روايات

رواية مهمة زواج الفصل الثامن 8 بقلم دعاء فؤاد

رواية مهمة زواج الفصل الثامن 8 بقلم دعاء فؤاد

رواية مهمة زواج الجزء الثامن

رواية مهمة زواج البارت الثامن

مهمة زواج
مهمة زواج

رواية مهمة زواج الحلقة الثامنة

ــ يا نهار مش طالعله شمس!!.. ايه اللي انت بتقوله دا يا معتصم… انت عايزني أنا أتجوز البت الهبلة دي اللي اسمها صافية؟!… طاب ياخي قول كلام يتعقل.
هتف بها حمد في ذهول و غضب في آن واحد و هو يلوح بيديه هنا و هناك، بينما معتصم رغم إشفاقه على شقيقه إلا أنه تحلى بالصرامة هاتفا به بغلظة:
ـــ بقولك ايه يا حمد… اهدى كدا و افهم… انا شرحتلك لحد دلوقتي أكتر من عشر مرات إن دي عوايدنا و مش معنى انك عيشت سنين كتير من عمرك في القاهرة و اطبعت بطباع أهلها إن احنا خلاص هنغير جلدنا و ننسى عوايدنا و اللي أهلنا ربونا عليه….
لوح بيديه بعصبية مفرطة:
ــــ خلاص اتجوزها انت… مش انت الكبير!!.
لكزه بخفة في كتفه فارتد للخلف خطوة فاسترسل معتصم بحدة:
ـــ انت اهبل يلا… دا انا عمري قد عمرها مرتين… انت أنسب واحد لصافية يا حمد و سنك قريب من سنها.
رد بعناد:
ـــ يا عم أنا مش عايز أتجوز دلوقتي… أنا لسة يادوب متخرج و مخلص جيشي و لسة بقول يا هادي في شغل البيزنس…مش هتجوز قبل ما أبني نفسي يا معتصم.
أخذ معتصم يفرك وجهه بكفيه و هو يستغفر ربه بخفوت لعله يتخلص من وساوسه التي تأمره بلكمه، ثم حاول التحلي بالصبر قائلا بنبرة من اللين:
ـــ قولي يا حبيبي… في بنت معينة في دماغك أو بتحبها عشان كدا انت رافض؟!
أجابه بنبرة صادقة:
ـــ لا يا معتصم مفيش… و لو في هتكون انت أول واحد عارف… أنا مش في دماغي الحب و العواطف و الكلام دا.
ـــ طاب خلاص إدي نفسك فرصة يمكن تحبها… صافية بنوتة حلوة و مؤدبة و غير كدا انت اللي هتربيها على ايدك و هتطبعها بطبعك.
لوح بيده بانفعال كما اعتاد منذ بداية الحوار و هو يقول بسخرية:
ـــ حلوة ايه بس يا معتصم… هو أنا أعرف شكلها أصلا… و بعدين بعيدا عن الشكل و الأدب… مكانش دا طموحي في البنت اللي هتجوزها… أنا نفسي أتجوز بنت متعلمة تعليم عالي.. مثقفة.. متكلمة.. واحدة تربي ولادي أحسن تربية.. واحدة تليق بحمد البدري رجل الأعمال المستقبلي… مش طفلة يادوب مخلصة الإعدادية!!
قال عبارته الأخيرة بمرارة جعلت معتصم يتنهد بحيرة، فماذا عساه أن يفعل..
لقد وقعوا في الفخ و قضي الأمر.
ـــ حمد… احنا قدام أمر واقع ولازم هنقبل بيه… فحاول كدا تبلع الجوازة دي بمزاجك و تقنع نفسك بيها… و بعدين جوازك من صافية مش هيعوق حياتك في حاجة…. كدا كدا هتتجوز في الدوار و هتسيبها هنا مع الحاجة و روح شوف أشغالك و انزلها البلد أجازات..
رمقه حمد بعينن حمراوتين من الغضب، فاسترسل معتصم بنفاذ صبر:
ـــ يا سيدي ابقى اتجوز البنت اللي على مزاجك هناك في القاهرة و ابني معاها مستقبلك زي ما انت عايز و…
قاطعه بانفعال بالغ:
ـــ أنا مش هغلط غلطتك يا معتصم…
احتقن وجه معتصم بالغضب حين لفظ أخوه تلك الكلمات، و لكن حمد لم يسكت عند هذا الحد، بل استرسل بمزيد من الجلد و التأنيب:
ـــ أنا مش هعمل زيك و أفضل خايف للسر ينكشف و أعيش بشخصيتين زي ما انت بتعمل.
خرج معتصم من صمته الغاضب و انفجر فيه بحدة:
ـــ معتصم البدري مبيخافش يا حمد…جوازي من نرمين أنا مخبيه عن أمك عشان مش هتقبل بيه.. و اذا كنت خايف من الجوازة دي تتكشف فدا خوفي على أمي و صحتها لو عرفت… أنما أي مخلوق تاني ميهمنيش و انت عارف.
كان يصيح حتى برزت عروق رقبته للغاية الأمر الذي أثار شفقة حمد عليه و جعله يشعر بالذنب أن استفزه لتلك الدرجة، فاقترب منه يربت على كتفه بحنو مرددا باعتذار:
ـــ معتصم أنا…
أوقفه بإشارة من كفه و هو يقول بحدة دون أن ينظر إليه:
ــــ بس ولا كلمة… اعمل حسابك هنوصل دار عمك الليلة نطلب يد البنتة و نتفج على كل حاچة و تنزل امعاها بكرة انت و أمها تنجوا الشبكة اللي تعچبها… و حسك عينك تجول كلمة اكده ولا اكده و لا يصدر منك أي حركة ملهاش عاذة يا حمد..
هنزل دلوق أصلي العصر و تحصلني ع الغدا.
ثم تركه بصدمته و غادر الغرفة، فجلس حمد على حافة فراشه منكسا رأسه بين كفيه يحاول تهدئة ذلك الغليان برأسه، فيبدو أن أخيه قد أخذ القرار و لن يتراجع مهما فعل… و هو لن يستطيع أن يكسر كلمته أو بالأحرى هيبته بين أهل بلدته.
عودة للقاهرة..
أمام إحدى الكافيهات الراقية قام آسر بصف سيارته ثم ترجل منها ليفتح الباب الخلفي لخطيبته لتخرج ميريهان تلتها شقيقتها مودة فقام آسر بغلق السيارة الكترونيا و اصطحبهما إلى الداخل..
ــــ ايه رأيكو في الترابيزة اللي هناك دي
أشار إلى إحدى الطاولات النائية التي تطل على النيل فأومأت ميريهان بحماس:
ـــ حلوة يا آسر… يلا.
حين وصلوا للطاولة و جلس كل من آسر و ميري أردفت مودة ببسمة خالصة:
ــــ طاب هروح أنا بقى أستناكم في الترابيزة اللي هناك دي..
أشارت ألى أخرى بعيدة في الجهة المقابلة، فقال آسر بجدية:
ـــ طاب اقعدي نشرب أي حاجة الأول.
ردت بمرح:
ـــ لا يا عم… أنا هروح أمارس هوايتي المفضلة..
قالتها و هي ترفع أمامهما حقيبتها التي تحوي أدوات الرسم.
فأومأ آسر ببسمة ممتنة فأسرعت بالإستئذان منهما و ذهبت الى حيث أشارت.
ـــ بتحبك أوي مودة…
قالها آسر و هو يراقبها بعدما انصرفت، فردت ميري بتنهيدة حزينة:
ـــ بتفضلني على نفسها في كل حاجة… عايزاني أعيش اللي هي مش قادرة تعيشه… انت متعرفش أنا قلبي واجعني عليها قد إيه يا آسر..
رد بلهفة:
ـــ لا يا حبيبتي سلامة قلبك… كفاية هي… ربنا يشفيها.
ـــ يا رب… نفسي تخف و تعيش حياتها زي أي بنت.. بس للأسف كفاءة القلب كل مدى بتقل لولا الأدوية اللي لو فوتت يوم و مأخدتهاش الدنيا تبوظ خالص و غالبا بتبات اليوم دا في المستشفى.
ربت على كفها المستقر على الطاولة و هو يقول بحزن:
ـــ نصيبها كدا من الدنيا يا ميري…ربنا يجعل مرضها في ميزان حسناتها.
زفرت أنفاسها و هي تتمتم بالحمد لله، فغير آسر مجرى الحديث:
ـــ ها يا حبي… تشربي ايه؟!
بينما هناك على طاولة مودة، بينما هي منهمكة في الرسم، رن هاتفها برقم ما، فنظرت للإسم و اتسعت بسمتها تباعا ثم فتحت المكالمة لترد:
ــــ ألو… ماما حبيبتي وحشتيني أوي..
ـــ و انتي يا روحي وحشاني موت… عاملة إيه يا ميمو و ميري أخبارها إيه؟!
ــــ الحمد لله يا ماما احنا بخير.. انتي اللي عاملة ايه؟!
ـــ بخير يا حبيبتي طول ما انتو بخير… ميري صوتها وحشني أوي…مش ناوية قلبها يحن و تكلمني بقى؟!
ابتلعت مودة ريقها ثم قالت بحزن:
ـــ متزعليش منها يا ماما… هي بتحبك بس انتي عارفة إن قلبها جامد شوية و لسة شايلة منك..
ـــ اممم… مش قادرة تسامحني و تنسى اللي فات.. أنا تعبت و مش عارفة أعملها ايه تاني عشان تسامحني.
ـــ معلش يا ماما إديها شوية وقت… ان شاء الله هتروق و هترجع المية لمجاريها.
ـــ يا رب يا مودة يا رب… وصلي سلامي ليها و لآسر..
ـــ حاضر يا حبيبتي يوصل…
ـــ مع السلامة يا روحي..
أغلقت ريهام والدة مودة الهاتف و هي تزفر بحزن، فمنذ أن انفصلت عن والدها و تزوجت بآخر و سافرت معه الى الخارج و قد بنت ابنتها ميريهان سدا منيعا بينها و بين والدتها لم تتخطاه بعد رغم مرور أكثر من عشر سنوات على ذلك الأمر، و رغم كل محاولات التودد من قبلها، ألا أنها كلها قابلتها ميريهان بالرفض على عكس مودة تماما، و التي رق قلبها لأمها على الفور و سامحتها و كأن شيئا لم يكن.
في شقة أدهم….
طرق باب غرفتها فردت عليه من خلف الباب ليقول لها:
ـــ ندى أنا هستناكي في الصالون….عايز أتكلم معاكي.
أتاه صوتها من خلف الباب:
ـــ حاضر ثواني و جاية.
بعد قليل أقبلت عليه مرتدية إسدال الصلاة ثم جلست بالكرسي المقابل له، فأدار دفة الحديث قائلا بجدية:
ـــ إن شاء الله بكرة الصبح ماما هترجع من عند روان و أنا هنزل شغلي…. و طبعاً ماما هتلاحظ إن كل واحد مننا بيبات في قوضة لوحده و طبعاً هتقوم الدنيا و مش هتقعدها..
ردت بتجهم:
ـــ و المطلوب؟!
رد عليها بهدوء و ترقب:
ـــ أنا فكرت في فكرة كدا مش عارف هتوافقيني عليها ولا لأ؟!
ـــ قول أنا سامعاك.
أخذ نفسا عميقا ثم قال و بؤبؤي عينيه يتحركان بعشوائية كناية عن توتره:
ـــ عايزك تقوليلها إنك اقترحتي نتعرف على بعض فترة معينة كأننا لسة في فترة خطوبة لحد ما نتعود على بعض و بعدين هنمارس حياتنا الزوجية طبيعي بعد كدا.
سكتت مليا تراقب توتره ثم أردفت بوجوم:
ــــ و ليه أنا اللي اقترحت… ليه ميكونش انت؟!
تنهد بنفاذ صبر:
ـــ عشان هي مش هتتقبل مني أنا الاقتراح دا… انما هتقبله منك انتي و هتحاول قدر الامكان متضايقكيش حتى لو هتيجي عليا انا.
هزت رأسها بإيجاب و ملامحها يبدو عليها الحزن العميق ثم قالت بنبرة خاوية:
ـــ تمام يا أدهم ربنا يسهل.
رسم بسمة صغيرة على شفتيه ثم قال بنبرة جادة فيها شيئ من الإعجاب:
ـــ بس تعرفي!.. أنا اتبسطت أوي إني اتعرفت عليكي… بجد انتي شخصية جميلة و مثيرة و أنا متأكد إن كل ما هنقعد مع بعض هكتشف فيكي حاجات أجمل.
توردت وجنتاها من الخجل و هربت بعينيها من مرمى ناظريه حياءا ثم قالت بنبرة مهتزة من أثر الخجل:
ـــ احم… و أنا.. و أنا كمان اتشرفت بمعرفتك… عن إذنك.
هبت واقفة لتسير نحو غرفتها بخطوات سريعة، فلا تدري أهي غاضبة، حانقة، محبطة، خجلى أم كل تلك المشاعر امتزجت بوجدانها.
بينما أدهم راقب طيفها بحيرة، لا يدري أقرارته تلك معقولة أم أنه قد بالغ فيها… و لكنها لطالما هي من اقترحت عليه علاقة الصداقة… إذن فالأفكار متبادلة و الرأي واحد… ندى جذابة حقا و ربما تتطور العلاقة بينهما لأبعد من ذلك… ولكن في الوقت الراهن قلبه لا يميل لها و هي بالنسبة له مهمة عمل و أمانة من والدها و عليه المحافظة عليها بأقصى ما يستطيع… هذا كل شيئ.
انتهت نزهة آسر مع ميري و مودة ثم أخذهما بسيارته عائدين إلى منرلهما حيث جلست ميري بجوار آسر في المقعد الأمامي بينما جلست مودة بالمقعد الخلفي، و أثناء ذلك تحدثت مودة إلى ميريهان عبر مرآة السيارة الأمامية:
ــــ صحيح يا ميري ماما كلمتني لما كنتي قاعدة مع آسر… نفسها تسمع صوتك… بتقول إنك وحشتيها أوي.
تجهم وجهها على إثر سيرة أمها و قالت ببرود:
ـــ امممم…. ماشي.
رمقها آسر بنظرة من جانب عينه تنم عن عدم رضاه عن رد فعلها ثم قال بحدة طفيفة:
ـــ ميري ميبقاش قلبك أسود كدا… دي مهما كانت مامتك و ربنا ميرضاش بالمعاملة اللي بتعامليها بيها دي.
رمقته بنظرة حارقة ثم هتفت بعصبية:
ـــ أنا قلبي أسود و زي الزفت… و يا ريت محدش يكلمني تاني في الموضوع دا….ممكن؟!.
هم آسر ليتحدث إلا أن مودة قاطعته:
ـــ خلاص يا آسر سيبها براحتها.
شدد من قبضته على المقود كناية عن تعصبه و صمت بينما ميري أشاحت بناظريها بعيدا عنه تراقب الشوارع عبر النافذة بشرود و تيه… تشعر بنصال حادة تمزق قلبها… فلا هي قادرة على مسامحة أمها و لا تستطيع التخلص من إلحاح شقيقتها و خطيبها… فماذا عساها أن تفعل بنابضها الذي يأبى الغفران.
في محافظة سوهاج….
ــ بت يا صافية… البَسي الدريل البنفسچي بتاع العيد الصغير عشان تجابلي بيه حمد واد عمك.
سكتت مليا تفكر ثم ما لبثت أن قالت بتررد:
ـــ بس أني كنت عايزة ألبس الدريل البني يا أمايا.
أخذت تحرك شفتيها لجانب فمها كناية عن عدم رضاها لتقول بسخرية:
ـــ بني يا مايلة!!.. كانك اتچنيتي اياك!.. أني جولت تلبسي البنفسچي يا مجصوفة الرجبة.. انتي عايزة تلبسي غامج و تچرسينا؟!
زمت شفتيها بضيق ثم قالت بانصياع:
ـــ حاضر يامايا بنفسچي بنفسچي..
ضيقت عيناها بمكر و هي تقول:
ـــ إيوة اكده… أنا خابراكي معتچيشي غير بالعين الحمرا يا بت حمد.
ضربت صدرها بخفة لتقول باستنكار:
ـــ أني يامايا؟!…دا أني بالذات لو جولتيلي لجحي روحك بالجنايا هلجحها طوالي.. دا أني عمري ما كسرتلك كلمة واصل.. أني طوالي..
قاطعتها أمها بنفاذ صبر هاتفة:
ـــ اتكتمي يا بت… ايه ياختي ماصدجتي تنفتحي في حديتك الماسخ ده… إنچري يلا روحي احلبي الچاموسة عشان تتشطفي و تغيري خلجاتك قبل ما عريس الغبرة ياچي..
أطرقت رأسها بانكسار و هي تردد بخنوع:
ـــ حاضر يا امايا أني رايحة الزَريبة أهو…
راقبتها أمها و هي تسير ناحية حظيرة الحيوانات و هي تبتسم بانتصار، فها هي فتاتها المطيعة لم تخيب ظنها أبداً و أينما توجهها تذهب كيفما شائت هي… ألغت شخصيتها و محت تفكيرها و لم تسمح لها بأن تفكر أو تختار… فحتى زواجها بابن عمها لم يكن سوى إقرارا منها بالموافقة على ما تراه أمها في صالحها و حسب، فصافية أيضا حالها من حال حمد، لم تراه منذ سنوات و لم يخطر ببالها من الأساس أن تُخطب له.
و لكن هي كل ما تعرفه أنها ترى بعين أمها و تفكر برأس أمها و تسير كما يحلو لأمها و حسب.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مهمة زواج)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى