روايات

رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل الحادي عشر 11 بقلم فاطيما يوسف

رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل الحادي عشر 11 بقلم فاطيما يوسف

رواية من نبض الوجع عشت غرامي الجزء الحادي عشر

رواية من نبض الوجع عشت غرامي البارت الحادي عشر

من نبض الوجع عشت غرامي
من نبض الوجع عشت غرامي

رواية من نبض الوجع عشت غرامي الحلقة الحادية عشر

لا يُعرف الأصيل ببداية المُصاحبة، فالكل أصيل في البداية، بل يُعرف مع الوقت، حيث تتجلّى أصالته ببطء كتجلي الأفلاق ساعة الغَداة ، ستعرفه مع وحشة الترحال وتبدل الأحوال وهجير الدروب واشتداد الكروب، من نزاهة بطانته، وحصافة عقله، ورأفة قلبه، ورَيْث خُطاه، وسعة صدره، وطول صبره.”
في المحطة الفضائية الخاصة بالإعلامية هند علام كانت مكة تجلس في مكتبها وأمامها اللابتوب الخاص بها وتتابع عملها بكل أريحية ،
كان أمامها أيضاً كوبا من القهوة الفرنسية التى تعشقها وتشعرها بالدفئ في ذاك الشتاء القارص فهي تكره فصل الشتاء بشدة نظرا لخفة جسدها ولأنها تشعر بالبرودة بسهولة ،
ثم أمسكت كوبها وأدخلته من تحت نقابها بإحدى يديها وبالأخرى نحت النقاب قليلا كي ترتشف قهوتها كما هى معتادة ،
سمعت دقات على الباب فأنزلت الكوب ثم عدلت من نقابها وأذنت للطارق بالدخول ،
أما الآخر أخذ نفساً عميقاً وزفره بعمق ثم عدل من هندامه ودق مرة واحدة قبل أن يفتح الباب ويدلف ،
أما هي كانت عيناها مصوبة تجاه الباب وما إن رأته حتى اندهشت ، شعر ذاك الآدم اندهاشها من نظرة عيناها ثم ردد مستئذناً:
_ السلام عليكم ورحمة الله ، ممكن أدخل .
أشارت إليه بيداها وهي تردد بصوت خفيض تستدعيه في حضرة اي رجل :
_ اتفضل يا فنان ، بس سيب الباب مفتوح.
ترك مقبض الباب وفتحه على وسعه كي تطمئن ثم جلس أمامها ونظر إلى عيناها بعمق شعرت به وبات داخلها يدق حيرة ،
ثم تحمحم قائلا:
_ اممم ، شكلك متوترة كدة ليه وخايفة ، متقلقيش يابنتي مش هاكلك والله.
شبكت أصابع يديها المغطاة بالجواندي ثم هتفت بخفوت :
_ له عادي يعني مش متوترة ولا حاجة بس مستغرِبة .
ضم حاجبيه وسألها :
_ ليه مستغربة يا آنسة مكة هو أنا وجودي هنا مضايقك ؟
هزت رأسها بنفي وأجابته :
_ لااا خالص يافنان حضرتك تشرف في اي وقت بس كل الحكاية إني مش متعوَدة إنك بتروح لحد مكتبه .
أومأ لها بأهدابه ثم ردد وهو مبتسماً:
_ هو إنتي أي حد برده ، ده إنتي معذبتي .
فتحت فاهها من تحت نقابها بدهشة من رده ثم تفوهت بكلمة واحدة يغلبها التعجب:
_ هااااا .
دق قلبه لخجلها ورقتها الذي استشفهم من نبرتها ونظرة عيناها وأردف بتأكيد:
_ هااا مين ياآنسة ، بصي بقي أنا عايزك تسيبك من وضع الصامت ده والجواب اللي على قد السؤال وتدخلي معايا في الحوار علطول .
بنبرة صوت جادة وبعينين صارمتين سألته:
_ هسألك سؤال يافنان وتجاوبني بكل صراحة لأني بحب الصراحة جداً ومليش في اللف والدوران ،
سعد داخله لأنها فهمته واقتصرت طريق المقدمات عليه وأماء لها برأسه أن تسأل فأكملت هي استفسارها :
_ هو إنت عايز مني ايه ؟
اصل غريبة إن فنان بمكانتك ياجي كل شوية يجر كلام مع واحدة زيي بَعيدة كل البعد عن محيطه وإنت مكانتك متسمحش بإكده واصل ولا وضعك الاجتماعي فممكن تفهَمني بوضوح إيه اللي حضرتك عايزه مني .
رفع منكبيه باستكانة وبنبرة تقطر عشقا تحدث شارحاً:
_ بصراحة كدة أنا حاسس ناحيتك بشعور عمري ماحسيته تجاه واحدة قبل كدة ، كل لما بشوفك ببقي عايز أفضل باصص لك بالرغم من اني مش شايف حاجة منك غير عنيكي ، ولما ببعد عن المكان اللي شفتك فيه بحس اني مخنوق واني عايز ارجع له تاني ، أنا حاسس في وجودك إحساس جميييييل جداً باختصار أنا مشدود لك أوووي يامكة .
دقات قلبها ارتفعت أصواتها داخل صدرها ولم تعلم مالسبب ، لم تتوقع أن يأتي إليها يوماً من الأيام نجما مشهوراً ويقص إعجابه بها ، لم يأتي بمخيلتها تلك الصدفة التي جمعته بها وتوالت بعدها الصدف ، شعرت بالاحمرار يغزو معالم وجهها خجلاً ودهشة ولم تعرف بما تجيبه فهي لم تتوقع منه ذاك الاعتراف يوماً ،
ثم أجمعت شتاتها وابتلعت أنفاسها وهتفت بكل وضوح كي تنهي علاقة خاطئة ومن المستحيل أن تستمر :
_ بس أني وانت طريقين مختلفين تماماً ومننفعش نكون مع بعض خالص يافنان .
انزعج من حكمها لعلاقتهما ولم يهمه إن كانت تفكر به أم لا كل مايهمه الآن أن يستريح قلبه المـ.ـولع بعشقها وعيناه التي تسهر تتمنى رؤياها وطيفها الذي يأتي أمامه كخيال حينما يشتاقها لقد وصل في عشقه لها ذروته وهتف معللا ومدافعا عن حقه في عشقها :
_ ليه تحكمي على علاقتنا وهي لسه متولدتش إنها هتـ.ـموت !
أنا عايزك في حياتي يامكة ومصمم على وجودك إنتي بالذات فيها علشان أول مرة أحس الإحساس ده معاكي إنتي ، أول مرة قلبي يدق بالطريقة دي ، أول مرة أحس إني متعلق بحد كدة ومش عارف أخرة تعلقي ايه .
تسلل داخلها شعوراً بالعطف تجاهه وتأثرت بكلماته ولكنها لم تشعر تجاهه شعور الحب الذي تسمع عنه ، لم يدق قلبها وتسحر عيناها من أول نظرة كما يقولون ، لم تشتاق لرؤياه كما يشتاق المحبين كمثله ، وغير كل ذلك هي وهو علاقتهم محكوم عليها بالفشل فهو عالم وهي من عالم اخر تماماً ، استجمعت شتات تفكيرها وأجابته بتعقل :
_ والله اني مش بقصد أني أقول لك كلام يزعِلك أو يخليك تحس بحاجة وحشة في شخصيتك ، بس حياتنا مختلفة تماماً من ناحية الاهتمامات والروتين اليومي والنضج في التفكير ومن نواحي كَتيرة قووي فليه تغذب نفسك في طريق الرجوع منه كله شوك وممـ.ـيت وخاصة يعني إني مش بفكر خالص في الارتباط دلوك .
توجع قلبه من كلامها فهي لم تشعر به كمثله ، لم تأثرها عيناه كما هي ، لم تسهر تفكر به وتتمنى رؤياه كما تمنى ، لم تحلُم به ليالٍ عدة كما حلم بشكلها الذي تخيله مئات المرات ،
ضغط على شفتيه السفلى بروح منهكة ثم نظر إليها راجياً:
_ طيب ممكن تديني فرصة أثبت لك العكس واني فعلاً بحبك يامكة ،وأرجوكي التجربة مش هتخسرك شئ،
وتابع رجاؤه لها وهو يتعمق النظر داخل عيناها:
_ إنتي مش شايفاني حبيبك دلوقتي زي مانا شايفك وده لأنك حاطة حاجز مابيني وبينك جوة عقلك الباطن ومنبهة عليه وقافلة على قلبك بالضبة والمفتاح ان أنا بالذات منفعش وعاملة عليهم كماشة ورافضة رفض قاطع إني أقرب منك ، بس ليه يامكة أنا مسلم زيي زيك وبصلي وبصوم وبأدي فروض الإسلام الخمسة ؟
كانت تستمع إليه باهتمام وشعرت بغصة في قلبها من طريقته المتوجعة التي يحكي بها شعوره ، لقد رمى في محيط عقلها كل مايدور داخله وكأنه جالس به ، لقد وصف شعورها تجاهه وما فعلته بالتأكيد منذ أن شعرت باهتمامه لها ، وتساءل داخلها ؛ كيف يمكن لك ايها العاشق أن تهيم عشقا بمن لاتراك وداخلك متأكد انها لم تراك يوماً ؟
كيف لك أن تعـ.ـذب حالك وتبني آمالا نتاجها هددا لأن الأساس هش وليس له عمدانا من الثقة تحمله وتستند عليه ؟
قلبت عينيها بتوتر ولم تعرف بما تجيبه ولكنها هدأت من توترها ورددت بعقلانية أعدتها مع حالها له خصيصاً:
_ يمكن جزء من كلامك صحيح ويمكن كمان كل كلامك صحيح ، بس أني بعمل اكده عشان معلِقش نفسي بشعور يعذبني ، علشان ممشيش ورا قلبي وفي الاخر اضطر انفذ أوامره واحدة واحدة وأخسر ثوابت كَتييير ، عشت سنين أبنيها في حالي وفي شخصيتي ، فمن البداية بالمعني البلدي اكده قطمه أحسن من نحته .
قام من مكانها غاضباً من حكمها على الأمور وتوجه بخطواته مكانها وهبط لمستواها حتى اختلطت أنفاسه بأنفاسها بمسافة قليلة ، توغلت رائحته داخل أعماق رئتيها ، انصدمت من فعلته تلك وجال في مخيلتها أنه سيتهحم عليها ويقتحم براءة عذريتها الاولى في الاقتراب من رجلها الحلال ،
شعرت بالهلع وابتعدت بكرسيها وهي جالسة مكانها فهي لو قامت من مكانها ستقع في أحضانه اجباراً ثم هتفت بذعر وهي تحاول الابتعاد عنه ولكنها فشلت لأنها أصبحت ملاصقة في الحائط هي كرسيها :
_ اللي انت بتعمله ده مينفعش خالص لو سمحت بعد عني واياك تفكر تلمسني ولا تاجي ناحيتي اني بحذرك اهه .
ضرب على مكتب بقبضة يداه بغضب شديد وهدر بها بحدة بالغة وهو مازال مقترب منها :
_ هو إنتي مفكراني إيه بالظبط متحرش ولا مغتصب ولا معرفش حاجة عن ديني ولا أعرف حاجة عن تدينك ؟!
شوفي بقي أنا أه فنان بغني وإنتي منتقبة بس ده ميمنعنيش اني احبك ولا يمنعك تديني الحق في كدة ولا يمنعك تحجري على قلبك لشخصي أنا بالذات ،
ثم أكمل حدته معها وهو مازال قريباً منها حابسا لأنفاسها :
_ شوفي بقي بعد عنك مش هبعد ومش بمزاجك تخلي اللي يتعلق بيكي نفس شخصيتك ونفس تفكيرك ، ولعلمك بقي أنا آدم المنسي اللي مفيش ست تعصى عليه ومفيش ست تقول له لااا ولازم تحطي في اعتبارك اني أه كان ليا علاقات كتييير وعرفت بنات كتييير بحكم الوسط اللي انا شغال فيه لكن ..
واسترسل حديثه وهو يخفف من حدته ويبدل من نظراته العنيفة إلى لينة وعيناه تتفحص وجهها المغطى بالنقاب وكأنه يراها :
_ أنا أول مرة احب وأول مرة اتعلق بحد كدة وأول مرة قلبي يدق بعـ.ـنف لما اشوف ست وعيني تبقي متسمرة على المكان اللى هتدخل منه وقلبي بيبقي بيدق دقات عنيـ.ـفة بتهز ضلوعي ، متحكميش عليا حكم الاعـ.ـدام لأني من النوع اللي لما بتعلق بتعلق بجد .
أنهى كلماته وابتعد عنها لأنه لاحظ كتم أنفاسها في اقترابه وعيناها التي لم تنظر له نظرة واحدة كي ترى حدته وتوسله لها ،
تركيبة فريدة من نوعها أثارته وجعلته متمسك وراغب بها بشدة ،
ثم ابتعد عنها وحمل مفاتيحه وهاتفه وانتوى المغادرة وهو يردد :
_ أنا ماشي وهديكي مساحة وقت للتفكير والتخبط اللي جواكي يهدى وتفكري كويس علشان لما قربت منك دلوقتي وشفت توهتك وحيرتك عرفت إنك كدة ابتديتي تحني وأرجوكي يامكة اركني الظروف على جمب وفكري كويس في ادم كشخص مش كنجم .
انهي كلامه وأودعها السلامة وخرج من مكتبها وهو متألم فاقد الأمل مجروح ولا سبيل لدوائه غيرها هي نصل الألم وزارعته وهي التي بيديها التضاد لشفاه ، لقد شعر تجاهها بغرابة في شخصيتها جعلته ينجذب ، لها هالة وطلة جعلته يقترب دون أن يشعر ، فقط بضعة شهور غيرت حياته وقلبتها رأسا على عقب منذ أن رآها ،
كان يسير بسيارته في الطرقات بلا هوادة كي يصل إلي الفيلا التى تمكث بها اخته حتي وصل ودلف الي المنزل ورأت هي حزنه البادي على وجهه فهي أخته وتحفظه عن ظهر قلب ، أشارت إليه أن يأتي ويجلس معها لكنها حرك رأسه برفض من مكانه وهو يردد بشفتيه :
_ بعدين ياهند .
استنتجت هند ما حدث وشعرت بألم أخيها لأنها واثقة من رفض مكة بل وتشددها على الرفض وعلمت أن أخيها دخل طريق العشق الممنوع الذي لم ولن يتركه إلا وهو منتصر فترد الدمـ.ـوية إلى حياته أو منهزم وحينها ينتكس فآدم إذا تعلق بشئ ولم يحصل عليه يعاني بشدة وتلك المرة تعلق قلبه ويا ويل القلب الذي يتعلق بما ليس له .
________________________________
عودة إلى المحطة الفضائية حيث خرجت مكة من المكتب وهي تتنفس الصعداء فرائحته عبئت المكان وصورته لم تفارق مخيلتها كلما نظرت حولها وجدتها متجسدا بصورته أمامها ، أحست بالاختـ.ـناق من مجرد دلوفه الي عقلها ، وقفت في مكان به شرفة ووجدته فارغا ، وقفت تتأمل الفراغ بعقل شارد في معضلتها فهي لم تعجب به لم تراه فتى أحلامها لم تحسه ونيس العمر والأيام إذا ماذنبها ؟
وأثناء شرودها استمعت الى صوت أحدهم يردد بتوبيخ :
_ على فكرة لايصح جلوسك مع رجل غريب عنك في مكان عملك منفردين ياآنسة راعي حرمة النقاب اللي انتي لابساه.
شعرت بالغرابة من ذاك الصوت ثم التفتت واتسعت مقلتيها بدهشة ارتسمت على محياها ورددت ببلاهة :
_ الشيخ عبدالرحمن المنشاوي صاحب برنامج الأمر بالمعروف اهنه وقدامي ، وهو اللي بيكلمني بنفسه !
شعر ذاك الشيخ بالنفور من طريقتها ثم ردد :
_ يعني ايه بنفسه دي ياآنسة ، أنا بني ادم عادي جداً لو سمحتي متستخدميش طريقة التعظيم معايا أنا مش ناقص ذنوب تحمليها لي فوق اكتافي ،
وتابع استفساره لها :
_ إزاي واحدة منقبة زيك ومن يوم ماجت المحطة هنا وهي ملتزمة جداً وصيتك مسمع هنا مع الأستاذة هند انك صارمة في تعاملاتك ، وأنا معدي بالصدفة من قدام مكتبك الاقي واحد بالمنظر اللي شفته واقف قدامك بالطريقة دي ، أيا كان الواحد ده متفرقش ، إنتي كدة بتسوءي سمعة التدين والنقاب وبياخدو عنه فكرة وحشة ،
واستطرد حديثه بإبانة :
_ وعلشان متفكريش حاجة واني تجسست كل اللي شفته صدفة هزتني من جوايا وحتمت عليا اتكلم معاكي من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
اهتز داخلها وهي تقف أمام ذاك الشيخ الذي حلمت دائما أن تناظره وتدخل معه في حوارات تدور بخلدها ، لم تتوقع انها ستقابله يوماً من الأيام ولا أن تتحدث معه ، ولكنها حزنت لأجل ظنها به ثم قوت حالها المشتت في وجوده وأردفت :
_ لو هسوء سمعة النقاب في وجود النجم اللي ممكن يتفهم غلط والموضوع كله صدفة ومع إني فاتحة الباب على وسعه للي رايح واللي جاي علشان خاطر مدخلش في ذنب الخلوة ، يبقي هسوءه اكتر و اكتر دلوك ياشيخ واني وأنت واقفين وحدينا في المكان ده ، شوف إنت بقي لما تقف المنقبة مع الشيخ في مكان وحديهم الشبهات هتبقي عاملة ازاي ؟
ألقي عيناه التي كانت مثبتة في عيناها أرضا وهتف برفض لأنها احرجته :
_ لاااا كله هنا عارف مين الشيخ عبد الرحمن المنشاوي ومفيش حد يستجرى يظن السوء فيه أبدا ، متقارنيش الموضوعين ببعض.
لأول مرة تشعر أن حكمها على الأشخاص من وراء الشاشات خاطئ لقد خذلها وظنت أنه سيعترف بخطأه حتى ولو كان مقصده خيراً ،
ثم ربعت ساعديها حول صدرها وأردفت بنبرة ساخرة:
_ إحنا مالنا ومال الناس إحنا لينا رب هو اللي هيحاسبنا ومعندوش فرق بين نجم وشيخ طالما الموقف متشابه والمغزى واحد وهو الخلوة ولا ايه يا شيخنا ؟
احتدم غيظاً من تشبيهها ثم تمتم بكلمات غاضبة:
_ لاااا الفرق كبير لأن الشيخ عارف كويس حجم ذنب النظرة وحجم ذنب الخلوة أما اللي زي آدم وغيره ميعرفوش حجم الذنب ولا تقديره ميعرفوش معنى كلمة “اتقوا الله ”
الكلمة دي تهز اي شيخ وتفوقه وترجعه لعقله أول مايسمعها ،
وعارف يعني ايه نظرة حرام زي دلوك مراعي فرق المسافات مابينا وكمان بكلمك وانا مش باصص لك وعيني في الأرض ، صح ولا غلط ؟
شعرت أنها أخطأت في ظنها ثم تراجعت في رأيها ورددت بخفوت وهي تنظر أرضا:
_ حاضر يا شيخنا أوعدك إنها مش هتتكرر تاني ولا هيحصل اللي حضرتك شفته ، أني اصلا جيت اهنه وخرجت من المكتب بسبب الخنقة اللي حسيتها بسبب اللي حوصل وقاعدة الوم حالي لقيت حضرتك بتكلَمني دلوك.
أشاربيداه ناحية السماء ثم هتف بوعظ:
_ لا يا أستاذة متوعدنيش، أنا مليش حكم ولا ولاية عليكي ، اوعدي ربك واستغفريه عن ذنبك الغير مقصود ولازم تعرفي انك جيتي هنا لطريق كله شبهات فلازم تراعي تدينك وأنك غير اي بنت ، لازم تراعى إنك صورة وواجهة لدينك فلازم تخلي بالك من كل خطوة بتخطيها علشان القدوة بيشيل سيئات الغير لو شافوه بيعمل غلط ، فعلشان كدة لو مش قده اقلعيه ومتلبسيهوش وبردو خليكي على التزامك المفروض على اي بنت سواء كانت منتقبة أو لا ، الدين الإسلامي فرض قواعده وفروضه على الرجل والمرأة وليس له علاقة باللحية أو النقاب ، لكن هما ليهم حبة التزام زيادة علشان الناس مايرددوش
“أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾
لازم يبقي عندك تمسك اكتر من كدة وتحطي في بالك دايما إنك لازم تبقي قدوة حسنة.
ثم ألقى تحية الإسلام مغادرا إياها وغادر المكان بهدوء كما دلفه ،
شعرت بالراحة اجتاحت أوصالها من حديث ذاك الشيخ وأحست بأنه ملاكا أتى إليها كي يجعلها تستفيق من سحر اللحظة التي كانت أن تدلف بها عالم ذلك الآدم ووقفت تردد اذكار الاستغفار وترجو من الله أن يسامحها عن ترك ذاك الادم معها وفتحه لتلك الأحاديث وعدم غضبها عليه حينما اقترب منها .
**********************
في منزل عامر الأخ الأصغر لمجدي يجلس معه مجدي وهو يستشيط غضبا ويردد :
_ الفاجرة اللي مشافتش رباية تقول لي هخلعك لو ماطلقتنيش !
مشفتش في بجاحتها البعيدة دي ، ورب الكون لاهكـ.ـسر لها عضمها النهاردة وهكمل عليها علقة امبارح .
شعر عامر بالشفقة على كلتاهما فهو أخيه وهي تعيش معه في عذاب وحرمان وعلى ولديهما بالشفقة وردد وهو يربت علي فخذيه كي يهدئه:
_ ماني ياما قلت لك يا مجدي عامل أهل بيتك باللين واوعاك تقسى عليهم ، انت ياخوي عملي أوي زيادة عن الحد ، لازم تراعي أنها ست وانت حارمهم من وجودك جنبيهم ومن حنيتك ومن طبطبتك عليهم ، متزعلش مني ليها حق تزهق يابن ابوي .
اتسعت عيناه بغـ.ـضب جامح وهدر به :
_ كيف الكلام اللي هتقوله ده ياعامر ؟ أني مشايفهوش غير دلع حريم مايصة وفاضية ،
هي بعد ماضـ.ـربتها لمت خلجاتها وراحت بيت ابوها وخدت العيال وياها ، واني كلمت خالها وكلمت امها وحكيت لهم على كل حاجة وهما لما عرفوا الكلمة اللي قالتها انصدموا منيها ودلوك عايزك تاجي وياي علشان نضعوا حد للفاجرة داي .
أدار عامر وجهه بغـ.ـضب فهو لايريد أن يحضر تلك الجلسة ولا أن يراها فهو موقفه حساس امامهم هما الاثنان فهو أخيه وهي لها مواقف عديدة معه والموضوع شائك بينهما ،
ثم تنفس بصوت عال وردد متمنعا:
_ مَعلش ياخوي اني مينفعش اجي وياك خالص ، دي حاجة خاصة بينك وبين مرتك ووجودي في إحراج ليها ، اعفيني من المشوار ده عاد .
شوح مجدي بكلتا يداه بغـ.ـضب ثم نظر في ساعته مرددا:
_ عايز تفوت أخوك وحده ياعامر هي داي الأخوة والمجدعة ؟
عايزني اقعد وسطيهم كيف الغريب يقطِـ.ـعوا فيه ويعملوا فيا مابدالهم واني لحالي ؟
يالا بقي ياخوي وراي معاد شغل ضروري عايز انفض منيه الموال ده مفضيش لهري الحريم اللي ممنوش فايدة ده .
نفخ عامر بضيق من أسلوب أخيه الذي لم يتحسن ثم هتف :
_ وه ياخوي هو انت الشغل وراك وراك ومهيسبكش حتى في ضيقتك وانت بتحل مشاكل أهل بيتك ،
واسترسل حديثه بتهـ.ـديد صارم :
_ قسما عظما لو معتذرتش عنيه المعاد ده ماهروح وياك في مكان ، وان ماوازنت بين بيتك اللي أنت مهملة كل يوم ده عمال على بطال ماهعرفك تاني ، فوق ياولد ابوي فوق لبيتك ولمرتك الدنيا مش مستاهلة .
ازاحه مجدي بكلتا يداه بغـ.ـضب وهو يهتف:
_ليه اكده الحلفان عاد ياعامر ، المعاد مِهِم وهيطلع لي عمولة زينة من وراه، ليه ياأخوي قـ.ـطع الأرزاق داي عاد !
واستطرد حدته بدعاء :
_ يقـ.ـطع الحريم على الجواز على البيت على العيال ، اللي هيعكروا دماغ الواحد دول ويبوظوا لو شغلَهْ ها ، قوم ياولد ابوي هي العملية داي مبصوص في القرشينات بتاعتها من الاول .
تأفف عامر من طريقة اخوه وسار بجانبه وهو يردد بقلة حيلة:
_ لاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم ، ربنا يهديك ياأخوي ، ربنا يهديك ويشيل الغشاوة اللي على عنيك داي .
وانطلقا كليهما في سيارة مجدي قاصدين منزل والدة مها وهو يسب ويلعن طيلة الطريق فيها وأخيه يحاول تهدئته ،
فويل للقاسية قلوبهم من عذاب الله ،
أما في منزل مها يجلس الجميع يلتفون حول معها كعقارب الساعة يستمعون إلي نهر خالها لها:
_ كيف يامها ياللي بقول عليكي عاقلة وراسية وعمر العيبة ماتطلع منيكي تعملي إكدة وتقولي لجوزك ابو عيالك هخلعك !
داي كلمة تقوليها يابتي بردك ؟ إنتي متعرفيش إن الكلمة داي شينة وعيبة كبيرة في حقنا.
كانت مها في عالم أخر فهي قد ضُربت بعـ.ـنف على يد ذلك القاسي الذي لم يعرف الحنان يوماً وجاءت تحتمي بين جدران منزل ابيها كي يقفوا بجانبها ولكنها وجدت منهم قسـ.ـوة اكثر من زوجها ،
جلست بينهم ودموع عيناها وانقباض قلبها حزنا يحاكى حكواه ،
كانوا حولها نصفهم مؤيد لها وماهم إلا أختيها والنصف الآخر معارض لها وماهم إلا امها وخالها ،
وضعت يداها على أذنيها كي تصمها عن كلامهم الجارح لها وعيناها تذرف دموعها بقهر ،
وهي تحدث حالها برهبة :
_ مالحل ياأنا فيما أحياه ؟ الموت هو الحل أم أرتدي قناعا مزيفا من الشرف ؟
لقد نسيت أنني انثى وصمتت ، ونسيت شعور الحب والغيرة ونسيت الإحساس ككل بل نسيت حياة الترف ،
ماذا بعد يا نفسي لم تعذبي حالك ، اعتزلي مايؤذيكي ولا تستكيني واتركي حياة الأرق ،
فاقت من شرودها على صوت خالها يردد باستفسار:
_ ايه يابتي جوزك زمانته جاي اهه وعايزك تفكي التكشيرة داي وتهدى حالك المعووج ده إحنا معنديناش بنات تطلق ولا في سلونا البت تخرج عن طوع جوزها .
هنا هتفت مكة باستنكار:
_ كيف اكده ياخال !
هي اجرمت لما قالت له هخلعك ! ده حق ربنا اداه للست اللي مقدرتش على معاشرة جوزها ، ليه اهنه في الصعيد تستنكروا على الست حقوقها اللي ربنا مديهالها ؟
وبعدين ياخال إنت لازم تبهدله على إنه مد يده عليها وبهدلها بالشكل ده علشان الراجل اللي يمد يده على مرته متآخذنيش يعني يُبقى عربجي .
كاد خالها أن يتحدث إلا أن والدتها هدرت بها :
_ اكتمي عاد يابت إنتي واقفلي خشمك ده لا إما أني بنفسي هقوم وأقـ.ـطع لسانك ، هو العلام والجامعات اللي انتو رحتوها نستكم عوايدنا وتقاليدنا إن الست لازم تحافظ علي بيتها وتكون طوع جوزها ، يالا يابت إنتي وهي قومي ادخلوا أوضكم معايزاش واحدة منيكم واصل تقعد اهنه يالا همي منك ليها .
هنا تحدثت سكون بهدوئها المعتاد وأردفت بنبرة هادئة :
_ العوايد داي يا أمي انقرضت من زمان من لما البنت الصعيدية دخلت الجامعة وبقت تسافر للمدينة الجامعية وبقت زيها زي اي بنت طبيعية ليها الحقوق اللي ربنا ادهالها في الجواز والطلاق ، مابقيناش زي زمان ايامكم غير ايامنا ، وبعدين إنتي مربيانا على عزة النفس والكرامة ومحدش يهننا ابدا .
أشارت ماجدة بيدها لسكون وأجابتها :
_ كلامك زين يابتي بس كله كوم وخراب البيوت كوم تاني ، داي عنديها منه ولدين ليه تفوت بيت ابوهم وكماني صغيرة وحلوة وفيها الطمع ، لازم تتحمل لاجل العيلين دول ولازم تحفظ طباع جوزها ومتعاملهوش بالكبر بتاعها ده .
جحظت عيناي مها من اتهام والدتها وتمتمت باستنكار:
_ أني بكبر يا امي ! الله يسامحك ، ده إنتي الوحيدة اللي باجي ارتمي في حضنك وأشتكي لك همي تقومي دلوك تمسكي سكـ.ـينة إنتي كمان وتقطعي فيا شوي زييه ،
والله حرام اللي بيحصل فيا ده حرام وميرضيش ربنا .
كانت تتحدث وهي تنوح بصوت عال وتضرب بيداها على فخذها وأختاها تحتضناها ويربتون على ظهرها ويتألمون لألمها ،
ثم استمعوا الى رن الجرس فعلموا بقدوم مجدي ،امرت ماجدة سكون ومكة بالدلوف إلى غرفهم فقمن وهن مجبرين ،
دلف مجدي وأخيه عامر الذي نظر إليها ورأى وجهها المتورم من ضرب أخيه القاسي لها وعيناها المنتفختان من شدة البكاء وحالتها التي لاتسر عدوا ولا حبيب ،
أما هي شعرت برائحته التي تحفظها عن ظهر قلب في المكان ورفعت راسها وهم منشغلون بالسلام على مجدي ، وتلاقت نظراتهم التي تحمل الف معنى ومعنى وأهمهم نظرة الخذلان التي حملتها له وكأنه المسؤل عن ما بدر من أخيه ، أما هو نظرته لها اشفاق على حالتها ودق قلبه بوجع لوجعها ، وفي تلك اللحظة ود أن يخطتفها بين أحضانه كي ينسيها وجعها المرير ولكنه استفاق من تفكيره وتذكر بأنها امرأة أخيه الواقف بجانبه الآن ،
جلسوا جميعاً وبدأ مجدي هجومه مرددا :
_ شفت بت الأصول ياخال تقول لجوزها ايه ؟
هنا تحدثت ماجدة مرددة بغضب وهي تشير تجاه ابنتها المهانة:
_ وشفت إنت ولد الأصول بيعمل في مرته ايه !
طيب اني بتي غلطت في كلمتين قالتهم من حر.قتها انك مهملها هي وولادها ومبتسألش فيهم تقوم تُضـ.ـربها وتكـ.ـسِر لها عضمها وتورِم لها وشها بالمنظر ده وتستقوى عليها يامجدي !
واسترسلت بعتاب وهي تهدأ من نبرتها الجافة :
_ هي داي الأمانة اللي ائتمنتك عليها يامجدي يابن الطيبين .
كاد ان يتحدث بعجرفته إلا أن أخوه أصمته وتحدث بدلاً عنه مرددا باعتذار :
_ معلش ياأم مها حقك علينا اخوي غلط وجاي يعتذر من مرته وهو حق نفسه ليا ووعدني إنه عمره ماهيمد يده عليها تاني واصل ولا هيوجعها تاني وكماني هياخد باله من مرته وبيته وعياله .
نالت طريقته استحسان خالها مسعد واستغرب داخله أن ذالك أخوان من نفس البطن ، وهتف :
_ بس بردك ياولدي مكانش ينفع يمد يده عليها بالشكل ده ، هي غلطت يجيبها لأهلها يعرِفوها غلطها اما يُضـ.ـربها بالعـ.ـنف ده وكان ملهاش أهل يبقي اكده الغلط راكبَه من ساسَه لراسَه .
اماء عامر بأهدابه باعتذار وردد وهو يشير لمجدي الصامت الذي كل ما يفكر به الآن العملية التي خسرها وكانت ستأتيه من ورائها عمولة هائلة:
_ قوم يامجدي بوس راس مرتك وراضيها وحق نفسك ليها يالا .
قام مجدي وسمع كلامهم كي ينفض من تلك الجلسة الثقيلة على قلبه وقبل أن يصل إليها منعته بيداها ان يمسها قائلة برفض:
_ له معايزاش منيه حاجة غير أنه يطلِقني غير اكده مش هتنازل عن رأيي ولا هرجع له تاني .
هدر بها مجدي بعصبية :
_ خلاص واني مش هطلِق وخليكي اهنه في بيت أهلك زي البيت الوقف لا طايلة متجوزة ولا طايلة مطلقة .
قامت من مكانها ووقفت قبالته والقت كلماتها القـ.ـاتلة له ولرجولته أمام الجميع :
_ ما اني عايشة في بيتك بردك ولا طايلة متجوزة ولا طايلة مطلقِة ، بس الفرق اهنه إني هعيش مع ناس هحس بروحهم في المكان هيسلوا وحدتي وهينسوني المر اما معاك اني عايشة ويا الحيطان يامجدي .
اشتـ.ـعلت عيناه غضبا وكادت أن تطلق نيـ.ـرانا من لهـ.ـيب احتـ.ـراقها من كلماتها التي لم يتحملها ثم صفـ.ـعها أمام الجميع على وجهها صفـ.ـعة نار ية جعلتها جلست مكانها وهو يجز على أسنانه بغضب مرددا:
_ فاجرة ، فاجرة ومشفتيش رباية.
كاد مسعد أن يمسك في تلابيب قميصه ويعاركه لأنها ضـ.ـربها امامهم إلا أنه انطلق من ذاك المنزل بسرعة البرق وهو يأمر أخاه :
_ يالا ياعامر وراي خليها اهنه الفاجرة داي لما تتربى.
انسحب عامر من بينهم بعيناي يصحبها الخذلان من أخيه وترك تلك المسكينة تعاني الويلات ،
أما هم فور مغادرتهم صحبت ألسنتهم اللوم والعتاب القاسي لتلك المها وكأن الزمان أقسم على عذابها من الجميع ،
وكأن البشرية نزعت من قلوبهم الرحمة فحال مها كحال نساء كثيرات مقهورات ولم تمنحهم الأناس بضعا من الرحمة
***********************
انقضي بضعة أيام وحال الجميع مجروح كما هو وكل يغني على ليلاه ،
وفي إحدى الليالي كانت سكون تتحدث مع عمران ورأت انها لابد أن تقص عليه المكالمة التي جائتها من تلك المرأة منذ بضعة أيام ، فهي فكرت كثيرا مع حالها وقررت أن تد فن تلك المكالمة ولا تسمح لأحد أن يفرق شتاتها هي وعمرانها ،
بعد أن تحدثن قليلاً وعرف كل منهم أخبار الآخر تحدثت سكون وهي تحمحم بتوتر :
_ اني في حاجة مخباياها عنك وعايزة اقولها لك .
ضم حاجبيه وسألها:
_ حاجة إيه داي اللي مخبياها عني ، أني حاسس بإكده من فترة ؟
أخذت نفسا عميقا ثم استجمعت قوتها وقصت له المكالمة التي جائتها بالتفصيل ،
جحظت عيناه بذهول مما سمعته أذناه وألقته على مسامعه ثم أطلق سباباً جعلها شهقت :
_ بنت ال… وطبعاً قالت لك إنها فاعلة خير شكل مابنشوف في الأفلام والمسلسلات ،
واستطرد متسائلاً:
_ وانتي بقي صدقتي بنت الجزمة داي وتخاريفها ؟
حركت رأسها برفض وكأنه يراها وأجابته :
_ لاااا والله مصدقتهاش وبعدين أني مواعدة حالي اني مديش ودني لحد واصل وعلشان اكده مكَلَمتكش في الموضوع إلا لما هديت من سمـ.ـها اللي بخته في وداني ،
وتابعت حديثها وهي تسأله :
_ بس مين البت داي ياعمران اللي عرفت شوية من تفاصيل الليلة داي وكأنها كانت شايفة كل حاجة ، داي أكيد قريبة منيكم قووي إنها تعرف اللي حوصل بالسهولة داي؟
تململ في مكانه بزهق ولم يعرف بما يجيبها فهو يعلم جيداً من صاحبة تلك الألاعيب القذرة ولكنه لايحبذ دخول سكون في تلك اللعبة ولا يود معرفتها بغل تلك الوجد ،
ثم أجابها منكراً معرفتها:
_ ها واني هعرف منين بنت الملاعين داي ، المهم لو أي رقم غريب رن عليكي تاني اعملي تسجيل للمكالمة حتي لو مطلعتش هي البت داي تاني ، تمام ؟
شعرت بأنه يخبئ عليها اشياءً كثيرة وأن وراءه سر كبير وأنها ستعاني كثيراً من غموض ذاك العمران ، وظلت تحادثه بضعا من الوقت الي أن أغلقا الهاتف ،
أما هو فور أن انهى مكالمته معها القى هاتفه وسب تلك الوجد بين سريرته وهبط الأدراج قاصداً إياها وشرارات الغضب تنطلق من عيناه ،
ذهب إليها ورن جرس الباب وبعد عدة ثواني فتحت ووجدته أمامها بطلته الخاطـ.ـفة لأنفاسها وما إن رآها حتى دفعها بعيدا جعلها تأوهت من دفعه لها وخطى إلي الداخل خطوات معدودة ثم انطلق هادرا بها:
_ إنتي يابت إنتي إيه شيطان متحرك على الأرض ، عايزة تدمِـ.ـري كل حاجة حلوة وخلاص !
إنتي ايه إبليس يضـ.ـرب لك تعظيم سلام علي جبروت حقدك وغلك اللي موردوش ومشفتهمش في بني ادم واصل !
لوت شفتيها بامتعاض وتحركت بخطوات متمهلة وهي تصطنع التعب من دفعه لها قائلة :
_ والله حرام عليك تعمل فيا اكده ياعمران ودايما شايفني وحشة وظالمني ، وكل مصـ.ـيبة تحصل تلبسهالي هو أني ايه عدوتك ياشيخ ؟
ثم اصطنعت الدموع التي هبطت على وجنتيها ببراعة وتقمصت دور المظلومة بامتياز ، أما هو على صوته ودوى أركان المكان بتهـ.ـديد صريح :
_ قسما عظما ، ورب الكون اللي مابحلف بيه كذب واصل لو قربتي من مرتي ولا جيتي ناحيتها تاني لا هكون مقطـ.ـعك حتت ورامي جتتك لكلاب السكك يعملوا عليها وليمة ،
أني بحذرك أهه بعدي عني اني خلاص اتجوزت وبعشق مرتي وعمري ماهسيبها ولا هي هتسيبني وإذا كان على النمرة اللي عملتيها لما كلَمتيها في التليفون وقلتي عليا الكلام الافترا داه هي مصدقتكيش دي داكتورة متعلمة ومتنورة ودماغها توزن بلد ،فخليكي اكده بخي سمك لحد مانتي اللي اول واحدة هتدوقيه ،
ثم بصق عليها وهو يشعر بالامتعاض منها ودفـ.ـعها مرة أخرى وغادر المكان الذي شعر به بالاختـ.ـناق منذ أن دلف إليه ،
أما هي فور خروجه اعتلى صوتها بصـ.ـرخة عالية تحمل بين طياتها الغـ.ـل والحـ.ـسرة والقـ.ـهر وكأن اي شئ تفعله ليس له قيمة ، فقد فعلت كل مابوسعها وهو لن يلين ويأتي إليها ولكن مافي جرابها لن ينتهي بعد وستحوى ماتجعل ذلك العمران يتحـ.ـسر على أغلى مايملك ،
انقضي يومان على ماحدث ثم ذهب عمران وصديقه محمد إلى موعدهم أتى مع الشيخ الذي حجز عنده محمد وطيلة الطريق يشعر عمران بالرهبة من تلك الفكرة ويدعوا الله داخله أن يتمم أموره على خير وأن يبارك له في حياته وزوجته ، كان صديقه محمد يهدئه طيلة الطريق ويحاول خلق مواضيع معه كي يجعله ينسى ماهو قادم إليه ،
بعد عدة ساعات وساعات وصلا إلى المكان المنشود وإذا به يمكث ذلك الشيخ في السيدة زينب بجوار ال رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ذهب إليها وقرأ فاتحة الكتاب وبعض من الصور القصيرة ثم دعا لهما بالرحمة والمغفرة ورحل هو وصديقه إلي ذاك مايسمى “صابر المداح” دلفا إلى عنوانه وجداه يسكن في شقة ضيقة ويبدوا عليه الفقر ولكن المكان من الداخل فيه من الراحة والسكينة ماتجعل القلوب مطمئنة ،
( ملحوظة أكيد كلكم عارفين صابر المداح وعموماً هو حمادة هلال في مسلسل المداح وجبته هنا وهو لسه مغتناش وحالته كانت ضيقة لسه )
أدخلتهم والدة المداح إلي غرفة الاستقبال وجداه جالساً ممسكاً سبحته بيداه وأمامه القرآن الكريم يتلو منه ماتيسر ، نظروا إلى الغرفة المعبأة بالروائح الذكية وشعروا أن النور ينبعث من كل مكان في الغرفة ، ثم استمعوا الى الشيخ يردد :
_ اقعدو ياصعايدة واقفين ليه ، استريحوا من تعب الطريق شكلكم باين عليكم الإجهاد .
ثم نادى بصوته على والدته :
_ هاتي واجب الضيوف ياأمي .
امتنعوا عن واجب الضيافة لأجل أن لايرهقوا الشيخ وأهل بيته ولكنه صمم فتلك أصول لمن يدلف بيت الشيخ وهو يردد لهم :
_ كله من فضل الله وكرمه وإكرام الضيف علينا واجب .
بعد مرور بضعا من الوقت تحدث صابر المداح مرددا وهو ينظر تجاه عمران بنظرات متفحصة جعلت الخوف يتسلل داخله لأول مرة :
_ شوف ياعمران انت اللي عليك العين والنية ، طريقك مخطوط بالشـ.ـوك وكله عقـ.ـد عقـ.ـد ، وكل عقـ.ـدة متتفكش إلا بطلـ.ـوع الروح ، معمول لك سحر على اعز مايملك الرجل ويخليه يمشي موطي راسه من سنين ، بس اللي مخليني مستغرب أنه من كذا سنة ايه اللي خلاك مستني لدلوقتي ومدورتش على حالك .
انصعقا الإثنين من كلام الشيخ الذي يمثل حالة عمران بالتمام ، وجدا على وجههم علامات الدهشة فردد بابتسامة جعلت النور يشع من وجهه :
_ مدد يارب ،متستغربوش هذا من فضل الله يؤتي علمه من يشاء ولكنه هو الأعلم والأقدر والأقوى .
ثم أشار إلى عمران أن يأتي إلى الكرسي الموضوع في الجانب وأتى بحبل وطلب منه أن يستجيب لأوامره وطلب من صديقه أن يحكم معه ربط الحبل بشدة ويراعى أن بنية عمران قوية ولابد من إحكامه جيدا لأن الأمر شاق بشدة ،
وبدأ الشيخ بوضع يده على رأس عمران وبدأبتلاوة آيات من القرآن الكريم
وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ
وقرا باقي الآيات وهي سور القلقلة المعروفة وآية الكرسي وأول ١٥ ايه من سورة يس، واخر آيتين من البقرة ، وبعضا من آيات السحر المذكورة في كتاب الله ،
ثم بدأ بذكر أدعيته التي تبطل السحر وهو يضغط على رأسه بشدة
اللهم إنك أقدرت بعض عبادك على السحر والشر، ولكنك احتفظت لذاتك بإذن الضر، فأعوذ بما احتفظت به مما أقدرت عليه بحق قولك الكريم: «وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ».
بسم الله أرقيك، من كل شيءٍ يؤذيك، من شرّ كلّ نفسٍ أو عين حاسدٍ الله يشفيك، بسم الله أرقيك.
بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم؛ ثلاث مراتٍ. بسم الله يبْريك، ومن كل داءٍ يشفيك، ومن شرّ حاسدٍ إذا حسد، وشرّ كلّ ذي عينٍ.
بسم الله (ثلاثًا) أعوذ بالله وقدرته من شرّ ما أجد وأحاذر؛ سبع مراتٍ.
أذهب البأس رب الناس، واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاءً لا يغادر سقمًا. أعوذ بكلمات الله التامّة من كلّ شيطانٍ وهامّةٍ وكلّ عينٍ لامةٍ.
أعوذ بكلمات الله التامّات من شرّ ما خلق. أسأل الله العظيم ربّ العرش العظيم أن يشفيك؛ سبع مرّاتٍ.
اللهم صلِ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيدٌ، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميدٌ مجيدٌ.
ثم ضغط على رأسه أكثر وقام بتلاوة بعض الأذكار الأخرى سرا وبدأ عمران يتشـ.ـنج بقوة فائقة وكلما يتلو الشيخ كلما يتحرك بعنف أكثر وكأنه يصارع المـ.ـوت ووجهه أصبح محمرا من شدة التعب وعيناه تكاد تخرج من مكانها ،
كاد محمد أن يتحدث إلا أن الشيخ نظر إليه نظرة ارعبته وأخرصته وتابع كلماته التي يلقيها في أذناي ذاك العمران وظل على حالهم هذا إلى مايقرب من ساعة كاملة والشيخ يحاول إخراج السحر من جسده إلى أن تقيأ عمران في الإناء الذي وضعه الشيخ أمامه وبدأ وجهه يعود إلى لونه الطبيعي وجسده بدأ يهدأ من تشنجاته وقام الشيخ بفك الرباط وأطلق صراح العمران الذي بدأ يشعر بالراحة اجتاحت جسده ونظر إلى المكان حوله وكأنه كان في رحلة الي الجحـ.ـيم وعاد إلى أرض الأمن والأمان.
ربت الشيخ على ظهره وهو يردد بابتسامته المريحة :
_ مبروك يابطل دلوقتي انت رجعت لطبيعتك بس خلي بالك هتمشي على التعاليم اللي انا كاتبها لك في الورقة داي ومحدش هيقدر يهوب ناحيتك تاني من شياطين الانس والجن أعاذنا الله وإياكم منهم ، ولازم تواظب على الأذكار اللي فيها بنفس الطريقة ونفس الأوقات ومتصتصعبهاش علشان ربنا يزيح عنك أذاهم .
بعد أخذ وقتاً قليلا استعاد فيه عمران جأشه سأل الشيخ :
_ مين اللي أذاني ياشيخ وعِمل فيا اكده ، ارجوك قول لي علشان أخنـ.ـقه بيدي داي ؟

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية من نبض الوجع عشت غرامي)

‫5 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى