روايات

رواية ميراث الندم الفصل السابع 7 بقلم أمل نصر

رواية ميراث الندم الفصل السابع 7 بقلم أمل نصر

رواية ميراث الندم الجزء السابع

رواية ميراث الندم البارت السابع

ميراث الندم
ميراث الندم

رواية ميراث الندم الحلقة السابعة

كانت تطالعها بذهول، وعقلها لا يستوعب، احقُ ما سمعته؟ أم هو سوء فهم تسرب ألى عقلها المشوش من الأساس، فهذه الأشياء خارج حدود المنطق الذي نشأت عليه، وما تعرفه عن طيبة وحكمة من تحدثها، لترى الان تبدل ملامحها لأخرى حازمة في قولها:

– اسمعي يا نادية، انا عارفة ان الموضوع كبير، وعجلك مش مستوعب، دا غير كمان حبك للمرحوم اللي كلنا نشهد عليه، بس يا بتي، في ضرروات تجبرني اتكلم معاكي دلوك، عشان انبهك للي جاي .

– ايه هو اللي جاي؟
تمتمت بها لتلوح بكفيها أمامها، تردف بصوت متألم:
– انتي جاية تكلميني على موضوع جواز، وحبيبي يدوب مكمل اربعين يوم امبارح بس من وجت رحيله! كيف نطج بيها لسانك؟

زفرت هويدا هواءًا ساخنًا لتشيح بوجهها عنها قليلًا، مهمتها صعبة وتحتاج الصبر، فعادت لها بعد وقت قصير قائلة:
– لساني نطج مجبور يا نادية، عمك فايز واجف ع الباب، في أي وجت ممكن يضرب رجليه ويدخل بمرته الحرباية وعياله ، بعد ما خلاص، بجى ليه ورث دلوك من المرحوم بحكم انه ابوه، دا غير انه بجى وصي على ولدك، ولا دي محدش جالك لسة عليها؟

ظلت تطالعها بعدم فهم، بملامح تجمدت على ذهولها، لتزيد عليها هويدا بقولها:
– لازم حد يوجف لفايز، وانا لما بكلمك، مش غرضي طبعًا انك تغضبي ربنا ولا تتجوزي جبل ما تخلص عدتك، انا بديكي فكرة من دلوك عشان تختاري وتميزي كلامي زين، مش عايزين نستنى حاطين يدنا على خدودنا، لازم نحضروا نفسينا.

صرخت بها باستجداء بعد أن وجدت صوتها:
– بس دول خواته، سند وعيسى يبجوا خواتي، من ساعة ما دخلت برجلي البيت ده، وانتوا فهمتوني كدة، في حد يتجوز مرة اخوه؟

لاحت ابتسامة ساخرة على وجه هوايدا خالية من أي مرح في الرد عليها:
– وهو انتي اول واحدة تعمليها يا حبيتي؟ ولا تحبي اجولك على عدد الشباب اللي اتجوز حريم خواتهم لجل ما يربوا عيال اخوهم بعد ما ماتوا، ولا اجيبلك اسامي البنتة الصغيرين اللي جبلوا يحلو محل اختهم الميتة مع جوزها، لأجل ما يحموا عيال اختهم ، من مرات اب غريبة تحط عليهم، وانتي محتاجة اللي يحميكي انتي وولدك، ويحمي حجك.

رفض قاطع تحول لاشمئزاز أعتلى تعابيرها، متمتمة بعدم تقبل:
– سمعت وعارفة منهم اسامي كمان، مش هلوم عليهم، عشان أكيد الظروف اجبرتهم يجدموا التضحية دي، بس مش كل الناس تجدر تعملها، لا يمكن هجبل حد يشارك سريري غير جوزي، لا يمكن هتتغير نظرتي لسند ولا عيسي، واشوفهم حاجة غير خواتي، يعني مفيش واحدة تتجوز اخوها، مهما كان اللي بتجولي عليه يستدعي، ثم تعالي هنا، انتوا ازاي ناسين امي سليمة؟، تفتكروا هي هترضى بالكلام ده؟

– ملكيش دعوة بيها، ثم احنا كمان بنعمل لمصلحة واد ولدها، وحفظ حج المرحوم، هتعوز ايه أكتر من كدة؟

صعقت نادية بهذه القسوة التي تخللت نبرتها، والتحدث عن المرأة المكلومة في فقيدها، بهذه التهاون، لتهدر بعنف ردًا عليها:
– انتي ازاي تتكلمي عنها كدة؟ هو انتي فاكراها جماد؟ دي واحدة ملحجتش تفوج من ضربة ولدها، تستحمل ازاي ضربة تاني؟ انا لا يمكن هجبل بأي حاجة تجرحها.

وكأنها لم تسمع شيء، تحركت شفتي هويدا لترمي بوجهها القنبلة القادرة على كسر ارادتها مهما كانت قوتها:
– حتى لو كان حياة ولدك؟
– ماله ولدي؟
صرخت بها نادية لترفع صغيرها عن الأرض وتحتضنه بحمائية وفزع زادت عليها هوايد بقولها:

– ولدك هو الوريث الوحيد يا نادية لابوه، يعني من مصلحة فايز وشربات انهم يخلصوا منه عشان يورثوه هما كمان.

شهقة بفزع خرجت منها لتشدد من أحتضانه ودموع غزيرة بدأت تسيل دون توقف، تردف بعدم تصديق، رغم انشطار قلبها من الخوف، وبحة صوتها أكبر دليل عما تشعر به:
– لاه، أكيد الكلام ده كدب، يعني انا لحجت اخف من مصيبتي في موت جوزي، عشان ياجي الدور على ولدي كمان……..

أشفقت هويدا تبصرها بحزن لتنهض من جوارها عن التخت قائلة:
– ربنا ما يجيب اذى يا بتي، ولا يحرج جلبك على ضناكي ابدًا، أنا بس حبيت احط الحجيحة العفشة جدام عينكي، عشان تفكري وتوزني بعجلك، عدتك لسة باجي عليها أكتر من شهرين ونص، خدي وجتك في التفكير، بس نصيحة مني حاولي تعجلي عشان نعمل حسابنا ونوضب للي جاي، محدش عارف الأيام مخبيالنا ايه؟

لفظت كلماتها، وخرجت تتركها في موجة حارقة من البكاء، لا تستوعب هذا الكابوس الذي وجدت نفسها به، أن تهدد بطفلها، هذا أكبر من قدرة تحملها، تتمنى الموت على أن يحدث، كما ترفض وبكل قوة اختيار أحد هذه الحلول المجحفة.
في يوم وليلة يتحول من كانت تظنه شقيقًا لها، لزوج؟ كيف؟
وهي التي اغلفت على قلبها، ولن تقبل بمشاركة حبيبها الراحل به، حتى لو كان زواجًا عاديًا

❈-❈-❈

ليلة عصيبة تلك التي كانت تمر بها، تحتضن صغيرها بقوة وعقلها يسبح في هواجس ومخاوف تكاد ان تودي بعقلها، كلمات هويدا تنعاد برأسها، موضوع الزواج، ثم التلويح عن أمان طفلها، متى هذا الكابوس ان ينتهي؟ وكيف تجد الحل في النجاة بنفسها وبطفلها؟ لماذا رحل ليتركها هي وصغيرها، وسط هذه النيران المشتعلة حولهما، ليته ما جاء هذا الميراث اللعين؟ ليتها تجد طريقًا للهروب من كل شيء

❈-❈-❈

وفي الجهة الأخرى
كان هو على اَريكته بشرفة الغرفة، يساوره قلق متعاظم، لا يعرف سببه، مع أن قلبه يحدثه باسمها، أو ربما التفكير الكثيف بها هو من أدخل بعقله هذا الظن .
لا ينكر انها احتلت كيانه منذ أن رأى عودتها ، لقد كانت في الأمس نجمة أحلامه، اما الاَن فقد الاَن فقد اكتسحت كل تفكيره، وأي شيء من مهمام او مشاكل أو حتى امور أسرية، يأتي خلفها.

اخرج تنهيدة مثقلة، ومعضلتها تؤرق نومه وتمنع عنه راحة البال، كيف السبيل لتصبح تحت جناحه ورعايته؟ كيف له أن يحميها من كل العيون المتربصة، والنفوس الجائعة للفوز بها؟ لن يهدأ حتى يجد الحل، لكن الى ان يأتي ذلك، كيف له أن يأمن عليها، وقد قرأ العيون التي تحاوطها، هو رجل ويعلم فيما يفكر الرجل حينما ينظر لامرأة.

– صاحي عندك من امتى يا غازي؟
هتفت بالسؤال زوجته وهي تنهض عن تختها وترتدي خف قدميها في الاسفل، بنصف التفافة برأسه رد يجيبها باقتضاب:
– مش جايني نوم، نامي انتي.
تثابئت بصوت عالي، لتردف بعدها وقدميها تتحرك للجهة الأخرى:
– انا جايمة اخش الحمام أصلًا، ع العموم لو عوزت حاجة تبجى تناديني.

ختمت بتثاؤب اخر لتختفي ذاهبة نحو وجهتها، ليمدم هو في أثرها بانشداه:
– يا ريتني اخد ربع تناحتك….. ع الأجل كنت هجدر انام دلوك

❈-❈-❈

في اليوم التالي

وقد تأخرت عن عادتها في النزول مبكرًا كعادتها، قاصدة عدم الاحتكاك بأحدهم، حتى حينما قابلت سليمة، لم يقوى لسانها على التفوه ببنت شفاه امامها، وحتى لا تشعرها بشيء قامت بالأعمال الروتينية في تنظيف المنزل واعداد وجبة الإفطار التي اسرت على تناولها معها دون التوجه للأسفل وتناولها مع الجميع، ظلت مع طفلها وأفكارها المشتتة الا استدركت نقص الحليب من وجبته، وهو شيء اساسي لا تستطيع حرامانه منه، ف اضطرت مجبرة كي تأتي به من الأسفل

زحف بقلبها شيء من الراحة حينما وجدت جدتها سكينة وحدها، والكنبة الأخرى خالية من بناتها هويدا ونعيمة، ولا حتى أحفادها، ليخرج صوتها اخيرًا بالتحية:

– صباح الخير يا جدة .
التفت لها سكينة بابتسامة عزبة، تزيح المسبحة التي كانت تردد عليها وردها، للخلف، حتى مرفقها، كي تفتح ذراعيها لمعتز بغبطة تغمرها:

– صباح النور ع البنور، ليه أخرتي بنزولك بيه، هاتي يا بت، خليني اشيل حبة جلبي من جوا، هاتي.
اقتربت منها بإشراق تعطيه لها:
– جولها معلش يا جدة، المهم ان جينا اها.
اندمجت سكينة في تقبيل الصغير ومداعبته، وقلبها ينتعش داخلها، وكأن برؤياه ترى الغالي.

– هل هي على علم بما يجري؟ وان كانت تعلم، هل توافق على عرض ابنتها وكأن به الخلاص؟
تلك الأسئلة كانت تدور بعقلها وهي تتمعن النظر بالمراة العجوز، حتى ارتفعت رأسها إليها بلمحة من أسى غلف نظرتها، تختلط بشيء غامض، مع تحرك اهدابها المتكرر، وكأنها تضعف بمواجهتها.

هنا أيقنت نادية ان المرأة على علم، ولكنها تجاري ما يحدث، او لا تستطيع الرفض، زاد الحزن لتسألها بلهجة تقارب اللوم:
– امي سليمة والبجية راحوا فين ؟

اومأت لها بنبرة المغلوب على أمره، تزيد من تهرب عينيها:
– كلهم برا، جاعدين تحت شجرة المانجة، بيحكوا ويتسايروا.
ابتعلت نادية غصتها، فقد تأكد الاَن تخمينها، لتجبر قدميها على التحرك مدمدمة لها:

– طب انا رايحة اخدلي كوبايتبن لبن لمعتز من التلاجة، اصل اللبن ناجص فوج.

– وماله يا بتي؟ خدي اللي انتي عايزاه.
غمعمت بها سكينة من خلفها، وهي اكملت طريقها دون أن تهتم برد اخر، لتدلف ألى المطبخ الكبير، وتضرب بيدها على الرخام المثقل، لتظل مستندة عليه بذراعيها لمدة من الوقت لا تعلمها، وعقلها يغوص في شرود اصبح يرهققها، منذ متى كانت المشاعر تافهه لهذه الدرجة؟ كيف تقتل المصالح روابط المحبة وتنزع عن القلوب المودة؟ اين تجد الصواب؟ في فكرتهم التي تمقتها؟ ام بعاطفة قلبها المجروح؟ والذي لا يقبل تنازل، مهما كان الوضع، لكن ابنها…….

قطعت وصلة التفكير يائسة لتلتف نحو البراد تخرج القدر الكبير، الممتلئ بحليب الصباح، والذي يأتي لهم يوميًا باتفاق مسبق مع صاحبة الماشية مقابل مبلغ من المال تأخذه شهريًا، وذلك منذ سنوات عديدة، باختلاف جذري عن باقي الأسر حولهم.

فعله الرجل كبير جد حجازي من بعد زواجها به، مع تدهور صحة زوجته، وتقدمها في العمر، ليببيع كل الماشية في الحظيرة، حتى لا يرهق العروس الصغيرة بهذا العمل الشاق.

لقد عاشت طفولة منعمة في كنف والديها مميزة عن بقية اخوتها، ثم زوج رائع ، وحياة رغدة رغم توسط الحالة المادية، لكن يبدوا ان كل ذلك سينقلب على رأسها قريبًا.

وضعت القدر كي تغلي اللبن بداخله اولًا، قبل أن تأخذ كميه مناسبة منه، ثم تصعد به لشقتها، بعد ان أشعلت نار الموقد الغازي توقفت تراقب كالعادة. حتى اجفلت على الصوت اللذي أتى من خلفها.

– صباح الخير يا نادية.
التفت تتمتم رد التحية، ولكن الكلمات وقفت بحلقها، وقد تفاجأت بوقفته على مدخل المطبخ، يسده بجسده الضخم، ليتابع بنبرة تبدوا عادية لكنها غير مريحة:
– عاملة ايه النهاردة؟.

ابتعلت بصعوبة ريقها الذي جف متأثرًا بتوتر اصبح يجمد أطرافها:
– انا زينة والحمد لله. تشكر ع السؤال .
قالتها وعادت لمتابعة القدر مرة أخرى، لتزداد الضربات المدوية لقلبها، مع شعور بسهم النظرات تخترق سلسلة ظهرها، والتي تشجنت بقسوة، لتلتف رأسها بحدة نحوه بتساؤل جعله يشعر بالحرج، ليخرج عن صمته قائلًا:

– معلش لو ازعجتك بوجفتي، بس انا بصراحة عايز اتكلم……
ظلت تتابعه بتوجس، تنتظر المزيد من التوضيح منه، فأردف يصدمها بقوله:
– انا عارف ان امي كان كلامها تجيل عليكي امبارح، بس دا الواقع يا نادية، واحنا مجبرين على التصرف وبسرعة، وبصراحة مفيش حل تاني..

انزوى ما بين حاجبيها وتعقمت نظرتها الغاضبة له، تستغرب بشدة جرأته في أن يفاتحها بنفسه، بعد يوم واحد من والدته، اجفلت فجأة على صوت فوران الحليب الذي اصبح يتسرب لخارج القدر بسرعة عالية، استفاقت لتطفئ نيران الموقد، ولكن وقبل أن تمتد يدها، وجدته يسبقها بالغلق، ثم استقام بجسده الفارع، وقد تقلصت المسافة بينهما، في المساحة الصغيرة، وبدت معالم وجهه بالكامل أمامها بهذه القرب، قائلًا لها:
– ولا يهمك ان راح كله حتى، اهو خد الشر وراح.

لم تكلف نفسها بالرد عليه ، وقد بدا امامها شخص آخر لا تعلمه، يتابع حديثه، مدعيًا أن الأمر عادي:
– احنا كنا بنتكلم عن اللي جالته امي، مش عايزك تجلجلي خالص يا نادية، ولدك هيبجى في عيني من جوا، واحنا بنعمل كدة في الأصل ليه؟ ما كله عشان مصلحته، وعشان نحميه من شر جده، دا راجل سكري، ولا عمر صعب عليه غالي

لم تكن دماءًا تلك التي تجري في أوردتها بهذه اللحظة، لا بل هي كانت حممم تغلي، حتى جعلت جسدها يهتز من فرط انفاعله، ولسانها مقيد عن الرد بما يليق به، جاهدت بقوة، حتى احتفظت ببأسها، وتحركت متمتمة كي تذهب تاركة له المطبخ:
– تشكر يا سند، بس انا دلوك مخي مجفل عن أي موضوع، لا جواز ولا غيره.

غادرت، ولم تسأل عن الحليب في القدر، أو حتى تجفيف سطح الموقد مما سقط عليه، وزادت من سرعتها داخل المنزل الذي أكتشفت لأول مرة أنه كبير جدا وضخم.

وصلت الى الجدة، لتجدها عادت للتسببح بدون معتز الذي تركته على حجرها منذ قليل، التفت رأسها في المحيط حولها لتبحث بعيناها سريعًا عنه، وحينما يأست خرج سؤالها نحو المرأة:

– الواد فين يا جدة؟
انتبهت سكينه ترفع ذراعها ملوحة نحو الخارج تجيبها:
– برا مع ستو وعماته يا بتي.

سمعت منها لتنتفض متوجهه للخارج على الفور، بغرض ان تأتي به، وتصعد به سريعًا، وكانت المفاجأة حينما وجدته محمولا على ذراعي الاَخر، عيسى، يداعبه ويدغدغه بأنفه على أجزاء من جسده،وحركات شهيرة كان يفعلها والده، تسعد طفلها فتجعلها يطلق الضحكات الصاخبة، زاد الحنق داخلها، شاعرة بحبل يلتف حول رقبتها، لتأخذ قرارها سريعًا، وتعدوا نحوه مرددة بحدة كي يتركه:

– كفاية يا عيسى، كتر الزغزغة بتتعب معدته.
توقف الاَخير، وأعين الثلاث سيدات انصبت نحوها، بفضول، فتابعت تعطي عذرًا آخر:
– دا غير كمان ان الضحك الكتير بيخليه يتنكد، صباح الخير الأول .

رددن لها التحية، فتحركت قدميها نحو المذكور الذي توقف ينتظرها بالطفل، فقالت سليمة بوداعة لا تحيد عنها:
– سبيه يا بتي يشم شوية هوا معانا، احسن من حبسته في الشجة معاكي.

رفضت متعللة بتعب صدره، ويدها تمتد لتتناوله من الاَخر:
– كفاية عليه كدة لا يعيا، انتوا عارفين ، ما بيتحملش الهوا، وصدره ضعيف.
تعلقت كفيها في انتظار ان يرتمي صغيرها كالعادة نحوها، لكن الاخر فضل أن يعيطه لها بنفسه، قائلًا بمخاطبة للطفل ولها:

‘ معلش يا عم معتز، عشان صحتك بس، بكرة نكمل لعب براحتنا.
في الأخيرة كانت تستل الطفل من يده التي لامست يدها عن قصد، لتشعر بها وكأنها شرارة من نار مرت على جلدها، نقلت بعيناها نحوه، لكن وجدته يلتف محدثًا والدته وكأنه لم ينتبه، أهو بالفعل كذلك، وهي التي تتوهم؟ ام انها كانت في غفلة ولم تستفق منها الا اليوم.

هذا هو الجحيم بعينه ان تشعر بالعيون تترصدك، وتحاوطك الظنون عن صدق مشاعر الاخرين نحوك، او التأكد من شكوك بدأت تزداد تدريجيًا، نتيجة لرؤية واضحة لكل الأشخاص من حولك،

استمر الوضع معها في هذا العذاب يوم يليه يوم،، لا هي بقادرة على ايجاد حل ما، ولا تتجرأ للبوح بهذا الأمر أمام والدتها، حتى لا تبوح هي الأخرى بذلك امام شقيقها الأكبر، وهذا لا تضمن رد فعله، خصوصًا، وهو ملتصق طوال الوقت بهذا المدعو ناجي.

تتمنى عودة الأمور لنصابها، لقد رضيت بنصيبها تصبر نفسها على افتقاد الراحل بطفلها، لما لا يتركها البشر تعيش في أمان؟

كانت مقاومة واهية حتى اتى هذا اليوم
حينما جاء فايز يطالب بحقه في العودة الى المنزل مع اسرته، لتنشب مشاجرة حادة بينه وبين شقيقاته الفتيات وابناءهن، برفض قاطع لرغبته، مما اضطره للتهديد باللجوء الى القضاء، قاصدًا طردهم، فهو الوصي الان على حفيده، كما أنه ورث جزءًا من المنزل بوفاة الفقيد مالك المنزل ابنه!

ثار وعلت الأصوات حتى اضطر للخروج من المندرة، لتصطدم عيناه بها، وقد وقفت تحتل اخر درجات السلم الاخير، متسمرة بذهول قطعه هو بهذه النظرة المريبة، وقوله لها:
– بت الدهشااان.
قالها ليبعث بضحكة قميئة، وعيناه التفت نحو شقيقاته وابنائهم، ليردف متابعًا لهما بغيظ، وكأنه لم يتأثر بالشجار ولا السباب الذي تم منذ قليل، بالإضافة إلى علامات السكر التي تعتلي ملامحه بوضوح:

– مرة ولدي وام الغالي، واخدة بالك يا حجة سكينة، البيت اللي حرمتوني منيه، بالسلطة العالية هاخده منيكم، واطرد الكلاب اللي شجعوكم على عملتكم.

قال الاَخيرة بالإشارة نحو شقيقاته وابناءهن، قبل ان ينصرف بتبختر، بعد ان اثار الرعب بقلب المسكينة، وتركها لمرمي السهام، وقد صوبت انظار الجميع نحوها، وكأنها في موضع اتهام، وكانت البداية من هويدا:

– خدتي بالك يا نادية؟ اهو دا اللي كنا خايفين وحذرتك منه، السكري جاي يبجح فينا ويجولها بجلب جوي، لسه برضوا هتستني في تفكيرك يا بت الناس، لحد ما تلاجيه داخل البيت عليكي، بالمحروسة مرته والعيال؟ هتأمني على ولدك وسطيهم ازاي؟

زحف المزيد من الرعب داخلها، حتى ارتسم على ملامح وجهها التي قاربت شحوب الموتى، ليضيف عليها سند:
– انا مش عارف والله يا بت الناس نعمل ايه عشان تقتنعي بجى؟ وتعرفي ان نيتنا زينة، وكله عشان خاطر ولدك المسكين، طب انتي شايفانا عفشين ولا اخلاجنا مش تمام عشان تكشي منينا؟

تدخل عيسى هو الاَخر، يقول بلهجة مؤنبة:
– سيبها يا سند، هي حرة وتعرف مصلحتها، ولا يمكن شايفانا زي ما بتجول، يبجى محدش يلومها.

خرج صوت علية لتضيف على قولهما:
– ربنا يهديكي يا بتي، جبل فوات الأوان، دا عيالنا فتيان مدخلوش دنيا، ومع ذلك جبلو، انتي حرة بجى، استني، واديكي شوفتي نظرته لولدك.

بانهيار تام أصبحت تشيعهم بأنظارها، مشددة على ضم طفلها، تتقبل لسعات حديثهم، التي تقطع جلدها وذاتها من الداخل، حتى حينما كانت تلتف لسكينة، تبتغي منها المؤازرة، كانت تجدها على حالها الذي لم يتغير، تندب الراحل ببكاء مكتوم، وتناجي زوجها ان يقوم من رقدته.

في النهاية لم تجد الا حضن سليمة، لتفرغ فيه قهرها، وهذا الضغط فاق قدرة احتمالها.
لقد كان صوت بكاءها يخرج لخارج الغرفة، وكأنها وجدت المأوى لإفراغ كبتها.
والأخرى تربت على ظهرها بحنو، تستمع بصبر وتريث، رغم قسوة الحديث الذي اجبرها الظرف على البوح به، بجلد يفوق اعظم الرجال قوة.

حتى هدأ نشجيها، وعاد اليها عقلها، تذكرت لترفع رأسها اليها قائلة بأسف:
– سامحيني ياما، والله ما كنت عايزة اتكلم، بس بصراحة مجدارش اتحمل.

خرج تعقيب سليمة بابتسامة خلت من اي مرح :
– ويعني كنتي عايزة تفضلي مخبية كدة على طول؟ ما كل حاجة مسيرها تبان وتبجي ع المكشوف يا بتي.

ردت باعتراض ويدها تمسح آثار الدموع بحزم من على خديها:
– وايه اللي يخليها تبجى ع المكشوف؟ انا لا يمكن اجبل بحديتهم ده، حتى لو على جطع رجبتي.

طالعتها قليلًا بتفحص سائلة:
– يعني مش عايزة تدي لنفسك اي فرصة عشان تفكري يا نادية.
خرج صوتها بحرقة:
– أبدًا والله عمري، انا بس خايفة على ولدي، كل شوية يخوفوني بيه، يجولولي ان عمي فايز هيتخلص منه عشان يورثه، طب اعمل ايه في النار اللي محطوطة فيها دي؟ جوليلي.

تمتمت سليمة بتهكم:
– دا على أساس ان هو اللي جتل حجازي وخرب العربية.

توقفت فجأة قبل ان ترفع إليها عينيها ناظرة بقوة تجيبها:
– عايزة الحل يا نادية؟
– يا ريت يامة.
صدرت منها كغريق يستجدي أحدهم بطوق النجاة، وجاء رد الأخرى بدون تأخير:

– امشي.
– ايه؟
– بجولك امشي يا نادية وسيبي البيت ده خالص، روحي اتحامي في أهلك، هما اكيد هيحموكي ويحموا ولدك.

ذهول تام جمد ملامحها، فظلت لفترة من الوقت تطالعها بعدم استيعاب، حتى أجمعت صوتها لتسألها:
– طب وانتي؟ امشي واسيبك؟ وواد ولدك؟ احرمك منه؟…. ولا يكون جصدك انك هتيجي معايا؟

ردت تجيبها بهدوء، رغم الألم الذي اعتلى تعابيرها:
– لا يا نادية، انا مش هسيب بيتي، حتى لو جه وبرطع فيها هو وعياله، اما انتي فخلاص يا مرة الغالي، أهلك أولى بيكي، وان كان على معتز، امنه وسلامته، اهم عندي من أي شيء، حتى لو هتحسر في بعده عني، لكن دا اهون بكتير….. كفاية عليا نار ابوه، اللي حاشة في جلبي ومهديتش لحد دلوك، وبرضو انا مش هسيبه وهاجي ازورك كل ما اشتاجله.

❈-❈-❈

– بتجول ايه يا واد؟
هتف بالسؤال ينتفض ناهضًا عن مقعده، وكأن ثعبان لدغه، لبعيد مكررًا على اسماع الفتي الذي كان يعلمه بالأخبار الجديدة، تنفيذًا للمهمة المكلف بها ، في المراقبة، واحاطته بكل جديد، بخصوص المنزل عمومًا:

– عيد من تاني اللي جولته، انا عايز افهم اللي جرا بالظبط، الراجل العفش ده جرب منيها، ولا أذاها؟
التقط الفتى انفاسه ليردف موضحًا:

– يا غازي بيه، والله ما اعرف، انا بجولك ع اللي شوفته،زي أي واحد في الشارع من الناس اللي اتلمت هناك، صوت فايز في عراكه مع هويدا واختها وعيالهم، كان موصل لاَخر الدنيا، كان باين جوي من الكلام اللي طالع انهم بيتعركوا ع البيت، بعدها مشى فايز من عندهم يطوح، واكنه طالع من خمارة، اما بجى الست نادية محدش سمعلها صوت نهائي، وانا لولا اني جعدت واجف محلي، ما كنت ابدُا هاخد بالي منها، لما طلعت سكوتي بعد الدنيا ما ضلمت وجمع الناس اتفض من زمان.

بتركيز شديد مع كل جملة وانفاس تصعد وتهبط بانفعال شديد، عاد بسؤاله وتحفز جسده، يصدر ذبذبات الخطر:
– طيب ولما شوفتها كانت سليمة، ولا فيها حاجة؟ جولي الحجيجة جبل ما اروح افرغ بندجيتي في بيت الدهشوري كلهم.

انتفض الفتى يسارع بالنفي:
– لا والله، كانت زينة وتمام التمام، هي بس كان باين عليها انها حزينة، ووشها دا كان احمر زي الطماطم… باين من كتر البكا.

– يا بن ال…..
تفوه بها جاذبًا له من تلباب جلبابه بعنف، حتى كاد أن يفتك به، لولا أن تدراك ليكبح غضبه اخيرًا، يلوح بقبضته بتهديد:
– خلي بالك من كلامك يا حميدي، بدل ما ابكي امك على فراجك الليلة، انت عارفني.

صاح الاخير برعب مرددًا بأسف:
– والله ما هعملها تاني، والله ما هعملها.
زمجر من حلقه بصوت متوحش، ارعب حميدي حتى كاد ان يبلل جلبابه، لولا أن تركه اخيرًا بدفعه قوية يصرفه:
– طب ياللا غور من وشي دلوك، غووور

❈-❈-❈

وفي منزل هريدي الدهشان
وبعد ان وجدت امانها وسط اسرتها، تسرد لهم ما حدث وراسها مستريح على حجر والدتها التي كانت تمسد على شعرها بحنان:
– روحت لميت هدومي وهدوم ولدي في الشنطة الصغيرة، وطلعت على طول من جبل حد منهم ياخد باله، ولا استنى اخد الاذن

– عشان تستاهلي.
صاح بها عزب، فور استمع لكل الحديث، ليهدر بعضبه:
– ما انتي لو مش ماشية بمخك مكنش كل دا حصل، سيباهم يلفو حواليكي زي الحيايا، ومفكرتيش تبلغي حد منينا يجف لهم، ملكيش ناس ياك يا بت؟

تساقطت دمعاتها لتدافع بضعف:
– محدش منهم يجدر يضغط ولا يجبرني على حاجة،
انا كل خوفي غير على ولدي، هتلومتي عشان خايفة على ولدي يا عزب؟

أوقفت تتابع سيل عبراتها، مما جعل والدتها تتدخل بحمائية ردًا له:
– عزب، مش وجت كلام وتجطيم في الحديت دلوك، اختك تعبانة وفيها اللي مكفيها، سيبها ترتاح الله يرضى عنك.

زمجر بعدم تحمل ليترك الغرفة لهما:
– هتجولي تعبانة والكلام الفاضي، ما هي اللي جابته لنفسها، انا ماشي وسيبهالكم خالص، مدام كلامي تجيل.

ابتعلت غصتها لتتمتم سائلة وكأنها تخاطب نفسها:
– اخويا بيلوم عليا ليه ياما؟ ليه محدش حاسس بالنار جايدة حواليا.
دنت جليلة منها لتطبع قبله على جبهتها تخاطبها بعتب يشمله بعض اللطف:
– محدش بيلوم عليكي، هو بس زعلان عشان متكلمتيش يا نادية، كان لازم ع الأجل تبلغيني انا امك، احنا ناسك مش عدوينك يا بتي.

– والله عارفة ياما، بس انا خوفت من عصبيته، زي ما شوفتي دلوك، وكمان كان عندي امل انهم يسيبوني في حالي لما يلاجوني مُصرة على رأيي، مكانش في حسابي انها تتعجد كدة.

أشفقت جليلة ولم تزد عليها، ف ابنتها منهكة، وليست لحمل أي كلمة أخرى، ولكنها واصلت بهدهتها وفتح مواضيع شتى عن اشقائها، لتلهي عقلها بأشياء أخرى، بعيدًا عن هذا الفزع حول حياة طفلها وامانه، حتى دلفت إليهن زوجة شقيقها تخبرهم:

– نادية، غازي الدهشان جاي مخصوص وعايز يشوفك.
اعتدلت بجذعها تتسائل مندهشة:
– غازي الدهشان عايزني انا؟ ليه؟

❈-❈-❈

دلفت اليه بصحبة والدتها، الى داخل غرفة الاستقبال التي فضل الجلوس والانتظار بها، تلقي التحية بتوجس، وقد فاجئها بهذا التجهم الذي كان يعتلي ملامحه:
– مساء الخير.
– مساء النور.
قالها ليستقبل تحية جليلة بعد ذلك واستقبالها له بحفاوة، قبل أن تردف بأسئلتها الروتينيه عن حال جدته وشقيقته، والسؤال عن زوجته واسرتها، تقبل الحديث والأسئلة بصدر رحب كي لا يحرج المرأة، حتى اذا انتهت فاجئها بقوله:

– معلش يا خالة، ممكن تسبينا انا ونادية لوحدينا، انا عايزها في كلمتين.
اجفلت الأخيرة بطلبه الغريب، همت أن تحتحج، لكن والدتها باغتتها بالموافقة على الفور، وبثقة عمياء نهضت قائلة:

– وماله يا ولدي، انا هروح اعمل كوبايتبن عصير.
تابعت نادية انصرافها وقد افتر فاهاها، تريد ان توقفها بالقول معترضة، ولكن الأخرى لم تعطيها انتباه، حتى اذا غادرت، وجدت نفسها معه وحدها، لتلتف اليه، وتفاجأ بهذا التحول في ملامحه،

بهيئة مخيفة ارهبتها منه، وقد كان وجهه مظلمًا، عاقد الحاجبين، بأعين تطلق شررًا من قعر الجحيم، حتى أدخل في قلبها الارتياع بقوله:

– لكن انا مش منبه عليكي ان لو عندك مشكلة تجولي عليها، ما سمعتيش الكلام ليه؟

ارتدت للخلف مجفلة لصيحته، حتى اتجهت عينيها نحو باب الغرفة تتمنى دخول أحد ما يؤازرها، مما زاد على حنقه ليهدر بها:
– ما تردي يا نادية ع السؤال، مش بكلمك انا؟

– طب كلمني زين ومتزعجش فيا.
خرجت منها بعفوية، كرد طبيعي على تجاوزه، ليرتد عليه بإجفال لم يستوعبه في البداية، قبل أن يتدارك متذكرًا قول شقيقته، عن طبيعتها المدللة منذ نشأتها في منزل ابيها، حتى في زواجها من الراحل، والذي لم يقصر هو الاَخر معها في ذلك.
عند خاطره الاخير ورغم غضبه المتعاظم، إلا أنه استطاع تحجيمه، ليخفف من حدته من أجل عيون الريم التي تناظره بتحدي، تخفي من خلفه خوفها، والذي ظهر جليًا في اهتزاز صوتها، فرد بلهجة بطيئة متانية، يستمتع بالتطلع لقمريها الأسودين:

– انا بسألك عن اللي حصل في بيت الدهشوري، عايزك تجاوبيني يا بت الناس وتجوليلي ع اللي حصل، ممكن؟

احرجها بتغاضيه عن جرأتها في الرد عليه، ثم هذا اللطف في الحديث معها، لتسبل أهدابها عنه بخفر، متمتمة بخجل كاد أن يطيح به صريع حسنها:
– معلش لو هبيت فيك، بس انا والله ما بتحمل حد يزعج فيا، حتى اسأل اخويا عزب……

قاطعها، يردف بمزيد من اللين:
– مفيش داعي للسؤال يا نادية، انا عارف من الاول ان انتي مبتتحمليش الزعيج، بس انا كمان جاي معبي وعلى اَخري، بعد ما سمعت بالعركة الشديدة اللي كانت في بيتكم هناك….. الراجل اللي اسمه فايز اذاكي بكلمة ولا عمل أي حاجة عفشة تزعلك؟

نفت بهز رأسها متمتمة بصوت كالهمس:.
– لأ، دي كانت عركة مع خواته البنتة وعيالهم، انا مليش صالح معاهم.
ضاقت عيناه بمزيد من الحيرة يتفرس في ملامحها بتمعن ليتابع تحقيقه:
– ولما هو مكلمكيش ولا حتى جرب منك، طلعتي باكية من بيتهم ع الساعة تمانية المسا، لييه؟ مين اللي خلاكي تطلعي زمجانة من بيتك يا نادية؟

لقد فاجئها بكم المعلومات التي يردف بها إليها، ودقة التفاصيل الصغيرة جعلتها تطالعه بعدم استيعاب، لترد على السؤال بسؤال:
– انت عرفت دا كله منين؟ دا أهلي نفسهم معرفوش بجيتي غير وانا داخلة عليهم.

– ملكيش دعوة
– نعم؟
– بجولك ملكيش دعوة، وما تروديش ع السؤال بسؤال،

للمرة الثانية يجفلها بحدته، حتى تسمرت تناظره مزبهلة له، ولكنه رفض أن يثنيه أي شيء هذه المرة، فتابع بإلحاح اَمر:
– ردي عليا يا نادية، بدل ما اجوم اشوف الناس دي بنفسي واسألهم، هتتكلمي ولا اجوم.

– خلاص والله هتكلم .
هتفت توقفه، قبل أن ينهض ويفعلها بحق، وانتظرت قليلًا تبحث عن رد:
– الموضوع كله بيتلخص في ورث البيت، عمي فايز عايز ياجي يسكن معانا ويتولى الوصاية على ولدي، لكن عماتي رافضين، وكانوا بيضغطوا عليا عشان اشارك معاهم في حل يجنبنا شره.

تسائل يحرك رأسه أمامها بارتياب:
– وايه هو الحل بجى؟ كملي على طول متنجطنيش نجيط بالكلام.
افعاله تزيد من توترها، وهذه العصبية المفرطة، لماذا يشعرها انها في تحقيق رسمي؟

– سكتي ليه يا نادية ما تكملي؟
ابتعلت لتجيبه بتردد:
– كانوا بيضغطوا عليا، وعايزني اتجوز حد من عيالهم، يا سند ولد هويدا، يا عيسى ولد نعيمة.
تجمد فجأة ليبدوا كالتمثال أمامها، وكأنه يعيد القول برأسه مرات، كي يتأكد مما التقطته اسماعه، ليخرج صوته اخيرًا، مرددًا بهدوء خطر:

– نعم يا ماما، بتجولي بجى كانوا بيضغطوا عليكي ليه؟ سمعيني تاني؟

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ميراث الندم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى