روايات

رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل الخامس والخمسون 55 بقلم فاطيما يوسف

موقع كتابك في سطور

رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل الخامس والخمسون 55 بقلم فاطيما يوسف

رواية من نبض الوجع عشت غرامي الجزء الخامس والخمسون

رواية من نبض الوجع عشت غرامي البارت الخامس والخمسون

من نبض الوجع عشت غرامي
من نبض الوجع عشت غرامي

رواية من نبض الوجع عشت غرامي الحلقة الخامسة والخمسون

#بسم_الله_الرحمن_الرحيم
#لاإله_إلا_الله_وحده_لاشريك_له_يحي_ويميت_له_الملك_وله_الحمد_وهو_علي_كل_شئ_قدير
#الجزء_الأول_من
#البارت_الثاني_والعشرون
#بغرامها_متيم
#الجزء_الثاني
#من_نبض_الوجع_عشت_غرامي
اليكم الفصل حبيباتي وطبعا هينزل على جزئين لانه جايب ٧٥٠٠ كلمه فلازم نتفاعل على الجزئين بس هعمل ايه كل ما اجي اكتب الاحداث تفتح معايا وما اعرفش أفلت الا لما اخلصها علشان تظهر لكم مكتمله فارجوكم التفاعل ثم التفاعل هو اللي بينجح الروايه على فكره انا بتعب في الكتابه جدا 🥺🥺 ومش بنزل مدونه ولا في اي مكان بنزل على الجروب عشان خاطركم فلازم التفاعل علشان الروايه ما تموتش جوه الجروب 🥺🥺
أسيبكم بقى مع الروايه قراءه ممتعه حبيباتي
ــ عقبالنا يا حبيبي وتبقي أحلى مامي في الدنيا كلها .
لا شيء أجمل من ابتسامة تكافح للظهور ما بين الدموع فالعيون والوجوه تقول لك ما لا يقال، وتفضح ما هو خفي في النفوس وما خفي من لهفة العمران والسكون كان أعظم .
كان قلبها يتلهف داخلها شوقاً لصلح عمرانها فهو النبض والهوى ويومها بدون أحضانه كئيب ممل لأبعد الحدود ، لقد دغدغ مشاعرها بنظرته الهائمة المتلهفة الراجية لرضاها ثم نظرت للجانب الآخر وهي ما زالت لم تستطيع الصلح معه :
ـــ اللهم آمين .
اقترب منها وهو يمد يده لكي يعطيها الطفل مرددا بهمس بجانب أذنها مما جعله أربكها و شعرت بسخونة وجهها من كلماته المهلكة لحصونها الهشة :
ــ طب والله العظيم حتى وانتي زعلانة قمرر وتجنني يا سكوني ، مش كفاية بقي يومين بتنامي بعيد عن حضني والمفروض الراجل اللي يهجر مش الست .
أحست برجفة جسـ.ـدها من همسه في أذنها واقترابه منها وكلماته العاشقة المصحوبة بالملامة ولكن أنقذها قدومهم جميعاً إليهم كي يأخذوا الطفل ،
فاحتضنه أبيه بلهفة وهو يقربه من أحضانه ويشم رائحة الأطفال التي يعشقها فيه وعينيه تنظر له بمحبة وُلدت بقلبه تلقائياً من عند الله ثم احتضنه بشوق جارف وبدأ يكبر في أذنه ،
كانت “سكون” تنظر إليه وهو يحتضن طفله وعينيها تلتمعان بدمع الحرمان لاحظت والدتها ذلك فاقتربت منها وأخذتها بين أحضانها وهي تربت على ظهرها:
ــ إن شاء الله ربنا هيديكي من وسع يابتي وهيفرح قلبك وبإذن الله هيجبر خاطرك .
تمسكت”سكون” بأحضان والدتها وكأنها أتت في وقتها المناسب وهي تشعر الآن أنها تمتلك راحة العالم أجمع لتقول بشجن :
ــ ياه متتصوريش محتاجة حضنك كد ايه يا أمي ، محتاجة إني أفضل فيه ومطلعش منه واصل علشان أرتاح .
شعرت “ماجدة” بوجود خطب ما بينها وبين “عمران” من نظرة عينيه لهما وهي في أحضانها فقد كان حزيناً يقف هو الآخر ينظر إليها وهو يشعر بالحرمان والغيرة تأكل قلبه أكلاً فقد تمنت سكونه أن ترتاح في أحضان غير أحضانه ، يالك قلبي المولع من حزن السكون ! شعور باللهيب يخترق صدرك “عمران” وتريد أن تسكن سكونك داخل أحضانك بسكينة ولكن اهدأ وتريث ،
بعد مرور خمس ساعات يجلسون جميعاً في غرفة عادية في المشفى فقد انتقلت إليها “مكة” عقب ولادتها مباشرة وقد فاقت وهي تشعر بالوهن عدا “عمران” المتنحى جانباً في الغرفة نظراً لظروف”مكة” فهي لم ترتدي النقاب بعد لتأثير البنج وتجلس معه “ماجدة” تسأله:
ــ له ياعمران آني قلبي حاسس إن فيه حاجة مزعلة بتي داي سكون كيف النسمة ولا هتهش ولا هتنش القطة تاكل عشاها وعينيها مليانة حزن كبير وحاسة إنها بردانة من المشاعر الحلوة .
كان يشعر بالخزي من حاله وأنه أوصلها لتلك الدرجة من الحزن الشديد الذي جعل والدتها تشعر به ولكن علل موقفهم سريعاً فهو لايريد أن يعرف أحداً ما بهم :
ــ لا يا أمي متقلقيش هي بس كانت قلقانة على أختها حتى اسأليها وهي هتقول لك نفس الكلام .
ظلت تنظر لابنتها بحيرة من بعيد وهي تتحدث مع “عمران” أما “آدم” اقترب من زوجته وقبلها من جبينها وهو يبارك لها بفرحة عارمة :
ــ الف مبروك يا حبيبي يتربى في عزنا ويبارك لنا فيه يا رب قولي لي بقى هنسميه ايه قاعدين أنا وانتي طول شهور الحمل نختار أسامي كتير وبرده ما استقريناش ؟
ابتسمت بوهن وهي تنطق اسمه من بين شفتيها :
ــ هسميه “أنس” على اسم الصحابي أنس بن مالك خادم الرسول عليه الصلاة والسلام وكمان الرسول هو اللي رباه على ايده وهو ابن 10 سنين وكفاية ان الرسول عليه الصلاة والسلام دعي له بالرزق وطول العمر والبركة ان شاء الله يبقى له رزق من اسمه ومن دعوه الرسول عليه الصلاة والسلام .
أحبوا جميعاً ذاك الاسم الذي انتقته “مكة”وظلوا يتحدثون بسعادة كي يخففوا عنها فقد انضمت “مها” اليهم بعد أن علمت بولادتها ثم تركوها هي وزوجها كي يتحدثون مع بعضهم ويبارك لها بخصوصيه وانضموا الى “عمران” و “ماجدة” جلست “سكون” بجانب زوجها كي لا تستدعي انتباه والدتها فهي إن علمت بشيء لن تصمت وستُسمِع “عمران” من الكلمات ما يؤذيه وهي لن تتحمل وبالنهاية ستحمل النفوس البغضاء لبعضها البعض ،
فتحدثت “مها” وهي تطمئن والدتها :
ــ ما تقلقيش يا ماما انا مش هسيبك لوحدك هاجي أبيت مع مكة اليومين دول علشان انتى تعبانة والسكر والضغط مش هيخلوكي تقدري تشيلي حملها لوحدك بالليل بالذات .
هنا تحدثت “سكون” بثقة وهي ترفض ما قالت وهي تشعر بأن الفرصة قُدِّمت لها على طبق من ذهب كي تبتعد عن “عمران” فهي تحتاج البعد قليلا كي تنسى ما حدث منه :
ــ لا ما ينفعش يا مها انتي لسة بقى لك اسبوع متجوزة وما ينفعش تسيبي جوزك وتباتي برة اني هبيت مع مكة اليومين الجايين دول هما أول اربع ايام بس وبعد اكده هتوبقى تمام .
شعر “عمران” وكأن أحدهم رماه من أعلى قمة جبل مرتفع الهاوية وهو يستمع إلى ما قالته “سكون” أحقاًّ تريد أن تبتعد عنه أربع ليالٍ أخرى وهي منذ يومين لم تنم في غرفتهم بعيداً عن أحضانه !
كفاكي ما تفعلينه معي لن أتحمل ثم وجد حاله يمسك هاتفه ويرسل لها رسالة عبر الواتساب كي لا ينتبه أحدهم إلى نظراته او إلى ما بينهم :
ــ اخرجي لي برة حالا يا سكون اني هخرج دلوك وبعدها بخمس دقايق ألاقيكي ورايا بأي حجة وعلى الله ما تخرجيش .
اهتز الهاتف بيدها فقرأت رسالته وهي تستشف ما يريده منها ولكن هي مضطرة أن تتحدث معه كي تستأذن منه فهذا من الشرع والخلاف بينهم ليس له علاقة بالحلال والحرام ،
وبعد مرور عشر دقائق خرجت إليه وجدته يقف في ركنٍ جانبي بعيداً عن الغرفة وما إن وصلت إليه حتى سحبها من يدها وهو يخرج بها من المشفى متوجهاً إلى سيارته تحت استغرابها الشديد وهي تردد بذهول من سحبه إياها بذاك الشكل :
ــ في ايه يا عمران انت واخدني ورايح فين !
اهدى بقى ، ازاي تجرني أصلاً وراك بالشكل دي !
أجابها وهو ما زال يتقدم بخطواته وهي في يده حتى وصلا إلى سيارته :
ــ اني مش هجُرِك عايز أتكلَم وياكي بَعيد عن الناس في عربيتنا اهنه .
مطت شفتيها بامتعاض وهي تدلف إلى السيارة رغماً عنها :
ــ هنتكلم في ايه يعني نخليك تستدعي إن احنا نخرج وتسحبني بالطريقة داي ؟
أغلق باب السيارة عليهما ثم نظر إليها مردداً بعتابٍ :
ــ ممكن أعرِف بقى ايه اللي سمعته فوق دي !
يعني ايه هتبيتي أربع ايام عند والدتك ازاي يعني ؟
مش كفاية بقالك يومين بتباتي في أوضة لوحدك بَعيد عني ، مش كفاية بقى تذنيب يا سكون وغضب واني هعتذر لك كل يوم ان اللي حوصل كان غصب عني وخارج عن ارادتي وإنه مش هيتكرر تاني وانتي عارفة وعد عمران سيف على رقبته .
توجهت بأنظارها إلى الناحية الأخرى بعيداً عن مرمى بصره وهي ما زالت منزعجه منه :
ــ المشكله مش في الوعد ولا الاعتذار يا عمران ، المشكلة ان انت كسرت حاجة جوايا كبيرة قوي مش قادرة أتقبلها ، مشهد عمري ما كنت أتخيله إنه يوحصل منك انت كل شوية يتعاد في دماغي وقدام عيني ان انت ضـ.ـربتني يا عمران ومديت يدك عليا .
ابتلع أنفاسه بصعوبة وهو يشعر بمدى حماقته الآن وهي تبتعد بأنظارها عنه ولا تريد أن تضع عيناها في عينيه مما جعله تألم كثيراً وتحسر قلبه بسبب حزنها الشديد مما صدر منه ثم سحبها إلى أحضانه رغماً عنها وهو يقبلها من رأسها بندم :
ــ ياسكون ما اقدرش أشوف نظرة الحزن دي في عينيكي ولا إنك نافرة حضني بالطريقة دي والله العظيم انتي اكده هتعذبيني على الآخر ،
يعني قلبك محنش ليا ولا لندمي واني اللي كنت هقول سكون مليانة حنية محداش حد في الدنيا كلاتها ، وطيبة قلب هي اللي هتخليها تقع في المشاكل بس يوم ما تقسي وتقوي قلبك يوبقى على عمران يا سكون اللي هيعلمك كيف توبقى قوية ؟
أحست بوخزة في قلبه من عتاب عمران وأنها لن تتحمله ثم أدمعت عينيها وهي تخبرها بمدى حزنها الشديد منه :
ــ كلاتهم في كفة وانت في كفة تانية لوحدك يا عمران ، كلاتهم ممكن أسامحهم على أي موقف هيعملوه معايا علشان هم مش انت علشان انت بالنسبة لي روحي اللي لازم تطبطب عليا مش تدوس وانت دوست بحاجة عمري ما كنت اتخيلها منك .
أغمض عينيه وهو يتنفس بشدة من عتابها المؤلم له ثم احتضن وجهها بين كفاي يديه وأسند جبهته بجبهتها وهو ينظر داخل عينيها بشجن معتذرا بندم صادق خرج من قلبه :
ــ انتي وحشتيني قوي وحشني ضمتك وريحة أنفاسك وحشني حضنك الدافي وانتي هتطبطبي علي ، وحشني تترمي على صدري وتقولي لي ما بعرفش أنام من غير وجودك جنبي بزياداكي بُعد وارجعي لحضني وأني هكون أمين عليه وهتحكم في غضبي بعد اكده وكلمة هبات برة داي بلاها علشان من رابع المستحيلات إني أوافق.
تطلعت بمقلتيه الراجيتين لها لتقول بانكسار تنهيدة حارة خرجت من صدرها:
ــ معلش سيبني براحتي لحد ما احس اني خلاص قدرت أتعامل ساعات بنحتاج البعد حتى لو وقت قصير عشان نقدر نكمل وننسى أي حاجة وخصوصاً لما توبقى مش هينة .
الى هنا لم يتحمل تشبسها بالابتعاد وهتف بحنق :
ــ له يا سكون مفيش بيات برة البيت ولا بعيد عن أوضتنا تاني مهما تقولي ومهما تبرري ، مش هيوحصل واللي عندي قلته .
غضبت من تشبسه وعدم تركه لها ثم رددت بحنق مماثل له :
ــ طب أختى ولدت والمفروض أبقى جارها ومهملهاش واصل وأني مضطرة اني أبيت وياها يا عمران مينفعش أسيب أمي المريضة تسهر وياها طول الليل ولا أختي اللي لسه متجوزة بقلهاش أسبوع .
كم اكتشفت براعتك سكون في الهروب من مسكنك الآمن أحضان العمران التي تنفريها بكل قوة ، تضعين أمامي معضلة كي أتركك ، تقدري على البعد وبالفعل استطعتي الهجر وعاندتي هوايا وغرامي بكِ تحت سبب الظروف ولكن سكون سأعدك بأني سأنتقم منكي هياماً وغراماً حتى أجعلك تذوبين بين يداي من نيـ.ـران أحضاني المولعة بكِ سكوني .
ثم كور قبضة يديه بغضب لعنادها وهو يوافق بقلة حيلة فما قالته لايستطيع رفضه فهي أختها في أشد حالاتها التي تحتاجها فيها وتلك والدتها المريضة ولا يملك حق الاعتراض وهو متيقن أنها تعلم ذلك ثم هتف بنفاذ صبر:
ــ تمام يا سكون اعملي اللي انتي عايزاه براحتك اني همشي عايزه حاجه مني ؟
كانت تريد أن ترتمي داخل صدره تريد عناقه ودفئ ملمسه لجـ.ـسدها الذي يشعر بالبرودة وعدم الأمان بعيداً عن العمران ولكن حاجة ما في نفسها تنهاها أن لاتفعل ثم تحدثت وهي تتعمق النظر في مقلتيه :
ــ شكراً ، ابقي كلم الدكتور وأجل معاد العملية كمان أسبوع لحد ما اختي تفوق شوية وأقدر أسيبها ، عن إذنك .
أنهت كلماتها بشجن وهبطت من السيارة وهي تأخذ قلبه معها فقد اعتاد وجودها معه ، اعتاد عدم فراقها يوماً منذ أن بقيت على اسمه ، اعتاد قربها وأن ينعم بأحضانها كل ليلة ويشم رائحتها المسكرة العطرة ولكن ستقضي لياليك القادمة وحدك أيها الرجل الغاضب الذي أوصلك غضبك إلى حزن أقرب الناس لقلبك بل هم القلب بنبضه ودقاته وهناه وهواه ومنفس نعيمه ، غادر بسيارته وهو ينفطر ألماً أما هي وقفت تهدئ من ضربات قلبها السريعة وتلومه على هجر العمران وتسأله :
ــ كيف استطعت قلبي أن تجعله يرحل حزيناً ؟!
فهو الشمس المنيرة لبرودتك والقمر المضئ لعتمتك ، هو روحك وعمرك وبدونه قد ماتت السعادة حتى لو استمعت أذناي إلى مايُفرِح فأنت في سمائي نجم لامع وفي عيني بكل الأحبة ومن غيرك أقضي الليالي سهداً عمران .
“************************
استقر فارس أخيراً بعد سفره ولكن وجد أباه خارج البلاد يبتاع أجهزة جديدة لأجل المشفى الجديدة الذي سيقوم بافتتاحها وسأل عن موعد رجوعه وعلم أنه سيعود في غصون ثلاثة أيام كان يتصفح هاتفه بإهمال فهو يشعر بالاختناق بعيداً عنها فقد أصبحت بالنسبة له الدنيا بما فيها فبها يبتسم ويأكل ويعيش هنيئا وبغيرها الحياة في عينيه تصبح كالقبر ،
ثم وجد حاله يهديها تلك الكلمات على صفحته على الفيسبوك ويدون أسفل إهدائه حرفي F&F أول الحروف من اسمهما:
ــ صوتك صورتك ضحكك سيرتك هما هوايا،
هيا حياتي تبقى حياتي غير وأنت معايا ،
انت اديت لحياتي معاني خدت قلبي لعالم تاني
قالوا اختار بين جنة ونار اخترت أنا نارك
دا اللي بيهوى وقلبه يرق لازم يختارك
ياما قلوب وعيون شغلتني وأما قابلتك
هيا يادوب نظرة وسحرتني لقتني بحبك، ايوا بحبك ،
قبل ما أشوفك كان في خيالي كل ملامحك والله يا غالي .
بعد أن أنهى منشوره قام بنسخ رابط المنشور وأرسله له عبر الواتساب ،
ما إن استمعت إلى نغمة رسالته المخصصة له حتى أسرعت وجذبت الهاتف سريعاً وهي تلتقطه بين كفاي يدها بلهفة فوجدت رابطاً ففتحته على الفور ثم قرأت منشوره الذي دونه لأجلها فارتسمت الابتسامة الحالمة على وجهها فهو الوحيد الذي يستطيع رسم البسمة على وجهها بتلك اللهفة ،
قرأته بعيناي عاشقة لكلماته الساحرة لها ثم قامت هي الأخرى بتدوين منشوراً وأرسلت له الرابط وجلست تقرأ كلماته مراراً وتكراراً:
ــ لكل وردةٍ محبٌ يسقيها، تذبل إن غاب، ليتهم يعلمون حين ينشغلون ماذا يفعل بنا الغياب ، فالغِياب يَسرِقُ الألوان ويَجعَل الصور باهِتة ، حقاً كان الغیاب هو الأكثر حضوراً، لكن دفء الحضور مهما قلّ كان یمنع جلید الغیاب من التراكم أو الثبات ولنا أناس في غيابهم عنا بمثابة غياب الروح للجسد (F)
كان هو الآخر يقرأ رسالتها وهو يزداد شوقاً للقاها فهي أصبحت له كل الآمال والمُبتغى ثم وجد حاله يهاتفها فيديو كول فاستقبل الرد على الفور منها وهتف متلهفاً :
ــ الدوك اللي منور قنا ومضلم قلبي واللي أسرني بكلامه ،
ثم أكمل غامزاً لها :
ــ بقينا بنعرف نقول كلام حلو أهو يا فيري اتقدمنا خالص .
خجلت من تلميحاته ثم تحمحمت بتوتر وهي تسأل عن أخباره :
ــ أممممم … أخبارك ايه ، لسه باباك مجاش لحد دلوك ؟
نظر إلى المكان بفتور وهو يجيبها :
ــ لأ ومش عارف هيجي امته أنا جيت من هنا وهو مشي من هنا شكل مايكون حظي نحس .
تنفست بضيق من تلك الظروف القهرية التي تقصد ابتعادهم ولكن دعمته كعادتها دوماً:
ــ قدر الله وماشاء فعل وكل تأخيرة وفيها خيرة ، نصبر شوية لحد ما تاخد على المكان وتهيئ نفسك للمواجهة وانت مستعد نفسياً وخليك فاكر دايما إن ربنا مش بيعمل حاجة وحشة .
تبسمت شفاه لتلك الحورية التي دوماً تدعمه وتبث فيه روح الصبر والرضا بما قدره الله له وهو يشكرها بامتنان لوقفتها بجانبه قلباً وقالباً :
ــ يعني بجد انا مش عارف من غيرك كنت هعمل ايه ، يعني انتي بعد ربنا سبحانه وتعالى كنتي داعم ليا كبير قوي اني اطلع من محنتي الكبيرة ودلوقتي داعم ليا اني اخلص على كل حاجة وحشة في حياتي بكلامك اللي بيصبرني، يعني انتي يا فريدة بالنسبة لي حاجة كبيرة قوي ما اقدرش استغنى عنها بالظبط زي القلب بدونه الإنسان ما يعرفش يعيش .
بدا شبح ابتسامة خفيفة على ثغره ولكنها سرعان ماختفت في بحر لهفتها له:
ــ مفيش شكر ما بينا يا فارس ، أصل في أي علاقة ما بين اي إنسان وإنسان تاني سواء كانت صداقة أو حب لازم كل طرف يخاف على التاني ويدعمه بكل قوة يعني بمعنى أصح الضلع القوي يسند الضلع الأعوج بكل قوته عشان يستقيم ميزان العلاقة والمركب تمشي في أمان ،
وأنا وانت بقينا في مركب واحدة لا انت هتعرف تكمل من غيري ولا أنا هعرف أكمل من غيرك فلازم نكون حزب قوي ضد أي خوف يهدد علاقاتنا وانت كمان لازم تتشجع وتقرب من ربنا وتطلب منه إنه يقف جنبك علشان مفيش أي حد في الدنيا هينجيك من مواجهتك الصعبة غير ربنا لما يلاقيك بتطلب منه علطول إنه يساعدك ربنا بيحب عبده المحتاج له قوي علشان وقتها بيبقى عنده علم إن عبده ده بيحبه اكتر من أي حد في الدنيا فبيوبقى وقتها عند حسن ظن عبده بيه .
رمقها بنظرات عاشقة ثم نظر إلي السقف مردداً بشكر لله :
ــ ده انا اللي لازم اشكرك يا رب على إنه وقع في طريقي احسن واجمل بنت في الدنيا ،
ثم نظر إليها مكملاً باعتراف :
ــ تعرفي ان انا كنت حاطط مواصفات صعبة قوي لفتاة أحلامي مواصفات كنت حاططها قاسية قوي عليا علشان أجبر قلبي إنه ما يلاقيهاش لما كنت في أزمتي ،
وفي عز أزمتي كنت اقول لازم تبقى مختلفة عن كل البنات اللي انا قابلتها في حياتي يعني تكاد تكون مش موجودة على الكوكب معانا من الأصل وسبحان الله علشان ربنا هو اللي بإيده مين يحب مين ومين بيتعلق بمين وقعني في طريقك وأنا في عز تيهتي يعني حتى ما وقعتش معاكي وأنا فايق علشان أعرف أكسبك كويس لا ده خلاني قابلتك بفارس الغايب التايه عن وعيه علشان تعرفي عني كل حاجة وتكتشفي شخصيتي من البداية وتبدأي معايا رحلة العلاج النفسي والدعم والسند وبلاقيني في كل مقابلة وكل كلام ما بينا بشوف فيكي المواصفات اللي كنت بتمناها كأنها متفصلة على شكلك وطبعك يا فريدة .
لانت ملامحها وشعرت براحة اجتاحت روحها لحديث ذاك الفارس الذي وصل لأعماقها وتوغل في روحها ونطقت باعتراف مماثل :
ــ تعرف أول ما شفتك كنت وقتها مستغرباك قووي بكمية الكبر اللي شفتها منك بس رغم كل اللي حصل لي منك في البداية الا إني معرفتش أكرهك ولقتني بتشد لك قوووي ومكملة معاك طريق مش عارفه نهايته ايه بس كل اللي كنت واثقة منه إن قلبي اتعلق وكل يوم بيتعلق أكتر لحد ما غرز في وحلة العشق اللي كان هيسمع عنيها ومكنتش متخيلة إنها هتوبقى متعبة قوووي اكده .
راق له اعترافها الجميل الذي طيب خاطره بشده فكان ينظر إلى عينيها العسليتين بوله وهي تتحدث ثم نطق هامساً لها بصوت أجش هائم :
ــ على فين واخداني عيونك يا فيري ، ولا شوقك اللي بتسقيه لي شهد من لسانك .
ابتسمت لغزله الراقي وهي تومئ بعينيها بعيداً عن مرمى عينيه ثم تمتمت بنبرة خجلة :
ــ طب كفاية اكده وروح نام بقي علشان أني كمان هنام طالما اطمنت عليك .
ابتسم بعذوبة وردد بنبرة حالمة :
ــ طب هنام علطول علشان أحلم بيكي وصورتك أخر حاجة شفتها .
ابتلعت ريقها بخجل من تلميحه لتقول بدعاء له :
ــ تصبح على جنة من الرحمن .
أمن على دعائها :
ــ آمين يارب يستجاب وأصحي على جنتك يافيري.
ابتسمت له ثم أغلقت الهاتف وهي تحتضنه بشدة وكأنها بذالك تحتضن الفارس الذي أشعل الشوق في قلبها ثم غفت في نوم عميق ودقات قلبها تدق شوقا ولم تنتهي بعد .
“*****”*******”*”*”***
تتابع الطبيبة معها جلسة العلاج الطبيعي وبجانبها زوجها الداعم لها بقوة وهي تحاول مع الطبيبة بكل طاقتها إلى أن شعرت بالتعب والإنهاك دون فائدة لتعبها ذاك ، حتى نطقت للطبيبة بنفاذ صبر :
ــ يا دكتورة اني تعبت جدا خلاص مش قادرة اتحمَل بقى لي اربع شهور على الحالة داي واني زي ما اني مفيش تغيير وخلاص ملهش عازة العذاب اللي اني فيه دي ،
ملوش لازمة انت تاجيلي تاني .
استنكرت الطبيبة كلامها وقبل أن تنطق هتف ماهر وهو يشعر بالأسى لحالتها ولكن العزيمة والقوة والإرادة هما أساس علاجها فنطق للطبيبة :
ــ معلش يا دكتورة هي حالتها النفسية صعبة شوية كملي شغلك وكأنها ما قالتش حاجة .
كادت أن تكمل الطبيبة إلا أن رحمة منعتها بيدها وهي تتحدث بحدة فقد رأت الدنيا بما فيها الآن ضيقة مثل خرم الإبرة في عينيها لكلتيهما مما أدهش ماهر لطريقتها :
ــ اني بقول لك مش هكمل علاج سيبوني بقى اني تعبت ابعدوا عني ، هو اني بالنسبة لكم ما بحسش ؟
آلة عمالين تقولوا لها اتحركي يمين وشمال اعملي وما تعمليش اني تعبت اخرجوا برة مش عايزة حد معايا .
كانت حالة رحمة النفسية بالنسبة للطبيبة شيئا معتاد عليه من مرضاها ولكن ابتسمت لها ولن تشعر بالحنق من طريقتها فهي لها ظروفها الخاصة التي أجبرتها على ذاك المرض ولابد من الطبيب أن يتحمل الظروف النفسية والعصبية للمريض ثم جمعت أشيائها وطلبت من ماهر أن يخرج معها كي تتحدث معه في أمر هام :
ــ اني شايفة يا متر إن حالة مدام رحمة في الأسبوعين الأخيرين مش كويسه وده لأنك ما كنتش بتحضر معاها الجلسات ووالدتها كل مرة هي اللي كانت موجودة ،
قبل اكده كنا ماشيين كويس جدا بمعدل ممتاز ، ممكن افهم عدم حضور حضرتك الأسبوعين اللي فاتوا دول سببه ايه ؟
واعتقد إن حالة مدام رحمة المزاجية متعلقة بوجودك جنبها اللي هو اصلا أهم من أي مهم .
تنفس ماهر بضيق مما أعلمته به الطبيبة ولكن هو الآخر كان معذورا فلديه قضايا وأمور أناس متعلقة برقبته ولابد أن يوازن بين الجهتين :
ــ اني فعلا انشغلت عنها الفترة اللي فاتت بس كان ورايا شغل مهم ما كانش ينفع يتأجل قضايا لازم انا اللي كنت اتابعها بنفسي فاضطريت اني ما احضرش معاها الجلسات بس لو حالتها هتوبقى بالمنظر دي لو ما حضرتش هحاول بقدر الإمكان انسق مع حضرتك الوقت اللي تكوني موجودة فيه ومتأسف جداً لطريقة ردها عليكي يا دكتورة .
ابتسمت الطبيبه بتفهم لتقول بدعاء :
ــ ولا أسف ولا حاجة دي طبيعة شغلي واني متعودة على اكده من المرضى هما حالتهم صعبة الله يكون في عونهم بيتحملوا فوق طاقتهم سواء في العلاج أو المرض المفاجئ،
أصلا بيخليهم فاقدين الشغف لكل حاجة ودي شئ مهم جداً لازم أنبهك عليه إن التجدد في حياة رحمة ومزاجها مهم جدا علشان هيأثر على علاجها بطريقة إيجابية ما تتخيلهاش ،
يعني حاول تعمل لها تغيير في حياتها تخرجها مثلا تعمل لها مفاجأه تسفرها يومين الحاجات اللي بتبسط الست العادية فما بالك بظروفها الغير طبيعية اني همشي ومش هاجي الأسبوع دي خالص تكون حالتها النفسية اتحسنت شوية ونرجع للعلاج تاني وكمان في تطورات في الدوا نزلت من يومين لحالة رحمة ممتازة جدا هبحث عنها وان شاء الله نبتدي معاها من المرة الجاية اني متفائلة بيها جداً.
شكرها ماهر بامتنان على دعمها لهم وتقبلها لحدة رحمة ثم ودعها إلى الخارج من باب الذوق وصعد إلى رحمة وما إن رأى حالتها وهي تبكي بشدة حتى أسرع إليها وجذبها إلى أحضانه وقبلها من رأسها وهو يردد بأسى لحالتها :
ــ اني عارف انك زعلانة مني علشان قصرت معاكي اليومين اللي فاتوا بس والله يا رحمة غصب عني كنت مشغول جدا في قضايا المكتب انتي عارفة الشغل مزحوم عندي وفي قضايا ما ينفعش حد يخلصها غيري فانشغلت عنك شوية حقك عليا يا رحمتي .
تمسكت بأحضانه بشدة وهي ما زالت تبكي بغزارة مما جعله أخرجها من أحضانه واحتضن وجهها بين كفاي يديه وهو يمسح دموعها بإبهامه وهو يردد بدعابة كي يدخل السرور على قلبها ويجعل حالتها تتغير :
ــ بقى الزعل ده كلاته والبكا من عيون حبيبي علشان انشغلت عنيه شوية مكنتش اعرِف انك هتحبيني قوي اكده ومهتقدريش تستغني عني وعايزاني اقعد ادلع فيكي ليل ونهار يا رحمتي وان جيتي للحق اني هـ.ـموت في الدلع معاكي انتي متعرِفيش انتي بالنسبة لي ايه ؟
انتي كل حاجة حلوة في حياتي كل ابتسامة كانت ضايعة من سنين وغايبة عني ما ابتسمتهاش إلا معاكي يعني بمعنى أصح انتي بالنسبة لي هرمون السعادة اللي بعيش عليه، اني جنبك يا رحمة اطمني عمري ما هسيبك وعمري ما هتخلى عنك وعمري في يوم من الأيام ما هبعد .
هدأت من كلماته الرائعة التي ألقاها على مسامعها كي يطمئنها ثم سألته بقلب يرجف من الخوف :
ــ طمني يا ماهر بحب اسمع كلامك ليا قوي بيحسسني ان اني هرجع زي ما كنت ،
هو اني بصحيح ممكن أرجع زي ما كنت ألعب وأجري واتشاقى واشاغب فيك ؟
ممكن أرجع رحمة المشاكسة اللي كانت بتلفت الانتباه ليها في كل مكان بشقاوتها ؟
تنهد وبعيناي عاشقة أومأ لها بأهدابه وتحدث بنبرة يملؤها التفاؤل :
ــ انتي اللي هتسالي السؤال ده يا رحمتي ،
دي انتي اللي هيتقال عليكي يا جبل ما يهزك ريح عندك إرادة وعزيمة انك توصلي للي انتي عايزاه بصبر يعني حد كان ممكن يصدق ان انا ماهر اللي كنت قافل على نفسي عشر سنين ما دخلش ستي في حياتي ، قابلت ستات كتير حسيت في عينيهم الإعجاب وفي منهم حاولوا انهم يجذبوني ليهم بكل الطرق وما فيش واحدة قدرت تعمل اكده إلا إنتي يا رحمة، انتي عارفة يعني ايه تخرجي إنسان من صومعة الذكريات المؤلمة اللي كانت محاوطة قلبه وعقله بكل جدارة ؟
يعني ايه تخرجي حد من قبر المشاعر الحزينة وتخليه أسعد إنسان في الدنيا ؟
انتي قوية يا رحمة وأقوى مما تتخيلي، ما تستسلميش للانهزام وللضعف ،
إنتي قدرتي تخلصي مامتك من الكابوس اللي كان مهدد حياتها وأمانها بكل شجاعة ومهارة وقدرتي إنك تنقذي نفسك منها بكل قوة وقدرتي إنك تخليني أحب وأعشق مجرد طيفك وخيالك بس ،
اني عايز رحمة القوية اللي ميهزهاش حتة مرض أضعف منها بكتير .
ارتمت داخل أحضانها الحانية وتحدثت بشجن وهي تتمسح بها بحنو :
ــ بس انت مليكش ذنب إنك تتحمَل معايا وتصبر وتضيع اللي باقي من شبابك مع واحدة عاجزة سيبني يا ماهر وشوف حياتك مع واحدة تخلي بالها منك ومترهقكش بتعبها ومرضها اللي الله أعلم هينتهي ميتة واحتمال ما ينتهيش .
ضيق نظرة عينيه ثم أخرجها من أحضانه ورمقها بنبرة استنكارية :
ــ هتقولي ايه انت يا رحمة !
عايزاني اسيبك علشان ما اضيعش الباقي من عمري طب ما إنتي رضيتي وانتي في عز شبابك توافقي على واحد عنده أربعين سنة وافقتي بواحد عمرك قد عمره مرتين ومهمكيش لما يبقى عنده سبعين سنة وانتي لسة في سن الأربعين في عز شبابك ،
انتي بجد متخيلة اني هسيبك او هتخلي عنك أو اني اصلا هعرف اشوف ست غيرك او قلبي يعشق ويحب واحده تانية !
دي من المستحيل يا رحمة والله العظيم انتي لو قدامي نَفس بس هستكفى بيكي وعمري ما هفكِر في غيرك ولا قلبي يحن لأي ست في الدنيا غيرك انتي ،
ثم جذبها لأحضانه الحانية مرة ثانية وهو يربت على ظهرها بحنو بالغ أحست به وأصاب جسدها بالسكينة:
ــ طلبت من ربنا في ليلة جميلة صافية ودعيته أن يرزقني بالحظ الجميل، فرزقني بيكي وهداني ليكي فلازم أحافظ عليكي ،
دَخلتي حَياتِي واختَصرت أحلامِي كلها فيكي وبقيتي حلمِي الأكتر أهمية ، شربت من هوى كاسك واتعطّرت من رحيق أنفاسك ،
دي إنتي صورتك محفورة بين جفوني وهي نور عيوني يارحمة .
كانت تلك الكلمات الرائعة التي ألقاها على مسامعها بصدق يخرج من أعماق قلبه لتلك الرحمة وبالفعل توغلت كلماته في أعماق قلبها وصارت تتمسك بأحضانه بشدة ثم شعرت بالراحة وهي تتأكد دوماً بأن اختيارها لذاك الماهر كان من أعظم انتصاراتها فالإنسان لا يظهر معدنه إلا في وقت الشدة وهو كان لها خير معين وخير زوج فاستأمنته على حياتها فكان خير أمين ،
جميل أن يكون لك قلب أنت صاحبه ولكن الأجمل أن يكون لك صاحب أنت قلبه في كل يوم جَدِيد تعيش عشقَه وكأنك تحبه لأو مـرة
فأنا أحتاجك أكثر من أي شعور آخر الآن، أحتاجك بقدر جفافِ الحب في أرض الأحلام، بقدرالربيع الذي يجيء بقدر الزهور في البستان، والأمطار التي نتمني نزولها في كل وقت و كل أوان يشهد العشق وميزانه، وكل الورد وألوانه، لو للغرام عنوان فأنت يا عمري عنوانه فكل تلك الأحاسيس وصلت لهم منها دون أي عبارات فقط أحضانهم هي المعبرة عن ما بداخلهم من عشق وشوق واشتياق .
#الجزء_الثاني_من
#البارت_الثاني_والعشرون
#بغرامها_متيم
#الجزء_الثاني
#من_نبض_الوجع_عشت_غرامي
بعد مرور يومين في تلك الغرفة التي تجمع الثلاث فتيات “مها” “سكون” “مكة” فقد خرجت والداتهم مع آدم لكي يطعمون الطفل ويذهب لطبيب أطفال كي يقوم بفحصه ويطمئنه عليهم فآدم يخاف عليه بشدة ،
وكان الثلاث فتيات ينامون بجانب بعضهم على التخت الواسع تتوسطهم “مها” وتحتضنهم تحت ذراعيها بحنو بالغ ومن غير “أم الزين” يمتلك من الحنان ما يكفي العالم أجمع مما جعل السعادة تقرع أبواب قلوبهم من تلك الحنون التي دوماً تشعرهم برقيها معهم فتحدثت “مكة” لها :
ــ عارفة يا أم الزين انك عاملة زي الملايكة من رقتك وطيبتك أول ما نشم ريحة حلوة في المكان وتلاقيه زاد نور وفيه نسمة هوا رطبة تشفي العليل يوبقى أعرف انك منورة المكان ، أني هحبك قوووي وهحب قعدتك وهطيب في حضنك من أي وجع .
أكدت “سكون” هي الأخرى على كلامها وهي تنام على صدرها وتتأبط ذراعها بتشبس كالطفل الضائع وما إن وجد والدته تمسك بها:
ــ وأني كمان يا أم الزين اكتر منها إنتي بالنسبة لي مش أختي الكبيرة له إنتي أمي التانية اللي حضنها وكلامها ووجودها واجتماعي معاها بيخليني حاسة بالراحة واني مش شايلة هم لأي حاجة واني مش ناقصني أي شيء في الدنيا وبتوحشك كتير قووي ومن ساعة ما تجوزتي وأني حاسة بالغربة ،
وأكملت وهي تتمسح بصدرها وقد أدمعت عينيها مما جعل “مكة” هي الأخرى تدمع :
ــ ومحتجاكي قوووي علشان أطمن وأتأكد فعلاً إني مش ناقصني حاجة .
شددت على احتضانهم بحنو بالغ وأدمعت هي الأخرى مثلهم وهي تسألهم :
ــ مالكم يا حبايبي احكولي اللي مزعلكم ومخليكم هتدمعوا اكده ونبضات قلبكم مش مبطلة دقات أني أها معاكم وعمري ماهبعد عنيكم مهما فرقنا الزمن ؟
شهقت “مكة” أولاً ويبدوا أن اكتئاب ما بعد الولادة قد سيطر عليها وهي تحكي أولاً:
ــ اني خايفة قوي يا مها مكنش لأنس أم أعرف أتحمل مسؤليته كويس ، خايفة وأني هناك بعيد عن حضنكم أتعب بيه وأدم في شغله أو مسافر وأني وهو غربا في المكان وأحتاس لوحدي ، أني مخنوقة قووي وكل ما أحس إن كلها عدد أيام وههملكم وهمشي قلبي بينقبض أصلكم بالنسبة لي روحي اللي بعدت عنيها ، أوقات كتير قووي بحس اني محتاجاكم واحن لقعدتكم بالرغم من ان ادم حنين قوي وعمره ما زعلني وحتى لو حصل بينا مشادات زي اي راجل ومراته بيرجع يحسسني بالأمان بس برده حاجات كتير قوي ما تعوضكوش وحاجات كثير قوي بحس ان انا محتاجاها منكم انتم ومنك انت يا أم الزين بالذات .
ضمتها أكثر تلك الحنونة وقربتها لصدرها وتحدثت بنبرة مطمئنة لها :
ــ اولاً ما تخافيش على أنوس مش هيلاقي مامي أحسن منك يا حبيبة قلبي ولا هيلاقي إنسانه عظيمة تربيه على الأخلاق وتراعي ربنا فيه زيك يا موكتي ، وبعدين يا ستي كل ما تشتاقي لأم الزين قولي لآدم وديني لماما ،
ثم اقترحت عليهم :
ــ ايه رأيكم يابنات نعمل لنفسنا تجمع كل شهر يومين نباتهم اهنه مع بعض بَعيد عن ازواجنا وضغوطات الحياة يعني نسـ.ـرقهم من الزمن وكل واحدة فيكم تكافح مع قرة عينها اننا نتجمع اليومين دول ،
وأكملت بثقة يصحبها الدعابة:
ــ انا عن نفسي ضامنة موافقة جاسر عشان هو ما يقدرش يرفض لي طلب .
لوت “سكون” شفتيها بامتعاض:
ــ له اني عمران فاتني أبات اهنه اليومين دول بحجة إن ماما ما تقدرش تسهر بمكة وانتي عروسة جديدة غير اكده يستحيل يوافق اني عارفة عمران مهعرفش اسيطر زيك اكده يا أم الزين .
اندهشت كلتاهن ورددن بصوت واحد :
ــ مين دي عمران حرام عليكي !
ضحكن ثلاثتهم على نطقهم لنفس الكلمات في آن واحد ثم أكملت “مكة” :
ــ على فكرة بقي إنتي هتفتري على الراجل دي عمران زي النسمة وعمره ما يقول لك له على حاجة واصل ياسكون وهيتمنى لك الرضى ترضي .
تبدلت معالم “سكون” حينما أتت سيرته فهي ما زالت تشعر بالوجع والخذلان منه وقلبها لم يقدر على سماحه تلك المرة ،
لاحظت “مها” شحوب ملامحها وقد بان الحزن على معالمها مرتسماً بمهارة فسألتها:
ــ مالك يا سكون أني حاسة من ساعة ماشفتك في المستشفى وانتي شكلك متغير وملامحك حزينة ؟
احكي لي حبيبتي وأني هخفف عنك وههون عليكي ويمكن نظرتي للأمور غير نظرتك فهريحك .
وكأنها ضغطت على زر الوجع داخلها فانفطرت من البكاء وهي في أحضان شقيقتها الحنون مما أزعجهن وجعلهن يهدهدونها كي تسكن عينيها من البكاء حتى هدأت قليلاً وهي تريد أن تخرج مافي صدرها من ثقل وألم نفسي حتى لا تنفجر :
ــ أني تعبانة قوووي ومحتاجة حضنك قووي ،
قولي لي يا أم الزين هي الست اللي جوزها هيمد يده عليها بتتحمل ازاي أول صفعة !
طب بتكمل حياتها ازاي معاه بعد ما كسـ.ـرها !
بتعرف تبص في عيونه كيف وترجع تترمي في حضنه وتعاشره عادي وهو كسـ.ـرها ؟
كادت “مكة” أن تندفع وتتحدث إلا أن “مها” أشارت إليها أن تصمت لتسألها بهدوء كي لا تصعب الموضوع في عيني “سكون” :
ــ على حسب الموقف يا حبيبتي احكي لي اللي حوصل وأني هستوعبك وهرد على أسئلتك .
قصت عليها سكون ما حدث منذ البداية وحتى اعتذارات عمران لها وندمه الشديد فربتت على ظهرها بحنو وتحدثت بما أثلج صدرها :
ــ شوفي حبيبتي الرجالة أنواع فيه راجل يمد يده على مرته عمال على بطال غلطانة أو مش غلطانة والنوع دي ربنا يكفيكي الشر الست تبعد عنه علطول بيوبقى غشيم ويستحيل يتغير ، وراجل تاني الست تفضل تجرجره للغلط وتستفزه لحد ما يجيب آخره وبعدين الدنيا تسود في عينيه فيهجم عليها والنوع دي الست اللي جابته لنفسها وتتحمل نتيجة غشوميتها هي لأنه مش هيندم نفسه وهيقدم لنفسه ألف عذر وعذر على مد يده وفي الحالة داي الطرفين غلطانين ويتحملوا نتيجة غلطهم ،
وراجل بقي عمره ما يعملها ويستنكر كمان على اللي هيعملها فبيحصل موقف وقت الغضب الشديد بيعمي عينه عن أي صح وغلط ومعقول ومش معقول وعارفة كماني بعد مايمد يده على مرته هتلاقيه قعد مع نفسه وندم واعتذر كماني زي عمران اكده الموقف جه وليد اللحظة مكانش مرتب إنه هيضربك علشان هو اصلا لاغي فكرة الضرب من قاموس رجولته فكونه إنه بقى له كذا يوم هيعتذر يوبقي القلوب لازم تصفى وبزياداكي اللي عميلتيه معاه علشان مينفعش تطولي في الزعل والبعد والهجر يا حبيبتي.
هنا تحدثت “مكة” بغضب جحيمي نظراً لشعورها بالقهر على شقيقتها :
ــ انتي هتقولي ايه يا مها ازاي عايزاها تسامحه اكده ! دي مد يده عليها إنتي عارفة يعني ايه سكون تنضرب داي كبيرة قوي.
لكزتها مها على فخذها وهي تحذرها بعينيها ان تصمت فكفاها من الوجع أوجاع ولا تريد أن تلقي سائلاً يزيد الاشتعال في قلبها أكثر فصمتت من تحذيرات “مها” الصارمة لها لتنظر إلى “سكون” مكملة كلامها وهي مازالت تربت على ظهرها بحنو :
ــ ما تحاوليش تحاملي على نفسك يا سكون وتشيليها من جوزك قوي لمجرد غلطة في ساعة غضب ندم عشانها واعتذر وهو عمره ما عميلها قبل اكده يعني انتي متجوزاه بقالك أربع سنين وقربتي تخلصي الخامسك عمرك ما شفتي منه حاجة وحشة ،
دايما بيقف جنبك وبيدعمك وبيسندك ضد اي حد يجرحك زي ما كنتي هتحكي لي ،
دايما في وقت شدتك بيطمنك وفي وقت حزنك بيفرحك وعمره ما بيرضى ان حد ياجي عليكي ابدا مهما حوصل فهتمسكي له اول غلطة وتعلقي له المشنقة عليها ،
ازعلي منه وعاتبيه وحسسيه إن اللي عيمله كبير قوي لكن ما تطوليش ياسكون ما تضيعيش اللحظات الحلوة بينكم في الزعل وتخلي القلب يقسى ويتعود انتي أرقى وأطيب من اكده بكتير وكمان اني واثقة ان عمران عمره ما يعملها تاني لأنه هيحبك بجد عمران راجل صعب يتكرر تاني اساليني انا علشان محدش عيشته اتمررت مع الرجالة قدي .
نظرت “سكون” إليها بنظرات متعجبة فكيف أنها بسطت الأمر في عينيها وجعلته هيناً ليناً بتلك الدرجة ؟!
كيف لها أن ترى الخلاف من زاوية أخرى لم تفكر بها ولم تضعها نصب عينيها وكل ما يدور في خلدها أن “عمران” صفعها وكفى ؟!
ثم سألتها بلسان يرجف :
ــ هو انتي مبسطاها اكده كيف يا أم الزين وأني جوايا نـ.ـار مولعة في قلبي مهطنطفيش ؟!
أجابتها بكل أريحية :
ــ علشان أني خارج المشكلة فبشوفها من جميع زواياها وحسبت أبعادها كويس قوووي يا دكتورة ،
يعني لو نصحتك انك تاجي وتغضبي وتفضحي ستر بيتك اللي محدش هيشوفه غير جميل علشان تنتقمي لكرامتك هيوبقى حلو ووقتها هتوبقي النفوس شالت من بعضها وجوزك هيوبقى في نظرهم مش ولابد ولما تصفي إنتي وهو مش هيشوفوه غير ولابد بردو ،
أو لو قلت لك بجحي قصاده علشان غلط فيكي وهو فعلاً غلط ولازم توبقى قوية وتاخدي حقك علشان يحرم يعمل اكده تاني ما هو هيخاف منك وهيعرِف انك قوية ومهتسكتيش عن حقك بس بعد اكده مش هتحكم علاقتكم المودة والرحمة والسكينة له داي هيحكمها الخوف والمشاعر وقتها هتوبقي باردة واللحظات الحلوة اللي هنعيشها بالود والمحبة هتنقلب تقضية واجب والسلام ،
فكري فيها من نقطة تانية إنه هيركب عربيتَه وهيمشي على طريق ومن كتر ما هو عمال يصالح ويندم ويعتذر مش ممكن يحصل له حاجة وهو ماشي على طريقه وساعتها هتفضلي تلومي في نفسك العمر كلاته وتقولي ياريتني سامحت وياريت مقسيتش وكنت قبلت الاعتذار ، في علاقات كتير بتفشل والانسان بيندم عليها بسبب العناد وإنه سمع كلام الشيطان وما كانش هين مع الطرف التاني بس الندم وقتها ما بينفعش صاحبه لأن الأطراف كلاتها بتوبقى خسرت وبعد اكده ما بتعرفيش تبني علاقة جديدة بيبقى قلبك مكسور ولا هيبقى عندك طاقة ولا تحمل ان انتي تدوري من جديد ولو لقيتي هيحصل برده حاجات تخليكي تقارني بين علاقتك الاولى وعلاقتك التانية لأن باختصار الإنسان مش ملاك بيغلط وما فيش إنسان كامل على وجه الارض لأن الكمال لله وحده .
دق قلب سكون بعنف داخلها من كلمات “مها” فجعلتها تشعر بالذنب بعد أن كانت تضع كل اللوم على “عمران” فهي لن ترى رجلاً في حياتها غيره ولن تستطيع أن تتحمل فراقه وإن حدث له شيء بسبب مشادتهما فبالتأكيد لن تتحمل العيش بدونه لحظة واحدة ففقدان العمران مميت فتسائلت بحيرة :
ــ له ما هقدرش على فراقه ولا اني اشوف راجل غيره دي حب العمر وهو ونيس القلب والروح ، طب انتي شايفه اعمل ايه دلوك يا أم الزين ؟
أجابتها بكل بساطة :
ــ شايفه انك لُمتيه بما فيه الكفاية وبعدتي عنه بقى لك كذا يوم وكمان هتقعدي مع مكه اهنه كمان يومين فخلاص اول ما ترجعي بيتك وياجي يحضنك وهو مشتاقك ما ترفضيش حضنه وما تعاتبيش تاني بزياداكي لوم وعتاب وبزيادة اعتذارات يا حبيبتي وعيشي حياتك مع جوزك ووقتها من نفسه هيحس انه عيمل فيكي حاجة كبيرة قوي وان انتي بقلبك الكَبير عديتي وسامحتي من غير ما تبهدلي الدنيا وهو مش هيعملها تاني واني واثقة في عمران .
أخيراً زرت البسمة شفتيها بعدما طمئنتها شقيقتها بكلامها البلسم وهي تعيدها أن تنفذه مثلما قالت ولن تعند فهي الأخرى اشتاقته كثيرا واستوحشت أحضانه بشدة ففراقه بالنسبة لها صعب للغاية ،
أما مكة هتفت باستنكار :
ــ لا بقى اني غيركم خالص اني لا يمكن اسمح بالإهانة ابدا وخصوصي مد اليد عمري ما هتهاون فيه ابداً مهما حوصل حتى لو وصلت اني ما اكملش مع إنسان فكر يمد ايده عليا ويستقوى ولو كان في عز الغضب ما هي الست برده بتوصل لعز الغضب الشديد بس بتفرمل وما بتغلطش ليه الراجل ندي له الاعذار والست لا ؟
زمت “مها” شفتاها وأنزلت بصرها للأسفل بحزن من هجوم “مكة” وتحدثت بنبرة استيائية مفتعلة :
ــ بس ياحقنة إنتي اركني على جنب دلوك ولا أقول لك تعالي لي اهنه ،
فاكره حادثة الإفك للسيدة عائشة رضي الله عنها اللي انتي حكيتي لي عنها قبل اكده لما الناس اتكلموا عنها بالباطل لما شافوها راجعة مع الصحابي اللي كان معاها لما كانت وحدها الناس قعدت تتكلم عنها وتجيب في سيرتها والرسول صلى الله عليه وسلم وقتها رغم ثقته الكبيرة في السيدة عائشة إلا إنه سكت ما اخدش رد فعل ووقتها زعلت قوي ان الرسول صلى الله عليه وسلم ما بينش اذا كان مصدق او مش مصدق وحزنت مش فاكرة كم ليلة لحد ما ربنا نزل في شأنها آية في القرآن الكريم ببراءتها ليه ما زعلتش من سيدنا النبي وقتها ان هو ما خرجش وقف قصادهم وكدبهم مع إن كلمته كانت هتوبقى سيف هيتصدق وهيخرس ألسنتهم واستنى لما ربنا سبحانه وتعالى نزل تبريئه ليها،
شوفي بقى مد اليد ولا الحاجة اللي زي دي بس هي اتعاملت مع الموقف وقتها بتفهم والمواقف اللي زي دي بتعلمنا نقتدي منها ومنكبرش المواضيع ونخلي الشيطان هو يتحكم فينا هو اني اللي هقول لك يا بتاعة ربنا إن ربنا قال ” والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ”
تغيرت نظرة “مكة” من كلام شقيقتهم وراق له هدوئها وأخذها للأمور ببساطة دون أن نحمل على أنفسنا أعباء تزيدنا هموماً لتقول لها بفخر واعتزاز :
ــ انتي ازاي حلوة قووي اكده يا أم الزين بجد احنا محظوظين انك أختنا ، أني بعد اكده لما يوحصل مشكلة عندي أو أحس حاجة تعباني هجيلك طوالي يا بلسم إنتي ياللي هتتحطي على الجرح يطيب.
إنّ النفس الحزينة المتألمة تجد راحة بانضمامها إلى نفس أخرى تماثلها بالشعور وتشاركها بالإحساس مثلما يستأنس الغريب بالغريب في أرض بعيدة عن وطنهما، فالقلوب التي تدنيها أوجاع الكآبة بعضها من بعض لا تفرّقها بهجة الأفراح وبهرجتها، فرابطة الحزن أقوى في النفوس من روابط الغبطة والسرور، والحب الّذي تغسله العيون بدموعها يظلّ طاهراً وجميلاً وخالداً ، فلا فرحة لمن لا هَمّ له، ولا لذّة لمن لا صبر له، ولا نعيم لمن لا شقاء له، ولا راحة لمن لا تعب له ،
فإذا كانت الراحة في الجهل بالشيء، كان التعب في العلم بالشيء، وكم علم لو بدا لنا لكان فيه شقاء عيشنا، وكم جهل لو ارتفع منا لكان فيه هلاكنا فعلينا أن نلتمس لبعضنا السبعين عذراً كي نستطيع أن نعيش .
“*”*********”****”***
أما عند هؤلاء المبتدئين في العشق كانو جالسين عند البحيرة في مكان هادئ وكل منهم يحمل طفلاً يهدهده ويلاعبه فهي تحمل “مها” وهو يحمل “زين” فوجدها تسأله :
ــ اشمعنا سميتها مها حساه اسم قديم شوية ؟ يعني زين اسمه جميل قووي وحديث أما اسم مها حساه مش لايق عليها وعلى جمالها حبيبة قلبي ،
ثم أكملت وهي تشاكسه :
ــ إلا إذا كان مها بقي حب قديم يا أبو زين علشان كده سميتها على اسم حبك الضائع ؟
تهجمت ملامحه بشدة من تلميحها فقد ذكرته بوجيعة لم يريد أن يتذكرها يوماً من الأيام فقد أهلكت روحه سنوات وسنوات ثم تحدث غاضبا وهو لم يدري بحاله :
ــ بلاش نفتح في حياتي القديمة ملكيش دخل بيها ولا اللي كنت بحبه ولا محبوش إذا سمحتي .
شعرت بسخونة وجهها من شدة خجلها من تهجمه عليها في الرد فقامت على الفور وقبلت الطفلة بحنو ثم أعطتها إياه وهي تعتذر منه :
ــ أنا متأسفة جداً عن إذنك.
أغمض عينيه لوهلة من طريقته الحادة في الرد عليها وفي لحظة أمسكها من يدها قبل أن تترك له المكان فشعر كليهما بالرجفة تسير في جسدهما كالكهرباء من لمسته ليعتذر لها عن طريقته الحادة :
ــ أني اللي هتأسف لك يا شمس إني رديت بطريقة ناشفة ، معلش اقعدي وحقك عليا.
تنفست بتأثير من لمسته الحانية وهو يضغط على يدها وراق لها اعتذاره وندمه على طريقته معها وعادت مكانها وأخذت منه الطفلة التى تحبي عليها بشدة ،
أما هو أجابها :
ــ مها توبقى على اسم مرت أخوي الله يرحمه أصلها كانت متجوَزة أخوي وأني لسه مخلص دبلوم كنت لسه شاب صغير وأمي ماتت بعد جوازها من أخوي وهي اللي كانت هتراعي أموري فكنت بعتبرها أختي الكبيرة ولما مات أخوي قلت اسمي بنتي على اسمها علشان أرفع من روحها المعنوية ، أما زين على اسم واحد من توأمها اللي فارقوا الحياة هما كمان قبل موت أبوهم بشهرين .
شهقت شهقة عالية وهي تضع يدها على فمها تكتمها تأثراً بما حدث لتلك لتقول بحزن :
ــ ياه جوزها وولادها التوأم كلهم فارقوها في شهرين ! لاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم ،
دي هتلاقيها اتجننت ياعيني من اللي حصل لها .
تنفس “عامر” بأنفاس عميقة من هول زفيرها وصل إلى صدرها ثم أعلمها:
ــ هي حزنت على ولادها ولحد دلوك مش قادرة تتخطي موتهم من بقى لهم تلت سنين أهو مفارقين لسة متجوزة بقى لها أسبوع يدوب .
ــ ايه ده هي اتجوزت بالسرعة دي ازاي ؟. جملة استفهامية مغلفة بالاستنكار فهي لم تعرف أنها تعذبت مع أخيه سنوات زواجها العشر بأكملهم وأنها كانت تُعامَل معاملة العبيد معه ولكن لن يريد أن يذكر أخيه إلا بالخير :
ــ هي من حقها تتجوز وتعيش حياتها وخصوصاً إنها لسة صغيرة وكمان حلوة في الشكل ، يمكن نفسها تخلف زي ولادها اللي راحوا لأنها مش متقبلة فكرة انهم فارقوها ،
ثم تبدلت معالمه الحزينة إلى مبتسمة وهو يتحدث عنها مما جعلها تشعر بالغرابة قليلا من تبدل حاله :
ــ أصل أم الزين كانت هتحب ولادها وترعاهم غير أي أم ، وكمان زين وزيدان كنتي تشوفيهم تسمي عليهم من أدبهم ورقيهم في التعامل مع أي حد ، شفتي أطفال التربية الإيجابية اللي هتشوفيهم في الفيديوهات هما اللهم بارك كانوا اكده وأكتر كمان لأنها كانت هتهتم بيهم في الأربعة وعشرين ساعة ومهتغفلش عنيهم واصل وكانت مدياهم كل اهتمامها .
سألته باستكشاف :
ــ طب عندكم في الصعيد أسمع إن إللي أخوه يموت يتجوز مراته علشان يحابي عليها ، ليه مفكرتش تتجوزها واتجوزت واحدة تانية ؟
ابتلع غصته بمرارة مثل مرارة الصبار وهو يستمع إلى اسنفسارها القاتـ.ـل له وترك لسانه يتفوه بكلام ينزع الشك من عينيها :
ــ أني كنت مسافر وبعدين قابلت لامي هناك وارتبطت بيها ومفكرتش في الموضوع ده خالص لأني بعتبرها زي أختي الكبيرة وهي كمان هتعتبرني كيف أخوها الصغير وكمان مفيش أولاد تربطها بينا فعلشان اكده مفكرتش اني أتجوزها وأهي راحت لنصيبها ربنا يسعدها .
طلبت منه بشغف :
ــ طب ممكن تعرفني عليها يا عامر نفسي أشوفها قووي ، أشوف الإنسانة اللي قدرت تتخطى الصدمات دي كلها وتقف على رجليها من تاني .
هلع قلبه من طلبها ليرفضه على الفور معللاً رفضه بسبب مقنع :
ــ طب كيف دي ياشمس هي دلوك ست متجوزة وعلى ذمة راجل مفيش أي صلة بيني وبينها تخليني أتعشم وأكلمها إحنا حدانا اهنه في الصعيد مفيش حاجة اسمها علاقات قديمة ونفضل أصحاب طالما الست في عصمة راجل تاني لازمن تقطع علاقتها بكل الرجالة اللي كانت تجمعها علاقة قرابة بينهم بتستكفى بأخوها ، ابن عمها ، بس على اكده .
رمقته بإقتناع من رماديتيها التى تنطران له بفخر لكلماته التي تثبت لها رجولته :
ــ أها فهمتك قوووي ، مسيري هعرفها في يوم من الأيام طالما في المحيط ده أكيد هشوفها .
صمت لثوان ثم حدق في عينيها وأردف وهو يقصد إرباكها :
ــ يعني كيف دي انتي هتفضلي عايشة اهنه كَتير ومش ناوية ترجعي بلدكم وناوية تعملي بيات شتوي وصيفي اهنه ؟
رفعت حاجبيها من مكره في سؤاله وهتفت بمكر مماثل :
ــ أه عندك مانع يمكن يجي لي واحد ابن حلال ويحبني وأبعد عن عمي ومرته وقرفهم.
تحمحم كي ينظف حنجرته وتحدث بملامح جادة ارتسمت رغما عنه وهو يشعر بالضيق:
ــ طبعاً ما انتي جميلة ومتعلمة واللي هيتمنوكي كتير أكيد .
قرأت الغيرة في عينيه ثم رددت بعينان تلتمع بالعشق لذاك العامر الثقيل في مشاعره مما جعلها تتمسك به كثيراً :
ــ بس المهم انا اتمني مين وقلبي عايز مين .
تبدل الحزن معها إلى مرح واشتياق وتعلق أكثر من ذي قبل ليقول :
ــ طب ايه رأيك في واحد رايد بس محتار وخايف يطرق بابك ويلاقي منك رفض فيحزن .
تبسمت شفاها وهي تفهم تلميحه ثم أراحته :
ــ طب يطرق الباب بس يا سيدي واحنا نفتح ابواب قلوبنا على الناحيتين ونستقبله أحلى استقبال ونضايفه برموش عنينا ونعامله معاملة البشوات كمان .
لانت ملامحه القلقة وتبدلت إلى آمنة مطمئنة وهو يتيقن أنها تريده مثلما يريدها ثم تشجع معترفاً:
ــ طب ينفع أكون أني اللي هيطرق بابك ومعايا ضيفين كمان هتحبيهم وهتعرفيهم ؟
أخيراً قالها وأخيراً سمعتها من فمه لتومئ رأسها وهي ترد بخجل لما اعترف به :
ــ مرحباً بيك ونفتح لضيوفك باب تاني وتالت من أبواب قلبي اللي هيحبوهم قووي وهيتمنوهم بشغف انهم ميبقوش ضيوف ويبقوا من عيلتي اللي مستنية اني ألمهم حواليا بكل الحب .
ما أجمل لقاء الأحبة فهو يبثّ الأُنس ويطرد الأحزان ويريح النفوس المتعَبة، فلحظاته مشرقة ونسائمه عليلة وهواؤه منعش، وأصوات الأحبة فيه كزقزقة العصافير على الأفنان.
“*”***”*****”****”***
دقت هانم على باب الغرفة فأذنت لها رحمة بالدخول ،
أعطتها الكيس البلاستيك الذي بيدها وهي تعلمها :
ــ اتفضلي يا رحمك يا بتي الأوردر دي جالك من الصيدلية بيقول ان إنتي طالباه وفي علاج ليكي .
أخذت منها رحمة الأدوية ثم شكرتها بامتنان :
ــ تمام يا هنوش ما انحرمش منك ولا من تعبك معايا يا ست الكل .
ابتسمت لها “هانم” هي الأخرى فهي تعاملها كوالدتها ولم ترى منها الا كل جميل :
ــ ولا تعب ولا حاجة إنتي زي بتي وربنا الأعلم محبتك في قلبك كد ايه ،
ربنا يشفيكي يا بتي وتعاودي لصحتك شديدة زي ما كنتي ويرزقك الخير كلاته يا رب على تربيتك الزينة ومعاملتك الحلوة لكل الناس وقلبك الطيب اللي مفيش منه اتنين .
تبسمت لها “رحمة” وهي تؤمن على دعائها من أعماق قلبها وهي تأذن لها بالخروج كي تنهي أعمالها المنزلية وما إن خرجت حتى أفرغت محتوى الأدوية وأخرجت ذاك الاختبار منها بقلب ينبض بالقلق الشديد والتوتر ثم أخذته ودلفت إلى الحمام وقامت بعمل الاختبار كما قرأت وانتظرت تلت ساعة حتى ظهرت نتيجة الاختبار بما جعل وجنتيها تصاب بالاحمرار الشديد بشرطتين دمويتين ظاهرين للأعمى وقد تبدلت معالمها الى منتهى البؤس واظلمت الدنيا في عينيها وهي لم تستعد بعد لإنجاب طفل وهي في حالتها تلك وداخلها قرر أن لايعرف أحداً بوجوده وانتوت على إجهاضه مهما كلفها الأمر .

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية من نبض الوجع عشت غرامي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى