روايات

رواية من أنا الفصل السابع 7 بقلم حليمة عدادي

موقع كتابك في سطور

رواية من أنا الفصل السابع 7 بقلم حليمة عدادي

رواية من أنا الجزء السابع

رواية من أنا البارت السابع

من أنا
من أنا

رواية من أنا الحلقة السابعة

شعر بالعجز واليأس، فقد غلب عليه إحساس القنوط. حاول التقدم نحوها، لكن قلة الطعام والشراب أضعفت طاقته، إضافة إلى تلك السلاسل الملعونة التي تعيق حركته. أطلق زفرة ضيق وصفعت صرخاته المكان من حوله، وهو يسعى لتحريك الكرسي، لكن دون جدوى. بينما بذل قصارى جهده، فجأة رفعت رأسها، وتساقطت الدماء من جابنها على وجهها. عانت بشدة وهي تقف بصعوبة تحت وطأة الألم، ثم وضعت يدها على جابنها. وعندما شعرت بشيء سائل، رفعت يدها لتكتشف ما بها، وفجأة تبدلت ملامح وجهها، حيث بدت مظاهر الرعب واضحة عليها. لم تتمكن من السيطرة على خوفها وبدأت تصرخ بشكل هستيري، ثم سقطت على ركبتيها، حيث راحت تفرك يديها بالأرض وهي تبكي بشدة.
سعى يونس إلى إيقافها بكلماته عسى أن تستمع له، لكنها لم تعره أدنى اهتمام. استمرت في تمريغ يديها بقوة على الأرض حتى نزفت، بينما كان أنينها يرتفع. رويداً.رويداً وعندما أدرك يونس أن محاولاته لن تجدي نفعًا، صرخ بصوت عالٍ قائلاً:
_ تقى اهدي مافيش حاجة دا مجرد جرح بسيط قومي كدا هتأذي ايدك.
بمجرد أنهى حديثه، توقفت ورفعت رأسها لتنظر إليه، وقد انهمرت دموعها على وجنتيها، مختلطة بجراحها وعلامات الذعر بادية على ملامحها. نهضت ببطء، تحتضن نفسها بذراعيها وهي تترنح تحت وطأة الهلع، ثم تقدمت نحوه بنظرات مشوبة بالخوف لم يفهمها، حتى وصلت إلى جانبه وجلست بجانب قدميه،عندما ابصر رعبها من قطرات الدم، أدركت أنها قد عاشت مأساة مؤلمة جعلتها تخشى من الدماء. تنهدت تنهيدة تحمل في طياتها معاناة وآلامًا، وازداد شعورها بالخوف. لم يعد يفكر سوى في كيفية إبعاد هذه الفتاة عن هذا الخطر، والسعي للعثور على أهلها ليعتنوا بها. تحدث دون أن ينظر إليها حتى لا يتزايد خوفها من مظهر وجهه، ثم نادى بكلمات ليطمئنها قائلاً:
_ مافيش حاجة تخوف إنتي كويسه ماتخافيش أنا جنبك تمام ..
***********
بين قلقها على ابنتها والتحديات الصعبة التي فرضها الشرط المفروض، اجتاحها شعور من الذعر خوفًا من فقدان ابنتها. حيث أدركت أنها تجهل الكثير عن هذه الأمانة وشرطها الثاني طلبه لزواج منها رغم تفضيلها الموت على العيش مع شخص نرجسي خالٍ من الرحمة، إلا أنها أدركت أن الوقت ليس مناسبًا للعناد والرفض، بل ينبغي عليها أن تواصل المحاولة لبلوغ ما ترغب به. تنهدت بتعب وقالت:
_ أنا موافقه على الجواز ياوليد بس سيب بناتي وبالنسبة للأمانة فأنا معرفش عنها حاجة صدقني ..
ابتسم بشر واقترب منها، محاولًا الإمساك بيدها، لكنها تحركت بعشوائية، مُبديَةً اشمئزازها منه وكأنه شعر بأنه يستمتع بحالتها هذه. ثم قال:
_ أنا هصدقك المرة دي يامنه رجالتي هياخذوك لبيتي وهناك هيجهزوك لكتب كتابنا ..
أنهى حديثه ثم اقترب من إيلول، وكانت ابتسامة مكر تعلو وجهه. أمسك برفق وجنتيها بيديه، مما جعل جسدها ينتفض بينما سقطت الدموع من عينيها في حالة من الخوف.قهقها وليد عاليا ثم قال:
_ خايفه ليه أنا عمو وقريب هبقى بابا ومش هعذبك تاني ..
ابتعد عنها وهو يضحك بطريقة جنونية، ثم استدعى بعض الرجال الذين دخلوا على الفور واصطفوا أمامه في استعداد لتنفيذ أوامره. ثم أشار نحو منة وتحدث قائلاً:
_ فكوا منه وبنتها وخذهم البيت عندي جيبولها هدوم جديده وأكل ..
توجهوا بسرعة لتنفيذ طلبه وأطلقوا سراح منه وابنتها. وما إن تم فك الحبال عنهما حتى أسرعت إلى ابنتها، معانقة إياها بقوة، وانفجرت في بكاءٍ مؤثر بينما كانت ابنتها منهارة في أحضانها.
أظهر وليد استياءه وتحدث قائلاً:
_ خذوهم بسرعه مش عايز غلطه أنا ماشي عندي حاجة مهمه ..
أنهى حديثه وانصرف مسرعًا، بينما ابتسمت منة وعزمت على تنفيذ ما تفكر فيه. تمسكت بيد ابنتها بقوة وسارت نحو الخارج. وحين خرجوا، أصرت على إمساك يد ابنتها بشدة، وعندما نظرت إليهم، وجدت أنهم لم يولوا انتباههم لهما. سحبت ابنتها وركضت بعيدًا بكل قوتها. وفي تلك اللحظة، وقف أحدهم دون حركة، واستخرج سلاحه، وأطلق رصاصة دوّت في المكان.
**********
انتظروا تصريحات الطبيب بقلوبٍ تتراقص فيها مشاعر القلق، وأرواح تكاد تنفصل عن الأجساد من شدة الخوف مما قد يُعلنه. وبعد لحظة من الصمت الثقيل، نطق الطبيب بأسفٍ قائلاً:
_ الرصاصة دخلت في مكان خطير في رجله للأسف مش هيقدر يمشي لفترة طويله يمكن مع العلاج هيرجع يمشي زي الأول ..
انزلقت كلمات الطبيب على مسامعهم كالصاعقة، فاجتاحت قلوبهم بصدمة لا تصدق. انفجرت زينب في نوبة من البكاء، بينما سعى أحمد جاهداً للتماسك، و هتف بكل أمل متسائلا ً:
_ يعني مافيش أمل يادكتور أرجوك إعمل أي حاجة إبني لما يعرف مش هيستحمل ..
أجاب الطبيب قائلاً:
_ إحنا عملنا اللي علينا ربنا يشفيه ..
أنهى الطبيب حديثه وترك المكان. اقترب أحمد من زوجته محاولًا تقديم المواساة لها، بينما كان قلبه يتألم من فقد أبنائه: واحد في الداخل والآخر لا يعرف مصيره. كان يشعر كأنه محاصر بين نارين. ربت على يدها قائلًا:
_ إهدي يازينب حسام قوي وهيكون بخير فترة وهتعد وهيبقى كويس ..
أخذت نفسًا عميقًا، محاولًة إخراج صوتها الذي اختنق بالدموع. كانت الكلمات تتعثر في حلقها، بينما شعرت أن قلبها يكاد يخرج من بين ضلوعها، فكل نفس تتنفسه يذكرها بمعاناة أبنائها.لم تحتمل أن يتعرض أي من أبنائها للأذى؟خفضت زينب رأسها إلى الأرض، مغمضة عينيها في محاولة يائسة للسيطرة على دموعها المتدفقة. تبدو وكأنها لم تعد قادرة على فعل أي شيء سوى الانهيار في البكاء. ارتفعت أصوات شهقاتها، وهي تهمس بصوت مفعم بالألم:
_ مش قادره يا أحمد إبني لو حصله حاجة أنا هموت أنا مستعده اديه روحي بس هو يقوم بالسلامة ..
وضعت زينب يدها على خديها لتجفف دموعها، داعيةً بأن يكون أبناؤها بخير. وكانت مريم، التي لا تقل حالتها عن حالة والدتها، تذرف الدموع خوفاً على مصير إخوتها. حاولت شهيرة أن تواسيها قليلاً مسكت يدها تربت عليها. وبعد فترة بدت كالسيف الحاد على رقابهم، أقر الطبيب بزيارة حسام، وما إن سمعت زينب بموافقته حتى اندفعت نحو الباب واقتحمت الغرفة.اجتمع الجميع حول حسام، وكل منهم يسأله بلهجة مشوبة بالقلق عن حالته. لكن حسام كان نظره مشدودًا نحو شهيرة، حيث بدت ملامح الغضب واضحة على وجهه. حاول النهوض لكنه شعر بآلامٍ في جسده، فعاد إلى مكانه متألماً ثم تحدث بنبرة حادة قائلاً:
_ إيه اللي جابك هنا إطلعي بره مش عايز أشوفها طلعوها بره ..
**************
مرت اللحظات وازدادت برودة الجو، وفي كل مرة كان ينظر إليها، يجدها صامتة، لكنها كانت تسرق النظر إليه في كل ثانية، تقترب بجانب قدميه كأنها تشعر بالأمان لوجوده. فجأة، انتفضت مذعورة عندما سمعت أحدهم يفتح الباب، فاستحكمت في قبضتها عليه، وعينيها مصوبتان نحو الباب. دخل عدة رجال ومعهم وليد، ثم اقترب وليد من يونس، وضحك بصوت عالٍ قائلاً:
_ وأخيراً لقيتك يايونس وهلاقي الأمانة كمان ماعنديش وقت عايزك تقولي فين الامانة بسرعة. ..
غضب يونس حتى أصبح لون عينيه كالمزيد من الدماء، واكتسب وجهه مظهراً مخيفاً يُثير الرعب في نفوس من يراه. وعندما لمح وليد هيئة يونس، ارتدَ إلى الوراء مذعوراً وقال:
_ ده مش بني آدم دا شيطان اربطوه كويس دا مش بني آدم عادي ..
كانت كلمات وليد بمثابة قطع زجاج مكسور، تجثم في قلب يونس، تتحرك عشوائيًا مثل طائر جريح داخل قفصه،
اهتز بقوة، مما أضفى عليه منظرًا مريبًا. لم تُحرك تلك القيود التي تعيق حراكاته، وسقط به الكرسي إلى الأرض، بينما وليد يراقبه بخوف. في الأثناء، كانت تقى واقفة تراقبه، وعندما سقط، أسرعت نحوه محاولًة إسناده ليستعيد توازنه. ولكن وليد كان أسرع منها، فأمسك بذراعها ليبعدها عن يونس إلا أنها فاجأته بدفعة قوية إلى الوراء كادت أن تفقده توازنه. ثم نظرت إليه بنظرات مليئة بالكره والغضب، وبدأت تتحرك نحو يونس، لكن شعرت به يمسك بمعصمها ويجذبها نحوه، ثم صاح قائلاً:
_ إنتي شكلك نسيتي أنا مين ولا عامله نفسك مش عرفاني كنتي فاكره إنك هتقدري تهربي مني ..
نظرت تقى إليه بدهشة، وضيقت عينيها مستفسرة،و
حاولت سحب ذراعها منه، لكنها فشلت في ذلك أمام قوته، حيث ضغط على معصمها حتى تأوهت من الألم. ورغم ذلك، تماسكت ونظرت إليه بغضب. في تلك الأثناء، كان يونس يحاول النهوض، إلا أنه شعر بالعجز والقهر، لكنه لم يستسلم ولم يرغب في إظهار ضعفه أمامهم. وفي لحظة اقترب منه اثنان، أعاداه إلى مكانه مرة أخرى. وجه وليد أنظاره نحو يونس، حيث كانت تلمع في عينيه لمعة شر، ثم تحدث قائلاً:
_ إنت شكلك عنيد ياشيطان بس هتتكلم غصب عنك وتقول ايه علاقتك بالأمانة وهي فين ..
ابتسم يونس ابتسامة تحمل طابعاً مرعباً، ثم صرخ بصوت قوي قائلاً:
_ أنا معرفش حاجة ومعرفش ايه هي الأمانة اللي بتتكلم عنها ،بس إنت هتندم أوي على اللي إنت عملته دا ..
عبر وليد عن استيائه بضغطه على أسنانه عندما أدرك أنه لن يحصل على أي شيء بسهولة من يونس. وقرر أن يلجأ إلى استخدام القوة عله يتمكن من تحقيق ما يرغب. ثم وجه حديثه لأحد رجاله قائلاً:
_ هات الكرباج وأفضل أضربه من غير ماتقف لحد ماينطق ويقول كل حاجة ..
أنهى حديثه ثم تراجع إلى الخلف وهو يمسك بتقى التي كانت تحاول الفرار منه، بينما قام أحد رجاله بمدّ سوطٍ وانهال به على جسد يونس. ومع كل ضربة من السوط، لم يكن الألم يدفع يونس إلى الصراخ من شدة الوجع، بل من وطأة القهر الذي يعتصره. حاولت تقى دفع يد وليد عنها بكل قوة، وكأنها قطة متوحشة، إذ ازدادت شراسةً وظهرت القوة في عينيها، لتعضّ يد وليد بكل ما أوتيت من قوة.
دفع وليد تقى بعيدًا عنه، ممسكًا بيده وهو يعاني من الألم. استغلت تقى انشغاله، واندفعت نحو الرجل الذي يقوم بضرب يونس، حيث أمسكت بذراعه بقوة مما أعاق حركته. وفجأةً، شعرت بشيء حاد يلامس رقبتها.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية من أنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى