رواية ملحمة الحب والانتقام الفصل الخامس 5 بقلم ندى ممدوح
رواية ملحمة الحب والانتقام الجزء الخامس
رواية ملحمة الحب والانتقام البارت الخامس
رواية ملحمة الحب والانتقام الحلقة الخامسة
5_وأصبح مأوَاي
اللّهـمَّ أَنْتَ رَبِّـي لا إلهَ إلاّ أَنْتَ ، خَلَقْتَنـي وَأَنا عَبْـدُك ، وَأَنا عَلـى عَهْـدِكَ وَوَعْـدِكَ ما اسْتَـطَعْـت ، أَعـوذُبِكَ مِنْ شَـرِّ ما صَنَـعْت ، أَبـوءُ لَـكَ بِنِعْـمَتِـكَ عَلَـيَّ وَأَبـوءُ بِذَنْـبي فَاغْفـِرْ لي فَإِنَّـهُ لا يَغْـفِرُ الذُّنـوبَ إِلاّ أَنْتَ
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قبض مالك في آخر لحظة؛ على يد فرحة قبل أن يصل النصل إلى صدره، وجاهد كي يفلت من بين أصابعها مقبض السكينة وقد أفلح بعد أن كتم تأوهٌ أليم مما ألَم به من ألمٍ عندما غُرز النصل في ذراعه.
ودفعها للخلف برفق وهو يمسك ذراعه في ألم، واتسعت مقلتا فرحة في هلعٍ وهي تنظر إلى الدماء التي انبثقت من ذراعه في ذعر، ثم أخذت تهتف بارتياع:
_أنا مقصدتش.. أنا مقصدتش.. أنت خلتني اعمل كده.
وسكتت وهي تضع أناملها فوق شفتيها بصدمة من نفسها، فنظر لها مالك وقد نسى ألمه، وقال بلطف:
_محصلش حاجة، اهدي.
وهم أن يدنو منها، وما كاد يفعل حتى تقهقرت هي للخلف، وصرخت بانفعال:
_خليك بعيد عني.
رمقها مالك بقلبٍ يرفرف كالذبيح، ثم تراجع خطوتين وهو يقول:
_أنا همشي وهبقي آجي أطل عليكِ.
وأستدار ميممًا وجهه نحو الباب، وهي تهتف بصوتٍ باكٍ يمزق القلب من وراءه:
_لا متسبنيش لوحدي هنا.
وأخذت تهذي باكية والباب يُصفق بقوة.
********
قُرع الباب بطرقاتٍ متتالية متعجلة تدوي بدويٍ صاخب، جعل مليكة تهب واقفة وقد فغرت فاهً وحدقت شاخصت البصر وهي ترتجف نحو الباب، وتجلى في عينيها الخوف حتى بلغ الذروة، وأسرعت أمها نحو الباب وهي ترمقها في قلقٍ وتوجس، وبدا كأن الخوف قد تسرب إلى قلبها هي الأخرى وهي تفتح الباب في توتر، وما كادت عينيها تقع على الطارق، هتفت في ارتياح مسبلة الأهداب:
_ياسر، تعال يا ابني أتفضل.
غمغم ياسر على عجل:
_لازم نمشوا حالًا من إهنه.
صبت أمل كامل اهتمامها إليه، وهي تسئل في ذعر:
_محمد حصل له حاجة؟!
هز ياسر رأسه نفيًا عما تقول، وغمغم سريعًا:
_لا لا عمي محمد زين متقلقيش، ولكن.. هما بيلفوا على الست مليكة دلوك، عشان كده جيت أوديكم مكان تاني.
ساد سكون مهيب عندما انبعث صوت قوي، صارم يسأل في تجهم من وراءهم:
_على فين طالعين؟!
وهبت رياح الأمان، فاطفأت شموع الخوف، وسحقت أبابيل القلق، ومحقت أحجار الحزن.
لقد كان صوت سراج، انبعث مبددًا كل القلق الذي خيم على القلوب والمنزل كسحابة ممطرة أصابت الجميع، واشرأبت مليكة برأسها من فوق كتف أمها واللهفة تتفعم في حدقتيها؛ اللاتين تبستما في اطمئنان، وافتر ثغرها ببسمة تلألأت من هوة هواجسها.
أستدارت الرؤوس إلى سراج الذي أخذ يدنو حتى وقف داخل المنزل، وضيق ياسر عينيه بريبة، وغمغمت أمل:
_أنت سراج!
أومأ سراج برأسه، ورفع عينيه على مليكة، وهو يقول:
_محدش قال ليّ رايحين على فين؟
حدقت به مليكة، وكان لا يزل ناظرًا إليها، ولاح لها على محياه شبح ابتسامة سرعان ما تلاشت، فظنت إنها تتوهم ذلك، وهمست:
_سراج أنت جاي ليه؟
وأجابها وهو ينظر إلى عينيها:
_جاي اطمن عليكِ، وأشوفك زينة ولا لا!
قال وهو يطوف ببصره بين أمل وياسر:
_ودلوك حد يرد على سؤالي.
تبسمت مليكة وهي تهمس في اطمئنان بُث في قلوب المحيطين بها:
_سراج شخص قد الثقة يا ماما.
نقلت أمل بصرها إلى سراج، ثم تنحت جانبًا وأشارت له بالجلوس وهي تقول بترحاب:
_اتفضل يا بني أقعد الأول ونحكيلك كل حاجه بالتفصيل لعل نلاقي عندك حل.
بادلها سراج نظرة إطمئنان وهو يجلس، وقد جلس الجميع وقصوا عليه سبب مجيئهم إلى الصعيد، وإن ثمة أصدقاء لزوجها كانوا شركاء معه في العمل قد سرقوا كل امواله، وأتهموه بتهم هو في تمحيصٍ عنها منها تزوير الأموال،والإختلاس وجعلوا الشرطة تبحث عنه، وها هم ذا يبحثون عن مليكة لكِي يجعلوها تمضي بما تملك من نصيبها في الشركة كتبه والدها بأسمها.
ثم خيم صمتٍ رهيب، اخترقه سراج وهو يقول بهدوءٍ مريب:
_الحل عِندي…
وبتر عبارته وهو يحول بصره إلى مليكة، وتابع:
_بإني أتجوز مليكة.
هبت أمل واقفة، وهتفت بصدمة:
_أنت بتقول إيه يا جدع أنت؟
لكنَّ ياسر تبسم بظفر، وهمس في هدوء بدا بتفكير:
_اقعدي يا مرت عمي، الأستاذ سراج معاه حق، ليه مايتجوزشي مليكة؟
نما غضبٍ كالبركان فوق ملامح أمل، وصاحت في تعصب:
_أنت اتجننت يا ياسر انا مستحيل اجوز بنتي بالطريقة دي.
غمغم سراج في هدوء:
_طب أقعدي وافهميني الأول وبعدين أرفضي.
رفضت أمل الأنصياع، لكن سراج هتف مجددًا:
_قُلت اقعدي وافهميني ولو عايزة ترفضي أرفضي.
جلست أمل على مضض، بينما قال سراج وهو يتنهد بتفكير:
_أنا متعودتش اشوف حد مظلوم وأسكت، أو حد مكروب ومفرجش كربه، وأنتم بقيتوا أهلنا ومسؤلين منا بما إنكم جيتم تحتموا فينا، عشان كده هخطب الست مليكة شكليًا وقدام الناس وهتيجوا تقعدوا في بيتي هناك محدش هيقدر يقرب منيكم واصل، وأنا بنفسي هحل مشكلة والدك يا مليكة.
قالها ناظرًا إلى مليكة التي بدا عليها التفكير في كلامه، بينما رفضت أمل بإصرار:
_وأنا مش موافقة.
_بس أنا موافقة.
قالتها مليكة بثقة، فأشتعل الغضب في عينا أمل، وهمت أن تثور هائجة، لكن سراج قال:
_وافقي يا مرت عمي أنا سمعت عن سراج بيه كتير وهو هيقدر يساعدنا متقلقيش.
*********
_ها جاهزين؟
انبعثت العبارة من فم سراج، وهو يسأل مليكة متأهبًا لنقلهم إلى بيته، فتقدمت مليكة نحوه بخطواتٍ متأنية، وبادرته قائلة باهتمام:
_أنت هتكسب إيه لما تساعدنا؟! هتساعد ناس غريبة متغرفهاش ليه؟
مرت سحابة صمت فوق ملامح سراج لردحًا من الزمن، وهو يتطلع إليها متأملًا، ثم هز كتفيه قائلًا في بساطة:
_ولا أي حاچة.
ولاذ بالسكوت لهنيهة، ثم استرسل قائلًا:
_هساعدكم لإنكم محتاجيني وأنا قادر على المساعدة فـ ليه مأقدمهاش؟
ازدردت مليكة لعابها، وسألته في توتر:
_وإنك تتجوزني!
رفع سراج حاجبه، وهو يغمغم:
_إني اتجوزك فـ ده عشان تقعدوا في بيتي في أمان، ونقدر ننفصل لما أبوكِ تثبت براءته.
أنطلق بهم سراج بعد ذلك إلى منزله، وأدخلهم من بابٍ آخر كلا يراهم عتمان، وهو يقول بصوتٍ خافت:
_أنتوا هتقعدوا في شقتي الخاصة في البيت؛ لحد ما أقول لجدي عتمان عنكم وأفهمه كل حاجة، ولكن الزواج الشكلي ده محدش لازم يعرف بيه واصل.
*************
القمر بدا كئيبًا في تلك الليلة الظلماء، والنجوم حوله منطفئة، وهم يطالعون سيارةً سوداء تنطلق فوق الجبل بسرعة حذرة، حتى توقفت أمام إحدى الكهوف، التي انتشرت حولها شُعل من نار لتضيء الطريق من كلا الجانبين، توقفت السيارة وترجل مالك على عجلٍ وفتح الباب وألتقط مقعد عتمان المتحرك ثم ساعده على الجلوس فيه، وأقبل رجلٌ لاهثًا، ورحب بهم قائلًا:
_مرحب مرحب بعتمان بيه نورت المكان والجبل.
رفع عتمان نظره إليه وحدجه بصرامة، وقال في برود:
_كل حاچة جاهزة يا عبد الفتاح؟
أومأ عبد الفتاح بضع مرات، وهو يقوده إلى مكانٍ ما، قائلًا:
_أيوا كله جاهز كيف ما أمرت بالحرف.
وفتح بابٍ يقود إلى ممر أسفل الأرض، أسفر عن أطفالٍ صغيرة نائمة، مع آثار في جانبٍ آخر وشع وميض ظفر في مقلتاي عتمان، وهو يقول بابتهاج:
_عال عال.
وأستنشق الهواء في قوة وهو مسبل الجفنين، قائلًا:
_الواحد ميعرفش يتنفس زين غير إهنه.
ثم فتح جفنيه، وتطلع في المكان بنظراتٍ تشعان شراسة، وقال:
_كل ده هيبقى ملك سراج ابن ابني.
زم عبد الفتاح شفتاه بضيق، وتبادل نظرة هو ومالك حائرة، ثم قال:
_سراج إزاي يا حج عتمان دا لو عرف باللي منعمله محدش يقدر يتنبأ بردة فعله دا يهد علينا الجبل بما حمل.
لاحت بسمة متهكمة على شفتا عتمان، وقال في غموض:
_ملكمش صالح عاد.
*************
أحست ملك بالضجر من الشقة التي بدت لها كأنها سجن غير مسموح لها بالخروج منه، فتسللت بحذر من وراء أمها وأختها، وغادرت الشقة وهبطتت الدرج في هدوء، كانت تبتغي الخروج إلى الحدائق والآراضي التي رأتها من نافذة حجرتها، وقد جذبتها، وبرقت عيناها بوميض الفرح وهي ترَ الباب مشروع على مصرعية وإن أحدٍ لم يلاحظها، لكن وقبل أن تجتاز الباب، شاهدت عتمان على كرسيه المتحرك وهو يتقدم نحو البيت، فتوارت وراء الباب بلهفة، وكتمت أنفاسها في توجس وراقبته وهي تخرج رأسها من وراء الباب وهو يدخل إلى حجرةٍ ما، وحتى تتأكد إنه دخل ركضت جهة حجرته، وراقبته من الباب ولكن..
فجأة! وجدته ينهض من فوق كرسيه المتحرك ويقف على قدميه، فاتسعت عينيها في ذهول وشهقت بصوتٍ عال.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ملحمة الحب والانتقام)