روايات

رواية من أنا الفصل الخامس 5 بقلم حليمة عدادي

موقع كتابك في سطور

رواية من أنا الفصل الخامس 5 بقلم حليمة عدادي

رواية من أنا الجزء الخامس

رواية من أنا البارت الخامس

من أنا
من أنا

رواية من أنا الحلقة الخامسة

شعر بقلق وخوف من إحتمال تعرض الفتاة للأذى بسببه. حاول النهوض، لكن تلك القيود كانت تعيقه وتعرقل حركته، ولم يستطع تحرير نفسه منها رغم محاولاته المستميتة لإستجماع قواه والتحرك نحوها حاول أن يهتز بشكل عشوائي ليجعل المقعد الذي يجلس عليه يتحرك، لكن بسبب سرعته وقوته سقط المقعد أرضًا. تأوه من الألم عند إصطدامه بالأرض، وضغطت عليه القيود، زحف بالكراسي حتى إقترب منها وفجأةً، سقط القناع الذي كان يخفي وجهه. حاول أن يحرك يده لإسترجاع القناع، لكنه لم ينجح.
لذا ترك أمره لله ثم هتف منادياً:
-تقى، تقى بالله عليك ردي عليا أو إتحركي حتى عشان أطمن.
فتحت عينيها ببطء وحركت بصرها في المكان بعشوائية حتى وقع نظرها على وجه يونس المخيف. إتسعت عيناها بشكل مفاجئ، وإنتفضت من مكانها لتصبح جاثية على ركبتيها، بينما إنكمشت ملامح وجهها التي عبرت عن خوف عميق إنعكس بوضوح على تعبيراتها. أدرك يونس أنها شعرت بالخوف من مظهر وجهه، لكنه لم يكن معنيًا بذلك. إلا أن هذا الأمر كان يؤلمه دائمًا. رأى كيف أن الناس تخشى الإقتراب منه، فتنفس بعمق ثم قال :
-متخافيش من شكلي ممكن تساعدني أقوم ؟ إيدي بتوجعني بسرعه علشان نفكر إزاي هنطلع من هنا .
حالما أنهى كلماته، نهضت بسرعة وإقتربت منه محاوِلةً دعمه لرفعه عن الأرض. كانت المهمة صعبة نظرًا لجسدها النحيف ولكنها تمكنت بعد جهد جهيد من رفعه. جلست أمامه تلهث، بينما كان هو يصك على أسنانه من شدة الألم ثم قال :
-أنتي كويسه ؟ في حاجة بتوجعك ؟ عارف أنو كان صعب ترفعي الكرسي بيا .
رفعت بصرها إليه، و شبه إبتسامة إرتسمت على شفتيها، ثم هزت رأسها في إشارة رفض. بعد ذلك، وقفت وإقتربت منه، وبدأت تتأمل السلاسل، محاولةً إيجاد حل لفكها .
حاولت سحب يده من قبضة السلاسل، لكنه تأذى وأطلقى تأوه ألم فإبتعدت عنه بسرعة ونظرت إليه بتعبير أسف تنهد بضيق، مدركًا عجزه عن فك هذه القيود. سرت في ذهنه آلاف الأسئلة حول سبب ملاحقته وما الذي يريده منه الآخرون، والآن يبدو أن الجميع يتعرض للأذى بسببه، حتى الفتاة التي لجأت إليه، فقد وجدت نفسها في مأزق بسببه،
نظر إليها فوجدها تحدق به في صمت دون أن تصدر عنها أي رد فعل. شعر أنه يتتوق لإفشاء ما في داخله، فإستجمع أنفاسه وقال :
-مش عارف أنا مين وليه ديما بهرب و ليه ديما أهلي بيحاولوا يخبوني ليه الناس دي بدور عليا انا بقيت حاسس إني مجرد خطر أقرب ناس ليا بتأذوا بسببي.
تجلت آثار الحيرة على ملامحها وراودتها تساؤلات داخل ذهنها، رفعت يدها كأنها تسأله، لكنه لم يتمكن من فهم ما تود التعبير عنه. زمت شفتيها بدافع من الإحباط، وبعد دقائق من الصمت استطاع أن يفهم ما ترغب في قوله، فضحك وقال:
-أسف بجد مش بقدر أفهمك كويس إنتي قصدك ليه بهرب ؟
أومأت برأسها تأكيدًا ثم جلست تستمع إليه بإهتمام، لتكتشف سبب وجوده، حيث كان الفضول واضحًا في عينيها للتعرف على هذا الشخص الذي بدا غريبًا.
-هتصدقي لو قلت لك مش عارف ليه بهرب بابا رفض يقولي حاجة حتى عن سبب وشي الغريب.
بينما كان يتحدث، كانت هي تنصت له في صمت. وفجأة سمعت صوت خطوات قادمة، فإنتفضت من مكانها وركضت نحوه، وقفت خلفه كمن تبحث عن ملاذ. أمسكت به بقوة وجسدها يرتجف من الخوف، وبدأت دموعها تتلألأ في مقلتيها.
شعر بخوفها من حركة يدها التي كانت تتشبث بها في ذراعه، فتحدث إليها محاولاً تهدئتها قائلاً ;
-متخافيش ربنا معنا إهدي متبنيش ليهم إنك خايفة، تمام ؟
فتح الباب ودخل رجلان يرتديان ثيابًا سوداء، يتبعهما رجل يبدو من مظهره أنه طبيب، حيث كان يحمل محفظة بيده. إقتربوا من يونس، وبدأ الطبيب بفحصه بدقة، مشيرًا إلى وجهه بتعبير من الاشمئزاز. ثم قام برفع ملابسه عن ذراعه، ليشهق بفزع عندما لاحظ ذراعي يونس الغريبة، حيث كان جلده يشبه جلد الثعبان !
مما أثار الخوف في نفسه. شعر يونس بغل شديد يملأ صدره، وإشتدت حدة نظراته حين بدأوا يبعدون ملابسه عنه، وظهرت علامات الاشمئزاز والقرف على وجوههم. لم يستطع تحمل هذا الموقف، فإنفجر هاتفا بغضب :
-شيل إيدك عني إنتوا عايزين ايه مني ؟ إنتوا مين و بتعلموا كده ليه ؟
عندما رصدت تقى ملامح الغضب على وجه يونس، إستجمعت قواها وتركت ذراعه التي كانت تمسك بها بقوة، ثم تقدمت نحو الطبيب ودفعته بقوة إلى الوراء.نظر إليها الطبيب بعبوس قبل أن يقترب منها، ويأخذ خصلات شعرها بين يديه ضاغطًا بقوة، ثم أطلق لها هذه الكلمات :
-بصي لولا إن الباشا طلب مني مأذيكمش كنت هقتلك إفضلي مكانك ولا هفصل دماغك عن جسمك.
إنفجرت مشاعر الغضب لدى يونس بشكل قوي فتسبب في تحريك الكرسي بعنف. لكن تم الإمساك به بإحكام. ترك الطبيب تقى وتقدم نحو يونس مرة أخرى، ثم فتح حقيبته وأخرج منها حقنة تحتوي على سائل، أمسك بذراع يونس ليوجه الحقنة نحوه، وفجأة أطلق صرخة و سقطت الحقنة من يده .
**********
وصل وليد إلى الغابة، فنزل من سيارته وقلق كبير يعتصر قلبه. ركض نحو المنزل بقلب ينبض بشدة، وعندما لمح الباب مفتوحًا، تملكه الذعر. دخل المنزل صارخًا بأسماء أبنائه، ولكنه لم يتلقَّ أي رد. هرع نحو المطبخ، وعندما وصل إلى هناك، كانت الصدمة في إنتظاره. عندما رأى إبنه يفترش الأرض و تحت قدميه بركة من الدماء، هوى قلبه و تجمدت الدم في عروقه. تقدم نحوه بجسدٌ يرتعش من الخوف والرعب جثا بجانبه، ثم رفع رأسه عن الأرض وصرخ بذعر قائلاً :
-حسام حسام يا بني رد عليا إنت سامعني، إستحمل يا بني.
أنهى كلماته وحاول حمل إبنه على ظهره، لكنه لم يفلح. فأمسكه من ذراعيه وسحبه ببطء، وكان قلبه يتألم من أجله. وبعد معاناة، تمكن من مساعدته للوصول إلى السيارة، وبعد جهد كبير إستطاع إدخاله فيها. ثم إستقل مقعده وإنطلق بسرعة جنونية.
*********
شعرت مريم بالذهول عندما اكتشفت أن من كان في الخارج ليست إلا إبنة عمها شهيرة. حدقت بها دون أن تتفوه بكلمة، وكانت عيناها تعكسان سعادة غامرة. إستيقظت من حالة الصدمة عندما إقتربت منها شهيرة وعانقتها بحرارة، ثم صاحت فرحة:
-وحشتيني أوى أوى يا مريومه قلت أعملهالك مفجأة.
فصلت مريم بين العناق، ثم مدت يدها لتسحبها إلى الداخل، وهتفت تعبر عن فرحتها قائلة:
-أجمل مفجأة يا شوكي وحشتيني أوى أوى تعالي ندخل عند ماما هتفرح أوى .
دخلوا الغرفة ليجدوا زينب جالسةً في حالة من الحزن، حيث كانت تضع رأسها بين يديها ولم تلاحظ دخولهم على الإطلاق، إذ كان ذهنها مشغولاً بأبنائها وزوجها. كانت تشعر بالخوف الذي ينهش في أعماقها، وتعاني من ضيق يكاد يخنقها. فجأة، إنتشلها من أفكارها صوت مريم الذي يتردد في أرجاء المكان، وهي تصيح بسعادة قائلةً:
-ماما ماما بصي مين جاى. شوكي وصلت أخيرا البيت نور.
رفعت زينب رأسها، محاوِلةً رسم إبتسامة على ثغرها، لكن خيوط الألم كانت واضحة في ملامح وجهها، ودموع متلألئة تجمعت في جفونها. إنتاب شهيرة شعور بالقلق عندما رأت وجه زينب، حيث إجتاحها الخوف في تلك اللحظة. فإقتربت منها، وحيّتها ثم أمسكت بيدها، وهتفت بقلق متسائلة:
-مالك يا طنط ؟ إنتي كويسه ليه في دموع في عيونك إيه اللي بيحصل يا مريم و ما قلتليش .
لم تتمكن زينب من كبح دموعها، فتدفقن على وجنتيها، بينما كان داخلها تعاني من وجع يفتك بها ببطء. ثم هتفت قائلة:
-يونس،و حسام في خطر و عمك راح كمان و أنا لسه مش عارفه حاجة عنهم خايفه أوى أوى و لا حد اتصل حتى .
تبدلت ملامح شهيرة وتغلغل الحزن في عينيها، ثم وقفت تلامس وجهها بيدها بشكل متقطع. أخذت نفسًا عميقًا عندما شعرت بصعوبة في التنفس، ثم نطقت قائلةً:
-نبلغ البوليس أو نعمل حاجة ليه قعدين كده مش عارفين عنهم حاجة .
قطع حديثهم رنين هاتف زينب، الذي أعلن عن إستقبال إتصال كانت بإنتظاره بشغف. وعندما لمحت إسم زوجها، أسرعت بفتح الخط ووضعت الهاتف على أذنها للإستماع إلى ما حدث، بينما كان القلق يتسرب إلى قلبها. إنشغلت مريم وشهيرة بترقب تعابير وجهها لمعرفة ما وقع. فجأة، تبدلت ملامحها وأنهمرت دموعها، فسقط الهاتف من يدها.
************ —
تحولت ملامح وليد إلى ملامح الغضب، حيث أمسك بفكها بين يديه وضغط عليه بقوة، مما جعلها تتأوه من الألم وتظهر معالم المعاناة على وجهها. لم تتمكن من النطق، فقد شل حركتها، ثم تحدث قائلاً:
-عاملة نفسك مش عارفه يا منة اومال الطفل اللي زوجك كان مخبيه و بعتو لصحبو أنتي مش عارفة أن اللي هيأخذ الطفل هيبقى غني.
ترك فكها، ثم إبتعد عنها، وعلى شفاهه إبتسامة تحمل في طياتها شيئاً من المكر، إستمر قائلاً:
-مش هسيبك إنتي و بنتك بس بشرط لو نفذتيه هتتحرري مني .
أخذت أنفاسها المرهقة وهي تتنفس بصعوبة من شدة التعب، ثم قالت متسائلة:
-إيه هو الشرط ده ؟

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية من أنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى