روايات

رواية مهمة زواج الفصل الثالث عشر 13 بقلم دعاء فؤاد

رواية مهمة زواج الفصل الثالث عشر 13 بقلم دعاء فؤاد

رواية مهمة زواج الجزء الثالث عشر

رواية مهمة زواج البارت الثالث عشر

مهمة زواج
مهمة زواج

رواية مهمة زواج الحلقة الثالثة عشر

في محافظة سوهاج..
كان معتصم قد أرسل سابقا خفيره سمعان الى ريم بالوحدة الصحية يطلب منها رقم هاتفها حتى اذا ما مرضت أمه أو حدث جديد بحالتها الصحية اتصل بها لعلها ترشده الى ما عليه فعله و قد رحبت لذلك و لم تمانع حبا لتلك السيدة، فقامت بتدوينه على ورقة و كتبت أعلى الرقم “د/ريم الكيلاني”، و قد قام معتصم بتسجيله بهاتفه ثم أرسل لها رسالة عبر الواتساب يخبرها برقمه لكي تحفظه لديها و قد فعلت.
و في المساء كانت الفتاتان جالستان بالسكن الخاص بهما الملحق بمبنى الوحدة الصحية بالطابق العلوي لها…
و هو عبارة عن غرفة نوم بها تختان و خزانة ملابس و طاولة الزينة و صالة بها طاولة طعام مستديرة و أريكتان و مطبخ صغير بالكاد يتسع للموقد و حوض غسل الأطباق و أيضا مرحاض صغير.
ـــ لا لا انا مش معاكي خالص يا مارتينا…. أنا شايفة ان حمد احسن من معتصم… تحسيه ذوق كدا و بيفهم.. مش زي اخوه الإتم دا.
قالتها ريم و هي تحتسي الشاي مع صديقتها، لترد مارتينا بسخرية:
ـــ انتي طلعتي غبية و مبتفهميش.
أشاحت بيدها و هي تقول بنزق:
ـــ يابنتي انتي باصة للجسم و الهيئة.. أي نعم حمد مش body building زي معتصم .. بس مازلت عند رأيي ان حمد چان أكتر… و بعدين يا ستي بقى بلا معتصم بلا حمد.. سيبك انتي… و خليني اتمزج بكوباية الشاي بالنعناع دي.
ضحكت مارتينا بقهقهة على كلمات صديقتها ثم صبت جل تركيزها في كوبها أيضا.
بينما في ذلك الحين تماما كان الليل قد أسدل ستائره و حركة الأقدام قد قلت بل تكاد تكون اختفت من المنطقة المحيطة بمبنى الوحدة الذي تحفه الأراضي الزراعية من جهتين و الثالثة محفوف بالمنازل و الطريق من أمامه، فتلك عادة أهل البلدة اغلاق منازلهم و الخلود الى النوم مبكرا للغاية.
كان هناك بالأسفل رجلان ملثمان كان لتوهما قد تسلقا السور العالي للوحدة قافزين إلى الداخل، تقدم أحدهما إلى تلك النافذة المطلة على الحديقة بالطابق الأرضي و التي كان من السهل الوصول اليها و قد قام بخفة بفصل الحاجز الحديدي باستخدام آلة معه ثم بسهولة كسر درفتي النافذة و دلف الى داخل المبنى تلاه زميله.
تسللا بخفة الى الطابق العلوي حيث سكن الأطباء المغتربين.
أحدث أحدهما جلبة خارج السكن لكي تنتبه إحداهما و تقوم بفتح الباب و من ثم يقتحمان السكن.
و بالفعل شعرت مارتينا بصوت غريب بالخارج، فتركت الكوب من يدها لتتجه ناحية باب السكن بينما ظلت ريم منشغلة بتفقد هاتفها و تصفح الفيسبوك و لم تنتبه لذلك الصوت الغريب.
سمعت ريم صوت صرخة مكتومة، فأصابها الفزع و ركضت باتجاه الباب لتلمح جلباب أحد الملثمين، فاتسعت عينيها بذعر و التقطت حجابها سريعا تضعه على رأسها ثم خرجت بهدوء تختبئ بالمطبخ و مازالت ممسكة بهاتفها.
لمحت جسد مارتينا مسجي على الأرض بجوار باب السكن المفتوح و يبدو أنها فاقدة للوعي، فازداد ذعرها أكثر و رفعت هاتفها أمام عينيها المذعورتين و أول من أتى بخاطرها هو “معتصم”.
بيدين مرتعشتين قامت بالاتصال به و قد علت دقات قلبها بطريقة جنونية من فرط الخوف، و بعد ثواني أتاها صوته المتعجب لتقول بنبرة مهزوزة مرتعبة:
ـــ مـ معتصم..
و قبل أن يجيبها كان قد رآها أحد الرجلين ليسقط الهاتف من يدها و هي تصرخ بملئ فمها، بينما على الجهة الأخرى انتفض معتصم من فراشه حين أتاه صراخها و انقطع الاتصال بعدها.
أعاد الاتصال بها عدة مرات و لكن الهاتف مغلق..
ازدادات دقات قلبه من فرط القلق، و في غضون ثواني كان قد ارتدى جلبابه و اتجه سريعا نحو غرفة شقيقه و قام بايقاظه:
ـــ حمد.. حمد.. قوم معايا بسرعة.. في مصيبة حصلت لريم..
رد بصوت ناعس:
ـــ ريم مين؟!
ـــ اصحى و ركز معايا كدا… الدكتورة ريم اللي كانت عندنا النهاردة.
هب حمد من الفراش واقفا و هو يهتف بقلق:
ـــ ايه اللي حصل؟!
جذبه من ذراعه و سار به الى خزانة ملابسه و هو يصيح بقلق بالغ:
ـــ انت لسة هتسأل يا حمد… البس و اخلص.. انا هنزل اصحي الغفر على ما تلبس و هات سلاحك معاك.. بسرعة.
أومأ حمد و شرع في تبديل ملابسه و في غضون دقائف قليلة كان معتصم يسير مهرولا الى الوحدة بجواره حمد و خلفه ثلاثة من الخفر بينهم سمعان و بحوذتهم أسلحتهم الخاصة بخلاف العصى الغليظة “الشوم”.
لم يكذب حدس معتصم، فبعدما فتح سمعان البوابة الحديدية بالمفتاح الاحتياطي الذي بحوذته و دلفوا الى الداخل تبين له النافذة المكسورة و التي عبروا خلالها و هو يركض بعدما أصابته حالة من الهيستريا، فقد هوى قلبه بين قدميه حين تخيل أن مكروها قد أصاب ريم..
صاح بغصب مزمجرا كالأسد الجريح و عند مقدمة الدرج:
ـــ سمعااان خود الرچالة و اجلبلي الارض عاليها واطيها لحد ما تلاجي الكلاب اللي عِملوا اكده… و رب العزة ان عاودت من غيرهم لأكون امعلج رجبتك على باب البلد…هِم بسرعة.
ثم أخذ الدرج في خطوتين و ركض خلفه حمد يلحق به.
تفاجئ بجسد مارتينا المسجي على الارض بجوار الباب ليصيح بحمد:
ـــ حمد بسرعة شيل مارتينا دخلها جوا و حاول تفوقها.
أومأ حمد و انحنى لمستواها ليبدأ ما أمره به معتصم..
بينما معتصم ركض الى غرفة النوم فلم يجدها، فخرج سريعا ليأتيه صوت شهقاتها العالية من المطبخ، فركض نحوها بسرعة يتفقدها، فوجدها منكمشة على نفسها على أرضية المطبخ مرتدية بيچامة النوم و الحجاب بالكاد يغطي نصف شعرها و … تتنفس بصعوبة و كأنها تصارع للبقاء على قيد الحياة و عينيها بالكاد تفتحها و كانت بعالم آخر كأنها لا تشعر به…. فقد أصابتها نوبة هلع.
قبض معتصم على كتفيها برفق يهزها و هو بالكاد يسيطر على انفلات اعصابه ثم ناداها بهدوء عكس ما يختلج بكيانه كله:
ـــ ريم.. اهدي.. اهدي يا ريم… اتنفسي براحة.. خودي نفسك براحة..
و لكنها لم تستجب له بل علت وتيرة تنفسها أكثر و الدموع أغرقت وجنتيها، فلم يجد بدا من احتضانها، فهو يدرك جيدا أنها قد أصيبت بنوبة هلع و لن يجدي معها نفعا سوى تلك الطريقة..
جذبها الى حضنه ليشعر بتلك النبضات العنيفة التي تضرب صدرها بضراوة حتى أن صداها تردد بصدره، فأخذ يمسد على رأسها تارة و يربت على ظهرها تارة أخرى و هو يردد بعض الكلمات المهدئة بجوار أذنها بنبرة حنونة للغاية:
ـــ ريم خلاص انتي في أمان… اهدي.. اتنفسي براحة يا ريم… خلاص مشيوا.. اهدي.. خودي نفسك براحة خالص..
بدأت تستجيب له بعدما تسلل اليها ذلك الشعور بالأمان علاوة على الدفئ النابع من احاطته لها، و بدأت شهقاتها تقل رويدا رويدا و نبضات قلبها بدأت في الانتظام بالتزامن مع انتظام وتيرة تنفسها، حتى انغلق جفنيها و استسلم جسدها للنوم بعدما أنهكته تلك الحالة المرعبة، فشعر بثقل رأسها على صدره ليتنهد بقليل من الارتياح و لكنه أبقاها بحضنه برهة بعدما غزى قلبه نحوها ذلك الشعور الغريب بالتملك و كأنها تخصه…و كأنها ملكا له.
تجاهل تلك المشاعر التي تملكته، فهذا ليس وقتا مناسبا لاستكشاف المشاعر و من ثم قام بحملها برفق شديد حتى أدخلها غرفة النوم و وضعها على الفراش و دثرها جيدا ثم ألقى عليها نظرة أخيرة و خرج مغادرا الغرفة.
خرج ليجد حمد قد وضع مارتينا على الأريكة الكائنة بالصالة و يحاول افاقتها حتى بدأت تتململ و تفتح جفنيها بصعوبة الى ان استعادت وعيها كاملا لتنهض من نومتها و هي تبكي بشدة ثم أخذت تدير ناظريها بين حمد و معتصم الذين جلسا على الأريكة المقابلة ينظرون نحوها على استحياء لتهتف باستغراب بنبرتها الباكية:
ـــ معتصم بيه؟!…انت جيت هنا امتى؟!.. و عرفت منين؟!
أقبل عليها و هو يغض نظره عنها ثم قال بجدية:
ـــ مش مهم عرفت ازاي… المهم احكيلي اللي حصل بالظبط.
بدأت شهقاتها تعلو ثم ما لبثت أن تذكرت صديقتها لتصيح بهلع:
ــــ ريم… ريم فين؟!… عملوا فيها ايه؟!…
ـــ متخافيش يا مارتينا ريم بخير..
كان ذلك رد حمد لها، فهتف معتصم بنفاذ صبر:
ـــ ريم نايمة جوا… قوليلنا بقى ايه اللي حصل؟!
حاولت السيطرة على أعصابها التالفة ثم بدأت في سرد ما حدث أمامها:
ـــ أنا و ريم كنا سهرانين و بنشرب شاي.. و فجأة سمعت صوت برا باب السكن فافتكرتها قطة قولت اشوفها يمكن تكون عطشانة… بس ريم مكنتش واخدة بالها.. خرجت و بمجرد ما فتحت الباب لقيت قدامي اتنين متلتمين مش باين منهم غير عيونهم.. واحد منهم خبطني على دماغي و محستش بحاجة بعدها.
انخرطت في البكاء مرة أخرى ثم ما لبثت أن صرخت عاليا حين نظرت ليديها:
ــــ يا نهار اسود… دهبي.. سرقوا دهبي..
تحسست رقبتها لتتفقد سلسالها الذهبي و لكن أيضا لم تجده فازداد نواحها أكثر، بينما معتصم أخذ يطمئنها و هو يغلي من الغضب:
ـــ اهدي يا مارتينا… هرجعلك كل اللي سرقوه متقلقيش…أنا عايزك تقومي دلوقتي تلمي كل هدومك و متعلقاتك و ريم كمان صحيها و قوليلها تلم حاجتها كلها عشان هاخدكو معايا الدوار…
نظر لحمد ليقول بنبرة آمرة:
ـــ و انت يا حمد قوم اوصل الدوار هتلاقي مفاتيح عربيتي في درج الكومود بتاعي خودهم و هات العربية و ارجعلي على هنا.
أومأ حمد ثم نهض متجها إلى حيث أمره أخوه.
بينما معتصم ترك مارتينا لتقوم بما أملاه عليها و هبط الى الطابق الأرضي للوحدة ليتفقد المكان ربما يجد ما يدله على هوية هؤلاء اللصوص، استل هاتفه من جيب جلبابه ليجري اتصال برجاله:
ـــ ها يا سمعان وصلت لايه؟!…
ـــ قطرناهم يا كبير بس بيُهربوا منا وسط الاراضي.. بس و الله ماهنسيبهم لو هيچرونا وراهم البلد كلاتها..
ـــ اضرب عليهم نار ان لزم الامر يا سمعان..
ـــ أوامرك يا كبير..
أغلق الهاتف ثم أخذ يدور في غرف الوحدة و يتفقدها بحرص و بعد عدة دقائق هبطت اليه مارتينا تناديه و يبدو عليها الانزعاج الشديد:
ـــ معتصم بيه… ريم منهارة و مصممة ترجع القاهرة دلوقتي.
لم ينطق بحرف بل صعد اليها مرة أخرى على عجل ثم طرق الغرفة المفتوحة بابها ليأتيه صوت شهقاتها العالية، فتقدمت مارتينا من الخارج:
ـــ اتفضل ادخل يا معتصم بيه.. ريم لابسة حجابها.
دلف اليها ليجدها تجلس على حافة الفراش مرتدية ملابسها المعتادة من قميص نسائي طويل أسود اللون و بنطال چينز ضيق و حذاء رياضي أسود و حجابها أيضا من اللون الأسود، و بكائها عبارة عن شهقات فقط و وجهها محمر من شدة الانفعال.
ـــ دكتورة ريم اتفضلي معايا فـ..
قاطعته بصراخ:
ـــ انا مش رايحة في مكان… انا هرجع بيتي في القاهرة… و دلوقتي.
كانت تتحدث و عينيها زائغة في مكان آخر و يبدو أنها على حافة الانهيار العصبي..
فاقترب منها واقفا يحدثها برفق:
ـــ هتروحي القاهرة ازاي دلوقتي؟!.. انتي عارفة الساعة كام؟!
ردت بذات الانفعال:
ـــ همشي يعني همشي.. مش قاعدة دقيقة واحدة في البلد دي… انا عايزة اروح بيتي..
أخذت تردد العبارة الأخيرة و هي تشهق بأنفاسها التي بدأت تضيق و تزداد، فخشي أن تأتيها نوبة الهلع من جديد، و أدرك أنها ليست في وعيها الكامل.
ـــ ريم اهدي بقى عشان نعرف نتفاهم.
و لكن كان ازدياد شهقاتها هو ردها عليه، لينظر الى مارتينا و هو يقول بنبرة ذات مغذى:
ـــ لو سمحتي يا مارتينا هاتيلها كوباية مية يمكن تهدى شوية.
أدركت مارتينا أنه يريد الانفراد بها لعله يقنعها بالعودة معه الى الدوار، فأومأت له و خرجت من الغرفة.
تقدم منها حتى نزل على ركبتيه على الأرض ليكون رأسه في مستوى رأسها و دون أن يلمسها أخذ يتحدث اليها بهمس حاني:
ـــ ريم اهدي بقى… اتنفسي براحة..
نظرت له بعينين محمرتين من فرط البكاء ثم قالت بعدوانية:
ـــ مش ههدى غير لما ارجع بيتي.
أشاح برأسه للجهة الأخرى متنفسا بعمق ثم نظر لها مرة أخرى ليقول بذات النبرة الحانية:
ـــ طاب بطلي عياط و أنا هعملك اللي انتي عايزاه.
أيضا لم تهدأ شهقاتها و لو مقدار شهقة واحدة، بل شفتيها ترتجفان بالتزامن مع ارتجاف يديها و اهتزاز جسدها بالكامل من فرط الانفعال، فنظر لعينيها بعمق ثم قال و هو يتلاعب بها بمكر:
ـــ الظاهر كدا عجبك حضني..
اتسعت عينيها بصدمة و توقفت حركة جسدها تماما، فابتسم بانتصار، و استرسل بمزيد من المكر و بهمس مثير للغاية:
ـــ ماهو أصل حضني هو اللي بيهديكي.
بدأت تواتيها ذكرى الأحداث الماضية حين قام باحتضانها حتى هدأت أثناء نوبة الهلع، لتحمر وجنتيها خجلا و تهب واقفة من الفراش مولية ظهرها له، ليقف هو الآخر ليقول بجدية:
ـــ أخيرا هديتي!… ريم خلينا نتكلم بالعقل شوية.
استدارت له لتتحدث بحدة و هي تنظر أرضا:
ـــ أنا حقيقي مش هقدر أكمل هنا تاني… أنا هعمل محضر و هقدم على طلب نقل للقاهرة.
حين أدرك أنها تذكرت ما حدث و عادت لوعيها، عاد أيضا لغلظته التي عاهدته عليها فرد بنبرة قاطعة و بحدة بالغة:
ـــ مفيش محاضر هتتعمل… حجك انا هعرف اچيبهولك و كل اللي اتسرج منيكم هيرچع.. ماهو مبجاش كَبير البلد دي لما شوية اكلاب يغفلوا ضيوفي و يسرجوهم.. كانهم مفكريني طرطور وسطيهم.
ابتلعت ريقها بصعوبة من رهبتها، و هتفت به بنبرة مهتزة:
ـــ انت بتزعقلي كدا ليه؟!
ـــ و ان ما نزلتي امعايا دلوق هتشوفي اللي مش عتحبي تشوفيه واصل يا ست الضاكتورة.
ردت بخوف نوعا ما:
ـــ انت من شوية كنت كيوت… انت بتقلب مرة واحدة كدا ليه؟!
كتم ضحكته بصعوبة بالغة محافظا على وجهه الصارم و نبرته الغليظة متجاهلا رأيها به:
ـــ همي يلا لمي هدوماتك… حمد مستنينا تحت.
لكنها حاولت أن تتحلى بالشجاعة لتقول بنبرة قاطعة:
ـــ أنا مش هتحرك من هنا و اروح أبات في بيت واحد غريب عني بدون علم أهلي…
رغم شعوره بالاعجاب و الاحترام الشديد لتقريرها بذلك، الا أنه تأفف بنفاذ صبر:
ـــ معناته ايه كلامك؟!
انكمشت ملامحها و كأنها ستعود من جديد للبكاء حين تذكرت حاميها و سندها في الحياة، فهي الآن في أشد الاحتياج إليه و لكلماته المطمئنه و لحضنه الآمن الذي تلجأ اليه حين تضيق بها الضوائق…لتقول بنبرة طفولية أوشكت على البكاء:
ـــ أنا عايزة أدهم… أنا عايزة أكلمه… أنا هقوله ييجي ياخدني من هنا…
ثم أخذت تدور حول نفسها و كأنها تبحث عن شيئ ما، فاستنفرت عروق رقبته بغضب بالغ حين ذكرت ذلك المجهول بالنسبة له و لكنه حاول أن يتحلى بالهدوء ليسألها بجدية:
ـــ انتي بتدوري على ايه..
ـــ بدور على تليفوني عشان أكلم أدهم..
جذبها من ذراعها و هي منحنية تبحث عن الهاتف لتعتدل أمامه ليصيح بها بعدم وعي منه:
ـــ أدهم مين اللي عايزة تكلميه دا؟!.. يبقالك ايه؟!
نزعت ذراعها منه بغضب جامح لتصرخ بانفعال:
ـــ متلمسنيش تاني… انت فاهم؟!.
أخذ نفسا عميقا يحاول به تهدئة نفسه، ثم زفره على مهل ليقول بهدوء نوعا ما:
ـــ يا بت الناس اعجلي اكده و خلونا نخفى من اهنيه و بعدين كلمي اللي تكلميه..
ثم ما لبث أن تذكر شيئا ما و هي مازالت تبحث:
ـــ و بعدين الحرامي سرج كل حاچة مخلاشي حاچة واصل.. حتى دهبات زَميلتك سرجها… يعني لا حيلتك افلوسات و لا تلفونات و لا أيتها حاچة واصل.
اتسعت عيني ريم بصدمة لتقول بملامح مشدوهة:
ـــ يعني ايه؟!.. يعني مش هعرف أكلم أدهم؟!
رد و هو يكظم غيظه بصعوبة:
ـــ لو حافظة رقمه خودي تلفوني كلميه.
ـــ لا مش حافظاه… مسيفاه على الموبايل… مش حافظة أي ارقام خالص.
ـــ طاب خلاص اكده مفيش جدامك غير انك تاچي امعايا.. و متخافيش.. هتباتي في المضيفة اللي چار الدوار يعني بعيد عن اللي بايتين في الدار.. و في غفر بيحرسوا المضيفة لما بيكون عندينا فيها ضيوف.. يعني انتي امعايا في أمان و محدش يجدر يدوسلك على طرف طول مانتي في حماية الكَبير.
تهدل كتفاها باحباط لتهز رأسها بإيماءة بسيطة كناية عن قلة حيلتها و موافقتها على عرضه، فما لبث أن زفر بقوة ثم قال:
ـــ أخيرا راسك اللي كيف الحچر الصوان دي لانت.. دا انتي طلعتي واعرة جوي.
رمقته بنظرة متحدية:
ـــ و الله لولا الظروف اللي زي الزفت دي و الدنيا اللي متقفلة في وشي دي ما كنت وافقت أبدا على كلامك.
حانت منه شبه ابتسامة ليقول بنبرة متهكمة:
ـــ معلهش.. ما يوجع الا الشاطر… بس… احم… ألا مين أدهم اللي عايزة تكلميه؟!
ـــ أدهم أخويا الكبير… مبعرفش أعمل أي حاجة بدون علمه.
قطب جبينه باستنكار:
ـــ باه.. باينه واعر جوي و بتهابيه.
هزت رأسها بنفي:
ـــ لا لا مش زي ما انت فاكر… بالعكس دا من حبي و احترامي ليه… أدهم دا مفيش أحن منه.
أومأ عدة مرات و هو يقول:
ـــ ربنا يباركلك فيه… بينا يلا ننزلو لحمد.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مهمة زواج)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى