رواية مقامر المحبة الفصل السابع 7 بقلم روزان مصطفى
رواية مقامر المحبة الجزء السابع
رواية مقامر المحبة البارت السابع
رواية مقامر المحبة الحلقة السابعة
♠ المُقامرة السابِعة ♠ بـِ عنوان ♦ عا|هِرات كيوبيد ♦
إن كان حُلمك يجعلك قريبًا مني لـِ ذلِك الحد، فـ دعنا نتقابل في أزِقة الحُلم دائِمًا.. لإن الواقِع كـ فاصِل بيني وبينك لا أستطيع تجاوزهُ أو العبور مِن خِلالهُ، لا أمتلِك تِلك القُدرة الخارِقة التي تمتلِكها أنت.. مِثلما مررت داخلي وتجاوزتني كما لو أننِ طيف مِن البرزخ، جل ما أملُكهُ هو هالة نور. – بِقلمي
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
المكان / المنطِقة٩٠- منزُل السيدة روفيدة
التوقيت / صباح اليوم
إرتجفت كادي، ولم تتوقع ما حدث ولو حتى في أبعد نُقطة مِن خيالها، رغم أنها إستمعت جيدًا لإسم خطيبتهُ السابِقة ” ميار “، لكِن سعادتها وذهولها بـِ ما حدث كان أكبر مِن أن تُدقِق في ذلِك، وجدت نفسها مِن شِدة توتُرها تحاول مُغادرة الأريكة المُمدد إياس عليها، لكِن تخاريف البرودة التي أثرت في جسدهُ جعلتهُ يسحبها تِجاهُه مُجددًا وهو يُقبِل وِجنتها تِلك المرة ويضُمها إلى صدرهُ في شوق ويقول: ليه بتحاولي تبعدي، كح.. خليكِ
ودت لو أنها تبقى لكن الخوف الشامِل مِن عِدة أشياء جعلها تتراجع عن ذلِك، إن جاء أحدهُم ورآها داخِل أحضانُه، أو إن أفاق هو وإكتشف أن من يحتضِنها إبنة عمهُ وليست ميار، لكِنها وجدت يدها تتلمس وجههُ وعينيها تتأملهُ.. وكُلما تنفس إستنشقت الهواء بـِ سعادة
حضر وصيف وتوقف عِند باب الشقة ورأى ما يحدُث، ذُهِل مِن أن إبنة عمهُ المُراهِقة تُحبُه ويظهر ذلك على تقاسيم وجهها ونظراتها
تنحنح وصيف وهو يقتحِم الشقة وقال: لامؤاخذة يا أمورة، هسنِد إياس باشا لـِ تحت عشان دكتور الصيدلية يشوف مالُه ويديلُه حُقـ|نة.
كادي بـِ شرود حزين في إياس المُتعب: المُهِم يكون بخير.
إبتسم وصيف وقال: متقلقيش هيبقى زي الفُل، إلحقي إنتِ مدرستِك ألا تتأخري، وهترجعي تلاقي إبن عمِك قاعِد في معرضُه وزي الفُل.
سحب وصيف إياس نزولًا بِه للأسفل، خلفهُن كادي وهي تُمسِك حقيبتها وتتأمل جسدهُ الذي يترنح يمينًا ويسارًا، حتى وصلوا إلى مدخل البناية، سحب وصيف إياس إلى الصيدلية، ووجدت كادي أمامها لاڤندر تسير بـِ بُطء في ذات الطريق الطويل، ألقت كادي نظرة أخيرة على جسد إياس الذي إختفى داخِل الصيدلية، ثُم ركضت بـِ أقصى سُرعة حتى تستطيع اللحاق بـ لاڤندر
وصلت لهاكادي وسارت بـِ جانِبها وهي تلتقِط أنفاسها
تنهدت لاڤندر وقالت بـِ هدوء: كُنت مستنياكِ
ذُهلِت كادي وهي مُتسعِة العينين وقالت: بجد؟؟
لاڤندر بـِ إبتسامة قصيرة: بجد، حبيت صُحبِتك.
كادي بـِ تلقائية: وأنا كمان أوي، أصلًا المنطِقة دي غريبة وأوڤر، مقدرتِش أتعرف فيها على حد غيرك.
بهتت ملامِح لاڤندر وقالت: دا شيء أفضل ليكِ، خليكي في حالِك ملكيش دعوة بـِ حد.
كادي بـِ فضول: ليه؟
تجاهلت لاڤندر الإجابة وقالت: شوفتك نازلة مع وصيف اللي سانِد عمو إياس، هل هو بخير؟
كادي بـِ حُزن: كان نفسي أفضل عشان أتطمِن عليه.. هو عندُه برد شديد وبيخترف.. لكن محبيتش إن عمو وصيف يقول حاجة كِدا أو يفهمني غلط.
لاڤندر بـِ تعديل على حديث كادي: قصدِك يفهمِك صح..
نظرت لها كادي بـِ توتُر فـ إبتسمت لاڤندر وقالت: هو إنتِ ليه بتقولي لـِ وصيف عمو؟ على فكرة هو بيحبنا نناديه بـِ إسمُه من غير ألقاب.
إلتقطت كادي ورقة من الشجر المُحاوِط لهُم وقالت بـِ شرود: ماما اللي معوداني على كِدا، تخيلي حتى إبن عمي بتخليني أقوله عمو إياس!
لاڤندر بـِ هدوء: لا دا بالذات لازم يتقالُه عمو.. بس مش ملاحظة إنك بتذكُريه في كُل كلامنا حتى لو مالهوش علاقة؟
أعادت كادي خُصلة مُن شعرها القصير خلف أُذنها وقالت: بس كويس إننا بنتمشى لإني بحب المشي الصُبح، مدرستي القديمة كُنت بتمشالها برضو.
إبتسمت لاڤندر وصمُتت بعد أن تأكدت أن كادي تُكِن مشاعِر إعجاب لإبن عمها، مِثلها كـ مثل الفتيات البائِسات في المنطقة ٩٠، يحلمن فقط!
• داخِل شقة روفيدة
هي بـِ إصرار: لا طبعًا إنت بتستعبط! يا حبيبي إنت لسه واخِد حُقنِة البرد ويادوب وقفتِك على رجليك، شُغل إيه اللي عاوِز تنزِلُه؟
إياس بعد ما سعل: مينفعش يتأجِل في ورق كتير عاوز أخلصُه وأشيك عليه.
روفيدة: طب خلي بالك مِن نفسك وإطلعلي على الغدا، متتأخرش
قبل إياس رأسها وقال: حاضر والله، لو إحتاجتي حاجة كلميني في المعرض أبعتلِك وصيف بيها.
خرج إياس مودِعًا والِدتُه وأغلقت الأخيرة الباب وهي تضع الشال على جسدها بطريقة صحيحة.. مرت خمس دقائِق وجرس الشقة كان يرِن، تنهدت روڤيدة بـِ تعب وهس تقوم وتحركت تِجاه باب الشقة.. نظرت من العين السحرية ثُم إتسعت عيناها صدمة وهي تقول بـِ ضيق هامِس: إيه البجاحة دي!
إلتقطت أنفاسها ثُم قامت بـِ فتح باب الشقة وهي تنظُر بـِ وجه لا يحمِل أي شعور
قالت السيدة أمامها: بـِ أمانِة الله وأنا طالعة في الأسانسير عمالة أقول يارب يصفي قلبك ناحيتي ولو لـِ ذرة عشان تسمحيلي أقعُد معاكي وأكلِمك.
ميلت روفيدة رأسها يمينًا وهي تقول: طالما قُدام بيتي يبقى الضيف عزيز، إدخُلي هكرِمك.
جاء صوت من خلف السيدة يقول: وأدخُل أنا كمان يا طنط؟
نظرت روفيدة لـِ ميار الواقِفة كـ طِفلة مُذنِبة وقالت: ولو إن دا هيعملي مشاكل مع إبني إياس، لكِن على كُل حال إتفضلوا.
دخلت ميار ووالِدتها بعد ما قاموا بـِ خلع أحذيتهُم في الخارِج، ورحبت بِهم روفيدة كـ نوع من انواع الأدب ليس إلا.
• داخِل منزِل غالي
دخل بـِ هدوء وهو يتسلل إلى غُرفتُه، مُمسِكًا بـِ يد فيان التي كانت ترتجِف خوفًا وبردًا، وهو يتنقل بعينيه في أرجاء المنزِل بحثًا عن والِدتهُ ووالِدُه.
وصل لـِ غُرفتُه بـِ إعجوبة ووضع بِها المُفتاح ثُم فتحها
سمِع صوت والِدتهُ تقول مِن المطبخ: إنت جيت يا غالي؟
دفع غالي فيان للداخِل سريعًا وهو يُغلِق باب الغُرفة ويقِف أمامها ويلتقِط أنفاسُه
جائت والِدتُه ترتدي روب منزلي شتوي، وحِذاء منزلي من الفرو وهي تلِم خُصلات شعرها.. والِدتهُ ذات ملامِح هادِىة وبشرة خمرية، جسدها ضئيل وعينيها واسعتين
وقفت أمامُه وهي تُمسِك بـِ كوب الشاي الاخضر وتقول: معاك حد من أصحابك؟
غالي بـِ توتُر: لـ لا، بابا فين!
والِدتهُ: في مكتبُه بيخلص شوية شُغل.
إستنشق غالي رائِحة المنزِل وهو يقول: ريحة صلصة، وجِبنة.
والِدتهُ سهر وهي تفرُك جبينها بـِ إصبعها مِن أثر الصُداع: ولحمة مفرو|مة، بعمل لازانيا.
غالي بـِ ضِحكة خفيفة: الغدا قدمتي ميعادُه؟
رفعت أكتافها وقالت: باباك نِفسُه فيها.
وضعت يدها على عُنق غالي وقالت: وإنت كمان شكلك جعان، ومالك متبهدِل كِدا ليه؟
غالي بـِ توتُر: هاخُد شاور وأغير هدومي بسُرعة، بس من فضلِك يا أمي عاوز ساندويتش سريع لإني جعان ومش هقدر أستنى الأكل يستوي.
سهر والِدتهُ قالت: حاضر هجهزلك واحِد دلوقتي.
ذهبت إلى المطبخ فـ دخل غالي إلى غُرفتُه مرة أخرى، لـ يجِد فيان جالِسة على فِراشُه بـِ ملابِسها العجيبة تِلك.. أغلق الباب ونظر لها فـ نظرت لهُ بعينيها الواسِعة الفاتِنة، عينا الغِزلان.. فـ أغلق عينُه وهو يتنهد ويقول: مينفعش أسلِمك لوالدي بـِ المنظر دا!
فتح خِزانتهُ وأخرج مِعطفه الأسود، وعُلبة مُغلقة وقال: إلبسي دا، ودا شوز جديد إشتريتُه متلبسش.
جلس على رُكبتيه أمامها وهو يلتقِط قدمها وينظُر للمقاس وقال: رجليكي صغيرة أوي مش هيناسبِك مقاسي، هشوفلك عند أمي.
تِك تِك تِك
كان ذلِك صوت طرق باب غُرفتُه، إتسعت عيناه توتُرًا وهو يُشير بـِ إصبعهُ على فمِه بمعنى لا تتحدثي
إقترب مِن الباب وهو يقول: حاضر يا أمي..
قام غالي بتخبِئة فيان داخِل دورة المياه في غُرفتُه ثُم قال: إدخُل.
فتحت سهر الباب وهي تحمِل الصحن وتقول: أدخُل يا دكتور؟
غالي وهو يضع يده خلف عُنقه: إتفضلي
وضعت سهر الصحن على اامكتب الخاص بِه وتقول: عملتِلك توست بـِ التُركي والخس عارفة إنك بتحِبُه، إنت لسه مخدتش الشاور بتاعك؟
غالي: هدخُل أهو..
سهر بـِ هدوء: تحب أجهزلك الحمام زي ما بجهزه لـِ بابا!
غالي بـِ خوف غير مُبرر: لا لا، شُكرًا على الساندوتش.
خرجت سهر مِن الغُرفة وأغلقت الباب خلفها، فتح غالي باب دورة المياه وأشار لـِ فيان أن تخرج
خرجت بـِ هدوء وجلست على الفِراش مرة أخرى
وضع غالي بين يديها صحن الطعام وهو يقول: شكلِك جعانة.. كُلي دا.
نظرت ڤيان بـِ جوع شديد للطعام ثُم قضمت مِنهُ قضمة وهي تنظُر لـِ غالي وتقول بينما تمضُغ: إنت مش خايف؟
غالي بـِ إستغراب: أخاف من إيه يعني؟
توقفت ڤيان عن المضغ ونظرت له قائِلة: من فريدريك، إنت خالِفت التعليمات.
كان غالي بـِ الفِعل غير مُطمئِن لكِن من ردة فِعل والِدهُ إن علِم أن الفتاة هُنا، وليس من فريدريك.
قال غالي وهو عاقِدًا حاجبيه: كُلي بس عشان نِخلص، هدخُل أخُد شاور سريع، إوعي تتحركي من على السرير ولا تفتحي ولا ترُدي على باب الأوضة مهما إن حصل، سامعة؟
وافقتُه ڤيان بـِ طاعة فـ إلتقط مِنشفتُه وملابِسُه ثُم أغلق دورة المياه لـِ يبدأ في أخذ حمامُه الخاص.
• داخِل معرض إياس
كان مُرهقًا وهو يرتدي ثيابهُ المُهندمة ويدخُل بـِ ثِقة إلى معرض السيارات الخاص بِه
لـِ يُفاجأ بـِ ضيف غير مدعو! يجلِس بـِ أريحية على المِقعد الخاص بـِ إياس، تسمر إياس وهو ينظُر له حتى تحرك الكُرسي وقابل إياس، كان الرجُل ذو الرُقعة السوداء فوق عينهُ كأنهُ قُرصان.. إبتسم لـِ إياس إبتسامة صفراء كـ عادتهُ ثُم تنحنح وقال: ينفع أعزِمك في بيتي، إنت وزمايلك المُحترمين
إيديكُم تطول على حجات مش بتاعتكُم؟
نظر لهُ إياس بـِ ضيـ|ق وهو يرفع حاجِبًا إستعدادًا لـِ هجو|م ثُم قال: أظبُط كلامك بدل ما أخليك تحُط قُماشة على عينك التانية، إيه إيدينا طولِت دي!
مرر الرجُل إصبعهُ فوق سطح المكتب الخاص بـِ إياس وقال: معلوم، ما هو لما صاحبك الأولاني ياخُد من أوضة ليديا صندوق الموسيقى، والتاني ياخُد ڤيان.. كِدا متجاوزتوش الحدود؟
أشار إياس لـِ فريدريك أن يقترِب، إقترب الأخير بـِ سُخرية مُمثِلًا أنهُ يستمِع بـِ إهتمام، فـ قال إياس: طب بـِ النِسبة للي إيدُه طولِت الأول وأخد جُـ|ثة مِن مشر|حة المنطِقة ٩٠، دا نعمِل فيه إيه؟
فريدريك بـِ ذات الإبتسامة المُتلوِنة: تقصُد غُبريال؟ معذرةً يا إياس لكِن.. الوضع يختلِف، أنا أخُد أه.. حد ياخُد مني.. لا
إبتسم إياس بـِ سُخرية وهو يلوي شفتيه وقال ناظِرًا بـِ إحتقا|ار ساخِر إلى فريدريك: وصيييييف!
حضر وصيف ركضًا مِن المقهى وقال: إؤمرني يا إياس باشا
تفحص إياس فريدريك من رأسهُ إلى أخمُص قدميه بـِ نظرات تقليل واضِحة ثُم قال موجِهًا حديثهُ إلى وصيف دون أن يُحيد عينيه عن فريدريك: إتصلِنا على وكالِة ناسا بسُرعة، لقينا مِحور الكون.
كان غالي قد إقترب مِن المعرض ووقف مشدو|هًا من حضور فريدريك المُفاجيء، فـ قال فريدريك لـِ إياس: خلي صُحابك يرجعوا اللي أخدوه، الأولاني أخد صندوق الموسيقى مِن غُرفة ليديا، والثاني أخد واحدة مِن عا|هِرات كيوبيد.
إقتحـ|م غالي معرض السيارات ثُم لكـ|م فريدريك في وجههُ وهو يقول بـِ غضـ|ب عا|رِم: هي مين دي اللي عا|هرة يابن الـ مـ_-را!!
إنتفض إياس من رد فِعل غالي المُباغِت وهو يقِف بينهُم ويقول بـِ صدمة تحذيرية: غالي!
إعتدل فريدريك في وقفتُه وهو يضع إصبعهُ أسفل أنفُه يتحسس الدِ|ماء التي تقطُر مِنهُ وقال بـِ ضحكة إستفزازية: ليك حق، أنا فِعلًا عا|هراتي يتحبوا، حلوين.. ذوقي في كُل شيء حلو.
غالي من بين أسنانُه: خرجُه برا يا إياس عشان ملوثش المعرض بِتاعك
فريدريك: أووه، هو متلوثش ساعة ما وصلتلكُم التذكرة؟ على العموم يا دكتور غالي أنا هعمل زي ما السيد والدك عمل معاك، هديك مُهلة 24 ساعة مش أكتر، ترجع فيها اللي خدتُه.. وعشان إنتوا ضيوف أول مرة عندي هكتفي بـِ قرصة وِدن صغيرة ليكُم
إلتفت لهُ إياس ونظر له قائِلًا: مش أنا يا حبيبي اللي أتهدد تهديد زي دا في وِسط منطقتي، أخِر واحِد عمل معايا كِدا، جُثِـ|تُه مد|فونة عندك في المقا|بر.
تجهم وجه فريدريك حتى أن عِظام فكُه ظهرت وبدأت عينهُ الظاهرة بإظهار نظرة شيطانية، ثُم قال بفحيح مُحاوِلًا التحكُم في ذاتُه: 24 ساعة فقط، مفيش غيرهُم!
خرج فريدريك وهو يصطدِم عمدًا في جسد مهد الذي كان على وشك دخول المعرض، نظر لـِ ظهر فريدريك وقال بـِ صدمة: هو مش دا!!
كان فريدريك يسير مائِلًا إلى اليمين، فـ قال غالي: هو الراجل دا مايل لليمين ليه؟
إياس وهو يجلس مُجددًا خلف مكتبُه: **** فريدريك.. وبيهددني إبن الـ ***
غالي وهو عاقِدًا حاجبيه: أنا مش مرجع حاجة، البت قاعدة في عربيتي وأنا مستني أبويا ينزِل يستلِمها مني.
كان فريدريك يسير ذاهِبًا لـِ سيارتُه عِندما رأى لاڤندر تسير بـِ جانِب كادي حاملين حقيبتهُم المدرسية
في ذات الوقت وهو ينظُر لِذلِك المشهد، إنبعثت من راديو مقهى ليالي الأنس الخاص بـِ المنطِقة ٩٠ أغنية ” أهرب مِن قلبي أروح على فين، ليالينا الحِلوة في كُل مكان.. مليناها حُب إحنا الإتنين وملينا الدُنيا أمل! ”
أغلق عينهُ ثُم حاول إبادة الدموع التي كانت على وشك الظهور، وإستقل سيارتهُ العجيبة تِلك وغادر المنطِقة.
• أمام سيارة غالي
نظر غالي من خارج معرض إياس لـِ يجِد والِدهُ يقِف بـِ جوار السيارة، إبتسم غالي إبتسامة أن والِدهُ سـ يُثني عليه
إقترب من السيارة وهو يلتقِط فيان من داخِلها ويوقِفها أمام والِدهُ ثُم قال: أهي يا بابا، لقيتهالك في الوقت اللي إنت قولت عليه بالظبط!
نظر غالي بـِ عيون تلمع لـِ والِدُه الذي كان مُقتضب الجبين ثُم قال بـِ مقت لـِ إبنهُ: لو كُنت خلفت بنت ودخلت كلية الطب، كانت هتبقى ذكية وعندها فِطنة عنك، إنت حتى بعد ما بقيت دكتور.. بقيت دكتور فاشِل
سقط كف غالي عن كتِف فيان وإبتسامتهُ تتلاشى، وهو ينظُر لـِ والِدهُ ويحاول التحكُم في دموعه ثُم قال بـِ تساؤل مُرتجِف: ليه! أنا عملت اللي قولتلي عليه!
والِدهُ: غبي، ومسيرتي المهنية في الطِب هتنهار بسبب إبن فاشِل زيك.
كانت ڤيان تنظُر للقسوة المُنبعِثة من الطبيب لإبنهُ، نظرت ڤيان لـِ غالي بـِ شفقة وإنتابها شعور أنها تود إحتضانُه! لقد عاملها بـِ رِفق عِندنا كانت معهُ! هو سـ يتحمل إنتقا|م فريدريك فقط لـِ يُرضي والِدهُ، لكِن حتى والِدهُ لم يرضى عنهُ
بينما غالي يقِف مكسورًا محنيًا الرأس أمام والِدهُ، قال الأخير: من البداية شايف الطاقِم الطبي رابِطها في السرير دا معناه إنها حالة خطر، مش من حقك تفكها وندور عليها وكُل دا، لكن هستنى منك إيه وأنت لازم حد يقولك تعمل إيه ومتعملش إيه!
كانت أعيُن ڤيان مُرتكِزة على وجه غالي، لقد فك رباطها في المشفى لإنهُ ذو قلب حنون وأدمي، عكس فريدريك، وعكس والِدهُ
سحبها الطبيب بـِ قسوة وقال: أنا هرجعها مكانها في المُستشفى وإنت مبقتش مسؤول عن الحالة دي خلاص.
فتحت ڤيان شفتيها ألمًا ونظراتها لا تُفارِق غالي، أحنت رأسها حُزنًا عليه ولاحظ هو ذلِك لكِنهُ لم يحتمِل نظرة الشفقة في عينيها.
إقترب مِنهُ إياس ومِن الجِهة الأُخرى مهد وهُم يواسوه قائلين: معلش، إنت عملت اللي عليك ودا يكفي، ومش طبيعي إن الإنسان ميغلطش.
نظر غالي لـِ سيارة والِدهُ وهو يرحل، أخِذًا معهُ فيان، ومِعطفهُ الطبي.. وأمال غالي المُحطمة.
• منطِقة كيوبيد
عاد فريدريك إلى السيرك وهو ينزِل الدرج إلى الأسفل، كان هُناك غُراب ينعق أثار غضبُه، إلتقط سِلا|حُه مِن على مِقعدهُ وصوبه تِجاه الطائر، لـِ يجِد الساحِر يُمسِك يدهُ التي تحتوي على السِلا|ح ويقول: إوعى! الغِربان مبتنساش، إوعى تعمِل كِدا لأحسن يملولك السيرك لغاية ما يخلصوا عليك..
فريدريك وهو يضغط على السلاح بين يديه ويصرُ|خ بـِ غضب ركل مِقعدهُ بـِ قدمهُ اليُمنى
حتى كان أن يقع، سندهُ الساحِر فـ إنتفض فريدريك قائِلًا: إوعى! إوعى مش عاوز حد يسندني، خلاص أنا مش عاوز حد يسندني تاني..
إمتلأت عينهُ المكشوفه بـِ الدموع، خاف كثيرًا أن يظهر بـِ ذلِك الضعف أمامهُم، على الأقل عينهُ الأخرى مُغطاه
لـِ ذلِك غادر إلى غُرفتُه.. بينما عا|هرات كيوبيد يُراقِبونُه مِن خلف الباب ويهمسون لـِ بعضهُم قائلين: ياريتها هِنا، هي أكتر واحدة حبها.. وهي الوحيدة اللي تقدر تنورله ضلمتُه دي
الأُخرى أجابتها قائلة: هُما الإتنين ناقصهُم حاجة مُهمة، فـ وجودهُم سوا هيقويهم.
• داخِل مشفى المنطِقة ٩٠
كانت ڤيان مُستسلِمة تمامًا للمُمرِضات وهُم يكبلوها في الفراش الطبي، كانت شاردة تتذكر الخذلان الذي تعرض لهُ غالي مِن والِدهُ
وعِندنا إنتهوا وكادوا يرحلون مِن غُرفتها قالت فيان لإحداهُن: بلغي الطبيب المسؤول، صاحِب المشفى إن لو إبنُه الدكتور غالي هو اللي تولى مسؤولية علاجي أنا مش هحاول أهرب تاني وهفضل هِنا
تعجبت المُمرِضة في البداية ثُم قالت وهي تخرُج: هبلغُه حاضر، بس نامي شوية شكلِك مُرهقة.
أغلقت المُمرِضة باب الغُرفة ونظرت ڤيان حزلها وهي مُكبلة، وجدت مِعطف غالي على المِقعد أمامها فـ إبتسمت لإنها للمرة الأولى تستشعر شخص مُختلِف عن البيئة التي نشأت بِها.
كان يتعامل بـِ أدمية، بـِ حنان
كإنهُ بـِ تصرّفاتُه الغير مقصودة كان يتلمس مناطِق حُزنها المُعراة، ويُدثِرها بـِ لُطفُه!
• في شقة روفيدة
صعد إياس إلى بنايتهُ لـِ يجِد ميار ووالِدتها يغادرون المِصعد الخاص بِها، وكان بـِ الفِعل غاضِب وغير قادِر على العمل بشكل جيد بعد لِقاؤه بـِ فريدريك، فـ سار تِجاههُم وهو يقول بـِ نبرة شديدة الحزم: إيه اللي جابكُم هُنا؟
إرتجفت ميار مِن نبرتهُ فـ قالت والِدة ميار: كُنا عند والدِتك السِت روفيدة، وكتر خيرها إستقبلتنا و..
إياس بـ تحذير مُقاطِعًا حديثها: دي أخر مرة ألمحكُم جايين هِنا ولو بـِ الصُدفة، هطلعكُم ساعِتها من المنطِقة كُلها وأحرمكُم من الخير اللي هنا والخدمات وتروحوا منطقة عادية زي باقي الناس!
سحبت والِدة ميار إبنتها وقالت وهي تُغادِر: حقك علينا يابني مش هتتكرر..
غادروا وصعد هو في المِصعد، عِندما وصل للشقة فتحها ودخل ثُم أغلق الباب خلفُه، كانت روفيدة تحمل أطباق الحلوى وأكواب العصير الفارِغة وتقول بـِ إبتسامة: مش قولتِلك مش هتِقدر تشتغل وإنت تعبان..
حذف إياس مفاتيحهُ أرضًا وهو يقول بـِ غضب: إيه اللي جاب السِت دي هي وبنتها هِنا؟ إزاي يا ماما تسمحيلهُم يدخلوا بيتي!!
بهتت إبتسامة روفيدة وحل محلها عقدة حاجبين وهي تقول: وطي صوتك وإنت بتكلمني، وبعدين دا بيتي قبل ما يكون بيتك، الشقة دي بالذات بيتي حتى لو كُل المنطِقة بتاعتك ومِن تعبك، مفهوم؟
إياس بـِ هدوء: أسف، لكِن من فضلك مش عاوزهم هنا لا في شقتك ولا شقتي ولا حياتي، هي اه شقتك لكِن هُما جايين في موضوع يخُصني وفاكرين هيبقى في وِد، فـ إقطُمي معاهُم مِن الأول!
روفيدة وهي تُدخِل الصحون إلى المطبخ قالت: هُما فعلًا كانوا جايين عشان أبقى واسطِة خير بينك وبين ميار والكلام دا، بس أنا قولتلهُم إن دا قرارك ودي حياتك وماليش أي دخل فيها.
إياس بـِ غضب: على العموم أنا إديتهُم تحذير، وتقريبًا نسيوا إني حرمتها عليا زي أمي وأختي، ياريت ميجوش هِنا تاني من فضلِك يا أمي.
روفيدة بـِ هدوء لإنها لاحظت أن ثُمه شيء ما بـِ إبنها: أحضرلك غدا؟
إياس وهو يدخُل غُرفتُه: شبعان..
كان يختـ|نِق مما يحدُث، المُهلة التي أمهلها لهُم فريدريك، وبداية كُل شيء عِندما أراد المُستأجِر إعادة السيارة، والعين المُهمة في المنطِقة ٩٠! من هذا الرجُل ولِما يكِن لهُم الحِقد؟ هل لديه مطمع في المنطِقة!
تساؤلات كادت تفتُك بـِ رأسُه فـ اراح جسدهُ على الفِراش وهو يُفِكر ما الخطوة القادِمة؟
• داخِل مشفى المنطِقة ٩٠
كانت ڤيان نائِمة ويِراوِدُها أحد الكوابيس المُخيفة، كانت تُحرك وجهها يمينًا ويسارًا وهي تتذكر أحداث منكقة كيوبيد في التخلُص مِن الأشخاص، حبات العرق ملأت وجهها حتى قامت كـ الملدوعة مِن ثُعبان وهي تلتقِط أنفاسها بـِ صعوبة..
نظرت حولها لـِ تجِد غالي يجلُس على المِقعد مُرتديًا المِعطف الذي أعطاها إياه، هدأت نبضات قلبها رويدًا وهي تقول: جيت إزاي؟
غالي بـِ هدوء: كلموني مِن المُستشفى وقالولي إنك طلبتي إني أكون المسؤول عنِك وعن حالتِك، والحقيقة مش عارِف عملتي كِدا ليه
تنهدت ڤيان وهي تقول: كدا أفضل، عشان محتاجة أحميك من فريدريك، وأعرفك حجات عنُه مش هتقدر تعرفها غير مني.
غالي بـِ عقدة حاجِب: تحميني مِنُه إزاي؟
ڤيان بـِ هدوء: قرب الكُرسي بتاعك، عشان أحكيلك عنُه، وعن ليه بيعمل كِدا
غالي وكإنهُ يعلم السبب: عشان المنطِقة ٩٠ تِهمُه..
حركت ڤيان رأسها يمينًا ويسارًا وهي تقول: لا.. الموضوع أعمق مِن كِدا.
___________________________________
« قبل أعوام كثيرة..
كان يسير طِفل في الحادية عشر مِن عُمره مُرتديًا قميصه الأبيض ذو النِصف أكمام، والنِصف بِنطال ذو اللون السُكري، حامِلًا على ظهرهُ حقيبتهُ المدرسية بُنية اللزن، وحِذاؤه البُني اللامُع، كان مِن أكثر أطفال البلدة إلتزامًا أخلاقيًا، وهدوءًا، وكان المُحيطين بِه وبـِ عائلتُه يثنون عليه بالحديث والإطراء لـِ نظافتهِ الشخصية ومواهِبهُ المُتعددِة، حرك الهواء خُصلة شعرُه السوداء المُجعدة، المُتمرِدة عن بقية شعرُه الأسود الثابِت على رأسهُ مُلتصِق بِه.. دخل إلى أحد المعابِد وهو يقترِب مِن والِدهُ الذي يرتدي بدلتهُ الدينية، ويحمِل فوق يدهُ كِتاب كبير مفتوح على مصراعيه، يُراقِب الأحرُف والكلِمات مِن خلف نظارة النظر الخاصة بِه، ثُم قال بـِ نبرة أرعبت الطفل وأوقفتهُ عن السير: كـ العادة مِتأخر دقيقة ونِصف.
أمسك الطِفل بـِ كلتا يدا الحقيبة حول كتِفُه وقال: جارتنا كانت بتسألني عن..
قال والِدهُ: تعالى أُقف مكاني، وإمسك الكِتاب، وإقرأ السطر الرابِع وما بعدُه.. بـِ صوت عالي!
خلع الطِفل حقيبتهُ من على جسدِه ووضعها على أحد المقاعِد، ثُم إلتقط الكِتاب من يد والِدهُ وكان يرتجِف، حملهُ بـِ يديه الإثنين فـ قال والِدهُ: شيلُه بـِ إيد واحدة!
رفع الطِفل نظرهُ لـِ والِدهُ وقال: تقيل!
ظل والِدهُ مُعلِقًا نظرهُ عليه وقال: مش هكرر كلامي.
حمل الطِفل الكِتاب بـِ يد واحِدة وهو يميل يمينًا ويسارًا مُحاوِلًا الحِفاظ على ثباتُه
قرأ أول السطر فـ قال له والِدُه: حُط إيدك الفاضية على الخشبة هِنا!
وضع الطِفل يدهُ الفارِغة عليها، فـ قام والِدهُ بـِ صفعُه على يدهُ بـِ العصاة حتى صرخ الطِفل مِن قسوة ما حدث
فـ صفعهُ والِدهُ مُجددًا على أصابع يدهُ حتى كادت أن تنكسِر وقال بحزم: كُل ما تصوت أو ألمح في عيونك دموع، هديك كمان.. مش قولتلك وإنت بتقرأ تعلي صوتك؟ إنت مركزتش في كلامي ليك!
الطِفل بـِ شفاه ترتجِف وألم لا يحتمل حتى تحول وجهه للأحمر: مش مركز عشان.. جعان.
والِدهُ: مفيش غدا، مش هتاكُل غير ٨ باللي ميعاد العشاء، عشان تتعلم تركز حتى وإنت جعان.
تحمل الطِفل الألم الذي فوق طاقتهُ، واخرجهُ على هيئة صوت مُرتفِع وهو يقرأ.. وعِندما إنتهى قال والِدهُ: مُمتاز، الإنضباط مفيش أجمل مِنُه.. روح لمامتك، وإياك تاكُل أي شيء.. أنا هعِد قِطـ|ع اللحمة وقِط|ع الجِبن اللي في البيت لو لقيتهُم ناقصين.. هعاقبك..
أومأ الطِفل بـِ رأسهُ موافقة، وحمل حقيبتهُ فوق ظهرهُ مُجددًا وهو يُغادِر المعبد، في طريقهُ إلى المنزل.. وجد طِفل أخر في عُمره، يجلِس على مِشقعد خشبي في حافة الغابة.. يأكُل شطيرة جُبن وبـِ جانِبهُ حقيبتهُ
لا إراديًا راقبهُ الطِفل كيف يأكُل بـِ لذة، مِن شدة الجوع وقف يُشاهد، حتى لاحظهُ الطِفل الذي يأكُل وقال: تاخُد حِتة؟
قال الطِفل بـ رفض: لا، وقفت أستريح شوية من المشي.
الطِفل الجالِس: تعالى إقعُد ودوق حِتة، دي جينة فرنسية.
إقترب الطِفل وجلس بـِ جانِبهُ، مِعدتهُ لم تعُد تحتمِل الجوع، مد الطفل يده بـِ الشطيرة وهو يقول: كولها كُلها أنا شبِعت
بدأ الطِفل الجائِع في أكلها بـِ نهم فـ قال الأخر: ياااه شكلك جعان بِجد، هو إنت إسمك إيه؟
إبتلع الطِفل الطعام ومسح فمهُ بـِ يدهُ وهو يقول: فريدريك..
قال الطِفل الأخر: إنت إبن الحاخام إليوس ناحوم؟
قال فريدريك بـِ حُزن: أيوة..
الطِفل الأخر: وزعلان ليه؟ كُل المدينة بتقول عنك كلام كويس جِدًا، إنك شاطر ومؤدب وهادي، عكسِنا!
فريدريك بـِ حُزن: بس أنا مش عاوز أبقى عكسكُم، عاوز أبقى زيكُم.. ألعب كورة، وأقعُد على النهر، واروح الجِسر بـِ العجلة بتاعتي.
الطِفل الأخر: إنت عندك عجلة؟
فريدريك: أيوة بس بـِ سندات، مبعرفش أسوقها.
الطِفل الأخر: أنا بعرف، وعندي عجلة.. هعلِمك!
فريدريك بـِ لمعة أمل: بابا مش هيوافِق.
الطِفل الأخر بـِ إبتسامة: مش لازِم كُل حاجة تبقى مظبوطة زي ما باباك بيقولك، مُمكِن تِعمل دا من وراه!
فريدريك بـِ أمل: إزاي؟
الطِفل الأخر: خلص الساندوتش وهقولك، على فكرة أنا نسيت أعرفك بيا، أنا إسمي غبريال باترناك.
مد غبريال يدهُ إلى فريدريك، فـ صافحهُ فريدريك بـِ إبتسامة
قال غبريال: كُل ما تحِس بـِ الجوع لو مش معاك أكل تعالى هنا هتلاقيني قاعِد، وهخليك تاكُل معايا.. وكمان هخليك زينا.. مش عكسِنا!.
فريدريك بـِ سعادة: إتفقناا، شُكرًا على الساندوتش بس أنا لازِم أروح، هشوفك بُكرة.
غبريال وهو يلوح لهُ بـِ الوداع: أكيد، هستناك.
غادر فريدريك لـِ منزِل والِدهُ حاخام البلدة إليوس ناحوم، لـِ يجِدهُ هُناك، يجلس على طاوِلة الطعام، ينظُر لـِ فريدريك نظره لا توحي بـِ الخير
فريدريك بـِ تبرير: رجليا وجعتني، فـ.. فـ قعدت أستريح على الكُرسي.
لم يرُد والِدهُ بـِ الكلِمات، لكِن الرد المُناسِب كان
عشر جلـ|دات على باطِن قدمُه، كان يئِن ووالِدتهُ تبكِ عليه بـِ قِلة حيلة
ونام تِلك الليلة دون عشاء أيضًا، لولا شطيرة الجُبن الخاصة بـِ غبريال.. لـ كانت معدتهُ خرجت من جسدهُ
في اليوم التالي كان فريدريك يسير بطريقة مُتعرِجة خارِج إرادتهُ، إثر الضر|بات التي تلقاها مِن والِدهُ
كان غبريال يقود دراجتهُ فـ توقف بـِ جانِب فريدريك وهو يقول: مالك؟؟ ليه بتمشي كِدا!
فريدريك بـِ ألم: عشان إتأخرت إمبارِح، إتعاقِبت.
غبريال بـِ ضيق: طب إركب ورايا.
نظر فريدريك حوله في خوف فـ قال غبريال: إكب متخافش باباك مش في البلدة إنهاردة.
صعد فريدريك خلف غبريال، ذهب بِه غبريال إلى المِقعد الخشبي، ثُم ذهب بـِ مُفردهُ إلى منزِلهُ وعاد بعد خمس دقائق.. جلس بـِ جانِب فريدريك وقال: بيتي قُريب من هنا، إقلع جزمتِك الكريم دا حلو أوي، أصل ماما طبيبة.
فريدريك: خايف.
غبريال: متخافش دا هيطيبك..
خلع فريدريك حِذاؤه فـ بدأ غبريال في دهن باطِن قدمُه، ضحك فريدريك فـ تبعتهُ ضحكات غبريال الذي قال: ساقِع صح؟ إستحمِل وشوية وهترتاح.
وقف أمامهُم ظِل فـ إنتفض فريدريك، كانت فتاة ذات خُصلات شعر مُجعدة بُنية، تمضُغ العِلك وتقول: إنت إبن الحاخام اللي بيقارنونا بيه ويطلع كسبان؟
غبريال بـِ ضيق: باتريشيا متتنمريش عليه، إنتِ متعرفيش الحاخام بيعاملُه إزاي.
نظر فريدريك لـِ باتريشيا، كانت جميلة حتى الأطفال لا يستطيعون مقاومة النظر لها، كانت في التاسِعة مِن عُمرها فـ قالت هي لـِ غبريال: ما تسيبُه لو باباه اللي معاقبُه، عشان إنت كمان متتعاقِبش
غبريال: متنسيش إني ساعدِتك قبل كِدا، لو عاوزة تساعدينا بجد إلهي جارتنا ريتا لإنها بتبُصلنا وممكن تفتِن
غمزت له باتريشيا وقالت: هتديني عجلتك بكرة طول اليوم!
غبريال وهو يضع الحِذاء في قدم فريدريك مرة أخرى: أوعدِك!
ذهبت باتريشيا فـ قال فريدريك لـِ غبريال: دي صاحبِتك؟
غبريال: تقدر تقول كِدا، وإنت كمان هتبقى صاحِبنا.. رجلك أحسن دلوقتي؟
_________________________________________
الوقت الحالي / منطِقة كيوبيد / غُرفة فريدريك
إنهمرت دمعة من عين فريدريك وقال: رجلي بتعرُج يا غبريال، مش من عقاب الحاخام.. من تقاب الدُنيا اللي خلتني يتيم مرتين، مرة بـ أب قاسي.. ومرة بـِ إنها خدتك مني، بعد حنيتك وسندك ليا
_______________________________________
في المشفى / المنطِقة ٩٠ / غُرفة ڤيان
كانت الدموع تنهمر على وجه غالي فـ قالت ڤيان: كانوا مُثلث، باتريشيا وغبريال وفريدريك.. غبريال علِم فريدريك إن الإنضباط الدائِم هيحرمُه من إنه يعيش حلو ويشوف حلاوة الدنيا ويعيش سِنُه، علِمُه يبقى قلبُه جامِد.. فريدرك لقى عيلتُه بعد ما بقى مع غبريال وباتريشيا
وعلى فِكرة، عين فريدريك المتغطية بـِ قُماشة سودا.. سليمة مفيهاش حاجة، هو بس مغطيها عشان العين الشمال كان بيشوف باتريشيا بيها، والعين اليمين بيشوف غبريال بيها، وعشان غبريال ما|ت.. غطى عينُه الشِمال بالإسود..
وبيعرُج لإنُه من طفولتهُم لِحد ما كبروا، كانت باتريشيا بتسندُه من الشمال، وغبريال من اليمين.. فـ دايمًا مايل لليمين.. لإنُه خالِف قوانين الحاخام وكان بيتعاقِب، لكِن العِقاب كان بيهون عشان هو بيتبسط معاهُم وبيحس إنُه عايش
____________________________________________
منطقة كيوبيد / السيرك / المقابِر
جلس فريدريك أمام قبر غبريال وهو محني الرأس..
أضع تِلك الرقعة السوداء فوق عيني
لإنني لا أُريد رؤية النصف الأخر من الحياة أمامي فارِغًا
مِنك يا صديقي ، الذي كُنت دائِمًا بمثابة أخ أنجبتهُ الظروف القاسية لي، وحرمتني الحياة مِنهُ، سأظلُ دائِمًا مائِل بدونك حتى وإن عادت باتريشيا، ينقُصنا ضِلعنا الثالِث الذي لن يعود.. “
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مقامر المحبة)