبرها فريد من قبل
انتبهت من افكارها على صوت هاتفها
و دون ان تنظر الى الاسم تعلم جيدا من هو
اجابت بهدوء ليصلها صوته القوى ذات الطابع الحنون
– العربيه وصلت تحت البيت
– هنزل حالا
اجابته بصوت مرتعش ليقول هو بقوه حانيه
– متخافيش انا فى ظهرك …. و البلد كلها هتكون فى استقبال بنت سليم الزيني … يا بنت عمى
نظرت الى صوره والدها التى تتوسط الحائط بجوار صوره والدتها و قالت بقوه
– و انا مش هتأخر عليهم
كان العمل بالبلده على قدم وساق … الكل يستعد لاستقبال ابنه العائله التى لم يسمع احد عنها من قبل و لكن حين يأمر فريد الزيني بشىء لابد ان ينفذ و افضل مما يريد
زين البيت الكبير بأكمله بثوب الفرحه استقبالًا لابنه الغالى الغائبه التى عادت و أخيرًا لحضن عائلتها
صعد فريد إلى غرفه والده
و وقف عند الباب ينظر اليه بنظرات لا يفهمها سوا خالد فقط
الذى لا يستطيع التحرك او الكلام
اقترب فريد من والده و جلس على الكرسى المجاور له و وضع قدم فوق الاخرى و قال بهدوء
– عارف مين اللى جاى البيت النهارده ؟
لم يتلقى اجابه و هو يعلم ذلك جيدا ليكمل هو بهدوء
– انا أقولك مين اللى جاى … و مش بس كده لا ده انا كمان اشتريت ليك بدله جديده علشان تكون فى شرف استقباله
ارتفعت همهمات خالد ليقرب فريد وجهه من وجه والده و قال
– طبعا لازم تكون فى استقبال نجمه …. بنت عمى
لتجحظ عينيى خالد بصدمه و يعلو صوت همهماته الغير مفهومه و ايضا زادت ارتعاش جسده حتى ان الكرسى تحرك بقوه ليقع على احدى جوانبه ارضا و كذلك خالد
كان فريد يشاهد كل ذلك بعيون بارده وظل هكذا لعده دقائق … ثم وقف بهدوء شديد اوقف الكرسى و حمل والده بهدوء شديد و وضعه على السرير و بدء فى تبديل ملابسه و هو يقول
– النهارده يوم الحساب …. النهارده كل الحقوق هترجع لاصحابها …. النهارده عمى و مرات عمى هيرتاحوا فى قبرهم
انتهى مما يفعله و عاد يحمل والده من جديد و وضعه فوق الكرسى ….. و هو يقول بابتسامه صغيره
– بقيت جاهز لاستقبال بنت اخوك … و مرات ابنك كمان
ثم عدل بدلته و خرج من الغرفه بهدوء كما دخل تارك خلفه فيضان من الغضب يأكل والده من الداخل كالمرض العضال يأكل جسد الانسان من الداخل اللى الخارج و يتركه جثه هامده
وصلت سياره نجمه الى بدايه البلده اوقف السائق السياره على احدى جوانب الطريق و اتصل بفريد يخبره و يعلم منه الأوامر الذى يجب عليه اتباعها
طلب فريد منه الانتظار لعده دقائق … و بعد مرورهم وجد السائق ثلاث سيارات تشبه خاصته و يعرفهم جيدا يقتربوا منه وقفت احدهم امامه و اثنان خلفه
و بدء ذلك الموكب الصغير يتحرك فى اتجاه بيت عائله الزيني
كانت نجمه تفرك يديها بقوه … من كثره التوتر و القلق … تشعر من داخلها بخوف كبير يجعل معدتها تتلوى آلما …. لكنها كانت تحدث نفسها بإنها تعيد حق والديها و انها لابد ان تكون قويه كوالدها
حاولت التفكير فى اى شىء اخر الا ان عقلها بدء يعيد عليها مشهد السيد صادق حين حضر الى البيت قبل رحيلها و طلب منها التوقيع على بعض الأوراق … دون ان تعلم ماذا بها … و من شده قلقها لم تسأله
الآن تسأل نفسها ما هى تلك الاوراق و تلومها على التوقيع دون ان تقرأها او تفهم على ماذا تحتوى
حين وصلت السيارات امام بين الزيني كان فريد و والدته و اخته يقفون فى استقبالها
ترجلت من السياره حين فتح لها فريد الباب و عيونه تحمل الكثير من التشجيع … فى نفس الوقت بدأت الفرقه الشعبيه فى الضرب على الالات و ايضا رقص بعض الاطفال و تصفيق الرجال و النساء …. سارت بجانبه تنظر الى البيت الكبير بمشاعر مختلطه …. لا تستطيع تحديدها
لكنها موقنه من خوفها القوى … ان تلك المواجهه هى الفاصله فى حياتها
لم تتوقع استقبال والده فريد التى ضمتها بحنان و هى تقول
– نورتى بيتك يا غاليه يا بنت الغالى
لم تستطع ان تجيبها بشىء فى وسط دهشتها
و ذات تلك الدهشه حين اقتربت منها رباب تحتضن ذراعها بقوه و هى تقول
– و أخيرا بقا فى بنت تانيه معايا فى البيت الطويل العريض ده … الاوضه بتاعتك هتكون جمب اوضتى و
ليقاطعها فريد و هو يقول
– لا يا رباب … انا و نجمه هنتجوز النهارده … و من النهارده مكان نجمه فى اوضى اللى هتبقا اوضتها
تلونت وجنتيها بالاحمر القانى من كثره الخجل خاصه مع تهليل رباب و والدتها التى بدأت تزغرد بسعاده و فرحه …. اشار لنجمه بالدخول الى البيت و حين عبرت من البوابه الكبيره وقفت مكانها تنظر لذلك الجالس فوق كرسى مدولب جسده يرتعش بأكمله ويبدوا على وجهه علامات الالم
ظلت تنظر اليه و بداخلها احاسيس مختلطه بين شفقه و غضب كره و عطف
دفعها فريد بلطف و هو يقول
– اعرفك عمك خالد
ثم نظر الى والده و قال بابتسامه صفراء
– نجمه بنت عمى سليم يا …. بابا
بدء خالد يزوم بصوت عالى لتتراجع نجمه الى الخلف بخوف … ليمسك فريد بيديها ثم نادا بصوت عالى على حارس البوابه و السائق و قال
– رجعوا خالد بيه على اوضته
ثم نظر الى نجمه و قال
– اتفضلى يا نجمه علشان تنورى بيتك … و كمان تسلمى على تيته وفيه
و مروا جميعا خلف بعضهم و مباشره الى غرفه وفيه التى كلنت تنظر الى الباب بعيون مشتاقه
و حين فتح الباب و ظهر فريد الذى ابتسم لها بسعاده ثم وقف جانبًا لتظهر تلك الفتاه الصغيره التى تجمع بين جمال والديها بشكل مميز يجعلها حقا فتاه مميزه فتحت ذراعيها على قدر استطاعتها
ظلت نجمه تنظر اليها و الدموع تتجمع فى عيونها و هى تتذكر وصف والدها لجدته بأنها حنونه صاحبه قلب كبير اكثر من احب والدتها و رحب بزواجهم
لم تشعر بقدميها و هى تركض لتختبىء داخل احضانها تبحث عن رائحه والدها هناك … بين حنان يشابه حنانه الذى لم ترتوى منه الا قليلا
و كانت وفيه تضمها بقوه واهيه … و دموع عينيها تغرق وجهها … و هى تشتم بها برائحه الغائب
رغم انها فقدت سليم حفيدها و عاصم ابنها الا ان جحود عاصم و قسوه قلبه تجعلها تتمسك بشوقها لسيلم صاحب القلب الابيض و الذى عانا و ذاق فراق الاهل و الوحده
ظل المشهد ثابت لعده دقائق حتى قطعه فريد بأقترابه منهم و هو يقول ببعض المرح
– ايه يا جدتى خلاص لاقيتى نجمه هتنسينا كلنا
ابتعدت نجمه عن احضان جدتها و هى تمسح وجهها من اثار الدموع لتقول وفيه بصوت متهدج
– عمرى يا ابنى ما اقدر انساكم … كلكم حته من قلبى
لتقترب سميره من مكان وقوفهم و هى تقول
– سيبيلى مرات ابنى شويه بقا … الناس قربت توصل و المأذون كمان
نظرت نجمه الى فريد بقلق ليبتسم لها و هو يقول
– يلا يا بنت عمى علشان تجهزى و متقلقيش كل اللى اتفقنا عليه هيتم
شعرت بالاندهاش من حديثه عن اتفاقهم امام الجميع و كان هو يقصد ما افهم عائلته عليه ان يتم عقد القران بعد ان يسلمها كل حقوقها
ذهبت مع سميره و رباب الى غرفه فريد الموجود بها كل ما ستحتاجه
و بدأوا فى مساعدتها فى ان تكون اجمل عروس تليق بفريد الزيني
و فى المساء كان جميع اهل البلده تتجمع فى سرادك كبيره واحده للرجال و اخرى للنساء مشترك بينهم ممر واحد و تم لغرض فى نفس فريد لا احد يعرفه غيره
خرج الاثنان من باب البيت الكبير تحت نظرات كل اهل البلده و والده الذى كان ينظر اليهم بشر و غضب
لكن ليس بيده شىء يقوم به ….
اوصلها الى مكانها فى وسط سردك النساء و توجه الى مكانه ليبدء الاحتفال بين الاغانى الشعبيه و الزغاريد و كانت نجمه تشعر بالاندهاش من كل ما يحدث حولها و كل هذا الكم من السعاده و الدفىء … كانت تفكر لما حرمت من كل هذا الاهتمام و الحب طوال حياتها و ماذا كان ذنبها
سارت بجانبه و خلفهم والدته و اخته حتى وصلوا الى باب السردك لينظر اليها بابتسامه صغيره لتأخذها والدته و اخته و دلفوا الى السردك الخاص بالنساء و توجه هو الى سردك الرجال
و حين جلست نجمه على الكرسى المخصص لها همست رباب بجانب اذنها لتنظر الى الجهه الأخرى لتجد فريد يجلس على كرسى يشبه الخاص بها ينظر اليها بابتسامته المميزه عادت بنظرها الى النساء بعد ان تلونت وجنتيها خجلا
و بعد عده دقائق … صمتت الموسيقى التى كانت تملىء المكان و بدء صوت الشيخ الذى يستعد لعقد القران
و بعد ان قال كل ما لديه سألها قائلا.
– نجمه سليم تقبلى الجواز من فريد خالد
وضعت رباب بين يديها الميكرفون لتقول بخجل
– ايوه
ليبدء فى عقد القران بعد ان وضع فريد يده فى يد والده كوكيل للعروس … و هذا لغرض فى نفس فريد
يفهمه خالد جيدا و جعله يشعر من داخله بنار تحرق جسده من الداخل الى الخارج نار اذا غادرت جسده احرقت العالم بمن عليه
انتهى كل شىء و بعد ان وقعت على عقد الزواج اخذها فريد وصعد الى غرفتهم
فتح باب الغرفه على اتساعه و اشار لها بالدخول مرت من جانبه دون ان تنظر اليه و وقفت فى منتصف الغرفه تنظر حولها تكتشف الغرفه المكونه من سرير كبير و خزانه كبيره تحتل جدار كامل بنفس لون السرير … و اريكه مميزه زات شكل مميز غرفه واسعه بقدر لم اتخيل ان ترى غرفه نوم بهذا الاتساع و ايضا وجدت غرفه جانبيه لم تتبين محتوياتها و لكن بعد ذلك اكتشفت انها غرفه خاصه اعددها فريد كمصلى جعل قلبها يتعلق بها من اول نظره
اغلق فريد الباب برفق … و اقترب منها و هو يقول بصدق
– نورتى بيتك يا نجمه
نظرت اليه و عيونها تحمل الكثير من القلق و الخوف ليشير الى الاريكه و قال
– تعالى نتكلم شويه
استجابت له وجلست على الاريكه ليجلس بجانبها و قال بهدوء رغم ان قلبه ضرباته تعصف داخل صدره تجعله يريد ان يخرج من محبسه
– انا ملتزم بإتفاقي معاكى … بس ليا طلب عندك ممكن ؟
اومئت بنعم ليقول بابتسامه صغيره
– انا عايز نبان قدام الكل اننا اسعد زوجين .. و ارجوكى تثقى فيا .. و لو اى تصرف حصل منى و ضايقك تصبرى بس لحد ما نبقا بين حيطان اوضتنا و نتناقش فيه زى ما تحبى … ممكن ؟
ظلت نظراتها ثابته فى مواجهه نظراته التى تبعث بداخلها كل مره تنظر اليها بتلك النظره الحانيه التى تحاوطها بحمايه
– انا مش عارفه ليه كل ما بسمعك و اشوف نظره عيونك احس بالأمان و الثقه … احس أنى اعرفك من سنين .. لدرجه انى بتخيل ان بابا بيهمس فى ودنى و بيقولى .. خليكى جمب فريد … بس
– بس ايه ؟
سألها بأهتمام شديد خاصه مع شعوره بصدق كلماتها و حيرتها الكبيره الواضحه فى عمق عيونها خاصه مع امواج بحرها الذى يبحر به دون سفينه او بصله
اكملت كلماتها بخجل
– بس من جوايا خايفه … و جوايا احساس بالغربه
لم يشعر بنفسه و هو يقطع المسافه الامنه بينهم ليضمها الى صدره بقوه حانيه و هو يقول بصدق
– انتِ فى بيتك و وسط اهلك … طبيعى تحسى بكل ده علشان كل اللى حصل معاكى زمان … بس وعد منى لرد ليكي كل حاجه و احقق ليكى كل احلامك
اغمضت عيونها بأمان و هى تأخد نفس عميق ببعض الراحه رغم رجفه قلبها
بعد مرور عده دقائق ابتعدت عنه بخجل و دون ان تنظر اليه ليبتسم بحنان ثم وقف و هو يقول
– يلا قومى غيرى هدومك و تعالى علشان نصلى العشا و تنامى بكره عندك حاجات كتير تعمليها
اومئت بنعم .. و اخذت بعض ملابس و دلفت الى الحمام .. ليأخذ نفس عميق ببعض الراحه و تحرك ليبدل ملابسه سريعا و بدء فى تجهيز الاريكه لينام عليها
خرجت من الحمام لتجده يضع الوساده
كانت تنظر اليه باندهاش ليقول بابتسامه واسعه
– طلبت الكنبه دى مخصوص علشان تناسب طولى
لتضحك بخجل … ليقول هو بحب و هو يمد يده لها بالاسدال
– البسيه على ما اتوضى
اومئت بنعم و بعد عده ثوان كانت تقف خلفه يصلى بها و لاول مره تشعر بهذا الشعور الرائع … الانتماء
حين انتهوا من صلاتهم التفت اليها و قال بابتسامه واسعه
– يلا على السرير يا انسه … انت اكيد تعبانه و يومك كان صعب
اومئت بنعم و توجهت الى السرير مباشره و هو الى الاريكه و اغمض عينيه حتى يعطيهما كامل الحريه و المساحه ان تعتاد على المكان و عليه
ظلت هى تنظر اليه .. تتأمل ملامحه المسترخيه بجفنيه المغلقان باسترخاء و راحه وجهه و رغم وسامته الصارخه الرجوليه الا انه مريح جدا و مطمئن جدا
و بعد عده دقائق تثاقل جفنيها و غرقت فى النوم ليفتح هو عينيه يتأملها غير مصدق لوجودها معه فى بيته و داخل غرفته و فى سريره بالتحديد رغم ابتعاده اعنها الا ان مجرد الحلم بوجودها بذلك القرب منذ ايام درب من الجنون و بعد عده دقائق ذهب هو الاخر الى عالم الاحلام
فى صباح اليوم التالي كانت العائله بأكملها متواجده على طاوله الطعام ما عدا الجده و جميعهم فى انتظار العروسين
خرجت من الحمام لتجده يعيد ترتيب الاريكه و يعيد الوساده الى مكانها
نظر اليها بابتسامه لا تفارق وجهه كلما نظر اليها و قال
– صباح الخير … يارب تكونى نمتى كويس
– صباح الخير … الحمد لله
اجابته بخجل … ليقول هو ببشاشه
– طيب يلا غيرى هدومك علشان ننزل نفطر مع العيله .. و كمان محضر ليكى مفاجئه
تحركت من فورها
و بالاسفل كان الجميع ينتظرهم بسعاده الا ذلك الجالس على الكرسى ينظر اليها بشر
و عقله يدور و يدور لن يسمح لها بان تأخد شىء ملكه
انتهوا من وجبه الافطار بين مزاح رباب و خجل نجمه … و اظهار فريد لحبه لها
حتى وقف فريد ينظر الى نجمه بابتسامه واسعه و هو يقول
– يلا بينا ؟
وقفت امامه ليمسك يدها و قال و هو ينظر الى والده لكنه يوجه حديثه الى امه
– انا هاخد نجمه يا امى و افرجها على البلد و كمان اوريها الاملاك كلها
كانت سميره تعلم جيدا غرض ولدها و مقصده فقالت بابتسامه واسعه
– براحتكم يا حبيبى
ليغادروا بعد ان قبل فريد راسها و اشار لرباب بالسلام
و عند سيارته اشار لاثنان من الرجال ليتحركوا فورا الى داخل البيت
ليشعر خالد ان الفرصه الان بين يديه و عليه ان يستغلها
كانت تجلس داخل العربه الذى يسحبها حصان تستمع الى كلماته و شرحه لرسم الارض و كيف ان املاك العائله
تحيط البلده من جميع الجهات … و رغم انها كانت سعيده جدا بوجودها جواره … و بنظره اهل البلده لهم التى تحمل الكثير من الاحترام و التقدير نظره لم تراها يوما و احساس لم تشعر به من قبل الا ان هناك فى اعماق قلبها كان هناك الخوف يختبىء خوف من ان يكون كل ما هى به الان حلم .. مجرد حلم من وحى خيالها و امانيها
حركت راسها يمينًا و يسارًا فى محاوله لطرد كل تلك المخاوف من راسها و الاستمتاع بما هى فيه حتى ولو اتضح انه حلم
مرت ايام كثيره كانت نجمه تشعر بالارتباط بكل العائله خاصه رباب التى اصبحت صديقتها المقربه دائما يتحدثون و يلهون سويا
ايضا سميره التى عوضتها عن حنان والدتها التى افتقدته منذ سنوات … ايضا الحجه وفيه التى كانت تخصص لها نجمه ساعتان كل ليله تجلس معها فى غرفتها تضع راسها على قدميها و تظل الحجه وفيه تداعب خصلات شعرها و هى تقص عليها قصص قديمه عن طفوله والدها … او ترقيها من عين الحاسدين و الحاقدين
حتى انها الان تستطيع ان تجزم انها قد وقعت فى حب قلب فريد الكبير … و حنانه و اهتمامه و صدق كلماته و وجوده الدائم حولها … يحيطها بحمايه … يحتويها و يربت على روحها المسيره
و لكن اكثر ما يضايقها انها لا تعلم سبب تمسك فريد برؤيتها لوالده يوميا .
بعد مرور اربعه اشهر كان الحال كما هو يأخذها معه كل يوم الى الاراضى و المصنع و المشاغل
لكن اليوم كانت تشعر ان قلبها يؤلمها بلا سبب .. و الخوف يزداد و ينهش قلبها بلا رحمه خاصه و الصمت هو صديق فريد منذ استيقظ … يبدوا عليه التفكير او الضيق
و ككل يوم تخرج معه و لكن هذه المره ذهب مباشره الى المصنع و مباشره الى الارض الواسعه خلف المصنع
و بين يديه بعض الاوراق و ظل الصمت سيد الموقف لعده دقائق حتى مد يده بهم لها و قال
– ده ورثك
نظرت الى الاوراق و قالت بحيره
– ورث ايه يا فريد انا مليش ورث بابا مات قبل جدى عاصم و قبل جدى نجيب يبقا ورث ايه بقا اللى ليا
اخذ نفس عميق ثم قال موضحا
– جدى نجيب كان كاتب وصيه و هتلاقى صوره منها فى الورق … انك تاخدى حق ابوكى كامل و بدون نقصان و بأرباحه كمان … و ده يعنى كنوع من التعويض عن كل اللى حصل زمان
كانت عيونها ثابته على عينيه التى تنظر اليها بحب واضح الى عيونها الان الا ان هناك شىء اخر بهم لم تفهمه و لكنه جعل اوصالها ترتعش رعبًا ….و بعد عده لحظات اخفضت عيونها بخجل … و مدت يدها اخذت الاوراق من يديه و فتحتها ببعض التوتر لتجد الورقه الاولى فيها تفنيد لكل املاك العائله و بجانب نصفهم تقريبا كتب اسمها لتنظر الى فريد باندهاش و قالت
– ايه كل ده … ازاى نص الأملاك بأسمى .. و انت و رباب و تيته و طنط سميره
ابتسم ابتسامه صغيره و نظر الى الفراغ و قال
– تيته متنازله عن نصيبها ليكى … و بابا ليه نص الاملاك بس و انا ، امى و اختى هنورث منه النص ده
– ايوه يا فريد بس كده مش صح انتوا المفروض تورثوا معايا فى ورث بابا و
اشار لها بالصمت و اقترب منها خطوتان و قال بصدق
– كلنا راضين … و محدش فينا هيقبل ياخد منك اى حاجه ،.. الا اذا قررتى تبيعى حاجه فأنا هشتريهم منك علشان املاك العيله متخرجش بره العيله
كان عدم التصديق واضح على ملامحها … ليقطع المسافه الفاصله بينهم و امسك يديها و قال بصوته الرخيم رغم ذلك التوتر الواضح عليه
– انا بحبك يا نجمه … بحبك من كل قلبى … كل ذره فى كيانى بتهمس بأسمك … كل شراينى انت بتجرى فيها مع دمى .:: انا بحبك يا بنت عمى بحبك و اتمنى انك تقبلى تتجوزينى
كانت ابتسامتها تتسع مع كل كلمه يقولها و بداخلها تهمس
– اخيرا قولتها يا فريد اخيرا
ولكن دائما القدر يخبىء لنا مالا نحب …. وقبل ان تجيبه كان صوت دوى طلقات ناريه تكسر صمت خجلها واهتز جسده لثلاث مرات متتاليه قبل ان يتهاوى جسده أرضًا اسفل قدميها لتصرخ بصوت عالى و جثت بجانبه تضع راسه على قدميها تربت على وجنته برفق و بيدها الاخرى تخرج هاتفها و بيد مرتعشه اتصلت باكثر الاشخاص ثقه لها و لفريد و حين وصلها صوت صادق صرخت قائله
– الحقنى فريد بيموت فريد بيموت
وسقط الهاتف من يدها و هى تضم راس فريد الى صدرها بعد ان اغمض عينيه لتصرخ صرخه مدويه جعلت الطيور تغادر اغصان الشجر خوفًا و فزعًا
بعد مرور عام كانت تقف فى وسط الورشه التى اصبحت مصنع ملابس كبير تشرف على اكبر طلبيه ملابس سوف ترسل الى احدى الدول الاوربيه
كانت احدى الفتايات تريها بعض الملابس و لكنها رفعت عيونها تنظر الى باب الورشه حين شعرت بعيونه تحاوطها بحنانها المعهود
كانت النظرات تحكى الكثير و كل منهم يتذكر ما حدث منذ عام
ظلت تضم راسه الى صدرها و هى تهمس له الا يتركها .. ان يفتح عينيه ينظر اليها بحنانه التى اعتادت عليه … ان يقف على قدميه حتى يحميها … ان ينظر اليها حتى تخبره انها تحبه و تريد ان تظل بجانبه … ان يظل يعاملها كطفلته المدلله … ان لا يتركها ابدا
و بعد عده دقائق كان صوت سياره الاسعاف و رجالها يتحدثو جوارها لكنها لا تسمعهم و لا تفهمهم هى فقط وضعت تركيزها كله على يد فريد التى تمسك باصبعها بقوه … حين وضع على الحامل حاول احد رجال الاسعاف ابعادها لكنها تمسكت بذراع فريد و صرخت بهم انها ستظل جواره
و فى السياره كانت تجلس ارضا بجوار سريره تمد يدها بأقصى ما تستطيع حتى يستطيعوا الاهتمام به دون ان تكون هى عائق لهم
و حين وصلوا اللى المستشفى .. تركت يده غصب عنها حين دلفوا به الى غرفه العمليات بعد ان سمعتهم يقولون انه قد فقد الكثير من الدماء جلست ارضا تبكى الان عاد اليها نفس الشعور التى كانت تشعر به و هى داخل الملجىء الخوف و الوحده و الضياع
لا تعلم كم من الوقت قد مر عليها حتى وجدت والدته و اخته و بعض رجاله و اصبحت المستشفى و كانها خليه نحل لا تهدىء
و لكن ما حفر داخل قلبها هو موقف سميره حين اقتربت منها و اوقفتها على قدميها و ضمتها بقوه و هى تقول
– متقلقيش فريد قوى… و طيب و اكيد ربنا هيرجعه لينا بالف سلامه … عايزاكى تبقى قويه … لازم مراته تكون قويه زيه فاهمه يا نجمه … فاهمه
اومئت نجمه بنعم و جلست بجوارها على احدى الكراسى و كانت رباب تجلس بالجهه الاخرى لتحاوطهم سميره بحنان وقوه و لسانها لم يتوقف عن الدعاء لحظه واحده
بعد مرور ساعه كان صادق يقترب منهم بخطوات سريعه و القلق و الخوف واضحين على ملامحه ليضم نجمه بحنان ابوى و قال موجها حديثه لسميره
– ان شاء الله هيكون بخير
لتومىء له بنعم دون رد و لسانها يدعوا الله بكل ما تعرفه من دعاء
بعد مرور ساعه خرجت الممرضه تقول سريعا
– محتاجين حد ينقله دم
اقتربت منها نجمه وقالت
– فصيلته ايه ؟
– مش مهم الفصيله احنى اخدنا له دم من بنك الدم بس لازم نحط مكان الاكياس اللى اخذناها و محتاجين خمس اكياس دم
اجابتها الممرضه موضحه لتقول لها سريعا
– انا هتبرع
و اقتربت رباب و قالت هى الاخرى
– و انا كمان
كذلك صادق و رجلين من رجال فريد و بالفعل دلفوا جميعا مع الممرضه لتعود سميره تجلس على الكرسى و هى ترفع يدها تضرعًا الى الله تدعوه بقلب ام ان يحفظ ولدها بحفظه و يعيده اليها بخير
انتهى الجميع من التبرع و عادوا اليها لتحاوط ابنتيها بحنان و نظرت الى الرجال بشكر
و بعد مرور ساعه اخرى خرج الطبيب الذى يبدوا على وجهه الارهاق الشديد ليقفوا جميعا امامه ينظرون اليه برجاء ليقول بهدوء
– احنى الحمد لله قدرنا نخرج الرصاص من ظهره بس نتيجه دخول وخروج الرصاص و تأثيره على الجسم ده هنقدر نعرفه لما يفوق ان شاء الله
قاطع حديثه سؤال صادق
– هو كان فى كام رصاصه ؟
– ثلاثه
اجابه الطبيب سريعا لتعلوا الشهقات بصدمه ليكمل الطبيب قائلا
– هو هيفضل نايم ال ٤٨ ساعه الجايين … يعنى وجودكم حاليا ملهوش لزمه
و غادر سريعا بعد ان قال
– متقلقوش احنى هنهتم بأستاذ فريد و هنعمل كل اللى نقدر عليه
ظل الجميع على وقفته حتى قال صادق
– تعالوا اوصلكم البيت و انا هرجع استنى هنا معاه و لو فى جديد هتصل بيكم
و لكن نجمه تراجعت الى الخلف و جلست على الكرسى و هى تقول
– انا مش همشى من هنا و اسيبه … مش همشى
لتقول سميره موجهه حديثها الى صادق
– انا و نجمه هنفضل هنا و رباب هتروح علشان جدتها و ابوها لوحدهم و حضرتك هتروح اقسم الشرطه علشان نعرف مين اللى عمل كده فى ابنى
اومىء لها بنعم و تحرك من فوره لينفذ ما قالته
و غادرت رباب مع احد رجال فريد لتعود الى البيت
مر اليومان بين قلق و خوف و نظرات عليه من خلف ذلك الزجاج البارد … الدموع تغرق وجوههم و هم يرونه بين تلك الاسلاك و الأجهزة نائم بلا حول و لا قوه
و بعد مرور ذلك الوقت الذى حدده الطبيب دلف الطبيب الى غرفه فريد بعد ان اخبرته الممرضه باستيقاظه كان الجميع بالخارج يشعر بالخوف و القلق
حتى خرج الطبيب و على وجهه ابتسامه كبيره و هو يقول
– فين نجمه … الباشمهندس عايزها
اقتربت نجمه سريعا من باب الغرفه و نظرت الى سميره لتومىء لها بنعم لتفتح الباب و دخلت سريعا ليقول الطبيب موضحا
– الحمد لله اقدر اقولكم ان الباشمهندس بالف خير
ليتنفس الجميع الصعداء و جلست سميره على الكرسى من جديد و هى تبكى رغم تلك الابتسامه الواسعه على وجهها
و بالداخل ظلت نجمه واقفه عند الباب تنظر اليه و دموع عينيها تغرق وجهها ليقول هو بصوت ضعيف
– اول مره اشوف ولاده النجوم
ليظهر الاندهاش فى عينيها ليقول هو بإيضاح
– لما نجمتي تعيط ده معناه ولاده نجوم جديده
اقتربت سريعا منه و جثت بجانب سريره و هى تمسك يديه و قالت بقلق
– انت كويس ؟
اومىء بنعم لتقول هى بصدق
– انا كنت هموت من الخوف عليك
– بعيد الشر عنك يا قلب فريد
لتتلون وجنتيها بخجل ليقول من جديد
– و انا بين ايد ربنا و بين الحياه و الموت سمعت صوتك و انتِ بتقولى ليا قوم علشان انا بحبك
صمت لثوانى ثم اكمل قائلا باستفهام
– بجد يا نجمه … انتِ بتحبينى بجد
اومئت بنعم بخجل شديد دون ان تنظر اليه ليقول هو برجاء
– بصيلى يا نجمه … متخبيش عيونك عنى و قوليها نفسى اسمعها منك و لا انا مستحقش اسمعها منك
رفعت عيونها تنظر اليه و قبل ان تقولها بلسانها عيونها قالتها و لمست قلبه و عقله
عادت من افكارها على همسه لها بجانب اذنها
– بحبك
لتنظر اليه و قالتها بدون صوت و هى تحاوط بطنها البارز فى طفلهم الاول بحب و حمايه
خاصه مع تذكرها لنتيجه تحريات الشرطه و معرفه ان والده طلب من احد الرجال الذى عينهم فريد لرعايته ان يحضر له شخص من المجرمين الذى سبق و تعامل معهم حتى يقتلوا نجمه لكن القدر اراد ان يقف فريد امامها و تأتى الطلقات فى جسده هو
و من وقتها و والده فى المستشفى الخاص بالسجن خاصه بعد صدمته فى احتماليه خساره ابنه الوحيد
كانوا فى طريقهم الى البيت حين اوقفهم شاب زو ملامح رجوليه واضحه يعرفه فريد جيدا فهو المهندس الزراعى المسؤل عن الارض الزراعيه
– خير يا باشمهندس فى حاجه و لا ايه ؟
ليقول سامح بابتسامه خجوله
– بصراحه يا باشمهندس فريد انا كنت عايز اخد من حضرتك معاد … علشان يعنى انا عايز يعنى اخطب اخت حضرتك
ظهرت الدهشه على وجه فريد اما نجمه فصفقت بسعاده لينظر اليها فريد بلوم رغم تلك الابتسامه الواسعه على شفاهه لتقف صامته تكتم ضحكاتها ليعود و ينظر الى سامح و قال
– هستناك النهارده الساعه ٨
شكره سامح بشده ليغادر هو و نجمه التى تحاوط ذراعيه بقوه و هى تقول
– الله عندنا عروسه
ليضحك بصوت عالى و هو يقول
– من وقت رجوعك و السعاده و الفرح عرف عنوان بيت الزيني
لتقول هى بحب
– و من يوم ما عرفتك و عرفت السعاده و الفرح و الحب عنوان قلبى
ليحاوطها بحنان و قال بإقرار
– لو ولد هسميه سليم
لتنظر اليه بسعاده ليكمل قائلا
– و لو بنت هسميها نجمه
لتصرخ بكلمه لا و هى تقول
– لالالا كفايه … اختار اسم تانى
ليضحك بصوت عالى و قال
– خلاص اختارى انتِ لو بنت نسميها ايه ؟
لتضع اصبعها فى فمها و هى تزوم بتفكير ثم قالت بسعاده و كانها حلت معضله كبيره
– هسميها فريده … علشان تبقا فريده فريد على اسم ابوها و تطلع حنينه و قويه و قلبها كبير زيه
ليبتسم بحب كبير و هو يضمها بحنان و قبل اعلى راسه و هو يقول
– ربنا يباركلى فيكى يا حبيبتى
– و يباركلى فيك يا حبيبى
تمت
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية نجمه ليلى)