روايات

رواية مقيدة لأصفاد مخملية الفصل الرابع عشر 14 بقلم سارة أسامة نيل

رواية مقيدة لأصفاد مخملية الفصل الرابع عشر 14 بقلم سارة أسامة نيل

رواية مقيدة لأصفاد مخملية الجزء الرابع عشر

رواية مقيدة لأصفاد مخملية البارت الرابع عشر

رواية مقيدة لأصفاد مخملية الحلقة الرابعة عشر

«مُقيدة بأصفادٍ مخملية»
<الفصل الرابع عشر> -١٤-
وسط دُجَى الليل شديد الظُلمة، تفوح رائحة الدماء بالأرجاء .. أصوات ولغط متداخل..
ضوء ينبعث من مصابيح جانبيه مُسلطة على تلك الوجوه … بعض الصرخات المكتومة المنسوجة بأنينٍ محبوس..
جسد صغير مرتعش متكوم حول نفسه أسفل الطاولة … جسدها الصغير يرتعش بجنون وشفتيها ترتجفان بجنون..
العرق البارد يُغرق وجهها وينحدر فوق عينيها الجاحظتان بفزع من هول ما ترى..
كفها الصغير تكتم به فمها منعًا من خروج شهقاتها الممزقة من جوفها، فترتد تلك الصرخات والشهقات المكتومة على قلبها مرةً أخرى..
أهوال وهلع وفزع جعلوا عقلها الصغيرة ينفصل عن الواقع مودعًا أحداث تلك الليلة…
كانت قطوف تتلوى فوق الفراش ووجهها ينضح عرقًا فتلك الأحداث الوفية لا تبرح عنها ولا تنحصر عن واقعها وكوابيسها..
فزعت قطوف من فوق الفراش وصدرها يعلو ويهبط وتشعر بأن أنفاسها تهاجر صدرها..
شهقت في محاولة لإلتقاط أنفاسها لكن لا فائدة…
استقامت من فوق الفراش وهي تلقي نظرة سريعة على رحيق العافية وخرجت من الغرفة حيث تلك الشرفة الصغيرة المُطلة على الحقول الخضراء والظلام يلبس الأرجاء..
جلست تحتضن جسدها فوق المقعد وهي تُمسد فوقه برفق في محاولة لتهدئة ذاتها وقلبها..
ظلت تُشدد على جسدها أكثر وأكثر تربت عليه وتسحب أنفاسها براحة..
هي لنفسها كل شيء .. تلك الخيبات تجعلها أقوى، تسقط ثم تتكئ على قلبها وتستقيم مرةً أخرى.
كانت هي أمام الخيبات كالحصن المغلق في قمة الجبل الوَعْر..
لا تحتاج ليد أحدهم لتربت على أحزانها..
لا تحتاح أن تخبر أحدهم عمّا يمزقها من الداخل..
رفعت رأسها نحو السماء المتلألأة بالنجوم لتشعر بالراحة تسكنها، تنهدت بعمق ثم همست قطوف:-
– كفاية أنت عالم .. كفاية أنت مُطلع..
وكفاية أنت معايا .. مش محتاجة حد طلما أنت معايا..
سقطت دموعها لتكمل بارتعاش:-
– ياريتني عرفت أعمل حاجة، لقيت نفسي ضعيفة .. غصب عني لقيت نفسي بحن ومش قادرة .. مقدرتش أكون كدا .. مقدرتش ألوث نفسي…
ونظرت من حولها ثم تحدثت وهي تمسح دموعها:-
– بس هنا هكون في مأمن .. محدش هيقدر يإذي قلبي .. هزود الجدران حواليه علشان ميتوجعش..
أصل .. أنا بخاف من الوجع أووي يارب..
وظلت على هذا الحال تتحدث وتبث ما بداخلها له، فقد كانت هذه طريقتها للتخفيف عن قلبها وتفريغ ما بداخلها..
***************
يغفو في حالة من الإنفصال عن الواقع..
غربت شمسه .. فبأيّ عدل تريد أن أحيا في عالم شمسه باردة..
الآن البرودة قد جمدت أوصالي..
قفز من فوق فراش المشفى وهو يبحث بأعينه بجنون ويهتف بينما ينزع هذا الخرطوم الرفيع من يده:-
– قطوف .. فين قطوف .. أنا فين .. بقالي قد أيه نايم .. لازم أدور عليها..
هرعت والدته الباكية بانهيار نحوه وهي تربت فوق كتفه بحنان:-
– إهدى يا جبريل إهدى يا ابني متعملش في نفسك لازم ترتاح..
لم يهدأ لُهاثه المجنون وهو يتحرك نحو باب الغرفة بينما يسحب متعلقاته من جانب الفراش وهرع للخارج رغم هذا الدوار الذي يحتله وهو يقول بلهفة:-
– لازم أوصلها .. هي لوحدها .. أكيد حالتها صعبة، لازم أكون معاها وبعد كدا أي حاجة تتحل…
لمح سيارته على أحد الجوانب فهرع إليها جبريل وهو في غمرة دواره منفصلٍ عن الواقع وهو يعبر الطريق والأحداث الأخيرة تتناوب على عقله بعشوائية والكثير من الأفكار السوداء تعمي أعينه..
وهُنا…..
سكن كل شيءٍ من حوله .. سقوط .. أصوات إرتطام قاسية جدًا كفيلة لتُخبرك ما حدث..
ولا مُعجزةٌ تكفي للنجاة..
وفجأة صمتت تلك الضوضاء التي كانت تعبق رأسه وهو يرى طيف قطوف يأتي من بعيد…
***************
انتكاسة أخرى للجدة فريال الجميع يلتف حولها يحاولون إقناعها بعودة قطوف قريبًا بعد عِدة إنهيارات عديدة..
رددت ميرا شقيقة قطوف بانهيار:-
– يا ماما تيتا رمت علاجها مش لاقياه..
أشارت لها عبير وهي منهمكة مع الجدة نحو الخزانة قائلة مسرعة:-
– قطوف كانت بتخلي علاج إحتياطي في الدولاب بين اللبس …بسرعة دوري عليه..
وأشارت لابنتها الأخرى قائلة:-
– وأنت يلا انزلي نادي أبوكِ بسرعة..
اتجهت ميرا نحو الخزانة تبحث بين الملابس بلهفة، وبعد القليل وجدت عبوات دواء مخبئة بعناية … لكنها لم تجد فقط الدواء!!
فبين الملابس وجدت العديد من الأوراق والتي يبدو عليها بأنها أوراق هامة..
– لقيتي يا ميرا الدوا..
أفاقت من شرودها وأسرعت تعطيه لوالدتها ثم وجهت أنظارها نحو تلك الأوراق لتلمح بها تكرار اسم والدها..
ومع اقتحام شريف الفزِع الغرفة أسرعت ميرا تجاهه وهي تمد يدها إليه بالأوراق متسائلة بتعجب:-
– الأوراق دي بتاعتك يا بابا..
اتجهت أنظار شريف الباهت الوجه تجاهها وأخذها يتفحصها لتتوسع أعينه بصدمة وردد بدون تصديق:-
– مش معقول .. إزاي حصل…!!
****************
أصوات تهشيم يأتي من تلك الغرفة وصراخ محتد جدًا..
وداخل الغرفة التي أصبحت حطام وكأن نزل بها عاصفة هوجاء قلبتها رأسًا على عقب..
صوت حامد الجندي الغاضب غضبًا لم يصل له من قبل يوبخ حفيده حيدر الذي يقف والصدمة تُغلفه:-
– إزاي تقع في غلطة زي دي … إزاي خدعوك..
الأوراق دي مزورة مش مظبوطة تبلها وتشرب مايتها يا متخلف..
أنا كام مرة حذرتك وأنت عامل نفسك شبح ومفيش بعدك..
تعرف معنى أيه إن يحصل حركة زي دي..
يعني حد متابعنا وخدعك ويعرف عننا كل حاجة..
خدعك بكل سهولة ووقعت أنت في الفخ زي التور..
وألقى الأوراق في وجهه بقسوة وهو يتابع كلماته اللاذعة:-
– دا علشان شاعل دماغك بالبنت دي وبتجري وراها وورا أخبارها..
بس مش حامد الجندي إللي يتخدع الخدعة دي ويسيب حقه…
واقترب منه يلكزه بصدره قائلًا بفحيح:-
– وأول واحد هاخد حقي منه هو أنت يا حيدر، هتعرف الوجه التاني لحامد الجندي…
وزي ما حرقت قلبي على الأوراق دي وخيبت أملي … أنا هحرق قلبك على البت دي….
****************
مرّ اليوم بلُطف على قطوف بصحبة رحيق، مرّ وهي تحاول خلق البهجة والسعادة..
مرّ وهي تحاول جاهدة طرد السوء بداخلها وخلق ذكريات جيدة..
مرّ وهي تعمل على ترميم روحها التي نحروها..
تلك البلدة صغيرة جدًا وبعيدة عن الجميع، غير أنها هادئة وأهلها طيبون..
ذات مرة وهي بالجامعة وبتمردها الدائم الذي كانت تحاول به تحطيم الأصفاد المخملية التي أحاطها بها شريف الهواري..
جاءت إلى هنا في رحلة تقدمها الجامعة للريف وقد انبهرت بالمكان حتى أنها صادقت عددًا لا بأس به من أهل تلك القرية..
مرّ النهار وانتهى وأقبل الليل بظلامه وهدوءه وبقت قطوف وحيدة بعدما غفت رحيق..
شغلت عقلها بقراءة كتاب واندمجت به لكن بعد مرور بعض الوقت شعرت بعدم الراحة..
تركت الكتاب من يدها وزوت ما بين حاجبيها وهي تستمع لأصوات تأتي من الخارج وأشياء تتحرك..
استقامت تتجه نحو الشرفة تغلقها وهي تستمع بدقة لتلك الأصوات وقبل أن تصل لباب الشُرفة شهقت بفزع حين انقطعت الإنارة وغرق المكان بظلام دامس…
وجف قلبها تلتفت من حولها وقبل أن تُبدي أي ردة فعل شعرت بيد تُكمكم فمها بقوة فتوسعت أعينها بفزع..
خرج منها همهمات غير مفهوم وتحركت بعنف محاولة تخليص جسدها من قيود مهاجمها لكن سكنت حركتها وتراخى جسدها وهي تشعر بإبرة دقيقة تُغرز بجلد ذراعها فسقطت في عالم آخر…

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مقيدة لأصفاد مخملية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى