روايات

رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل السادس 6 بقلم فاطيما يوسف

رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل السادس 6 بقلم فاطيما يوسف

رواية من نبض الوجع عشت غرامي الجزء السادس

رواية من نبض الوجع عشت غرامي البارت السادس

من نبض الوجع عشت غرامي
من نبض الوجع عشت غرامي

رواية من نبض الوجع عشت غرامي الحلقة السادسة

انتفض عمران مسرعاً واعتدل من نومته وهو يدلك رأسه من أثر الصداع الذي يشعر به ونظر إليها وجدها تلك الحية التي لم تخشى احدا واقتحمت عزلته وفعلت مافعلت يالها من امرأة قادرة كما يسمون ، كم يشعر بالاخت،ناق في وجودها وكأنها شيطان يقف أمامه ،
ثم نظر إليها بعيون غاضبة مرددا بجحيم :
_ده انتي اتجنيتي يا مرة انتي يا اللي رجلك جابتك لحد اهنه من غير حيا ولا بتختشي ،
ثم اقترب منها وهو يهزها من كتفيها بغضب كي يلقيها خارج المكان بحده ولكنها نزعت يداها من بين يديه وتحدثت وهي تنظر له برغبه:
_انا قدرك اللعين يا عمران هتلاقيني في كل مكان قدام وشك من حقي ادافع عن حقي فيك بكل الطرق والوسايل المباحة والغير مباحه .
اتسعت عيناه وهو ينظر اليها بذهول من وقاحتها وغير مصدق ما استمعه من تلك الدخيله الملعونه كما يسميها وانطلق بسباب يليق بها:
_كيف بتتحدتي إكده وياي !
الله الوكيل يا مره انت لو ما بعدتي عن طريقي لا هكون فاضحك قدامهم كلياتهم وهخلي اللي ما يشتري يتفرج عليكي وقد اعذر من انذر ، بعدي عن طريقي احسن لك يا اما هتشوفي مني الجح،يم بعينيه .
على حين غرة ارتمت في احضانه وهي تتمسح به وتتحايل عليه بكلمات تنزل من شانها اكثر من ذاك:
_ما هبعدش وزي ما قلت لك من شوي اني قدرك ونصيبك ومفيش واحده هتقدر تاخدك مني ياعمران،
ليه مش قادر تفهم اني هحبك لا اني هعشقك ومهقدرش اشوفك في حضن غيري ولا يدك تلمس يد غيري .
انتزعها من احضانه بحدة ثم صفعها على وجهها بحدة ورماها بع،نف وكأنه يلقي بحشرة على الأرض ثم بصق عليها مرددا بتحذير:
_انتي ايه ما بتحسيش عاد !
انا ما بطقكيش ولا بطيق وجودك في المكان ولا بطيق شفتك من الأصل هو الحب عافية عنديكي شوفي طريقك مع واحد غيري اني له والف له .
قامت من مكانها وهي تنفض الغبار عن ملابسها من أثر وقعتها ثم دلكت وجنتها من أثر صفعته الشديدة ثم نظرت بعيناه هاتفة بتصميم:
_طب جرب وشوف حضن وجد وشوقها ليك هينسيك الدنيا باللي فيها ، وإذا كان على ضربك واهانتك ليا فمتقبلاها منك ياحبيبي ،
واسترسلت وهي تقترب منه ولن يهمها مافعل بها :
_اني بس اللي معايا مفاتيحك واني بس اللي اقدر اسعدك ومفيش واحدة في الكون هتحبك قدي ، انت عشق السنين يا عمران كيف عايزني اتخلى عنيه ؟!
كفاه منها ما كفى سيخبر أبيه عن تلك الحية الملعونة وهو الذي سيتصرف معها كي تبعد عن طريقه فهي تأذيه بوجودها وقربها بشدة فهو يشعر بالاخت،ناق لمجرد رؤيتها ثم ردد بتصميم مماثل وهو يشعر بالاشمئزاز:
_لا ما عايزش اجرب مجرد ماعيني تلمحك بحس بالاخت،ناق واني مطايقش الدنيا باللي فيها ،
بعدي عني يا اما هقول للحاج عمران وهو يتصرف وياكي وتجيبي لنفسك الفضايح ولاهلك اللى راميينك ومبيسألوش فيكي .
رفعت حاجبها بمكر واردفت:
_طب جرب قل له اكده وشوف مكر الحريم وكيد النسا هيعمل ايه يا عمران ، هقلبها مدع،كة وهتشوف مني اللي عمرك ما كنت تتوقعه وبرده ما همشيش من إهنه ،
وهفضل قريبة منيك كيف ضلك باي طريقة فمن الاحسن تلين من اولها عشان اللي في دماغي في دماغي .
أمسكها من كتفيها مرة أخرى وهو يهزها بعنف مرة اخرى مرددا باستنكار :
_ إنتي ايه اللي بيجرى فيكي د،م ولا س،م ياحية إنتي ، ده إنتي الفُجر بعنيه !
لآخر مرة هستر عليكي ولآخر مرة هحذرك تعترضي طريقي المرة الجاية هقلبها جح،يم فوق راسك يافاجر إنتي ،
يالا اطلعي برة ومعايزش أشوف وشك تاني قب،ر يلم العفش اللي شبهك ويريح الكون منيكي ياملعونة إنتي .
ابتعدت بخطواتها روايدا روايدا وهي تنظر له بحسرة فكلما حاولت الاقتراب منه خطوة ابتعد عنها ألاف الأميال ، ومازاده تمنعه عنها إلا زادها رغبة به ، كانت تنظر إليه نظرات شيطانية واثقة وهي تكور قبضتاى يداها بقوة وكأنها تعتصرهما من شدة غض،بها ،
ألقت كلماتها وهي تفارق الاستراحة بابتسامة خبيثة ارتسمت على محياها :
_ المَلعب متاح للجميع والحكَم شايف بعنيه وهنشوف مين فينا اللى هيجيب أجوان ياعمران ، بس خليك متأكد إن اللعب معاي عايز مهارة عالية علشان تقدر تصد الهج،مات الواعرة اللى هصوبها عليك .
بخت سُ،مَّها وتركت المكان وداخلها يعتصر ألما على معشوقها التى حلمت بالاقتراب منه ليال وليال ،
ذهبت الي منزلها ودلفت غرفتها وأوصدت الباب خلفها ووقفت أمام مرآتها وانطلقت دموع عيناها بغزارة وهي تردد مع حالها بحسرة وألم عاشقة حد النخاع :
_ أدمعي عيناي بغزارة حتى يجف الدمع منكي وابيضي حزنا حتي لا تَرينَه أمامك فتذرُفي خيبة ،
اصرخ قلبي وانطلق بآلام عشقه ودوِّن داخلك قسوة العمران كي تثأر دون ان ترأف به أو تأخذك به رحمة ،
فورب السماء لن أبتعد ولن أهدأ إلا حين يستكين ذاك القابع بين أضلعي أماناً بقربك وتطفئ نيران لهفتي ،
فأنا لعنتك وعشقك ونا،رك وجنتك وأنا الماضي والحاضر والقادم وذاك وعدي المحتوم واعهدني لم أخلف العهود عمراني ،
كانت تردد تلك الكلمات داخلها بنا،ر ملتهبة وهي تشهق بشدة حتي سال كحل عيناها ،
وعلى حين غرة ألقت ماعلي مرآتها من جميع مساحيق التجميل وقنينات العطور الخاصة بها وهي غاضبة بشدة ، وصارت تدور في الغرفة كالثور الهائج وهي تحتضن جسدها بيدها ،
كان منظرها حقا يدمي القلوب ثم ارتمت على تختها تبكي وتبكي بصوت عال وكأنها تفرغ طاقة نفوره منها بكاءً ،
أحقا العشق من طرف واحد يعذب صاحبه ويجعله يتنازل عن كرامته من أجل رضا المحبوب فقط ،
أحقا الحب الخاطئ يدمر ويلقي بصاحبه في غيابات الجب ،فهو كالورد مظهره ممتع وله بريق يخطف العين لكن حوله أشواك تُدمي ،
ظلت على وضعها هكذا لساعات لاتعلم عددها ثم قامت ودخلت الي الحمام كي تأخذ حماما منعشا تلقي به همومها وتستعيد فيه قواها كي تدلف المعركة بقلب انتزع من داخله الشفقة ففي قانون الوجد العشق معركة والدفاع عنه شرف والفوز به مهارة وفي قانون حر،بها ستستخدم جميع الأس،لحة المباحة وغيرها ولن تستسلم تلك الوجد ،
أما عن عمران بعد أن فارقت المكان جلس يتنفس بوتيرة عالية فقلبه ينقبض من وجودها يكرهها دون سبب ، وما إن علم عشقها له مازاده إلا احتقارا لها فقد اعترفت له بعشقها في حياة عمه ولم تخشى ولم تخجل ،
يرى في عيناها تبجحا لم يراه قط في امرأة ، وحينما تستفزه بكلماتها يريد الانقضاض عليها وأن يزهق روحها بيده كي يتخلص من حماقتها ، ولكن تلك المرة الأخيرة والفرصة الأخيرة التي سيمنحها إياها وبعد ذاك سيتحدث وليكن مايكن وسيعزم على اقتلاعها من ذاك المنزل ويق.طع أرجلها منه،
قام من مكانه وانتوى المغادرة كي يأخذ حماما يزيل به أثر لمسات تلك البغيضة والتي يشهر برائحتها تملأ صدره ،
فقد أفسدت خلوته بنفسه وهو يفكر في ملاكه الجميل التي دخلت حياته واقتحمت أسوار قلبه ببراعة وذهب الي منزله قاصداً غرفته كي يذهب في سبات عميق لينسى ماحدث اليوم وأفسد مزاجه .
_____________________________
أتى الصباح محملا بالحكايات وما أجمل فيه الأمل و ما أجمل أن نراه نقطة صفر للانطلاق من جديد ،نطوي صفحات الماضي لنفتح به صفحة جديدة،
أيّها الصباح رأيت الجميع معك ينطلق ،
كل ينطلق بأمل جديد ، بعيون تترقب الفرح، بقلب يخفق بالأمل،
فيقترب المساء لتتبعثر الأمال وتؤجّل لصباح آخر ونقول غداً ونصحو من جديد ،
يرافقنا أمل جديد شمس ذهبية تشرق بعد ظلام وسكون ،نرى زهوراً تتفتح، نسمع العصفور يغرد ،فراشات تتراقص في الشرفة، رائحة القهوة تنعشنا من جديد وما أجمل ابتسامة الأحبة كل صباح ،
استيقظت سكون من نومها الهنئ الذي باتت ليلته تحلم بحبيبها أحلاماً وردية ،
فقد اعترف لها عمران أمس بعشقه لها وخفق قلبها غراماً وهو بعيداً عنها فماذا إن رأته اليوم بعدما سمعت ترنيمات عشقه الساحرة لقلبها ،
ماذا سيكن حالها وهي تنظر إلي عيناها نظرتها المختلفة ؟
أم ماذا عن نظرة عيناه اليوم هل سترى فيهم أنشودة جديدة عليها غير التي عهدتها منذ أن التقت أعينهما أول مرة ؟
ماذا وماذا وكيف ؟ تساؤلات فرضتها تلك السكون على عقلها في سماء عشق العمران ،
قامت من مكانها بنشاط ودلفت إلى الحمام وتوضأت وصلت فرضها وهي تدعي في سجودها بقرب العمران عن قريب فكفاها انتظار ، ثم ذهبت الى خزانة ملابسها كي تنتقي من الثياب أجملهم فهي تريد أن تسحر العمران وأن ينبهر بطلتها اليوم ،
انتقت بنطالا واسعا من اللون الأبيض ويعلوه بلوزة تصل إلي ركبتها من اللون الأخضر القاتم وحجابا باللون الأبيض ،
ارتدت ملابسها واهتمت بظبط حجابها ورسمته على وجهها بإحكام وبعد أن انتهت نظرت قيمت حالها وهي تنظر في مرآتها بانبهار مرددة:
_ قمررر يابت ياسكون والله.
استمعت إلي اطرائها تلك المكة فلكزتها على كتفها وهي ساهية فانخلع قلبها ،
ثم هدرت بها بحدة :
_ وه مهتبطليش شغل العيال اللصغيرة داي عاد يابت إنتي ؟
اني اتخضيت منك لله .
قهقهت مكة بشدة وهي ترى احمرار وجه السكون من فعلتها ثم هدأت من نوبات ضحكاتها وأردفت وهي تومئ برأسها وبنصف عين:
_شكل في تطورات جَديدة مخلية الدكتورة سكون هانم متشيكة إكده ولابسة الحتة اللي على الحبل ،
ثم تذكرت أمراً ما وضربت على رأسها مرددة :
_ أها ولا تكونيش متشيكة إكده علشان هنروحو مقابلة الإعلامية هند بجلالة قدرها .
ماإن ذكرت تلك المقابلة وتذكرت مجئ عمران المشفى اليوم حتى هتفت بخجل :
_ والله معرفاشي أقول لك ايه ، بس أني مينفعش أجي معاكي النهاردِة جايلي حالات مستعجِلة ومينفعش أسيبها خالص ، ممكن تاخدي واحدة من صحباتك وياكي .
انص،عقت بشدة وأردفت بحزن:
_ كيف إكده ياخيتي ! معايزاش غيرك وياي مهأمنش لحد في شغلي واصل ولا حابة واحدة منيهم تِعرف عني حاجة .
مهما تحدثت ومهما ترجتها فلن تضيع سكون فرصة رؤية العمران اليوم فقد جبر قلبها وأخيراً اعترف عمرانها ولن تتنازل عن قربه مهما كان ، فتحدثت باعتذار :
_ والله ماينفعش أسيب الحالات الصعبة داي دول كلَموني بالليل متأخِر علشان أروح لهم، مَعلش يامكة اتصلي طيب وأجلي المعاد لبكرة .
مطت شفتيها للأمام بفقدان أمل وهي تتنفس بأصوات عالية تدل على انزاعاجها ثم أردفت بأمل مفقود:
_ ماشي هتصل أأجل المعاد بس إياكي بكرة تقولي لي أفسر ايه ومدرك ايه مهحلكيش عاد يابت أبوي .
احتضنتها سكون بحب وهتفت:
_ ربنا يوفِقك ياحبيبتي ووعد مني مهتأخرش عنيكي بكرة وكمان مش هطمَن تروحي مع حد لازمن أني اللي أكون وياكي .
أنهيا حديثهما وتوجهت كل منهن إلي حيث تريد،
بعد نصف ساعة وصلت سكون المشفى وقامت بعملها بإنجاز وأدت جميع ماعليها من أمور العمل حتى أنهتها بجديتها المعروفة ،
ثم صنعت قدحها المفضل وجلست في مكانها المعتاد وحدها فصديقتها فريدة عطلتها اليوم ولم تأتي ،
لم تمضي نصف ساعة من جلستها حتى دلف عمران المشفى هو وأخته حبيبة ،
وتلقائي دار بعينيه ناحية المكان التى تمكث فيه دائماً وما إن تلاقت أعينهما حتى دقت قلوبهما عشقا ،
فحق البدايات الأولى للحب تشبه النسمات الرقيقة التى تمر علينا تنعش روحنا في يوم شديد الحرارة ،
لها لذتها الخاصة ومذاقها الممتع ففيها كل عاشق يرى محبوبه بعين الكمال ولم يرى فيه أي نقصان ، لحظات لم تشوبها حروب العشق ولا قوانينها ، فحقا لحظات لن تنسي ولها جانباً خاصا في قلوبنا فالمشاعر الوليدة كالطفل الرضيع لن يحمل هما الحياة وكذلك هي لم تحسب هما للفراق ،
عندما تلاقت أعينهما باغتها بغمزة تتبعها ابتسامة تتبعها علامة أن تسبقهم إلى حجرة الكشف كي يأتى بأخته إليها ،
ابتسمت لحركته بخجل وفهمت مغزى نظراته ثم قامت من مكانها وسبقتهم الي الحجرة وهو يتفحصها من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها ، ولكنه تبدلت نظراته المحبة إلى نظرات حار،قة حينما رآها وتوعد داخله لها فور أن يراها بعد دقائق ،
وصلت إلى حجرة الكشف ثم أغلقت الباب خلفها وهي تقف وراءه وتستند عليه وتضع يدها على قلبها تهدأه من دقاته التي شنت عليها فور أن رأت ذاك الحبيب ،
أما عمران أجلس أخته في صالة الاستراحة ثم تحدث شارحا:
_ هروح أجيب لك عصير تشربيه علشان روحك ترد لك شوية ، وهحجز لك مع الدكتورة وعقبال مايجي دورك وتشربي العصير هسلم على محمد وأرجع لك ربع ساعه بالكتير مهتأخرش ، وكمان الحريم اهنه كتير ومهحبش أقعد وياكي وسطيهم .
أمائت برأسها بابتسامة وهي تلتقط أنفاسها بصعوبة فحملها صعب للغاية فهي تنهج بشدة منذ أن دخلت شهرها الثامن وتتحرك بصعوبة ،
أما هو ذهب وأحضر لها باكتين من العصير وأنواع عدة من الشيكولا الفاخرة أعطاها منها ووضع واحدة منها في جيبه ثم ودعها وانطلق نحو غرفة الكشف التى تمكث بها سكون والذي سأل عنها بذكاء،
وصل إلى الغرفة ودق على الباب فسمع صوتها تقول:
_ اتفضلي .
دلف عمران بطلته الغاضبة وما إن رأته حتى دق قلبها واحمر وجهها تلقائيا وهي تهتف بتوتر :
_ أهلا ياأستاذ عمران ،
أمال فين مدام حبيبة ؟
نظر إليها بنصف أعين ونطق بحدة متجاهلا تساؤلها :
_ أستاذ مين ؟ اسمي عمران تقوليها علطول إكده احنا بقيناش أغراب ده أولا ،
وتابع كلماته وهو يشير بأصبعه ناحية هيئتها قائلا باستنكار:
_ ثانياً ايه ده بقي ياهانم اللي شايفه قدامي .
اتسعت مقلتيها بذهول وأردفت:
_ شايف ايه يعني مفهماش.
اقترب منها واستند بكلتا يداه على مكتبها وهتف بقرب من وجهها :
_ ايه اللي إنتي لابساه ده ياداكتورة ، لابسالي بنطلون وكمان أبيض ، وحجابك ممغطيش صدرك !
ذهلت من كلماته ولم يأتي بمخيلتها أن بداية كلام العمران بعد اعتراف عشقه تكون هكذا، ابتلعت أنفاسها بصعوبة وتحدثت بفك يهتز :
_ كيف يعني ، ماله لبسي عاد ماهو واسع أهو ومحتشم .
