رواية مزيج العشق الفصل السادس والأربعون 46 بقلم نورهان محسن
رواية مزيج العشق الجزء السادس والأربعون
رواية مزيج العشق البارت السادس والأربعون
رواية مزيج العشق الحلقة السادسة والأربعون
الفصل السادس والأربعون (تحت مسؤليته) مزيج العشق
اقل ما يقال عن الغيرة ؟
نسمة من جهنم…!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في صباح يوما جديدا
كان منتظرًا قدومها القريب ، وهو ينظر إلى ساعته كل دقيقة ، وفي داخله شوق عارم يؤجج مشاعره لهذا اللقاء.
لقاء تأخر لسنوات عديدة ، حرمه القدر منها بعد كل ما حدث معهم ، ورغم التوتر الذي يشعر به من تلك الأحداث التالية خلف بعضها دون موعد أو إنذار ، لكنه لا ينكر سعادته من اتصالها به ، علي الرغم بأنه لا يعلم حتي من أين جلبت رقم هاتفه؟
جاءت مريم من خلفه وقالت بتساءل ، وهي تجلس أمامه : اتأخرت عليك
تمتم حاتم بشرود : كتير
لم تسمعه مريم جيدا ، فقالت بدهشة : بتقول حاجة!
انتبه حاتم لنفسه ، قائلا بسرعة : مفيش اتفضلي تشربي ايه؟
ابتسمت مريم بهدوء وقالت : شكرا يا حاتم انا طلبت أقابلك عشان اسألك ليه عملت كدا ليه!!
حاتم بحذر : عملت ايه!
مريم بجدية يشوبها العِتَاب : اخدت ابن اختي واختفيت ليه خبيت عليا انه عايش ليه؟؟
حاتم بهدوء : ممكن ماتنفعليش انتي جبتي الكلام دا منين!!
مريم بتنهيدة : ادهم جوز بنتي عرف و بلغني بكل حاجة
علم حاتم أنه لا مفر أمامه الآن من الحديث فبرر قائلا : تمام انا عملت كدا لأسباب كتير يا مريم
مريم بإنفعال : مافيش اي سبب يديك الحق انك تخبي عني ابن اختي 27 سنه
هتف بها حاتم بقهر رغما عنه : لا في عشان احميكي واحميه كان لازم اعمل كدا
وبدأ يخبرها بكل شيء
مسحت الدموع العالقة برموشها وتهدد بالنزول ، ونظرت إليه بألم قائلة بصوت مختنق : انا لازم اشوفه واتكلم معه يا حاتم
أومأ حاتم قائلا بهدوء : هيحصل بس انا لازم اقوله الاول هو مايعرفش اي حاجة من اللي قولتها
مريم بإبتسامة : خلاص خد وقتك وقوله واتصل بيا طمني عليه
ابتسم حاتم وهو ينظر إليها بلطف : ماشي في اقرب فرصة هنتجمع كلنا و اقابلك به
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في شركة البارون
داخل مكتب كارمن
هتفت روان بعيون واسعة من الصدمة ، وقالت بلوم : يا خبر أسمر كل الأكشن دا يحصل وماتقوليليش
كارمن بتبرير : معلش عارفة اني قصرت معاكي بس غصب عني الأيام اللي فاتت كانت صعبة علينا كلنا خصوصا أدهم
روان بتفاهم : اكيد اللي حصل مش هاين الله يكون في عونه
كارمن بهدوء : الحمدلله هو احسن دلوقتي
قالت روان بقلة حيلة : الحمدلله مانقدرش نقول غير ربنا يسامحها عشان حرام لا شماته في الموت
هتفت كارمن بإنفعال : انا مش عايزة سيرتها تتفتح اصلا بخير او بشر خرجت من حياتنا وربنا يحاسبها من عنده
أردفت روان قائلة بتفاهم : معاكي حق أكيد
أضافت كارمن بتحذير : روان أوعي تجيبي سيرة لحد عندك خصوصا جدو الموضوع خلص مافيش داعي اننا نخضه
فركت روان فروة رأسها بتفكير وقالت : مع أني مش بيتبل في بوقي فولة بس ماشي زي ما تحبي
كارمن بإبتسامة : جدعة طمنيني عليكي
روان بحماس طفولي : انا كويسة والاوضاع مستقرة بذاكر الفترة دي عشان الإمتحانات قربت ومتحمسة أوي اني هبقي قريبة منك عشان اعيش الاكشن دا معاكو
هزت كارمن رأسها وقالت بيأس منها : مافيش فايدة في عقلك المخبول دا اطمني مابقاش في اكشن تاني
روان بحسرة : يا خسارة
ثم إنفجروا ضحكا مع بعضهما.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
ظهرا في شركة مراد عزمي
صاح مراد مندهشا ، وهو جالس على كرسي مكتبه بعد عودته للعمل ، وقد تحسن كثيرا : اهلا يا دوم كنت فين مش بالعادة تيجي متأخر
حاتم بجدية : في موضوع عايز نتكلم فيه
تفاجأ بجدية نبرة صوته وحدسه يخبره أن هناك شيئاً ما يجري معه ، فقال بهدوء : طيب أقعد هتتكلم وانت واقف
تحدث حاتم بحذر بعد أن جلس أمامه : من غير عصبيتك والا مش هكلم
ترك القلم من يده وانحنى نحو مكتبه ، واتكأ عليه بمرفقيه قائلاً بتركيز : انا هادي قدامك اهو قول ها
نطق حاتم بهذه الكلمات في ارتباك دون أن ينظر إليه : انت ليك خالة عايشة يا يحيي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في قصر البارون
داخل غرفة مريم
دلفت ليلي بعد أن طرقت الباب قائلة بهدوء : مريومة
رفعت مريم رأسها ونظرت إليها بينما هي جالسة على السرير ، وقالت بابتسامة صغيرة : نعم يا حبيبتي
سارت ناحيتها وجلست بجانبها قائلة بإستغراب : جيتي من برا علي فوق علي طول مش عوايدك
قالت مريم بعيون دامعة وصوت حزين : حسيت اني مخنوقة شوية محبتش اضايقك
تأثرت كثيرا بحزنها قائلة بعطف : ماتقوليش كدا احنا مش صحاب احنا اخوات واللي يضايقك يضايقني و يشغلني
إبتسمت بصعوبة وقالت : تسلمي يا لولا
ليلي بتحفز : حصل ايه احكيلي؟
تنهدت مريم بضيق وقالت : قابلته و اتكلمت معه وعرفت منه كل حاجة
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في مكتب مراد
هتف حاتم بتبرير : افهمني ماكنش ينفع الناس دول يعرفوا ان حد من عيلتك عايش .. كانت خالتك و جوزها هيتقتلو و فوقهم بنتهم كمان
نظر إليه بغضب بعد أن هب واقفا بإنفعال ، وقال بعدم تصديق مما يسمعه : تقوم تخبي عني السنين دي كلها
إبتلع حاتم رمقه بإضطراب قائلا : اضطريت اعمل كدا حماية ليك وليهم
ثم أضاف بنبرة أعلى ، ولقد استطاع حقا أن يتمكن منه الغضب بسبب معاناته في السنوات الماضية ، وهو يحتفظ بهذه الأسرار وحده : كنت عايزني بعد ما حاربت عشان اطلعلك شهادة وفاة مع عيلتك و اقفل الموضوع و يطلعلك اسم جديد و حياة جديدة اخليك تعرف اي حاجة عن اللي فات مستحيل .. خصوصا أن الامانه اللي سابها ابوك انا بس اللي كنت عارف مكانها
قال مراد بنبرة واثقة : قصدك فلوسه وتركيبات الدوا اللي كان بيصنعو
حاتم مؤكدا : مكنش حد عارف بطريقهم غيري لأنه كان حاسس ان هيتغدر به في أي لحظة
مط مراد شفتيه للأمام ساخرا وقال بتهكم : اللي مستغرب منه اكتر من أي حاجة انك ماطمعتش في الفلوس دي و رميتني في الشارع
إبتسم حاتم قائلا بحزن : لو تعرف ابوك كان غالي عندي قد ايه ماكنتش هتقول كدا .. عمره ماحسسني ان في فرق بيني وبينه بالعكس كان كسفني دايما بكرمه و حنانه
حدق فيه قليلا بتأثير من صحة كلامه ، لأنه كان من يعتني به وهو الذي كان يحميه طوال هذه السنوات ، لكنه هتف بنفاذ صبر : حاتم ليه دلوقتي بذات جاي تعرفني ان ليا خالة عايشة!!؟
تنهد حاتم مضيفا تفسيرا : بعد اللي حصل خالتك اتجوزت علي طول ودا كان افضل حل ليها لانها بقت من غير عيلة بعدها بفترة بسيطة خلفت .. ولحد هنا اخبارها بطلت توصلني وانا كنت وقتي كله معاك كنت صغير اوي عندك 9 سنين ومصدوم عشان كدا أخدتك وسيبنا البلد كلها ماكنتش حابب اعرف مكانها او اي حاجة عنها
ضيق مراد عليه بتوجس وتساءل : و ايه اللي جد دلوقتي .. ما تكلم علي طول
رد ببساطة : قابلتها في المستشفي اللي كنت فيها
مراد بإستنكار : نعم .. تطلع مين هي و كانت بتعمل ايه هناك؟
أغمض عينيه بشدة بعد أن شعر بالدموع تهدد بالنزول من مهدها بمجرد ذكر اسمها في عقله وقال بصوت منخفض : خالتك تبقي ام كارمن .. مدام مريم
جحظت عيناه للخارج بصدمة قوية متمتما : ايه اللي بتقوله دا!
حاتم بتنهيدة : اللي سمعته
قال مراد وهو يردد كلماته مرة أخرى بصدمة ، وبدأ يتضح له تفسيرا لمشاعره تجاه كارمن في البداية ، لأنها كانت من دمه : امها تبقي خالتي انا
أومأ حاتم برأسه قائلا بهدوء : ايوه و كان لازم تعرف لانها عرفت انك ابن اختها مني
مراد بتساءل : وليه قولتلها!!
أجاب حاتم بتبرير : ماكنتش عايز اتكلم .. بس ادهم هو اللي اكتشف الموضوع لما دور ورانا بعد خطف مراته و اصابتك ..
مردفا حديثه بنبرة هادئة : قالها كل اللي عرفو و هي كلمتني واتقابلنا .. طالبة تقعد معاك
أضاف بتصميم ناظرا إليه بحنو : انا شايف ان الوقت دا مناسب يا مراد .. خصوصا ان الناس اللي كنا وخدين حذرنا منهم خلاص انتهينا منهم
تمتم مراد بإرهاق ويشعر أن رأسه تعصف بالأفكار : ماشي خلاص سيبني دلوقتي انا هتصرف
حاتم بتحذير : مراد انت مستوعب اللي بقولوه اصلا كارمن بنت خالتك مابقاش ينفع تتصرف بتهور
مردفا بتهكم ساخر : او صحيح انت عقلك في حته تانية دلوقتي
زجره مراد بحدة قائلا بسخط : حاتم انا مش فايق لتريقتك دلوقتي
إبتسم حاتم بحنان وقال بسرعة : معلش غصب عني بقيت متعود علي كدا معاك
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
ظهرا في شركة البارون
داخل مكتب أدهم
مها بإحترام : ادهم بيه في واحد عايزك برا اسمه استاذ مراد عزمي
اندهش من تلك الزيارة السريعة بداخله ، لكنه قال بهدوء : خليه يدخل
مرت بضع ثوان قبل أن يدخل مراد إلى المكتب بخطواته الواثقة ، ويقول بهدوء عندما أصبح يقف في منتصف الغرفة : مساء الخير
تحرك أدهم من خلف مكتبه بعد قيامه من كرسيه والسير نحوه بخطوات ثابتة ، ومد يده إليه ليصافحه قائلاً بوجه لا ينم فيه عن ظهور أي علامات مفاجأة : مساء النور اهلا وسهلا
تمتم مراد وهو يصافحه : اهلا بيك
أردف بعد جلوسه على المقعد أمام مكتب أدهم ، واضعا إحدى رجليه فوق الأخرى ، بينما جلس أدهم على الكرسي المقابل له بظهر مستقيم ، مما يعكس ثقة عالية بالنفس : بعتذر عن الزيارة من غير معاد سابق
قال أدهم بنبرة هادئة : ولا يهمك مفيش مشكلة
قال مراد بنبرة تساؤل بحذر : انت طبعا عارف سبب الزيارة
أومأ أدهم قائلا بثقة : اكيد
تحدث مراد في صلب الموضوع دون أي مراوغة : انا عايز أقابل مدام مريم
لاحت علي فمه إبتسامة متسائلا : مش قادر تقول خالتي
تومضت موجة من الألم في عينه ، ثم سرعان ما اختفت قائلا ، في لامبالاة مصطنعة : يمكن عشان طول عمري كنت لوحدي معنديش عيلة غير حاتم
ارتفعت ابتسامة على فم أدهم ، متفاهما ما يمر به مراد ثم قال بهدوء : كل حاجة هتتصلح قريب اوي ان شاء الله
مردفا بإمتنان : وعايز أشكرك علي كل اللي عملته رغم أن في حاجات مالقتش ليها تفسير و محتاج أعرفها منك
قال مراد بلطف ، وبدأ يشعر بالراحة تجاه أدهم بعد تلك الكلمات الواثقة التي قالها ، وقبوله للأمر بهذه البساطة : مافيش داعي للشكر و اللي عايز تعرفو انا مديون ليك بشرحه وهيحصل دلوقتي لو عايز
شعر أدهم أن الجليد الذي أحاط الحديث منذ بدايته بدأ يذوب ، وقال مرة أخرى بإصرار : قبل ما تقول أي حاجة انا ممنون منك علي انقاذك لينا وياريت تسيبلي أرقامك عشان هتصل بيك في اقرب وقت وتقابل خالتك
مراد بتنهيدة : ماشي
ثم بدأ في سرد كل شيء عن سبب مراقبته لكارمن
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في مكتب نسمة
….: نسمة نسمة
رفعت رأسها من علي الأرواق أمامها قائلة بهلع : ايه يا نهال مالك مصروعة كدا ليه و ازاي جايبة مروان معاكي
نظرت نهال إلى الطفل الذي يقطن في حضنها بابتسامة ، وقالت : ما هو دا الموضوع اللي عايزاكي فيه
نسمة بإستفهام : ايه خير!!
هتفت نهال بسرعة دون أن تلتقط نفسها : دادة مروان ماجتش النهاردة فجأتني امبارح بليل انها هتاخد اجازة وانا اجازاتي زادت عن حدها و اللي زاد أكتر اني لازم اروح المستشفي دلوقتي اجيب لماما التحاليل بتاعتها ولو اخدت مروان معايا هيغلبني
بدأت تشعر بالتوجس فقالت بحذر : والمطلوب ايه بعد المرشح دا انا مش مستريحالك
اقتربت منها وقالت بلطف : من الاخر كدا انا استئذنت ساعتين من الشغل هروح واجي في السريع
أضافت بسرعة أثناء وضعها للطفل الذي يبدو أنه لا يزيد عن عام من عمره في حضن نسمة : وانتي اخدميني الخدمة دي وخدي مروان خليه معاكي
ابتعدت عنها ، وهي تمشي باتجاه باب المكتب ، بينما تنوي المغادرة متجاهلة هتافات نسمة المحتجة : تعالي هنا هو انا بقيت الملجأ بتاعكو ولا ايه!!
نظرت إلى مروان الذي كان يتمسك في كنزتها بأصابعه الصغيرة ، وهي تضمه برفق ، وقالت بحسرة : بكلم مين أنا دي جريت عجبك كدا تصرفات أمك اللسعة دي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند مراد
خرج من مكتب أدهم ينوي المغادرة ، لكنه غير رأيه وتوقف أمام مكتب مها ، ليسأل ببرود : لو سمحتي مكتب الأنسة نسمة شاهين فين
إندهشت مها من سؤاله ، لكنها أجابت بتحفظ : الدور التالت يا فندم
تمتم مراد : متشكر
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند نسمة
نهضت من كرسيها ، وهي تتحدث مع مروان الذي بدأ يتذمر قليلاً : ايه يا حبيبي بدأت تتنرفز ليه بس اهدا كدا يا حلو انت
بدأت تمشي به في المكتب ، وهزته برفق على ذراعيها وفركت ظهره بلطف ، وهي تتحدث معه بصوت ناعم لعله يهدأ : انت مش عجبك مكتبي صح باين عليك بس والله هو جميل وفي شباك حلو بص علي المنظر كدا هيعجبك
سارت نحو النافذة المغلقة بإحكام ، وواقفت أمامها ثم استدارت بعيدًا ، حالما بدأ الطفل الصغير في البكاء قائلة بسرعة : خلاص بلاش بلاش حتي انا مابحبش الشباك دا ولا بقرب منه عشان بخاف من الاماكن العالية بس دا سر بينا محدش يعرف .. تحب نطلع نتجول في الشركة وافرجك عليها .. ها تروح فسحة صغيرة معايا واعرفك علي كارمن صحبتي بالمرة .. ايوه صح كارمن كانت تايهة عني فين هي هتعرف تتعامل أحسن مني وهتساعدني
سارعت عندما أنهت جملتها إلى خارج المكتب ، بينما كانت لا تزال تربت على ظهره برفق شديد.
لم تنتبه للشخص الذي كان على وشك الدخول إليها ، لكنه تراجع في زاوية مظلمة نوعًا ما ، وهو يراقب الطريقة التي تعاملت بها مع ذلك الطفل الذي كان علي ذراعها ، والذي لم يكن يعرف من هو حتى خرجت من المكتب.
مشى خلفها بخفة مثل الفهد دون أن تدرك ذلك ، أو بالأحرى هي في عالم آخر مع مروان.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
خارج المكتب
نادى صوت أنثوي خلفها : اللي جابلك يخليلك يا قطة مين الأمور دا؟
نظرت إليها بملل وقالت بضجر : وحيات ابوكي يا ماجدة سيبني في همي دا إبن نهال وسابته معايا وطفشت وانا محتاسة به
تشدق صدغها بسخرية منها ، وقالت ماجدة بتصحيح : ضميه أكتر علي صدرك يا خيبة بإيدك الأتنين و بعدين ما يمكن جعان
علقت عيناها الخضراء في السقف بتفكير ، وقالت بغباء : ممكن برده كانت تايهة عني فين دي
هزت ماجدة رأسها بيأس منها ، وقالت بتساءل : انتي فعلا تايهة فين حاجاته؟
همست نسمة ، وهي تضمه أكثر بين ذراعيها : شنطته في مكتبي
قالت ماجدة التي علي دراية باحتياجات الأطفال أكثر ، تحدثت بمرح : استنيني هنا هروح اجيبها وارجع نروح علي مكتبي و نظبط العسول دا
عبست نسمة في اشمئزاز زائف ، وهي تراها تبتعد إلى الجانب الآخر : نظبط !! دا لفظ يخرج من موظفة محترمة امشي بسرعة و خلصيني
وقفت في زاوية بالممر وقالت بحنان : ايه يا قلبي انت ايه يا روحي جعان ها يا ميرو رد عليا بصلي هنا يا واد
….: ياريتني كنت استاذ ميرو
نظرت بدهشة إلى الشخص الواقف بابتسامة أمامها ، متسائلة في نفسها ما الذي أتي به الآن ، قائلة ببرود : قصدك ايه بكلامك يا استاذ يوسف!!
قال يوسف لها بتبرير وعيناه تتألقان عليها : مافيش بهزر معاكي
تجاهله نسمة ، نظرت إلى مروان تهمس له قائلة بحنان شديد : بس يا حبيبي اهدي
هتف يوسف وهو يقترب خطوة منها : ماتجبيه شوية
بدأت تشعر بالملل من تطفله المفرط ، قائلة بلا إكتراث : لا معلش عن اذنك لازم أرجع مكتبي
خرج يوسف عن طوره بسبب تجاهلها الاستفزازي لأعصابه ، قائلا بنفاذ صبر : يا نسمة اديني فرصة اكلم معاكي
نسمة ببرود : مافيش بينا كلام يتقال اصلا
استمعوا إلى صوت نهال التي أتت بالحقيبة الصغيرة في يديها : انا جيت يلا بينا ازيك يا يوسف!!
تمتم يوسف بإيجاز مقتضب وهو يبتعد عنهم : كويس
إندهشت نهال من أسلوبه الفظ وقالت بإستفهام : مالو دا!!
قالت نسمة وهي تضحك مع الصغير الذي بدأ يهدأ ، ويشد علي أصابعها : سيبك منه و خلينا في العسول الجعان دا
نهال بإبتسامة : ماشي يلا بينا
ألتهبت عيناه بنيران مشتعلة بسبب الغيرة المفرطة التي كانت تحرق قلبه من ذلك الأحمق الذي تطفل عليها منذ قليل ، وهو عازمًا على معرفة كل شيء عنها ، ولن يضيع الوقت في الهروب ممَ يشعر به مؤخرًا.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في مكتب أدهم
صاحت كارمن بعدم تصديق ، وهي جالسة على حافة المكتب أمام أدهم : بجد كان هنا!!
قال أدهم مؤكدا : أيوه و لسه خارج من شوية
سألت كارمن بفضول : و قولتو ايه!!؟
رد أدهم بهدوء : عايز يقابل مامتك .. لما نروح البيت نقولها و بكرا يجي عندنا
أومأت كارمن بتفاهم وقالت : تمام كدا انت عارف أن شكل في بينه و بين نسمة كمياء كدا
أدهم بإستفهام : وعرفتي ازاي!
أجابت كارمن مفسرة حديثها : أصلو هو دا الشخص اللي اتخانقت معه في الحفلة
تمتم أدهم بإمتعاض : و كان بيعمل إيه دا في الحفلة!!
رفعت كتفيها دلالة علي عدم معرفتها ، و قالت بلا إكتراث : معرفش بس الحفلة حضرها ناس كتير اوي
تساءل أدهم وقد بدأ يرتاح قليلا أن تركيز ذلك المراد علي شخص أخر : تفتكري عينه منها بجد
إقتربت منه قليلا ، لتقول بحماس : صراحة باين أنت ماشوفتوش كان في المخزن نظراته نحيتها غريبة و كمان سمعت الحرس بيتوشوشو عن ضربو للمجرمين بإفتري علشانا
رفع أدهم حاجبيه بإندهاش وقال بإبتسامة : علي كدا الأخ عشقان
قالت كارمن بتأكيد : أنا احساسي مش بيخيب بس المشكلة أن نسمة خارجة من تجربة فاشلة .. يعني هيطلع عينه
همس أدهم بسخرية : أنا بدأ يصعب عليا الجدع دا أنتو ستات قادرة و جبارة
قبلته على خده وقالت بغنج : بس لما بنحب بنضعف أوي يا دومي
شرد في ملامحها الجميلة قائلا بتحذير : بلاش الرقة دي كلها يا قلب دومك و بعدين بترجعي تتكسفي و وشك يلون
نفخت كارمن بضجر لطيف ، و زجزته بنبرة خافتة : يالهوي علي رخامتك
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في صباح اليوم التالي
ظهرت الشمس المشرقة بأشعتها الدافئة على الرغم من برودة الجو.
استيقظت كارمن مبكرًا كالعادة ، وهي تشعر بنشاط وسعادة ، ثم نهضت من بين ذراعي زوجها النائم ، بلطافة مثل طفل صغير ، ظلت تنظر إليه لفترة وجيزة ثم اقتربت علي المهل من فمه ، طابعة على طرف شفته قبلة بلطف ، ولم تريد إيقاظه الآن ، فاليوم عطلة.
قامت من السرير ، وبعد أداء روتينها اليومي ذهبت لإيقاظ طفلتها الصغيرة ، واعطتها حماما دافئا وسط ضحك ولعب الطفلة بمرح ، ولم يخلو الأمر دون تذمر منها بلطف.
بعد قليل
صعدت كارمن من الأسفل لإيقاظ الشخص الكسول القابع في السرير حتى الآن اقتربت منه ببطء ، بينما تراقب ملامحه الجامدة ، وتعلم كل العلم أنه مستيقظًا حتما.
جلست بجانبه على السرير ، وابتسامة ماكرة على شفتيها.
خفضت رأسها تجاهه مقتربة منه بشكل خطير ، واستنشقت عبير أنفاسه الهادئة موزعة بشفتيها قبلات صغيرة برقة بالغة على سائر وجهه ، من بداية جبهته العريضة إلى ما بين حاجبيه المعقودين ، ثم إلى أنفه الروماني الذي يدل على عناد شديد وتصميم كبير على النجاح والطموح ، ثم قبلت وجنتاه ونزلت على الخط الفاصل بين خده وفكه من خلف ذقنه الخفيفة ، وشعرت بانقباضات جسده من تحت يدها التي وضعتها على صدره.
ابتعدت قليلاً عن وجهه لتراه بوضوح ، تزامنًا مع ظهور ابتسامته ، فقالت بهدوء : صباح الفل حبيبي
رد بصوت أجش : صباح الكراميل
إبتسمت بحب وقالت برقة : يلا حبيبي قوم الفطار تحت جاهز
ظل علي وضعه قائلا بنفي : لا مش عايز أقوم
عضت علي شفتيها قائلة بتعجب : ليه بقي !!
همس بنبرة عابثة وهو يمرر أصابعه على يدها التي على صدره : راجعي نفسك يمكن تكوني ناسية حاجة
قلبت عيناها بتفكير قائلة بحيرة مزيفة : لا مانسيتش حاجة
نظر إليها بنصف عين قائلا بتهكم : لا فاتتك حاجة مهمة وانتي بتبوسيني
كتمت إبتسامتها بصعوبة وهي تبتلع ريقها ، وقالت بمكر : انت مش كنت نايم منين عرفت اني كنت ببوسك لازم كنت بتحلم!!
حدق فيها بحاجب مرفوع قائلا بإستنكار : كارمن!
إبتسمت كارمن قائلة بدلع وهي ترمش بعيناها : قلبها
فرك ذقنه بخفة قبل أن يقول ببرود لاستفزازها : مش هقوم قبل ما تصالحي المكان اللي نسيتي تبوسيه
مطت كارمن شفتيها إلى الأمام بطريقة مغرية ، وقالت بغيظ : ياباااي عليك انت بقيت تستغل نقط الضعف بإحتراف
ابتسم منتصرًا وقال باستفزاز ، وهو يلعب بحاجبيه : انتي اللي بتضيعي الوقت في الكلام
اقتربت كارمن منه باستسلام تام ، بينما كان مستلقيا على الوسادة في نفس وضع نومه ، حالما لفحت أنفاسها الحارة وجهه تلقائيًا أغمض عينيه مستنشق عطرها الرائع بشغف ، بينما طيف ابتسامة خبيثة ظهرت على فمها ، وبقيت ثابتة على حالها.
فتح عين واحدة ، مندهشًا من عدم حدوث شيء فرأها في مكانها ، لكنها مالت برأسها حتي أصبحت قريبة بشكل خطير من شفتيه المتباعدتين قليلاً عن بعضهما البعض ، بينما عيناه تتابعها بحماس واستعداد ، ثم فجأة إبتعدت عدة إنشأت للوراء.
نظر أدهم إليها بعدم فهم حتى تكرر نفس الحدث عدة مرات متتالية ، وهي تبتسم علي مظهره المتضجر بلطف ، لكنه باغتها علي حين غرة بوضع حد لهذه اللعبة التي حرقت أعصابه بالتزامن مع سحبه إلى رقبتها من الخلف ، ووضع شفتها السفلي بين شفتيه بنهم وجوع منتقما منها علي مماطلتها له ، وهو يقضم على شفتها بأسنانه برفق.
جعلها تذوب بين ذراعيه ، وتبادله الشغف والحب بحرارة غمرت جسدها.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
ظهرا في المكتب الموجود بجناح أدهم
دخلت كارمن عليه ، وهو يعمل أمام جهاز الكمبيوتر الخاص به بتركيز حتى سمع صوتها الهادئ ، فرفع رأسه تجاهها : القهوة حبيبي
مشيت نحوه ووضعت القهوة على المنضدة ، فقال أدهم بحب : تسلمي لقلبي
بقيت واقفة بجانب كرسيه ، تفكر قليلاً ، ثم قالت بحرج : عايزة أسألك سؤال!!
تحدث بعد ارتشاف القليل من القهوة بتلذذ : إسألي
سألت بهدوء : انت ليه بقيت تحب تشرب القهوة مره؟
تفاجئ قليلاً بالسؤال ، لكنه أجاب وهو ينظر إلى الفنجان في يده : عشان القهوة بالنسبالي زيها زي الدنيا لازم يكون فيها مرارة بسيطة
ظل ينظر إليها بهدوء لبضع ثوان ، قائلاً بابتسامة جذابة تزين فمه : وانتي في دنيتي السكر اللي بيحلي أيامي و بتنسيني أي مرارة حسيت بها
ابتسمت له بلطف وهي تأخذ منه فنجان القهوة وترشف منه قليلا تحت نظرات عيناه العاشقة لها .
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
مساءا في قصر البارون
على وجه التحديد في البهو الفسيح حيث يجلس جميع أفراد القصر ، مع حاتم ومراد.
أنهي حاتم حديثه قائلا بهدوء : دي كل الحكاية من طقطق لسلامو عليكو
تمتم مالك بدهشة واضحة : والله مش مصدق ان في ناس في الزمن دا زيك يا استاذ حاتم
قالت مريم بتأنيب حزين : اتعذبتو كتير يا حاتم بس انا عاتبه عليك مهما كان دا ابن اختي لو كنت عرفتني وطمنتني عليه كان قلبي هدي شوية من وجعو اللي عايشة فيه لحد دلوقتي
تدخل مراد في الحديث قبل أن يستطيع حاتم الرد ، قائلا بهدوء : حاتم عمل الصح وقتها .. ماكنش ينفع يحصل تهاون ابدا
ابتسمت مريم وعيناها تتألقان في سعادة ، لأنها بالكاد تصدق أنه جالسًا أمامها قائلة بفرح : انا مش قادرة اصدق أنك قدامي و بتكلمني يا يحيي
ابتسم لها وعيناه تلمعان ببريق حزين دون أن يجيب.
أضافت بتساءل متعجب : بس انا لسه مش فاهمه يا واد انت ازاي ماكنتش فاكرني .. ازاي نسيتني وانت متربي علي ايدي
نظر مراد نحو حاتم بحاجب مرفوع وقال بتهكم : قولها انت ازاي؟
أومأ برأسه ، وقال بنبرة خافتة بعض الشيء بعد أن تنحنح بحرج : احم الحقيقة هو سألني وانا اوهمته أننا فقدناكي
فغرت فاهها بصدمة وهتفت بذهول : يا لهوي!!
أردف حاتم بصدق : بعدها اخدته و سافرنا علي كندا كنت عايز ابعده عن كل حاجة هنا
نظر مراد إلى كارمن وأدهم ، اللذين كانا صامتين منذ بداية الاجتماع ، متسألا بهدوء : هتفضلو ساكتين كدا مش هتعلقو
كان أدهم أول من بدأ الحديث مجيبا برزانته المعتادة : انا متأكد ان كل شئ بيحصل له هدف و اهمية يمكن عشان كدا مش قادر اكرهك بعد اللي قولته رغم اني متعصب منك و من افكارك المخبولة دي لكن مش هنكر إن كان ليك دور مهم و ايجابي في حياتنا حتي واحنا منعرفش بوجودك
ابتسم له بود ثم نظر إلى كارمن وقال : وانتي!؟
ابتسمت كارمن بإضطراب طفيف : انا اتعرضت لصدمات الفترة اللي فاتت كتير خليتني مشوشة و متوقعة كل حاجة لكن هبقي بكذب لو قولت اني ما انصدمتش للمرة الالف بعد اللي عرفته
ظل يتحدثون فيما بينهم في جو يسوده الود والمحبة ، لأول مرة ينغمس فيه مراد.
بعد فترة ، طلب أدهم الإذن منهم للرد على مكالمة عمل ، بينما جلس الجميع بعد رحيل مالك في ذلك الوقت ، بدأ مراد في التعود على الدفء العائلي الذي فقده طوال السنوات الماضية ، قائلاً بابتسامة شاردة في ملامح مريم التي تجلس بجواره : انتي شبهها اوي
قالت مريم بحنان : انت وحشتني يا يحيي
أسدل جفنيه قائلا بتمتمة : انا بتوجع لما بسمع الاسم دا مش متعود عليه
هتفت مريم بإصرار : من هنا ورايح اتعود مش هناديلك غير يحيي تعالي هنا
عانقته بشوق وحنان كبير ، تردد قليلا قبل أن يربت على ظهرها ، ويعانقها أيضا بمشاعر كثيرة تشكلت بداخله شوق عميق لرائحتها قريبة جدا من رائحة والدته ، بينما كانت كارمن تراقبهما بتأثير كبير.
قطع عناقهما الفتاة الصغيرة التي شعرت بالغيرة علي جدتها من الغريب الذي رأته لأول مرة ، وكانت متمسكة بحافة فستان مريم حتى تنبها إلى وجودها.
ابتعد مراد عن مريم ، ونظر بدهشة إلى الفتاة الصغيرة التي نظرت إليه بنظرات خجولة مماثلة.
كانت هذه هي المرة الأولى التي يراها قريبة جدًا هكذا منه.
قالت مريم بضحكة لطيفة : دي ملك بنت كارمن
ابتسم لها بهدوء وانحنى ليأخذها بين ذراعيه وأجلسها على ساقه ، وظل يلاعبها بحنان متردد ، فهو غير معتاد على الأطفال إطلاقا.
تحدثت كارمن بهدوء وهي تشاهد مداعبته اللطيفة للصغيرة : لازم تتعود علي الأطفال عشان تساعد نسمة
تجهمت نظراته عليها وقال بدهشة : نعم
ردت بثقة : واضح انك بتحبها
حدق أمامه بجمود ولم يرد عليها ، بينما كانت مريم تنظر إليها بنظرات استفهام ، فواصلت كارمن بإصرار : لو بتحبها بجد لازم تقولها
إبتسم بسخرية وقال بإستنكار : واثقة من كلامك كأنه حقيقي
قالت بإبتسامة هادئة : مهما داريت باين عليك
شعرت مريم بالحيرة أكثر من كلماتهم الغامضة ، فقالت بدهشة : ما تفهموني يا ولاد بتكلمو عن إيه!!
تسائل مراد بتهكم و نظراته موجهة نحو كارمن : وتنصحيني بإيه؟
إزدات إبتسامة كارمن الواثقة و قالت بهدوء : الصراحة والمواجهة .. تقابلها و تقولها انا معجب بيكي و عايز اتقدملك
قهقه بذهول علي حديثها وتساءل : بالبساطة دي و هي هتوافق
رمشت بأهدابها عدة مرات قبل أن تقول بجدية : من واقع معرفتي بها انت هتتعب شوية بس لو فعلا انت بتحبها هتقدر تروض تمردها
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في ذلك الوقت بالصعيد
داخل غرفة زين و روان
سرعان ما وضعت المنديل على فمها ، وسعلت بعنف بينما كان أنفها أحمر للغاية من ذلك البرد الذي أصابها
يجلس زين بجانبها على الأريكة الطويلة في غرفتهما ، يشرب بهدوء من وعاء الحساء الساخن في يده.
زمت شفتيها بتعب وقالت بغيظ : مافيش دم عند بعض الناس قعدة جنبي ما قالتش حتي سلامتك وبتشرب من الشربة بتاعتي كمان
رفع وجهه للسقف متنهدا بسخط قائلا بتمتمة : الصبر من عندك يارب .. دا جزائي اني نزلت في الوقت المتأخر دا تحت والجو تلج وعملتهالك
أضاف أبعد أن ربع قدميه بحذر على الأريكة حتى يتمكن من النظر إليها جيدًا : وبعدين انتي مش عايزة تشربيها وهتبرد يعني تعبي هيروح علي الفاضي فبشربها انا
ذرفت عيناها الدموع من الألم الذي اجتاح جسدها كله ، وقالت دون وعي : انت كمان بتقاوح معايا و بتزعقلي وانا عيانة دا بدل ما تشوفلي دواء يعالجني ولا انت دكتور في البطاقة بس
نظر لها بحاجب مرفوع وقال بسخط : لاحظي انك بتخبطي في الحلل وانا مستحمل عشان عيانة ماتسوقيش فيها..
ثم اردف بنبرة لينة قليلا كأنه يحادث طفلة صغيرة : انتي بقالك عشر دقايق بس واخدة الدواء يلا يا روحي أفتحي بوقك وكلي عشان العلاج يشتغل في جسمك و تخفي
فتحت فمها مستسلمة ، وإبتلعت الحساء بصعوبة فحلقها يؤلمها بقوة.
إبتسم لها بحنان و قال بتهكم مزيف : شطورة هتتحسني بس اصبري انتي عايزة تخفي في نفس اللحظة ازاي يا هبلة
عضت شفتيها بغضب طفولي قبل أن تبتسم بمكر وهي تقترب ، قائلة بشقاوة : بقي كدا طيب ماتجيب بوسة زي بتوع السيما
حرك زين رأسه للخلف بسرعة و قال بصياح : يخربيت شكلك ابعدي ببوزك دا عني .. هنبقي اتنين مزكومين مين هياخد باله مننا ساعتها يا غبية
جلست بركبتها على الأريكة أمامه ، عازمة على تقبيله بأي شكل من الأشكال ، بينما منعها بمد ذراعيه أمامه ، ودفعها برفق حتى لا تسقط ، لكنها قالت بإلحاح : ولو لازم تجرب الاحساس اللي انا حاسة بيه بقولك هات بوسة يا راجل انت
اتسعت عيناه بدهشة من تحولها المفاجئ ، حيث شعر بحرارة جسدها ، قائلا بأنفاس لاهثة : اتهدي و اهمدي كدا هتتعبي زيادة وحرارتك عالية كمان يادي الليلة الهباب
جلست متعبة بشكل معتدل في مكانها ، و أرجعت رأسها إلى حافة الأريكة ، قائلة بأنفاس سريعة : ماهو كلو منك انت في الأساس ولا ناسي
نهض بقلة حيلة من تذمرها وذهب إلى الطاولة بجانب السرير ، وأمسك بوعاء الماء الذي أحضره من الأسفل ، وسكب بعض الماء الفاتر في صحن صغير.
عاد إليها وحملها بخفة بين ذراعيه ، فتمسكت بعنقه ، لكنها أبعدت وجهها عن وجهه قليلًا حتى وصل بها على السرير ومدد جسدها برفق ، ثم أجاب على كلماتها السابقة : وانا كنت قولتلك قومي استحمي الفجر وانتي جسمك دافي
سعلت بخفة قبل أن تقول بصوت مبحوح : كنت منعتني بالقوة يا اخي
هز رأسه بنفي ، وهو ينزل قطعة القماش في ماء فاتر ثم يعصرها جيداً ، وبدأ في وضعها برفق علي قدميها ويديها تدريجياً ، لتقليل درجة الحرارة المرتفعة التي أصابتها بعد أن رفضت بشدة الاقتراب من الماء ، وأخذ حمام فاتر لإرخاء جسدها ، بينما ينتفض جسدها تحت القماش البارد برجفة بسيطة : لا يا حبيبتي أنا مش بجازف بنفسي واقوم من تحت الغطاء و جسمي دافي
سعلت بشدة وأغمضت عينيها عندما وضع القماش البارد على جبهتها ، ومررها إلى مؤخرة رقبتها ، وهي تنظر إليه بعيون حمراء ، وقالت بصوت ضعيف : عندك رد جاهز علي كل حاجة ارئف بحالي انا بموت
إنتابه شعور بالاختناق في قلبه لأنه لم ينبهها لذلك ، واقترب منها بعد أن استقام في جلسته وسحبها من جنبها بذراعه ، فأسندت رأسها على صدره مع الإرهاق أثناء تغيير القماشة كل عدة دقائق بالماء الفاتر فوق جبهتها الحارة.
بعد قليل
شعر بإنتظام أنفاسها المتقاربة على صدره ، فغمرها جيدا بالبطانية معه ، وأطفئ الضوء بجانبه ، وأغلق عينيه بتعب وهي بين ذراعيه.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد مغادرة مراد و حاتم من قصر البارون
التفتت مريم إلى كارمن ، التي كانت جالسة بجانبها على الأريكة ، مع ملك التي تنام في حجرها ببراءة.
قالت مريم بعد انتهاء كارمن من سرد تفاصيل ما حدث مع مراد ونسمة : ياريت كلامك يكون صح يا كوكي
حملقت بها في ثقة وقالت : هو لو مش صح هو ماكنش سألني اعمل ايه يعني هي فعلا في دماغه و بيفكر فيها
أومأت مريم تؤيدها قائلة بصدق : نسمة بنت حلال و ابوها راجل طيب دخلت قلبي لما شوفتها في المستشفي
مررت أطراف أصابعها في شعر ملك بحنان ، وقالت بقلق بسيط : بس انا حاسة ان الموضوع هيبقي صعب من ناحيتها و ممكن ترفض
حدقت مريم بها بدهشة ، وقالت بإستنكار : ترفض ليه هي تطول تناسب عيلتنا و يحيي شاب زي القمر و متعلم و راجل بجد هتلاقي زيه فين
حدقت بها بفزع وهي تحذرها بلطف : براحة يا ماما ماصدقت ملك نامت جرا ايه يا روما انتي بدأتي دور الحماة بدري اوي
ضحكت مريم بخفة وقالت : ربنا يقدم اللي فيه الخير
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد مرور يومان
صباحا في قصر البارون
استيقظت ولم تجده بجوارها ، لتعقد حاجبيها بطريقة لطيفة ، متسائلة أين ذهب مبكرًا ، فتثاءبت بتكاسل قبل أن تلاحظ الورقة موضوعة على المنضدة ، فامسكت بها بين يديها.
سرعان ما تألقت عيناها بإنبهار ، فكان داخل الورقة رُسمة وجهها وهي نائمة ، وفي أسفل الورقة كان مكتوب بخط أنيق : صباح العسل علي كارميلة قلبي إلبسي وحصليني علي تحت
ابتسمت بسعادة من رقة أفعاله التي كان يمطرها بها يوميًا ، ثم تنهدت بارتياح قبل النهوض والسير باتجاه المرآة حتى علقت الرسمة في أحد أركان المرآة ، ثم شرعت في تحضير نفسها لبداية يوم جديد.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في منزل شاهين
خرجت نسمة من غرفتها بعد أن ارتدت ملابسها بصعوبة ، وهي تشعر بإعياء شديد.
قال شاهين بهدوء وهو يقرأ الصحف التي أمامه على المنضدة : صباح الخير يا حبيبتي
إبتسمت بإرهاق قائلة بصوت خافت : صباح النور يا بابا
ترك ما في يده ، لينهض من علي الأريكة متسائلا بإهتمام : انتي لسه حاسة بوجع برده
قالت نسمة بإنكار : لا يا بابا انا احسن دلوقتي
حدق فيها بشك قائلا بقلق : احسن ازاي هو انا مش شايف باين عليكي التعب بلاها شغل انهاردة
هتفت بإستماته : صدقني انا كويسة و بعدين الشغل بيسليني لو قعدت في البيت هتعب اكتر
هز رأسه بإستسلام من عنادها حتي بالمرض ، وقال بإصرار : ماشي بس لو فضلتي كدا لحد بليل هنروح نكشف و مش عايز اعتراض
ردت بطاعة : حاضر
حاول شاهين أن يجعلها تسترخي قليلاً فغير الحديث : يلا عشان تفطري
زمت شفتيها في رفض ، لأنها حقًا لا تشتهي الطعام على الإطلاق ، قائلة بتوسل : لا يا بابا ماليش نفس
هتف شاهين بخوف يتفاقم داخله مما يحدث لها : كدا انا بجد قلقان ايه اللي فيكي بس يا بنتي
رددت مجدداً محاولة أن لا تقلقه عليها أكثر : ماتقلقش انا هكلمك وانا في الشغل واطمنك عليا
وضع كفه علي وجنتها بحنان و قال بإهتمام : طيب بس اتصلي بيا لما توصلي الشركة و سوقي علي مهلك
إبتسمت بمحبة وقالت بعد إبتعدت نحو الباب حتي تغادر : حاضر باي يا بابا
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في فيلا مراد عزمي
استيقظ مراد من نومه مصممًا بإلحاح على مقابلتها اليوم والتحدث معها ، وأيضًا أن لكي يعيد لها القلادة التي يحتفظ بها معه حتى الآن.
قام من سريره وتوجه إلى الحمام الملحق في غرفته ، وبعد أن أنهى حمامه ، وقف بملابسه الرسمية الأنيقة ورش عطره المفضل.
تحرك إلى باب الغرفة وخرج منها ، لينزل يشرب قهوته ، ثم يمر بها قبل أن يذهب إلى شركته.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في سيارة أدهم
ابتسمت كارمن وهي تحدق به قبل أن تقول بنعومة : عجبتني رسمتك اوي
نظر إليها لثوان قبل أن يعود للتركيز على الطريق ، متسائلاً بهدوء : تعرفي ترسميني كدا
تمتمت بتوتر طفيف : انا .. لا الحقيقة معرفش
خرجت منه ضحكة صغيرة قائلا بإستفزاز : يعني طلعت انا اشطر منك و حافظ ملامحك أكتر
قوست شفتيها بتبرم من ضحكته الاستفزازية ، وتحدق فيه بسخط ، قبل أن تعقد ذراعيها على صدرها ، قائلة بغيظ طفولي : بلاش تتحداني يا أدهم
نظر إليها بحاجب مرتفع وقال بإستخفاف مزيف : اعتبريني اتحديتك و وريني شطارتك يا روح ادهم
نظرت إليه بغضب قائلة بتحدي : هتشوف
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
أمام شركة البارون
وصل مراد بسيارته وأوقفها في مكان فارغ ، ثم نظر أمامه وهو يشرد لعدة لحظات ، يفكر في شكل المحادثة التي سيفتحها معها.
في ذلك الوقت
كانت نسمة تتحدث مع والدها من داخل السيارة بوهن ، بعد أن كادت أن تصف سيارتها ، ولكن قاطعها رنين الهاتف ، فسرعان ما أوقفت السيارة ، وأجابت عليه حتى لا تقلقه أكثر.
بعد أن أنهت نسمة المكالمة أثناء قيامها بتشغيل محرك سيارتها حتى توقفها في مكانها المعتاد ، فوجئت بوجود سيارة أخرى متوقفة فيها.
نفخت خديها بتعب ، لم ينقصها شيء سوى هذا الشيء إنها حقًا لا تملك الطاقة للانتقال إلى مرآب سيارات الشركة حتي تصف السيارة هناك.
اتسعت عيناها بصدمة عندما رأته يخرج من السيارة أمامها بشموخ ، سرعان ما تحولت الصدمة إلى غضب شديد تجاهه ، حتى أن مكانها في الزاوية إستحوذ عليه ، مثل سيرته التي لا تنغلق في منزلها بعد رؤية والدها له و إعجابه به.
نزلت من سيارتها وأغلقت الباب غاضبة ، فأصدرت صوتا نبه الشخص الواقف أمام سيارته إلى وجودها.
لمعت عيناه بالفرح للحظة ، لكنها اختفت عندما رآها تسير نحوه ، من الواضح أنها مستاءة من شيئا ما.
قالت بصوت عال نسبيا ، بعد أن وقفت على مسافة متوسطة منه : لو سمحت ابعد عربيتك دي عشان اعرف اركن عربيتي
تحدث ببرود محاولا السيطرة على سيل المشاعر التي اندلعت في قلبه بعد سماعه صوتها الذي كان يتوق إليه في الأيام القليلة الماضية : انا اللي ركنت هنا الاول دوري أنتي علي مكان لنفسك
طالعته بحاجب مرفوع ، لتتمتم بغيظ : صحيح انك لوح تلج متحرك
ابتسم باستفزاز وقال ببرود ليثير غضبها أكثر ، ويمكنه التحدث معها لفترة أطول : قولي اللي يعجبك بدأت أخد علي لسانك الطويل
اختلطت عيناها بالقهر والألم الذي اجتاح أحشائها بطريقة أشد ، ومفاجئة من ذي قبل على جانبها الأيمن.
إبتلعت غصة ألم حاد تكونت في حلقها قبل أن تتمتم بضعف محاولة ألا تتأثر بقربه منها الذي يجعلها ترتبك بشدة : انا مش هضيع وقتي في الكلام معاك
تركته حتى تعود إلى سيارتها ، وهو ينظر إليها بصدمة من استسلامها الذي يراه لأول مرة بهذا الوضوح على وجهها.
لم تمنحه الكثير من الوقت للشرود في أفكاره المشوشة ، وقبل أن تخطو خطوة إلى الأمام ، انهار جسدها بشكل ضعيف نحو الأرض ، ليسارع إليها دون ذرة تفكير لتسقط بين ذراعيه ، وهي تسمع اسمها بصوته الملهوف بخوف يأتي من مكان بعيد قبل أن تجذبها سحابة مظلمة بعيدًا عن ذلك العالم.
قبل ذلك بدقائق
وصل يوسف أمام بوابة الشركة ، بعد أن أوقف سيارته في الجراج ، ولم يرغب في الصعود في المصعد الموجود في الجراج لأنه أراد التحدث إلى نسمة في بداية الصباح ، ربما تسمعه هذه المرة وهو يعلم أنها ستوقف سيارتها بالخارج.
ظهرت ابتسامته عندما رآها تصل في سيارتها ، ولكن سرعان ما تبدلت تلك الابتسامة إلى حيرة ودهشة ، وهو يرى ما حدث منذ قليل.
ركض بذعر والغيرة نحو مراد الذي كان جاثيا على الأرض محاولًا إيقاظ نسمة دون جدوى ، تزامنًا مع وصول سيارة أدهم ، التي خرجت كارمن منها بقلق ، ورأت نسمة مغشيا عليها بين ذراعي مراد.
هرولت كارمن نحو مراد وقالت بتساءل : حصلها ايه مالها يا مراد!!
تمتم مراد بخوف كافح كبحه ، لكن بدا واضحًا عليه من نظراته الضائعة ، حيث قام من الأرض ورفعها بين ذراعيه : معرفش فجأة أغم عليها انا هاخدها علي المستشفي بسرعة
ووجه حديثه إليهما متجاهلا وجود يوسف تماما : وانتو حصلوني
قال يوسف بإصرار جعل مراد ينظر إليه بحدة قاتلة : انا جاي معاكو
نظرت إليهم كارمن بتوتر ، بعد أن لاحظت النظرات المحترقة بين هذين الرجلين ، ثم حدقت في أدهم الذي قال بسرعة : ماشي يا مراد خدها معاك في العربية وانا وكارمن ويوسف هنيجي وراك
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
داخل احدي المستشفيات
خرج الطبيب الذي كان داخل الغرفة يفحص نسمة ، وقال بجدية : الحالة عندها الزايدة ملتهبة جدا و لازم تدخل العمليات فورا قبل ما لا قدر الله تنفجر جوا جسمها
أومأ أدهم قائلا بجدية : ماشي يا دكتور اعمل اللازم
نظر الطبيب نحو الممرضة الواقفة بجانبه ، وأخذ منها دفتر ملاحظات وقال : تمام بس في ورق لازم يتمضي ان العملية تتعمل تحت مسؤلية فرد من أهلها
هتفت كارمن بسرعة : باباها زمانه في الطريق يا دكتور
قال مراد الذي كان يستمع إلى ما يقولونه بقلب ينبض بعنف من القلق ، ولم يعد بإمكانه الصمت أكثر بعد الآن ، قائلاً بسرعة : هات الورق دا وانا همضيه علي مسؤليتي الشخصية
نظر له يوسف بدهشة وقال بإمتعاض واضح : وانت تمضي علي مسؤليتك بأي صفة
صاح مراد بثقة ، دون أن يبالي بأي شيء : بصفتي خطيب الانسة اللي حياتها في خطر جوا
اتسعت عينا يوسف في صدمة ، وتسلل شعور بالمرارة إلى قلبه مما سمعه الآن.
بينما كانت كارمن تحدق بدهشة في أدهم ، الذي كان صامتا منذ البداية ، يشاهد ما كان يحدث بابتسامة صغيرة ، وهو يعلم ما هو الشعور الذي يمر به مراد الآن دون أي تعجب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي الفصول اضغط على : (رواية مزيج العشق)