روايات

رواية مرارة العشق الفصل الثاني 2 بقلم دندن

رواية مرارة العشق الفصل الثاني 2 بقلم دندن

رواية مرارة العشق الجزء الثاني

رواية مرارة العشق البارت الثاني

مرارة العشق
مرارة العشق

رواية مرارة العشق الحلقة الثانية

فَتَحَتْ صَابِرَةُ عُيُونَهَا بِإِرْهَاقٍ كَبِيرٍ إِثْرَ وِلَادَتِهَا اَلَّتِي لَمْ تُكِنْ بِالْهَيِّنَةِ اِعْتَدَلَتْ فِي جَلْسَتِهَا مُتَأَلِّمَةً ، ثُمَّ قَلَبَتْ عُيُونَهَا بِالْغُرْفَةِ تَتَذَكَّرُ مَا حَدَثَ ، دَخَلَتْ اَلْمُمَرِّضَةُ بَعْدَ أَنْ طَرَقَتْ اَلْبَابَ وَنَضِرَت لَهَا مُبْتَسِمَةً بِإِشْرَاقٍ وَحَنَانٍ وَقَالَتْ ” مَا شَاءَ اَللَّهُ ، فَوَقْتِيٌّ وَبَقِيَّتِي أَحْسَن “

أَوْمَأَتْ لَهَا مُبْتَسِمَةً وَقَالَتْ بِإِرْهَاقِ ” فَيِنْ بِنْتِي ” اِبْتَسَمَتْ لَهَا وَرَدَتْ بِهُدُوءِ وَهِيَ تَقْتَرِبُ مِنْهَا وَبَاشَرَتْ فَحْصَهَا ” بِنْتِكَ فِي اَلْحَضَانَةِ أَخَذْنَاهَا لَبِسْنَاهَا وَهِيَ فِي أَوضة اَلْأَطْفَالَ ” اِبْتَعَدَتْ عَنْهَا بَعْدَ أَنْ تَحَقَّقَتْ مِنْ تَوَازُنِ ضَغْطِهَا وَقَالَتْ ” اَلْحَمْدَ لِلَّهِ بَقِيَّتِيَ أَحْسَنَ “

نَضِرَةً لَهَا بِامْتِنَانٍ وَقَالَتْ ” عَايزة أَشْوفَ بِنْتِي ” أَوْمَأَتْ لَهَا وَقَالَتْ ” حَاضِر ” غَادَرَتْ اَلْغُرْفَةُ وَعَادَتْ مُجَدَّدًا بَعْدَ أَنْ أَحْضَرَتْ صَغِيرَةً صَابِرَةَ اَلَّتِي كَانَتْ لَاتَزَالُ نَائِمَةً ، مَدَّتْ لَهَا بِهَا ، لِتَأَخُّدهَا فِي أَحْضَانِهَا بِحُبٍّ وَحَنَانِ وَلَطَافَةِ خَائِفَةٍ مِنْ أَنْ تُؤَدِّيهَا ، تَبَسَّمَتْ وَهِيَ تَحْتَضِنُهَا بِرِفْقِ وَعُيُونهَا تَلَأْلَأَتْ بِدُمُوعِ اَلسَّعَادَةِ وَالْفَرْحَةِ ، شُعُورُ اَلْأُمُومَةِ اَلَّذِي غَدَقٍ فُؤَادَهَا وَأَشْعَرَهَا بِالدَّفِيءِ وَالْأُنْسِ ، أَنْسَاهَا كُلُّ مَا مَرَّتْ بِهِ وَعَانَتْهُ فِي مُدَّةِ زَوَاجِهَا ، فَتَحَتْ طِفْلَتُهَا عُيُونُهَا اَلْمُغْمَضَةُ اَلنَّعْسَانَةَ بِكَسَلٍ تُحْدِقُ بِوَالِدَتِهَا ، سَقَطَتْ دَمْعَةً مِنْ عَيْنِ صَابِرَةَ وَقَبِلَتْ رَأْسَ اِبْنَتِهَا بِحَنَانِ كَأَنَّهَا رِيشَةٌ تَخَافُ أَنْ مَسَّهَا اَلْهَوَاءُ تَطِيرُ ، أَمْسَكَتْ بِكَفِّ اِبْنَتِهَا اَلنَّاعِمَ اَلصَّغِيرِ لِتَقَبُّلِهِ بُرْقَةَ وَتَسْتَنْشِقُ عَبِيرْ اَلطُّفُولَةِ اَلْفَائِحْ مِنْهَا عَلَى وَهْنٍ وَأَرْدَفَتْ بِحَنَانِ بَالِغًا ” قَلْب أُمِّيٍّ وَرُوحُهَا ، حَبِيبَتِي يَابَنْتِي “

نَضْرَتْ لَهَا اَلْمُمَرِّضَةُ بِحَنَانِ ثُمَّ قَالَتْ ” تَكْبُرُ فِي عِزِّكَ إِنْشَاءَ اَللَّهِ ” اِبْتَسَمَتْ لَهَا صَابِرَةُ وَرَفَعَتْ عُيُونَهَا تَنْضَرْ لَهَا بِشُكْرِ ” رَبِّنَا يُبَارِكُ فِيكِي ، عَلَى تَعَبِكَ مَعَايَا “

أَجَابَتْهَا بِهُدُوءِ ” دَا شَغْلِي يَا سَيِّدَةُ صَابِرَةَ ” هَزَّتْ رَأْسَهَا وَقَالَتْ بِتَسَاؤُلٍ ” هُوَ مافيش حَدٌّ سَالَ عَلَي”

دَخَلَتْ عَلَى إِثْرِ كَلِمَاتِهَا أُمَّ زَوْجِهَا أَمِينَة اَلَّتِي أَشَارَتْ لِلْمُمَرِّضَةِ بِالْخُرُوجِ ، نَضْرَتْ لَهَا صَابِرَةُ وَقَالَتْ بِحُزْنٍ ” رَاسِخِ مِجَاشْ يشوف بَنَتْهُ “

نضرت لها وحاولت رسم ملامح جادة و أردفت “مياسين ولدت، وولادتها كانت صعبة، هو جه شاف البنت ورجع عشان يطمن على مراته”
أومأت لها ونضرت الى طفلتها بحزن وقالت”كنت عايزه يجي نسميها مع بعض”
نضرت لها وقد شعرت بشيئ من الذنب وقالت بهدوء “إنشاء الله تروحي للبيت، وتتفقوا على اسم”

أمأت برأسها بطيبة قبل أن تعيد نضراتها الفرحة الى ابنتها، لكنها تفاجأة بدخول يامن و إبنه يوسف، إبتسم يامن وسلم على زوجة والده قبل أن يتقدم من صابرة وقال بمودة “مبروك عليكي”
ابتسمت له وقالت بهدوء “ربنا يبارك فيك”
نضر لها بحزن وحب هو اللذي كان يعشقها و يحبها أكثر من نفسه فقط بسبب والده و فرق السن بينهم جعله يتركها و بعته لبلاد غريبة لأجل ألا يتعلق بها أكتر، كمْ تمنى أن تكون زوجته وتلك الفتاة ابنته، تنهد بعشق قبل أن يقول بعد أن نضر للفتاة الرضيعة “ما شاء الله يا صابرة شبهك”
ابتسمت صابرة له وقالت بعد أن نضرت الى ابنتها بحنان بالغ “حلوة مش كده”
اومأ برأسه وللحضة خالجه شعور الحب والود لها فقال “قمر شبه أمها”

حدقتْ بهِ ورمشتْ بأهدابها قبلَ أنْ تقولَ بحياءِ ” شكرا ليكُ “

تنهدَ منْ شدةٍ تقلُ مشاعرهُ وقالَ ” دا واقعٍ ، أنت جميلةٌ وبنتكَ شبهكَ “

كلماتهِ البسيطةَ أسرتها وجعلتْ قلبها ينبضُ دونَ شعورٌ بادلتهُ بنضرات كلها امتنانٌ ، بينما دالك الصغيرِ كانَ يحدقُ في تلكَ الرضيعةِ بشيءٍ منْ الغرابةِ ، اقتربَ منْ صابرةَ وجلسَ بقربها منْ الفراشِ ، نضرت لهُ باندهاشِ فقالَ مشيرا نحوَ الفتاةِ ” عيونها شبه الغزالِ “

صدمتْ هيَ ووالدهُ منْ كلماتهِ وحدقَ الاثنينِ بالفتاةِ ، تمعنَ كلا منهمْ عيونها ، الطفلُ صادقَ في كلامهِ ، تلكَ الطفلةِ لها عيونٌ مميزةٌ مختلطةٌ بينَ الأزرقِ والأخضرِ تجعلها شبيهةً بالغزالِ ، ابتسمتْ أمٌ راسخٍ قبلَ أنْ تتركهمْ لتتصلَ بابنها ، بينما نضرٍ لهُ والدهِ وقالَ ” أنتَ عاملٌ للبنتِ مسح ليزريٍ “

أومأَ لهُ ونضرٌ إلى صابرةَ وقالَ ” عايرَ أشيلها “

ابتسمتْ لهُ بودٍ و حنانٍ قبلَ أنْ تضعها بينَ يديهِ ، حدقَ بها مندهشا وسعيدا ، لا يصدقُ أن دالكَ الحجمُ الصغيرُ بينَ يديهِ ، ثمَ نضرٌ إلى صابرةَ مردفا بتساؤلٍ ” اخترتي اسمها ولا لا يا خالتي “

ابتسمتْ لهُ وقالتْ بحيرةُ ” لسه “

نضرٍ لها وقالَ بتساؤلٍ ” في اسمٍ معينٍ في بالكَ ”
نفتْ برأسها فقالَ بحماس ” أنا ممكنٌ أسميها ”
رفعَ والدهِ حاجبها وقالَ بغيضٌ منْ أفعالِ ابنهِ ” أمها وأبوها الليُ ممكنٌ يختارونَ ليها اسم “

نضرةً لهُ صابرةُ وقالتْ بمرحٍ ” طالما طلعتْ منهُ يبقى سيبهُ يختارُ ليها اسم “

ابتسمَ الصغيرُ وكدالكْ والدهُ الذي بدا مستغربا منْ أفعالِ ابنهِ ، نضر الصغيرِ للفتاةِ التي كانتْ تحدقُ بهِ وقالَ ” اسمها زمردٌ ”
حدقتْ بهِ والدتها مبتسمةً وقدْ نالَ الاسمُ استحسانها وقالتْ ” ماشي ، اسمها زمردُ يا قلبُ خالتكَ ”
ابتسمَ الصغيرُ ونضرٌ إلى الفتاةِ بمحبةِ بينما والدهُ ضحكَ ساخرا على وضعهِ و وضعُ ابنهِ اللذي يبدوا أنهُ أصيبَ بلعنةِ عيونِ الفتاةِ كما أصابتهُ هوَ لعنةُ عيونِ والدتها النادرةِ

بالفعلِ مرت الأيامِ والأشهرِ إلى أنَ باتتْ أعواما وقدْ اعتادتْ صابرةُ وابنتها وحدتهمْ ، تلكَ المشاكسةِ الصغيرةِ زمردٍ لمْ تكنْ سهلةً بلْ كانتْ شقيةً عكسَ والدتها ، تعلمتْ أنْ تحبيَ وتمشي ، ونطقَ الكلامِ بسرعةِ عكسَ أخيها الذي كانَ لا يزالُ يتعثرُ في الكلامِ ركضتْ تنزلُ الدرجَ بسرعةِ و،مرتْ منْ البهوِ هربا منْ والدتها بعدَ أنْ شاكستها منْ شدةِ شقائها ، ضحكتْ بسعادةِ بعدَ أنْ شاغبة والدتها التي بدأتْ تلاحقها دونُ توقفٌ كانتْ ضحكاتها الطفوليةُ عاليةً جدا ، توقفتْ بلْ تسمرتْ أمامَ بابِ الفيلا بعدَ أنْ نضرتْ إلى والدها يسبحُ رفقتْ ابنهُ فارسَ كما تسميهُ من وجهة نظرها، حدقت به بعيون متسعة حزينة محبطة، تعلم نفوره منها، إلا أنها رغم ذلك كانت تحاول مرارا وتكرار التقرب منه لعل قلبه يحين و يرأف بفؤاد طفلته التي ترغب فقط بعناق أبوي يشعرها بالدفيء والأمان، زفرت الهواء بهدوء تخرج كل تلك الأفكار السلبية و اقتربت من حافة المسبح و نادته بصوت كله أمل أن يحسن إليها ولو مرة “بابا”
ما أن سمع ندائها حتى التف لها وحدق بها بضيق وقال “عايزة إيه؟!”
أشارت إلى المياه وقالت مبتسمة “عايزة أتعلم أعوم”
نضر لها بإستخفاف وقال بحدة “لا، روحي جنب أمك، العوم للأولاد مش ليكي”
عيونها المختلطة حدقت به بتحد وقالت بعناد “عايدة أتعلم زي فارس”

شعر بتمردها ورمقها بحدة مردفا “أخوك راجل أنت بنت، يالا أمشي من هنا”
نضرة لأخيها بحقد وقالت بعد أن وجهت نظراتها الحادة إلى أبيها “أي معنى بتحبه وأنا لا، دا حتى خواف وأنا شجاعة عليه”
حدق بها أخوها بغيرة، لكن والدها استفزته كلماتها الحادة مثل نظراتها، وللحق بالفعل فارس كان يخاف عكسها هي التي كانت قوية وشجاعة، عندما لم يجد ما يقوله صرخ والدها عاليا باسم والدتها “صابرة”
كانت صابرة تقف بعيدا تستمع لحديتهم و فؤادها منكسرا من أجل ابنتها المحرومة من أبسط حقوقها وهي الأبوة التي رفض والدها إعطاءها ولو نضرة حنان تجبر بخاطر ابنته، بل يجعلها فقط ترى نفوره و كرهه لها، خرجت ونضرة بحزن لابنتها التي كانت تنظر إلى والدها بكره وغضب، ثم حملتها وربتت على ظهرها بحنان تواسيها حدق راسخ بضيق منها ومن ابنتها وأردف معنف اياها “ربي بنتك”
كادت أن تجيبه تلك الطفلة إلا ان والدتها أشارت لها أن تسكت وغادرت بها صامتة، أخدتها الى غرفتها قامت بإنزالها على الأرض وأقفلت الباب وعادت اليها تربت على شعرها بحنان “عيب اللى عملتيه”
جلست منزعجة وقالت بتأفف بينما تلعب بقدميها “راسخ بيكرهنا؟!”
تألمت والدتها من حديثها إلا أنها أخفت مشاعرها وقالت لها بعتاب “، دا أبوكي”
تأففت وقالت باعتراض جازم “مش بحبني ولا بحبك، بيضربك وبيضربني”
نضرة بحزن لابنتها، و كادت أن تتكلم إلا أن صوت نداء باسمها جعلها تستقيم مغادرة للأسفل، ابتسمت تلقائيا بعد أن لمحت يامن هو الذي يناديها، نضر لها بحنان وقال “أزيك يا صابرة”
هزت رأسها وقالت “الحمد لله وأنت”
ابتسم وقال “كويس طالما أنتِ كويسه”
“أتفضل ارتاح” قالتها وأفسحت له الطريق للجلوس وجلست مقابله، كاد أن يتكلم إلا أنه انتفض أثر صوت تلك المشاغبة
“بابي يأمن” صرخت بها بقوة وهي تقفز الدرج بسرعة، استقام وأسرع نحوها يلتقطها احتضنته بقوة وقبلت خده مردفة “عامل ايه يا منمن، وفين إبنك”
حدق بها منصدما وقال “تعلمتي من فين الكلام دا؟!”
“من الشارع” قالتها بتلقائية
ضحك بصوت عال على شقائها بينما فاجاه ابنه اللذي أخذها منه وقال لها بعد أن رفع حاجبه “كبرتي يا غزال”
قلبت عيونها بملل، فأنزلها بحذر فقالت “عايزاك تعلمني أعوم يا يوسف”
ابتسم و انحدر الى مستواها قائلا “من عيني ياغزال”
تأففت بحنق من دالك الاسم الذي بات يناديها به كل ما رأها وقالت بضيق “ليا اسم مش غزال”
ضحك بخفة وأمسك بأنفها يجدبه مغيضا اياها وقال “أعمل ايه عيونك شبه الغزال”
مطت شفتيها واحتقن وجهها من سخريته، رفعت قدمها ودهست قدمه اليمنى بقوة آلمته وقالت بضيق “أنجز”
حدق بها بعيون حادة من أفعالها المتهورة كاد أن يمسكها ليرفعها من قدمها إلا أن صوتها الحزين أوقفه “راسخ ضربني ثان، عشان عايزة أتعلم أعوم زي ابنه”

أغمضت والدتها عيونها بألم وكدلك نضر لها يامن بحزن، الجميع بات يعلم أنه يعامل ابنته بنفور وكره
تغيرت ملامحه يوسف الحادة ونضر لها بحزن وحملها بهدوء للخارج، أجلسها بجانب المسبح وجلس بجانبها عم الصمت للحظات قبل أن ينطق “عمي هو أبوكي، عيب تناديه باسمه”
شعرت باختناق تنفسها وتلألأت الدموع بعيونها وتحدثت بصوت حان حزين “اسمه راسخ، وهو يكرهني أنا وأمي وأنا بكرهه”
تنهد بيأس من حالتها للحق هي لا تكدب أي شخص لديه أب مثل راسخ سوف يحقد عليه، لكنه مهما حدت هو والدها بكل الأحوال ويجب عليها احترامه، مما جعله يعاتبها بحنان “مهما حصل هو أبوكي”
إبتسمت تنضر للماء لوهلة وقالت بكسرة رغم صغر سنها “كان نفسي، بس بيكرهنا وبحب مراته وإبنه، بكرة او بعده مراته تولد ثان، بعدها يرميني أنا وأمي برة”

أتسعت حدقيتها فاحتضنها بلطف وقبل رأسها وقال “بكره يتغير، ويحبك”
نضرة له مبتسمة ونفت برأسها هي باتت تعرف الوضع ولا أحد يستطيع تغير فكرتها عن أبيها بعد أن عاشرته وعلمت مدى كرهه لها هي و والدتها “أنا بالنسبة ليه مش موجودة، حتى النضرة مش بكملها فيا، لا أنا ولا أمي عشان أنا بنت صابرة مش مياسين، بشوفوني زي الوحش، هو أنا بشعة”

حدق بها لبرهة غير مصدق أن هذا الكلام يخرج على لسان طفلة عمرها اثني عشر سنه، قبل رأسها بحنان قائلا بمواساة “إنتي ملاك، قمر قليلة في حقك، وبعدين يا غزال، في حد بعيون شبه دي يتقابل عنه مش حلو”

ابتسمت تدس نفسها بأحضانه أكثر وقالت بعفوية “تعرف إني بحبك، أنت بتهتم بيا،بدل أبويا”

هي لا تعلم أن ذلك الشاب يعشقها حد النخاع يعلم أنه أكبر منها لكن تعلقه بها مثل تعلق الطفل بوالدته كلامها العفوي الطفولي أكثر شيء جعله يتأكد أنها له وحقه، لكن فقط سينتضر قليلا حتى تبلغ سن الرشد ،عندها لن يمنعه أحدا عنها، ابتسم ناضرا لها بعشق قائل بود “وأنا بحبك يا غزال”

ابتسمت بسعادة، سريعا ما تغيرت ملامح وجهها وصرخت بصوت عال بعد أن دفع بها إلى المسبح و وقعت به، شهقت بقوة وقالت بغضب، “أنت مجنون”

القى بنفسه اليها وقال بعد أن أمسك بها حتى لا تغرق “من يومي يا غزال مجنون بيكي، تعالى أعلمك تعومي، دا أنا حتى أحلى من أبوكي”

نضرت له بضيق ثم ضربته بيدها الصغيرة بقوة على بطنه، ضحك على ردة فعلها وقال بهدوء بعد أن أمسك يدها “يابنتي أنتِ كلك اثناشر سنة إتهدي”

اشتعلت عيونها بروح التحدي بعد أن سخر من سنها، رشته بالماء الموجود بالمسبح، ضحكت على منظره بعد أن انتفض، حدق بها بتحد محاول الامساك بها، لكنها كانت تهرب منه، ضل يلاعبها لعله ينسيها قليلا من وحدتها وحزنها، ويعوضها عن حرمان حنان أبيها، كانت والدتها تنظر لها عبر الحائط الزجاجي تبتسم، وتحمد الله على سعادة ابنتها الحالية، حدق بها يامن وقال مبتسما “أنت كويسه يا صابرة”
نضرة له بامتنان وقالت “الحمد لله”
أومأ برأسه وقال “راسخ بعاملك كويس”
ابتسمت وقالت “الحمد لله”
علم أنها لن تقول أسرار بيتها أو حتى أن عاملها بقسوة لن تفضحه أو تفشي سره، حدق بها بحزن دفين، فهو يعشقها ولكن كان للقدر رأي آخر، حمحم قبل أن يحدق بها وقال “إتصلتي بيا، قولتي موضوع مهم، أنا سامعك”
كانت تنظر إلى ابنتها وتبتسم على بسمتها ثم نضرة له قائلة ” عايزة منك طلب”
نضر لها باستغراب وقال “من عيني أنت تأمرين”
ابتسمت له بامتنان وقالت بحزن “الحياة والموت واحد، وأنا خايفة على بنتي، خافية عليها من الحياة وهي صغيرة”
أجابها بحنان “بعد الشر عليكي، إنتي لسه صغيرة ، وإنشاء الله تشوفيها عروسه”

سقطت دمعة شاردة من عيونها وقالت بعد أن نضرت بعيونه “عايزاك تجوز إبنك بنتي، لو حصلي حاجة، تبقى إنت وهو سند ليها”
حدقَ بها مندهشا وقالَ بهلعٍ بعدَ أنْ دقَ الخوفُ قلبهُ ” بتقولي إيهْ يا صابرةُ ، إنْ شاءَ اللهُ تعيشينَ وتشوفي عيالَ عيالها ”
كادتْ أنْ تخونها دموعها وقالتْ ” زمردَ طيبةَ ، بسْ مشَ شبهي ، أخدتْ طبعُ أبوها ممكنٌ تبقى قاسيةً ، أنتَ ويوسفْ تقدروا عليها تطلعُ الحقدِ منْ قلبها ”
التمعتْ عيونهُ بالدموعِ وقالَ بعدَ أنْ دقَ قلبهُ بألمٍ لأجلها ” فيكي إيهْ يا صابرةُ ” نضرتْ لهُ وقالتْ بعدَ أنْ لمحتْ نزولَ زوجها ” أوعدني ” حدقَ بها حائرا وخائفا فقالتْ بترجي ” أوعدني ” تنهدٌ وقالَ بضعفٍ ” أوعدكَ ” ابتسمتْ ورحلتْ للمطبخِ منْ ثمَ جلسَ هوَ رفقتْ راسخٍ ، وعقلهُ مشغولٌ بتلكَ التي وعدها مندْ قليل جلسَ راسخٌ وحولَ نضرهُ نحوَ الحائطِ الزجاجيِ ، ما أنْ رأى ابنتهُ تتعلمُ السباحةُ رفقةَ يوسفْ حتى انتفضَ واقفا ، حدقَ بهِ يامنْ باستغرابِ وقالَ بتساؤلِ ” مالكْ ؟ ! ” لمْ يجبهُ بلْ خرجَ مسرعٌ نحوَ المسبحِ تبعهُ يامنْ ، كانتْ تضحكُ منْ كلِ قلبها بعدَ أنْ تعلمتْ السباحةُ وقدْ جعلها يوسفْ تجربُ المسبحَ العميقَ ليتأكدَ منْ تعلمها ، ابتسمَ على شجاعتها لكنْ لمْ تدومَ ابتسامتهُ طويلاً حتى صرخَ بهمْ يامنْ ” بتعملْ إيهْ أنتَ وهيَ ” حدقَ بهِ يوسفْ يتعجبُ لانفعالهِ وقالَ ببساطةِ ” بعلمها تعومُ ” هتفَ بسخريةِ ” تعلمها تعومُ ولا تتحرشُ بيها ” حدقَ بهِ بدهولْ وكدالكْ يامنْ الذي صدمَ منْ كلامِ أخيهِ ، نضرتْ لهُ ابنتهِ بضيقٍ وقالتْ باستفزازٍ ” يعلمني عشانِ ماليش آبَ يعلمني ، لقيتْ الخيرَ في ابن عمي ، الليُ مش لقيتهُ فيكَ ”
جحضتْ عيونُ الجميعَ منْ لسانها السليطِ خوفا عليها منْ غضبِ والدها ، الذي أصبحَ مثل الثائرِ على وشكِ الانفجارِ ، خرجتْ منْ المسبحِ وكدالكْ يوسفْ الذي جدبها خلفهُ ، يحميها منْ غضبِ والدها ، ووقفَ أمامهُ بالمرصادِ قائلاً ” معلشْ يا عمي بسْ أنتَ زودتها ، دي عيلةٌ “

حدقَ بهِ بغضبٍ جامحٍ وصرخَ بهِ ” بعدَ أنْ أبعدهُ وجدبٍ ابنتهِ بقوةٍ منْ خلفهِ ثمَ نضرٌ لهُ غاضبا قائلاً بهمجيةٍ ” اطلعَ برةً آخر مرةٍ أشوفكْ في بيتي وجنبُ بنتي ” حدقَ بهِ يوسفْ بغضبٍ وقدْ فلتتْ منهُ أعصابهُ وقالَ بانفعالِ ” بنتكَ على أساسِ إيهْ دا أنتَ حتى حضنِ حارمها منهُ ، منْ يومِ ما خلفتها وأنتَ راميها ، لما تقربَ منها بسْ عشانِ عايزْ تضربها لوْ على آبَ زيكَ بلاهُ ”
احمرتْ عيونٌ راسخٍ وأرادَ أنْ يردَ على كلامِ يوسفْ إلى أنْ يامنَ هدرٌ بابنهِ ” يوسفْ ، الزمْ حدكَ دا عمكَ مهما حصلَ ” كادَ أنْ يعترضَ إلى أنَ نضرات أبيهِ الحادةَ كانتْ كفيلةً بإسكاتهِ ثمَ حولَ نضرهُ إلى أخيهِ وقالَ بأسى ” ابني متربي يا راسخٌ ، أنتَ كنتَ محتاج سببٍ تطردنا ولقيتهُ ، وبنتكَ هوَ أحنّ واحدٌ عليها ، حتى أكثرَ منكَ ، هوَ فعلاً مشَ منْ حقهِ يعلي صوتهُ عليكَ ، بسْ ابقى أبُ لبنتكَ الأولَ وبعدها حاسبَ الناسِ ” هتفت كلماتهِ ثمَ نضرٌ إلى الصغيرةِ التي كانتْ تدرفْ الدموعُ خوفا منْ رحيلِ يامنْ أوْ يوسفْ ، ابتسمَ لها وقالَ ” إنْ شاءَ اللهُ أولَ ما تكملينَ سنُ الرشدِ هاجي أخدكْ منْ هنا ” ثمَ رفعٍ نضرهُ الحادَ إلى أخيهِ ” غصبَ عنكَ هاخدْ البنتِ ، بسْ الآنِ هاخدْ ابني وأمشي ، ويومَ ما أرجعَ هاخدها بصفتها مراتِ ابني ” قالَ كلماتهِ وجدبَ ابنهُ مرغما الذي كانتْ عيونهُ على طفلتهِ وحبيبتهِ ، جدبتْ يدها منْ أبيها بنفورٍ ولحقتْ بهِ صارخةٌ باسمهِ ” يوسفْ”
رغمَ عنهُ التفَ ونضرٌ لها بضعفٍ ركضتْ نحوهُ واحتضنتهُ بقوةٍ ، شعرتْ بأنها ستفقدُ سندها وأمانها ما أنْ يخرجَ منْ البابِ ، بكتْ بقوةٍ وسقطتْ دموعها مثل المطرِ لا ترغبُ بتركهِ ، كمُ ألمهِ قلبهُ عليها شددَ عليها بقوةٍ يحتضنها خوفُ منْ تركها بينَ يدي أبيها الذي لنْ يرأفَ بها ، همستْ قربَ أذنهِ ” أرجوكُ متسبنيشْ ، خليكْ جنبي محتاجةً ليكُ ” تنهيدةً مثقلةً خرجهُ منْ قلبهِ الذي صرخَ حزنٌ على طفلتهِ ، لكنَ والدها لمْ يتركهمْ بسلامِ بلْ جدبها بقوةٍ منْ بينِ أحضانهِ وهيَ متشبثةٌ بهِ ترفضُ تركهُ تعلمَ أنْ تركتهُ لنْ تراهُ مجددا هكذا أخبرها قلبها ، رغمَ عنهُ اضطرَ أنْ يتركها وقالَ بوعدٍ ” أرجعَ وأخدكْ معايا ” نفتْ برأسها تحاولُ الإفلاتَ منْ يدِ أبيها وتحدثتْ بترجي ” أرجوكُ متسبنيشْ لوحدي “

أغمض عيونه بقوة من ذلك الإحساس الذي يحثه على أن يأخذها جبر وعدوان من يد والدها، إلا أن والده ربت على كتفه مواسيا وقال بهدوء “نرجع، وناخدها معانا”

أومأ له صامتا واستقام حامل تلك المشاعر التي كادت أن تؤدي وتهلك حياته من شدة تقلها مغادرا نحو الخارج، جدبها والدها بعنف وعيونها مسلطة على منقدها الذي رحل إلى أن دخل بها إلى السرايا وتركها بعنف جعلها تسقط على الأرض، خرجت صابرة إثر سماعها صراخ ابنتها، حدق بها راسخ بضيق وقال بصراخ “البنت دي مش متربية”
حدقت فيه زمرد بقوة وصرخت به “متربية غصب عنك”
صفعة منه جعلتها تسقط أرض، التقطتها والدتها ونضرت له بترجي تستعطفه أن يحن على صغيرتها “دي عيلة، حرام عليك اضربني أنا وسبها هي”

نَضِر لَهَا بِاسْتهْزاء وَقَال ” مَا البنْتُ مِش مُتَربيَة تُطْلِع لِمين مِن غَيرِك ” نَضرَة لَه بِأَلم وأسْرتهَا فِي قلْبهَا بيْنمَا أَضَاف بِصراخ ” اِبْن يَامِن مِشُّ هِيعتب هُنَا ثَانِي ، وبنْتك رُبيَهَا ” قال كلماته وغادر بيْنمَا كَانَت زُمُرد تَبكِي فِي أَحضَان صَابِرة بِقوَّة اَلتِي بكتْ بِالْمقابل على مَا أَصَاب اِبْنتَهَا ، أبْعدتْهَا عن أحْضانهَا واحْتضنتْ وجْههَا بِكفوف يَدهَا تَمسُّح دُموعِهَا بِإبْهامهَا وقالتْ بِحنان ” مَا تَبكِيش ” اِزْدَاد نحيب الصَّغيرة وقالتْ بَعْد أن اِنْهارتْ دُموعَهَا ” بَعْد عُنِي يُوسُف ، طَردُه ، مِين هِيطْمن عُليَا ثانٍ ، أنَا بِكرْهه ” اِحْتضنتْهَا والدتهَا لِتبْكي بِالْمَثل وقالتْ ” رَبنَا يُجْبِر بِخاطِري وَخاطِرك يَا بِنْتِي ” أَخذَت الأيَّام تَمُر ، ولم تَعُد تُحَاوِل أن تَصلُح علاقتهَا بِوالدهَا بل أَصبَحت تتجنَّبه أَكثَر مِن الأوَّل ، اِنْتدَبتْ غُرفَة والدتهَا اَلتِي بَدأَت تَظهَر عليْهَا أَعرَاض التَّعب والْخمول ، تَنهدَت بَعْد أن رأتْهَا نَائِمة ، لَكِنهَا فَزعَت بَعْد أن صَرخَت صَابِرة مُتَألمَة ، نَضرَت لَهَا اِبْنتِهَا بِخَوف وقالتْ ” مَامَا أَنْت كُويْسَة ” نفتْ بِرأْسِهَا واشْتدَّ أَلمُها بكتْ بِحرْقة أخافتْ اِبْنتهَا ، تَحركَت زُمُرد بِسرْعة وخرجتْ مِن غُرفَة والدتهَا تُنَادِي بِاسْم وَالدِها مِن شِدَّة هلعهَا ، كان على باب اَلمنْزِل يُسْنِد زوْجته اَلتِي جاءهَا ألم المخَاض ، رَكضَت مِن أَعلَى الدَّرج لِأسْفَله بِقدميْهَا الحافية مُتَوجهَة نحْوه ، أَمسَكت بِيَده وقالتْ بِهَلع ” بَابَا مَامَا مَوجُوعة فَوْق بِتصْرخ ساعدَهَا ” هَدْر بِهَا بَعْد أن صَرخَت زوْجته مِن ألم المخَاض ” غُوري مِن وشيْ أَنتِي وَأُمك “

بكتْ كتيرا ونزلتْ إلى الأرضِ تركعُ وأمسكتْ قدمهُ وقبلتْ يدهُ وقالتْ بانهيارٍ ” أرجوكُ يا راسخٌ ماما فوق بتموتْ ساعدها ”
استمعَ إلى تأوهاتٍ مياسينْ بعدُ أنْ ازدادَ الألمُ عليها ونفضَ يدُ ابنتهُ منْ على قدمهِ بعدَ أنْ دفعها بقوةٍ وقالَ بحدةِ ” ياريتْ تموتَ وأخلصَ ” ثمَ حملَ زوجتهُ وغادرَ هوَ وأختهُ إلى المستشفى دونَ اهتمامٍ إلى استنجادِ ابنتهِ الصغيرةِ ، انهارتْ ، ودموعها تساقطتْ بقوةٍ ، أسرعتْ رغمَ ألمِ جسدها إثرَ دفعتْ والدها ، ركضتْ إلى والدتها ونضرت لها برجاءٍ بعدَ أنْ احتضنتها وقدمتْ لها المياهُ وقالتْ برجاءٍ ” اشربي يا ماما ” نفتْ والدتها وقالتْ بضعفِ ” مشٍ قادرةٍ ” نضرت إلى والدتها المريضةِ بحرقةٍ وأمسكتْ بيدها بقوةٍ وقالتْ بخوفِ ” ماما أوعي تسبيني ، أنا ماليشْ غيركَ ” سقطتْ دموعُ والدتها وقالتْ بحرقةٍ ، تعلمَ أنها ستتركُ ابنتها وحيدةً والآنِ حانَ وقتُ كلماتِ الوداعِ ” اسمعيني يا حبيبتي ، عايزاكْ قويةً زيَ ما أنتي ، لكنَ مشَ عايزة تكرهي حدّ ، هوَ مهما كانَ أبوكي ، خلي قلبكَ أبيضٍ دائما ” احتضنتْ والدتها وقالتْ بضعفِ خوفِ أنْ تتركها وحيدةً ” وحياتي عندكَ ما تسبيني يا ماما ، مشُ هتشاقىْ ثانٍ ، ولا أعملُ مشاكلُ ” لمْ تتحركْ والدتها أوْ تردُ عليها نضرتْ لها وجدتها ساكنهُ وعيونها مفتوحةٌ تنضرْ للصقفْ أنسابهة دموعها وهيَ تحتضنُ جسدَ والدتها ، صرختْ بأقصى مالديها ” ماما ” ضلتْ ترددها بصوتٍ عالٍ وتبكي في حضنِ والدتها التي فارقةٍ الحياة

تلكَ المسكينةِ تحاولُ أنْ تستمدَ الأمانَ منْ أمها ، وتبكي بصمتٍ ، دخلتْ جدتها وألقتْ نضرها عليها ، نادتها بصوتٍ خافتٍ ، التفتَت لها زمردُ وعيونها حمراءُ بحقٍ وقالتْ بصوتٍ هادئٍ ” ماما نامتْ ” وضعتْ جدتها يدها على ثغرها منْ شدةِ صدمتها وعادتْ زمرد تتوسدُ صدرَ والدتها ، اقتربتْ منها جدتها وقالتْ بعدَ أنْ انسابتْ دموعها ” تعالى يا حببتي ، سبيها ” لمْ تجبها بلْ نضرةً إلى والدتها وقالتْ بعدَ أنْ مدتْ يدها ترسمُ ملامحها تغرسها بقلبها ” حببتي يا ماما ، أنتَ مرتاحةٌ هكذا كنتَ عارفةً ، وعارفةٌ إنكَ بتخافْ تبقى وحيدةً أنا مشُ هسيبكْ أبدا ، هبقىْ جنبكَ “

تألمتْ جدتها على ما حلُ بها واتصلتْ بابنها راسخٍ تخبرهُ بما حدثَ ، نزلَ عليهِ الخبرُ مثل الصاعقةِ والصفعةِ التي زلزلتهُ ، هوَ لمْ يقصدْ موتها بالفعلِ ، فقطْ كانَ متوترا وضنَ أنهُ ليسَ بالأمرِ الخطيرِ ، ولمْ يلتفْ حتى للاطمئنانِ عليها ، تركها للموتِ ولمْ يرفْ لهُ جفنُ منْ أجلها سريعا ما أنْ تمتْ مراسمَ الغسلِ وحملوا التابوتَ للخروجِ بها منْ المنزلِ إلى المقبرةِ ، ما أنْ وصلوا إلى البابِ يحملونَ الصندوقُ الذي بهِ والدتها حتى انخلعَ قلبها وشعرتْ بالفراغِ واهتاجتْ بقوةِ خوفِ منْ فراقِ أمها تعلمُ أنها إنْ خرجتْ لنْ تعودَ مجددا ، وستبقى وحيدةً ، وهيَ تكرهُ الوحدةُ ، أمها أمانها سندها حضنها الدافئُ كلَ هدا ستفقدهُ ، ركضتْ إلى بابِ المنزلِ تصرخُ بكلِ ما أتاها منْ قوةِ ” ماما ، ماما ارجعي ” تبعتهمْ للخارجِ تركضُ دونَ توقفٌ ، أمسكتْ بها زوجةُ أبيها فقالتْ بضعفٍ بعدَ أنْ سقطتْ على الأرضِ ” ماتاخدوشْ أمي ، رجعوها ، أنا محتاجٌ ليها ، دي ظهري وسندي ، ماما ، مين أسندَ راسي عليهِ ثانٍ ، ليهُ سبتيني “

استقامتْ وركضتْ إلى غرفةِ والدتها نامتْ على فراشها تمسكتْ بهِ تبكي مقهورةً منْ شدةِ ألمها وانهيارها ، حتى فقدتْ وعيها هيَ بالأخيرِ طفلةً صغيرةً السنِ عقلها لا يستطيعُ تحملَ كلِ تلكَ الضغوطاتِ حولها ، أتى الطبيبُ وتكفلُ بإعطائها عدةَ مهدئاتٍ جعلتها تنامٍ لأكثرَ منْ تلاتة أيامٍ ، استيقظتْ أخيرا ، تذكرتْ ما حدثَ وفقدانها لصابرةٍ ، احتضنتْ فراشَ والدتها بقوةٍ منْ ثمَ استنشقتْ رائحتهُ ، سقطتْ دموعُ اشتياقها لها ، بكتْ منْ شدةِ حرقتها ، وتحاملتْ على ذاتها وخرجتْ منْ الغرفةِ نزلتْ الدرجَ ونضرتْ إلى أبيها الذي يضحكُ رفقةَ زوجتهِ على ابنتهِ التي أنجبتها وأمامهُ فارس الذي يلعبُ معهُ ، شعرتْ بالغيرةِ والحقدِ ، وهتفتْ بكرهٍ ، بعدُ أنْ اقتربتْ منهُ ووقفتْ أمامهُ ” قتلتْ أميٍ عشانِ بنتكَ دي ” حدقَ بها والدها واستقامَ متوجها نحوها وقالَ بهدوءِ ” الحمدَ للهِ على سلامتكَ ”
ابتسمتْ باستهزاءِ وقالتْ ” كأنها تهمكَ يا راسخٌ ” صدمهُ ردها وقالَ بضيقِ محاولَ تفهمَ وضعها ” اهدي يا زمردٌ ، بطليٍ تقلي أدبكَ ”
ضحكتْ بسخريةِ على وضعها وحولتْ نضرها إلى زوجتهِ وقالتْ بعد أن علتْ ابتسامةً حقودة شفتيها ” أنتَ والحيزبونيهْ السببُ في موتٍ أميٍ ربنا ينتقمُ منكمْ ” فارٌ غضبهُ منها وصفعها بقوةٍ على خدها جعلتْ الدماءُ تنزلُ منْ فمها وقالَ بصراخٍ اهتزتْ لهُ جدرانُ السرايا ” الزمي حدكَ لوْ عايزة تعيشي هنا “

نضرةً لهُ باستفزازٍ وقالتْ بتمردٍ تحدقُ بهِ بقوةِ ” راسخٍ أنا مشُ صابرةَ ، الليُ تصبرُ على ذلكَ وقهركَ ليها ، ولوْ على الضربِ إتعودتْ عليهِ منكَ ، وأنا ما يشرفنيشْ أبقى بنت واحدٍ غدارٍ زيكَ ”
كادَ أنْ ينقضَ عليها إلا أنها صرختْ بهِ بقوةِ ” شيلْ أيدكَ عني ” صدمَ منْ ردها الذي تجمعَ على إثرهِ كل منْ في المنزلِ ، أمسكتْ بهِ زوجتهُ وقالتْ بهمسِ ” سبها أكيدٌ الصدمةِ مأثرةً عليها ” قالَ بصوتٍ عالٍ غاضبٍ ” البنتِ دي مشٌ شافيةٍ تربيةٍ وأنا هربيها ”
حدقتْ بهِ بكرهٍ وقالتْ بحرقةٍ منْ ألمِ فراقِ والدتها ” أنا مشُ هبقىْ ثانيةً في بيتكَ ، منْ زمانِ وأنتَ ناكرٌ إنَ ليكُ بنتٍ ، بسْ أنا اليومَ بنكرٍ وجودكَ ، صابرة ماتتْ وبنتها كمان ، كذا ارتاحَ معَ الحيزبونيهْ بتاعكْ وعيالها ، وزيَ ما أنا يا راسخُ إترجيتكْ وبوست أيدكَ عشانِ تنقدُ أمي وسبتها تموتَ قدامَ عيني ، ربنا كبيرُ وهشوفكْ في يومٍ واقفٍ قدامي وبنفسِ مكاني بتطلبِ مني أنقدُ غاليكْ هيكونْ ردي واحدٌ ” ياريتْ يموتَ ونخلصُ ” افتكرَ دا كويسْ نضر لها غيرُ مصدقٍ ما يخرجُ منْ فمٍ قاصرٍ ثمَ تركتهُ وتحركتْ نحوَ البابِ مغادرةً ، صرختْ بها والدتهُ ” تعالى هنا ” التفتَ لها وقالتْ بحقدِ ” زيكَ زيَ ابنكَ ربنا ياخدكمْ ”
نضر لها والدها بتحدٍ وقالَ ” لوْ طلعتي عمركَ ترجعي”
سقطتْ دمعةً منْ عينيها وقالتْ بعدَ أنْ ابتسمتْ بألمِ ” لوْ كنتُ بموت عمري ما أرجعَ بيتكَ أوْ حدٍ يعرفُ أنَ ليا أيَ صلةِ بيكْ ” قالتْ كلماتها وغادرتْ بسرعةِ تركضُ للخارجِ فتاةً في الثانيةِ عشرةَ منْ العمرِ تركضُ ليلاً وحدها دونَ أيْ مأوى أوْ ملجأٍ ضنَ والدها أنها فقطْ هاويةً لا تقدرُ على فعلِ شيءٍ لكنْ لمْ يعلمْ أنها بالفعلِ على قدرِ كلماتها

بعد ساعة دخلَ يامنْ رفقُ ابنهِ بعدَ أنْ وصلةِ خبرِ موتِ صابرةَ متأخرٌ ، حدقَ بأخيهِ وقالَ بحدةِ ” أينَ زمردٌ ؟ ! ” نضر لهُ ببرودِ عكسَ تلكَ التياراتِ القلقةِ بداخلِه وقالَ ” راحتْ ”
صرخَ بهِ قائلاً ” راحتْ فينْ ”
هدرَ بهِ بقوةٍ ” ماتتْ ، البنتُ مشَ بنتي ، وماتتْ دا أخرى معاكمْ ، والآنُ تطلعوا برةٌ ”
دهشَ يأمنُ منْ كلامِ أخيهِ وخرجَ رفقةَ ابنهِ يبحثانِ عنها إلا أنهمْ لمْ يجداها ، استمرَ بحتهمْ مدةً طويلةً تحولَ إلى أشهرِ وأخدتهْ أعوام ولا أحدَ يعلمُ أينَ زمردُ ابنةِ صابرةَ

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مرارة العشق)

تعليق واحد

  1. انا صاحبة رواية مرارة العشق واضن إنتشرت من غير علمي والغلاف متغير وانا مش في علمي حاجة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى