رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل الثامن عشر 18 بقلم فاطيما يوسف
رواية من نبض الوجع عشت غرامي الجزء الثامن عشر
رواية من نبض الوجع عشت غرامي البارت الثامن عشر
رواية من نبض الوجع عشت غرامي الحلقة الثامنة عشر
ظل هو يكرر رناته ويعيدها مراراً وتكراراً فهو مثلها بل ويزيد فهو عاشق محروم ، انكـ.ـوى قلبه بالعشق ليالٍ كثيرة وهو فاقد الأمل في اقترابها ، إلى أن ضعفت أمام دقاته و أجابته بصوت باكي :
_ السلام عليكم.
مشاعره ثارت عليه وداخله انفطر لنبرتها الباكية وسألها دون أن يرد سلامها :
_ إنتي بتبكي يامكة ! إنتي بتبكي ياحبيبتي !
لم تجيبه على استفساره بلسانها ولكن بكائها نطق وأجابه وجعله يستـ.ـشيط على بكائها وظل يمسح على شعره بقلة حيلة وداخله يود احتضانها تلك اللحظة كي يخفف عنها ثم تحدث معلنها صريحة لها :
_ بتبكي من ألم العشق اللي دوبني ؟ أخيراً قلبك دق وجرب يعني ايه حب ويعني ايه اشتياق ويعني ايه حـ.ـرب مشاعر بتهلك صاحبها !
لم يجد منها رد غير البكاء الهادئ ثم نادى بهمس كي يجعلها تستفيق :
_ مكة … مكة .
مسحت عبراتها وغمغمت بخفوت:
_ نعم يا آدم .
_ ياه أخيراً نطقتيه بدون كلمة مغني ولا مطرب ! أخيراً حسيتي اني بني ادم وليا حق أحبك وليا حق أتعلق بيكي وانك تبقي ليا !
برفض قاطع حركت رأسها:
_ لاااا يا آدم مينفعش والله ماينفع ، غصب عني .
عض على شفتيه السفلى مرددا برفض مماثل:
_ ليه مينفعش ، ليه تعملي فينا كدة ، قلت لك مش محتاج اكتر من فرصة واحدة بس علشان أثبت لك إنه هينفع ، والله هينفع .
على نفس نمط كلامها ورفضها لتلك العلاقة:
_ كل حاجة بتقول إنها علاقة مش هتنجح وأني مش عايزة اكده ، أني عايزة اللي أكمل معاه حياتي يبقى شبهي علشان ممشيش طريق معرفش أرجع منيه لو تهت وانت ساعتها مش هتعرف ترجعني .
حاول تهدئة أعصابه كي يصل معها إلى حل في معضلتهم ثم واجهها :
_ متنكريش انك حبتيني يامكة ، أنا شفت نظرة الحب في عنيكي النهاردة ، شفت نظرة الغيرة عليا من اللي كانوا حواليا ،
واسترسل بغرام كي يجعلها تشعر ما به:
_ تعرفي مكنتش شايف غيرك النهاردة في كل دول ، مكنتش مركز في اي حاجة ولا مع أي حد غير اني أفك شفرات نظراتك كل ثانية ،
شفتك يامكة وانتي بتمنيني زي مانا اتمنيتك كتييييييير قووي ، شفتك وانتي بتتعذبي من حـ.ـرب مشاعرك وانك بتخـ.ـنقيها جواكي ومش عايزاها تبان زي ماخلتيني احاول اخنـ.ـقها كتييييييير بس مقدرتش .
لسانها مازال يردد بتصميم :
_ لأ لأ لأ يا آدم هقدر وهبعد وهسيطر اني لسه في البداية.
ضحك بسخرية من أنانيتها قائلاً بنفي :
_ مش هتقدري انا جاي لك من هناك من لما كنت بترغميني علشان بس أبطل تفكير فيكي للحظات معرفتش بردو قايم نايم بفكر فيكي وقلبي مش عايز غيرك ،
ثم سألها كي يسمعها منها صريحة ويُجبر قلبه الذي انكوى :
_ إنتي حبيتيني يامكة زي مانا ماحبيتك وقبل ماتجاوبي اعرفي إن الكذب حرام وانتي بنفسك أدرى الناس بكدة ، وياريت تردي عليا وخليكي شجاعة ، إنتي حبيتيني ياحبيبتي ؟
بكت بصوت عال تلك المرة وهي تضع يدها على فمها تحاول كتم شهقاتها المرتفعة ولم ترد ، اما هو ظل يهدئها :
_ اهدي بقى ، اهدي والله العظيم حرام اللي بيحصل لنا ده ، دموعك بيقـ.ـطعوا في قلبي وبيعـ.ـذبوني اكتر مانا متعذب .
ظلت على حالها دون جدوى ودون مفر من البكاء ، ثم أغلقت الهاتف ورمته بجانبها وارتمت على تختها تبكي ،
أما هو ظل يدور في الغرفة بجنون من تلك العنيدة التي يحلوا لها عذابهم ولا يعرف ماالخطوة التي يجب أن يفعلها بعد ذاك فقد نفذ رصيد الانتظار داخله ولا يستطيع المكوث في بعدها أكثر من ذلك وظل يفكر حتى أرهق من كثرة الفكر .
********************
انتهى اليوم على الجميع وأتى الصباح يحمل في طياته أقدراً لا يعلمها إلا رب السماء ،
في شقة عمران وسكون وبالتحديد في الساعة العاشرة صباحاً استيقظ عمران من نومه ونظر بجانبه وجد ملاكه نائماً في سبات عميق بعد ليلة أُرهقت فيها بشدة من عشق عمران لها المختلف فقد كان محاربا شجاعاً ولم يترك ساحة معركة عشق السكون قبل أن ينتصر وترفع هي راية الاستسلام لعشق العمران ،
فقد مرت ليلتهم بسلام ، نظر إليها وتعمق النظر و فجأة وجدها تبتسم في نومها ، مرر أصبعه على وجهها بحنو وأرجع خصلات شعرها المنسدل بإهمال على وجهها ثم هبط بوجهه بجانب أذنها هامسا :
_ مش كفاية نوم ياعروسة ولا ايه مكنتيش بتنامي في بيتكم ؟
وجدها تتململ في نومها فرفع يداها وقبلها بوله كي تستفيق ويستقر جفن عيناها داخل عيناه وهو يهمس لها مع كل قبلة :
_ له اهدي شوي وبراحة اكده علشان عمران مهيتحملش الدلال والجمال ده كلياته.
استمعت سكون إلى تلك الكلمات وأخيرا فتحت عيناها وسكنت داخل عيون عمران الذي رأته مثبتا نظراته عليها ولم يحيد عنها قائلة بخجل :
_ صباح الخير ياعمران ، انت صاحي بدري ليه ؟
قبلها من وجنتيها بنهم ورد صباحها بدعابة:
_ صباحين وحتة ودلع وكلام واحد خلع والتاني نام .
ضحكت ضحكة مائعة أثارت غريزة ذاك العمران على مشاغبته وطريقة كلامه ثم أكمل هو بعتاب مصطنع :
_ له بس اني زعلان منيكي ياسكون ؟
اعتدلت في نومها ثم سألته باندهاش:
_ وه واني عميلت ايه ياعمران يزعلك مني ، ده إحنا لسه بنقول ياهادي ؟
داعب خصلات شعرها بأنامله وأجابها بعيناي تأكلها من شدة شغفه بها :
_ في واحدة يوم صباحيتها تقول لجوزها صباح الخير ياعمران !
هو ده اللي مزعلني منيكي ،
رفعت حاجبها باندهاش من استنكاره بعد أن وقع قلبها بين يداها ، فعقب هو:
_ ايه مالك مستغربة اكده ليه ، هو مش من حقي ازعل منيكي لما اكون عريس وأجي أصحي عروستي وتصبح عليا باسمي !
تبدل اندهاشها إلى ابتسامة ارتسمت على وجهها فجعلت صباحه أسعد مايكون ،
ثم أمسكت يداه وقبلت كلتاهما من باطنها وهي تردد بعشق خاص لذاك الحبيب الذي أسمته في قلبها “حبيب العمر ” ثم أردفت مع كل قبلة :
_ صباح الخير يا عمري أنا ، صباح الخير ياعشق سكون وروحها اللي بتتنفس عمران وبس ومفيش غيره .
جذبها بعـ.ـنف إلى داخل أحضانه الذي ود أن يسحقها داخلهما وهو يهمس لها :
_ تعرفِي اني ربنا بيحبني علشان رزقني بيكي وبدعي ربنا ليل ونهار يحفظك ليا ويبعد عننا أي أذى ، وعارفة كمان بتمنى ايه ؟
شددت تلك الأخرى على احتضانه ثم أجابت بدلاً عنه :
_ نفسك أننا نعيش معزولين عن الناس والكون كلياته لجل مانشبعوا من بعض ، نفسك محدش يروح ولا ياجي ولا يحكي لنا ظروفه ولا بلاويه علشان ميعكرش صفو البدايات بتاعتنا صوح ولا اني غلطانة ياعمراني ؟
أخرجها من أحضانه ثم سألها بذهول وهو يحتضن وجنتاها بين كفاي يداه :
_ وعرفتي منين بإن داي هي اجابتي ياسكون ؟
قد اكده بتقري عيون عمران ! قد اكده دخلتي جوة قلبي ومشاعري وعرفتي عمران رايد ايه وزاهد ايه ! إنتي ازاي عشقك متعمق اكده ياحبيبي ؟
أخذت نفسا عميقا ثم زفرته بهدوء وهي تحاول انتظام أنفاسها في قرب العمران :
_ يعني عشقتك سنين قبل ماعرفك وكنت بتابع أخبارك أول بأول على الفيس وكنت كل كلمة تكتبها أحفظها واي حاجة كنت بتكتب انك مش بتحبها أعود نفسي اني محبهاش لجل أعيش وياك أحب اللي تحبه وأكره اللي تكرهه ، علشان نبقى واحد وكيان واحد ياعمران.
تناقلت عيناه بين شفاها وهي تتحدث وعيناها وهي تنظر له بعشق وليداها وهي تحتضن رقبته وتشعرها بتملكها له ولم يعرف بما يجيب على عشقها الفريد من نوعه له والذي يتغلغل في أعماق روحه وكيانه يوما عن يوم إلا بأن يختطفها إلى رحلة من الغرام يخطفها معها من الزمان ولن يضيع سحر اللحظة قبل أن يختمها بختم العاشقين وبالتحديد عشق العمران والسكون ،
بعد مرور بضعا من الوقت استمعا الى دقات الباب وكانت سكون تؤدي حينها فريضة الظهر ، وهو كان واقفاً يصفف شعره أمام المرآة ثم خرج وفتح الباب وجدها والدته وأخته رحمة التى دارت بأعينها في المكان تبحث عن سكون وهي تنادي بمشاغبة:
_ سكون ، سكون ، فينك ياعروسة ، اظهر وبان عليك الامان ،
ثم اقتربت من أخيها واحتضنته وهي تبارك له :
_ ازيك ياعريس ، امبين عليك الجواز والرواق ياخوي .
هنا تأففت زينب وكبرت في وجهها :
_ الله اكبر عليكي وفي عنيكي ، مش هتبطلي الطبع العفش دي يابت إنتي ،
واسترسلت حديثها وهي تسحب عمران داخل أحضانها :
_ كيفك ياولدي مبروك عليك عروستك ياحبيبي ، ويجعلها عروسة السعد والهنا.
خرجت سكون بطلتها الجميلة الهادئة وهي تفتح ذراعيها واحتضنت زينب قائلة :
_ منورانا ياماما الحاجة.
شددت زينب من احتضانها وهي تبارك لها :
_ بنورك ياعروسة الغالي ، ياللي وشك كيف البدر المنور ماشا الله ، ماشا الله عليكي يابتي ، يازين ما ربت ماجدة .
أما رحمة ذهبت وقرصتها من ركبتها قاصدة مشاغبتها :
_ قالو لي أقرصك من ركبتك علشان أحصلك في جمعتك يامرت أخوي .
ضحكن الاثنتين بسعادة وهن تحتضان بعضهن واستمعن إلى زينب تنهرها :
_ وه وه ياقليلة الحيا إنتي ! اتحشمي يابت تك ضربة في معاميعك مش مختشية مني ومن اخوكي يابت إنتي .
وظلوا يتسامرون في جو ملئ بالسعادة والرضا ولكن هل ستظل الابتسامة مرسومة على وجوههم ، أم ماذا يخبأ لهم القدر من نكبات تعكر صفو حياتهم ؟
فلنرى ماذا جرى في رحلتنا القصيرة رحلة خلق الغرام من نبض الوجع القاسي .
********************
مر أسبوعاً على تلك الأحداث الكل يعيش نوعاً من الاستقرار النفسي وكأن الزمن قرر اعطائهم هدنة كي يستعدوا لنكبات القدر فمكة استعانت على وجعها بالقرآن والصلاة كي تهرب من عشق آدم ولكن العشق بوجعه قد قدر لها ولكنها تحاول الاستقامة كي لا تفسد التزامها وقررت الاستقالة من المحطة الفضائية وقامت بحظر آدم من جميع الجهات التى يمكن أن يصل بها إليها ،
وسكون تعيش أجمل أيامها مع عمران كما أن الجميع أحبها ودخلت قلوبهم من عشرتها الطيبة فقد أثرت عقولهم جميعاً ،
أما وجد فهي تبتعد عنهم منتظرة أن تجد فرصة كي تخرج وتذهب إلى تلك المشعوذة كي تعطيها المال والأخرى تبدأ في محراب شـ.ـرها الذي يستعيذ من الإنس والجن ،
أما مها استيقظت على هاتفا من المشفى يخبرونها بأن زوجها قد أفاق من غيبوبته فردد داخلها من جديد :
_ مهلا أيها الوجع لقد عدت من جديد فاربطي ايها النفس رباط الصبر من حديد ، واستعدي لتلك المعركة التي ستدلفيها بقلب عنيد أيتها المها ،
استعدت للذهاب إلى المشفى وداخلها مشتت لايعرف ماذا يفعل مع ذاك المجدي فهي قد قررت أن لاتعود لمنزله مرة أخرى ولكن هو في شدة ولو تركته سيتحدث الصعيد بأكمله عن قلة أصلها وتلك هي مسيرتها منذ أن تزوجت ذاك المجدي الإجبار على كل شئ ،
ذهبت إلى المشفى وقبل أن تدلف إلى الغرفة المتواجد بها بعد أن أخبروها بإفاقته وضعت يدها على قلبها كي تستعد رؤية ذاك المجدي ،
دلفت بأقدام كارهة المكوث بجانبه فقد كرهته وانقضى الأمر أما ماتفعله الآن مجرد مراسم كي تسكت أفواه الجميع عنها ،
ألقت السلام بفتور ووقفت في مقابل عامر أما مجدي كان يردد بنبرة متقطعة من أثر التعب :
_ انى مش حاسس برجلي ولا بجسمي كله ، اني ايه اللي جرى لها يامها ، حد يرد علي ويفهمني مالي ؟
أما عامر كان واقفا وعلامات الأسى على وجهه من ما قصه عليه الطبيب فقد أخبره أن الحمى التى جائته جعلته أصيب بالشلل وهنا كانت الصدمة له فأخيه لم يعد يمشي على قدماه مرة أخرى ،
ثم تحدث مجدي معتذرا بندم لمها الواقفة في صمت :
_ حقك عليا يامها ، حقك عليا اني مررت عيشتك ومكنتش ليكي الزوج اللي ياما لمتيني وعاتبتيني علشان يبقى موجود وكان عامل ودن من طين وودن من عجين ،
حقك عليا سامحيني ياأم الزين واعملي حسابك بعد ربنا ماياخد بيدي نرجعو بيتنا وهعمل كل اللي نفسك فيه .
اتسعت مقلتيها بذهول وحدسها لم يصدق ماستمعت إليه فحقا مجدي يعتذر ! حقا مجدي سيتغير ويصبح رجلاً في عينها !
يالهي ماسمعته أذناى صدقا ! ولكن عجيب أنت أيها القدر لقد كرهته ، لقد نفرته ، ماعدت أراه غير معذبي ، غير صورة مشوهة قضت على ملامحي الجميلة ،
فانطلق لسانها قائلاً بفتور :
_ بعدين يامجدي مش هنتكلم فيه الموضوع دي دلوك لما ترجع البيت بالسلامة وقتها يحلها الحلال.
وجدته لم ينتبه إلى كلامها وخلد في نوم عميق ولم يسمعها ففهمها عامر :
_ الدكتور مديله حقن في المحلول وأكيد فيها منوم ، تعالي نخرج تحت في الجنينة عايزك في موضوع مهم .
أدارت وجهها للناحية الأخرى وهتفت برفض :
_ مفيش بيني وبينك كلام ولا مواضيع.
ضيق نظرة عينيه ثم رمقها بنبرة هادئة :
_ الموضوع اللي عايزك فيه يخص مجدي وملهوش علاقة بأي حاجة تانية .
بدون أن تنظر إليه حملت حقيبتها ونطقت حرفين لا أكثر:
_ مستنياك تحت .
نظر إلى أخيه نظرة شفقة ثم لحقها ، جلسوا على أريكة متنحية عن الزحام مع مراعاة التباعد بينهم فقد أصبحوا يبغضون الوضع بينهم بشدة ثم سألته باختصار :
_ ماله مجدي ؟
لم يعرف بما يجيبها وكيف يخبرها بما حدث لأخيه ، ولكن هو القدر وحكم الله في عباده فأخبرها بصوت متقطع :
_ مجدي حالته … حالته ، صعبة والدكتور قال لي .. إنه يعني … انه جاله شلل .
ما إن تفوه بتلك الكلمات ارتجفت يدها لتقع الحقيبة الخاصة بها من يدها، فبالرغم من إصرارها علي الطلاق لكن كانت لاتعلم إنها سيعتذر لها ويؤنب حاله هكذا وكأن إنسكب فوقها دلو من الثلج أو وقعت من فوق جبل مرتفع إلي الهاوية ، ثم تبدلت معالم وجهها من الصدمة إلى الهذيان بلسانها :
_ سبحان الله يوم الاعتذار بغلطه معايا في عشرته الجـ.ـحيم اللي عيشهالي وأنه هيعوضني سنين الحرمان هو نفسه يوم سجني معاه
واني بردو هفضل عايشة في حرمان وبدل ما كان بصحته بقى عاجز واندفـ.ـنت معاه بالحيا .
رمقها بنظرات مشـ.ـتعلة على ماتفوهت به قائلاً بتوبيخ :
_ هو ده كل اللي هامك يابني آدمة إنتي ! بقول لك اخوي اتشل واحتمال كبير جداً ميمشيش على رجليه تاني تقولي حرمان وسجـ.ـن ،
واسترسل حديثه الغاضب منها :
_ هو إنتي إللي بيجري في دـ.ـمك ايه ماية مش دـ.ـم .
رمقته بغضب مستطير من رماديتيها المشـ.ـتعلة:
_ إنت اللي بتتكلم عن الأصل والإحساس انت ناسي انك شاهد ومشترك معاي في كل حاجة عميلناها ، انت السبب في كل اللي أني فيه ،
انت اللي جرجرتني وراك وفضلت تتسحب لي يوم ورا يوم لحد ماخلتني غلطت ومن وقتها واني بتمنى المـ.ـوت الف مرة ومش لاقياه ،
ولولا ولادي كنت انتحـ.ـرت وسيبت الدنيا باللي فيها وريحتكم من مها .
ثم حملت حقيبتها وانتوت المغادرة ولكنه وقف أمامها معترضا طريقها ناهرا إياها:
_ إنتي ليه بتحمليني الذنب لوحدي واني السبب في كل اللي وصلنا له مع انك كنتي موافقة وكل حاجة برضاكي ؟
فقدت السيطرة على أعصابها وهدرت به:
_ علشان ست ضعيفة ومكنش ينفع أضعف ، أما انت راجل واللي خنته يبقى اخوك ليه خنت وخلتني خاينة ياعامر ليه ؟
ألقت كلماتها وتركته وغادرت المكان بقلب يخفق حزناً معتاداً عليه وليس بجديد ، أما هو جلس يتذكر ماحدث منذ سنوات وتلك الذكرى لم تغيب عن باله وكأنها حدثت أمس ،
#فلاش_باك
_ أخيراً فكيتي الجبس ورجعتي انطلقتي في شقتك تاني ودخلتي مطبخك وهناكل من يدك وبطننا هتخف من المعجنة اللي بناكلها بقالنا شهرين .
ضحكت بشدة على كلامه وطريقته ثم اومأت برأسها:
_ ياه أخيراً ياعامر دول كانوا شهرين صعاب قوووي ، ومتتخيلش اني عانيت فيهم الأمرين إزاي ، بس إنت شقت بعنيك ،
وتابعت حديثها وبسمتها تبدلت لحزن :
_ مجدي مكانش بيهتم بيا ولولا اخواتي كانوا بيراعوني كان زماني اتشـ.ـليت ، دول لما كانوا بيمشوا وابقي عايزة أشرب ورجلي وجعاني ومش عارفه اتسند وأجيب حاجة لنفسى وأقول له عطشانة وهو نايم بيشخر جاري يهب في وشي ويقول لي متقرفنيش .
أحس بالخزي لكون ذاك المجدي أخيه ثم هدأها :
_ معلش يامها ربنا شفاكي ومش هتتحوجي لحد واصل .
حركت رأسها للأمام ثم سألته :
_ هو مش انتوا اخوات ، ليه مش حنين زيك ولا راجل في معاملته زيك ياعامر ؟
اقترب منها بضع خطوات وسألها :
_ هي الحنية من الراجل للست في نظرك إزاي يامها ؟
أعجبها سؤاله وأجابته بعيناي لامعة ببريق التمني :
_ إنه هو اللي يحسسها باحتياجه دايما ليها مش انها حد ملهوش لازمة في حياته ،
انه في وقت ضعفها يحتويها ووقت احتياجها للاحتواء منه يلبي احتياجها من كل حاجة ، إنه يكون انسان ياعامر مش أكتر .
سألها مرة أخرى:
_ طيب هي الست بتتعلق بالراجل امته وبتحسه هو كل حياتها ؟
فكرت واستجمعت اجابتها ثم رددت :
_ لما يكون الراجل ده سند وضهر ليها ،
لما يحس بوجعها وتبقى فى حضنه امانها،
لما يطبطب من غير طلبها، لما ممكن يضحى بنفسه علشانها ويحسسها انها الدنيا باللي فيها، و لو اتعرت تجرى ورا ضهره تستخبى ،الست بتتعلق باللى يكون راجل فى حياتها ،
واسترسلت حديثها ومعالم وجهها تبدلت من الحالمية إلى الوجع المصاحب للبكاء الذي هزه وجعله ينظر إليها بنظرة تعلق الرجل بالأنثى الذي حكت عنه الآن :
_ أنا مشفتش الحاجات داي ومعشتهاش ، حياتي قبل ما تجوز كانت مقفولة وصاينة مشاعري ونفسي للي هيبقى راجلي بس لما اتجوزت ملقتهاش الحاجات دي وفضلت في حبستي زي ما أني وهعيش وامـ.ـوت فيها .
وانطلقت في البكاء من حالة الحرمان التي تحياها وذاك البكاء مزق قلبه فاقترب منها وجذبها لأحضانه وللعجب أنها تشبست بذاك الحضن ولم تفكر بأي ظرف أو زمان أو مكان أو صفة أو حرمانية ،
أما هو بمجرد أن اقترب منها ورائحتها عبئت صدره وجسدها الضعيف اللين سكن جسده واحتياجها للاحتواء ولضمة رجل هزت مشاعر ساكنة داخله وهو شاب في مقتبل عمره كل ذلك جعله يقترب منها ،
فلقد هزته نبرة صوتها الضعيفة ونظراتها التـي تحمل شـجـنًا وشـوقا ،
لـوهـلـة غَـاص فـي عـيـنـيـهـا وفـي مـلامـحـهـا الـجـمـيـلـة لـوهـلـة أخـذه فـؤاده لـشـعـور لا يـنـاسـب رجل بمكانته وظروفه معها ،
أما هي نظرت له بعيون تخفي ضعف يستكين بداخلها وقلب يخفق ألـ.ـماً واحتياجا معاً، ترتجف من لمساته التي تجعلها تود أن تتشبس بأحضانه ويدفئها بحرارته المنبعثة من توهج اقترابه منها ، لكن صوت ما كان يصرخ بداخلها يحثها ان تبتعد وصوت آخر يحثها بأن تصم أذنيها عن لومها وأن لاتتأثر حتي بما سترتكبه الآن ،
ولكن اقترب منها ليزيح خصلة فوق عينيها يتلمس وجنتها نزولاً إلي فكها ثم صعد إلي شفتيها يتلمس كل منهما بإبهامه واقتربا كل منهما في عاصفة شديدة الخطورة لم يحسبا لها حسبان ، واقترفا جريمتهم في لحظة زينها لهما الشيطان وغلبت شهواتهم على دينهم ،
ونسوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم “إياكم والحمو فالحمو المـ.ـوت”
#عودة_من_الباك
كم شعر بالاحتقار من حاله وهو يتذكر ذاك اليوم المشؤوم ، اليوم الذي سجل فيه الخائن في سجلات الإنسانية التي انعدمت منه ، فلقد استغل ضعفها واحتياجها وأقدم على غرسها في بئر الخيانة لأقرب الناس إليهما ،
وفي لحظة نظر إلى السماء مناجيا ربه :
_ ربي اني أخطأت من ذنبي الكبير فتب علي وتقبلني ، ربي لا تعاملني بعدلك وعاملني برحمتك فإني ندمت على ما فعلت وعزمت على أن لاأعود ،
وظل على وضعه هكذا حتى سمع آذان الظهر فقام متجها ناحية المسجد كي يؤدي الفريضة ويدعوا ربه أن يغفر ذنبه .
**********************
في مكتب جاسر فقد وافق على أن تعمل “منة الله” في مكتبه فقد اقتنع بها وبالفعل منذ أن عملت في المكتب فهي نشيطة جداً وكما أنها لها أدواتها الخاصة من اللابتوب والهاتف وتجيد التعامل معهم بحرفية وكأنها لم ينقصها شئ ، ولانها منظمة ونشيطة قرر أن يستشيرها معه نظراً لرجاحة عقلها في بعض المواقف التى حدثت أمامها وأثبتت ذلك ،
فجعلها المسؤولة عن تنظيم القضايا والمواعيد وكما أنه اعتبرها المستشارة الخاصة بقضاياه فقد أحب عقليتها وطريقة تفكيرها الخارجة عن الصندوق وبدأ يشعر معها بإحساس أنها الصاحب من اسبوع فقط عمِلت معه ،
فأثناء تفحصه لملف قضية دلفت إليه منة وهي تنبهه :
_ دلوك معاد مدام ريهام قدامها حاجة بسيطة وتوصل ممكن تفصل العشر دقايق دول علشان تركز معاها لأن من الواضح حوارها كَبيير وملَغم .
أغلق الملف الذي أمامه ثم سألها بمشاغبة فجاسر من النوع المرح في إدارته بعكس ماهر الريان تماما:
_ وه وعرفتي كيف ياعفريتة إنتي إن حوارها كَبيير وملَغم كانك شفتيها وهي بتتحدت وياي المرة اللي فاتت ؟
ابتسمت بهدوء كعادتها وأجابته :
_ هو أني مقلتلكش يامتر اني بحب اهتم بشغلي وبكل صَغيرة وكَبيرة فيه ، وطبعاً درست الملف بتاعها علشان اتناقش معاك في كذا نقطة قبل ما تاجي .
ضم حاجبيه بعبس وبنبرة قانطة مصطنعة:
_ وه هو إنتي جاية دلوك علشان أفصل عاد ولا نتكلَم في حوار ريهام ، هدي علي حالك يامنة وسبيني أفصل وأريح شوي زي ما قلت لي .
ضحكت بخفة وأردفت بنفي وعتاب مصطنع :
_ أه تفصل شوي وبعدين ياجي القضا المستعجل دلوك ووقتها تتلخم وتمشي المبجلة ريهام وترجع تقول لي قصرتي في شغلك يامنة وأفسر ايه ومدرك ايه ، لااااا يامتر الشغل شغل واني في الشغل محدش يوصيني ، كوباية الشاي هتلاقيها جاية دلوك تشربها وتفوق وتركز في حوار ريهام البنية عايزة تخلع جوزها اللي شتمها وقال لها إنتي معندكيش دـ.ـم والحوار شكله كبيييير.
ضحك بشدة على مشاغبتها وطريقتها الساخرة من مشكلة تلك الريهام ثم سألها :
_ وه كانك بتسخري من مشكلة موكلتي اياك ؟
واسترسل دعابته وهو يضـ.ـرب كفا بكف:
_ والله حال الستات اليومين دول عجب لا اللي جوزها مريِحها مرتاحة ولا إللي جوزها تاعبها عارفة تاخد حقها والحال بقى ماشي اليومين دول بالمشقلب .
تعمقت منة في معاني كلماته ثم رددت :
_ عارف يامتر اني بحمد ربنا كَتييييييير قووي على اني كفيفة لأن المتشاف من الدنيا دلوك صعيب قووي ، كل حاجة في الدنيا اتغيرت ، كله بقي شايف أنه مفيش زيييه وانه أحسن حد في الدنيا ، كله بقي بيتمعظم على كله ، وكَتيير قوووي بمجرد ما ربنا يبتليهم يقولوا إحنا محسودين والعين ويانا والقريب مبقاش صافي لأخوه والحياة بقت مرهقة قوووي ،
أما اني حالتي الحمدلله محدش هيحسدني ولا حد هيغير مني ولا حد هيفكِر فيا من الاساس وده نوعاً ما بيدي للإنسان راحة نفسية أنه محدش شاغل باله بحاله .
شعر بوجـ.ـعها المخبأ من وراء كلماتها كم هي رقيقة كالورد وكلماتها تعبر عن حالتها المتعبة ولكنها تداريها وراء الابتسامة الصافية فمن مثلك يا “منة الله ” فنحن بأعيننا ونرى الكون حولنا ومتعبين بدرجة لا توصف ، كفى انكي لن ترين الألوان الصاخبة التي سببت العبث في دنيانا وأشعرتنا بمدى حماقتنا ،
وقف كلتاهما على كلماتها التى أزعجته بشفقتها عليه وأشعرته بمدى الضوضاء التي يعيشها الآن ، يالك من قدر محكم الخطى تعطي لمن تريد لحكمة جليلة لا يعلمها الا انت ، وتمنع عمن تريد لجبر وعوض لم يعلمه احدا الا انت ،
وصلت تلك الموكلة وأدخلتها السكرتارية إلى المكتب وجلست منة الله في مكانها فهي أتت قبل ذلك وتعلم أن تلك المنة المستشارة الشخصية لجاسر ،
فسألها جاسر :
_ لسه عند قرار الخلع يامدام ريهام ولا غيرتي رأيك عاد ؟
براي متشبس أكدت له :
_ لا لسه عند قراري ومش هغير رأيي ، أنا أصلاً غلطانة اني سبت اسكندرية وجيت اعيش هنا في الجو الخنيق ده ، أنا كان مالي ومال الهم ده وارجوك يامتر أنا عايزة كل حاجة تخلص بسرعة أنا نقلت حاجتي وكل متعلقاتي اسكندرية تاني ومش عايزة ارجع إلا لما يتحكم في جلسة الخلع ،
ثم نظرت إلى منة تطلب منها الاستشارة لأنها انثى مثلها :
_ بذمتك يامنة أرجع له بعد ما قال لي عيشتك تقرف ومعندكيش دـ.ـم ؟
ادعت منة عدم التركيز فداخلها يضحك بشدة على تلك التافهة ثم سألتها :
_ طب وبنتك هتعملي فيها ايه هتفوتيها لحالها ولا هتاخديها معاكي وبعدين تكملي مشوار المحاكم علشانها ؟
بكل ارتياح أجابتها :
_ بنتي تلزم أهلها هما اللي يربوها ، هو أنا هعيش أربي له بنته واخنق نفسي بيها وهو يتجوز ويعيش حياته ، لاااا سكة السلامة ستها ام لسانين تربيها.
حقا اغتاظ جاسر من تلك الطريقة المتعجرفة التى تتحدث بها وود ان يلقنها درساً في الأخلاق والأمومة ولكن قرر أن يمشي في خلعها ولكن ليس رأفة بها ولا بتفاهتها إنما رأفة بزوجها المسكين الذي ومن الواضح أنه عانى منها الويلات وكما أن تلك الفارغة لم تعرف تربي ابناءاً فسينقذه هو وابنته ،
ظل يتحدث معها ويسألها في أمور عدة إلى أن انتهت جلستها الثقيلة على قلبه وبعد أن غادرت هتفت منة وهي تضحك بخفة:
_ أهو أول حاجة مفيدة للعمى اللي أني فيه اني مطلعتش للبجحة داي ، وه يابوي على آدي ست أعوذ بالله منيها .
ضحك بشدة على كلامها وبعد قليل هدأ ثم نظر إليها وهو يتعمق في ملامحها البريئة الجميلة ، فهي عبارة عن لوحة فنية من الجمال الملائكي فمن يراها لن يشك انها لن ترى وأنها كفيفة ، ظل ينظر إليها وهي تدون الملاحظات الخاصة بقضية ريهام كي تعطيه الملف جاهزاً كي يدرسه .
***********************
في مكتب ماهر الريان عادت رحمة أخيراً إلى المكتب فمنذ فرح عمران وهي لم تأتي وماهر يشعر بعدم الارتياح دونها ،
عندما دلف الى مكتبه رآها تجلس مكانها وتقوم بعملها فأخذ نفسا عميقا معناه الراحة في وجودها ، فتلك الصغيرة ومشاغبتها وتشبسها وعنادها وتركيبتها ككل سببت الضوضاء داخله وأشعلت ثورة الاحتياج للأنثى في عالمه بعد أن أغلق على حياته بدونهما ولكن بعد كل تلك السنوات أتت تلك الرحمة كنفحة لإحيائه من جديد ، كي تشعره بأن ذرات الإحساس مازالت تتوغل داخل صدره ، فور دلوفه وجد قدماه تقف أمامها ووجد لسانه ينطلق ترحابا لأول مرة بشخص لاااا ولم يكفي فقط بل انطلق لسانه بالاحتياج إليها:
_ حمد لله على السلامة ، نورتي مكتبة يارحمة ، المكان كانه كان ناقصه حاجة كبيرة وركن مهم واهو عاود من جَديد .
رغم حزنها منه ومن جفائه معها إلا أنها استوحشته بشدة ، استوحشت رؤية ملامحه الرجولية البحتة صاحبة الصرامة بذاتها التى كانت تكرهها ، استوحشت جموده وحتى حدته في التعامل فذاك القلب حينما يعشق يشتاق وحينما يشتاق يغفر وحينما يغفر ينسى وحينما ينسى يذوب عشقا وحتى لو كان العشق مصاحباً للألم ، كل ذاك الشعور ضرب بأوردة تلك الرحمة وجرى في شريانها مجرى الدـ.ـم في العروق ،
وللعجب أنها لاحظت في عيناه اشتياقه لها حتى وراء كتمانه ، لحظات نعم إنها فقط مجرد لحظات قرأت في عيناه تلك المشاعر المتناقضة ثم رددت بجراءة لأول مرة :
_ طب مش الاسهل يامتر تقول لي وحشتيني يارحمة ومش عارف أقعد في المكتب من غير وجودك فيه .
بدا شبح ابتسامة خفيفة على ثغره ولكنها سرعان ماختفت في بحر لهفته لها ولكنه عاند كما هو :
_ مش هتسيبك بقى من مكر الحريم ودماغك اللي بتشغليها عليا داي ولا ايه عاد يابت الناس دي انتي لساتك صغيرة على المكر دي .
مطت شفتيها للأمام بدلال أنثوي ماكر :
_ وه نسيت انك جامد مووت ومليكش في الأمور التافهة داي يامتر ، معَلش بكرة اعيش وأسمعها كَتييير لحد مملش منيها بردو .
اشتعل الغـ.ـضب في رأسه وتزاحمت الألفاظ والعبارات الغليظة الذي يود أن يلقيها في وجهها وحاول أن يرسم قناع الجمود والبرود وللأسف لم يستطيع وهبط بنصف جسده أمامها قائلاً بتحذير :
_ بلاش تحاولي تستفزيني بكلامك وحركاتك داي يارحمة أحسن ورب الكون لا هتشوفي وش عمرك ماشفتيه ، أنا بنبه تاني أها بلاش أسلوبك المستفز اللي يفقع المرارة وينطق الحجر ده .
بنفس طريقتها أردفت وكأن تهديده لم يجدي نفعا معها ولم تلقي له بالا:
_ وه وهو الحجر نطق لاسمح الله !
رفع حاجبه باستنكار لما تقول ثم تركها ودلف إلى مكتبه وهي تضـ.ـرب بيدها على المكتب من جموده معها ورددت وهي تأكل شفاها غيظاً :
_ بني آدم خنيق وبارد ، معرفاشي أفتح الأقفال بتاعت دماغه داي من أنهي سكة ، بس ورب الكون وحلفان على حلفانك ياماهر لا أجننك واخليك تلف حوالين نفسك كماني ومبقاش رحمة المهدي إن ما جبتك مسلم ورافع راية العشق البيضا والحمرا وكل الألوان .
كان ذاك الأربعيني واقفاً وراء باب مكتبه وأذناه تسمعها وعيناه تراها من أمام الشاشات وحينما استمع وعيده خفق القابع بين أضلعه وبات خفقانه من شدته يكاد تنخلع أبوابه ويخرج من صدره ويستقر بين يداي تلك الرحمة ويقل لها :
_ صغيرتي على الحب لا تجعلي قلبك يهدأ تجاهي واسكني قلب الماهر ،
فتمسكي بالقراع حول قلبه ولا تهدئي واعبري أميالاً وأميالاً كي يُشفى قلبه القاهر ،
لم يعد طريقك صعب فقد رممتي الأشواك وداويتي جروحها بقلبك الطاهر ،
فمرحباً بكي في عالمي الذي أضاء بنورك ونسى به الليل الذي كان يقضيه ساهر ،
#خاطرة_ماهر_الريان
#بقلمي_فاطيما_يوسف
#من_نبض_الوجع_عشت_غرامي
******************
في منزل سلطان ظلت تلك الوجد تدور حول نفسها كي تخترع أسباباً للخروج من ذاك المنزل والذهاب إلى مشوارها ، فتلك الدجالة لم توافق على طلبها وهي أن تنشط العمل من قبل أن تذهب إليها بالنقود ولكن تلك السيدة رفضت رفضاً قاطعاً قبل أن تأخذ منها النقود أولا ، فحاولت معها محاولة أخيرة وقامت بالاتصال على تلك السيدة التى تعمل معها وما إن أتاها الرد حتى طلبت منها :
_ طب ممكن تتوسطي لي عند الشيخة اني أبعت لها الفلوس على التليفون وتكمل شغلها ؟
لوت الأخرى شفتيها بسخرية منها :
_ بقول لك ياست الحسن الشيخة ملهاش في الكلام الفاضي والحوارات داي عاد ، عايزة تاجي وتاخدي حاجتك وتجيبي فلوسك كان بها ، معايزاش يُبقى مناقصينش وجع راس وخربطة على الفاضي ، ويالا من غير سلام تك بو .
هدرت بها بتلك الكلمات الفظة ثم أغلقت الهاتف في وجهها أما تلك الوجد صارت تلتف حول نفسها بغل يكفي العالم أجمع وهي لم تجد فرصة لبدأ انتقامها من عمران وزوجته وخاصة وهي ترى سعادتهم التي تجعل النيـ.ـران توقد في جسدها ،
وبعد مدة هبطت إلى الأسفل وياليتها لم تنزل فقد رأت عمران يجلس بجانب سكون ويطعمها بيده في فمها والاثنان يبدو عليهما السعادة ، فأرجعت حجابها للخلف قليلا وجعلت خصلاته الناعمة تنسدل على وجهها المرسوم بمستحضرات التجميل بحرفية فنان ،
ثم نزلت إليهم وألقت السلام بدلال :
_ سا الخير يا عرايس ، منورين تحت ،
واسترسلت وهي تجلس بالقرب من سكون قائلة :
_ هو في عرايس تنزل تقعد قعدتكم داي تاني اسبوع جواز ! ولا تكونوش زهقتو من بعض في الاول اكده واصل !
لم يريد عمران الرد عليها ولا النظر إليها من الأساس ولكن سكون أجابتها بصفو النية :
_ لا يا وجد إحنا مزهقناش ولا حاجة بس اني حابة أقعد ويا ماما الحاجة شوي عنديكي مانع ؟
اصطنعت الهدوء وداخلها يغلي وحركت راسها برفض:
_ واني هيوبقى عندي مانع ليه ، كل شي بينام على الجنب اللي يريحه اهم حاجة تكوني مرتاحة حدانا ياعروسة .
بابتسامة عذبة اجابتها سكون وهي تنظر لعمران بحب :
_هو فيه حد يبقى جار عمران وساكن قلبه وميستريحش ! داي حتى تُبقى عيبة كبيرة قووي ، اطمني ياوجد مرتاحة وعال العال كماني.
جذبها عمران من يدها مرددا :
_ بقول ايه ياداكتورة تعالي نقعد برة شوي في الجنينة حاسس اهنه إن الجو كاتم قووي ومطايقش القعاد اهنه .
أعطته يداها وخرجت معه دون أن تعير تلك السليطة أدنى اهتمام وتركوها تستشيط في مكانها وتكاد أن تثور كالبركان .
فخرجت زينب من المطبخ وجدتها تنظر إليهم بحقد نابع من عيناها يراه الأعمى فوقفت قبالتها ولأول مرة تواجهها منذ أن تزوجت سلطان ودلفت ذاك المنزل :
_ مالك ياحرباية انتي بتبصي لولدي ومرته وعينك حسداهم وهتاكلهم أكل اكده ليه ؟
استدعت الهدوء ورسمته ببراعة وأجابتها وهي تنفض جلبابها بكيد كي تلفت انتباهها لما ترتديه من ملابس أنيقة ، ثم داعبت خصلات شعرها بأناملها بنفس المكر وأجابتها :
_ وه واني هحسدهم على ايه ، موخداش بالك ياحاجة من الجمال والدلال اللي واقف قدامك ، ومش بس اكده دي أني متجوزة زين الرجال في قنا كلياتها ولساتني عروسة بردو .
حقا استشاطت زينب من كيد تلك الماكرة ثم نظرت لها باشمئزاز :
_ مبيفهمش وغشيم علشان عينه شافَتك وخد باله منيكي وانتي مرمية من سنتين محدش قال لك باب ريحك منين.
رفعت حاجبها بنفس المكر وكادت أن تجيبها ولكن رحمة دلفت إليهم وسمعت حوارهم فتقدمت منهم برتابة ووقفت بجانب والدتها وقبلتها من رأسها ثم هتفت لتلك الوجد :
_ وانتي معندكيش مرايات ولا ايه يامرت أبوي ياخطـ.ـافة الرجالة ، مشيفاش الضب اللي مزين وشك ولا حاجة .
هي لم تقصد السخرية من هيئتها فكل بني الإنسان خلقهم الله بوجه حسن يليق عليهم ولكنها تثأر لوالدتها ،
أما هي ظلت على ثباتها ولم تنفعل وهتفت :
_ أه طبعاً عندينا مرايات ومرايتي كل يوم تنصحني أسمي واكبر علي من عيون اللي بيشفوني علشان اكده دايما مقريفة من كتر العين اللي معاي .
ضحكت تلك الرحمة بطريقة استفزتها ورددت :
_ له هو إنتي مفكرة القريفة داي علشان انتي محسودة يامرت أبوي ! له ياحية انتى دي علشان إنتي دايما بتفكري في أذية الناس وازاي تخـ.ـربي سعادتهم وهناهم مش عشان انتي محسودة ، أصل هيحسدوكي على ايه على جمالك الفتاك وهو يموع النفس ولا عشان قوامك الممشوق وانتي حتة قصبة لو نفخت فيكي دلوك أطيرك .
وبالفعل نفخت في وجهها بطريقة أرعبتها ثم أمسكت من والدتها الصينية قائلة :
_ هاتي عنك ياحاجة اقعدي إنتي كيف البرنسيسة وأني هخرج لكم الشاي محباش أعمل لك حاجة تانية ياست الدار .
ابتسمت زينب لابنتها وشعرت بالفخر والاعتزاز بأن تلك الرحمة خلقت بتلك القوة ، ثم مرت من أمام تلك الوجد بشموخ ورأس مرفوع يليق بتلك الزينب ،
أما رحمة أمسكت كوب الشاي واصطنعت أنها ستقع وسكبته على جلباب تلك الوجد وهي تردد لها بصوت هدر :
_ وه معلش يامرت أبوي غصب عني اطلعي بقى اقلعيها ومن الأفضل ترميها في الزبالة علشان ألوانها فاقعة ورخمة قوووي ، وبعدين هو في حد يلبس لون لموني إنتي رايحة شم النسيم ولا حاجة .
دبت تلك الوجد بقدمها في الأرض غيظا من رحمة فقد قصـ.ـفت جبهتها وصعدت الأدراج وهي تتمتم بألفاظ تليق بها سمعتها رحمة فحذرتها :
_ لو مبطلتيش رط وتلقيح هطلع أجيبك من شعرك وانتي الجانية على نفسك ، حاولي تتقي شـ.ـري بدل ماخليكي تكرهي اليوم اللي دخلتي فيه اهنه .
********************
يجلس ذاك الرجل يشاهد الفيديو بانبهار فقد نفذه “كلينتون” ببراعة فائقة أذهلته وكأنه مصمَم كما يريد بالمثل ،
اتصل به وشكره على صنيعة يداه والتي بالنسبة له أبواب الجنان فتحت له ،
فالفضائح على السوشيال ميديا والإشاعات هي الآن مصدر رزق لكثير من مرضى القلوب الذين يهمهم جمع المال وكفى ولم يهمهم أن الوسيلة التي جمعوها به حراما أم حلالاً ،
وبدأ بنشر المقطع الأول ودون كلمات أعلى الفيديو :
_ حبيبة النجم آدم المنسي الذي خبئها عن الجميع الفتاة الصعيدية ذات العيون الزرقاء تابعوا الفيديو وتُدعى مكة الجندي .
وفي غصون دقائق انتشر المقطع على جميع مواقع التواصل الاجتماعي كانتشار النـ.ـار في الهشيم والمشاركات من كل صوب وحدب وكل يجوِّد كيفما يشاء .
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية من نبض الوجع عشت غرامي)