رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل السابع عشر 17 بقلم فاطيما يوسف
رواية من نبض الوجع عشت غرامي الجزء السابع عشر
رواية من نبض الوجع عشت غرامي البارت السابع عشر
رواية من نبض الوجع عشت غرامي الحلقة السابعة عشر
خرجت وجد من ذاك المكان الذي دلفته وهي سعيدة بفعلتها وداخلها ينطق فرحا وسرورا بتلك الخطوة التي اعدت لها كثيرا وانطلقت الى المنزل بأقدام سريعة كي لا يلحظ سلطان خروجها من المنزل ولا تعرف بما تجيبه وبعد حوالي ربع ساعة وصلت الى البيت فقد قابلتها في الطريق صديقه لها ووقفن يتحدثن مع بعضهن قليلا ثم افترقت كل منهن الى طريقها ،
دخلت الى المنزل وهي تتلفت يمينا ويساراً كي ترى من بالمنزل ثم تنفست الصعداء عندما لم تجد احدا فالجميع مشغول بتجهيزات الفرح صعدت الى غرفتها وما ان دلفت حتى وضعت يدها على صدرها وشهقت عندما راته جالسا على الأريكة الموجودة في الغرفة ،
أما هو سألها :
_حمد لله على السلامة يا برنسيسة كنتي فين اكده من بقالك ساعتين وكيف تخرجي من البيت من غير ما تستأذنيني وتعرفيني ؟
حاولت ان تصطنع الهدوء وأجابته بأعصاب باردة اصتنعتها جيدا كي لا يلحظ توترها :
_ كنت بشوف حاجه البسها في فرح ابنك ، ما هو انت بردك مهانش عليك تقول لي تعالي يا وجد يا مرتي هاتي لك حاجة احضري بيها فرح عمران ولا سألت فيا واصل .
قام من مكانه واقترب منها وتساءل وهو ينظر الى يداها الفارغتين :
_مشايفش حاجه في يدك يعني ولا انتي جايبة لبس ولا يحزنون ،
ثم اقترب منها وأمسكها من كتفيها وهزها بعنف وهو يعيد على مسامعها نفس السؤال بصوت هدر مغلف بالحدة :
_انطُقي يا بت كتي فين يا اما هخلي يومك ما هيعديش عليكي النهاردة يابت المركوب إنتي .
اصطنعت الوجع والبكاء وهي تنظر الى كتفِها المتألم من قبضه يديه وهي تجيبه :
_انت كيف تشك فيا يا حاج وانت عارف ان ملياش في اللف ولا الدوران !
انا كنت بلف على المحلات علشان اشوف عباية تناسبني لفرح ابنك لكن ما لقيتش حاجة النهاردة وقلت هبقى افصلها على كيفي عند الخياطه اللي بتعمل لي على طول ولو مش مصدِقني اتصل لك بصاحبتي اللي كانَت وياي وهي هتقول لك انها كانت معايا واني مش بكذب عليك عاد .
نظر إليها بتفحص ثم أمرها :
_ماشي يا وجد بعد اكده ما تخرجيش من باب البيت الا باذن مني حتى لو راحة تشتري حاجة من جنب البيت ممنوع تعملي اكده مرة تانية انتي بقيتي في عصمة راجل مينفعش مرته تروح وتاجي من غير اذن منه مش طرطور اني !
حاولت ان تهدئ من توترها كي لا يلحظ ثم اقتربت منه وبنبرة يملؤها الدلال رددت وهي تحتضنه من كتفيه بطاعة كي تتقى شـ.ـره :
_ حاضر يا سلطان ما هعملش اكده تاني،
وبعدين هو اني اطول ان يكون وياي راجل يخاف علي من الهوا الطاير ويغير عليا كماني،
الا بصحيح يا ابو عمران انت بتحبني قوي اكده وبتغير علي كمان ؟
مازال يشعر بالغـ.ـضب تجاهها ولكن هدئ من نبرة غضبه عندما رأى اقترابها وطريقتها المدللة عليه وتحمحم قائلا بصوت خشن :
_وكيف يعني مغيرش على اهل بيتي اللي مني واحافظ عليهم !
وهما يبقوا طوعي وتحت امري وما يخالفوش اوامري واصل .
دلكت كتفيه بنفس الدلال ونطقت بمحبه اصطنعتها ببراعة :
_يا خراشي عليك وعلى كلامك الزين يا سيد الرجال ما انحرمش منك ولا من غيرتك وحبك وحنانك يا سلطاني .
واستطاعت تلك الماكرة بحركاتها والاعيبها ان تنسيه الأمر كله بدلالها الأخاذ لذاك الرجل الشائب ومر الموقف عليه بسلام وكأنه لم يحدث ،
اما بعده ساعتين من ذاك الوقت دلفت تلك اللعينة الى الشرفة الخاصة بغرفتها وجلست تفكر ماذا تفعل الى ان اهتدى بها الأمر أن ترسل رسالة الى تلك السكون وبعد تفكير دونت رسالتها من رقم آخر جديد قد ابتاعته وأرسلت لها :
_حذرتك قبل اكده من الطريق اللي انت رايحة له يا بت الناس وما سمعتيش كلامي وافتكرتيني بوقع بينك وبينه لكن لازم اعمل اللي عليا واقول لك على سر خطير ان جوزك عشقان لمرت ابوه وأني شفت عشقهم بعنيا دول ولما لاقاها اتجوَزت ابوه جه وخطبك واتجوزك وكان مراهنها كمان انه في خلال شهور هيتجوز وهيـ.ـحرق قلبها ،
خليكي اكده على عماكي يا داكتورة لما الطوبة تقع في المعطوبة وتدخلي عشك المتحاوط بالنـ.ـار وبلاش توري له رسالتي عشان تكتشفي بنفسك الكلام اللي قلته لك دلوقتي وقبل سابق .
أنهت رسالتها وضغطت زر الارسال وهي تحرك شفتيها بمكر لتلك الخطوة التي جعلت داخلها يهدا من نيرانه قليلا .
************************
في المشفى التى يرقد بها مجدي حيث ذهبت إليه مها زيارتها المعتادة له وهي في كل مرة تشعر بأنها متعبة من تلك الزيارة ، جلست أمامه تحادثه كمن يسمعها ولكنه مازال في غيبوبته من تلك الحمى التي أصابته ، فاهتز فكها بسخرية وهي تردد :
_ شفت الفرق بينا يامجدي ، اديني اهه باجي لك كل يوم وبطمَن عليك وأدخل اقعد جارك بالساعات وأسأل عن صحتك وهتخف امته ،
فاكر يامجدي لما وقعت ورجلي انكـ.ـسرت من كذا سنة عميلت وياي ايه ، وعادت بذاكرتها لسنوات مضت تتذكر كيف عاشتها مع ذاك الجامد بنبض وجـ.ـع لم ينتهي ،
#فلاش_باك
خرج مجدي من الحمام ووقف أمام مرآته يصفف شعره بإهمال وإذا به يستمع إلى صوت صريخ مها ، خرج إليها وجدها تجلس أرضاً تتأوه وهي تمسك قدماها ، هرول إليها متسائلاً:
_ مالك يامها حوصل إيه ووقعتي كيف ؟
انذرفت دمـ.ـوع عيناها وهي تبكي بغزارة من تألم قدمها وأجابته من بين شهقاتها :
_ أه رجلي بتصـ.ـرخ علي جامد يامجدي ، ااااااااه ، اتزحلقت ووقعت ، مقدراش أتحمل الوجـ.ـع ، أاااااااه ، الحقني حاسة بنـ.ـاار في رجلي .
تأفف مجدي بضيق وكعادته نظر إلى ساعته ثم هتف باستعجال:
_ متخافيش يامها وبطلي دلع حريم عاد ، هي بتوجعك من الوقعة بس ، دلكيها واربطيها برباط ضغط وهتُبقي زينة متقلقيش ،
ثم تابع حديثه وهو يقوم من مكانه وينظر إلى ساعته :
_ أني مضطر أمشي دلوك عندي معاد شغل مهم قووي مع عميل ومينفعش يتأجل قومي متتدلعيش .
اتسعت مقلتيها بذهول من قلبه المتحجر فهو لم يهتم بوجـ.ـعها ولا حتى حاول إسنادها كي تقوم ، لا بل والأدهى اتهمها أنها تصطنع التعب وتتدلل وتركها وحمل أشيائه وخرج لعمله كما قال دون أن يبالي ، أما هي ظلت تصـ.ـرخ مكانها بألم نفسي بعذاب لايضاهيه أعظم ألم جسدي
يا الهي لقد تركها تمسك قدماها وتبكي بغزارة ،
ظلت على حالها ساعات لم تقوى على الحراك من ألم قدمها ثم زحفت بمؤخرتها وهي تتوجـ.ـع والتقطت هاتفها كي تتصل بوالدتها تستنجد بها وظلت تهاتفها ولكنها لم تجيبها ويبدو أنها كانت نائمة ، وسكون في ذاك الوقت في جامعتها ومكة صغيرة ولا يوجد معها هاتف فتلك عادتهم فوالداتهم لم تمسك احداهن هاتفا إلا وهي في الجامعة، ظلت أكثر من ساعة تهاتف والدتها كي تستنجد بها ولكنها لم تجد رداً ، ولم يتبقى أمامها سوى عامر فقامت بمهاتفته وما إن آتاها الرد حتى صـ.ـرخت من وجـ.ـع قدمها :
_ الحقني ياعامر وقعت ورجلي بتوجعني جامد وبتصـ.ـرخ عليا ومقدراش اقف عليها.
أحس بألمها من صـ.ـراخها ثم طمئنها وهو يخرج من شقته ويهبط إليها :
_ اني نازل لك اهه دقيقة واحدة هدي حالك وإن شاء الله خير .
وبالفعل نزل إليها وزحفت كي تفتح له الباب فقدمها منتفخة ويبدو عليها التورم ، رأى حالتها تلك وبكائها الشديد الواضح من عينها ثم سألها وهو يتلفت :
_ أمال فينَه مجدي ملحقكيش ليه ؟
صعبت عليها نفسها من إهماله فيها ثم تمتمت من بين آهاتها :
_ ولا همه حاجة قال لي ادهنيها واربطيها برباط ضغط وسابني مرمية كيف الكلبة وراح معاد شغل .
شعر عامر بالخزي والخجل من تصرفات أخيه ثم سألها:
_ أمال فين مفتاح عربيتك اللي لسه جايبها لك اخدك أوديكي للداكتور نطمَن عليكي ونشوف فيها ايه .
أشارت إليه مكان المفتاح ثم حاول إسنادها حتى هبطت الأدراج ومازالت تتألم بشدة من وجـ.ـع قدمها ،
وبعد ساعتين من ذهابهم للطبيب عادت وساقها يحتضنها الجبس إلى الركبة وحالتها متعبة بشدة ،
وبعد دقائق عاد مجدي من عمله وجدها بتلك الحالة فهتف بلا مبالاة:
_ وه ده إنتي باينك كبرتي وعجزتي وانتي لسه في عز شبابك ! بقى وقعة هبلة زي داي تجبسي فيها رجلك نسوان اخر زمن !
التمعت الدموع في عينيها من قسوة قلبه الغليظ ومن قسوة لسانه السليط ولم ترد عليه ،
علمت والدتها وأتت إليها وأصرت عليها أن تأخذها معها ولكنها رفضت بشدة لأنها تحملها ذنب ماهي به مع ذاك المتحجر ، فهي لم تحتضنها ولم تحتوي وجعها بل ولم تخفف عنها واتهمتها مرات بالفجر والعهر مثله ومرات بالدلال ومرات ومرات أتت إليها ولم تحتوي وجعها ولو بالكلام ،
فمكثت بالجبس اكثر من شهرين أختيها تأتيان إليها بالتبادل يراعوها نهارا ويتركوها ليلا ،
وتذكرت كم اهملها في ذاك الشهرين ولم يهتم بعجزها حتى التخفيف عنها بالكلام لم يفعله وظل كما هو فظا غليظ القلب ،
#عودة_من_الباك
تعمقت في النظر إليه وهو مسترخي الآن بين يد الله بنظرات اشمئزاز لما تذكرته ورددت :
_ سبحان الله الايام بتلف واديك مرمي اهه وملكش حد يعبرك ولا يسأل فيك غيري وحتى اخوك يوم فاضي واتنين لا ، نفعتك بايه الفلوس دلوك يامجدي ! منك لله مش مسامحاك وعمري ماهسامحك ، اللي زيك مش لازم يعيش يامجدي ، اللي زي لازم يمـ.ـوت وميقعدش في الدنيا اكتر من اكده ،
وبنظرات زائغة ووجه يبتسم بألم وعيون تنظر إليه تارة والى المحلول تارة وعقلها يزين لها كما الشيطان وكأن نجاتها في ذاك الوقت أمام عينها فمبجرد أن تنزع عنه المحلول سيفارق الحياة ، ولكن اختمرت فكرة أخري في رأسها أن تضع تلك الوسادة على وجهه وتكتم أنفاسه والكلمة التي كان دائماً يرددها لها “فاجر” تدور في خلدها وتلك السنوات التي عاشتها معه تمر في عقلها كشريط سينمائي ، وتلك الفاحشة التى اقترفتها في حق دينها وربها ونفسها ولم تنم كثيراً من الليلات تمر أمام عينها ،
وحدثت حالها وهي مازالت تنظر للاشئ بتعابير وجه لن يستطيع أحداً فهم معناها كما الشفرات :
_ لما يكن نصيبي في تلك الحياة أن أصبح عاهرة ؟!
لما لم تكن رجلاً يعرف كيف يحتوي امرأة وتركتني أمضي لياليَّ في قهر ساهرة ؟!
فقد زهقت روحي وبت اتمني المـ.ـوت مرات ومرات وحتى الموت لمثلي نـ.ـاراا حـ.ـارقة .
ثم أمسكت يداه وضغطت على زر المحلول بغضب وصل عنان السماء حتي أدمت يداه من شدة ضغطها ،ولكنها ما إن رات لون الدم حتى نزعت يداها ونهرت حالها على ما وصلت إليه ثم قامت من مكانها وهي تردد ببكاء وتنظر إليه :
_ منك لله يا مجدي مش مسامحاك وعمري ماهسامحك ، منك لله على اللي وصلت له من دناوة بسبك .
وتركت الغرفة وهي تبكي وتمسح دموعها قابلها عامر وحتى كانت أن تصتدم به وهي تهرول بحدة ، رأى حالتها تلك فأمسكها من كتفها الأيمن متسائلاً بغرابة:
_ مالك يامها بتبكي ليه ياأم الزين ؟
هو مجدي جرى له حاجة لاسمح الله؟
نفضت يداه من على كتفها وهدرت به بحدة :
_ مايجرى له ولا يغور في ستين داهية ، منك لله انت واخوك منك لله ياعامر .
انصعقت ملامحه من طريقتها ومن حديثها اللاذع ولكنه فضل الهدوء وتساءل ثانية :
_ طيب اهدي بس حوصل إيه بس لده كله ؟
اهتز فكها بسخرية من بين شهقاتها واجابته:
_ قول محصلش ايه انتو الاتنين دمرتو لي حياتي ، انتو الاتنين عيشتوني ميتة بالحيا ، انتو الاتنين مخلتونيش أتهنى بدنيتي ولا طلت أكسب أخرتي ، أنا ولا عارفة أعيش ولا قادرة اتمنى المـ.ـوت ولا عارفة اربي ولادي كل لما ابص جوة عيونهم ، أنا ضعت وضاع عمري وضاعت كل حاجة حلوة ،
واسترسلت وهي تضـ.ـرب بيدها على فخذها دون مراعاة لذاك المكان العام الواقفين به وهي تبكى بغزارة ثم جلست مكانها واستندت على الحائط وحقيبتها ارتمت من يداها وهي تتمنى الموت :
_ يارب امـ.ـوت ، يارب خدني وريحني وسامحني ، يارب امـ.ـوت ياااااااااارب .
نظر عامر حوله وجد الجميع مشغولون أو كأن ذاك المشهد معتادون عليه يوميا فلم يشغلهم الأمر فتلك المشفى تحدث بها كوارث يومياً واعتادو على ذلك ، اما هو هبط لمستواها وربت على كتفها يهدئها فقد انفطر قلبه لحالتها وأصبح يلوم حاله على أنها انساق وراء شهواته ونسي كل شئ حتى وصل بهم الحال إلى تلك المأساة المريرة وهي مازالت تبكي وبعد مدة هدأت من حالها وتذكرت طفليها وذهبت إلى سيارتها بقلب يخفق حزناً يكفي العالم أجمع .
***********************
في نفس اليوم في الساعة الخامسة عصراً أمسكت رحمة قدماها وهي تهتف بوجع :
_ أه يارجلي اللي فقفقت من اللف وياكي من اهنه ل اهنه ، طب انتي العروسة اللي هتتجوز بكرة وتدخل دنيا وتتدلع وتاكل حمام وبط ومحمر ومشمر ذنبي ايه أني في اللف ده والمواويل اللي كسحتني داي ياناس .
ضحكت سكون من طريقتها الساخرة ثم تحدثت باستنكار مصطنع:
_ وه هتحسدينا اياك على وَكْل الدخلة ! طب مالحاجة زينب مهنياكي بط وحمام ومحمر ومشمر ليه بقى الحسد عيني عينك ده ياعمتي .
شهقت رحمة بذهول وهي تهتف باستنكار:
_ عمتك ! وقدرتي تقوليها ياسكون ده أني لساتني صغيرة وحلوة ومدخلتش دنيا علشان تنعتيني بعمتك !
واسترسلت وهي تشعر بالاشمئزاز المصطنع من اللقب :
_ قال عمتك قال ، متقوليهاش الكلمة داي مرة تانية واصل ، مبحبهاش ومبطيقهاش .
واستمرت كلتاهن يضحكن مع بعضهن إلى أن توترت رحمة وترددت كثيراً أن تحكي مابها ولكنها ارتاحت لسكون وشعرت بأنها أختها الثانية وقررت لها البوح عما يؤرق صدرها علها تفيدها في مشكلتها ، وبالفعل بدأت بسرد قصتها مع ماهر الريان من أول يوم بدأت التعامل معه ، وقصت عليها أيضاً الحوار الذي دار بينها وبين جاسر ابن عمها ، ثم أنهت كلماتها :
_ محتارة قوووي ياسكون اوافق بابن عمي اللي بيعشق التراب اللي بمشي عليه ولا اوافق باللي مشايفنيش أصلا وهبقى وياه مجرد صورة بس من غير روح ، أنا حكيت لك وحسيت اني عايزة افضفض وياكي واخد رأيك باللي تاعبني .
احتارت سكون من حكواها ثم سألتها :
_ طب عمرك ماحسيتي بمشاعر ابن عمك تجاهك خاصة وهو بيعشقك قوووي اكده وكلامه معاكي الأخير كان مقهور ؟
أدارت وجهها للناحية الأخرى واجابتها:
_ في أوقات اكده كنت بحسه فيها بيبص لي نظرات غريبة ، كنت بحس إني بنته وأخته ونصه التاني اللي يومه ميكملش من غيري ، اوقات كنت بستغرب طريقته داي بس برجع وأقول علشان متربيين ويا بعض ومبنفارقش بعض إلا اوقات قليلة ، بس عمري ماكان ياجي في بالي إنه بيحبني حب راجل لست مش أخ وأخته ،
وأكملت وهي تتذكر هيئته حينما كان يعاتبها عن حبه وهي كسـ.ـرت خاطره كيف كانت حزينة :
_ متتصوريش ساعتها أنا كنت حاسة إني بكسـ.ـرني واني بقول له انت زي أخويا ، كنت بخسر درع الأمان والحصن اللي في حياتي ، ومن ساعتها لا أني مستريحة لما رفضت حبه ولا مستريحة وانب مع ماهر بسبب جموده اللي حكيت لك عنه .
سألتها سكون مرة أخرى:
_ طيب ليه محاولتيش تفتحي قلبك للي بيحبك قووي اكده وتسيبك من ماهر بعقده ؟
أجابتها رحمة :
_ هجاوب عليكي بسؤال ليه قعدتي تستني عمران وتحبيه سنين وهو مش شايفك أصلا ولولا الصدفة البحتة كان زمانك زي مانتي .
ضمت سكون شفتيها لصدق حديث رحمة وأحقتها فيما قالته :
_ عنديكي حق القلوب مش عليها سلطان ربنا بيقلبها كيف ما يريد ، وعلشان اكده بقول لك وافقي بماهر يارحمة وحـ.ـاربي معاه حـ.ـرب المشاعر والعناد وانتو في بيت واحد وصدقيني مش هيتحمَل صدك وقوتك في اللي انتي عايزاه كتير وهيلين وياكي ، لكن طول مانتي بتحـ.ـاربي من بعيد سهمك مش هيصيب وهتستنفذي ذخيرتك كلها وطاقتك كمان وهتبقى خسرتي المعركتين معركة اللي حبك ولا طالكيش ومعركة اللي حبتيه ولا قدرتي تغيريه.
اقتنعت رحمة بكلامها ثم تمتمت :
_ يعني إنتي شايفة اكده أدخل حـ.ـرب المشاعر وياه واوافق علي الجواز بشروطه ؟
حركت سكون رأسها بنفي واجابتها:
_ توافقي أه لكن بشروطك إنتي مش بشروطه هو ، وأولهم يسيب مشاعره هي اللي تحكم مابينكم وشوفي بقي إنتي عايزة ايه تاني وصدقيني كل راجل وله مفاتيح اول ماتعاشريه هتعرفي مفاتيحه وابداي واحدة واحدة كسـ.ـري أقفاله اللي ساككها على حاله .
نظرت إليها رحمة بذهول من عقلها الكبير ثم أشادت لها :
_ ده إنتي طلع عقلك كَبييير قووي ، كانك دكتورة نفسية مش دكتورة نسا ، اتعلمتي الحاجات داي كلها فين يامرت اخوي ياقمرة إنتي ؟
ضحكت سكون على كلامها ثم رددت بتذكر :
_ اني بردو يابتاعت مثلي إنك تعبانة وهيتلهي يابتوع القانون ياللي ليكم مـ.ــيت مخرج من اي بلوة .
وأثناء تسامرهن جاءت رسالة لسكون عبر الواتساب فهتفت بتعجب عندما رأت الرقم :
_ دي رسالة من رقم غريب ربنا يستر .
مالت رحمة برأسها كي ترى محتوى الرسالة كنوع من الفضول ، وأيضاً سكون قربت شاشة الهاتف معها فهي تعتبرها الآن كما الأخت ، قرأتا محتوى الرسالة وفاههم اتسع من هول ماقرأوه ثم هدأتها رحمة بنفي لذاك الكلام :
_ متصدقيش التخاريف داي ، ممكن حد غيران ، لا مش بس اكده دي عايز خـ.ـراب مستعجل وهو عارف ان فرحكم بكرة فانتي متنوليهوش الفرصة داي وامسحي الرسالة ومتوريهاش لعمران وكأنك مشفتيش حاجة علشان الكلام ده كله كدب وافترا على اخوي عمران والله العظيم .
أكدت سكون على كلامها ثم قالت باستجواد:
_ هو إنتي لسه هتعرفيني عمران اللي بيستحي يبص لواحدة من خواتي البنات ! وبعدين أني كبيرة وفاهمة ان الحاجات داي بتُبقى كيد وكل اللي بيعمل اكده بيبقى حد جبان لانه بيوقع بين اتنين اتقابلوا بحلال ربنا وفرحهم بكرة فعلشان اكده هحذف الرسالة وهعمل حظر حالا للرقم،
وبالفعل حظرت ذاك الرقم ونظرت إليها قائلة :
_ كنا بنقول ايه بقى يارحوم ؟
_كنا بنقول نقوم بقى ياست سكون علشان بكرة فرحك ولازم تستريحي علشان عنديكي معـ.ـركة من أول اليوم لآخره.
خجلت سكون من تلميحها وخاصة أنها اتكئت على كلمة لآخره ثم غادرن المكان ،
أما وجد رأت علامة استلام سكون للرسالة ولكنها علمت أنها حظرتها ولم تعير رسالتها أدنى اهتمام ولو بتفاعل يدل على أي شعور تجاه ذاك الكلام ، فألقت الهاتف بغيظ وهي تتمتم بحقد :
_ غبية ، غبية ياداكتورة كنت عايزة انجيكي من اللي هيجرى لك لكن إنتي مصممة يبقى ياروح مابعدك روح وانتي اللي جبتيه لنفسك وقابلي بقى دمـ.ـارك وخـ.ـراب روحك على يدي وابقي خلي عندك ينفعك طالما عاندتي قصاد وجد .
************************
في إحدى البنايات وبالتحديد في الطابق الثالث يخرج جاسر قاصدا شقته التى جهزها لأن تكون مكتبه وهو ينظر إليها بتفاؤل وأمل أن يصبح ذاك المكان من أشهر مكاتب المحاماة في محافظة قنا ،
دلف الى المكتب بقلب يخفق مشاعر مضطربة فحلمه الآن أصبح مجسدا أمام عيناه ،
ثم جلس يستقبل المتقدمين إلى وظيفة المسؤلة عن الحسابات في مكتبه فهو ينهج نفس منهاج معلمه ماهر الريان ، دلفت واحدة تلو الأخرى ولكن إلى الآن لم يعجبه إحداهن فقد قابل مايقرب من ثماني متقدمات إلى أن اقترب على فقدان الأمل ثم دلفت احداهن ولكنها تستند على عصاه وترتدي ملابس أنيقة للغاية وتمشي ببطئ وحرص وبجانبها أخيها الأصغر، انتابه الفضول ليعرف ما بها ثم استمعت إليه تلك الفتاة قائلاً لها:
_ اتفضلي اقعدي ياآنسة .
جلست تلك الفتاة بمساعدة أخيها وتحدثت بلباقة وهي تناوله ملفها :
_ اتفضل يامتر ده ملفي اللي فيه كل شهاداتي اللي حصلت عليها ، من ضمنهم شهادة ماجستير في ادارة الأعمال قسم محاسبة وكمان معاي شهادة خبرة من كذا مؤسسة اشتغلت فيهم وتقدر حضرتك تتوكد من صحة الأوراق بنفسك .
مازال مندهشا من هيئتها الذي لم يرى مثلها قط واستشف انها عاجزة لذلك تستند على ذاك العكاز ، ثم سألها باستكشاف:
_ ممكن أعرف إيه سر انك جايبة أخوكي معاكي ؟ اوعي تكوني مفكِرة إنك جايه مكتب مشبوه ولا حاجة من اللي بيتسمع عنيهم اليومين دول لاسمح الله!
بدون تردد أجابته ثم ظهرت هيئة وجهها بالكامل فقد كانت جميلة وجمالها من نوع خاص ، صاحبة البشرة الشقراء وعيناها بلون العسل الصافي ،ولكن بهما لمعة وكأن بهما أثر دمعة حاوطت بياض عيناها ،
ظل ينظر إليها باستكشاف فهيئتها غير عادية ثم بدأ بسرد أسئلته المعتادة ولكنها أجابته بلباقة وطريقتها تدل على ذكائها وعلى ثقافتها ، ثم هنئها مناديا لها باسمها الذي عرفه من أوراقها :
_ تمام يامنة الله مبروك عليكي وجودك وسط مكتبي الصغير وعيلتي القانونية.
ردت مباركته ولكنها اعترفت له بما جعله ينصدم :
_ الله يبارك فيك يافندم ،
ثم استرسلت حديثها وهي تعلمه جميع ظروفها بثقة في حالها دون تردد:
_ بس فيه حاجة لازم أعرِفها لحضرتك اني كفيفة .
اندهش من ذاك الذي سمعته أذناه ، فكيف لذاك الوجه الجميل ، والإبتسامة النقية ، والطلة الملائكية الهادئة التي تبعث في النفس الراحة والسكينة أن تصاب بتلك الإعاقة ،
ثم استمع إليها تُكمل :
_ أظن إن اعاقتي مش هتمنعني اني اشتغل حضرتك باركت لي قبل ماتعرف اني من ذوي الحالات الخاصة وجاوبت كل أسئلتك بكل طلاقة وبأكد لحضرتك إن حالتي مش هتقصر على شغلي خالص ، بس حقيقي اني محتاجة الشغل جدا مش لأني محتاجة للفلوس ، لاااا الحمد لله ربنا رازقني بأب جميييل ومتيسر الحال لكن محتاجة الشغل لأنه بيحسن لي نفسيتي فياريت متحكمش عليا دلوك وسيب شغلي يتكلَم عني .
كان جالساً أمامها يشعر بالذهول مما استمع إليه ولا يعرف بما يجيبها ؟ أو كيف سيصبح التعامل بينهما ؟ وهل اعاقتها ستؤثر على بدئ مشواره ولأول مرة صاحب الحنكة القانونية يقف محتارا أمام ذلك الموقف ولا يعرف بما يجيبها ؟
***********************
وأخيراً أتى اليوم المنتظر فرح سكون وعمران ، اليوم الذي سيشهد جبر سكون لقلبها الذي أفنى أبوابه لذاك العمران فقط ،
الجميع فرحون بتلك المناسبة التي انتظروها بفارغ الصبر وبالتحديد الحاجة زينب التي تقف بجانبهم والسعادة تغمرها فقد كانت طلتها تشبه القمر في ليلة تمامه ، طلة ملائكية تليق بجمال سكون ،
الجميع يباركون لهم في سعادة عدا تلك الوجد تقف تستشيط نـ.ـارا من الغيرة فهي حلمت كثيراً أن تكون مكان سكون ، بنت أحلاما وأوهاما داخل عقلها المريض دون أي حسبان لمشاعر عمران فهي طالما عشقته فلابد أن يخضع ولكن لرب العباد تدابير أخرى ، كان كل الموجودين في الفرح سعيدين بتلك الزيجة ،
وكانت ماجدة تجلس تنظر لسكون بعيناى لامعة بدموع الفرحة فسكون الأقرب إلى قلبها ولها مكانة خاصة ، اما مكة وقفت تفرك من غيظها بسبب الاختلاط في الفرح والأغاني والموسيقى الصاخبة من وجهة نظرها لكنها مجبرة على الجلوس ، وفجأة جائتها رسالة عبر الواتساب من ذاك الآدم فقرأت محتواها:
_ ايه ياشيخة مكة ، مانتي قاعدة في الفرح عادي اهو وبتسمعي اغاني ورايقة على الآخر ، مش سامع اعتراضك ولا حتى خروجك من القاعة .
أنهى كلامه وبعث لها ايموشن “☺️”
حقا استفزها بكلامه فالتفتت حولها لكي تراه ولكنها لم تلمح طيفه وعلمت انه مازال يراقبها فأرسلت إليه :
_ هو انت بتراقبني ليه !
أما انت غريب يابني آدم إنت !
وبعدين ده فرح أختي مش فرح الجيران ومينفعش اسيب ماما ولا أختي يوم فرحها .
أرسلت إليه رسالتها واستلمها على الفور وقرأ محتواها ثم ارسل اخرى:
_ اه ده من باب القاعدة اللي بتقول “الضرورات تبيح المحظورات” تمام يا آنسة فهمت ، بس ابقي خليكي فاكرة إنك استخدمتي القاعدة دي ومتنسيش .
رفعت حاجبها باستنكار من طريقته فأرسلت إليه:
_ إنت مالك يابني آدم إنت بتدخل في حياتي ليه ، هو إنت خلاص بقيت قدري المحتوم اللي كل يوم يسـ.ـمم بدني ، بقول لك ايه كفاية بقى يانجم وابعد عن طريقي علشان قربت أجيب أخري .
قرأ رسالتها وابتسم لمشاغبتها ولم يرد عليها واستعد للغناء في فرح عمران وسكون وتلك المفاجأة التي لم يعرفها احدا غير عمران وسكون وهند أخته التى كانت من ضمن المعازيم وأتت معه ، بعد مامر أكثر من ساعتين في الفرح خرج النجم آدم المنسي بعد أن أعلن المسؤول عن الدي جي لخروج مفاجأة وفور أن ظهر في القاعة انقلب الفرح رأسا على عقب من تلك المفاجأة التي لم تخطر ببال أحدهم ، والتفوا حول المسرح المستدير وجميع الكاميرات توجهت إليه ومن العجب أن مكة شعرت بنـ.ـار الغيرة من التفاف أكثر البنات حوله وتمنوا أن ينظر إليهم فقط أو أن يشير إليهم بيداه ، كان آدم عالماً بمكانها من خلال الشاشة التي كانت في الغرفة التي استراح بها كي يأتي موعد غناؤه المتفق عليه ، ألقى نظرة إليها كى يفهم مغزى نظرة عيناها فهو بات يفهمها عن ظهر قلب فلم لا فهي حلم الايام التي يتمناها ويدعوا ربه أن تكون من حده ونصيبه ، وللعجب أنه رأى نظرة مختلفة اليوم نظرة يعرف معناها ويحفظها عن ظهر قلب جعلت قلبه يخفق راحة داخل أضلعه ، فحقا سعد لتلك النظرة التى رآها منها “نظرة الغيرة” فبدأ بإلقاء أغنيته المفضلة إلى قلبه وكأنه يوجه كلماتها إلى ذات الرداء الأسود ،
ما بلاش تغيب عنا تاني
ما بلاش يا سايب اراضينا
ما بلاش تغيب عنا تاني
ما بلاش
قولي مين هيملى في يوم مكانك
قولي مين يعوضني حنانك
قولي مين في حزني يقولي مالك
قولي مين
الحقيقة إن الحياة ضحكت علينا
لا الفراق ولا اللقا كانوا بايدينا
لما يومها حضنتني وبعدين مشينا
ليه مقولتش إن ده الحضن الأخير
كنت سيبني لحد آخر لحظة جنبك
سيبني اقولك قد ايه وإزاي بحبك
مهما طال بينا البعاد مش هنسي حبك
وأشوفك يوم علي خير ،
مهما طال بينا البعاد مش هنسي حبك
واشوفــــــك يوم علي خير
ما بلاش تغيب عنا تانى ،
كان يلقي أغنيته وهو يختلس النظرات إليها طيلة الوقت ولكن دون أن يلفت الأنظار إليهما ولأول مرة تستمع مكة إلى غنواه بذاك التركيز ولأول مرة يخفق قلبها بشدة لذاك الآدم ، ولكنها الآن في عراك بين قلبها الذي يطالبها أن تمشي وسط الجموع وتقف أمامه وتدلي له بموافقتها ولأول مرة تشعر بمدى عـ.ـذاب الحب وهي ترى الفتيات تتهافت عليه وتنكـ.ـوي غيرة عليه ، وبين عقلها الذي ينهرها عن اقترافها ذاك الذنب وأنها تتبع شهواتها ونسيت أوامر دينها والتزامها وبأن الأمر كله لايصح ولكن ساعة تمني القلوب تتوه قوانين العقول وظلت سائحة في ملكوت غنواه لها وهي تتيقن أنه يقصدها بكلامه ونظراته المختطفة التى تحمل الرجاء منها والتمني لها ،
أنهى تلك الأغنية وطلب من العروسين أن يصعدا على المسرح كي يرقصان رقصتهم الأخيرة على أغنيته الرومانسية الذي بدأ بإلقائها بأعمق احساس غنى به أدم المنسى اليوم وهو يتخيلها هي الآن بين يداه واليوم عرسهم هم وجميع من بالقاعة انسجموا معه ،
أما عن ذاك الثنائي العروسان سكون وعمران فقد كانت فرحتهم ببعضهم ظاهرة عليهم، حاوطها من خصرها بتملك ثم اقترب علي وجهها وأسند جبهته بجبهتها وتحدث وهو ينظر داخل عيناها ويتنفس أنفاسها مرددا بهيام لخاطفة أنفاسه :
_ ياه ياسكون ، ياه ياحبيبي متتصوريش فرحتي بيكي النهاردة قد إيه ، فرحتي بيكي ميكفيهاش وصف ولا يكفيها زمان ولا مكان علشان أحسسك النهاردة إني أسعد واحد في الدنيا بحالها ، ياترى إنتي كمان فرحانة زيي اكده ياحبيبي بليلتنا ؟
وضعت كفاي يداها الحنونتان وحاوطت بهما رقبته وتحدثت بحب صادق ظهر بينا داخل عيناها :
_ ياه ياعمران لساتك هتسألني مبسوطة ولا لا !
أني ياما حلمت بالليلة داي ليالي كتيييييييرة قوووي ، ياما اتمنيت بس إنك تحس بيا وبقلبي وبحبي الكبييير ليك ، أما اني أبقى بين ايديك والنهاردة فرحنا ده كان دعاوي بدعيها لربنا في قيام ليلي يحققها لي ويقر قلبي وعيني بيك ياعمراني .
تنهد وبعيناي عاشقة أومأ لها بأهدابه وتحدث بوله:
_ بزياداكي حديتك ده يابت قلبي اللي مخلي قلبي بيرجف بين ضلوعي ، تعالي اسندي راسك وادفنيها في حضن عمران اللي نفسه تكوني جوة ضلوعه ومتفارقيهاش أبداً .
هرولت إليه وارتمت داخل أحضانه العاشقة وتحدثت وهي تتمسح به بنفس هيامه:
_ قول لي اني مش بتحلمي ياسكون ، وان الفستان اللي لابساه ده حقيقي وان الناس دول في فرحي على عمراني واني مش هصحى ألاقيني وحدي وكل ده طلع خيال .
ضمها أكثر تلك العاشقة له وقربها لصدره أكثر وأكد لها بنبرة هائمة :
_ لا ياحبيبي كله حقيقي ، إنتي ليه محسساني اني كتتيير عليكي ياسكون !
ده إنتي اللي كتييييييير عليا يا حبيبي ، طمني قلبك خلاص كل اللي جاي سعادة وجبر لقلبي وقلبك ياحبيبي .
كل ذلك تحت أعين الواقفين ينظرون إليهم والى عشقهم الظاهر والى جمال هدوئهم بأعين مختلفة أحدهم متمنية ، وأخرى سعيدة لهم ، وأخرى حاقدة عليهم وعلى فرحتهم وكانت تلك الوجد لاغيرها صاحبة تلك الأعين الحاقدة ،
انتهت الأغنية وبدأوا في مراسم إنهاء الحفل
تحت استعجال عمران فلم يعد يتحمل أكثر من ذلك ، وفي غصون دقائق ختموا فرحتهم بالزفة الأخيرة تحت التهليل والتصفيق لهم ممن حولهم ،
استغل عمران انشغال سكون مع سلام أهلها وتوديعهم وهمس لرحمة في جانب أذنها :
_ عميلتي اللي قلت لك عليه بالظبط الاكل كله بيدك إنتي والحاجة ومفارقتيهوش ؟
حركت رأسها بموافقة وطمئنته:
_ متقلقش ياأخوي كل حاجة مظبوطة وأني اللي فارشة الشقة وأني اللي قافلاها بيدي لما دخلت الوكل وبعد ما لقيت المزغودة داي ركبت العربية وغارت طهرت السلالم ورشيت الملح الحصاوي في عين اللي ماتتسمى متقلقش كله تمام ، وقبل ما تدخل هرش الملح بردك عليكم ونستعيذ من شر البني أدمة الشيطان داي وجبت الشيخ قرأ على الشقة كلياتها وشغلت فيها سورة البقرة وأمنتها على الاخر .
اطمئن عمران فهو قد حكى كل شئ لرحمة أخته عندما أخبرته بالرسالة التى جائت لسكون وكاد أن يضـ.ـرب بكل شئ عرض الحائط ويبلغ أبيه بأذى تلك الوجد ولكن رحمة منعته كي لاتفسد عليهم فرحتهم وهذا ماتريده تلك الماكرة ، أخذ عمران سكون وانطلقوا إلى المنزل كي يبدأون حياتهم وينعما بقرب بعضهم ،
وصلوا شقتهم وبعد أن غادر الجميع وأصبحوا وحدهم اقترب منها عمران وهو يبارك لها :
_ مبروووك يا أجمل وأحن عروسة في الدنيا .
ردت مباركته بخجل اعتراها فور أن دلفت عشهم الزوجي :
_ الله يبارك فيك ياعمران .
رفع حاجبه باستنكار وردد:
_ الله يبارك فيك يا مين ! لااااا معايزهاش اكده ومتخيلتهاش اكده .
ابتسمت بخجل وعيناها تنظر أرضا ثم سألته برقة:
_ أماال تخيلتها إزاي ؟
اقترب منها أكثر ورفع وجهها حتى قابلت عيناه عيناها واحتضن وجهها بين كفاي يداه :
_ تقربي مني وتديني بوسة طويلة من اهنه وتقولي لي مبروك يا أبو عيالي .
اتسعت عيناها بذهول من كلمته وضحكت بخفوت وأردفت :
_ أبو عيالي ! ده اللي هو ازاي يعني واحنا في أول يوم جواز ؟
ضحك على تعجبها وحرك رأسه للأمام بتصميم :
_ أه أبو عيالك باعتبار ما سيكون كمان تسع شهور بالتمام بعون الله .
ثم شمر ساعديه واقترب منها وظلت هي تبتعد وهي تردد بخجل :
_ هو انت بتشمر كمك ليه انت داخل معركة لاسمح الله ؟
غمز لها بكلتا عينيه وهتف مشاغبا إياها وهو يقترب وكلما اقترب كلما ابتعدت :
_ أمال إنتي مفكرة ايه هو لعب عيال ياحلوة .
مازالت تبتعد حتى وجدت كرسي ورائها فجلست عليه وهتفت بعيناي يكسوها الدهشة المغلفة بالخجل :
_ ايه ده هو انت بتتكلم اكده ليه ياعمران ! أني ابتديت أخاف منك .
مط شفتيه للأمام بحركة عفوية منه :
_ تؤ تؤ تؤ ، لا ياحبيبي خوف مين والناس نايمين ، صلي على النبي اكده ووسع لي الأحبال الصدرية عندك علشان نستعين على الشقى بالله .
هبط لمستواها واستند بيداه على المنضدة وهي تحرك عيناها وتنظر لحركته ثم رددت بحماس كي تنقذ حالها من محاصرته التى كتمت أنفاسها في اقترابه :
_ طيب نصلي الأول المغرب والعشا وركعتين مباركة ليلتنا ، وبعدين ناكل علشان جعانة مأكلتش من الصبح .
نال رأيها استحسانه :
_ وماله نصلي طبعاً علشان ربنا يبارك لنا ، إحنا محتاجين بركة ربنا في الليلة داي ، وبردوا ناكل لقمة علشان تتقوتي اكده ويكون فيكي صحة لعمرانك ياحبيبي .
ابتلعت أنفاسها بصعوبة وأزاحته بحنو بكف يداها:
_ طب خلاص عديني بقى أقوم أخلع طرحتي وأستعد لصلاتنا .
قبض على كف يداها بقوة قبل أن تزيحه ثم قبلها بشفاها قبلة مولعة تنم عن وحشته لها وهمس وهو ينظر داخل عيناها:
_ معايزاش مساعدة من عمرانك ؟
حركت رأسها برفض فأفسح لها المجال كي تتحرك فهي خجلة للغاية وهو لم يريد أن يزيد عليها أكثر من ذلك ، ثم أنهت تبديل الفستان وتوضأت وصلت فرضها وصليا ركتعان مباركة زواجهما ثم وضع يده على رأسها ودعا لهما دعاء الزواج ثم قام وأحضر الطعام وجلسوا يتناولوا طعامهم تحت مشاغبة عمران ، وبعد دقائق معدودة اقترب منها عمران فلم يعد قادراً على ابتعادها أكثر من ذلك ودلفا إلى عالمهما الخاص في لحظات تخيلوها كثيراً وتمناها كل منهما فحقا حلال الله مذاقه مختلف وجبره للقلوب سكن وسكينة .
**********************
في منزل ماجدة وبالتحديد في غرفة مكة كانت تسترتخي على تختها ومنذ أن عادت من زفاف شقيقتها وهي على نفس استرخائها وعقلها يراجع ماحدث اليوم وكل مايشغل تفكيرها النظرات العاشقة من ذاك الآدم لها وغناؤه الذي شعرت طيلة القاؤه أنه لها ، ولأول مرة اجتاح جسدها شعور الحب وكم كان مؤلم ذاك الشعور لها ، نعم فشعور الحب والوحشة والاشتياق لحبيب لم تطوله ولم تنوله لها الأيام ولن يسمح لها النصيب أن تكون له مؤلم وألمه يقـ.ـطع نياط قلبها ، فهي الآن تشتاقه ومن المحال أن تهدأ نيـ.ـران اشتياقها إلا أن تتحدث معه وذلك من المحال أيضاً ، كل خلية في جسدها تطالبها بالفكر بآدم ، قامت من مكانها وقررت التوجه إلى الله علها تكن وساوس شيطان وهذا ماأهداه لها عقلها ، توضأت وظلت تصلي وتدعي ربها بالخير يأتي لقلبها ، ظلت تصلي أكثر من ساعة ودموع عيناها تحاكي ربها وتناجيه أن يشفيها من ألم العشق الممنوع الذي زار قلبها في ليلة وضحاها وكأن أحدهم دعا ربه في ليلة مفترجة وأبواب السماء كانت مفتوحة بأن تعشق ذاك الآدم ،
وأثناء انغماسها استمعت إلى هاتفها يعلن عن وصول مكالمة ، وللعجب أنها حينما استمعت دقات الهاتف أعلنت دقات قلبها رنينا مطابقاً لدقات الهاتف دون أن تعلم من المتصل ولكن قلبها يشعر بأنه هو ، وبحركة عفوية منها وضعت يدها على ذاك القابع بين أضلعها وكأنها تأمره أن يصمت عن دقاته المهـ.ـلكة لمشاعرها ثم خطت خطوات بطيئة وبيدان ترتعش أمسكت الهاتف وعيناها رصدت نقش اسمه فأصبحت تنظر إلى السماء تارة والى الهاتف تارة وداخلها يردد :
_ يا إلهي ماذا عساني أن أفعل فهو المغنى وأنا المنتقبة صاحبة الرداء الأسود وهذا قلبي يدق بين أضلعي عند رؤيا اسمه فقط يطالبني بأن أجبره وأسمع صوته فقط وهذه عقيدتي تأمرني بأن لاأفعل وتلك مشاعري تنهرني وتلومني لماذا لاأقترب وأنال سعادة قلبي معه ؟
بحق جلالك يا الله اهدي قلبي وارشدني ماذا أفعل ؟
هل أترك قلبي ينساق وراء مشاعري وأعطي له فرصة حق التجربة ،
أم أن أكسـ.ـر ذاك الهاتف وأظل أتحسر وأكبت مشاعري ، وعند تلك الكلمة التي رددها قلبها بحسرة داخلها ،
أكبت مشاعري ! لااااا لاااا لن أستطيع حتماً سأنفـ.ـجر ، حتما سأقهر قلبي العاشق للحبيب الأولِ ، ظل هو يكرر رناته ويعيدها مراراً وتكراراً فهو مثلها بل ويزيد فهو عاشق محروم ، انكـ.ـوى قلبه بالعشق ليالٍ كثيرة وهو فاقد الأمل في اقترابها ، إلى أن ضعفت أمام دقاته و أجابته بصوت باكي :
_ السلام عليكم.
مشاعره ثارت عليه وداخله انفطر لنبرتها الباكية وسألها دون أن يرد سلامها :
_ إنتي بتبكي يامكة ! إنتي بتبكي ياحبيبتي !
دموعك غاليين أووي.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية من نبض الوجع عشت غرامي)