رواية ملاك بأخلاق سيئة الفصل السادس 6 بقلم روزان مصطفى
رواية ملاك بأخلاق سيئة الجزء السادس
رواية ملاك بأخلاق سيئة البارت السادس
رواية ملاك بأخلاق سيئة الحلقة السادسة
أنت ! .. أنت السكون داخل صخب الجموع ، ولحظة الدفيء الأولى بعد مُعاناة جسدي في صراعه مع البرودة المُحيطة بنا
ولمعة أعين العاشق أمام معشوقه ♡
وبدون سابق إنذار مرت حافلة كبيرة من الشارع أصابت جولييت بالخوف لتحتضن جبريل بقوة وهي تصرُخ
ربت جبريل على ظهرها بحنان وهو يقول بنبرته الدافئة : متخافيش دا باص ومشي خلاص
إعتدلت هي بين ذراعيه وهي تنظُر له بعينيها اللامعتين
اللعنة ، لا يجب أن يحدث هذا
تمالكت أعصابها وإستجمعت نفسها سريعاً وهي تقول : ممم .. أنا فهمت سارة إتصرفت كدا ليه ، بس مينفعش تتصرف كدا وهي متجوزة ! مينفعش تفضل تحس ب كدا وهي على إسم راجل تاني
جبريل بملامحه الهادئة قال : ملناش دعوة حالياً يا جولييت ، هتروحي شُغلك ؟
إلتفتت حولها ثُم عادت بنظرها لعيناه الدافئتين وقالت : لا أنا أجازة ، في مكان بحبه عاوزة أوريهولك .. زي ما ورتني أطتر مكان إنت بتحبه
وكأن شُعاع من ضوء الشمس إرتطم بمنطقة مُظلمة ، إبتسم جبريل الحزين وأخيراً ! ثُم قال بمُنتهى الرقة : موافق ، مكُنتش حابب على كُل حال أرجع الجزيرة حالياً ♡
أمسك بيدها ف إرتجفت ، كانت دائماً هي من تُبادر بإمساك يد الجميع ، يد السيدة العجوز التي تعجز عن عبور طريق السيارات ، ويد شقيقتها الأصغر سناً الطائشة التي تتأرجح يميناً ويساراً وتنحدر عن الطريق المُستقيم ، للمرة الأولى وجدت من مد يده بيُمسك بيدها التي أصبحت جافة من قِلة الإحتضان
إبتسمت ، تلك الإبتسامة التي تُنير الوجه ، التي تنُم عن سعادة حقيقية
وسارت خلفه كالمسحورة ، مُتجاهلة إجازاتها المُتكررة ، وشقيقتها في المنزل .. وحتى مُعاملة سارة لها السيئة
ستقضي يوماً أخر برفقته
فتح أحد أبواب سيارة بيضاء اللون ، لتجلس جولييت بها وهي تنظُر داخل أرجاؤها بإنبهار ، إستدار جبريل وجلس في مقعد السائق وهو يُعدل المرآة الأمامية ويقول : إنتي هتوصفيلي الطريق
ربطت جولييت حزام الأمان الخاص بها وهي تُعدل من خُصلات شعرها وتقول بهدوء : عاوزة أسألك سؤال لكن مُترددة
بدأ جبريل في قيادة سيارته وقال لها بنبرة لطيفة : إسألي صدقيني مش هحرجك
إبتسمت بهدوء وقالت : هو ربنا يزيدك وكُل شيء لكن جبت الفلوس دي كُلها منين ؟
إنحنى جبريل بسيارته بين البنايات القديمة الحجرية وهو يُجيبُها : تسمعي عن مزارع **** اللي بتصدر لبن *** للعالم ؟
جولييت بإنبهار : دي مزارعكم ؟
جبريل بإبتسامة : حتى سارة متعرفش المعلومة دي ، دي مزارع جدي هو كان راجل بريطاني عاش نص حياته في أميريكا وإتعرف هناك على جدتي .. مصرية كانت عارضة أزياء في وقتهم هناك ، بس المزارع دي ورثنا أنا ووالدي
لمعت عيناها وهي تستمع له يُحدثها عن حياته الخاصة بأريحية ، وبدأ ستار الغموض الذي يُغلفه ينزاح شيئاً ف شيئاً ، بما أن الطريق بدأ أن ينتهي وبالفعل وصلوا إلى وجهتهم ، أرادت جولييت تبادل أطراف الحديث معه طوال اليوم
توقف جبريل في حديقة قديمة يبدو أنها مهجورة نوعاً ما ، يوجد بها ألعاب للأطفال مُتهالكة وقديمه أصابها الصدأ من حرارة الشمس ، نظر لها جبريل بإبتسامة تعني ( حقاً ) !
لتضحك هي من نظرته وتقول : بُص هفهمك القصة ورا الحديقة دي
وضع جبريل يده في جيب بنطاله النظيف لتجلس جولييت على العُشب وتستند بذراعيها عليه وهي مُرجعة رأسها إلى الوراء وقالت بهدوء : الحديقة دي كان فيها شخص إنت*حر ، قُدام الأطفال والأمهات وكُل الأشخاص اللي كانوا قاعدين في الحديقة يومها ، على الشجرة الكبيرة اللي هناك دي
أشارت بيدها إلى شجرة عملاقة ف نظر جبريل هُناك
لتُكمل هي حديثها : كانت ليلة شِتا ، الوشاح اللي حوالين رقبته علقه في غُصن الشجرة وربط نفسه وهو سساند على كُرسي في الحديقة بلاستيك .. فجأة بعد الكُرسي برجليه وبقى جسمه بيتحرك يمين وشمال زي البندول بتاع الساعة . الناس صرخت ، أكياس الفيشار وعلب العصير وحتى الكور والألعاب بتاعت الاطفال إترمت على الأرض والناس بتجري محدش بيقرب من الجُثة . خوفهم خلاهم سلبيين وجسم الراجل بينتفض لحد ما طلع في الروح ، كانوا خايفين وخوفهم حولهم لناس سلبية ، وفضلت جُثة الراجل متعلقة طول الليل محدش قربلها ، لحد ما حد تبرع و .. وكلم الشُرطة وأخدوه ، من ساعتها محدش بيقعد هنا غير قُليل جداً ومبقوش ييجوا حالياً ، بيحسوه مكان مشؤوم
إلتقط جبريل أنفاسه ليضحك بهدوء قائلاً : هو دا المكان اللي بيريحك نفسياً ؟
ضحك جولييت وهي تُريح ظهرها على العُشب الجاف وتنظُر للسماء
جلس جبريل وهو ينظُر للمكان المُتسخ ، جلس بجانبها وهو يُريح ظهره وينظُر لها بهدوء ويستمع لها ف قالت هي : أي مكان معدوم من البشر ، فاضي منهم هيكون جنة ، في مثل بيتقال جنة من غير ناس ما تنداس ، لكن الحقيقة سبب التعب الحقيقي لأي شخص هو إنه مُحاط بالبشر ، اللي مش بيفهموه ولا بيفهموا تصرفاته وردود أفعاله ، اللي مختلفين عنه عشان كدا مبيتفقوش .. بعيد عن الدوشة فاهمني ؟
أجابها جبريل بتلقائيته الرائعة ليقول بهدوء : البشر شر لابد منه ، ف إختاري منهم شخص يعوضك عن دوشتهم ، يكون هو ملجأ الهدوء ليكِ
إلتفتت برأها لتنظُر لبشرته اللامعة تحت ضوء الشمس ، وخُصلات شعره الطويلة الكستنائية كالذهب ، ألتفت هو برأسه لتصطدم عيناه بعينيها ، إبتسمت وقالت بهدوء : تعرف إن ريحتك جميلة أوي ، بحسك منقوع في بانيو برفيوم
ضحك جبريل على تعبيرها ليقول : أنا بس .. شخص مهووس بنظافته الشخصية ، ويمكن دي المرة الأولى اللي بمدد فيها جسدي على أرض مُلوثة زي دي
جولييت بسعادة : أحياناً عشان تنبسط لازم تعمل حجات تغير من روتينك ، حجات مبتعملهاش ولا فكرت تعملها
جبريل بسلام : أنا فعلاً مبسوط ، وشكل السما من فوق جميل ومميز
جولييت داخل عقلها ( لا جميل سواك ، ولا أي ريشة رسام يُمكنها أن تخط ملامح ملاك بشري مثلك ، يا للشعور الجميل الذي يحتل جسدي عندما أكون بقُربك ، يا لرائحتك التي تتغلغل أنفاسي وتنقلني إلى عالم أخر )
قاطع تفكيرها جبريل ليقول : مبتخافيش زي الناس ؟
نظرت له وهي تقترب بجسدها منه .. لتظل مسافة صغيرة جداً بينهم وقالت وهي تستطيع أن تستنشق أنفاسه : بنت زيي أهلها توفوا وتولت هي رعاية أختها وإشتغلت وإتعرفت على العالم هتخاف من إيه وليه ؟
جبريل بنبرة قلقة : مُمكن شخص مُختل يتهجم عليكِ ويستغل إن المكان فاضي ، متجيش هنا لوحدك تاني
إستندت على دراعها ونظرت له وهي تقول بحماس : أفهم من كدا هتيجي معايا هنا دايماً كُل ما حبيت أختلي بنفسي ؟
إعتدل جبريل مثلها وهو قريب منها ثُم قال بنبرة هادئة شعرت هي أن صوته يحتضنها : لو دا هيضمن ليا إنك هتكوني بخير ، مُستعد أجي معاكِ كُل مرة .. لكن إنتِ بتقولي أختلي بنفسي ، مش هفسد عليكِ إنفرادك بذاتك ؟
قالت جولييت بتوهان داخل أعماق عيناه البُنية : وجودك اللطيف عُمره ما يفسد خلوتي بذاتي ♡
* في منزل سارة
جلست على أريكة منزلها وهي تضع رأسها بين يديها في حُزن وبُكاء لم ينقطع مُنذ رحيل جولييت من منزلها ، إستمعت إلى صوت باب المنزل ينفتح لتعتدل وهي تنظُر لزوجها يدخُل وبيده حقائب طعام
سارة وهي تمسح أعيُنها : إيه جابك بدري إنهاردة ؟
نظر لها زوجها بإمتعاض وهو يقول بسُخرية : الله يسلمك ، إيه الإستقبال الجميل دا ؟
هندمت من مظهرها لتقول بصوت مُختنق : مقصُدش طبعاً ، لكن يعني حسبت حصل شيء سيء في شُغلك !
وضع حقائب الطعام من يده داخل المطبخ وهو يقول : حسيت بإرهاق وتعب مش عاديين ف إستأذنت ، وأنا ماشي لقيت مطعم الفرايد تشيكن فاتح ف جبت حجات للغدا . جهزيهم في أطباق لحد ما أغير هدومي
سارة بحُزن : أنا شبعانة مش هقدر أكُل ، هجهزلك طبقك وأدخل أرتاح
نظر لها زوجها ليقول : أنا بقالي كام يوم برجع من الشُغل بناكل سوا وننام مبنتكلمش ، مبنقعُدش زي أي إتنين ونتكلم
كتفت سارة يديها بملل وعيناها الحمراوين نظرت له وقالت وهي تستند على الحائط : هنتكلم في إيه ؟ وعن إيه !
إلتفت لها وقال بهدوء : عن أي حاجة ! عن ماتش الكورة اللي إتفرجت عليه مع أصدقائي ، عن يومك في البيت بعد ما أنا نزلت وروحت الشُغل كان عامل إزاي ! عننا وعن يومي أنا في الشغل مشي إزاي .. يعني إيه إتنين عايشين تحت سقف واحد مفيش بينهم مجال للكلام والحوار ؟
سارة بإمتعاض وكأن نبرتُها غير راضية عن حديثه وعن حياتها بشكل عام : إيه الملل دا ! دا أنا زهقت لما سمعت هنتكلم عن إيه ، انا حتى لو طلبت منك تخرجني هتوديني عند مامتك عشان .. عشان ناكُل عندها وتبدأ هي تكلمنا عن أن لازم نخلف ونجيب أطفال ، مش شرط نتكلم في مشاعر أعمق من أي كلام ممكن يتقال
تذكرت جبريل وطريقة تعامله الملائكية معها وقالت بتوهان وشرود : في نظرات عين مُمكن تبُصلي بيها تحسسني أد إيه إنت بتحبني ، وفي لما أنا أسكُت خالص إنت تعرف جوايا إيه ونفسي أقول إيه وتفهمني وتهون عليا !
عقد حاجبيه لحديثها ثُم قال بسُخرية : ودا أعمله إزاي ؟ شيفاني عفريت قُدامك ! ما تعقلي كلامك
أفاقت على نبرة صوته الحادة وإرتعدت ذاكرتها ، شتان ما بينه وبين جبريل لتقول هي وقد خنقتها العِبرة : الأكل عندك أنا محتاجة أرتاح شوية
زوجها بغضب : أحسن برضو ، هتفرج على فيلم وأكل بلا نكد ووجع دماغ
* في الحديقة القديمة
قال جبريل وهو ينظُر لجولييت الجالسة أمامه : حابة نقوم دلوقتي ؟ خايف أعطلك
جاء ليقوم ف أمسكت جولييت بذراعُه وهي تجعله يجلس مرة أخرى وقالت بصوت دافيء : إنت لما روحت معاك الجزيرة سيبتلك نفسي اليوم كُله ، عوزاك إنت كمان تسيبلي نفسك إنهاردة طول اليوم لو ينفع برضو
جلس بأريحية مرة أخرى وقال : إيه هيخليه مش هينفع ؟
إبتسمت بسعادة وهي مازالت شاردة به ، لتُباغته هي بسؤال كالمُعتاد وتقول محاولة ثبر أعماقه : طيب سارة وحبتك هي .. إنت بقى حبيت قبل كدا ؟
السؤال كان كالسيف الذي مزق قلبه طولياً لنصفين ، وكأن مياه باردة إنسكبت عليه حتى أن جسده أطلق رجفة وهو يتذكر
لمسات يدها الناعمة وهي تلمس وجهه ، وشفتيها وهي تنغرز بين شفتيه .. وشعرها الأسود القصير
وكلمتها بصوتها العذب ( أحبك يا جبريل ، سأظل أحبك دائماً )
شعر بألم في ظهره ف أغلق عينه مُتألماً
جولييت بقلق : مالك ! لو سؤالي ضايقك إعتبرني مقولتش شيء
جبريل بحُزن عميق تخلل ملامحه مرة أخرى : أنا ملعون يا جولييت
شعرت بقلبها يؤلمها من نبرة صوته المُتألمة لتجد نفسها بدون وعي منها تضمه لصدرها وهي تقول : متقولش كدا ، إنت جميل ولطيف ، من لطافتك بحسك ملاك
كاد أن يغرق داخل حُضنها ليبتعد بطريقة مُفاجئة وهو يقف ويقول : لازم أمشي ، مقصدش أجرحك لكن .. لكن عاوز دايماً يكون في مسافة بيني وبينك
وقفت جولييت أمامه عاقدة حاجبيها بإستغراب وهي تقول : حساك تعبان ، خلاص مش مشكلة باقي اليوم لكن هتقدر تسوق ؟
جبريل بتعب : أه هقدر ، إعذريني يا جولييت
جولييت بنبرة حنونة : إعذرني إنت .. تعبتك وضغطت عليك .. كان لازم أ ..
لم تُكمل حديثها ، سقط جبريل أرضاً أمامها فاقداً للوعي
* بعد مرور ثلاث ساعات
رن جرس الشقة الصغيرة ف قامت ليلى بكسل من فِراشها وهي تتثائب وتقول : أوك سمعت خلاص ، عارفة يا جولييت لو طلعتي إنتي اللي بتضربي الجرس عشان ترخمي عليا زي عادتك أنا ..
فتحت باب الشقة لتجد شقيقتها تقف بإرهاق وهي تُسند شاب وسيم بصعوبة عليها
ليلى بإتساع أعين : مين دا !! وطلعتي بيه قدام العمارة كدا عادي ؟
جولييت بتعب : وسعي نفسي هيتقطع ، محدش موجود أصلاً الشارع فاضي
أزاحت ليلى جسدها عن طريق شقيقتها لتدخُل جولييت وهي تُمسك بخصر جبريل المغشي عليه ، أغلقت ليلى الباب خلفها وهي تقول : ممكن أفهم مين دا وجيباه هنا ليه ؟
جولييت بتعب : تعالي يا بنتي ساعديني أدخله أوضتي
ليلى بغضب : لا دا إنتي زودتيها خالص وكمان عوزاني أساعدك
جولييت بصراخ غاضب على شقيقتها للمرة الأولى : خلصي يا باردة !
إقتربت ليلى منهم لتُمسك بخصر جبريل من الجهة الأخرى وهي تُساعد جولييت في إيصاله لغرفتها
ليلى بإبتسامة : الله ريحته جميلة أوي أوي ، هو مين دا ؟
جولييت بغضب : صديق ليا وتعبان وعايش لوحدة ف لازم أعالجه
وضعت ليلى جبريل على فراش جولييت وهي تقول بسُخرية : أه أكيد عندك حق لازم تعالجيه لإن المُستشفيات بتاعة البلد قفلت وإحنا هنشتغل مكانهم
ليلى من بين أسنانها : إنتي مجنونة صح ؟ إحنا بنتين عايشين لوحدنا وسُمعتنا هتبقى في الأرض بعد اللي عملتيه تقدري تقوليلي مين هيتفهم قلبك الرقيق اللي خايف عليه ؟
جولييت بغضب : طالما مبنعملش حاجة غلط يبقى طُز في الناس ! هاتيلي البرفان من على التسريحة وعاوزة مياه بليمون
تأففت ليلى وهي تسير للمطبخ لتحضير المياه ، ملست جولييت بأصابع يدها على بشرته الناعمة وهي تستنشق رائحته العذبة
مرت بإصبعها على شفتيه ليفتح عينه فجأة و ..
يتبع..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ملاك بأخلاق سيئة)