رواية مقامر المحبة الفصل الثاني 2 بقلم روزان مصطفى
رواية مقامر المحبة الجزء الثاني
رواية مقامر المحبة البارت الثاني
رواية مقامر المحبة الحلقة الثانية
_ أجواء بارِدة
المكان: المنطقة ٩٠♦
التوقيت: التاسِعة ليلًا
وقفت چيهان بـ جانبها إبنتها كادي وهي تنظُر لـ إياس الغاضِب وقالت: خير يابني حصل حاجة؟
نظر لها إياس بـ غضب وقال: وحتى لو حصل هو..
قبل أن يُكمِل جُملته التي تناثرت من أحرُفها ألـ|هِبة النيـ|ران، قام مهد بـِ كتم فم إياس عن طريق يده وقال بـ لباقة: معلش هو مش في أفضل حال للكلام، إتفضلي حضرتك فوق في شقِة السِت رُفيدة إستريحي عندها، هنتكلم كلمتين مع إياس وهيفتحلك شقِتك
نظرت كادي لـ إياس وهو يُبعِد يد مهد عن فمهُ بـ قسوة، وهندم من ملابسه وهو يسيرُ غاضِبًا إلى معرض السيارات الخاص به
نسمة الهواء حركت خُصلات شعر كادي للخلف، لما لا تستطيع إبعاد عينيها عن ملامحهُ!
أفاقت على نكز والدتها لها بـ يدِها وهي تقول: يلا يا ماما نطلع، ظهري وجعني من السفر
صعدت كادي بـِ رِفقة والدتها إلى البناية، رائِحة المُطـ|هِر الشهير يُمكنهُم إستنشاقها من الأرضية، كأنهُم داخِل ممرات مشفى مُعقمة، الدرچ نظيف ولامع، حتى وصلوا إلى الطابِق المقصود
وضعت چيهان يدها على چرس الباب وضغطت عليه مرة واحدة حتى أصدر صوته، ثُم عادت خطوتين للخلف وهي تنتظِر
مرت ثوانِ قبل أن تفتح رُفيدة باب شقتِها، ومن الداخل رائحة المُعطِر الكهـ|ربائي خرجت من الشقة تُصافحهُم قبل روفيدة
إبتسمت چيهان وقالت بـ حرج: إزيك يا روفيدة؟
صمتت روفيدة قليلًا قبل أن تبتسِم بـِ هدوء وقالت: يا أهلًا وسهلًا، إتفضلوا جوة دفا..
قامت چيهان بـِ خلع حِذائها وأمرت كادي بـِ ذلِك، عِندما إنتهوا خطوا داخِل الشقة وأغلقت روفيدة خلفهُم الباب، ضمت المِعطف الثمين الذي أهداها إياه إياس في عيد الأم وقالت بـ نبرة دافئة كـ شقتِها: نورتوا المنطقة ٩٠، بيتهيألي أول مرة تزوروها، لإنها جديدة.
جلست چيهان وبـ جانبها كادي وقالت وهي تلتقط أنفاسها: أه بس راقية جِدًا الحقيقة ونظيفة، والناس مُعاملتهُم حلوة.
جلست روفيدة على مِقعدها أمامهُم وقالت بـِ ذات الإبتسامة: وهادية، يعني اللهُم بارك لو حصل فيها صوت خِنـ|اقة أو مُشكِلة بعرف إن إياس إبني كـ العادة خرج عن شعوره، تحبوا تشربوا إيه؟
كانت كادي شاردة في تفاصيل الشقة، الألوان الهادئة، المقاعِد المُريحة كـ القُطن، ورائِحة المُعطِر بـ الفراولة
أجابت چيهان: لا نشرب إيه دا كفاية أزعجناكُم في الوقت دا..
روفيدة بـ هدوء: فين الإزعاج بـ العكس شرفتوني، أنا على طول قاعدة لوحدي عشان إياس في شُغله طول الوقت.
چيهان بـ إعجاب وإطراء: ربنا يحميه ويبارك فيه ويخليه ليكِ، تربيتك إنتِ وعلي الله يرحمُه كُلها أثمرِت في إياس.
نظرت روفيدة بـ حُزن لـ ذِكر زوجها الراحل وتنهدت بـِ رقة ثُم قالت: إياس كُل حياتي من ساعة ما علي ربنا توفاه، راجلي بـ معنى الكلِمة، العُمارات دي والمنطِقة دي هو سعى كتير عشان يكون لينا أنا وهو مكان هادي من بعد ما تعافيت من صدمتي النفسية بعد وفاة علي، وِرث أبوه وجِدُه، وورثي من والدي كبرُه إياس وعمل معرض العربيات وبقى بـ يصدر لـِ برا، دا غير حنيتُه وإهتمامُه.
چيهان بـ إعجاب: ماشاء الله تبارك الله، ونعم التربية.
نظرت روفيدة لـ كادي الشارِدة بـ صورة إياس ووالدتُه داخل البرواز وقالت حتى تُفيق إنتباهها: الأمورة دي بنتِك؟
إبتسمت چيهان وهي تحتضن كادي وتُقبِل رأسها وقالت: أه كادي، بنتي الوحيدة، مش عاوزة أقول الكِلمة بس جت غلطة.. وكُنت متضايقة إن في حاجة هتربُطني بـ جوزي الله يرحمُه، لكن طلعِت أحلى غلطة في حياتي.
روفيدة قامت من مقعدِها وقالت: في كُل أنواع المشروبات اللي مُمكِن تتخيليها، وفي عصير للحلوة دي.
چيهان بـ حرج: مش عاوزين نتعِبك
روفيدة وهي تتجه إلى المطبخ: مفيش أي تعب حقيقي، عن إذنُكم ثوانِ
ما أن دخلت روفيدة إلى مطبخِها حتى قالت كادي بـ همس لوالدتها: إيه يا ماما النظافة دي بجد هُما مش عايشين في الشقة ولا إيه
چيهان بـ همس من بين أسنانها: لا عايشين بس ناس نظيفة، مبيرجعوش من المدرسة يرموا الشنطة على الأرض والجزمة يحدفوها ورا الكنبة، أهي طنطك روفيدة زي ما إنت شايفة لو لقت إنك مش نظيفة هترميكِ في الشارع
حضرت روفيدة وهي تحمل صينية بها كوبان من العصير وصحنين بِهُما قِطعتان من الكيك
وضعته أمامهُما وهي تقول بـ لُطف لـ كادي: جبتلِك إنتِ جاتوه شوكولاتة
كادي بـ جوع شديد لإنها لم تضع الطعام في فمِها مُنذ الصباح: شُكرًا يا طنط
إلتقطت الصحن وبدأت في تناول الحلوى بـِ نهم، تحدثت روفيدة مع چيهان في عِدة مواضيع مُختلفة قبل أن تقع عينيها على كادي التي بدت وكإنها تحتضر جوعًا
شعرت بـِ الشفقة عليها وقالت: إيه رأيكُم، أنا متبلة بانيه وحطاه في الحافظة في الثلاجة، أقليه ومعاه بطاطس؟ ولا تحبوا إيه؟
چيهان بـ هدوء: لا لا أبدًا إحنا مش جعانين خالص
روفيدة: ولا إستنوا هتصِل على إياس يجبلنا كباب وكُفتة من المطعم بتاع المنطِقة، مطعم نظيف وشيك وأكله رائع.
• داخل معرض السيارات
كان إياس يچوب المعرض ذهابًا وإيابًا، وغالي جالس على المقعد، والمقعد الأخر المُقابل له كان جالس بِه مهد الذي يقول مواسيًا: مكانِتش لايقة عليك أساسًا، إنت وضعك غير المنطِقة بتعمِلك ألف حساب، زمان بنات المنطقة هيزغرطوا
دلوقتي
وجد إياس هاتفهُ يُضيء بـ مُكالمة وعندما نظر لـ الإسم وجدها والدتُه
إلتقط الهاتف وأجاب قائلًا: إيه روفي محتاجة حاجة؟
روفيدة: إيه يا حبيبي، بقولك لو فاضي تجبلنا كباب وكُفتة عشان مرات عمك وبنتها يتعشوا معانا.
ضغط إياس على أسنانُه، يُعامِل والدته كـ الملِكة ولا يُحب أبدًا إحزانُها حتى في أسوأ مراحِل غضبُه، فـ أجاب قائِلًا: هبعتلك وصيف بـ الحاجة حاضر، مش هتعشى معاكُم معلش، خليهُم يباتوا عندك في الشقة إنهاردة وهفتح أنا شقتي التانية هبات فيها
روفيدة بـِ هدوء: تمام يا حبيبي، متخليش وصيف يتأخر بس، وخلي بالك من نفسك وفوت عليا الصُبح قبل ما تنزِل الشُغل
إياس بـِ نبرة هادئة: حاضر
أغلق الهاتِف ثُم وضعه وقال: مش عارِف إيه اللي جابهُم بجد، مطلوب مني إني أصرف على مرات وبنت الراجل الـ..
قاطعه غالي بـ نبرة خافِتة: الراجل دا يبقى عمك وتوفى، أنا عارف إنُه أذاكُم كتير لكن، إنت بتعمل الخير دا لوجه الله، السِت لجأِت ليك وإنت تصرُفك كان صح
صرخ إياس بـِ غضب وقال: يا وصيييف
حضر وصيف ركضًا من المقهى وهو يقول: عيني
أخرج من مكتبه نقود وأعطاها لـ وصيف قائِلًا: هات من المطعم بتاعنا كيلو كباب وكيلو كُفتة، وإبعتهُم على بيت والدتي، العيش يكون سُخن
وصيف وهو يركُض: فوريرة.
مهد وهو ينظُر لـ إياس بـ نظرة ذات معنى قال إياس وهو ينظُر له نظرة دونية: إنسى، هبات في الشقة لوحدي
مهد: يا عم فيها إيه لما نبات معاك، مكبر المواضيع إنت يا إياس
إياس بـ غضب: بقولك قرفان وعاوز أترزِع لوحدي، عاوزين تتلزقوا فيا ليه
أرسل مهد قُبلة في الهواء لـ إياس قائِلًا: حبيبي والله هروح أجيب اللِحاف بتاعي وأحصلك
قام غالي ببرود وقال: وأنا هروح أجيب هدوم عشان ننام سوا
إياس: ششش وطي صوتك، يخربيتك إنت وهو جايبين ليا الشُبهة في المنطقة
خرج غالي لـ يُحضر أغراضُه، خرج بعدها إياس مُغلِقًا المعرض، صاعِدًا لـِ شقته.. مُنتظِر أصدقاؤه الذي لم يدعوهم للنوم بـِ رِفقتُه!
• في إحدى بنايات المنطقة ٩٠♦
فتاة قصيرة نوعًا ما، وجهها مُستدير، بـ وجنتين مُمتلئتين نوعًا ما
لكن جسدها ضئيل، كانت تجلِس على حافة النافِذة وهي تُطالِع المارة
وجدت بائِع المُثلجات يقف بـِ عربتُه في الأسفل، إعتدلت بـ رغبة شديدة في المُثلجات، حرك الهواء خُصلات شعرها البُني الطويل وهي تنظُر لـِ والِدتها الكفيفة وتقول: ممكن أنزل أشتري بسكوتة أيس كريم؟
والِدتها بـِ رفض قاطِع: تنزلي فين! هي الساعة كام يا وديدة؟
خرجت شقيقة السيدة الكفيفة من المطبخ وهي تُجفف يديها مِن الماء وقالت: عشرة إلا رُبع
والِدة الفتاة بـِ حزم: وعاوزة تنزلي! هو مش في مدرسة بُكرة؟ مفيش نزول ومفيش فلوس.
عادت الفتاة لـ تُسنِد رأسها بـ يأس على النافذة، وحلقها يُنادي بـِ شوق طعم المُثلجات
قالت السيدة الكفيفة لـِ شقيقتها: عوزاكِ حميني قبل ما أنام وتغسليلي شعري، مضايقني أوي يا وديدة
وديدة قامت بـِ تعب وقالت: طب يلا عشان نِلحق لاحسن ميعاد نومك فاضل عليه نُص ساعة
قامت بـ رِفقة شقيقتها ودخلوا دورة المياه، أغلقوا الباب فـ نظرت الفتاة لـ حقيبة والِدتها وخطر في عقلها فِكرة ما، قامت بـِ هدوء وهي ترتدي حِذاؤها الصغير وربطت خيوطه، ثُم إلتقطت نقود من الحقيبة وفتحت الباب بـِ هدوء حتى لا يسمعون صوته، ثُم ركضت على الدرج لـِ تذهب إلى بائِع المُثلجات
وقفت أمام العربة وهي تُبعد بـ أصابعها خُصلات شعرها التي سكِنت بين شِفتيها وقالت بـِ سعادة بالِغة: عاوزة أيس كريم يا عمو
البائِع: عوزاه بـِ نكهِة إيه يا حبيبة عمو؟
الفتاة: ڤانيلياا بسكوتة مش كوباية.
جهز لها الحلوى الخاصة بِها، في ذات التوقيت الذي خرج به مهد من بنايتُه بعد أن حمل حقيبته الصغيرة التي بِها ملابسُه
نظر لها وتوقف.. عِندما إصطدمت عيناه بِها
هل هي حقًا أمامه الأن! في ذلك التوقيت؟ وحدها دون خالتها!!
تدور في عقلِه كلِماتُ الغزل ” كُلما رأيتُها، من بعيد أو عن قُرب، أشعُر أن قلبي يتنفس! ”
عِندما أعطاها بائع الحلوى المُثلجات الخاصة بِها، قام بـِ قرص وِجنتها ولمس شعرها!
دون مُقدِمات، ووسط هدوء المنطِقة ٩٠، ركض مهد تجاه العربة وقام بـِ سحب البائِع من خلفها وهو يلوي ذِراعُه خلف ظهرُه ويقول وقد خرجت عيناه من مقلتيها غضبًا: إنت إزاي تِلمسها؟؟ مين إداك الحق دا!!
وقعت المُثلجات من يد الفتاة وعادت للخلف خطوتين بـِ رُعب، عيناها مُتسعتان وترتجف
مهد بِـ صوت مُرتفع وهو يصفع البائِع على وجهُه: أنا هكسـ|رلك، إيدك.. وعربيتك، وعضمك، عشان بس لمستهاا
ركض غالي تجاهُه وإياس نزل من بنايته ركضًا وهُما يسحبانُه للخلف بعيدًا
إياس بـ غضب: ياعم دا بياع غلبان مالك على المسا؟
مهد وهو يتنفس بـِ غضب: دا مش غلبان دا إبن *** ، إوعى يا إياس هكـ|سرُه يا إياس.
إياس بـِ صوت مُرتفِع: خُده يا غالي على بيتي يلاا
نظر مهد وجد الفتاة تُراقب ما يحدُث بِـ رُعب من بنايتها وعِندما إصطدمت نظراتها بـِ نظراتُه إختفت عن ناظريه
نفض مهد يد غالي وذهب ركضًا لـِ بناية الفتاة
ركض خلفها على الدرج حتى إحتجزها بين ذراعيه على الحائِط
كانت مُرتعِبة، عُمرها سِتة عشر عامًا كـ إبنة عم إياس، لكنها تبدو وكإنها عشر سنوات، وجهها طفولي بحت وعيناها تشِع براءة
كانت تتنفس بـِ صعوبة وهو أيضًا، هي خوف وهو رهبة وعِشق!.
قال وهو يتأمل عينيها ويزدرد لُعابُه: أول مرة الدُنيا تُشفِق عليا وتديني الحظ الحلو دا، إني أشوف عيونك من قُريب كِدا
فتحت شفتيها حتى تستطيع التنفُس بـِ شكل أفضل فـ أنفها لا يُسعِفها
مهد وهو يضغط على أسنانُه غيرة: إوعي، إوعي مهما حصل حد يلمِسك زي ما حصل تحت.
إقترب بـِ فمه من أُذنها وهو يُغمِض عينُه وقال بـِ همس خرج به كافة إنفعالاتُه وعِشقُه: إوعي
حتى أن الكلمة من فيض المشاعر بِها جعلت الفتاة تشعُر بـ القشعريرة
إنحنت وركضت من بين يديه لِلأعلى ركضًا
أما مهد، فـ لمس بـِ أصابِعهُ الحائط الذي كان يحتضن ظهرها، وشعرها.. وكانت مُلتصِقة بِه!
• داخِل شقة روفيدة
كادي بـِ بُكاء:
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مقامر المحبة)