رواية مقامر المحبة الفصل التاسع 9 بقلم روزان مصطفى
رواية مقامر المحبة الجزء التاسع
رواية مقامر المحبة البارت التاسع
رواية مقامر المحبة الحلقة التاسعة
♠ المُقامرة التاسعة ♠
عنوان الفصل | ” تهويدة الأحد ”
” رُد قلبي لِمهجع وِلادتهُ، لِشعورهُ الأولي.. لِسرادِق الحُب، ورُدني لك، لا تترُكني أتخبط في ظلام الوحدة، لا تُعيدني من حيثُ أتيت محنية الرأس، مكسورة القلب ” _بقلمي.
إزدرد إياس لُعابهُ وبدأ قلبهُ ينبُض بشكل عشوائي ومُخيف، قال وهو يُحاول إستحسان الحديث ليُنقِذ المسكين وصيف: إسمعني، مُشكِلتك معايا، لو عاوزني أجيلك هجيلك.. لو عاوز فلوس كمان أنا مُمكِن..
قاطعهُ فريدريك الذي كان يُمرِر نصل سكين حاد فوق طاولة من الزُجاج مُصدِرًا صوتًا تمكن إياس من الإستماع إليه جيدًا: تفتكر شخص زيي هدفُه مِن كُل دا الفلوس؟ خاصتًا بعد أن تم كشف صلتي بالراحِل غبريال أمامك وأمام أصدقائِك المسوخ اللي شبهك؟
ضغط إياس على أسنانهُ مُتحمِلًا الإهانة مِن ذلِلك المُختل حتى يحفظ روح لا ذنب لها في تِلك المعركة وقال: خطفك لوصيف الصبي بتاعي ليه مغزى، حابب أفهم عاوز توصل لإيه أو عاوز إيه تحديدًا وهعملهولك! معتقدش محتاج حاجة لإنك كُل حاجة بتعرف تاخُدها وتوصلها بطريقتك!
فريدريك بهدوء مُريب ونبرة مُخيفة: كويس إنك عارِف، بس لما حد يعاندني بحب أديلُه قرصة ودن خفيفة عشان ميكررهاش، ويقدر وجودي عندُه ويحسن ضيافتي.
أسدل إياس جفنيه وهو يسترسِل الحديث قائِلًا: لو قصدك على لما جيت هِنا وصديقي ضر..
قاطعهُ فريدريك بكبرياء يرفُض أن يستمِع لِما حدث: قُدامك بالظبط ثلاث ساعات وتكون قُدامي، لا إلا هبعتلك قطعة التورتة بتاعة وصيف دليڤري.
إزدرد إياس لُعابُه توتُرًا وقال: هتلاقيني قُدامك كمان ساعتين بالكتير، المُهِم تسترجِل وتلتزِم بكلامك لا إلا صدقني.
صمت إياس قليلًا ثُم قال بنبرة مسرحية: لا إلا هبعتك للراحل غبريال لإن شكلُه وحشك.
تيــت تــيـت تيــت..
أغلق فريدريك الإتصال في وجه إياس الذي وقف قليلًا يفرُك وجههُ بأصابِع يديه توتُرًا وخوفًا على حياة من لا ذنب لهُ، نظر من زُجاج المعرض الخاص بِه إلى لاڤندر وكادي اللتان يضعان طاوِلة صغيرة ومقعدين بلاستيكيين ويقومون ببعض الأعمال لأطفال المنطِقة وحتى الأنِسات في الأعمار المُتوسِطة، فكر قليلًا قبل ان يجِد كادي تغرِس شيئًا ما شبيهًا بالقلم في سائِل ما وتقوم بالرسم على وجوه الفتيات، خطر في ذِهنهُ فِكرة ما ووجد نفسهُ يخرُج مِن المعرض ويُغلِقهُ خلفهُ بِـ المُفتاح بعد أن إلتقط مفاتيح سيارتُه، توجه إلى كادي ولاڤندر وتجاوز الأطفال والفتيات المُتجمهرين بنسبة قليلة أمامهُم ثُم قام بسحب كادي مِن ذِراعها حتى نظرت لهُ بصدمة، قال لها وهو يواجِهُها: بتعرفي ترسمي بطريقة إحترافية على الوِش؟
فاهت كادي ثغرها وهي تنظُر لإياس بتأمُل، كأن هاوي فن ينظُر إلى لوحة عتيقة، للمرة الأولى يكون قريبًا مِنها لِذلِك الحد، نظر إياس إلى عينيها ثُم أنفها ثُم شفتيها، ثُم عاد لينظُر إلى عينيها مُجددًا وهو عابِس وقال: هااا؟؟
_ بعد بضعة دقائِق.
كان إياس يجلِس داخِل معرضهُ على المِقعد وكادي تجلِس على المِقعد الذي أمامُه، تخُط بفُرشاة الرسم خاصتها خطوطًا وتقوم بتلوينها وهي تقول بينما تنظُر إلى عينيه: متتحركش عشان الرسمة متبوظش.
إياس تنحنح وهو يُحاوِل الثبات ثُم قال بنبرة جدية: بسُرعة بس عشان مستعجِل.
نظرت كادي لهُ مُجددًا وهي تُحرِك الفُرشاة بعشوائية بينما تتأملهُ عن قُرب، رائِحة عِطرهُ الرجولية الهادِئة في وسط برودة الأجواء التي تُغلفهُم سببت لها قشعريرة قصيرة
عينيه! بِها شيئًا ما يجذبها لا تعلم ماهيتُه، هي فقط تودُ النظر إليه دون حراك، تعلم أن فارِق العُمر بينهُما ليس مِن الأسباب التي تُعيقها عن ترك مشاعِرها والوقوع كُليًا بِه، هُنالك السبب الأدهى وهو أنها تعلم عن ظهر قلب مدى كُرههُ لِعمِه وعائِلتهُ وأنهُ إستضافهُم داخِل مِنطقتِه نظرًا لإن والِدتهُ قامت بإقناعُه، وأيضًا أن من قوانين المنطِقة ٩٠ أن قِصص الحُب بين الأقارِب مرفوضة، لا تعلم تحديدًا لِما قام بوضع ذلِك القانون حاكِمًا على قلوب لا حيلة لها أن تمتنِع عن العِشق، كيف للعليل أن يمتنِع عن ترياقُه؟
تنهيدة خرجت من بين شفتيه جعلتها تفيق مِن شرودها، رمشت بعينيها عِدة مرات وهي تنظُر لهُ فقال: بقولك مستعجِل وإنتِ وقفتي رسم وعمالة تبُصيلي!
شعرت بالإحراج وأكملت الرسم فوق وجههُ، قامت بتحديد العين باللون الأسود والوجه بالأبيض، ورسمت فوق الوجه خطوط سوداء بالطول والعرض، كأنهُ شبح الموت، ما أن إنتهت حتى أخرج إياس مِن جيبهُ ورقة مالية ذات فِئة عالية ووضعها على الطاوِلة أمامها وهو يقول بإقتضاب: تسلم إيدك يلا لمي حاجتك بسُرعة وإخرُجي عشان الشباب يقفلوا المعرض.
جمعت كادي أغراضها بينما قلبها لم يتوقف عن النبض مُنذ لحظة جذب إياس لِذراعها، إلتقط إياس مفاتيح أُخرى مِن داخِل أحد أدراج مكتبهُ وخرجت كادي مِن المعرض، دخل بعدها مهد وهو يرتدي بِنطالهُ الأسود وكنزتهُ الشتوية ذات القلنسوة باللون الأبيض، ركب بجانب إياس في السيارة التي كان يُحاوِل إياس تسخينها لينطلِق بِها، ما أن ركب مهد حتى نظر لهُ إياس وقال: إنزل يا مهد، أنا رايح أجيب واحد لاحسن البأف يفتكِر إني واخدك كـ بديل ليه.
مهد وهو يُعدِل خُصلات شعرهُ: مش نازِل، هو فين وصيف؟
إياس بغضب وهو يضرِب المقود: إبن الـ****، فريدريك خطفُه، بسبب الضر| بة اللي خدها من غالي.
نظر لهُ مهد كالملدوغ من حية وقال وهو مُتسِع الأعيُن: لا! إوعى يكون عمل فيه حاجة؟
نظر إياس أمامهُ ووجههُ مُلطخ بالألوان وقال: ما أنا رايح عشان ميحصلهوش حاجة، إنزل.
مهد بِعناد: مش نازِل رجلي على رجلك.
إياس وهو يُغمِض عينيه غير قادِر على النِقاش في الوقت الحالي: إنزل يا مهد متتلفش أعصابي أكتر ما هي تلفانة!
مهد وهو ينظُر له بجدية: يعني أنا شايف صاحبي رايح للمو| ت برجليه وأسيبه يمشي؟ عشان بقى طول عُمري أفتكر المشهد الأخير إنك مشيت ومرجعتش وأعيط طول حياتي عليك، لا ياعم جاي معاك واللي يصيبك يصيبني، الراجل دا خطف وصيف عشان مش عارف يوصلك إنت غير بالطريقة دي لإنك عنيد.
إنفتح الباب الخلفي للسيارة وصعد غالي وهو يقول: مهد بيتكلم صح! أنا شخصيًا مش هسيبك تروحله لوحدك، يمكِن البوكس اللي خدُه في خلقتُه مني شعللُه فـ إشطا نروح معاك نشوف ميتُه إيه.
نظر لهُم إياس بقلق حقيقي يتغلغل عينيه عليهُم فقال مهد وهو يصفعهُ على ذِراعُه بِمُزاح: يلا ياعم نجيب وصيف!
تحرك إياس مُرغمًا لإنهُ لا يملُك الوقت للنقاش!
___________________________________________
– الطاوِلة بجوار مدخل البناية.
خرجت كادي مِن المعرض وهي تحمِل أدواتها ووضعتها فوق الطاوِلة، ثُم جلست بينما مددت قدميها فوق المِقعد الذي أمامها الذي يجلِس عليه الزبائِن واخرجت العُملة الورقية وهي تنظُر لها بهيام وتستنشِق رائِحة إياس بِها، كانت لاڤندر تُنظِف الطاوِلة بينما هواء المنطِقة ٩٠ يُحرِك خُصلات شعرها الطويلة الناعِمة وهي تنظُر لكادي وتقول بإبتسامة جانبية: دي عمو إياس اللي إدهالك؟
كادي بشرود: كان الفاصِل بيني وبينُه سنتيمتر واحِد بس، متتصوريش ريحتُه كانت مُميزة، وقلبي كان بيتسحب جوايا عشان أنفاسُه كانت قُريبة مني كِدا.
جلست لافندر على مِقعدِها وهي تنظُر لكادي بينما الهواء إزداد حركة ليُحرِك خُصلات شعر لاڤندر بشكل أكبر وقالت وهي تُضيق عينيها مِن شدة الهواء: بتتكلمي عنُه كِدا ليه؟ إوعي تعملي زي البنات الهبلة وتُعجبي بيه!
إنتبهت كادي أنها أفضت بمشاعِرها بِصراحة إلى لاڤندر فإعتدلت في جلستِها وهي تُنزِل قدميها أرضًا وتقول بتوتُر: أنا مقصدُش إنتِ فهمتي إيه؟ كُل الحكاية إن أول مرة أكون قُريبة من راجِل كِدا فإتوترت، إحم هو الجو بقى برد كِدا ليه؟
نظرت لاڤندر للسماء وهي تقول بنبرتها الهادِئة: والجو مغيم شكلها هتمطر، الشمس مش موجودة بس في نور.
كررت كادي الجُملة بشرود وهي تنظُر للورقة المالية وتقول بهيام: الشمس مش موجودة بس في نور!
كناية عن أن العقبات بينها وبين إياس كثيرة، لكِن المواقِف التي تجمعهُما تبُث لقلبها نور الأمل!
قاطعت لاڤندر تفكيرها مرة أُخرى وهي تقول: أنا جعانة أوي، رأيي نطلع نتغدى بعدين ننزل نكمل شُغل.
كادي بشرود: ها؟ أه أنا عاوزة أطلع استريح شوية، وبعدين زي ما قولتي الدنيا هتمطر ومفيش حد هييجي دلوقتي.
لاڤندر وهي تقِف وتجمع الأغراض داخِل الحقيبة وتُغلِقُها قالت: بس مبسوطة أوي عملنا فلوس حلوة، بجد شُكرًا لعمو إياس.
كادي وهي تُمرر الورقة المالية على وجنتِها: أه والله شُكرًا ليه بجد.
________________________________
المكان: منطِقة كيوبيد
التوقيت: مُنتصف اليوم/الغروب ♦
توقفت سيارة إياس ذات اللون الأخضر الحديثة، وترجل منها إياس مُرتديًا سُترتهُ الشتوية، تبعهُ نزول مهد وغالي من السيارة والهواء يُحرِك خُصلات شعرهُم، وضع إياس القلنسوة الخاصة بِمعطفهُ فوق رأسهُ تجنُبًا إن أمطرت السماء حتى لا تلوث وجههُ المنقوش عليه رسومات كادي
إزدرد مهد لُعابهُ وقال: السيرك من الناحية التانية أهو، بس إسمعني يا إياس هيحاول يستفزك عشان يخرج أسوأ ما فيك، متديلهوش فُرصة وخليك بارِد.
إياس وهو مُقتضِب الجبين قال: مكانش ليه لزوم تيجوا معايا! أنا كُنت هجيب وصيف وأجي!
غالي بتدخُل مُعترضًا مع حديث إياس: ياعم لا مش هيخرجك بالسهولة دي، سمي الله وإدخُل.
إياس من بين أسنانُه وهو يتقدم بخطوات تجاه السيرك: كُله من الـ**** اللي إسمُه غبريال، الله يجحـ| مُه مطرح ماهو راقِد.
سار إياس داهِسًا أوراق الشجر التالِفة المُتساقِطة أرضًا بِحذاؤه الشتوي، والمياة الموجودة أرضًا تناثرت حُبيباتِها على أحذيتهُم، ذات اللوحة الصدِأة التي رأوها في المرة الأولى لحضورهُم إلى هذا المكان.
كُتِب عليها بِخط باهِت ” السيرك الروماني القديم ”
تجاوزها إياس ومهد وغالي يسيرون خلفهُ، كانت هُناك رائِحة تُشبِه الڤانيليا المُحترِقة، مُختلِطة برائِحة فطائر القِرفة الشهية، تجاهلوها ودخلوا إلى الخيمة الكبيرة المُهترِئة الخاصة بالسيرك، ووجدوا الساحِر يُشير بعصاه في الهواء.. في اللاشيء.
نظر لهُ إياس بجدية وهو يقول: فين فريدريك؟
حرك الساحِر عصاهُ في الهواء عِدة مرات ثُم أشار بِها مرة واحِدة على السجاد الأحمر المُهتريء أرضًا، ليتحرك دون تدخُل بشري ويُظهِر الدرج السُفلي الذي نزلوا عليه في المرة السابِقة، ظهرت علامات الإنبهار على وجه غالي ومهد، أما إياس كان يتجرع غضبهُ حتى لا يُفرِغهُ على هؤلاء المُختلين، تسلق إياس الدرج نزولًا إلى الأسفل.. بدأت رائِحة الفشار الساخِن تتسلل إلى أنفهُ، ثُم عادت
رائِحة مُعجنات القرفة والڤانيليا المُحترِقة مُجددًا،
وضحت الرؤية أمام الثُلاثي بعد ما نزلوا إلى الأسفل..
كانت هُنالِك أضواء بيضاء باهِتة مُهتزة مُختلِطة بضوء أزرق، والسجاد على الأرضية رمادي باهِت، وعربة مِن الفشار يقِف خلفها المُهرج وهو يتراقص، وعاهِرا|ت كيوبيد يقِفن صفين على الچانبين ويتوسطهُما مِقعد يجلِس فوقهُ فريدريك، بدأ الفتيات يُغنين وهُن يتراقصن أغنية غريبة…
فريدريك فريدريك إبن الحاخام..
حياتهُ لا تنعم بالسلام
طويل القامة عريض المنكب
إن أذيتهُ ولو حتى بنظرة
لن يدعك تذهب
فريدريك فريدريك إبن الحاخام..
وصديقهُ غبريال، لروحه السلام 🕊
توقفوا عن الغِناء، وحضرت فتاة بـِ ثوب قصير من قطعتين، تنورة قصيرة للغاية والقطعة في الأعلى تُخبيء عورتها فقط، ثوبها باللون الأرجواني، تمامًا كـ لون شعرها الطويل، كانت تحمِل كعكة عيد ميلاد
وعِندما نظر فريدريك إلى إياس قال بنبرة مرِحة: أووه سيد إياس، وصلت على ميعاد تقطيع التورتة بالظبط.
إياس وهو ينظُر لهُ بنظرة ميـ| تة: مفيش حاجة هتتقطع هنا غير رقبـ| تك لو وصيف مسُه مكروه!
نظر لهُ فريدريك بـِ وجه خالٍ من التعابير، ثُم وقف وهو يقترِب منهُ وقال: يعجبني فيك الجُرأة المُتملِكة مِنك، في مكاني ومعايا شخص يخُصك ويعز عليك، لا وصحابك معاك كمان وبتتكلم باللهجة دي؟
إياس ببرود: إنت عارف يا فريدريك، بتفكرني بالمجحـ| وم غبريال، هو كان زيك كِدا مسمو| م بالحِلم، كان يبُص حواليه ويشوف الناس بيملكوا إيه.. ويتخيل نفسُه مكانهُم، وإن الحجات اللي بيملكوها دي مِلكُه هو، كان مريض بالوهم وإنت طالعلُه.. يعني العالم الموازي الأهبل اللي إنت عاملُه وجامع فيه شوية ناس معندهُمش حياة زيك كِدا، مُمكِن بإتصال واحِد للشُرطة ينتهِ، وييجوا يشوفوا المقابِر الغير قانونية اللي هنا، هيتبسطوا بيك أوي وساعتها هجيبلك أنا تورتة حلاوة في السِجن وأحتفِل بيك.
كان فريدريك ينظُر لهُ دون حراك ودون أي تعبير يُذكر على وجهِه، يرتدي بِنطالهُ القُماشي الأسود وفوقه سُترتهُ السوداء، ومِعطف طويل مِن الجِلد الأسود يصِل لأخمُص قدميه، قال في النهاية بطريقة مسرحية: الموضوع صدقني أعمق من الأمور القانونية، أنا متهزِش مني شعرة، إنت بتتكلم مع شخص فقد كُل حاجة، خاف إنت على نفسك لإن لسه عندك كتير جايز تخسرُه، وصدقني عداوتي مِش من مصلحتك.
نظر فريدريك إلى وجه إياس المُلطخ بالألوان وقال: إنت عديم شخصية أوي يا إياس، بقيت تقلدني، ظنًا مِنك إنك هتعمل لنفسك هيبة زيي، بس إنت أهبل.. دايمًا عندي مُشكِلة مع الناس من نوعية أمثالك.. بيبقوا مهزوزين نفسيًا أوي لدرجة بيخافوا يتعاملوا بطبيعتهُم فيقلدوا حد بيتعاملوا معاه عشان يعني يتحبوا زيُه، بس بيطلع شكلهُم زي المُنتجات الرخيصة اللي بتقلِد المُنتجات الغالية، الناس بتجربها مرة، والتانية، بعد كدا بيزهقوا من طعم الرُخص اللي ظاهر فيها، فبيرجعوا للأصل دايمًا مهما الأصل كان غالي، بيصبروا نفسهُم بالرخيص.
إبتسم إياس إبتسامة جانبية وقال: فين وصيف؟
ظل ينظُر فريدريك إلى إياس وهو يبتسِم إبتسامة مُريبة، صفق بإصبعهُ لينزِل من الأعلى لوح خشبي مُثبت عليه وصيف من قدميه وكِلتا يديه وكان قد تلقى مِن الضر| ب المُبرِح ما كفاه، نظر إياس بصدمة إلى ذلِك المسكين الذي قال بِبُكاء: إياس بيه أبوس إيدك إلحقني.
بدأت أنفاس إياس تزداد رويدًا رويدًا وهو يُحاوِل التحكُم في غضبهُ حتى لا يفتُك بِذلِك الفاجِر الماثِل أمامُه، وقال بنبرة لا تقبل نِقاش: نزلُه!
فريدريك ببرود: ولما أعوزك أجيبك إزاي؟ لازِم كُل شوية أروح المنطِقة أخطفلك حد عزيز عليك عشان تيجي؟
إياس وقد بدأ الغضب يتملكهُ: وإنت عاوزني فـ إيه أساسًا؟؟
فريدريك إقترب مِنهُ وقال بنبرة غريبة: دماغك عجباني، عاوزك في شُغل.
إياس بسُخرية: يفتح الله، أنا جربت صاحبك في شُغل وبياكُل مال النبي.. مش هكرر التجربة الفاشلة دي معاك، أنا جيتلك قبل الميعاد بالظبط وإحترمت شروطك، إحترم كلامك وهات وصيف، والمنطقة٩٠ مش بعيدة عليك تقدر تيجي تقعُد معايا في المعرض عادي، بس مبحبش الزيارات المُفاجئة ومبحبش الزيارة تطول.
__________________________________
وقفت والِدة إياس في شُرفة منزِلها تُراقِب الأوضاع في المنطِقة بأعيُن هادِئة، حامِلة بين كفي يديها كوب القهوة الخاص بِها، لِتجِد سيارة إياس تقتحِم المنطِقة٩٠ فإبتسمت تِلقائيًا
ترجل إياس ومعهُ وصيف المسكين مُستنِد على مهد وغالي ويبدو عليه التعب الشديد، شعرت السيدة روفيدة بالحُزن على حال ذلِك المسكين فدخلت إلى الداخِل، كانت كادي نائِمة داخِل غُرفة إياس نظرًا لأنها عِندما صعدت للأعلى كانت والدتها قد غادرت المنزل لإجراء بعض الأمور الروتينية والحكومية، لذلك صعدت إلى شقة زوجة عمها لِتُخبِرُها الأخيرة أن تستريح داخِل غُرفة إياس لإنهُ لن يعود الأن
نست تمامًا نوم كادي داخِل غُرفتهُ بعد ما رأت ما حل بوصيف، صعد إياس للشقة بعد ما قام بغسل وجههُ في الأسفل وتجفيفُه.
عندما رأتهُ روفيدة إقتربت منه وقالت بقلق: إيه اللي حصل؟ مالُه وصيف؟؟
إياس بإرهاق: بخير الحمدُلله مُشكلة بسيطة متشغليش بالِك
روفيدة مُتسِعة الأعيُن: بسيطة إزاي الراجِل متخرشِم خالص، أنا هنزل أشوفه.
إلتقط إياس ذِراع والِدتهُ وقال بإرهاق: مينفعش يا ماما قولتلك خليه يرتاح طيب.
روفيدة وهي تجذب ذراعها قالت بتصميم: لا ينفع هنزل أشوف جرالُه إيه وأفهم مِنُه الحكاية، ومن إمتى إنت بتسيب المنطِقة٩٠ لأوقات طويلة كِدا وتيجي لا سلام ولا كلام ولا بقيت تحكيلي، خُش غير هدومك وإتشطف على ما أشوفه وهطلع أسخنلك تتغدى.
إياس بتأفُف: تمام اللي يريحك.
دخل إلى دورة المياه وأخذ حمامًا ساخِنًا سريعًا، ثُم خرج لِغُرفتهُ وهو يرتدي بِنطالهُ فقط ويُجفِف شعرهُ بالمنشفة، قام بوضع المنشفة في مكانها الصحيح ثُم تمدد على الفِراش وهو يتنهد بتعب، ويُفكِر ما الذي يربُط فريدريك بِه، هل يود الإنتقام لغبريال؟
تقلبت كادي على الفِراش وهو لم يراها او يشعُر بِها لإن أغطية الفِراش باللون الأسود، نظر إياس لوجهها ونظرت هي بنصف عين لإنها شعرت برائِحة رجولية جانِبها، إبتسمت وأغمضت عينيها مُجددًا ظنًا مِنها أنهُ حُلمًا
فاه إياس ثغرهُ صدمة وقبل أن ينطق وجد ميار تقِف على باب غُرفتهُ وهي تراهُ نائِمًا بجانِب كادي فقالت بصدمة: بتعمل إيه هنا دي!!!!
_________________________________
♦- داخِل مشفى المنطِقة ٩٠
شعرت فيان ان ظِل يقترِب من وجهها وهي نائِمة، فتحت عينيها لِتُفاجيء بوسادة توضع على وجهها، ظلت تُحاول الصُراخ او الحركة لكِن والِد غالي كان مُكبِلًا يديها وقدميها في الفِراش.
صوت فحيح قال: فريدريك بيبعتلك السلام عشان حكيتي كُل حاجة عنُه لأعداؤه، وبيقولك هيشوفك في الجحيم.
ضغط بالوسادة على وجه فيان أكثر..
____________________________________
♦- داخِل غُرفة إياس.
وقف غاضِبًا وهو ينظُر لميار التي تقِف وكأنها تستشيط، نظر لها بِقرف واضِح ثُم قال: إيه الجُرأة دي؟ هو بيت أبوكِ عشان تدخُلي من غير إذن؟
ميار بغيرة واضِحة: هو دا اللي همك يا إياس؟ ما طول عُمري بدخُل و..
إياس بنبرة غاضِبة عالية: إسمي إياس باشا! متنسيش نفسِك، وكُنتِ دا فِعل ماضي يعني وجودك هنا هيسببلك مُشكِلة كبيرة انا مش هتنازِل أورطِك فيها لا إنتِ ولا أبوكِ
إستيقظت كادي على صوت إياس وعندما وجدتهُ يقِف أمام ميار أدركت أن وجوده جانِبها على الفِراش لم يكُن حُلمًا!
شعور بالسعادة غمرها لكِنهُ زال عِندما أدركت وجود ميار دون داعِ داخِل غُرفة إياس!
دخلت روفيدة إلى الغُرفة وهي تقول بنبرة حازِمة: إيه اللي بيحصل هنا بالظبط؟
شعرت كادي بالخجل وهي تنظُر لزوجة عمها فبادلتها روفيدة بنظرة حنونة وهي تقول: يمكِن نسيت أقولك إن بنت عمك نامت شوية في اوضتك لإني حسبتك هتتأخر فسمحتلها بـ دا، عشان مرات عمك برا المنطقة هتيجي بالليل.
اشارت إلى ميار وقالت: لكِن الأُستاذة دي بتعمل إيه في شقتي وفي اوضتك هو مش كُل شيء إنتهى؟
رفع إياس حاجِبًا وقال: تصدقي انا بسأل نفس السؤال؟ معرفش إيه اللي دخلها هنا بدون إذن.
إلتقطت روفيدة ذِراع ميار وجذبتها بقسوة وهي تقول: إسمعي أما أقولك، انا ببقى ذوق مع الإنسان اللي قُدامي طول ماهو مُلتزِم حدوده وعارِف الأصول كويس، لكِن طالما إبني مش عاوزك يبقى مش عافية، حسك عينك اشوفك بتتقربي منُه لا بخير ولا بشر، وأنا لو حد سألني بتعملي إيه في شقتي هقوله جيتي تسألي عني حفاظًا على سُمعتِك اللي إنتِ مش خايفة عليها، يلا على بيت ابوكِ وانا ليا كلام معاه.
ميار بدموع حزينة: طب ما البنت دي نايمة في سريرُه و..
روفيدة بحزم: دي بنت عمُه وصغيرة، حسك عينك اسمعك بتجيبي سيرتها هنفيكِ إنتِ وأبوكِ وأمك من منطقة إبني، يلا برا.
خرجت ميارمِن الشقة مقهورة وهي تبكِ، بينما نظرت روفيدة إلى كادي وقالت بهدوء: تعالي يا ماما متخافيش، تعالي إستريحي في أوضتي لغاية ما ماما ترجع.
كادي بتوتُر وإحراج: لا خلاص يا طنط أنا فوقت.
إبتسمت روفيدة وقالت: طب يلا إغسلي وشِك وأنا هروح أجهِز الغدا.
خرجت روفيدة إلى المطبخ، جائت كادي لتخرُج اوقفها إياس وهو يقول: إستني!
توقفت وهي تنظُر لهُ شارِد كـ عادتها، إقترب منها وأنفاسهُ كان من الواضِح أنه شرب من السجائِر الإلكترونية خاصتهُ، كان قميصها مائِلًا جِهة اليمين، ازاحهُ إياس قليلًا وهو ينظُر إلى شيئًا ما شبيه بالكدمة وقال: مين ضر| بك كِدا؟
كادي بصوت يرتجف توتُرًا قالت: دي، دي وحمة على شكل فراولة معايا من يوم ما إتولدت.
رفع إياس عينيه عن الوحمة ونظر لعينيها الملونتين وقال: فراولة؟
طالع شفتيها وكأنهُ، يعرِفهُما مِن مكان ما.
ثُم..
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مقامر المحبة)