رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل الثالث عشر 13 بقلم فاطيما يوسف
رواية من نبض الوجع عشت غرامي الجزء الثالث عشر
رواية من نبض الوجع عشت غرامي البارت الثالث عشر
رواية من نبض الوجع عشت غرامي الحلقة الثالثة عشر
هرولو إليها جميعاً وهم في حالة خـ.ـوف وهـ.ـلع من منظرها الذي تقشعر له الأبدان صـ.ـارخين بصوت واحد وهم يحتضنون رأسها :
_ امييييييييي ، أمييييييييييي .
وعلى رأسهم سلطان الذي لم يتوقع حدوث أي أذى جسدي لشريكة عمره وأم أبنائه ،
أما وجد كانت تقف على أعتاب الغرفة تنظر إليهم بعيناي يملؤها السعادة والفرح وهي تحرك شفتاها وتمرر لسانها بينهم بانتشاء ،
ثم تحركت اليهم وهي تصطنع الحـ.ـزن كمثلهم وهي تردد بفـ.ـزع مصطنع :
_ يانهار أبيض ، حاجة زينب ، اه ياحبيبتي ياحتة من قلبي .
سمعوها جميعاً ولم يعيروها انتباه عدا رحمة التي قامت من مكانها وهبت في وجهها وقامت بخربشة وجهها بأظافرها بعنف تارة وتركلها بقدميها تارة أخرى وهي تسبها:
_ إنتي السبب ياحربـ.ـاية ، اطلعي برة من اهنه ، إنتي السبب ، ربنا ياخدك ياوش البوم ،
والله ماههنيكي على يوم تعيشيه في وسطنا في البيت دي سليمة ، هخليكي تتمنى الموت ومهطوليهوش ياحية إنتي ،
كل ذلك وهي تهـ.ـجم عليها ضـ.ـرباً وعندما تطول يداها وجهها تمـ.ـزقه وهي تصـ.ـرخ وتستنجد بسلطان كي يلحقها ولكنه كان في عالم اخر هو وعمران مشغولون بحمل زينب كي يذهبوا بها إلى المشفى ،
كل ذلك ورحمة كالوحـ.ـش الكاسر الذي هـ.ـجم على فريسته ولم يستطيع أحداً نزعها من بين أسنانه، بعدما فشلت وجد في جذب انتباه سلطان حاولت الإفلات من يد تلك الوحـ.ـش رحمة كما أسمتها بأعجوبة وصعدت إلى السلالم ، لحقتها رحمة بخفة جسدها وهي تحمل في يدها اناءً مملوء بالملوخية الخضراء الساخنة بشدة وفي لمح البصر سكبته عليها من رأسها ودخلت إلى جسدها بلهـ.ـيبها الذي جعلها تصـ.ـرخ صرخات عالية وهي تتلـ.ـوى كالثعبان ،
جرت إلى غرفتها بوجـ.ـعها وحـ.ـرق جسدها ورائحتها النتنة ،
أما في الأسفل حمل عمران والدته وأدخلها سيارته وهرول بها إلى المشفى وبجانبه والده وحبيبة تحتضن والدتها وتبـ.ـكي بغزارة وهي تحاول كبت دمـ.ـاؤها وإفاقتها ولكنها غائبة عن الوعي ،
أما رحمة تبعتهم إلى المشفى وقلبها قد برد قليلاً مما فعلته في تلك السارقة لسعادتهم وهدوء منزلهم ،
وصلوا إلى المشفى وكان صديقه محمد وسكون في انتظاره على أبواب المشفى فعمران قد هاتفهم وعلى الفور قامو بنقلها داخل غرفة الفحص وبدأوا بالقيام بعملهم ،
أما في الخارج كان عمران جالسا وهو يضع رأسه بين يداه والحزن يملا وجهه وابيه جالسا مستندا على عصاه بحزن ، اما حبيبه كانت بجانبهم تشعر بألم يغزو أسفل بطنها بشدة حاولت كتم الألم ولكنها على فجأة ارتفع صـ.ـراخها :
_ اه الحقني يا عمران مش قادره بطني بتوجعني قوي مش قادره اتنفس.
انخـ.ـلع كل من عمران وسلطان وقاموا من مكانهم بفـ.ـزع وسلطان يردد:
_واه مالك يا بتي انتي كمان هو ايه اليوم اللي مش فايت دي ؟
وسألها عمران وهو يمسك يدها:
_ مالك حاسة بايه يا حبيبة ؟
وضعت يدها أسفل بطنها وأجابته وهي تصـ.ـرخ بألم :
_خبط في ضهري جامد وفي بطني ومش قادرة اتحمل يا عمران الحقني همـ.ـوت .
انطلق عمران مسرعا ودلف الى غرفة الفحص استغرب الجميع دلوفه بتلك الطريقة واقتحامه الغرفة عليهم ولكنه لم يعير نظراتهم أدنى اهتمام ونظر الى سكون مرددا:
_تعالي بسرعة يا داكتورة الحقي حبيبة شكلها بتولد عنديها الـ.ـم في ضهرها شديد وفي بطنها وعماله تصـ.ـرخ بره ،
تركت مابيدها واستئذنت الدكتور المشرف عليها وخرجت معه ، اخذت حبيبة وأسندتها هي وعمران الى غرفة كشف النساء،
قامت بالكشف عليها من خلال الجهاز ثم استأذنت عمران ان يخرج كي تقوم بكشف الفحص لتعلم اذا كانت ولادتها طبيعية ام قيصرية،
وكل ذلك وحبيبة تصـ.ـرخ بشدة نظراً للألم التي تشعر به وفجأة انفـ.ـجر كيس المياه من أسفلها ،
على الفور أمرت سكون صديقتها فريدة والممرضات وأتوا على عجالة واصطحبن حبيبة الى غرفة الولادة وأصبح عمران ما بين نـ.ـارين أمه المريضة وحالتها الصعبة وأخته الكبرى أتى موعد ولادتها والأمر أصبح شاقا عليه بشدة ،
بعد نصف ساعة وضعت حبيبة جنينيها التوام ولادة طبيعية بفضل سكون وفريدة فقد كانتا واقفتين لها على قدم وساق هن والممرضات
اطمئن قلب عمران على أخته واتصل بزوجها وأتى على الفور اما سلطان في عالم اخر لا يهمه غير زينب والاطمئنان عليها ،
لم يخرج اي طبيب من غرفة الفحص الا بعد مرور ساعة كاملة خرج اليهم الطبيب وهو ينزع الكمامة الطبية من على وجهه والجوانتيات من يديه،
انطلقوا اليه مسرعين وسأله سلطان بقلق:
_طمني يا داكتور زينب عاملة ايه دلوك بقت زينة وفاقت ولا لساتها زي ما هي؟
أجابه الدكتور باطمئنان:
_ما تقلقش الخبطة ما كانتش صعبة من الدرجة الاولى وهي فاقت وعملنا لها فحص واشاعه على المخ ان شاء الله هتطلع كويسة ممكن تدخلوا تشوفوها وتطمَنوا عليها .
حمدو ربهم على سلامتها ودلفوا اليها جميعا رحمة وعمران وسلطان،
جرت اليها رحمة وقامت باحتضانها وهي تقبلها من رأسها ويداها وتهتف بحمد:
_حمد لله على سلامتك يا امي الف حمد لله على السلامة يا حبيبتي ،ربنا ما يورينيش فيكي وحش ابدا.
أزاحها عمران من على والدته وهو يردد:
_وسعي اكده عاد عايز اطمَن على ست الكل.
ما ان رأته زينب حتى هبطت دموع عينيها وكأنها تستنجد به وتشتكي له ما حدث لها من أبيه الواقف في ركن الغرفة يشاهدهم بعد ان اطمئن عليها وتحدث عمران وهو يقبلها من رأسها وكلتا يديها:
_حمد لله على سلامتك يا امي خلعتي قلبي عليكي ، اكده يا حاجة زينب تعملي فينا اكده ؟
امائت باهدابها كي تطمئنه بأنها بخير ولكن دموع عينيها لم تنقـ.ـطع فقام عمران بمسحها بيديه وهو يتحدث معها :
_له يا حاجة زينب ما تبكيش دموعك غالية قوي مفيش حاجة في الدنيا تستاهل انك تبكي عليها ، انتي هتفضلي ست الناس وست البيت وست قلوبنا كلنا يا حبيبتي ،
واسترسل وهو يخبرها بأن حبيبة قامت بولادتها على خير كي يفرحها:
_خليكي قوية اكده عشان تشيلي التوم اللي جانا من ساعة واحدة بس .
تبدلت معالم الحزن من على وجهها الى اخرى متسائلة وكأنها تريد ان يؤكد عليها الخبر فهز رأسه بتأكيد:
_وه يا اماي ما هتصدقنيش ! ومن ميته عمران بيكذِّب عليكي؟
والله حبيبة ولدت واتطمنت عليها دلوك وجوزها جه وقاعد جارها ، يلا انت كمان همي وخفي علشان تخرجي من المستشفى وتراعي ولاد حبيبة اللي كنتي مستنياهم بفارغ الصبر .
اما سلطان خطى خطواته البطيئة ووقف أمامها وهو يردد:
_حمد لله على سلامتك يا ام عمران خلعـ.ـتي قلوبنا عليكي .
أدارت وجهها منه للناحية الأخري ولم ترد على سلامه وعضلات جسدها بدأت تتشنج فهي لم تريد رؤيته الآن فقد جـ.ـرحها وكسـ.ـرها أمام أبنائها وأفقدها ثقتها بنفسها بعد كل ذاك العمر التى أفنته له وهي خير زوجة ولأبنائه وهي خير أم ،
لم يعجبه عدم ردها عليه فأردف معاتبا إياها:
_ اكده يازينب بتداري وشك عني ومهترديش سلامي !
اكده صوتي بقي أكتر حاجة بتكرهيها ومش قابلة مني أي حاجة ،
واستطرد عتابه وهو مُصِر على موقفه :
_ أني معمِلتش حاجة حرام أني اتجوزت على سنة الله ورسوله وربنا حلل لي اكده ، ليه مصعِبِين الموضوع قوووي اكده ؟
تشنـ.ـجت عضلات جسدها أكثر من ذي قبل وبدأت بالبكاء بصوت عال مما جعل عمران ينظر إلى أبيه ويحاكيه بحذر :
_ لو سمحت ياحاج مش وقته الكلام ده اهنه ،
أمي تعبانة وحالتها متسمحش بالكلام والحديت اللي ممنوش عازة وبيقـ.ـهرها أكتر ،
لو عايز تروِح انت وأني اهنه هفضل جار أمي وأختي ومهسبهمش اتفضل .
تحمحم وهو لم يعجبه فكرة عمران وضـ.ـرب بعصاه أرضاً كأنه منزعج وأجابه :
_ له مهمشيش قبل ماأطمن على مرتي إنها بخير .
أما رحمة كانت تنظر إليهم وتحاول أن تهدأ من أعصابها وتحاول تنفيذ نصائح ماهر قدر الامكان علها تهدأ من اشتـ.ـعال ثورة جسدها الداخلية فهو في الآخر أبيها ووجب عليها احترامه ، وأصبح الجميع جالسون في صمت وكل يفكر كيف تدور الأيام القادمة التى لاتبشر بالخير أبداً.
***********************
في منزل ماجدة حيث ينول ذاك المنزل من نبض الوجع أيضاً أميالا ،
تجلس مها تراجع لأولادها دروسهم فقد تحسن مزاجها منذ أن أتت إلى منزل والدتها وجلست بين جدرانه ووجدت أناساً يتحدثون معها ويشاركونها يومها ، منذ أن أتت وتلك الأيام تمر سريعاً لونسها وسط أخواتها ووالدتها ،
أنهت مع ولديها مساعدتهم في دروسهم ثم رفعت رأسها وجدت والدتها تنظر إليها ، اندهشت من نظرة والدتها فربتت على ظهر أبنائها وقبلتهم بنهم ثم قامت من مكانها وجلست بجانبها وبدأت الحديث:
_ مالك ياأمي بتبص لي اكده ليه ؟
ربتت والدتها على يدها وأجابتها :
_ أصلك من يوم ماجيتي يابتي البيت اهنه وأني متابعة حالك إنتي وولادك طلعتوا كيف النسمة ، شايفاكي أم جميلة مهتمية بولادها ودايما نضاف ودايما قاعدة تعلميهم الصح والغلط ، وهما ياحبة عيني مؤدبين العيبة مبتطلعش منيهم ، وحتى إنتي كمان يابتي نضيفة في نفسك قوووي يعني مش مهملة في بيتك وولادك رقم واحد عنديكي ،
وأكملت حديثها باندهاش:
_ ليه واحد زي جوزك مشايفش كل ده ومهمل فيكي زي ما بتقولي ؟
رأت مها حزن والدتها عليها وعلى حالها الظاهر فقط لها ، فما لها لو علمت حالها الباطن وما وصلت إليه بسبب إهمال زوجها فيها ،
ثم تحدثت بوجـ.ـع عما يجيش في صدرها :
_ تعبت يا أمي ومبقتش قادرة أتحمل حياتي ، وصلت لمرحلة اني كارهة نفسي وكارهة الدنيا باللي فيها ،
حاسة اني عايزة أصـ.ـرخ بكل الوجع اللى فيا وأقول للناس بحالها ياعالم أني بني أدم من لحم ود م عايزة حياتي تكون زي أي ست مع جوزها ، لكن ياأمي أني بنفخ في قربة مخرومة عمرها ماهتتصلح ابداً.
جذبتها والدتها بين أحضانها وظلت تهدهدها كالطفل الصغير لما رأت دموعها وشعرت باحتياجها إلي دفئ واحتواء ، ثم أكملت مها من بين شهقاتها :
_ كان نفسي في حضنك قووي ياما ، كنت ببقى محتجاله وقت ضعفي ووقت ماشيطاني يوسوس لي بحاجات غلط كتييير وقعت فيها ، كان نفسي في كل مرة ابقى ضعيفة وأجي حداكي أتقوى بيكي ، كان نفسي احس اني اللي بطلبه حقي وانك تصبريني وتعاونيني بدل ماكتي بتأتتي فيا ،
واستطردت حديثها وهي تمسك المنديل كي تجفف دموعها:
_ اني وحشة ياما ومستاهلش حضنك ده ولا انتي تستاهلي ان يكون عندك بت زيي .
نفت ماجدة كلامها بشدة وهي تضغط عليها داخل أحضانها كي تشعرها بالحب وهتفت بنفي:
_ لا يابتي حقك إنتي عليا انك كل مرة كنتي بتاجي فيها اهنه كنت أردك وأشتمك واتهمك إنك بتتدلعي ، حقك على أمك ياقلب أمك اني مشيت ورا جهل العادات والتقاليد وموقفتش لجوزك ده من الاول لحد ما وصل بيه الحالة يمد يده عليكي وقدامنا كماني ،
اقعدي يابتي في دار أبوكي لحد ما نفسك ترتاح وتهدى ، لحد ماتحسي انك تقدري تكملي وتشحني طاقتك للدنيا من جَديد ،
لحد مجدي دي مايتعلَم الأدب ويعرف أنه كان معاه ست الناس وست الستات اللي محافظة عليه وعلى عرضَه وولده .
ماإن ذكرت والدتها سيرة العرض حتى اجهشت في بكاء مرير لتذكرها ما آلت إليه فقد ضعفت وارتكـ.ـبت كبيرة من الكبائر التي تهتز لها سبع سموات ،
ثم تركت حضن والدتها وذهبت إلى غرفتها ودفنت رأسها في وسادتها وحالها يقطع نياط القلب ،
وعادت بذاكرتها لسنوات من العمر مضت وهي تتذكر أولى طريق انحطاطها ،
#فلاش_باك
كانت جالسة تتفحص الهاتف بيدها في جو ملئ بالفتور فمنذ أن تزوجت مجدي من عامين وهي تشعر بالملل فيومه كله يقضيه بالعمل ويأتي ليلا ينام من شدة التعب ،
والى الآن لم تحمل في أحشائها جنينا منه كي يلهيها مشغوليات زوجها عنها ،
وأثناء انهماكها في تصفح الهاتف الذي ملت منه ، استمعت الى صوت الباب يعلن عن وصول أحدهم ، نظرت في ساعتها وجدتها الخامسة عصراً فاندهشت ان ذاك ليس معاد رجوع زوجها فهو يأتي يوميا التاسعة مساءً يتناول طعام العشاء ثم يغادر مرة أخرى كي يدور مصالحه ،
ذهبت مسرعة بحيوية وابتسامة زينت محياها لظنها انه أتى اليوم باكراً وانها ستحظى بليلة سعيدة لم تقضيها معه منذ أكثر من ثلاثة أسابيع ،
وفتحت الباب بابتسامتها وإذا بها تنصدم بأنه ليس زوجها وانما هو عامر أخيه ،
ألقى السلام عليها ويبدو على وجهه علامات الانزعاج :
_ كيفك يامها .
أشارت إليه أن يدلف فهذه شقة أخيه الأكبر كما أنها تعتبره أخيها الأصغر وهتفت :
_ زينة الحمدلله ياعامر ، إيه مالك باين عليك إنك زهقان وقرفان من شي .
دلف الى الداخل وهو يردد بفتور :
_ زهقان على الاخر اتخانـ.ـقت مع صاحب الشغل من يومين ومشيت ومش هرجِع اشتغِل وياه تاني .
مطت شفتيها بسخرية:
_ وه هو إنت مالك حالك مايل اكده ليه من اسبوعين سبت خطيبتك وكنت بتتـ.ـخانق معاها كل شوي ، و دلوك سبت شغلك اللي كان واخد نص وقتك وبيسليك ، ليه اكده ياعامر ؟
احتدم غيظاً من سيرة خطيبته التي ذكرتها مها مرددا بغـ.ـضب:
_ متجبليش سيرة البت داي تاني ، دي كانت بت الكبر والعنتظة واخدينها على الاخر ومفكرة نفسها ملكة جمال الصعيد وهي أصلا ولا فيها من الجمال قيراط .
ضحكت بشدة على طريقته الساخرة من تلك الفتاة ثم هدأت من نوبات ضحكها وأشادت بخفة دمه :
_ والله العظيم إنت دمك عسسسسل ياعامر وتصدق إنت عنديك حق والله ده أني قعدت وياها ساعة واحدة كنت عايزة أطبق في زمارة رقبتها من طريقتها وكأنها بتكَلَم الناس من مناخيرها ،
ثم استرسلت حديثها بشهادة حق:
_ بس الشهادة لله ياعامر البنتة كانت جميلة فعلاً .
حرك شفتيه باستنكار وردد :
_ بس د مها تَقيل على قلبي ، قعدتها بتخنـ.ـقني وروحها مش مقبولة ،
ثم تابع كلماته وهو ينظر لها نظرة اعجاب :
_ مش زيكي اكده يامرت اخوي ، شوفي كنت جايلك زهقان وقرفان ومن مجرد عشر دقايق قعدتهم وياكي ضحكت من قلبي ومش حابب أفوت قعدتك ، والله لولا وجودك ماكنت أعرف كانت هتهون إزاي وهتحدت ويا مين .
أخذت نفسا طويلاً ثم هتفت بشرود وهي تنظر حولها بفتور :
_ طيب ماني زييك أهو قاعدة بين أربع حيطان لما زهقت من التلفزيون للتليفون ، مجدي ملهش مواعيد رجوع ومش فاضي أغلب الوقت أصلا ،طول النهار بكلم نفسي لما طهقت ياعامر .
ضـ.ـرب كفا بكف ثم هتف باستنكار على حال أخيه الغير منصف في معاملة أهل بيته :
_ والله اني معرفش مجدي اخوي بيطيق الشغل ليل نهار اكده كيف ؟
واسترسل حديثه وهو ينظر لها بإعجاب:
_بقي في حد يهمَّل القمر ده ويفوتَه لحالَه ليل نهار والله انى لو منيه لقعد جارك ومفوتكيش أبدا ، هو العمر في قد إيه علشان نضيع لحظاتنا الحلوة في هم الدنيا اللى مبيخلصش أبدا.
نظرت إليه بحالمية لأول مرة وتمنت لو أنه هو زوجها وليس مجدي ، وظل الإثنان ينظران بشرود كل منهم للآخر وتلك اولى شرارة التعود على تلك الجلسة التي تكررت مراراً وتكراراً وأصبح كل منهم متعلق بالآخر وانقلب مسار حديثهم ونظراتهم ،
#عودة_من_الباك
عادت من شرودها على صوت رجوع مكة من الخارج وجلست على التخت بإنهاك وهي تاخذ أنفاسها وتخلع نقابها ، ثم لاحظت احمرار عينيها ووجهها واستشفت انها تبكي فسألتها بقلق:
_ مالك ياحبيبتي بتبكي ليه عاد ، والله اني كرهت صنف الرجالة كلياتهم بسبب مجدي جوزك بوز الفقر ده .
تطلعت مها إلى السقف بخجل من حالها ومما كانت تفكر به وهي لاتريد النظر في عيناي
تلك الأبية الخلوقة المتمسكة بدينها وعزة نفسها بعزم ضد أي شبهات كعزم الجبال ،
ثم تحدثت بطمئنة لها:
_ له ياحبيبتي مش كل الرجالة زي مجدي ، ده ملهش مثيل في جموده وقسـ.ـوة قلبه وبروده ،
مسيرك هتقابلي اللي هيشوفك ملكة ويحطك تاج على راسَه ، اوعاكي تتعقدي مني ولا تفقدي الأمل إنتي زينة البنتة اللي لازم هيجيلك زينة شباب قنا بحالها .
ما إن ذكرت مها حديثها ذاك حتى جال بخاطرها الاثنان الشيخ عبدالرحمن وآدم وظل عقلها يقارن بينهم وبالرغم من أن ذاك الشيخ لم ترى منه إلا المعاملة الصارمة منذ تلك المرة التى تحدثت معه فيها وقابلها بعد ذالك مقابلات عابرة إلا أنه يأخذ حيزاً من تفكيرها ، ولكنها لم تحبذ طريقته في الحديث عن آدم فالآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لا يغتب ولا ينُم ،
أفاقت من تفكيرها على صوت مها أختها تسألها بقلق:
_ مالك ياحبيبتي سرحتي في ايه ؟
ألقت نقابها على التخت وخلعت حجابها من على رأسها ثم تحدثت بتيهة :
_ هو إزاي نفرق بين الشخص اللي نختاره شريك حياتنا والشخص اللي مينفعش نهائي ؟
اهتز فك مها بسخرية من استفسار أختها وأجابتها :
_ ملقتيش إلا أني وتسأليها السؤال ده يامكة ! اسألي حد غيري نافع في اختياره ونافع في حياته مش زيي، قال على رأي المثل اختياراتي مدمـ.ـرة حياتي.
خلعت مكة مقبس شعرها وأسدلته على ظهرها حتى طال التخت الجالسين عليه ثم قامت وجلبت المشاطة وأعطتها لمها وطلبت منها:
_ خدي الاول سرِحي لي اللبيكة دي وبعدين نشوف حوار اختياراتك ده يا خيتي ، علشان افكرك بأيام زمان كنت اتخانَق وياكي علشان تسرحي لي شعري وانتي كنتي تتمنعي ، فاكراها الايام داي يا أم الزين ؟
تناولت منها المشاطة وقامت بتمشيط شعرها برفق محبب إلى قلبها قائلة:
_ ياه وينها الايام داي يامكة ياريتها تعود وأرجع مها القديمة بنقائها زي ماكنت بس ليت الزمان يعود يوما.
_ ليه بتقولي اكده ياخيتي إنتي لسه طيبة ونقية وقلبك كبير وحنينة زي مانتي ، وزيدي عليهم ولادك التوم حاجة جميلة ومنورين حياتك ، أها وتصدقي منوِرين حياتنا إحنا كماني .
قلبت عينيها بحزن على وصف اختها وأكملت ماتفعله ولم ترد على كلامها ثم استمعا إلى صوت دقات على باب الغرفة وإذا به أحد الصغيرين يستأذنها للدخول فأذنت له ،
فتحت له مكة ذراعيها بالأحضان ثم أخرجته وتحدثت وهي تداعب وجنته :
_ ياخلاثوو على السكر حبيب خالتو اللي بيستأذن قبل مايدخل لأمه ،
ثم أكملت وهي توجه حديثها إلي مها :
_ بذمتك ياشيخة في حد يبقي عنديه القمرات دول ويحزن ! والله إنتي ربنا باعت لك ملاكين يابتي .
زينت الابتسامة محياها وهتف الصغير:
_ أني جعان ياماما .
قرصت وجنتيه بمحبة ورددت:
_ ياحبيب ماما طيب مقلتش لتيتى ماجدة ليه ؟
ألقى الصغير عيناه أرضاً خجلاً لأنه ليس معتاداً أن يطلب شيئا من أي شخص إلا من والدته ، فقامت معه بحب وأخذته في يداها ،
أما مكة ظلت تنظر لأثرهم بابتسامة وهي تداعب خصلات شعرها الحريري وإذا بالهاتف الخاص بها يعلن عن وصول رسالة ، فتحته كي ترى محتوي الرسالة ، وإذا بها تنفخ ضيقا وجدتها رسالة من ذاك الآدم مدونا فيها:
_ ازيك يا ملاكي ، حسيت إني عايز أسلم عليكي وأكلمك هو ينفع اتصل بيكي ؟
انزعجت من طريقة اقتحـ.ـامه للخاص عندها وكتبت رسالته له بضيق:
_ هو انت مفكِرني ايه بالظبط علشان تبعت لي رسايل وعايز تكلَمني ؟
كان متوقعاً ضيقها وردها العنـ.ـيف ثم أرسل لها :
_ طيب دي فيها ايه كمان ياست مكة ، هو أنا دخلت أوضة نومك بالغلط ولا حاجة .
اتسعت مقلتيها بذهول وأرسلت له ايموشن “😲😲” وكتبت رسالتها:
_ إنت قليل الأدب على فكرة ومش محترم ولو سمحت لو كلمتني تاني ولا بعت لي رسالة هعمل لك بلوك من كل مكان .
رغم أنها اهانته إلا أنه ابتسم لبرائتها وشراستها في آن واحد ، يتعلق بها كل يوم عما قبله ، ينسحب لعالمها المختلف تماماً عن عالمه كل دقيقة يحياها ، ماذا بها كي تأسره عن غيرها من كل نساء العالم ؟
ثم رد مشاغبتها بمشاغبة أخرى كي يستفزها :
_ على فكرة أنا أعرف أنك بتصومي اتنين وخميس و النهاردة الخميس اكيد انتي صايمة ، هو ينفع الصائم يرفث ويجهل !
استغفري ربك ياأستاذة ، وبالنسبة لردي الله يسامحك اللهم إني صائم .
قرأت رسالته ثم تسمرت عيناها أمام كلمة “اللهم اني صائم”
وحدثت حالها قبل أن ترسل له :
_يالك من رجل ماكر اتكذب علي كي تجعلني انجذب لعالمك ؟
لااا سأقصف جبهتك الآن واجعلك تخجل أمام نفسك ، ثم أرسلت إليه :
_ صايم “😏😏” بطلوا كذب بقي وسيبوكم من اللف اللي بيوصِلكم لأي واحدة واللي علشانَه تكذبوا وتألفوا .
حقا استفز بكلامها فأرسل إليها رسالة تهديدية:
_ شوفي بقي انا هرن عليكي فون دلوقتي ولو مردتيش اقسم بالله هطلع أعمل بث مباشر دلوقتي وهخلي تلت اربع مصر تشوفوا وهعمل لك منشن فيه وأقول لهم اني طالع النهاردة أجاوبكم على سؤالكم اللي بتسأله لي من زمان , مين حبيبتك ؟
وطبعاً أنا همنشن لك وقابلي بقي لما اعرفهم انك حبيبتي.
ثم ضغط الإرسال وانتظر عدة ثواني كي يجعلها تقرا الرسالة وفور أن رآها تفاعلت عليها بإيموشن مذهول ، قام بمهاتفتها ولم تتخطى الرنة الثانية حتى أجابته وهي تنفعل في وجهه ولأول مرة يعلو صوتها :
_ إنت كيف تدي لنفسك مساحة اكتر من اللي أنا مديتهالكش يابني آدم إنت !
هو الحب بالعافية اني مش عايزاك ها اكده مستريح .
كان ممسكاً بلعبة البندول في يده ويحركها بسرعة تسبب صوتا أزعجها فأكملت حديثها بحدة لكراهيتها لتلك اللعبة بالذات :
_ والله حاسة إني بكلَم عيل اصغير ! لو سمحت بطل الصوت ده وانت بتكلَمني مبحبوش .
زود من سرعة لعبته وجعل صوتها أعلى عن ذي قبل مما جعلها تذوم في الهاتف غضبا كالأطفال ثم هتف ببرود :
_ لما تبطلي طريقتك دي الأول وانتي بتتكلمي معايا هبقي ابطل اللي بيزعجك إنتي كمان ومبتحبيهوش .
هدرت به بنفس الحدة :
_ يا سيدي شيل دي من دي يرتاح دي عن دي ، أما امرك عجيب قوي ، روح عيش حياتك كيف ما تحب وهملني لحالي اني معايزاش منك ولا سلام ولا كلام ، ولو سمحت بلاش طريقة تهورك الواضحة في شخصيتك داي معاي ،
ودلوك عايزة أفهم إنت بتتصل ليه ، إنت عارف إني مليش في الكلام في التليفونات لاا ومع مين كمان مع واحد كل حياته بيكلم بنات وستات .
رمى اللعبة من يداه ثم تحدث بما يشعر به:
_ أنا مش عايز اتسلى ولا بكلمك علشان نتخانق يامكة ، أنا كل اللي عايزه منك فرصة نعرف بعض فيها ولو مرتاحتيش معايا منكملش ، وعلى فكرة للمرة المليون بقولك أنا مش علشان أنا مطرب يبقي أنا مش مسلم ، يعني دلوقتي تفرقي ايه عني !
إنتي صايمة تطوع وانا كمان صايم تطوع ، إنتي أديتي فرضك في الصلاة وأنا كمان ، ليه حاطة مشكلة شغلي عائق ما بينا.
_ هي المشكلة بالنسبة لي مش زي مانت متخيل خالص يافنان ، وخليني معاك للآخر تقدر تبطل تغني وتشوف لك شغل تاني غير الغنا والموسيقى وبعدين نشوف إذا كنا هننفع مع بعض ولا لا ؟
أعجزته بطلبها وأحسته بمدى ذله لها في طلبها منه المستحيل في وجهة نظره فهو لديه موهبة ويعشقها فوق ماتتصور ، ولا يمكن أن يبتعد عنها إلا بموته ثم هدر بها منزعجا:
_ هو ده طلب تطلبيه ! أنا نفسي أعرف إنتي بتعملي معايا كدة ليه ومصعبة الأمور مابينا ليه بالطريقة دي ؟!
أنا داخل لك من الباب زي ما بيقولوا ، صريح معاكي في مشاعري من البداية ، ليه بتحاولي تذليني كدة وتتعاملي معايا كأني شيطان ، هو ده التدين في وجهة نظرك !
أحست باختـ.ـناقه وأن حالته الآن ضاقت به ذرعاً فأكملت حدتها معه كي تجعله يفقد الأمل:
_ تمام إحنا من البداية أصلا مننفعش يبقي طريقنا واحد ، إنت عنديك عقيدة في طريقك متمسك بيها ولا يمكن تتخلى عنيها وأني كمان زييك بالظبط لو بدأنا هنفشل وهتتعب اكتر واني كمان مهقدرش أفتح قلبي وأدخل في علاقة غلط تجبرني أتنازل عن ثوابت في عقيدتي وفي طريقي اللي عمري ماهغيره ابدا ،
واسترسلت وهي تسمع صوت أنفاسه العالية من شدة غضبه:
_ الموضوع مش موضوع ذل خالص أعوذ بالله ! كل الحكاية إني مش هقدر أحبك وبعدين أسيبك لأني لما بتعلق بشئ بيبقي صعب عليا نسيانه وهتوجع قووي .
بنبرة صوت يغلفها الحيرة والتعب أردف معترفاً:
_ بس أنا خلاص حبيتك يامكة ، وحلمت بأنك في حضني وبنيت أمل قلبي عليكي ، وبقوم وبنام وعيونك وصورتك اللي ياما اتخيلتها أشكال كتيييرة عايش عليها طول يومي وبصبر نفسي بيها ، أعمل إيه في قلبي وفي مشاعري اللي خلاص مبقوش ملكي بقوا ملكك انتي وبين ايديكي ،
صوتك وحتى كلامك ونبرة خناقك قايم نايم بفكر فيهم ، أعمل إيه يعني غصب عني ، هو القلب عليه سلطان ؟
لأول مرة تتأثر بكلامه وتشفق عليه ، لأول مرة تأتيها نغزة في صدرها آلامتها من حكواه ،
وحدثت حالها وهي تسمع أنين شكواه :
_ألهذا الحد عشقني ذاك الفارس وحلم الفتيات !
ألهذه الدرجة يُكِنُّ لي وحدي شعوراً في قلبه وأنا أسقيه من كلامي الويلات !
ولكنني أشعر بأن أمواجك عالية ورياح الفراق بالتأكيد آتية وهذي أولى العلامات !
ابتعد أيها الفارس فطريقي معك كله نار ستحرقنا من لحظات البدايات حتى أواخر النهايات .
#خاطرة_مكة_الجندي
#بقلمي_فاطيما_يوسف
ثم عادت من شرودها وأجمعت شتاتها الذي بدأ يتفرق من كلامه وتحدثت بنبرة صوت هادئة عن ذي قبل:
_ انت مينفعش تتكَلَم معاى اكده ، كلامك حرام ، واتصالك حرام ، وطريقتك داي حرام في حرام ، واني بنت ظروفي مختلفه عن اي بنت إنت بتتكلم معاها بالطريقة داي اني منتقبة وعندي عقيدة مؤمنة بيها أنه مينفعش ، مينفعش يا آدم أرجوك متكلمنيش تاني وخلي قلبك ينساني ومتفكِرش فيا تاني .
هدر بها بغضب :
_ متقوليش كلمة “غير اي بنت بتتكلم معاها تاني ” أنا مقلتش لبنت اني بحبها قبل كدة ، كنت أه بكلم بنات وكتيير بس عمري ماعترفت لهم اني بحبهم حتى لو هما اعترفوا ،
فلو سمحتي تتعاملي معايا على انك الأولى ومفيش حاجة اسمها إنتي ظروفك مختلفة.
تأففت بضيق من إصراره الممـ.ـيت بعد أن أتى آخرها وهتفت :
_ تمام اكده أني هستقيل من المحطة خالص اللي بتخليك تشوفني وبتديك فرصة انك تتكلم معاي .
_ لااا يامكة ارجوكي متعمليش كدة وخلاص مش هكلمك تاني ولا هضايقك ، مع السلامة .
أنهى مكالمته معها وألقى هاتفه بعـ.ـنف وهو في حالة ضيق شديدة أول مرة يشعر بها ،
دلف إليه مدير أعماله وهو يتأفف بضيق:
_ والله يا آدم كده مينفعش خالص خمولك وكسلك بالطريقة دي !
كل شوية ألغي حفلات وغير إن الألبوم بتاعك خلاص عايزين ندخل نشتغله وانت ولا انت هنا ، هتفضل كدة كتير ولا ايه بالظبط إحنا كده هنضيع ؟
قام بحدة من مكانه ثم أخذ الأوراق التي كانت بيد ذاك الراشد وألقاها من نافذة الغرفة وهو يردد :
_ وآدي يا سيدي كل الشغل والاتفاقات رميتها لك اهي ،
ثم أكمل بتذكير وعلامات الاختـ.ـناق بادية على وجهه:
_ قلت لك ميت مرة أنا بني ادم لازم تحس بيا وباللي أنا فيه ،انا محتاج فترة نقاهة ياراشد وأرجوك ابعد عني اليومين دول ومتجيليش شغل وقت ما احس إني قادر أشتغل أنا بنفسي هكلمك.
نفخ راشد بضيق من فعلته تلك واردف بتحذير:
_ بس كدة مينفعش ياادم إنت في مهنة مبترحمش وأنت نجم مشهور جداً والاشاعات مش هتبطل تتكلم عنك وكله هيطلع يعملوا فيديوهين تلاتة يفتي فيهم سبب اختفائك ،
حتى السوشيال ميديا مش بتظهر فيها ولا مندمج مع جمهورك خالص ، مينفعش تلغي كل ده مرة واحدة كده اكبر غلط .
وقف أمام النافذة وتحدث وهو ينظر بشرود إلى اللاشئ :
_ اللي يحصل يحصل واللي يتكلم يتكلم أنا خلاص معدش يهمني حد ولا هفكر غير في نفسي ونفسيتي اللي اتدمرت بسبب الشغلانة دي .
تحرك راشد بخطواته ووصل مكانه ووقف بجانبه ونظر لنفس المكان قائلا بنصح:
_ مش بعد ما وصلت للمكانة دي وانت في السن ده وعملت اسم بيقعدو سنين يعملوه تهمله وتدمر نفسك فوق يا آدم من اللي أنت فيه ، وعلى فكرة الموضوع اللي شاغل بالك ومخليك بايع الدنيا باللي فيها وبما فيهم تعبك واسمك أخرته وحشة ومش هينوبك منه غير خسارة كبيرة أوووي ، أنا مدير اعمالك ومن أول يوم اتعودت معاك اني اكون مرايتك واني مغشكش أبدا .
على صدره صعوداً وهبوطا فور أن ذكره بذاك الموضوع وهتف بإصرار:
_ مفيش حاجة في الدنيا تستاهل اني اقف في طريق سعادتي ، وحـ.ـربي على حبي وقلبي ميساوش كنوز الدنيا بحالها ياراشد .
تأفف راشد بضيق وأردف :
_ هو للدرجة دي الممنوع مرغوب؟
أدار جسده قليلا وسأله بذهول:
_ حتى إنت كمان ياراشد بتقول ممنوع !
انتو ليه كلكم واقفين قصاد قلبي وطريق سعادتي !
ليه كلكم بتلوموني على حاجة مليش ذنب فيها ؟
شوح راشد بيديه في الهواء وجالت بخاطره فكرة عرضها عليه :
_ طيب انت مشفتهاش صح ؟
أجيب لك يا سيدي واحدة نفس الشكل ونفس لون العيون ومتكونش شفتها قبل كدة زي دي وهلبسها لك نفس اللبس وحب فيها براحتك وهخليها من ايدك دي لإيدك دي ،
ها ايه رأيك بقي ؟
اتسعت مقلتيه بذهول وهدر به :
_ إنت هتستعبط ياراشد ، ولا مفكرني عيل صغير هتغير له نوع الشوكولاته وتقول له هي دي نفس دي ؟!
واستطرد حديثه متهكما :
_ هو إنت في دماغك اني اتعلقت بحاجة مختلفة وشكل واستايل مشفتش زيهم قبل كدة !
طيب تقدر تجيب لي واحدة نفس الاسم ونفس الصوت ونفس العزة اللي في كلامها ونفس الكبرياء اللي مالي شخصيتها ونفس الشموخ اللي في نظرة عيونها ،
تعرف تجيب لي واحدة ميهمهاش المظاهر ، واحدة أول ما تشوف آدم النجم المشهور متنبهرش بيه وتتمني بس امضته أو سلامه عليها زيها !
إنت حافظ مش فاهم ياراشد ، لو سمحت كفاية كلام في الموضوع ده واعتبرني في أجازة مفتوحة وقت ما احس اني قادر ارجع وأكمل هرجع ، لكن أنا دلوقتي مش رايق خالص .
أنهى كلماته وتركه ودلف الى الحمام كي يأخذ شاورا يظن أنه يهدئه .
**********************
في الساعة التاسعة مساءً عادت زينب إلى منزلها ولم يتركها سلطان وتلك علامة لها أنها بالنسبة له شئ كبير فهو قد ترك عروسه أول ليلة زواجه منها لأجلها مما جعل قلبها يلين قليلاً ويهدأ فهي طيبة القلب ،
دخلت الى المنزل وهي على تنام على أكتاف عمران ولدها الذي كان يحملها بحب ورفق ،
أدخلها غرفتها ووضعها على تختها برفق ثم قبلها من رأسها ويداه ممسكة بكف يداها قائلاً بفرحة :
_ حمد لله على السلامة ياحاجة زينب نورتي بيتك ومطرحك ياغالية.
أما سلطان تحمحم قائلا:
_ حمد لله على سلامتك ياأم الغاليين ، ياريت تخلي بالك بعد اكده إنتي عارفة غلاوتك عندينا قد إيه ،
واسترسل وهو ينتوى الخروج من الغرفة:
_ معايزاش حاجة مني ؟
أني طالع استريح شوي .
فهمت أنه سيذهب إلى وجد فأدمعت عيناها تلقائيا من شدة غيرتها وردد عمران بدلا عن والدته :
_ اتفضل إنت يابوي اني هعقعد جارها ومش ههملها ولا هفوتها وحديها ،
وتابع حديثه وهو يجلس بجانب والدته وغادر سلطان الغرفة في صمت :
_ مشفتيش بقي التوم اللي خلفتهم حبيبة ، بسم الله ما شاء الله قمرات كيف ستهم زينب بالمللي .
لقد استطاع جذب انتباهها فهي أم وتريد الاطمئنان على ابنتها وتحدثت بصوت متعب :
_ كيفها ياولدي طمَني عليها ، وليه مجاتش اهنه ؟
حرك يداه على رأسها بحنان واجابها:
_ متقلقيش عليها يا امي مرت اخوها جارها مفتتهاش وكماني رحمة هناك مهملتهاش ، اطمني عليها على الآخر.
هزت رأسها براحة ثم سألته :
_ وكيفها سكون ياولدي وعامل وياها ايه ؟
ثم استرسلت بنبرة مترددة :
_ بقولك ايه ياولدي هي عرفت إن بوك اتجوَز عَلَي ؟
تحمحم كي يجيبها وأردف :
_ اممم زينة ياحاجة وسواء عرفت ولا معرفتش متفكريش في الموضوع ده واعتبري مفيش حاجة حوصلت إنتي اهنه ست الدار وكل حاجة هتمشي على كيفك ومحدش ليه كلمة غيرك في الدار داي ، واني جمبك اهه ومهفوتكيش ده إنتي ام عمران اللي هيحبك قد السما والارض وعمره كله هيفضل تحت رجليكي.
ربتت على ظهره وأحست بالفخر من ولدها الذي ربته وزرعت فيه الحنان:
_ ربنا يخليك ليا ياولدي وميحرمنيش منيك ، بس قول لهم حبيبة تخرج من المستشفي وتاجي اهنه ، عايزاها تُبقى جاري .
حرك رأسه بموافقة:
_ حاضر يا حاجة على الصبح هتخرج إن شاء الله وهجيبها لك اهنه.
أما في غرفة وجد علمت قدومهم فقامت مسرعة وارتدت قميصاً باللون الأحمر ويعتليه رداءه الخاص ووضعت لمسات التجميل على وجهها ببراعة ووضعت البرفيوم الخاص بها ذو الرائحة النفاذة ثم سمعت خطوات سلطان يصعد السلالم جرت مسرعة إلى التخت وفردت جسدها عليه ورأسها على الوسادة واصطنعت النوم ،
دلف سلطان إلى الغرفة وجد الإضاءة خافتة ، نظر حوله في المكان والراحة الخاصة بها عبئت الغرفة ودلفت إلى رئتيه جعلته هائما ، وأخيراً عيناه رصدتها ، ساقته قدماه إليها ووقف قبالاتها وهو متسمر العينين ولسانه يردد تلقائيا من شدة جمالها الآخاذ الذي سحره :
_ يانهارك أبيض يا سلطان على الحلاوة الزينة اللي نايمة قدامك ، كانت مستخبية فين الحلاوة داي كلياتها.
اصطنعت الهـ.ـلع وقامت من مكانها بخوف مصطنع وهي تحاول مداراة جسدها :
_ مين اهنه ! فيه ايه .
أمسكها سلطان من يدها وجذبها ناحية صدره وهتف :
_ متخافيش يابت انى جوزك ، فوقي اكده في عروسة تنام وتهمل جوزها ليلة فرحهم ؟
زمت شفتاها وأنزلت بصرها للأسفل بحزن ممزوج بدلال وتحدثت بنبرة استيائية مفتعلة :
_ وسع اكده بعد عني واوعاك يدك تلمسني يا وحش اني مخصماك .
جذب يداها مرة أخرى وأدخلها في أحضانه:
_ وه وه ياوجد ! كيف ابعد عنيكي ، داي كلام تقوليه ؟
ضـ.ـربته بخفة على صدره وهتفت بتأكيد:
_ أه بعد عني ، فيه عريس يسيب عروسته ليلة جوازهم وميدخلش عليها ويسيبها ليلة كاملة وحديها ويكـ.ـسر خاطرها !
إبتسم بهدوء وأمسك كفها وطبع بداخله قبلة لثوان ثم نظر إليها وقال :
_ متزعليش ياوجد حقك علي بس إنتي عارفة اللي حوصل ووعيالَهْ زين ، مكانش ينفع اسيب الحاجة زينب بعد ما وقعت من طولها وغميت وراسها اتعورت ، المفروض إنتي اول واحدة تقدري اكده واحنا متفقين اني هعدل بيناتكم ، وكنت متوقع منيكي تنزلي تطمني عليها.
رمقته بغـ.ـضب مستطير من رماديتيها المشتعلة:
_ اطمن عليها كيف وانت بتك ضرـ.ـبتني وبهدلتني وكبت عليا حلة الملوخية وهي سخنة ملهلبة ومخلتش في حتة سليمة ،
واسترسلت شكواها بدلال وهي تخلع معطفها الحريري:
_ حتى شوف يدي محمرة كيف من اللي عملته فيا ، يرضيك اكده ياحاج ؟
ابتلع أنفاسه بصعوبة من شدة جمالها ما أن خلعت معطفها وبقيت بملابس النوم وصار لعابه يلهث أمامها وهو يمرر يداه على ذراعها:
_ ايه يابت الحلاوة داي كلياتها ، ده إنتي عاملة كيف نجوم السيما .
رأت نظراته المتلهفة عليها فاصطنعت الخجل وتحدثت وهي تعض شفتيها السفلى وهبطت بنصف جسدها كي تلتقط ردائها:
_ يووه يادي الكسوف .
قبل أن تصل يداها للرداء جذبها إليه مرددا بلهفة وهو يمرر لعابه على شفتيه :
_ له سيبيه ملهش عازة دلوك ، تعالي يالوز ياعسل إنتي .
حاولت الإفلات من يداه بدلال مصطنع تحترفه جيداً كي تجعله راغباً بها بشدة ثم أخذها إلى عالمهم الخاص وهو ينهل من رحيقها الذي ناله استحسانه بشدة وكأنه عاد بن الثلاثين من جديد ونسي زينب وأمر تعبها وما آلت إليه بسببه وبسبب قلبها الذي كـ.ـسر على يداه !
ولكن هذه امرأته هي الأخرى وما يفعله حق حلله الله له،
ولكن ماذا عنكي ياامرأة تدمـ.ـرتي من زواج رفيق الدرب عليكي ؟!
كيف تتحملين شعورك الممـ.ـيت ذاك وانتي تتخيلين زوجك بين احضان إمرأة أخرى ؟
ماذا عساه ذاك الإحساس الذي يقتـ.ـحم جسدك ويجعلك تتمنين المـ.ـوت ولا أن تريه متجسدا بصورته أمام عيناكي وهو يذيقها ماكان يذيقك في أحضانها الذي يتنعم بها؟
ولكن انهضي بحالك واكتسبي الكبرياء وتعلميه إن لم تجيديه فمن علامات عزة النفس من استغني فنحن عنه اغنى .
ومضت تلك الليلة على الجميع بنبض وجعها المؤلم للقلوب لدى أكثرهم ، الوجع الذي يدمر أناساً وآخرين يأخذون من وجعهم عبرة كي يتقدموا ،
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية من نبض الوجع عشت غرامي)