رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل الثاني والأربعون 42 بقلم فاطيما يوسف
رواية من نبض الوجع عشت غرامي الجزء الثاني والأربعون
رواية من نبض الوجع عشت غرامي البارت الثاني والأربعون
رواية من نبض الوجع عشت غرامي الحلقة الثانية والأربعون
#بسم_الله_الرحمن_الرحيم
#لاإله_إلا_الله_وحده_لاشريك_له_يحي_ويميت_له_الملك_وله_الحمد_وهو_علي_كل_شئ_قدير
#البارت_التاسع
#بغرامها_متيم
#الجزء_الثاني
#من_نبض_الوجع_عشت_غرامي
#بقلمي_فاطيما_يوسف
ابتسم بتسلية من ذهولها ثم هتف مشاغبا إياها :
ــ هو انتِ مش مرتي وفرحنا كمان يومين فيها ايه لما اقول اللي يحلالي ، دي اني اقول واعمل كمان يارحمتي .
ـــ هااااااا تعمل ايه ياماهر ايه الطريقة دي انت شارب حاجة ؟
قالتها رحمة وهي ما زالت مندهشة من كلامه الوقح وعبثه معها ثم عقب هو :
ــ رحمتي افتحي الفيديو حالا عايز اكلم كلامنا صوت وصورة .
اندهشت من طلبه الذي لأول مرة يطلبه منها فاليوم زاد تعجبها منه كثيرا من طريقة كلامه ومن طلباته العجيبة التي ظهرت فجأة دون اي مقدمات ثم تمتمت وهي تتلفت حولها كي ترى ما إذا سمعه أحداً أم لا :
ــ أفتحه كيف يعني وليه ؟!
ثم أكملت حديثها بذهول تكاثر على ذهنها اليوم :
ــ إنت سخن ولا فيك حاجة يامتر النهاردة ؟
ضحك بشدة من كلماتها وذهولها ثم أجابها وهو على نفس طريقة تسليته معها:
ــ كانك انتِ اللي سخنة والله ، على فكرة آني جوزك لو انتِ هتنسي وكمان يومين فرحنا ياهانم وافتحي الفيديو خلينا نتعرف أكتر ويوبقى في بينا لغة حوار نحاول نفك بيها التوتر اللي انتِ فيه قبل ما تدخلي العش برجلك ياحبيبي.
ــ عش دي ايه إن شاء الله هو إنت هتتجوز بطاية ولا ايه يامتر ! … كلمات استنكارية نطقتها رحمة وعقب عليها وهو يمرر لسانه بتسلية على شفتيه من حديثهم المختلف كليا والذي أحبه بشدة :
ــ بذمتك في بطاية توبقي صغنونة وعاملة كيف العصاية اكده ! له ياحبيبي البط لازم يوبقي ملفوف وكيرفي يملى العين .
رفعت حاجبها بغيظ وفهمت من كلماته ان جسدها النحيف لن يعجبه وهتفت بنبرة حادة وهي تستنكر كلماته :
ــ لااا يابابا اني قوامى قوام عارضات الأزياء والفنانات بيصرفوا ملايين علشان يبقوا في رشاقتي بس اني بقي طبيعي والطبيعي يكسب .
ــ طب ماتفتحي الفيديو يارخمة علشان نعاين القوام الفتاك وندرس الأبعاد بطريقة الفور جي كمان .. كلمات عاشقة كناية عن الغزل نطقها ذاك الماهر مما أخجلها وجعلها أطبقت على فمها والي الآن استيعابها لطريقته تحت خط الصفر ، لم يجد منها رداً على غزله لها فهتف بعبث جعل القابع بين أضلعها يتخبط :
ــ لااا دي انتي عايزة دروس إعادة تأهيل وتدريب على حاجات كتير قووي يارحمتي أولهم متاخديش وضع الصامت دي مهحبوش عايز رد على كل حاجة والرد يكون فعل قبل القول ، ثانياً عايزك تسيبي لي نفسك خالص علشان اعرف أتحكم براحتي لحد ما أتمكن ووقتها هتاخدي على الموضوع خالص وهيوبقى حاجة رواق لقلبك وعقلك ياحبيبي.
دق قلبها بوتيرة سريعة داخلها ثم تمتمت بنبرة خافتة مغلفة بالاندهاش التي مازالت عليه :
ــ إنت كنت اكده اصلاً ولا إنت سخن النهاردة ولا ماسك قضية صعبة مأثرة عليك ؟
رفع حاجبه الأيسر ووجهه مبتسماً بمكر ونطق مجيبا إياها بكلمات صريحة :
ــ له اني اكده ياحبيبي من زمان بس الحاجات داي ليها وقتها ومعادها وناسها وانتِ دلوك بقيتي أساسها.
ثم على حين غرة أغلق الهاتف وأعاد رناته عليها مرة أخرى فيديو كول كي يضعها أمام الأمر الواقع مما جعلها تتأفف من عناد ذاك الماهر وإصراره ثم وضعت حجابها على رأسها ونظرت يميناً ويساراً كي ترى ما إذا كان أحدهم في الحديقة ولم تجد ففتحت المكالمة وجدته مثبتا الهاتف على الرينج لايت وسماعات الأذن في وجهه ومستندا على الشزلونج أمام حمام السباحة وهو يرتدي بنطالا باللون الاسود وتشيرت قطني بنفس اللون وأشعة الشمس منعكسة على وجهه مما زاده جمالاً أثارها فابتلعت ريقها ما إن رأته ،
أما هو ما إن رآها أمامه بذاك الترينج المنزلي الذي ترتديه بلون اللافندر وأكمام بيضاء وحجابها الموضوع بإهمال على رأسها وبعض من خصلاتها الشاردة على جبينها حتى غمز لها هاتفا بطريقة أخجلتها:
ــ ايه الألوانات الجامدة دي يارحمتي انتِ اكده معايزاش فور جي عايزة ميكروسكوب خماسي الأبعاد يستكشف كل حاجة عيون تطولها ،
وأكمل عبثه بطريقة جعلت الخجل يرتسم كخريطة على وجهها :
ــ بصي ابقي كتري من اللافندر ده كتيير وخاصة في لبس البيت ، ها لبس البيت ، فهماني ؟
أدخلت خصلاتها الشاردة على وجهها بخجل من تصريحاته ثم همست بخفوت وهي تنظر جانباً ولا تستطيع النظر داخل عينيه المتفحصتين لها :
ــ على فكرة بقي انت رخم قووي وبتكسفني .
أنهت كلماتها وأعادت النظر اليه فباغتها بقبلة بين يديه وأرسلها إليها وكأنه يقذفها بها مما جعلها تبتسم خجلا واستقبلت قبلته الشفافة وضمتها إلى قلبها مما أثار غريزته فغمز لها بكلتا عينيه مرددا على طريقتها التي جعلت تفاحة آدم المنتفخة في حلقه تتأرجح صعودا وهبوطا:
ــ لااا دي إحنا طلعنا جامدين وأشقيا أهو،
استمري على وضعك بقي يا بابا علشان عجبني النظام نكمل عليه بقي ونحاول نتطور يارحمتي ولا ايه رأيك ؟
عضت على شفتيها السفلى بخجل نال إعجابه ثم أكمل :
ــ هو احنا مخطوبين لبعض بقي لنا أكتر من سنة وكاتبين الكتاب زيادة عن أربع شهور ليه مكناش بنتكلم فيديو صوت وصورة دي طلع الموضوع حلو قووي ولذيذ وله متعة خاصة ،
إلا قولي لي انتِ هتحسي دلوك انك مستمتعة واحنا هنتحدت فيديو يارحمتي ؟
ابتسمت ابتسامة عذبة أثلجت صدره ثم أجابته برقة وقد راق لها تدلله وعبثه معها :
ــ أقول لك الحق ؛ مبسوطة قووي إنك هتتعامل وياي اني حبيبتك وروحك واني بالنسبة لك الدنيا وما فيها ، كلامك ومشاغبتك ليا دايما شاغلني ومخليني عايزة أشوفك وأكلمك كل وقت أنا بقيت بحس اني مقدرش أعمل حاجة ولا أتحرك خطوة بدون ماتكون انت فيها .
كانت عيناه تنظر إلى فمها المتحدث بهيام وهي تتجول على ملامحها تتشبع منها فتارة ينظر إلى عينيها وتارة إلى شفتيها وتارة أذناه تتعمق في معسول كلامها لذاته ، لقد أهلكت قلبه وعقله وأيضاً جسده الذي يود أن يخترق ذاك الهاتف الفاصل بينهما ويجذبها من يدها ويسحقها بين أحضان الحب والغرام فتلك الصغيرة سلبت لبه ثم تحدث بنبرة صوت هائمة :
ــ يوه عليكي يابت سلطان بدلتي الحجر الصوان لعاشق متلهف لضمتك ، صغيرة انتي بس حقيقي مهلكة قووي ،
ثم أكمل وجال بخاطره استفسارا عن عرسهم :
ــ جهزتي كل حاجة الفرح واتفقتي مع الميكب ارتيست والفستان والحاجات داي ولا لساتك دماغك معاندة ؟
تبسمت عينيها لاهتمامه بها ثم حركت رأسها للأمام:
ــ أه حضرت كل حاجة اختارت اصلا الفستان أون لاين ورحت قيسته من يومين اني ومرت اخوي وكل حاجة تمام .
سألها باهتمام:
ــ طب مش نفسك في حاجة معينة أو فقرة نعملها في الفرح تكوني حباها ؟
حركت رأسها للأمام بابتسامة عريضة وأجابته :
ــ أه حاجة مهمة قوووي هموت عليها .
ــ وه ! وتموتي ليه يارحمة اي حاجة هتطلبيها قولي عليها من غير كسوف داي ليلة العمر حقك … كلمات عاشقة نطقها ماهر فعقبت عليها بعيناي يملؤها الشغف :
ــ عايزة عصام صاصا يغني في الفرح بتاعي.
رفع حاجبه الأيسر بذهول وردد باستنكار :
ــ عصام مين ياختي ! مسمعتش عنه في طبق اليوم قبل اكده ، داي اسمه بس بيقول أنه مش ولابد .
حركت رأسها برفض وهتفت بإقتناع وهي تتشبث برأيها :
ــ مين دي اللي مسمعتش عنه دي اشهر مطرب مهرجانات في الوطن العربي دلوك ومليش صالح لازم تجيبه لي .
جز على أسنانه بضيق من تشبسها ليقول باستنكار:
ــ انتِ عايزة ماهر الريان يروح يجيب واحد اسمه صاصا في فرحي وأني كمان اللي أكلمه ! دي إنتي دماغك هبت منك ياهانم وغاوية تعجزيني بطلباتك وتنكدي علينا .
ارتعب داخلها من ضيقه وغضبه ثم تحمحمت وهي تبدي رأيها :
ــ أمم متكلمهوش انت احاول اوصلهم اني علشان متتضايقش .
نفخ بضيق أرعبها ثم هدر بها :
ــ رحمة متخنقنيش ياهانم واظبطي كلامك صاصا مين ده اللي عايزة تكلميه مركب قرون اني علشان تتفقي مع رجالة على فرحك وكمان واحد زي دي !
تأفأفت بضيق هي الأخرى من تحكماته في وجهة نظرها ثم نطقت بغيظ :
ــ والله بقيت بحس اننا مقرور علينا والعين راشقة فينا كد اكده ، هو أني بقول لك هروح اطلب يده ياماهر علشان تتعصب علي قووي اكده ! ولا هخرج اتفسح وياه ، وبعدين ده اشهر نجم مهرجانات في الوطن العربي مش قاعد على الوايتر هو يتكلم مع اللي بيحجزو .
مازال الضيق يسيطر على أعصابه فبمجرد سماع اسمه الغريب انقلبت معالمه الفرحة إلى حزينة ثم تحدث بنبرة متشبسة :
ــ لااا والله مايحصل الكائن دي ياجي فرحنا ويحيي ليلتنا ، وبعدين هو مش النجم آدم المنسي يوبقى قريبكم خليه ياجي راقي ومحترم وحاجة تليق بينا .
ابتسمت بسخرية يصحبها الدعابة وهي تردد :
ــ والله ! إنت عارف آدم في فرح يعني ايه!
دي فنان كبير والفيزيتا بتاعته فوق يامتر في العالي ،
واسترسلت حديثها بعيناي تلتمع بشقاوة :
ــ أما صاصا الفيزيتا بتاعته متاجيش نصه وكمان هيشعلل الفرح .
ــ والله انتِ اللي قاصدة تشعلليني وتموتيني ناقص عمر يامجنونة انتِ ! حد طلب منك انك تتكلمي في الفلوس أصلا ! دي انتِ عيونك هتلمع وهتتنطط من الفرحة وانتي هتقولي اسمه …. جملة استنكارية نطقها ماهر وهو يكاد يصاب بالجنون من تلك الصغيرة ثم أكمل بإنهاء المناقشة :
ــ بصي متحاوليش لاني مش هجيبه نهائي فبلاش نطول في الحوارات وترجعي تعيطي وتقولي بتعيطني وبتزعلني وانتِ اللي هتنكشي الزعل بالحوارات بتاعتك داي .
زمت شفتيها بامتعاض وتحدثت وهي تشعر بالغيظ الشديد منه :
ــ طب خليك انت فاكر انك رفضت تنفذ لي طلب هتجنن عليه في ليلة العمر وانت اللي هتزعلني بردو .
خلل أصابعه بين خصلات شعره ثم جلب الهاتف وبحث عنه على جوجل وهو يسألها عن اسمه الذي نسيه في لحظة وما إن جائت نتيجة البحث حتى تسمرت عيناه بذهول أدهشها من نظرته المتفحصة لصفحات جوجل ثم وجه الهاتف في وجهها هاتفاً بنبرة ساخرة:
ــ بقي عايزة تجيبي واحد يشعلل لك الفرح وهو مسجون على ذمة قضية قـ.ـتل !
قسماً بالله انك هتجلطيني ياشيخة ،
واسترسل حديثه بنبرة ساخرة وهو يتذكر كلماتها :
ــ قال اشهر مغني مهرجانات في الوطن العربي تاتك خيبة يارحمة ، سكي بقي على الحوار ومش هياجي الفرح غير آدم فقط لاغير ،
ثم أبدل نظراته الساخرة الغاضبة إلى أخرى عابثة وهو يرى تزمتها بعيناي يملؤها الشغف:
ــ بس مقلتليش ايه اخبار الروج الأحمر أخدتيني في الكلام على اسمه ايه دي ونسيت اكمل استفسارات عن الكلام المفيد .
قطعت كلماته مرددة بتعجب :
ــ هو الكلام عن الروج الأحمر مهم ومفيد في وجهة نظرك !
غمز لها بطريقة جعلت جسدها يتفتت خجلا وهو يهتز بمشاعر الاحتياج :
ــ وه أمال إيه ! انتِ لساتك صغيرة على الحاجات داي ويومين بالظبط وهبدأ اديكي دروس تقوية في العلاقات العاطفية بس انتِ ركزي علشان توبقي تلميذة شاطرة علشان تاخدي تقدير امتياز في حب ودوبان ماهر الريان .
ـــ يووووه ياماهر انت بتكسفني بجد بطل بقى طريقتك داي وياي هو انت موركش غير انك تتحدت معاي بالطريقة داي واصل من ساعة ماكلمتك .
ـــ الله مش عريس داخل على جواز وانتي العروسة فلازمن يدرس الأبعاد ويستكشف يبدأ اللعب إزاي .
ــ هااااااااا ، انت على فكرة سافل بقي ومتحرش كمان .
ــ وماله ياصغنن هو أنا بتحرش بحد غريب ، دي في حالتنا داي التحرش حلال قوووي .
ــ طب لو هتفضل تتكلم اكده هقفل والله .
ــ ويرضيكي تقفلي وتسيبي المتر هيشيط من غير ماتحني وتطبطبي وتدلعي .
ــ والله أنا اللي محتاجة الدلع والطبطبة مش انت هي الآية انقلبت .
ــ وأنا جاهز قووي وفي الدلع مقولكيش بس انتِ اظبطي الآداء وهتلاقي نفسك طايرة في السما يارحمتي .
ــ والله انت كل يوم هتسحبني لحدك بكلامك دي ومعرفاش هوصل وياك لحد انهي شط يابن الريان .
ــ سبيلي نفسك يابت المهدي وملكيش صالح واني سباح ماهر هيوصل لك لشط الغرام اللي هتدوبي فيه ،
ــ رحمتي .
ــ اممممم
ــ بحبك وهحبك ونفسي قلبي بقي يضم قلبك .
ــ وأني كمان هحبك ياماهر ونفسي ربنا يجمعنا على بعض واليومين دول يعدو على خير .
ــ هيعدوا يابابا وهتوبقى اجمل عروسة في الدنيا بحالها .
****””**”*”‘”***’****””*
في منزل حافظ الهنداوي يجلس يستشيط من الغضب من أفعال ابنة أخيه فبعد أن أعلن عن زواج ابنه منها وبدأ مراسم كتب الكتاب هربت يوم كتابها وجعلته يقف عاريا أمام المدعوين ولم يعرف بما يجيبهم ،
جعلت سيرته على ألسنة الجميع بالعروس التي هربت ورفضت الزواج من ابن المحافظ ،
ثم هتفت زوجته والغيظ يرتسم على معالمها :
ــ البت دي كسفتنا وحرجتنا قدام الناس وخلتنا ما نسواش قدامهم تعريفة لازم تجيبها وترميها تحت رجلي هنا وتعرف ان الله حق علشان الحركة اللي عملتها دي وكسرت بقلب ابني يوم كتب كتابهم ومن يومها يا حبيبي وهو ما بيخرجش من اوضته بعد ما وعدناه انه هيتجوزها وهيلاقي واحده تعيش معاه .
كان الاخر مغتاظا وبشدة ثم هتف بوعيد :
ــ ومين قال لك ان انا هسيبها ده انا هخليها تندم على اليوم اللي فكرت فيه تعمل الحركة دي بس المشكلة انها مع محامي عقر ومش شوية في البلد اللي هو فيها وكمان صعيدي يعني لو رحت لحد هناك برجلي هبقى بجيب لنفسي المشاكل لأنه راجل مش سهل خالص بس فيه خطة في دماغي هحاول اعملها واجيب البنت دي هنا تحت رجلي وانسيها دلع ابوها وأعلمها الأدب اللي ما تعلمتهوش في عمرها كله .
سألته باستكشاف وفضول :
ـــ خطة ايه يا حافظ ما ترسيني على الدور علشان خاطر ابقى عارفة كل حاجة وما ابقاش زي الاطرش في الزفة ؟
ضـ.ـرب بقبضة يده على الأخرى ثم أجابها :
ــ الناس اللي انا مكلفهم يراقبوا المحامي ده ويعرفوا عنه كل حاجة جابوا لي اخباره ان فرحه كمان يومين فأنا هستغل اليوم ده وهجيب البت دي،
هو هيكون مشغول في فرحه ومش فاضي يبص لها ولا هيعرف ياخدها من تحت ايدي ونبقى نشوف بقى هيعمل ايه لما يعرف انها جت هنا في منطقتي يبقى يجي بقى ووقتها هو الجاني على نفسه .
ابتسمت لخطته ونالت استحسانها ثم هتفت بتشجيع له :
ــ برافو عليك يا حافظ دماغك بتعجبني قوي لسه زي ما هي شغاله في السليم ،
اقوم بقى اطمن ابني ان هي هترجع له تاني تحت رجله واخليه يفرح .
أمسكها من يدها ومنعها من التحرك قائلاً بنصح:
ــ اصبري ما تبقيش متسرعة وتزعلي الولد تاني بعد ما عشمناه المرة اللي فاتت لما كل حاجة تتم في السليم وتيجي هنا قدامه ساعتها هيطمن بالفعل مش بالقول خلينا نظبطها الأول وارتب مع الرجالة وفي الآخر يحلها الحلال في التأني السلامه يا بيبي .
حركت رأسها للأمام واقتنعت برأيه تماماً ثم تحدثت بنبرة يملؤها الشماتة :
ــ حلو قوي مش هتكلم ولا حد هيعرف اي حاجة بس بليز يا حافظ خلي بالك وانت بتنفذ الحوار ده مش عايزين حاجه تبقى غلط في الموضوع .
وظل كلاهما يتحدثان بنبرة يملؤها الشر في كيفية التعامل مع تلك الشمس حين رجوعها الى منزلهم واجبارها على الزواج من ابنهم المعوق وهم يرون انهم على حق ويتهمونها بالتسيب ولكن هل يستطيع حافظ اخراج تلك الشمس من بين براثن ماهر الريان ؟
فلنرى ماذا سيحدث ؟
*****””””””******”””**
في كافيه مشهور بمدينة قنا يجلس جاسر ومعه ذاك الموكل في غداء عمل ويتحدثون في قضيته منذ ساعة وكانت تحضر ذاك الغداء مها فهي السكرتارية الخاصة به ونوعا ما لابد ان تحضر معه بعض المقابلات او بالأحرى هو من يجعلها تخرج معه كي يراها في كل وقته وكي يجعلها تخرج من دوامة الماضي برؤية أناسٍ كثيرين وتغيير الأماكن كنوع من الرفاهية انتهى جاسر من الحديث مع موكله ثم استئذن كي يغادر ومد يده لجاسر وتبادل معه السلام ثم مد يده كي يسلم على مها هي الأخرى وهو يردد بابتسامة جعلت ذاك الجاسر يقف مغتاظاً :
ــ سعيد جداً اني اتعرفت عليكي واتمنى نشوف بعض تاني .
بادرت مها بمد يدها كي تبادله سلامه ولكن سبقها جاسر وهو يسلم عنها بابتسامة سمجة لذاك البارد في وجهة نظره قائلاً بتبرير:
ــ الشرف لينا ياباشا معلش اصل الأستاذة مش بتسلم وموكلاني من أول يوم اشتغلت معايا فيه انها مهتسلمش على رجالة واصل .
أعادت مها يدها سريعاً وتمسكت بحقيبتها حرجا وأدارت وجهها للناحية الأخرى حتى يمشي ذاك الرجل الذي تحدث لجاسر مستئذنا بخجل وهو يشعر بانجذاب تجاه تلك المها بخجلها وأدبها :
ــ أه تمام ، على معادنا يامتر في المحكمة وخلي بالك مني .
ابتسم جاسر بابتسامة باردة ثم طمئنه :
ــ متقلقش ياباشا كله هيوبقى زين وبالنسبة للمواعيد مهتلاقيش اكتر مني التزام .
كان ذاك الموكل عيناه تجول ناحية مها التي جلست تقلب في صفحات هاتفها كي تشغل حالها ولم تركز معهم مما أثار حفيظة جاسر فتحرك خطوتان حتي وقف أمامها ومنع رؤيتها عن ذاك الأبله الذي لم يبالي بحركة جاسر في حجب رؤيتها عنه حتى استئذن وغادر المكان ، أما جاسر فور تأكده من مغادرة موكله استدار بجسده إليها وهو يشعر بنيـ.ـران الغيرة تأكل في صدره ثم ضـ.ـرب على المنضدة بحدة أذهلتها وفي نفس الوقت أرعبتها وهو يهدر بها :
ــ انتِ ازاي يا أستاذة كان عِندك نية تمدي يدك وتسلمي على السمج البارد دي هو أنا طرطور ولا حاجة علشان تعملي اكده ؟
تطلعت بمقلتيها بذهول لذاك المستشاط ولم تدرك سبب حدته تلك إلى الآن ثم سألته بنبرة هادئة كعادتها دون أن تتعصب :
ــ ممكن تقعد ونتكلم وأعرف جرى ايه لعصبيتك داي وصوتك العالي وحدتك معاي في الكلام ، حوصل ايه لدي كلاته ؟
جلس مكانه وهو يعبث في جاكيت حلته بزهق ثم أجابها صريحاً:
ــ فيها انك مينفعش تمدي يدك وتسلمي على راجل غريب عنك وكمان واني واقف وياكي دي أني معملتهاش لحد دلوك تقومي تمدي يدك للسمج دي ؟
تحدثت بهدوء كي تفهمه مقصدها وما زالت تحتفظ برقيها في الحديث معه :
ــ طب ماهو اللي مد يده هكسفه يعني !
من الذوق اني اسلم عليه بكل هدوء وخلاص .
ـــ أه دي عندها بقي يا أستاذة … جملة اعتراضية نطقها جاسر وعقب عليها بتحذير قاطع :
ــ الذوق ده تبليه وتشربي مايته أو من الأحسن تروحي تدفنيه وتخلصي منه علشان ميمشيش معايا خالص مليش في التحضر بتاع اليومين دول أصل اني راجل دقة قديمة قوووي .
تهجمت ملامحها بامتعاض من كلماته وأوامره وكأنها زوجته أو اخته وليست مجرد عاملة معه ثم سألته بنبرة جادة :
ــ طب معلش يامتر دي بمناسبة ايه يمشي معاك ولا ميمشيش علشان تستدعي دي كلاته ممكن تفهمني لو سمحت ؟
ابتلع غصته بروح منهكة من استفسارها ثم اعترف لها صريحاً دون لف كي يريح قلبه ويعرف مشاعرها تجاهه قبل أن يجذبها أحدهم :
ــ بمناسبة اني راجل بغير وبغير جداً كمان ولازم تراعي نقطة زي دي ولا تتكلمي مع راجل ولا يدك تلمس يد راجل حتى لو بالسلام من باب الذوق .
تطلعت بمقلتيه لتتحدث بنبرة تائهة ودقات قلبها تنفض داخلها من تلك الكلمات التي لأول مرة تسمعها مع تنهيدة حارة خرجت من صدرها :
ــ بتغير عليا بردو كيف مفهماش يامتر ؟
لـوهـلـة غَـاص فـي عـيـنـيـهـا وفـي مـلامـحـهـا الـجـمـيـلـة، لـوهـلـة أخـذه فـؤاده لـشـعـور أن يغمرها بين يديه ويعترف لها بعشقه لها ثم استجمع شتاته وانطلق الاعتراف صريحاً من على لسانه :
ــ واللي هيغير يا أم الزين على حد قوووي توبقى معناها ايه الغيرة داي ، يمكن علشان هحبك وكل لما اجي المكتب محبش إن يومي ينتهى والدقيقة الأخيرة تطول من عمري وعمرك علشان متسبنيش وتمشي ،
واسترسل حديثه باستفسار وهو مازال يتعمق النظر ببحر عينيها العسليتين :
ــ هو انتِ قلبك محسش بقلبي وبحبي لحد دلوك يا ام الزين ؟
تعلقت عيناها به بنظرة ضائعة أرجفت ذلك القابع بين أضلعه ثم بللت حلقها الذي جف من كثرة خجلها وخوفها وعدة من المشاعر المتضاربة داخلها ثم هتفت بنبرة ضائعة مشتتة :
ــ أني منفعكش يا جاسر انت لسه الدنيا قدامك تختار منها اللي تناسبك وتستحق توبقى معاك أما أني مجرد واحدة عايشة وخلاص بتقضي أيامها ولياليها بقلب مـ.ـيت .
حرك رأسه رافضاً بقطع ماتقول ثم أعلمها بنبرة واثقة :
ــ مين قال إنك متنفعنيش ! بنيتي احساسك وحكمك دي على أي أساس ؟!
هو القلب اختارك انتِ وأمور القلوب ملناش يد فيها وبعدين ليه هتستكتريني عليكي انتِ مينقصكيش اي شئ عن أي ست ،وبالعكس أني حاسس أننا شبه بعضنا قووي نفس الهدوء نفس الرزانة في الأمور فندي لبعض فرصة نتعرف أكتر وكل طرف فينا يدرس التاني عن قرب من قبل ما تحكمي .
رفعت جفونها ببطء ثم قالت بنبرة بائسة :
ــ صدقني يا جاسر أنا منفعش اكون معاك ولا مع غيرك ولا انفع اربط انسان بيا علشان أنا جوايا حطام وعندي تفاصيل وجع تكفي الدنيا بحالها ،
واسترسلت حديثها وقد تعمقت عينيها بالنظر داخل عينيه كثيراً وهي تبتلع ريقها:
ــ منكرش اني حسيت معاك مشاعر عمري كست وكأنثى عشتها مع غيرك ، حسستني اني كست متشافة ومهمة بكل المواقف اللي هتعملها معاي وبكل كلامك الجميل اللي يجذب أي ست بس صدقني أنا وأنت مننفعش مع بعض ، لازم تختار واحدة انت اول راجل في حياتها محدش داقها غيرك ولا كشف تفاصيلها الحلوة غيرك ، تعيش معاها تفاصيل البدايات الحلوة اللي تبسط اي راجل .
دق على المنضدة بأطراف أصابعه والتوتر أصبح سيد الموقف بينهم ولكنه لم يقتنع بأي من كلماتها وما تفوهت به الآن هراء بالنسبة له ثم رد على كلامها بنبرة متشبسة بها بوجودها بجانبه:
ــ ليه مصممة تقفليها يامها ! لحظات السعادة بين أي راجل وست ملهاش علاقة بالتجارب ولا الزمان ولا المكان ،
ثم أشار ناحية قلبه بقبضة يده مكملاً بإصرار لخوض التجربة وهو على ثقة في نجاحها :
ــ طالما القلب ده عشق يوبقى كل حاجة ليها حل وحكاية الأحاسيس والمشاعر بتاعت البدايات اللي هتقولي عليها دي متفرقش معايا خالص ، كل اللي يفرق معايا انك تحبيني زي ماهحبك ، تتمني قربي ووجودي في حضنك زي ماهتمنى .
تغلغل الشعور بالفقدان داخلها ما إن ذكرها بكلمة “الحضن” فطالما عاشت امرأة متزوجة مايقرب من عشرة سنوات لم تعرف معنى الحضن معنى الدفئ ومعنى الاحتواء ، لم تعرف في تلك السنين غير الجفاء ، غير الشعور بالحرمان من اي احساس ومشاعر من حقها كأنثى وللعجب أن لحظات البدايات التي قالت عنها لجاسر ستجعله يحياها معها بشراهة فلم تجربها من قبل ، لم تجرب شعور الاحتواء بين أحضان رجل بالرغم من سنوات زواجها ولكنها تقل له أية أسباب كي تجعله يبتعد عنها لما اقترفته في حق ربها ،
ولكن ايها المها إلى متي ستعاقبين حالك !
لقد حرمتي من كونك انثى سنوات لأجل الإحساس بجريمتك ؟!
الى متى ستقحمين حالك داخل دوامة الماضي الأليم وتعاقبينها على أن نفسك مازالت حية تتنفس على قيد الحياة ؟
لاحظ شرودها ، تخبطها ، وجعها ، تيهتها ، فأكد لها أنه يفهم ذلك بل ويعيه بشدة :
ــ طبيعي التخبط والتيهة والخناقات الكتيرة اللي جواكي دلوك مابين الحاضر والماضي والمستقبل ، طبيعي إنك تخافي تتقدمي خطوة أو انك تدي قلبك من جديد لتجربة جديدة وتتوجعي تاني ، بس مين فينا بيعيش لحظات السعادة كاملة ! مين فينا مش بتجي له أوقات بيحس أنه محطم وأنه كاره نفسه وكاره الدنيا وان الناس كلها وحشة وان الدنيا أضيق من خرم الإبرة في عنيه وبعدين لما يهدي ويفكر هنلاقي نفحات ربنا بيبعتها لنا تحسسنا إن زي ما فيه ناس حوالينا وحشين فيه كتيير قوووي حلوين ، وزي ما تجربة فشلت ننساها ونعيش غيرها وربنا يبارك فيها ،
واسترسل حديثه بنبرة راجية :
ــ ها ايه رأيك في كلامي مش ننسي بقي اللي فات من حياتك وحياتي ولا اني عايز اعرِف عنيها شئ ولا انتِ تعرِفي عن حياتي القديمة شئ وندفن الماضي تحت التراب ونعيش ولاد النهاردة بمشاعر اتولدت جديدة على يدنا احنا الاتنين بشخصية مها الجديدة ؟
اقتنعت باقتراحه نوعا ما ثم نطقت بخوف :
ــ بس حاسة بخوف ورهبة يا جاسر من التجربة .
تفحص شفاها التي نطقت اسمه بذاك الهمس الرقيق رغم خوفها فأراد أن يخرجها من دوامة الخوف مرددا بدعابة أخجلتها وهو يسبل كلتا عينيه لها :
ــ يووه على جاسر وسنينه يا ام الزين كمان مرة وهشدك من يدك وعلى المأذون طوالي تكتب الكتاب ونعلى الجواب والأميرة تسكن احضان الأمير بتاعها واول ماتسكن أحضانها جوة مدينة عشقه هتستكين والقلب يرتاح ،
ثم أكمل بمشاكسة وهو يغمز لها بكلتا عينيه:
ــ بس العواصف العاطفية هتشعلل ووقتها هياجي دورك بقي علشان تطفيها وتهدي النـ.ـار يا بطل .
ابتسمت برقة مصاحبة للخجل من مشاكسته لها ثم هتفت وهي تنظر جانباً:
ــ يوووه انت يادي بطل اللي كل شوية هتناديني بيها والله انت واخد فيا مقلب .
بنفس طريقته الدعابيه أكد لها:
ــ طب ما تيجي ابحث واكتشف بنفسي المقلب الجامد بالقووي اللي هتقولي عليه ووقتها هطلب منك مقالب ملهاش اخر ياأم الزين .
ضحكت بشدة على طريقته وملامح وجهه في الحديث معها التي تشعرها بعد الملل وأنها تريد المزيد والمزيد ولكنها شعرت أنها تأخرت كثيراً فنظرت في ساعتها ثم وجهت انظارها اليه قائلة:
ــ على فكرة الوقت سـ.ـرقنا واني اكده اتأخرت وماجدة هتخليني اقعد من الشغل خالص .
حمل مفاتيحه وقام على الفور آمرا إياها:
ــ له وعلى ايه كل الا زعل جدة العيال وتقعدك من الشغل وأحتاس اني قومي يالا اركبي عربيتك ونتحرك حالا.
هتفت باندهاش :
ــ جدة العيال مين انت عليك كلام …
قبل أن تكمل غمز لها :
ــ يدوخ صح ويجنن ويخليكي مش عايزة تمشي وتفارقيني يا أم الزين ؟
حملت حقيبتها وهاتفها ثم قالت :
ــ لاااا دي انت لو قعدت شوية كمان معاك هتجبلي تروما من كلامك الغريب دي يامتر .
ضحكا كلاهما بشغف بقلبان يتفتحان من جديد لحياة يتمنوا أن تكون الافضل على الاطلاق كي تنسيهم أياما مريرة عاشوها في تجاربهم الفائتة ولكن ماذا يخبئ لهم الزمان ؟
******””””*****”””***
ونمضي بخيالنا إلى ذاك الثنائي المتعَب “آدم المنسي” وزوجته “مكة الجندي” حيث مرت ليلتهم كئيبة عليهم بسبب عناد كلاهما وتيبس رأسهم هو يرى أنها لم تحتويه في أشد لحظات احتياجه لها وهي ترى أنه تركها في عز تعبها وهي في تلك البلدة وحيدة لا أم معها ولا أخت كي ترتمي في أحضانهم اوقات تعبها وليس لديها غيره تحتمي من أوجاعها داخله ،
ولكن هو لام نفسه كثيرا على تركه لا ولكن وساوس الشيطان هي من جعلته تركها في لحظة غضبه ، كانت حبيسة الغرفة على حالها ولم تريه وجهها منذ ليلة أمس فهي شعرت بالحزن منه ،
وقف أمام باب الغرفة التي تحبس حالها داخلها يقدم قدماً ويؤخرها وهو في شتات بين كرامته وأوامر قلبه وفي الآخر استجاب لنداء قلبه ثم دق على الباب مناديا إياها:
ــ مكة أنا جهزت الفطار وعايز نفطر مع بعض ممكن تفتحي الباب ؟
لم يجد منها رداً غير البكاء مما جعله يمسح على شعره بضيق من تركه لها فمهما كان ليس لها غيره ثم دق على الباب برفق مستجديا إياها باستعطاف :
ــ طب ممكن تفتحي الباب علشان تفطري اللي في بطنك على فكرة ملهوش ذنب في إنك تذنبيه من غير أكل والدكتور مأكد عليكي الغذا ووجبة الفطار بالذات علشان الانيميا اللي عندك وجسمك الضعيف ، وبعدين الأكل والشرب ملهمش علاقة بأي زعل بينا .
كانت في الداخل تبكي بدموع صامتة فهي تشعر بالضيق منه كثيراً ولكن كلامه صحيحاً طفلها أمانة داخل أحشائها ووجب عليها الحفاظ عليه ثم قامت بأقدام بطيئة ناحية الباب وفتحته مما جعله ابتسم وهو يشعر بالانتصار لنجاح محاولته معها في جعلها تفتح الباب وتنير الكون بطلتها أمامه ،
ما إن رآها حتى جذبها إلى أحضانه حتى وهو يرى تملصها من بين يديه ولكنه كان يشعر بالارتياح ثم تاسف لها بجانب أذنها:
ــ معلش حقك عليا اني سيبتك وانتِ تعبانة امبارح.
ثم أخرجها من أحضانه وقبلها من جبينها وكلتا عينيها وهو مازال يعتذر لها في كل قبلة ولكنها أبعدته بيديها وهي تشعر بأن رائحة البريفيوم الخاص به تشعرها بالغيثان وتلك حالتها منذ أن حملت ثم دفعته وجرت مسرعة إلى الحمام وأفرغت ما في معدتها مما جعله اندهش من حركتها ودفعها له وفسر حالتها على انها مشمئزة منه أو لم تريد الاقتراب منه ثم نفخ بضيق من حالتهم تلك وذهب ورائها واقترب منها كي يطمئن عليها ولكنها ما إن اقترب منها واشتمت رائحته مرة أخرى حتى ازداد غثيانها فابتعد عنها بعض السنتيمترات وهو يسألها بعتاب :
ــ قد كدة كارهة قربي ومش طايقة لمستي ولا وجودي جمبك يامكة ليه كل ده يعني ! اللي حصل بينا موقف عادي جداً وزعل بسيط أقل مابيحصل بين أي زوجين .
كانت تلتقط أنفاسها بصعوبة فهي في الأسبوعين الأخيرين من ذاك الوقت وهي متعبة بشدة وحتى أنفاسها لاتطيقها ثم جففت وجهها المبتل ،
لاحظ شحوب وجهها وأن الموضوع أكثر مما يتصور أو يتخيل فمد يده لها كي تستند عليه وخرجا من الحمام ثم عللت له وهي تداري عينيها عنه لأنها مازالت تشعر بالضيق منه :
ــ معلش اني زقيتك اكده بس غصب عني ريحة البرفان بتاعك مش طايقاها بسبب الحمل مش عارفة ايه الاحساس الغريب دي .
جذب وجهها إليه برفق ثم أبعد يداه الممتلئة برائحة البريفيوم كي لايتعبها أكثر ثم عاتبها على تخبئة وجهها عنه :
ــ طب هغيره لنوع تاني إنتِ اللي هتختاريه بنفسك وتكوني متقبلاه ، بس ليه بقي بتداري عيونك عني انتِ لسه زعلانة ؟
التمعت عينيها بالدموع وهي تتذكر تركه لها ثم تمتمت بنبرة خافتة لائمة :
ــ أه طبعاً لسة زعلانة منك قووي ، انت سبتني في عز ضعفي واحتياجي ليك امبارح علشان حوصل بيناتنا مشكلة صغيرة وشد في الكلام مني ليك ، أني معترفة اني غلطت معاك في أسلوبي وفي طريقة الحوار بس دي ميخلكش تسيبني وانا بتوجع وتهرب وتمشي وانت عارف اني اهنه وحيدة وبعيدة عن أهلي ومليش غيرك وكمان إن مكنتش انت تتحملني لو ضايقتك بكلامي علشان شهور الحمل الأولى الست بتوبقى نفسيتها صعبة جداً مين هيتحملني ؟
أنهت كلماتها ودخلت في بكاء مرير وكاد أن يقترب منها كي يجذبها إلى أحضانه ولكنه تذكر رائحته ثم ربت على ظهرها بحنو معتذرا لها بندم :
ــ طب معلش حقك عليا اني المفروض مكنتش اخلط بين خناقتنا واختلافنا وتعبك وعموما ياحبيبتي بوعدك اني عمري ماهسيبك تاني ،
ثم بدل طريقته المعتذرة إلى أخرى عابثة مرددا بشقاوة :
ــ انتِ لازم تشوفي لك حل في حكاية البرفيوم دي كدة مينفعش ياموكتي انتِ عارفة النجم ميقدرش يبعد عن أحضان حبيبه .
ابتسمت برضا وقبلت اعتذاره وندمه ثم اعتذرت له هي الأخرى :
ــ وأني كمان أسفة اني شديت معاك في الكلام المفروض كنت أتعامل مع الموقف بهدوء اكتر من اكده بس هي ساعة شيطان بقي .
ربت على بطنها التي تحمل جنينهما بحنو ثم أرضاها بكلماته الراقية التي تليق بمثله :
ــ ربنا يخليكي لينا وميحرمناش من وجودك جنبنا ياقلبي وإن شاء الله مفيش زعل تاني .
فالاحترام بين الزوجين في الإسلام قال تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)
فلقد حثّ الإسلام كِلا الزوجين على مراعاة كل منهما الآخر، بإظهار مشاعر الحب والاحترام أمام الجميع، وأن يجعل كل منهما الآخر في المقدمة من حيث الاهتمام بعد الوالدين وأن يكون أهم شخصية في الحاضرين وإظهار هذا الاحترام أمام الآخرين يديم الحياة الهانئة السعيدة بين الزوجين، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عن خديجة رضي الله عنها: (إنِّي قدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا) وعندما سُئل: (أيُّ النَّاسِ أحَبُّ إلَيْكَ؟ قَالَ: عَائِشَةُ)
وإن من آكد الحقوق بين الزوجين حق الاحترام والمعاشرة بالمعروف، فمن مظاهر احترام المرأة لزوجها طاعتها له، وتزينها له وتبسمها في وجهه وحفظها له، أما عن مظاهر احترام الزوج لزوجته فتتجلى في إحسانه إليها، وتجاوزه عن هفواتها والاحترام بين الزوجين من أصل الدين، ويعتبر من القربات التي يتقرب بها الزوجين إلى الله عز وجل، حيث يساهم في حسن سَير الحياة الزوجية المستقرة للأسرة المسلمة، فالزواج مؤسسة اجتماعية بالغة الأهمية في حياة كل رجل وامرأة .
*******””””********
في منزل سلطان المهدى كانت زينب تشاهد التلفاز ولكنها كانت في عالم آخر ولم تشعر بدخول سلطان عليها حتى انها ردت سلامه بغير بال وفسر ذلك اندماجها مع المسلسل التي تسمعه حيث كان المسلسل “عائلة الحاج متولي ” هو يعرف مدى عشقها لذاك المسلسل وكان المشهد بالتحديد عندما كان “متولي” جامعا لنسائه الثلاثة كي يخبرهم بزواجه من الرابعة ، فنحدث إليها:
ــ أهو الراجل دي كان عنده قوة على نسوانه التلاتة جبارة وكل واحدة فيهم قبلت على نفسها انه يتجَوَز غيرها وقعدت جاره وحطت بلغة في بقها .
كانت غير منتبهة لبداية حديثه ولكنها اندمجت معه عندما استمعت أذناها الى غرابته ثم رفعت حاجبها بغيظ من كلامه وهتفت باستنكار:
ــ أه وايه تاني ياخوي فطمني اكده وكلمني عن متولي وعقليته الجامدة اللي خلت أربع نسوان تحت رجله أمال إيه .
تحمحم لبداية العاصفة التي لمحها على معالمها والتي بالتأكيد ستبدأ آنذاك وسينعكس رأيه في المسلسل عليه الآن :
ــ أممم.. مش المقصد يعني يازينب اني قصدي انهم كانوا هيحبوه لدرجة تنازلهم عنه وان كل واحدة فيهم قبلت يوبقى ليها شريك معاها فيه والعجب كماني ان فيهم المِتعلمة والمعلِمة والأستاذة وأخرهم البت اللصغيرة داي كان جايب قدرة الاقناع ليهم كيف تخليهم ميستغنوش عنه ويتمنوا له الرضا يرضي كماني .
ما زالت تتخذ وضع الهجوم الذي ستشنه عليه الآن ثم نظرت إلى التلفاز وحدثته كأنه إنسانا يجلس معهم بطريقه ساخرة أزعجت سلطان لأن الأمر بمجمله لن يعجبها :
ــ سايق عليك النبي “صلي الله عليه وسلم” ياحاج متولي تقول لسلطان جوزي ابو عيالي بَلَفْت دماغ الحريم كيف وخليتهم هيحبوك ويرضوا يكونو مثنى وثلاث ورباع ياخوي علشان عايز يتعلم .
ضـ.ـرب بعصاه أرضا بطريقة تدل على غضبه منها ثم عنفها :
ــ بالك انتِ يازينب إنتي ولية مبتفهميش وميتقعدش معاكي أصلا ويوبقى الواحد مبيفهمش انه هيتحدت وياكي كيف الحريم الزينة اللي هتتناقش مع أحوازتهم عدل لكن انتِ مبتعرفيش غير تنطحي وبس وأدي القعدة ليكي أها متسعناش إحنا التنين .
لم يعجبها كلمة نطح التي ذكرها فهدرت به هي الأخرى قبل أن يغادر المنزل ويتركها :
ــ ايه تنطحي داي ياسلطان شايفني بهيمة قدامك ولا ايه ابقى حاسب على كلامك اللي هتقوله لمرتك أم عيالك الزين اللي ربيتهم تربية عالية قبل ماتقول لها تنطحي .
نفض عن كلامها بيده مما جعلها تغتاظ بشدة وفور أن غادر المكان تمتمت مع حالها وهي تتآكل غيظا من كلماته وتستهزأ بها :
ــ تاتكو نيلة رجالة نكد وتجيبو وجع الراس ،
قال ايه يتمنوا له الرضا يرضي وهيموتو فيه ،
ثم نظرت إلى التلفاز مرة أخرى وابتسمت لمسلسلها المفضل وهي ترى متولى يغازل عروسه الرابعة وعيناها تلتمع شغفا وهي تشاهده ومنذ قليل كانت تعترض عليه أمام سلطان في موقف يشيب شعر الراس من تقلبات تلك الزينب ،
ثم بعد قليل هبط عمران من شقته قرب اذان العشاء فاقترب منها وقبلها من رأسها كعادته وهو يلقي السلام عليها :
ــ كيفك ياحاجة زينب ؟
ثم جالت عينيه تلقائيا ناحية التلفاز ووجد نفس المسلسل التي تشاهده زوجته في الأعلى :
ــ يوووه يا دي المسلسل الحمضان دي هو مفيش غيرَه فوق وتحت واتفرجتوا عليه ياجي ٢٠٠ مرة ايه مهتزهقوش من الفرجة عليه واصل ؟
ضحكت زينب لاعتراض ولدها وقبلته بصدر رحب على عكس سلطان وحديثه عنه ثم أكدت له :
ــ ولو دخلت عِند أم علي وأم جمال وأم حسين جيراننا ونص بيوت مصر هتلاقيهم متنحين اكده قدام المسلسل وهيتفرجوا عليه وابتسامتهم من الودن داي للودن داي أصله عامل اكده زي الجبنة المش مهما كلنا منها بنشتاق وكانها البتاعة اللي هتسموها نوتيلا داي .
ضحك عمران بشدة على كلمات زينب ثم انتصب واقفاً وهو يستئذنها مرددا بدعابة تعشقها من ولدها المحبب إلى قلبها :
ــ إذا كان اكده ماشي يا أم عمران ربنا يسعدك ويفرح قلبك وطالما متولي هيخليكي مبسوطة ويضيع الوقت الفاضي حداكي اتفرجي عليه همشي أني بقى هروح أصلي العشا في الجامع وهقابل محمد صاحبي .
نظرت إلى الأعلى بانتصار فحان وقت التحدث مع سكون في ذاك الموضوع الذي يؤرق صدرها ويتسبب لها في عدم نومها ليلا ونهارا فهو ابنها الوحيد وتشعر بالقهر لأجل حرمانه من نعمة البنون ثم نظرت إليه هاتفة بدعاء:
ــ حرما مقدما ياولدي ربنا يجعلك في كل خطوة سلامة ،
وأكملت برجاء لرب العباد :
ــ ربنا يجبر بخاطرك ويديك على قد حنيتك وطيبة قلبك ورضاك ليا دايما يابن قلبي وعمري.
أمن على دعائها بقلب مطمئن ثم ودعها وغادر المكان فقد بدأ المؤذن تكبيراته لآذان العشاء وفور تيقنها لخروجه وتأكدها من خلو المنزل غيرها هي وسكون صعدت إليها وهي تنتوي أن تتحدث معها كي يستريح قلبها ويهدأ داخلها لأجل ولدها ،
وصلت إلى شقته ثم دقت على الباب دقات هادئة وانتظرت حتى فتحت لها سكون الباب والذي ما إن رأتها حتى شعرت الارتياب والخوف لأول مرة وسقط قلبها بين قدميها ثم أشارت بيديها إليها أن تدلف بلسان يرجف :
ــ اتفضلي ياماما الحاجة دي احنا زارنا النور .
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية من نبض الوجع عشت غرامي)