بأمر لايقبل النقاش ألقي كلماته:
_ محتشم مش محتشم متلبيسهوش تاني واسع ولا ضيق ولا أيا يكون البنطلون ممنوع منعاً باتاً.
تعجبت من أمره لها وهتفت باستنكار:
_ وه ومين تكون إنت علشان تتحكم في سكون وتملي عليها طلبات وأوامر عاد ،
هي أولها إكده ولا ايه ياعمران ؟
ثبت عيناه داخل عيناها وتحدث بنبرة عاشق:
_ ماله أولها ! من الآخر أني بغير وغيرتي وحشة ومبعرفش أتحكم في حالي لو شفت اللي بحبهم واللي يخصوني بلبس أني رافضه ، ومن أولها بردوا لازم تتقبلي غيرة العمران اللي بيعشقهم قلبه ، وبعدين معنديش ست تخالف أوامر جوزها .
__ جوزها ! .. جملة تعجبية نطقتها سكون بعيناي متسعة من جرأته معها وعقب ذاك العمران عليها وهو يحرك رأسه بموافقة :
_ أها أمال هو احنا بنتسلى ياداكتورة ؟
أخفضت بصرها خجلا وصارت لاتقوى على النظر إليه ولم تقوى على الرد من شدة خجلها من تصريحاته التى فاجأها بها ،
لاحظ خجلها فتابع بهمس :
_ شكلك وإنتي خجلانة يتحكى فيه مواويل ياقلب العمران ، أني مش عارف ميتة اتعلقت بيكي إكده وأني شايفك من مدة قليلة مكملناش شهر ، هو إنتي سحرتى العمران ياسكون ؟
على نفس حالة الخجل التى اعترتها ولم ترفع أنظارها إليه ولكن ابتلعت أنفاسها بصعوبة بالغة ورددت بهمس :
_ كفاياك ياعمران مش من أولها إكده ، واحدة واحدة علي علشان أقدر أستوعب اللي وداني بتسمعه منيك .
بنفس الهمس أجابها :
_ وه وأني مين يصبرني لما أشوفك قدام عيوني ومتكلمش وأبوح باللي شايله في قلبي سنين للي هتوبقي من قدر ونصيب عمران ،
لع ياداكتورة متقوليش إكده علشان خطر على القلوب اللي بتجبريها تسكت في حضرة المحبوب غصبانية .
استمع إلي رنات هاتفه فوجدها أخته ، فتحدث إليها قائلاً:
_ داي أختي حبيبة هروح أجيبها وأجي علشان تطمنيني عليها واعملي حسابك ولادتها على يدك بإذن الله ياداكتورة وهيوبقي جميل نرده لك وقت ماتبقي زييها إن شاء الله ،
ألقي كلماته وهو ينظر إليها بشقاوة عاشق ، لاحظ خجلها فقام من مكانه وخرج من الغرفة وأتى بأخته إليها ،
جلست أمامها وبدأت سكون بالكشف عليها وأسئلتها وهي تقوم بعملها بمهنية ، ثم استأذنتها أن تقوم وتصعد للفحص الطبي أمام الجهاز ،
أسندها أخيها وأوصلها ناحية التخت الخاص بالفحص ثم استأذنته سكون :
_ كفاية إكده وأني هساعدها اتفضل يا أستاذ عمران ،
رفع حاجبه إليها من كلمة “أستاذ” التي نطقتها ولكنه رأى نظرات عيناها تترجاه أن يمررها أمام أخته التى لاتعرف شئ ،
قامت بفحصها بعناية ثم هتفت بابتسامة:
_ إنتي حامل في توأم وطبعاً تعرفي ،
ثم دققت النظر للجهاز وهي تحرك يدها على بطنها بتركيز كي تعرف نوعية الجنين وبعد خمس دقائق أردفت بابتسامة:
_ بنتين كماني وهيطلعوا قمرات لأمهم بإذن الله.
كانت حبيبة تعلم نوعية جنيناها فهزت رأسها بابتسامة فقد ارتاحت نفسها لتلك الطبيبة وانشرح قلبها لها ،
بعد عشر دقائق أنهت سكون الكشف عليها وأملتها استشاراتها الطبية التى تتبعها حتى تضع جنيناها على خير ومن الممكن أن تلدهم ولادة طبيعية دون إجراء عملية قيصرية ،
أنهت الكشف وودعوها وخرجوا ، وأثناء خروجهم أشار اليها عمران بيده أنه سيهاتفها ، فرح داخلها باهتمامه بها وغيرته عليها بشدة وجلست علي كرسيها وهي تردد بحب :
_ ربنا يجعلك من نصيبي ياحبيبي.
_____________________________
في مكتب المحاماة تتابع رحمة عملها بمهنية وتعي لكل حرف تتفوهه تلك المديرة السابقة لماهر البنان ، فرحمة سريعة البديهة وحلمها أن تصل لمبتغاها بأن تصبح محامية ذات صيت واسع لم بل لم يُِسمع عنه من ذي قبل ،
فتحدثت المديرة قائلة :
_ دلوقتي معاد القهوة المعتادة بتاعت المتر وهتلاقي عم إسماعيل داخل بيها دلوقتي ،
هتقومي بنفسك تدخليها وأثناء مابيشربها هتنظمي له المكتب وتظبطي الملفات وخلي بالك متلخبطيش الأوراق ولا الملفات في بعضها ، تعرفي إنتي بتعملي إيه علشان لما يخلص قهوته هيرجع مكتبه وهيسألك على ملف معين تديه له فخلي بالك من التركيز علشان ده عامل مهم مع المتر .
استمعت إلى توجيهاتها وبعد دقيقة واحدة أتى الساعي بالقهوة ، دقت على الباب ثم دخلت بالقهوة إليه ووضعتها على المنضدة الموجودة باستراحة المكتب كما أدلت عليها سمر ،
ثم تحدثت وهي تقف أمامه بارتباك فهي تخشاه قليلا :
_ القهوة بتاعت حضرتك يافندم جاهزة اتفضل.
تنهد ببطئ ثم خلع نظارته العملية ووضعها بإهمال على المكتب وقام من مكانه وذهب تجاه القهوة كي يتناولها بهدوء كعادته ،
أما هي ذهبت إلى المكتب ونظرت إليه بتفحص شديد ،
وأول شئ رصدته عيناها إيصالا بنكيا مدون فيه اثنان مليون جنيه ، لم تنبهر بالمبلغ فهي ابنة سلطان المهدي وأخت عمران المهدي التى تربت على القناعة وعزة النفس ،
نحَّت الإيصال جانباً كي لايفتقد وتلك كارثة ، ثم قامت بتنظيم الملفات بعناية فائقة ، وحملت نظارته ووضعتها في الجورب الخاص بها ، ونظمت الفوضى المحاطة بالمكتب ، كل ذالك تحت أنظار ماهر والذي كان ينظر إليها بترقب كي يرى ماإذا كانت منتبهة أم لا ،
ولما لا فالتي تعمل بمكتب ماهر البنان لابد أن تملك عيونا كالصقر وفهما ومكرا كالثعلب ،
لاحظ عدم انبهارها بالإيصال وكأنها لم ترى شيئا قط ،
انتهى من قهوته المعتادة وعاد إلى مكتبه ثم تحدث إليها باستفسار:
_ مقلتليش إن جاسر يبقي بن عمك ولا انتو الاتنين جبتوا سيرة ممكن أعرِف السبب ؟
احمر وجهها رعباً من تساؤله المفاجئ فيالك من ذئب ماكر تعرف دبة النمل في جحره ،
فاستجمعت شتاتها وأجابته :
_ حضرتك شغلك هنا مبني على إن مفيش حاجة اسمها قريبي أو ابن عمي أو أخوي وأنا حبيت أنفذ كل التعليمات ، وجاسر بردك عارف التعليمات داي فعلشان إكده ولا كأننا نعرف بعض يافندم .
رفع أنظاره إليها وتحدث وهو ينظر داخل عيناها كي يستشف مابهما :
_ بس أكيد عرفك نظام الشغل اهنه وفهمك كل حاجة وعلشان إكده خدتي حظرك كويس ونَجحتي في الاختبار من غير تعب ولا حسابات زي زميلاتك اللي مشيوا.
كادت أن تنطق ولكن قبل أن تتحدث أشار إليها بيده قائلا :
_ اتفضلي اقعدي ياأنسة .
جلست على الكرسي وداخلها متوتر من هالته القوية التى تراها فيه ، فقلبها يدق بعنف من الجلوس أمامه كما التلميذ أمام المعلم ، وأجابته وهي تتحمم :
_ مش هكذب يافندم إنه عرِفني طريقة حضرتك وعرِفني إن فيه اختبارات وإن حضرتك دايما بتطلب حاجات تعرِف منيها مدى استيعاب اللي بيشتِغل معاك ، لكن معرفنيش الاختبار نوعه ايه ولا ميتى ولا أتصرِف فيه إزاي ، وأظن البنات اللي مشيوا حضرتك نبهت في أول مقابلة لحاجات زي داي وكمان أني عنت الملفات في مكان ميجيش في بال حد ولا حتى بن عمي.
رفع حاجبه باستمتاع وهو معجب برد تلك الماكرة الصغيرة والتى تنبأ لها في الحال بأنها ستكن ذات شأن عظيم في مهنة المحاماة ،
ثم أشاد مرددا بإعجاب لأول مرة :
_ برافو برافو ردك منظم وواعي ونوعاً ما أقنعتيني ، بس في حاجة مهمة لازم تعرِفيها ياأنسة إن الطريق المستقيم هو أسهل الطرق يعني الصراحة والوضوح في أي شئ هيكسبوكي كتييير ، دهاء المحاماة مبيستخدمش في كل الأوقات ودايما سيبي مساحة راحة لعقلك ومتزحميهوش بأي تفاهات علشان متتشتيش ودي نقطة مهمة لازم تاخدي بالك منيها.
كانت تنظر إليه بانبهار وتدون كل ما قاله في قلبها قبل عقلها ، فهو مثلها الأعلى ودوما تراه في مرتبة الشرف الأولى لتلك المهنة ،
وهتفت باستجواد :
_ تعاليم حضرتك بالنسبة لي هجمعها في عقلي وهعملها مدونة جواه وهركز فيها دايما وهراجعها علطول وبإذن الله هكون تحت حسن ظن حضرتك.
هز رأسه باستحسان وسألها بمغزى :
_ كان فيه شيك هنا بتاع عميل مهم ودتيه فين ؟
بسرعة فائقة ناولته الشيك قائلة :
_ اتفضل يافندم .
تناوله منها ووضعه في الدرج أمام عيناها ثم تحدث وهو يشير ناحية الباب:
_ تمام يارحمة اتفضلي انتي روحي شوفي شغلك ولو احتاجت حاجة هبعتلك .
قامت من مكانها وانصرفت من أمامه وخرجت تعاود عملها بمهنية .
________________________________
ليلا وبالتحديد عند غروب الشمس تجلس رحمة في حديقة المنزل تراجع دروسها فالامتحانات أوشكت علي البدئ ، وأثناء اندماجها استمعت إلي صوت تعرفه جيدا :
_ أه الست المحامية الكبيرة اللي نسيت واد عمها اللي مبقاش يتلم عليها عاد ولا يتكلموا مع بعض زي الاول .
رفعت رأسها وتحدثت بابتسامة ارتسمت على معالم وجهها وأبرزت أسنانها البيضاء بشدة :
_ وه هنقر من الاول عاد يامتر ، تعال اقعد إنت اللي مش فاضي لتلميذتك النجيبة وبت عمك .
جلس أمامها وهتف باستنكار:
_ وه أني بردك ! أه خدوهم بالصوت قبل مايغلبوكم ، اهه المثل ده ينطبق عليكي يابت عمي .
قهقهت بشدة على طريقته الدعابية وأردفت باعتذار محبب :
_ خلاص متزعلش واصل حقك علي ، قول لي أخبار قضاياك ايه اللي مبتخلصش ؟
تنهد بتعب حينما ذكرته بها واجابها بحمد :
_ ايه الحمدلله ، بحاول بقدر الإمكان أجتهد علشان يبقي ليا مكان وسط العتاولة اللي موجودين ، الله المستعان يارحمة ،
وتابع كلماته وهو يسألها عن حالها :
_ قولي لي كيفك انتي في مذاكرتك وعاملة إيه في شغل المكتب ووصلتي لحد فين ؟
مطت شفتيها بامتعاض واردفت:
_ اسكت ياجاسر المتر النهاردة طلع مش سهل واصل واتكسفت حتة كسفة.
أنصت باهتمام لكلامها وسألها :
_ ليه حوصل ايه عاد احكي ؟
تركت الكتاب من يدها وشبكت كلتا يداها في بعضهم مردفة:
_ عرف إن اني وانت ولاد عم ، وقعد يقول لي هو اكيد اللي عرفك نظام الشغل اهنه ، وهو إللي فهمك بطريقه ماهر البنان ، وخد عنديك بقي من الحاجات دي واني كنت واقفة مرعوبة منيه .
ضحك بخفة على طريقتها المرتعبة فزادها خوفاً بكلماته :
_ وه عاد اترعبتي من أول مواجهة مابينك وبين الأستاذ ، أمال بقي لما تعرِفي أنه حاسس برعبك ده وعارف ميتي تُبقي ولا هامك وميتي تبقي مرعوبة منيه ، ده بيكشف اللي قدامه من نظرة عين ، أمال سموه خط المحاكم ليه مش من فراغ ياقلبي.
اتسع فاهها من تخويفه لها وأردفت وهي تفتعل اللامبالاة وأنها لاتتأثر من كلامه :
_ ولا يهمني عاد وإذا كان هو بقي ماهر البنان ، اني هبقي رحمة سلطان المهدي اللي القضاه هيعملوا لها حساب بعد إكده لما يشوفوها في المحكمة وبكرة تشوف .
قهقه بشدة على طريقتها وفخرها بذاتها المعتادة عليه :
_ بالراحة إكده متطلعيش للعالي أوي مرة واحدة لاحسن تدوخي وتقعي على جدور رقبتك ،
وتابع حديثه كي يطمئن عليها:
_ قولي لي أخبار المذاكرة إيه تمام ولا انشغلتي بالشغل والمكتب عنيها ؟
أجابته بثقة :
_ وه كيف أنشغل عن دراستي دي أهم حاجة بالنسبة لي وهي اللي هتعمل لي مستوى وقيمة في المكتب وفي حياتي كلياتها .
نظر إليها بعشق يلمع داخل عيناه ولكنها لاتراه ولا تشعر به فصعيرته التي عاش معها طفولتها وشبابها قد كبرت وصارت امرأة في جسد أنثى ، تمني أن ينطلق لسانه ويحاكيها عن عشقه لها لكن دوما لسانه يقف عن حكواها واعترافه لها ، وعيناه تكتفي بالنظر إليها والتأمل بها خلسة ،
لاحظت شروده فسألته باستغراب :
_ مالك ياجاسر رحت فين إكده ؟
تحمحم بهدوء وحاول أن يبدوا طبيعياً ثم أجابها:
_ لاا ولا حاجة ياحبيبي انا كويس .
ابتسمت لحنوه ثم أردفت بمحبة :
_ ياه إنت لسه شايفني البنوتة اللصغيرة بنت العشر سنين وبتعاملني على إني إكده ومكبَرتش ، قد إيه إنت قلبك طيب ويابخت اللي هتكون من نصيبك ياطيب .
كلماتها مفرحة ومحزنة في آن واحد ، دق قلبه حزناً وفرحا في نفس اللحظة ،
ونظر اليها وعيناه لاتكتفي منها عشقا ولا لهفة ، يود أن يأخذها بين أحضانه ويردد في أذنيها ترنيمات غرامه ، ويلقي عليها حكواه العاشقة ، ويحكايها كالأمير والسندريلا أو حكاوي شهريار ويعيش معها الألف ليلة وليلة ولكن ماهذا القدر المعاند لك أيها الجاسر فهي تراك أخا ولا تراك غير ذلك ، حسنا فلتصبر حتى تنهى عامها الدراسي وتبدأ رحلتك معاها ولكن تحمل يارجل إن أشعرتك بأنك لست في قلبها ولا عقلها غير أخ واسعى وجاهد كي تنال حلمك الذي سعيت له ،
ووجد لسانه ينطق:
_ والله مافي أطيب من قلبك إنتي ياحبيبي.
ثم قام من مكانه معتذرا لها معللا بالعمل المتراكم عليه وتركها وغادر ،
أما هي حدثت حالها بصوت مرتفع وهو مندهشة من تغيراته معها :
_ ماله إكده النهاردة سرحان ومش على بعضيه ، ياترى بيحب جَديد ده ولا ايه !
وسرعان مانفضت عن بالها وعادت إلي مذاكرتها تؤديها بمهارة فحلمها لن تتنازل عنها وستصل إلي اللقب التى تسعى إليه جاهدة منذ صغرها ألا وهو ” البروفسيرة رحمة المهدي”
________________________________
انتهى اليوم وجاء الصباح محملاً بنسماته واستيقظت مكة ظهرا فهي لم تذهب الى الجامعة اليوم ، وأول شئ اطمئنت عليه هو وجود سكون أختها لأنها ستذهب معها تلك المقابلة اليوم ، وجدتها هي الأخري تغفوا في سبات عميق ، قامت من مكانها وذهبت إليها توفظها من نومها :
_ سكون ، سكون قومي عاد علشان منتأخروش.
همهمت الأخرى بكسل:
_ ايه ياقلق إنتي سبيني أنام شوي .
ضر،بتها في كتفها بخفة وأردفت بنبرة لحوحة:
_ لع يالا قومي حالا مهستناش ، إكده هنتأخروا يالا يالا قومي .
قامت من نومها تتأفف وهي ترجع خصلات شعرها المبعثرة من أثر النوم وهي تردد بحدة :
_ ده إنتي رخمة بلا أرخم واحدة في الدنيا ، ماكنتي سبيني نايمة شوي .
سبقتها إلى الحمام وهي تردد :
_لع هنتأخروا على المعاد يالا قومي ظبطي أمورك ، نص ساعه وهنتحرك .
وبالفعل قامت سكون من مكانها كي تجهز حالها ،
بعد مرور ساعة ونصف هبطت كل منهما السيارة ووقفا أسفل البناية ، دقات قلب مكة تثور عليها ولم تصدق عيناها أنها تقف أمام المبنى الذي لم تحلم يوماً أن تصل إليه بتلك السرعة ، هاتفت الإعلامية هند كامل وبدورها طلبت منها الصعود إليها فهي الأخرى في انتظارها ،
دخلت المبنى وذهبت إلى مكتب السكرتارية كما أدلت إليها وأدخلتهم إليها ،
قامت من مكانها ترحب بهم فهي مثال للذوق والتواضع ومعلوم عنها ذلك ، ولكن الدهشة بدت على معالم وجهها حينما رأتها بالنقاب وأردفت:
_ ايه ده إنتي منتقبة مكنتش أعرف ؟
ابتسمت وأجابتها بفخر :
_ أيوه حضرتك وبحب نقابي جداً ومعتزة بيه .
أمائت هند بابتسامة وأردفت:
_ بحب أووي اللي عندهم إصرار وعزيمة لحاجة بيحبوها وبيعتزو بيها ، وعموماً إنتي جميلة في كل حالاتك حبيبتي ،
وبعد مرور نصف ساعة يتحدثون في أمور العمل تحدثت هند بتوضيح:
_ أيوه هتبقي المساعدة بتاعتي اللي هتنظم معايا الحلقة اللي بعملها كل أسبوع وهتتابعي الصفحات بتاعتي على السوشيال ميديا كلها ، ايه كتيير عليكي ولا ايه ، مع إني مش شايفه كتيير ولا حاجة ده إنتي عملتي حوار رائع ومنظم مع النجم أدم المنسي وبإمكانيات تصوير لاتذكر علشان كدة اختارتك إنتي .
انفرجت أساريرها ولكن سألتها مكة بفضول:
_ بس حضرتك ايه اللي جابك الصعيد وقنا بالتحديد تعملي فيها برنامجك ويبقي الاستديو الخاص بيكي إهنه وإنتي أصلاً من القاهرة، معلش سؤال فضولي .
ضحكت برقة على استفسارها واجابتها بإبانة :
_ علشان بكل بساطة اتجوزت صعيدى ياستي بس أنا مابين هنا وهناك .
هزت رأسها وعلى وجهها علامات الابتسامة ، ثم سألت هند وهي توجه السؤال لسكون:
_ بس أنا معرفتش إنتي تخصصك ايه ياسكون ؟
أكيد في مجال مشرف زي بنوتتنا الموهوبة مكة .
أجابتها سكون بكل تواضع يليق بها :
_تسلمي لي يا أستاذة ، أني طبيبة نسا وتوليد مخلصة الكلية من سنتين .
_ماشاء الله ، ربنا يحفظكم يا بنات.. جملة دعائية عقبت بها تلك الهند وتابعت حديثها وهي تناول مكة بعض الأوراق قائلة :
_ اتفضلي يامكة ده عقد العمل اللي بينا وكل حاجة هتبقي خاصة بيكي هنا ، العقد مدته خمس سنين ، ولو أثبتي جدارتك معايا هيتجدد بإذن الله ونستمر مع بعض.
كانت حائرة وهي تنظر للعقد بين يديها وخائفة ولكن شجعتها سكون بنظراتها أن تقدم لأولى خطوات نجاحها ،
تفحصت العقود ثم جال بخاطرها أمر ما فتحدثت:
_ بعد إذنك يعني ياأستاذة فيه حاجة مهمة حابة أقول لحضرتك عليها علشان نبقوا على نور من البداية.
أمائت هند برأسها:
_ قولي حبيبتي اتفضلي ، أنا بحب الصراحة في كل حاجة وأن النقط تتحط على الحروف من البداية.
ابتلعت انفاسها وتحدثت بما تريده :
_ أني لو جه عليا يوم من الأيام وشغلي إهنه هيتعارض إني أخلع نقابي ده هيبقى مستحيل ، أظن ان شغلي هو اللي هيحدَد مهارتي مش حاجة تانية ، علشان ميجيش يوم وينطلب منه أقلعه وأتخلى عنيه ، ساعتها مش هيحصُل عاد وممكن أسيب الشغل وقتها عادي جداً.
نظرت إليها هند بإعجاب وهتفت بطمئنة لها:
_ لاا ياستي اطمني احما معندناش هنا حكر لحرية حد ولا أننا بمدخل في مظهره طالما منمق ويليق بفريق العمل بتاعي ، وإنتي واضح جداً إنك منظمة وبتهتمي بمظهرك والنقاب زايدك جمال تبارك الله.
أخذت نفسا عميقا وزفرته بارتياح ثم أمسكت القلم وقامت بالإمضاء على العقد ،
تناولت المباركات بينهن ووعدتها مكة أنها ستأتي إليها بعد شهران من الآن تكون أنهت اختاباراتها وستبدأ معها رحلتها الاولى نحو الإعلام حلمها المستقبلي.
أنهيا مقابلتهما وودعاها وخرجتا الاثنتان وقلوب مكة ترفرف فرحا بأول خطوة في مستقبلها وأنها تيسرت لها بالفرصة التى أتتها على طبق من ذهب ،
بعد أن خرجا هاتفت هند أحدهم وأتاها رده :
_ أيوه بابني إنت فين ؟
أجابها :
_ عشر دقايق وهتلاقيني عندك .
بعد مرور ربع ساعة دلف الفنان آدم المنسي ذاك الاستديو وتوجه مباشرة إلي مكتب أخته هند كامل ،
دلف إليها وهو يفتح ذراعيه لها :
_ حبيبتي اللى وحشاني أوووي ، عاملة ايه ؟
شددت الأخرى من احتضانه وهتفت بعتاب :
_ والله أنا لو وحشاك مكنتش قعدت اسبوعين بحالهم من غير ماتشوفني .
مط شفتيه بدلال وهتف :
_ خلاص بقي متمسكليش على الواحدة ، إنتي عارفه حفلات بقي وحوارات المغنيين عاملة ازاي ،
واسترسل حديثه وهو يسألها :
_ ها عملتي إيه يارب تكون مضت العقد .
أشارت على حالها بفخر واجابته:
_ طبعاً يابني ، هي كانت تحلم أصلا تشتغل مع هند كامل ، دي مكنتش مصدقة نفسها.
انفرجت أساريره وهتف بامتنان:
_ حبيب قلب أخوه والله ، إيه يابت ياهنودة الجمدان ده .
ضحكت بشدة على مشاغبة أخيها ثم هدأت أنفاسها وسألته بدهشة :
_ أنا مش فاهمة ليه اللف والدوران والقصة دي كلها ، واشمعن البنت دي بالذات ؟
نظر للأمام بشرود وأجابها :
_ مش عارف والله ياهند ، كل اللي مسيطر عليا من أول مرة قعدت واتكلمت معاها إني عايزها وعايز اعرف تفاصيلها وعايز أشوفها علطول ،
وتابع حديثه بتأثر :
_ عمرك تخيلتي إن أخوكي حلم بعيونها كذا مرة ، دي عمرها ما حصلت أحس إني عايز اتكلم مع واحدة كده او إني عايز أعرف كل حاجة عن واحدة ، في قوة غريبة بتشدني ليها إيه هي مش عارف.
قوست فاهها بذهول وهتفت :
_ معقوله كل اللي في بالك وفي خيالك إنك متعلق بعيون بس هي اللي شفتها من واحدة !
معقولة تكون أثرت فيك أووي كده دي عمرها ما حصلت !
وتابعت كلماتها بدهشة:
_ معقولة تكون حبيتها يا آدم ؟
هنا امتنعت عقارب الساعة عن الدوران ووقف الزمان عند تلك الكلمة ووجد لسانه يهتف بذهول كحال أخته :
_ حبيتها !
طيب إزاي وانا معرفهاش وكل كلامنا خناق ولا أعرف حتى تفاصيلها ولا أعرف أي حاجة عنها ،
واستطرد حديثه وهو يثبت عيناه داخل عيناي أخته :
_ معقولة هو ده الحب اللي بيحكو عنه واللي ياما غنيت له مووايل ؟
تنهدت هند بتعب لحال أخيها وأجابته :
_ ولي لا ياحبيبي ! هو بعينه ياآدم بس أنت اختارت طريق صعب انتو الاتنين مختلفين اختلاف السما من الأرض ، ياتري هتقدر تواجه الصعوبات دي علشان توصل لها وياعالم إنت بتحبها اصلا ولا مجرد نوع جديد ومختلف شدك وعايز تدخل فيه ولما تجرب ساعتها هتقول بلاش منه .
لم يهمه أي شئ مما قالته أخته ثم سألها بفضول :
_ سيبك من الحاجات دي ، قلتي لي وإنتي بتكلميني قبل كدة إنك لما شفتيها كأنك شفتي روبانزل ، هي جميلة أوي للدرجة دي ياهند ،
اوصفي لي شكلها نفسي أتخيله .
_______________________________
ليلا كانت سكون تجلس في شرفة منزلهم أمامها عصيرا طازجا وقطعة من الحلوى وقامت بتشغيل إذاعة القرآن التي تعشقها ويرتاح قلبها عند سماعها خاصة وهي تدرس ،
وأثناء اندماجها في المرجع الذي أمامها جائتها رسالة عمران ،
حينما استمعت إلى رسالته التي خصصت لها نغما معيناً دق قلبها فرحا ، فتحت محتوى الرسالة وجدتها:
_ كيفك ياداكتورة ، ياترى مشغولة ولا فاضية نتكلموا شوي .
أجابته سريعاً وكأنها تنتظره :
_ اتفضل أتكَلم مبعملش حاجة قاعدة في البلكونة بتاعتنا شوي .
رأى أنه يريد محادثتها هاتفياً فقام بالاتصال عليها وما إن أتاه ردها وصوتها الناعم الذي أصبح محببا إلي قلبه هتف باستفسار:
_قلت لي إنك قاعدة في البلكونة ، قولي لي بقي لابسة ايه ؟
فتحت فاهها على وسعه من تساؤله وتحمحمت وهي تسأله باندهاش:
_ اممم .. ايه السؤال ده مفهماش ؟
اعتدل عمران من جلسته وأعاد على مسامعها نفس السؤال:
_ إزاي يعني مفهماش ؟ سؤالي واضح ياداكتورة وإنتي قاعدة في البلكونة اللي يعتبر شارع وأكتر منيه كمان لابسة ايه ؟
احمر وجهها خجلاً من ما استمعت إليه من ذاك العمران وهمس داخلها ، أحقا يكون ذلك عشق العمران ! ما هذا يارجل مهلا على قلب صغيرتك فهي في فنون العشق راسبة ،
لاحظ شرودها فعقب عليه باندهاش :
هو السؤال صعب أوي إكده ؟
أجابته بخجل :
_ لابسة لبس البيت عادي يعني.
_اه اللي هو إيه لبس البيت العادي يعني ده … جملة استفسارية نطقها ذاك العمران بتصميم على تساؤله.
ابتسمت لاهتمامه وغيرته الواضحة من كلماته وأردفت بتوضيح:
_احم .. لابسة ترينج وعليه حجاب .
انتفض من مكانه وهدر بها بحدة وتحدث كما أنها امرأته وكأنه يعرفها منذ أعوام وليس فقط شهران :
_ ترينج ! إنتي بتقعدي في البلكونة لابسة ترينج ! وأكيد الحجاب من نص شعرك ومبينة الخصلتين الناعمين ياسكون هانم !
اتسعت مقلتيها بذهول من عمرانها وطريقته المتغيرة كليا معها وأجابته بنفي :
_ لا والله أنا لافة الحجاب على شعري كويس جدا وممبيناش منيه الهوا واصل ،
وتابعت نفيها باستنكار:
_ وبعدين إحنا هنبتديها من أولها إكده غيرة ملهاش عازة وتحكمات ملهاش عازة .
اتكأ بجزعه واستراح بجسده كي يحادثها بهدوء اعصاب كي لايخيفها منه:
_ لع متسميهاش تحكمات عاد ياسكون ، سميها حب وغيرة على اللي مني واللي محبش حد يبص لهم بطرف عينه واصل ،
وخلي بالك عشق العمران مختلف تماماً عن اللي بتسمعيه اليومين دول ، عشق الصعيدي اللي بحق ياحبيبي .
لم يهمها ماقال ولم تهتم بشدة لما سمعته أذناها منه ، ولكن حينما أنهى كلماته “حبيبي” وكأن أذناها أطربت وكأن الزمان وقف عند تلك الكلمة ووجدت لسانها ينطق بهمس دون وعي :
_ حبيبتك !
ابتسم لهمسها وأحس بجسده يهتز شوقاً من كلمتها حقا كلمة أثارت سريرته فماذا عنكي حينما تستقري بين احضان العمران سكوني ، وأجابها بعشق جارف :
_ أه حبيبتي وعشقي الأول واللي أول ست تدق باب العمران هو إنتي ،
ثم همس بصوت رجولي خشن :
_ سكون .
أجابته بنفس الهمس برقة :
_ نعم .
انطلق فاهه بالكلمة التي انتظرتها سكون أخيراً:
_ أني عايز أتجوزك على سنة الله ورسوله ، عايز أجيب الحاج سلطان والحاجة زينب وأجي أطلب يدك مقادرش أصبر أكتر من إكده واصل .

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية من نبض الوجع عشت غرامي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى