روايات

رواية أغصان الزيتون الفصل المائة وواحد 101 بقلم ياسمين عادل

رواية أغصان الزيتون الفصل المائة وواحد 101 بقلم ياسمين عادل

رواية أغصان الزيتون الجزء المائة وواحد

رواية أغصان الزيتون البارت المائة وواحد

رواية أغصان الزيتون
رواية أغصان الزيتون

رواية أغصان الزيتون الحلقة المائة وواحد

“أعراض الإنسحاب أفضل من أعراض الخسارة.”
___________________________________
لقد كان سريعًا للحد الذي لا يصدقه، حتى إنه وصل إلى هناك في لحظات وجيزة جدًا؛ لكن المفاجأة كانت في عدم تواجد أي أثر لها، أختفت وكأنها لم تكن موجودة من الأساس، نظر “حمزة” من حوله يمينًا ويسارًا والنتيجة واحدة، غير موجودة بالمرة. فارت الدماء في عروقهِ، وارتفعت حرارة جسده وهو ينظر نحو “أم على” حانقًا وهو يسأل بتذمرٍ :
– راحت فين؟؟.. أنا لسه شايفها حالًا!.
قرأ في لمعة عيناها المترددة رغبة في الكذب عليه، لولا إنه قطع عليها ذلك السبيل وقال :
– أنا شوفتها بعيني إياكي تكذبي عليا.. هخرجك من هنا حالًا ومش هترجعي مهما حصل.
تراجعت “أم علي” عن نيتها في الكذب للحفاظ على وجودها هنا بجوار “زين”، وفي النهاية صارحته قائلة :
– مشيت، جت شافت زين وخرجت على طول.

 

أراد لو إنه ينفجر في وجهها، لو يوبخها توبيخًا عنيفًا لإنها أدارت الأمر دون معرفته وسهّلت دخولها ولقائها بالصغير أيضًا؛ لكنه في آخر لحظة تراجع عن رغبته وكتمها في نفسهِ، كي لا تمتنع عن مساعدة “سُلاف” وبالتالي لا يخسر فرص رؤيتها مرة أخرى، فـ اكتفى بتنبيه قصير لكنه حاد اللهجة :
– المرة الجاية بلغيني قبل ما تتحركي بزين في أي مكان برا باب البيت ده.. أنا مش هرفض لو عرفتيني من الأول إنها جايه تشوفه دي أمه وده حقها.
ارتفع حاجبي “أم علي” بشئ من الإستغراب، فهو على علم مسبق إنها ليست والدتهِ الحقيقية، ومع ذلك ما زال يُقرّ بإنها أمه. مسحت “أم علي” تلك التعابير عن وجهها، وأخفضت عيناها للأرض وهي تستعد للدخول :
– حاضر يابيه.. عن أذنك.
ودخلت حاملة الصغير في أحضانها، في الوقت الذي كان “زيدان” يمرّ من أمام الحرس للداخل، وإذ به يرى “حمزة” في وضعيته تلك، فـ اتسعت عيناه بإبتسامة واسعة وهو يعقب :
– أكيد بتجهز نفسك لفورمة الساحل، ما خلاص الصيف فاضله شهر ولا حاجه!.
نفخ “حمزة” منزعجًا وهو يسأله :
– كنت فين الكام يوم دول؟.

 

– ماانت عارف ياباشا إني روحت اشوف العيال وأسيب فلوس للولية مراتي لزوم المصاريف.
حدجه “حمزة” مستنكرًا غيابه الغير مبرر وحجته الضعيفة :
– ليه كنت مسافر على جمل!.. ده هما أربع ساعات سفر يا ابو زيد!.
دنى منه” زيدان” حتى انقشعت المسافات بينهما عن آخرها، ونظر إليه گالصقر وهو يسأله في خُبث هادئ :
– شعبان فين ياأبو البشوات.. البت اختي صدعتني اليومين اللي فاتوا لا عارفه توصله ولا تعرفله طريق جرة، انت وصلت له؟؟.
رأى “حمزة” ذلك الغموض المحيط بنظراتهِ، كأنه فشل في سبر أغواره أو التعرف على حقيقة مشاعرهِ التي قد تتغير في لحظة واحدة بعدما يعلم مجريات الأمر، ولكي يقطع الشك باليقين كان عليه بمصارحتهِ حتى لا يترك له مجال للعبث والبحث :
– الله يرحمه.. كان يلزمك في حاجه يا أبو زيد؟؟؟.
ارتفع صوت “زيدان” وهو يجيبه على الفور دون ذرة تفكير واحدة :
– في ستين داهيه ياباشا.. أهو غار وخد معاه شرهُ.
ثم خفت صوته من جديد وهو يهمس بـ :

 

– بس واحب برضو نشوف الوليه مراته وعياله اللي مبقاش ليهم حد يصرف عليهم دول.
ضحك “حمزة” ساخرًا من مطلبه الغريب، ثم هتف بتهكمٍ صريح :
– انت عايزني أدفع دية قاتل أختي؟؟.
صحح له “زيدان” ذلك اللفظ المغاير لمطلبه السخيف، متسولًا منه مصاريف معيشة شقيقتهِ التي باتت بلا رجل :
– لأ طبعًا ياأبو البشوات، اعتبرها صدقة جارية على روح المراحيم ولا حاجه.. دول برضو بقوا يتامى.
ربت “حمزة” على كتفهِ بعنف، ثم هتف بـ :
– هبقى أفكر، أدخل خد الحاجه اللي جوا وجهز نفسك رايحين المكتب.
واستبقه “حمزة” بالدخول، حينما كان “زيدان” يتحسس كتفهِ المتحسس من ضربة “حمزة” وهمس بـ :
– شكله ليه راجع من الچيم، الله يحرقك يا شعبان لا نصفتنا وانت حي ولا نفعتنا وانت ميت.. الله يحرقك ياشيخ.
**************************************

 

كيف ينكر وضع گهذا، كيف يبرئ نفسه وقد ظهر في مقطع مُسجل ومُصور من داخل منزل “صادق” وهو يقتلهُ قتلًا متعمدًا بينًا ومُسبق التخطيط له!.
شاهد “صلاح” ذلك المقطع المُدين له أثناء حضوره أمام النيابة، فـ أصيب بالخرس التام، وما الذي سيدافع به عن نفسه في ظل وجود دليل قاطع ومادي گهذا، حتى إنه مثبوت سفره وخروجه من البلاد متوجهًا للولايات المتحدة الأمريكية وثبت تواجده هناك أثناء وقوع الجريمة. كان متجمدًا گالصخر، وأحشائهِ متوهجة بحرارة شديدة وكأن نارًا قد أمسكت فيها، حتى اخترق صوت وكيل النائب العام مسامعه وكأنه صاروخ وهو يعيد سؤاله :
– برضو مُصرّ على كلامك بعد الدليل اللي شوفته!.
بدأ يتصبب عرقًا، وأطرافهِ لم تعد تتحمل الثبات لأكثر من ذلك، فـ بدت ارتعاشتهم وهو يمسح على وجهه قائلًا :
– أنا كلامي هيكون قدام المحكمة.. مفيش أي حاجه تاني أقدر اقولها.
أومأ وكيل النائب العام برأسه بعدما رمقه مستنكرًا، ثم أملى على كاتبه :

 

– أكتب.. تحول القضية لمحكمة جنايات القاهرة، وحتى حينه.. يتم حبس المتهم والتحفظ عليه.
خرج “صلاح” مسحوبًا بصعوبة، كأن آثار الشيخوخة قد طفحت على ملامحه فجأة، وتضاعف عمره عشرات السنوات، ذمّ “شافعي” شفتاه متوترًا، وأحنى رأسه وهو يعقّب :
– أنا هطلب عرض الفيديو على خبير ونشكك في صحته، وكمان هعترض على تسجيل الفيديو و….
قاطعه “صلاح” وهو يهدر فيه :
– انت غــبـي!!.. مسمعتش وكيل النيابة وهو بيقول كاميرا تسجيل العقار مرخصة ومسموح بالإطلاع عليها للإستشهاد يا غــبـي.. بلغ حمزة بسرعة، قوله يوصل للـ ××××× اللي اسمه عباس في أسرع وقت انت فهمت ولا أعيد تاني!.
نظر “شافعي” من حوله بتحرجٍ وهو يرى نظرات الجميع الموجهه نحوهم :
– اعتبره حصل يا باشا.
خرج “صلاح” ومن خلفه “شافعي” من بناء المديرية للإنتقال إلى سجن طرة لحين العرض أمام المحكمة، فـ انهالت عليهم جموع الصحفيين والمراسلين لتصوير اللقطة والحصول على (التريند) الأول حول الأخبار التي انتشرت منذ الأمس، حول مقتل السفير المصري على يد نسيبه في حادثة شنيعة اهتزت لها القلوب، وقد سجلت السفارة الأمريكية اعتراضها أيضًا فيما يخص ارتكاب الحادث على الأراضي الأمريكية، بينما نددت السفارة المصرية بعدم الحفاظ على حياة السفير المصري

 

المقيم لديهم وعدم توافر الوسائل الأمنية الكافية هناك. حاول “صلاح” أن يتخفى من محاولات الجميع للوصول إليه من كل اتجاه، بينما كلٍ منهم يلقي بسؤاله مستبقًا الآخر، حتى احتُجز “صلاح” بسيارة نقل المسجونين، فبدأت الأصوات تخمد قليلًا وسط هذا الحشد الضخم، وفي أحد الزوايا كان يقف “شافعي” مراقبًا للموقف بأعينٍ مرتابة حتى رآه ينصرف، فـ همس بخفوتٍ وهو يتحدث إلى نفسه :
– الراجل راح في شربة ميا.. واللي جاي عليه سواد الليل.
*************************************
منذ أن وطأت قدميها غرفتها بمكتب “عناني الحكيم”، وهي تحس نفسها في حالة غير طبيعية، ثمة أشياء قد تغيرت فيها، حتى شعورها بالمكان الذي تنتمي إليه. أنهت “سُلاف” سيجارتها السادسة على التوالي ولم تسأم من التدخين بعد، وبين يديها ذلك الملف الضخم الذي وضعه “عناني” أمانة بين يديها لتعمل عليه، مستبشرًا بعودتها خيرًا. دهست “سُلاف” ما تبقى من سيجارتها في المنفضة، ثم التفتت لتفتح أحد الأدراج وأخرجت منه قلمًا، أمسكت بهاتفها وفتحته

 

عبر بصمة الوجه، فترآت لها صورة “زين” في واجهة الخلفية، ابتسمت تلقائيًا بعدما كان العبوس محتلًا ملامحها، وأسندت ظهرها للخلف وهي تتأمله علّ الشوق ينجرف عن قلبها الملتاع بفراقهِ، حتى اختفت الصورة وانبثقت شاشة الإتصال الهاتفي بأسم “نضال” المستعار الذي تُسميه به على هاتفها، فأجابت عليه وهي تعتدل في جلستها :
– ألو.. أيوة يا نضال، ليه إيه اللي حصل؟..
تأففت “سُلاف” بإنزعاجٍ شديد وهي تنهض عن مكانها :
– مفيش فايدة أبدًا، صحيح ديل الكلب عمره ما يتعدل.. بس انا مش هسيب ده يحصل، كفاية أوي مراوغات وحروب باردة.. أقفل يا نضال.
تركت القلم وأغلقت الملف، ثم سحبت حقيبتها وهي تردد :
– الحكاية دي ملهاش آخر ولا إيه!.
*************************************
أغلق “حمزة” شاشة التلفاز بعدما كان يتابع البث المباشر للبرنامج الذي أذاع أخبار حول قضية والدهِ، وألقى بجهاز التحكم بعيدًا عن متناوله ليصيح عبر هاتفه :
– أتصرف يا زيدان.. هاته من تحت الأرض حتى لو مش لاقيه في مكانه!.. الدنيا مقلوبة والقضية اتحولت لرأي عام في ظرف ٤٨ ساعة ده مش طبيعي !.

 

انفتح الباب بغتة، فـ التفت “حمزة” بنظراتهِ المستهجنة ينظر لمن فتح بابهِ هكذا، فتفاجأ بها أمامه وترنو إليه بحدةٍ گعادتها، ارتخت تعابيره قليلًا وهو يردد :
– أقفل يا زيدان ولو في جديد عرفني.
أغلق المكالمة ثم نظر إليها بسخرية ليقول :
– مش معقول لحقت أوحشك!.
تجاهلت كلماته تمامًا، وسألته مباشرة :
– انت بتدور على عباس ليه؟؟.. لو فاكر إنه هيفيد أبوك في وضعه تبقى غلطان.
قطب “حمزة” جبينه بشئ من الإستغراب :
– وانتي تعرفي عباس منين؟؟.
صمتها المريب ونظراتها الحازمة كانت خير دليل على تثبيت شكوكه؛ ومع ذلك ظل محتفظًا بذهوله وهو يسألها :
– انتي اللي ورا عباس؟؟؟؟.
تركت حقيبتها جانبًا وهي تجيب برتابةٍ وهدوء :

 

– افتكرتك نبيه وفهمت من أول يوم.. بس لسه دماغك مش مترجمة إني ورا أي مصيبة هتحصلكم.
ضحك “حمزة” ساخرًا من تعبيرها :
– شكل الملاعب وحشتك!.
واقترب منها ثلاثة خطوات وهو يعلن تحديهِ الجديد :
– بس انا عمري ما هسيب أبويا يروح مع اللي راحوا.
قطعت هي الخطوة الفاصلة بينهما أيضًا، وأصبحت أقرب إليه مما ظن، قربًا مهلكًا لمشاعرهِ الناضجة نحوها، لتُعلن إصرارها المستميت :
– لأ هتسيبه، هــتسـيبه غـصب عنك.. عشان انت عارف إنه قاتل ومهما عافرت هو هياخد جزاءه، محاولاتك مش هتكون غير سبب تأخير مش أكتر.. المرة دي هتسيبها للقدر يقول فيها كلمته ياحمزة، صلاح بقى في عداد الميتين.. ولو مش عايز الحرب اللي بجد تقوم يبقى تنسحب وتسيبه لمصيره، كده كده انتوا خسرتوا خلاص.. والحق أهو بيترد لأصحابه.
**************************************
*********************************
وحشنا الناقر والنقير 😂😂😂😂😂
التفاعل بسرعة 🔥🔥🔥🔥🔥🔥🔥

يتبع…

لقراءة الفصل التالي :  اضغط هنا

الرواية كاملة اضغط على : (رواية أغصان الزيتون)

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى