روايات

رواية مهمة زواج الفصل السادس والعشرون 26 بقلم دعاء فؤاد

رواية مهمة زواج الفصل السادس والعشرون 26 بقلم دعاء فؤاد

رواية مهمة زواج الجزء السادس والعشرون

رواية مهمة زواج البارت السادس والعشرون

مهمة زواج
مهمة زواج

رواية مهمة زواج الحلقة السادسة والعشرون

مساءا عادت نرمين من الشركة الى فيلاتها التي تعيش فيها بمفردها مع الخادمة و البستاني..
قامت بركن سيارتها ثم صعدت الى غرفتها و قامت بالاتصال بشقيقها بعدما أرسل لها رسالة برقم شخص يدعى راغب..
ـــ ألو… ايوة يا نادر.. رقم مين دا اللي انت بعتهولي..
رد عليها ببسمة واثقة:
ـــ دا يا ستي رقم أشطر هاكر في مصر و الشرق الاوسط.. واد داهية مالهوش حل..
قطبت جبينها باستغراب:
ـــ هاكر؟!.. و دا هعمل بيه ايه؟!
رد ببسمة ماكرة:
ـــ هقولك بس ركزي معايا كويس أوي……………
استمرت المكالمة بينهما قرابة الساعة يشرح لها خطته اللئيمة و هي تستمع له بانبهار، فتلك الخطة سوف تقضي على العلاقة بين معتصم و حبيبته تماما دون أن يشعر بأن لها يد في ذلك..
بمجرد أن أنهت المكالمة معه لم تكذب خبرا و بدلت ملابسها فورا و اتصلت بالمدعو راغب و عرفته بنفسها و أخبرته أنها تريد مقابلته الآن، فرحب بذلك و أرسل لها مكانه عبر رسالة على الواتساب.
قادت سيارتها قرابة النصف ساعة حتى وصلت الى مركز لصيانة المحمول و هو صاحبه، فقط يتخذ منه ستارة يواري بها أعماله المشبوهة في تهكير الهواتف و الحواسب النقالة و غيره و التي تدر عليه أموالا طائلة.
استقبلها راغب استقبالا حارا و جلسا سويا في ركن بالمركز به صالون صغير، فأدار دفة الحديث قائلا بجدية:
ـــ عشان نكون متفقين يا هانم…العملية دي هتكلفك كتير..
ردت بلهفة:
ـــ أنا ميهمنيش الفلوس خالص…اهم حاجة تنفذ اللي انا عايزاه بالحرف و بدون أي غلط..
ـــ من الناحية دي متقلقيش.. حضرتك هتاخدي من ايدي شغل احترافي..
تحمست للغاية و هي تقول:
ـــ تمام يلا نبدأ.
اعطاها ورقة و قلم ثم قال:
ـــ اكتبيلي هنا رقم تليفون الباشا و حساباته على الفيس و الانستا و اكس و كل مواقع السوشيال ميديا اللي مشترك فيها..
بدات تكتب كل ما تتذكره و تعرفه و استعانت بالطبع بهاتفها ثم سالته و هي تكتب:
ـــ على فكرة انا مش عارفة اي حاجة عن البنت اللي بيحبها و لا حتى اسمها..
رد بثقة:
ـــ متقلقيش يا هانم..دلوقتي هفتحلك الواتس بتاعه و هتشوفي محادثاته كلها و أكيد طبعاً في بينهم كلام ع الواتس و هقدر اوصلها و أهكر الواتس بتاعها بسهولة.
ازدادت بسمتها اتساعا و هي تفكر بحماس في نجاح تلك الفكرة الشيطانية..
ـــ هاتي تليفونك.
نظرت له بشك:
ـــ ليه؟!
ـــ هفتحلك الواتس بتاعه من تليفونك عشان تتعاملي براحتك في اي مكان و تبعتي الرسايل اللي انتي عايزاها من رقمه كأنه هو اللي بيبعتها.
ابتلعت ريقها بقلق لتسأله:
ـــ طاب هو كدا مش هيكشفني ولا هياخد باله؟!
ـــ لا ما أنا هعلمك ازاي تبعتي من غير ما يكتشف ان في حد بيبعت من رقمه غيره.
اومأت و هي تعطيه الهاتف بعدما فتحته له، فأخذه منها ثم أخذ يعبث به حوالي عشر دقائق حتى تمكن من فتح تطبيق الواتساب الخاص بمعتصم من هاتفها، فاتسعت عينيها بدهشة بالغة و هي ترى محادثاته كلها أمام عينيها على هاتفها و كادت أن تطير من السعادة لنجاح اولى خطوات خطتها، فأخذت الهاتف و تفقدت المحادثات الواحدة تلو الأخرى حتى فتحت محادثته مع ريم و قرأت آخر رسالة منه لها و التي كتب فيها:
” عمري ما ندمت في حياتي على حاجة عملتها قد ندمي على جوازي من غيرك… بس و الله العظيم لو كنت اعرف اني هحبك ما كنت اتجوزت قبلك أبداً.. انا عارف اني غلطت اني خبيت عليكي من الأول بس كنت خايف تكرهيني و تبعدي عني.. عايزك تسمعيني لو مرة واحدة بس و بعدين قرري.. و أيا كان قرارك هقبله يا ريم مهما كان”
حين قرأت تلك الرسالة انتفخت أوداجها بغضب بالغ بسبب تقريره بندمه على زواجه بها و لكن ما هون عليها الأمر قليلا أن بدا من محتواها أنها ترفضه، فحانت منها نصف ابتسامة و هي تقول بسخرية:
ـــ غبية..في واحدة عاقلة ترفض عصومي!
رد عليها راغب باستغراب:
ـــ نعم؟!
ـــ ها؟!.. لا دا انا بتكلم مع نفسي.. بجد ميرسي اوي يا راغب.. بص كدا.. دا رقم البنت اللي بيحبها..
أخذ منها الهاتف ثم دون الرقم بورقة، و في خلال عشر دقائق أخرى كان قد فتح الواتس الخاص بريم أيضا، فازدادت بسمة نرمين اتساعا و انبهارا و أحست أنها قد سيطرت عليهما و أنهما أصبحا لعبة بيديها..
استمرت جلستها معه لساعة أخرى يشرح لها كيف يمكنها ارسال الرسائل من ارقامهما من هاتفها دون أن يكتشف ذلك أيا منهما، و في نهاية الجلسة قامت نرمين بتحويل مبلغ هائل لراغب على حسابه البنكي الأمر الذي زاد من حماسته للعمل معها..
نهضت أخيرا لتمد يدها تسلم عليه و هي تقول:
ـــ بجد انت ابهرتني… و طبعا دي مش هتكون اول مقابلة لينا.
ـــ أنا تحت أمرك يا هانم… و احنا مع بعض على التليفون…. بس كل طلب بحسابه..
حانت منها بسمة صفراء و هي تقول:
ـــ اه طبعاً حقك… انت تستاهل تقلك دهب.
هز رأسه و هو يبتسم لها ثم قام بتوصيلها الى حيث صفت سيارتها، فاستقلتها و انطلقت عائدة الى منزلها و هي تشعر بنشوة الانتصار..
فقد معتصم كامل تركيزه في اعماله بعدما أخبرته ريم بأنها ستخطب لشخص آخر، و أخذت الأفكار تتوالى على رأسه… ترى من يكون؟!.. هل هو أفضل منه؟!.. هل تحبه؟!.. هل يحبها؟!.. هل و هل و ألف هل سألها لنفسه، إلى أن نفذ صبره و ضاقت أنفاسه من فرط التفكير..
بعد وقت طويل من التفكير و عدم التركيز تحدث مع نفسه بصوت عالي:
ـــ لاااا انا هفضل قاعد في مكاني كدا و اقعد اقول يا ترى!!
التقط هاتفه ثم استخرج رقما ما و من ثم قام بالاتصال
به فرد عليه الطرف الآخر ليقول معتصم:
ـــ فريد باشا كنت عايز حضرتك تبعتلي بودي جارد يكون ثقة.. مش شرط يكون طول و عرض و عضلات.. انا عايز واحد عادي هكلفه بحراسة حد عزيز عليا….. تمام يا باشا.. يا ريت تبعته بعربية من عندك و ضيف حسابها عليا… يا ريت دلوقتي لو أمكن… تمام أنا في الانتظار.. مع السلامة.
اغلق الخط ثم عاد يستند الى كرسيه و هو يزفر أنفاسه بضيق و يفكر فيما نوى عليه لعله يرتاح قليلا..
في المساء تناولت ريم وجبة العشاء مع أمها و شقيقها و هي شاردة في مكالمة معتصم و أيضاً طلب خالد الذي جاء في وقت قاتل، لتقرر أن تتحدث مع أدهم ليتناقشا سويا.
ـــ أدهم كنت عايزة أتكلم معاك في موضوع كدا بعد العشا..
اوما و هو يمضغ الطعام بفمه:
ـــ ماشي يا حبيبتي انا تحت أمرك.
ابتسمت له بحب و امتنان و بعدما انتهوا قامت ريم باعداد الشاي و من ثم قدمته له لتجلس بجواره و أدارت دفة الحديث قائلة:
ـــ في دكتور زميلي أعرفه من أيام الكلية.. بالصدفة قابلته في المستشفى بعد ما نقلت و شغال معايا في قسم الاستقبال… هو أكبر مني بسنتين.. و النهاردة اتكلم معايا و اعترفلي انه بيحبني و عايز يتقدملي..
سكت أدهم مصدوما من كلام شقيقته، كيف تسأله عن مسألة محسومة كهذه… يبدو أن مشكلة معتصم قد أثرت على نفسيتها ما جعلها تتخطى ذلك بتصرف خاطئ كهذا..
ـــ ايه يا أدهم… انت ساكت ليه؟!
ـــ لا ما انا مستني اشوفك بتتكلمي بجد ولا بتهزري.
ـــ بتكلم بجد طبعاً يا أدهم… هي المواضيع دي فيها هزار؟!
ـــ ماهو دا بالظبط اللي عايز اقولهولك
ـــ بمعنى؟!
ـــ بمعنى انك لسة مفوقتيش من صدمة معتصم و ان تفكيرك في غيره بالسرعة دي يعتبر هذيان من الصدمة.
هزت رأسها بنفي لترد باصرار:
ـــ لا يا أدهم الحكاية مش كدا خالص..
ـــ فهميني الحكاية ايه؟!
ـــ معتصم رميته ورا ضهري من اللحظة اللي عرفت فيها حقيقته… معادش فارق معايا.. انا اصلا مشاعري ناحيته كانت هشة بدليل اني اتخطيته بسرعة..
نظر في عمق عينيها ليسألها و هو يضيق جفنيه:
ـــ انتي متأكدة انك اتخطيتيه؟!
سكتت لوهلة ثم سرعان ما أومأت بتأكيد:
ـــ أيوة متأكدة..
ـــ و بالنسبة لزميلك دا… ايه مشاعرك ناحيته؟!
هزت كتفيها لأعلى:
ـــ مفيش مشاعر تقريبا.. بس هو محترم جدا و طول دراستي معاه مشوفتش منه حاجة وحشة دا غير سمعته الطيبة في الكلية و حاليا في المستشفى كمان.
ـــ يعني دا في رأيك كافي لإنك ترتبطي بيه؟!
ردت و هي ترفع كتفيها لأعلى و تهز رأسها بتعجب:
ـــ ايوة طبعاً كفاية… بعد اللي مريت بيه مع معتصم اكتشفت ان أهم حاجة الاحترام و الوضوح.
ـــ و الحب يا ريم؟!
حانت منها بسمة متهكمة لتقول:
ـــ حب؟!… الحب ممكن ييجي بعد الجواز عادي..
رفع حاجبيه بتعجب من رأيها فاسترسلت بجدية تامة:
ـــ يعني انت مثلا أقرب مثال… انت اتجوزت ندى و مكنتش تعرف حتى شكلها ايه؟!.. و مع العشرة واضح انك حبيتها… تنكر؟!
رد بجدية و هو في حالة ذهول من تفكيرها و حوارها بالكلية:
ـــ لا منكرش طبعاً… انا فعلا حبيت ندى بعد الجواز.. بس دي مش قاعدة.
أمسكت كفيه لتضغط عليهما برجاء:
ـــ سيبني أجرب..
ـــ الجواز مينفعش فيه تجارب.. دي حياة كاملة و خطوة لازم تخططيلها كويس و تفكري ألف مرة قبل ما تخطيلها.
ـــ هنتخطب لفترة يا أدهم و اكيد خلال الفترة دي هكون أخدت قراري الصحيح.
ـــ أنا خايف تاخدي الخطوة دي بهدف الانتقام من معتصم.. او عايزة ترديله الضربة مثلا… ساعتها هتلاقي نفسك بتنتقمي من نفسك مش منه..
ـــ لا لا لا مش كدا خالص يا أدهم… معتصم غلطة و ندمت عليها و خلصنا.. مش بفكر انتقم ولا اي حاجة من اللي في دماغك دي.
نظر لها مطولا ثم تنهد و هو يقول:
ـــ أتمنى ذلك.
ـــ يعني مقولتش رأيك برضو..
ـــ أقول ايه.. انا شايف انك واخدة قرارك اصلا.. بس مترجعيش تلومي الا نفسك.
ضغطت على كفيه و هي تقول بجدية:
ـــ ان شاء الله مش هيحصل لوم ولا عتاب..
هز رأسه عدة مرات ثم قال:
ـــ ابعتيلي اسمه و عنوانه و كل اللي تعرفيه عنه في رسالة ع الواتس عشان أسأل عنه..
احتضنته بامتنان و هي تقول:
ـــ ربنا ما يحرمني منك يا حبيبي.
في مكتب معتصم يجلس أمامه شاب طويل في الثلاثين من عمره أرسله مدير شركة الأمن الذي يتعامل معها معتصم كما طلب منه آنفا..
ـــ أهلاً يا عمر… انا عايزك في مهمة محددة الهدف منها تراقبلي بنت أمرها يهمني جدا و في نفس الوقت تحرسها و تحميها من أي أذى ممكن تتعرضله.
أومأ الحارس باحترام، فاسترسل معتصم موضحا أكثر:
ـــ أنا عايزك معاها زي ضلها.. أي حاجة غريبة تشوفها تبلغني بيها فورا.. اي حد يكلمها او تخرج معاه تصوره و تبعتلي الصور ع الواتس.. خط سيرها تبلغني بيه… متقلقش المهمة هتكون سهلة لان هي مالهاش اي علاقات و غالبا من البيت للشغل و من الشغل للبيت..
أومأ و هو يقول:
ـــ أنا تحت أمرك يافندم.. فهمت اللي حضرتك عايزه.
هز رأسه عدة مرات ثم قال:
ـــ هبعتلك اسمها و مكان شغلها و كل اللي اعرفه عنها في رسالة… بس عايزك تعرفلي بالظبط عنوان بيتها لان دا بقى اللي معرفهوش… هي ساكنة في كومباوند في التجمع الخامس بس معرفش مكان البيت بالظبط… و أهم حاجة مش عايزها تحس انك بتراقبها… مفهوم؟!
أومأ بجدية:
ـــ مفهوم طبعاً يافندم حضرتك مش محتاج تنبه عليا في حاجة زي دي.
ـــ تمام… مهمتك هتبدأ من بكرة الصبح… هتستناها قدام المستشفى قبل معاد حضور الموظفين عشان تشوفها و تتعرف عليها…
فتح هاتفه على صورتها و أعطاه الهاتف لكي يراها و يعرفها، فتمعن عمر فيها النظر ليطبع صورتها بذاكرته ثم أعاده لمعتصم و هو يقول:
ـــ تمام يافندم انا كدا حفظت شكلها..
هز رأسه عدة مرات ثم قال:
ـــ لو نفذت أوامري بالحرف و اتبسطت منك هيكون ليك مني مكافأة بخلاف مرتبك من فريد بيه.
اتسعت ابتسامته و هو يقول:
ـــ ان شاء الله يافندم اكون عند حسن ظن سيادتك.
ـــ ان شاء الله… دا الكارت بتاعي يا ريت تبعتلي رسالة برقمك
أخذ منه الكارت ثم نهض من مكانه و هو يقول:
ـــ أي أوامر تانية يافندم؟!
نهض معتصم ثم مد يده يسلم عليه ليقول مبتسما:
ـــ متشكر جدا يا عمر… فرصة سعيدة.. مع السلامه..
خرج عمر من المكتب مغلقا الباب خلفه، فعاد معتصم لكرسيه مسترخيا عليه و هو يتنهد بارتياح… فعلى الأقل سيعرف ان كانت تتلاعب به أم أنها جادة فيما يخص خطبتها من آخر..
عودة لحمد بمحافظة سوهاج…
لاحظ أن صافية لم تصلي منذ صلى بها ليلة الزفاف، فانتهى من تناول غدائه معها ثم أجلسها بجواره على الأريكة و أدار دفة الحديث قائلا برفق:
ـــ صافية انتي مبتصليش ولا ايه؟!
أطرقت رأسها بخذي و هي تقول:
ـــ لاه.
ـــ ليه؟!.. عندك عذر يعني يمنعك من الصلاة؟!
رفعت رأسها له لترد بعفوية:
ـــ لاه.. بس أمي…
لم تكمل كلامها و أسرعت تكمم فمها بكفها خوفا من تحذيره السابق من ذكر سيرة أمها أمامه، فضيق جفنيه بترقب متسائلا:
ـــ ايه؟!.. اوعي تقوليلي ان امك قالتلك متصليش؟!
أسرعت تصحح بعفوية:
ـــ لاه.. اني كنت هجول امي معلمتنيش الصلاة… يعني بصلي اكده كل فين و فين.
هز رأسه بعدم رضا ليقول بنبرة لينة:
ـــ طاب ينفع بنوتة كبيرة زيك كدا متصليش؟!
زمت شفتيها و هي تقول:
ـــ مخبراش…بس بدي اشوف حد بيصلي و اني راح اصلي زييه.
ـــ قصدك حد يشجعك يعني؟!
هزت رأسها بايجاب فابتسم لها و هو يقول:
ـــ و أنا روحت فين؟!.. من النهاردة نشجع بعض و نصلي سوا… تمام؟!
ابتسمت و هي تومئ بموافقة، فشعر بكثير من الارتياح، على الأقل بدأت تستجيب.
ـــ حمد
ـــ اممم..
ـــ عايزة أجولك على حاچة بس سايج عليك النبي ماتزعج عليا.
ـــ قولي متخافيش..
أخذت تفرك كفيها بتوتر و هي تقول:
ـــ أمي اااااا…..
حثها بقوله:
ـــ كملي.. قالتلك ايه؟!
ـــ سألتني على الجماشة البيضا.
انتفخت اوداجه بغضب و لكنه كظم غيظه و هو يسألها:
ـــ و قولتلها ايه؟!
ردت بعفوية:
ـــ جولتلها انك لجحتها(رميتها) في الزبالة..
ـــ اممم و قالتلك ايه؟!
ـــ زعجت عليا و جالت أبصر شرفك ولا مدري كيف… مفهمتش من كلامها حاچة واصل.
ضحك حمد بملئ فمه و هو يقرص وجنتيها و يقول:
ـــ طفلة يا ربي… و الله طفلة.
انزلت يده بغضب و هي تقول بضيق:
ـــ لاه اني مش طفلة يا حمد…اني زملاتي اتچوزوا و خلفوا قمان..
سكت مليا يتأمل ملامحها المتذمرة بغضب طفولي، ثم احتضن كفيها بين كفيه و هو يقول:
ـــ أنا خايف عليكي يا صافية… انتي صغيرة اوي على الجواز و مسؤلياته… انتي اللي قدك لسة بيلعبو و بيتعلموا و بيخرجوا و بيتفسحوا.. لسة بدري على الخطوة دي.
ردت عليه ببراءة و هي تضحك:
ـــ الكلام اللي عتجوله ده بيحصل في الافلام بس يا واد عمي… خيتي كريمة عنديها عشرين سنة و معاها اربع عيال ربنا يخليلها.
ضحك حمد من تلك العقيدة المترسخة في ذهنها كما لقنها والديها و الناس من حولها ثم سألها و هو يرفع حاجبيه بمكر:
ـــ طاب انتي عارفة الناس بتخلف العيال ازاي؟!
اقتربت برأسها من أذنه فقام بدوره بتقريب رأسه منها و هو في حالة من الدهشة ثم تحدثت بهمس و كأن أحدهم سيسمعها:
ـــ اني سألت كريمة خيتي كتير… بس مراضياش تجولي… طوالي تزعج عليا و تجولي اتحشمي يا بت.. هتعرفي لما تتچوزي.
رفع حاجبيه و كأنه متفاجئ يسألها بذات الهمس:
ـــ بجد؟!
هزت رأسها بايجاب و هي تقول بثقة هامسة:
ـــ ايوة… زي ما بجولك اكده.
ضحك للمرة التي لم يعرف عددها و هو يجذبها الى حضنه و يحيطها بذراعيه و يقول بخفوت:
ـــ و الله يا ربي متجوز طفلة.
سمعته لتضرب صدره بكفها الصغير بتذمر و هي تتمتم بغضب:
ـــ سمعاك يا واد عمي.
ـــ أي ايدك تقيلة يا طفلة..
أخذت تزيد في ضربه كلما نعتها بتلك الكلمة و هو لا يتوقف عن ترديد تلك الكلمة عنادا لها و لكي يرى غضبها الطفولي الذي أحبه منها و وجهها المرح الذي يراه لأول مرة.
ترك أدهم شقيقته بتخبطها ثم سار نحو غرفة ندى، و حين دخل الغرفة وجد أمه تجلس معها في انتظاره لتسأله بقلق:
ـــ ايه يا أدهم… ريم كانت عايزاك ليه.. انا سيبتكو تتكلمو براحتكم عشان هي بتضايق لما بتدخل بينكم..
قبل كفها بحب:
ـــ حبيبتي انتي تتدخلي زي ما انتي عايزة…دا انتي الخير و البركة يا ست الكل.
ـــ يابني قول قلقتني.
تنهد بعمق ثم قال:
ـــ مش هتصدقي يا ماما…بتكلمني على واحد زميلها في المستشفى عايز يتقدملها.
اتسعت عينيها بدهشة:
ـــ نعم؟!..هي اتجننت دي ولا ايه؟!
ـــ و دا بالظبط كان رد فعلي.
ـــ طاب و بعدين…انت عارف انها بتتصرف كدا من صدمتها..و اكيد هي مش واعية للي بتعمله دا..اه يا ريم هتجننيني.
ـــ أنا عارف يا ماما ان تفكيرها في الوقت الحالي مشوش بس للأسف هي مصممة تخوض التجربة…انتي عارفاها عنيدة قد ايه؟..و مبتقتنعش غير لما تنفذ اللي في دماغها.
ـــ اه انت هتقولي…فاكر لما صممت تستلم شغلها في الصعيد؟!..مع انك كنت هتنقلها في لحظة بس هي صممت و في الآخر مكملتش هناك شهر و رجعت تقول يا ريتني.
هز رأسه بقلة حيلة:
ـــ أنا بحاول مزعلهاش عشان حالتها النفسية مش مظبوطة و بسيبها تجرب بنفسها عشان تتعلم… بس الظاهر اني كنت غلطان… و كان لازم أشد عليها شوية..
تدخلت ندى في الحديث قائلة:
ـــ اسمحلي يا أدهم…ريم شخصيتها قوية جدا و في نفس الوقت هشة جدا و اقل حاجة بتدمرها… فخليها تكتشف بنفسها ايه القرار الصح و ايه الغلط ساعتها هتكون مقتنعة أكتر… و في الاول و الاخر دي هتكون مجرد خطوبة.. لو ليهم نصيب في بعض هيكملو.. و العكس صحيح.
هز رأسه عدة مرات ثم قال بجدية:
ـــ انا للأسف مضطر أسايرها المرادي كمان لحد مانشوف آخرتها ايه؟!
ربتت أمه على فخذه تطمئنه:
ـــ خير يا حبيبي ان شاء الله… خير.
توالت الأيام على الأبطال دون جديد يذكر سوى أن عمر يراقب ريم كما أمره معتصم و قد عرف عنوانها تفصيليا و أرسله اليه، كما أنه التقط لها صورا مع خالد أثناء خروجهما من المشفى و أرسلها أيضا الى معتصم..
علم عمر مؤخرا من رجال الأمن بقسم الاستقبال أن حفل خطبة خالد و ريم ستقام يوم الخميس المقبل و هو آخر يوم لندى في أيام عزلها بسبب الكورونا.
بالطبع أصابته صدمة بالغة و شعر أن الدنيا تهيم به و أحس بالعجز التام… فحبيبته التي يحلم ليل نهار باقتران اسمها باسمه ستكون ملكا لغيره.
و بالطبع نرمين تلك الأفعى مازالت تراقب محادثات معتصم و رأت محادثته مع عمر و ما يرسله له من صور لريم، الأمر الذي جعلها تكاد تفقد عقلها… ألهذا الحد قد هُوِسَ بها معتصم؟!.. لدرجة أن يراقبها و ينتظر أخبارها؟!
كانت ريم تتزين في غرفتها و معها ندى و قد تحسنت كثيراً و لكن لاتزال ترتدي الكمامة، و شقيقتها روان استعدادا لحفل خطبتها على خالد.
و لكن رغم أنه كان من محض اختيارها الا أنها لم تكن سعيدة أبداً، كانت تغتصب الابتسامة على شفتيها… فقد سيطرت صورة معتصم بوسامته و هيبته على عقلها تماما خاصة في هذا اليوم بالذات، و لكن لا مجال للعودة و التراجع.
طرقت وفاء الخادمة الباب لتفتح لها ندى، فاعطتها باقة رائعة من زهور الاورجانزا ثم قالت:
ـــ في واحد جاب البوكيه دا للدكتورة ريم.
التقطته منها و هي تتأمله باعجاب بالغ:
ـــ متعرفيش مين دا؟!
ـــ لا يا هانم.. تقريباً واحد من عمال المحل..
هزت رأسها بايجاب ثم شكرتها و أغلقت الباب، ثم سارت نحو ريم و أعطتها الباقة:
ـــ ريم حد باعتلك البوكيه دا.
ـــ مين يا ترى؟!
التقطت الباقة ثم لمحت تلك البطاقة الحمراء المدون عليها بعض الكلمات فقامت بقرائتها حيث كتب فيها:
“مبارك الخطوبة … بتمنالك السعادة من كل قلبي.. و بتمنى انك تكوني مبسوطة بحياتك الجديدة.. بس للأسف عارف انك مش مبسوطة…. معتصم”
حين انتهت من قرائتها بدأت يديها ترتجفان و عينيها تتساقط منها العبرات ثم ضاقت أنفاسها قليلا و علت شهقاتها، فاحتضنتها روان و هي تصيح بها:
ـــ ريم… مالك يا حبيبتي.. اهدي.. اهدي يا ريم.. ايه اللي حصل بس… ندى بسرعة نادي أدهم.
خرجت ندى و هي تركض لتستدعي أدهم لغرفة شقيقته، فدلف الغرفة مذعورا ليصعق بمظهر ريم المذري ليبعد روان عنها و يحتضنها و هو يقول بحنو:
ـــ اهدي.. اهدي يا حبيبتي خلاص انا معاكي.. ايه اللي حصل يا روان؟!
أعطته تلك البطاقة التي قرأتها ريم للتو فأخذها منها ليقرأها، فانتفخت اوداجه بغضب و هو يسب و يلعن به بخفوت و ألقى بها على مد ذراعه ثم عاد يشدد من احتضان أخته المذعورة و هو يتمتم بهمس حاني:
ـــ ريم اسمعيني… لو عايزاني اطلع دلوقتي أنهي كل حاجة و اعتذر لخالد هعمل كدا لو دا هيريحك… انتي قلبك مش معاكي يا ريم… اسمعيني يا حبيبتي متضغطيش على نفسك أكتر من كدا..
بدأت شهقاتها تقل رويدا رويدا الى أن هدأت تماما ثم ابتعدت عن حضنه و قالت بجدية تامة:
ـــ لا يا أدهم…في الأول و الآخر استحالة هرجعله بعد اللي عمله.. مفيش داعي للي انت بتقوله.. انا بس كانت اعصابي تعبانة شوية فعيطت غصب عني.. بس الحمد لله انا بقيت أحسن دلوقتي.. هغسل وشي و هظبط الميكاب و اخرج… زمان خالد و عيلته على وصول..
نظر لها مطولا ثم سألها بتوجس:
ـــ متأكدة انك كويسة يا ريم؟!
هزت رأسها و هي تبتسم له حتى لا تثير ريبته و قلقه، فتركها و هو يتوعد في نفسه لمعتصم أن أحزن شقيقته و أوصلها لتلك الحالة السيئة.
لم يكن أحد سعيدا في ذلك الحفل سوى خالد و عائلته، بينما ريم كانت تتظاهر بالسعادة و أدهم لم يستطع أن يغض الطرف عنها و لو لحظة، فقد كان قلقا عليها للغاية و يشعر بها تماما و ما يموج بقلبها من تخبط.
انتظر أدهم بزوغ شمس اليوم التالي بفارغ الصبر ليلقن ذلك الأرعن درسا نظير فعلته بأخته بالأمس..
من حسن حظ أدهم أن معتصم بات تلك الليلة العصيبة بمكتبه بالشركة، فقد كانت حالته سيئة لدرجة لا تسمح له بمواجهة أي شخص ما.
استقل سيارته في الصباح الباكر ليأخذ طريقه الى شركة معتصم و هو يتوعد له.
وصل الى الشركة و صعد الى الطابق الذي يقطن به مكتبه، فتخطى السكرتيرة و دلف مباشرة اليه دون أن ينبس ببنت شفه، و حين انفتح الباب فجأة وقف معتصم ليتفاجئ بمثول أدهم أمامه و شرارات الغضب تتطاير من عينيه، فأدرك أنه جاء ليحاسبه على فعلته بالأمس..
ـــ مش عيب يا أدهم بيه لما ظابط محترم زي حضرتك يتهجم على واحد في محل عمله..
سار اليه بخطى واسعة حتى أمسكه من تلابيبه و هو يصيح بغضب:
ـــ هو انت لسة شوفت عيب يا ابن الـ…
نفض معتصم ذراعيه و هو يرد بانفعال:
ـــ احترم نفسك و متشتمش… متنساش انك في مكتبي.
ـــ تصدق خوفت يلا…انت عايز ايه بالظبط من اختي… هو انا مش حذرتك متقربش منها يا حيوان.
رد معتصم و هو يصيح بغضب:
ـــ قولتلك متشتمش…
ثم تحولت نبرته للبرود و هو يضع يديه في جيبي بنطاله:
ـــ و بعدين حبيت ابارك للدكتورة ريم…. مغلطتش يعني.
صاح به بغضب بالغ:
ـــ و تباركلها بصفتك ايه؟!.. ها؟!.. و بالنسبة للي كتبته على الزفت؟!
رد عليه بنبرة باردة:
ـــ أنا مكتبتش حاجة عيب ولا غلط… انا كتبت الحقيقة.. اه معلش اصل هي دايما كدا الحقيقة بتوجع..
أخذ أدهم يصتك فكيه بتغيظ شديد، فإنه يذكره بكلماته التي قالها له آنفا..
اقترب أدهم برأسه الى رأسه للغاية ثم قال بصوت كالفحيح:
ـــ و غلاوة ريم عندي لو فكرت تقربلها او تضايقها لكون حابسك في تأبيدة يا.. يا معتصم بيه.
رفع حاجبيه و هو يرد عليه بنبرة تمثيلية:
ـــ لا بجد خوفتني…
ثم علت نبرته ليقول بانفعال بالغ:
ـــ اسمع يا أدهم باشا…ريم هتفضل حبيبتي لاخر يوم في عمري شئت ام أبيت..و اوعى تفتكر اني خايف منك.. أنا قادر اغلط فيك زي ما بتغلط فيا و اضربك كمان لو لزم الأمر…بس انا عامل خاطر لريم لأنك اخوها اللي بتحبه و بتحترمه… و لولا ريم بينا لكنت شوفت مني وش ربنا مايوريهولك..
حانت من أدهم بسمة ساخرة ليقول بوعيد:
ـــ هدد براحتك يا سي معتصم… و على جثتي ان ريم تكون ليك..
بالكاد سيطر معتصم على أنفاسه المتسارعة ثم وضع يديه في جيبي بنطاله و هو يقول بنبرة غليظة:
ـــ شرفت يا أدهم بيه.
ألقى عليه أدهم نظرة حارقة ثم تركه و عاد الى سيارته و هو يستشيط غضبا من ردود فعل معتصم الباردة المستفزة، فقرر العودة للمنزل ليرتدي ملابسه الميري ليستكمل عمله على أية حال…

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مهمة زواج)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى