رواية مكتبة المجانين الفصل الأول 1 بقلم روان خالد
رواية مكتبة المجانين الجزء الأول
رواية مكتبة المجانين البارت الأول
رواية مكتبة المجانين الحلقة الأولى
“ردي على أدهم بقى حرام عليكِ ده بيحبك”
كانت تضع ساق فوق الأخرى بـ ملل، تسمع الحديث من أذن وتخرجه من الأذن الأخرى فـ هي عاهدت نفسها على عدم الرجوع لهُ مرة أخرى وان نفسها أهم من أي شيء في هذه الدُنيا، تنظر لآبنة خالتها أن تنتهي من حديثها المزعج، فـ هي لا تتوانىٰ عن ذكر مُعذبها ومقيد حُريتها، تململت بأنزعاج عندما ذكرت لها عن مدىٰ حُبه لها وانها تظلمه بعض الشيء، اعتدلت في جلستها واشاحت بنظرها للكتاب لتغلق الصفحة التي وصلت إليها في القراءة، ابتسمت ببرود تستمع لكلمات المزعجة.
تحدثت بضجر لـ تنهي هذا النقاش الثقيل على قلبها:
“بقولك إيه انا مش راجعة لأدهم خلاص الواحد اتعلم من تجربة أدهم ويعتبر الدنيا علمته درس قوي!”
ردت بحدة ممزوجة بغضب عندما وضعت كتابها أعلى المنضدة، وامسكت بـ كوب العصير الخاص بها لترتشف منه لعله يسقي جفاف حلقها بعد تذكرها لـ أدهم.
“ليه يا نور ده بيحبك بس انتِ عارفة الرجالة كلها كده!”
انزعجت نور من تلك الكلمات، منذ متىٰ وجميع الرجال مثل بعضهم؟ كيف يعقل هذا الأمر، فـ مراد يختلف كل الاختلاف عن باقي الرجال، ابيها يختلف عن باقي الرجال، لم تقتنع يومًا بتلك الكلمات المهينة للرجل المُحترم.
“لأ، ده جملة بيحفظوهالنا من زمان أن الرجالة كلها واحد، بس في الحقيقة هما اللي قابلوا ناس سيئة في حياتهم، خلتهم يؤمنوا بالجملة دي، وانا عندي إيمان إن زي ما في السيء في الكويس، وانا مستنية الكويس، مش هعيش حياتي كلها في تعاسة لأجل واحد بيحبني بس مش بيحترمني ولا يقدرني، ولو الحب كده فـ أنا مش عايزاه”
ختمت كلامها بـ رشفة من العصير، واصدرت صوت خفيف يدل على اعجابها به، بالرغم من أنها ترتشقه كُل يوم ولكنه يكون المُفضل لها دائمًا عندما تقوم بتحضيره، زاعمة أنها لم تشرب في حياتها مثل هذا المشروب المثير،
بينما همهمت ابنة خالتها بهدوء فـ تبدو نور محقة في حديثها، اذا كان الحب دون احترام أو تقدير فـ ما فائدة الحب؟
هل سيكون هذا الحب موجود في قاموس مرضي؟
هل سيكون معي في حزني؟
هل سيبقى في اوجاعي؟
هل سيتحمل بعض المشاكل!
لا..
“تيجي ننزل نتمشى؟”
اقترحت نور بـ حماس سرعان ما اختفىٰ عندما اجابت الاخرىٰ بالنفي:
“تؤ، مراد جاي كمان شوية وعايزة احطله الغداء”
قلبت نور عيناها بـ ملل من زوجه اخيها:
“خليكي يامريم أنا هنزل يا بتاعة مراد!”
ابتسمت مريم بدلال:
“ولو مكنتش بتاعة مراد بس هكون بتاعة مين؟”
فاجأهم صوت أحدهم من الخلف وهو يضع يداه أعلى رأسهم بـ حنان مازحًا لهم:
“ايوا صح هتكون بتاعة مين؟”
قهقهت نور وهي تبعد يداه بغيظ، بينما اعتدلت مريم في جلستها لتحتضن مراد بـ حنية وهدوء، لم تبالغ في احتضانه كثيرًا ولكن الدفء الذي غمر مُراد جعله يريد استوطانها من جديد.
“هنزل اتمشىٰ شوية ورجعالكم”
“لأ مترجعيش”
كانت تلك إجابة اخيها السريعة، شهقت بصدمة وضربت اعلى صدرها بطريقة درامية خطيرة:
“توقعتها تيجي من كل الناس إلا أنت يا اخويا”
لكزها بخفة وهو ينظر لها بأشمئزاز:
“عريس بقى ياريت نحس!”
نفخت نور بسخرية:
“بقالك سنتين متجوز وتقولي عريس؟ وسع يا مراد هلاقيها منك ولا من مراتك المجنـ.ونة”
“ملكيش دعوة بـ مراتي/ملكيش دعوة بـ جوزي”
وقفت في منتصف الغرفة تضع يداها على خصرها ورفعت أحد حاجبيها بدهشة ممزوحة بالسخرية فـ هي تتوقع كل شيء من هذان الاثنان، ولكن دفاع عن الآخر؟ هذا ما ينقصها!
“اشبعوا بـ بعض”
كانت كلمة بسيطة قبل ان تتركهم اخيرًا وتذهب وهي تتمتم ببعض الشتائم، لاعنة مريم واخيها، تفكر لهم في مؤامرة تقوم بها ضدهم، ظنًا منها أنهم يحاولون قتلها سرًا، نظر مراد ومريم لبعضهم البعض لثوان ثم انفجروا ضاحكين على تلك المشاكسة فـ هي لا تتوانىٰ عن السخرية منهم، وبعد وقت تنهد الإثنان ونظروا لـ بعضهم.
“وحشتيني”
نطق بها مراد بـ شوق وحنان لزوجته وهو يتمعن النظر في قهوته الخاصة بها، أحمرت وجنتاها وحاولت الذهاب ولكن كان مراد الأسرع فـ قام بأسرها بين ذارعاه، غمز لها بخبث:
“لسه بتتكسفي مني رغم إنك مولودة لقتيني معاكِ!”
“مراد وسع”
“جاوبي عليا”
وجهت نظراتها لهُ من جديد:
“وهتسيبني؟”
نظر لها بحب متمتمًا بعشق يعلم أن نور اذا سمعته ستسخر منه بأنه يملك اكسجين ولا يحتاج لكلماته المسعولة المسكرة تلك:
“موعدكيش إني اسيبك، للأسف انتِ معاكِ قلبي لو سيبتك مش هعرف أعيش”
“مراد”
“بتحبيني؟”
امعنت النظر داخل عيناه بـ حب، ووزعت اطراف اصابعها على وجهه بالكامل لتمسك به بـ حنان مُطمئن قلبه كثيرًا:
“من يوم ما وعيت على الدنيا محبتش غيرك!”
قبلها بهدوء محاولةً منه أن يطمئنها فـ القادم اسوء مما تظن، ولا يعتقد أن ايامه ستسير على ما يرام بعدما تستمع لما سيقوله، لذلك اخذ نفسٍ عميق وزفر ببطئ اجفل التي بين احضانه:
“طيب أنا عايز أقولك على حاجة بس عايزك متماسكة”
“مراد قلقتني في إيه؟”
“أ….”
••••. •••••• ••••••
كانت تمشي في الارجاء وتضع السماعات في اذنيها تنظر لذاك وذاك ترىٰ النظرات التي تعتلي الجميع على وجوههم، وجوههم المليئة بالهموم والاحزان، وآخرين متأملين ان تعطيهم الحياة سبب للعيش.
اتجهت اخيرًا لمكانها المُفضل، ولم تكن سوىٰ المكتبة، رفيقتها الثانية بعد نفسها ومريم، رأت الجميع مشغول بـ كُتبهم الخاصة ولكن كان الجو مليئ بالملل الممل، لمعت في رأسها فكرة خبيثة لتبتسم بـ مكر وتتجه لأحد العاملين.
تحدثت بطريقة شعبية مقززة:
“ازيزو”
كاتبة مرموقة تقول ازيزو بالشكل ده؟”
اجابت بمشاكسة وهي تغطي وجهها جيدًا:
“مش أنا قولت؟”
“آه”
“يبقى فيه”
زفر بحنق فـ هو منذ الصباح لم يضع طعام في فمه بسبب كثرة الزوار عن المعتاد وهذا بسبب أحد المفاجأت التي سيعلن عنها الليلة، ولم يكفيه سوىٰ تلك المصيبة المحببة لقلبه، بل وقلب الجميع هنا فـ هي نور اسم على مسمىٰ تفتعل الكثير من المصائب وتنظر لهم ببراءة وكأنها ملاك ولكن هي شيطانة ضالة.
“حلي عني علشان جعان ومش طايق نفسي من الصبح”
ابتسمت بحزن مميت، لم يصدقه هو لأنه اعتاد على آلاعيبها:
“بتطردني من المكتب أما أنت صديق سيء صحيح اكيد انت السيء في رواية أحدهم..لا أحدهم إيه ده في رواياتهم كلهم”
همهم بتأكيد لتبتعد عنه فـ هو أصاب بـصداع نصفي:
“أنا السيء في الروايات كلها آه ملكيش دعوة”
اقتربت منه بخبث مفاجئ لتنفيذ مخططها:
“ألا قولي يا زيزو إيه الزينة دي هو محفوظ هيتجوز؟”
تحدث بضجر وملل لأنه لا يصدق كيف لصاحب المكتبة أن يتحمل تلك الشيطانة:
“أنا نفسي أعرف محفوظ بيه إزاي مستحملك”
لوت فمها بتهكم كعجوز تأنب ولدها:
“بس بس أنت هترغي معايا، روح هاتلنا اكل وانا هغطي عليك”
نظر لها بتردد وسخرية:
“تغطي عليا؟ غريبة يعني مش كل مرة بتفضحيني”
انزلت عيناها ارضًا مصطنعة الدموع الوهمية:
“حق عليا عايزه اكون صديق صالحة”
“مش مطمنلك”
“هتروح ولا اقول لمحفوظ أنك الاسبوع اللي فات متأخر تلت أيام ويتخصم منك بقى ولو مش عايز براحتك بردو”
توسعت عيناه بغير تصديق فـ تلك الشيطانة رأته بالفعل عندما تأخر على عمله بالرغم من أنه حرص أشد الحرص على تخبئة نفسه منها:
“انتِ بوتاجاز خمسة شعلة، خدي بالك من المكتب”
“في عيوني يا زيزو، خلي الفراخ سخنة بس”
خرج زياد من المكتب وهو ينظر لها شذرًا، وعندما يخطو خطوة للأمام يلتفت للخلف ليرىٰ تلك المصيبة على أي شيء تنويه ولكنها تعطيه نظرات مطمئنة كاذبة فـ عندما خرج من المكتبة اوصلت هاتفها بـ السماعات الخارجية وامسكت الميكروفون وخرجت من المكتب وهي تتحدث بجدية يصحبه نحيب:
“ممكن لو سمحت تسمعوني دقيقة”
ترك الجميع ما بيده ووجههوا انظارهم لها بأستغراب لتسمعهم يهمهمون بهدوء فـ الهدوء لم يكن سوىٰ صفة القُراء، بينما العمال تركوا الزينة التي في يدهم يتهامسون فيما بينهم عن تلك المزعجة:
“أنا شيفاكم مضايقين وانتو بتقرأوا فـ مش عاجبني حالكم، واي حد مضايق ييجي يقول مشكلته نحلها يلا يلا تعالوا!”
اقتربت أحد الفتيات بـ حماس لتضيف كلمة وهي تشعر بالفخر من مما فعلته:
“انا وخطيبي فركشنا”
تحدثت نور بشهقه:
“ليه يا آنسة كده؟”
“كان عايز يتحكم فيا وانا حُرة”
اخذت نور تصقف ويتبعها الجميع مرددين خلفها بقوة:
“الحرية للمرأة، لا لحبس المرأة”
بعد وقت اشارت لهم ليكملوا، تقدم منها شاب في ريعان شبابه، عدل من ياقة قميصه ونظارته:
“مسافر وسايب البلد اخيرًا”
“خدنا معاك ياسي دوني”
قهقه الجميع على تصرفاتها، تقدم أحد الشباب وهو يتحدث بحيرة تعجبت لها نور والبعض منهم، لتقف بجانبه وتآزره في حيرته:
“حيران ليه هي المشكلة كبيرة أوي كده؟”
“بصراحة آه أنا عايز اصالح مراتي وهي بتحب الكُتب اوي فـ محتار اجيب اني كتاب يعرفها اني اسف وفي نفس الوقت لسه بحبها”
اندهشت نور وربطت على كتفيه بـ قوة:
“الله انت جميل أوي يابني ربنا يكتر من امثالك”
تمتم البعض:
“أمين”
اكملت بتأثر شديد وهي تمسح أحد دموعها:
“روح تاني صف على اليمين تالت مكتبة خد منها رابع كتاب ومتنساش تجيبلها ورد وكب كيك علشان بحبه ومحدش عمره جابهولي علشان كده عايشة حياتي كلها تعيسة”
تأثر الجميع لما قالته في اخر حديثها، حتى كان أحدهم سيقوم بطلب الكب كيك لها خصيصًا لها ولكن قاطع هذه الدراما عندما صدعت أحد الاغاني.
عايشة سني وبغني وبحب الحياة
قلبي عايش سنينه في حياته وهواه
بعمل اللي بحبه وبحسه اكيد ثانية ثانية
يا دنيا هعيشك أنا”
كانت تتمتم مع الاغنية الخاصة بـ هاتفها والجميع يضحك على حركاتها الاخيره في الرقص فـ هي اعتلت أحد الترابيزات لتتمايل مع الاغنية بـ حركات مجنونة.
“إيه التهريج اللي بيحصل هنا ده؟”
توقفوا عن الحركة، التفت الجميع لهُ ليروا صف من الملابس السوداء بالكامل مما اعطاهم ملامح مُرعبة، ينظروا لهم بنظرات قاتلة، ليتراجع البعض للخلف خوفًا منهم، صمت الجميع فجأة بينما اكملت نور ولم تهتم لحديثه المزعج أو عن هويته والتي يبدو من ملابسهم إنهم قادة في أحد الروايات الخيالية:
“أنا طبعي كده وبحب كده وبحب اعيش ومعنديش إلا كده”
تحدث بحدة وصوت مرتفع بعض الشيء:
“انتِ يا استاذة انزلي من على الترابيزة”
“دي حياتي أنا دي ملكي أنا”
أشار لأحد الرجال من خلفه أن يقوم بإيقافها، تحرك أحدهم وكان أطول منها اضعاف اضعاف طولها، يضع السماعات الصوتية في اذنيه ويرتدي بذله خاصة بـ الحُراس، وتعتليه نظره قاسية مما يعني أن تحاول الاعتراض فقط على قربه، حاول مسكها ولكن فاجأته بلكمها في وجهه وتراجعها بسرعة تهبط من أعلى المنضدة، وكأنها لاعبة ايروبيك في ذاك الحين تهاوت بعض الخصلات لتغطي وجهها بالكامل فـ لم يظهر منها سوىٰ عيناها وشفاها بسبب الغطاء الخاص بها، شهق الجميع بصدمة من فعلتها الجريئة، بينما هذا الغريب ضغط على يداه بقوة منتظرين أن يقوم بلكمها ولكن هيهات فـ هي نور..
“ايدك لو فكرت تقرب مني تاني هرجعهالك وهي في بؤقك”
“انتِ يا بتـ…”
كاد أن يكمل حديثه ولكن أشار لهُ الرجل الذي أعطاه الأمر في بادئ الحوار بأن يتراجع، ارتفعت شفاهها بسخرية وتحولت من تلك الفتاة المجنونة إلى أخرىٰ قوية، اقتربت منهم بهدوء وكأنها تحسب خطواتها ولكن لم تأخذ حذرها منهم فـ هي لم تتربىٰ على الخوف يومًا، وصلت لـ مكانهم ورفعت رأسها لتقابلها عينان غريبة، لم تعتد على هذا اللون من قبل، لم تهتم كثيرًا واشارت لهُ وهي ترفع أحد اصابعها أمامهم:
“عيب لما تكونوا منفوخين كده واسمكم رجالة وتفكروا تقربوا من بنت لأ دي أصول ولا احترام ده لو تعرفوا حاجة عنها، ويستحسن تمشوا قبل ما اعملكم مشاكل”
احنىٰ جذعه كثيرًا ليصل لطولها والذي لحسن حظه كانت هي قصيرة بشدة، وترتدي مثل الصبية الضائعون فـ جعلتها ملابسها تبدو كأطفال الشوارع ولكن في نظر نور أنها الموضة، وهمس بجانب اذنيها.:
“وياترىٰ الغزال هيعملنا مشاكل فين؟”
ابتسمت بثقة:
“هشتكيك لـ الادارة”
تراجع إلى الخلف وهو يقهقه بشدة وينظر حوله بثقة اجفلتها، قاطع حديثهم اقتراب زياد منهم بـ دهشه من تلك الفوضى التي حلت بالمكتبة، نظر لنور بغضب لتتراجع نور سريعًا من مكانها فـ بدأت وكأنها كالقطة الخائفة من الأسد وتحولت نظرة عيناها إلى البراءة، استعجب الجميع من تحولها المفاجئ ولكن هي لا تهتم:
مد زياد يداه لهذا الرجل بأحترام:
“اهلًا يا آدم بيه مكنتش اعرف إن حضرتك هتيجي في الوقت ده”
صافحه المدعو آدم بجفاء ونظره مازال مُسلط على نور وكأنه يخبرها أن تحاول استفزازه ليكسر رأسها:
“أهلا يازياد أنا قولت اجي اشوف التجهيزات قبل الحفلة بس لقيت فوضى هنا ولا كأني داخل شارع عشوائي”
“طبعًا يافندم اتفضل حضرتك على مكتبك وانا هشوف الموضوع”
سخرت نور من هذا الآدمي المُستفز:
“قال يعني اللي يسمعك يقول أنك دخلت شوارع عشوائية قبل كده ده أنت شكلك لسه راجع من لندن طازة يريس”
“بتقولي إيه سمعينا معاكِ؟”
“واسمعك ليه ده إيه الحشرية دي، زياد أنا عايزة اقدم شكوىٰ في البني آدم ده علشان جيه بالعيال اللي وراه دول وكان عايز يتهجم عليا أنا والناس البريئة دي واحنا ناس غلابة مبنعرفش ناخد حقنا”
لم يندهش آدم من حديثها فـ هي تحولت أسرع من الحرباء المتلونة لـ أربع شخصيات في آن واحد بينما ذاك الملكوم توسعت نظراته وكاد أن يفترسها لولا رب عمله الذي ابتسم بجانبية لثانية فقط سرعان ما اختفت لتحل ملامح البرود مكانها.
“ده حقيقي يا استاذ آدم؟”
تكلم آدم بـ طريقة دبلوماسية وهو يبتلع ريقه بهدوء لعلمه أن تلك الشيطانة بكل تأكيد افتعلت مصيبة من مصائبها ولكن لتعاسة حظها وقعت مع شخص خطر نظر له آدم نظرة خاوية معناها حاول ان تصدقها لتبتلع لسانك بعدها، بينما أشار زياد بالأسف عن نور ولكن هي طبيعة عمله أن ينظر في مشاكل المكتبة، جزت نور على أسنانها:
“أنت كمان بتسأله ومش مصدقني”
“نورر عيب كده انتِ متعرفيش مين ده؟”
“مش مهتمة اعرف”
وضع آدم يداه في جيوب بنطاله وارتسمت ابتسامة ثقة
على محياه، فجر لها مفاجأة يعلم أنها ستلسعها مدى عُمرها، اكمل ببرود:
“تمام بما إنك مش مهتمة تعرفي اتمنى تسحبوا منها عضوية المكتبة ولو حد شافها بتدخل المكتبة اتمنى يبلغني فورًا وانا هتخذ الإجراء اللازم”
تحرك من مكانه ملتفتًا وخلفه رجاله كالمغناطيس، نظرت لهُ نور بصدمة فـ آخر ما تتوقعه هو منعها من دخول بيتها الثاني ألا وهو مكتبتها العزيزة، سَبته واكملت:
“ياه خوفتني أنا هعيط، هات يا زياد الفراخ ناكل منه لله سد نفسي”
نظر لها زياد بحدة وعتاب لتتراجع مرة أخرى وهي تضغط على شفتاها لتمنع ابتسامتها من الظهور حتى لا يقوم بخنقها فـ هو لم يتركها مرة إلا وافتعلت المصائب واليوم اكبر مصيبة له.
ابتسمت لزياد بتوتر وعينان بريئة:
“أسفه”
“نور اطلعي برا المكتبة”
“زياد محدش يقدر يطلعني غير محفوظ”
تنهد زياد فـ ها هي إلى الآن لم تفهم تلك المحادثة:
“محفوظ بيه باع المكتبة لآستاذ آدم الاسيوطي”
حاول الشرح بهدوء حتى لا تنصدم فـ هو يعلم مدى تعلقها بالمكتبة والان قد حُرمت منها للأبد، هو يعلم أشد العلم من هو آدم الاسيوطي، لن يتراجع عن قراره مهما كلفه الأمر.
“زياد انت بتهزر”
ارتعشت نبرتها وهي تنظر لهُ بعدم تصديق لكزته حتى ينظر لها ولكنه مازال ينظر إلى الأرض بآسف، خوفًا من أن تتلاقى اعينهم ويرى حزنها الشديد، بينما هي صُدمت لأن تلك المكتبة تحمل لها العديد من الذكريات واصبح لها ركنها الخاص بها!
كيف لذلك الحقير أن يسحب منها عضويتها في ثوان، هل لأنه أصبح المالك من حقه أن يفعل ما يريد؟ تبًا له ولماله..
“زياد المكتبة!!، وبابا..وادهم:’))”
نظرت لزياد مرة أخرىٰ وكادت أن تهبط دموعها لترى زياد يسرع لها عندما تهاوت بين يد ما.. نظر لمن يمسك بها ويثبتها بقوة عندما فقدت وعيها ليُصدم وتتوسع عيناه فـ هذا آخر ما كان يتوقعه اليوم.
“آآ…”
يتبع…..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مكتبة المجانين)