رواية مذكرات فيروزة الفصل الخامس 5 بقلم شيماء آل شعرواي
رواية مذكرات فيروزة البارت الخامس
رواية مذكرات فيروزة الجزء الخامس
رواية مذكرات فيروزة الحلقة الخامسة
أقتربت من الباب المكتب ودفعته على أخره ليتصنم جسدها عندما وجدته يحتضن تلك الفتاة فى وضع غير لايق وهو يقبلها، سقطت من يديها تلك الملفات الذى صدرت صوت أرتطاماً قوياً جعلتهما من أثرها ينتفضوا من فعلتهما هذة، نظر إلى “فيروزة” الذى شحب وجهها وأنهمرت دموعها على خديها جاء أن يقترب منها ففرت هاربه من أمامه إلى الخارج، استوقفته تلك الفتاة قائلة:
أنت هتخرج كدا خد البس قميصك الأول.
أخذه منها وأرتداه سريعاً وقام باللحاق بها قبل أن تفعل شيئاً يدمره..
فى القصر
دخل “وليد” مهرولاً وهو ينهج وأخذ ينادى عليها بصوت عالٍ و نظر حوله فى أركان المنزل، ثم أقترب من جدته بتوتر متسائلاً: تيتا هى فين فيروزة.
الجدة باستغراب: فيروزة خرجت من بدرى ولسه مجتش.
وضع يديه على شعره يشده بضيق ليقول “عامر”: فى ايه ياوليد شكلك مش مطمنى هو حصل حاجة.
ابتلع ريقه بخوف وقال بتوتر: أبدا مفيش حاجة.
عامر: أومال مالك مش على بعضك ليه.
“وليد” بنفاذ صبر: ياعمى قولتلك مفيش.
تحدث والده “خالد” قائلاً: ماهو واضح أنه مفيش.
أمسك “وليد” هاتفه ليرن عليها ولكن هاتفها مغلق:
الهانم تليفونها مقفول.
نظر إليه “عامر” بقلق : رن عليها تانى يابنى.
جاء أن يتصل بها ثانياً ولكن أنزل هاتفه عندما وجدها تدخل من باب القصر ويبدو عليها الحزن والانكسار، بدأت “فيروزة” تخطوا خطواتها بخذلان وقهر ثم رفعت رأسها تنظر إليهم بعيون حمراء منتفخة من البكاء اقترب منها والدها سريعاً عندما وجدها بتلك الهيئة المخزية وقال: حبيبتى روزا فيكى ايه أنتى كويسة.
نظرت إليه بعيون مجهدة : عمرى ما كنت كويسة، ثم أبتعدت عنه وأقتربت من “وليد” الذى أرتبك من نظراتها التى شعرته بالخوف وقفت أمامه وخلعت الدبلة من يديها والقتها بوجهه تحت صدمت الجميع..
وليد: فيروزة أنتى اتجننتى ايه اللى عملتيه دا.
أردفت بهدوء عكس ما بداخلها: بالعكس دا أكتر وقت أنا كنت عاقلة فيه.
تحدث “عامر” بحده: ممكن أفهم في ايه.
– تحب تقولهم ولا أقول أنا.
الجدة بأستغراب: تقولنا على ايه يابنتي وليه قلعتي دبلتك.
عامر بنفاذ صبر: حد فيكم ينطق ويخلصنا.
أردفت “فيروزة” وهى تنظر إلى “وليد” بنظرات ذات مخزة قائلة: مفيش حاجة يابابا … هو بكل بساطة أنا مش حابة أكمل فى الخطوبة دى مش أكتر.
وليد بعصبية: مش بمزاجك علشان تقولى أنك مش حابة تكملى ياحلوة والجوازة دى هتم غصب عنك فاهمة.
تحدث “خالد” بغضب: وطى صوتك يازفت واتكلم أحسن من كدا مع بنت عمك.
“فيروزة” بضيق: وأنا مش هكمل وأعلى مافى خيلك اركبه.
“عامر” بهدوء: روزا ممكن تفهميني ليه بس مش حابه تكملى ايه اللى حصل خلاك رافضة الجوازة دى بعد ما كنتى موافقة عليه علشان بتحبيه.
تحدثت بحزن قائلة: كنت بحبه بس بعد ما شوفته مع واحدة فى المكتب وكانوا فى وضع مقرف نزل من نظري وبقيت أحس بالكره و القرف ناحيته أنا كنت مخدوعه فيه ومكنتش أعرف أنه شخص رخيص وخاين بالشكل دا أنت أحقر وأزبل واحد شوفته فى حياتى ياوليد أنت بنأدم حقيير ومش راجل.
أقترب منها “وليد” بغضب رافعاً يديه وصفعها بعنف على وجنتيها وقال :
– ألزمى حدودك معايا يافيروزة و..
لم يكمل حديثه بسبب تلك الصفعة التى تلقاها من “عامر” الذى قال بغضب: القلم دا علشان تجرأت ورفعت أيدك القذرة دى على بنتي ياحيوان أزاى تسمح لنفسك تعمل كدا مش كفاية وسختك اللى بتعملها كل يوم وأنا ساكت و حذرتك كذا مرة ولكن ديل الكلب عمره ما يتعدل، أنا كنت صابر وساكت بس علشان خاطر بنتى وعلشان مكسرش قلبها لكن أنت واحد زباله ومتستهلش ضفر واحد منها.
تحدثت “نادية” قائلة: أنت بتضرب ابن أخوك علشان واحدة جايبها من الشارع ياعامر بيه و بعدين ياخويا هو كان فى حد أصلا هيوافق يتجوز واحدة زيها وأصلها مش معروف وبعدين أنت مش شايف سنها اللى كبر ويعالم كانت هتلحق تخلفنا حتة عيل ولا لأ فهى تحمد ربنا أن أبنى أتكرم وخطبها بدل ماكان زمانها قاعدة بايرة ومحدش معبرها.
نظرت إليها “فيروزة” بعيون باكية وبدأت تشعر بالقهر من كلامها، ليكمل “وليد” حديث والدته فقال:
– وبعدين ياعمى أنت عمال تقول بنتى بنتى وهى ولا بنتك ولا نيلة أنت معندكش غير بنت واحدة مش دا كلامك بردو اللى ديماً بتقوله فمتعملش بقا فيها دور الأب الحنين اللى بيعطف على الكل
أسكته والده “خالد” بغضب قائلاً: أتكلم عدل يازفت مع عمك.
وليد: أتكلم زي ما أنا عايز يابابا محدش له دعوه بيا، ثم حول نظره إلى “فيروزة” ليقول بأشمئزاز: أنا عمرى ما حبيتك أنا كان ليا غرض معين من الخطوبة دى و كنت بتسلى بيكي وبعد ما أخد اللى عاوزه منك كنت هرميكى زيهم وبعدين أوعى تنسى نفسك ياحلوة وتنسى أصلك أي أحنا جايبينك منه أنتى جاية من ملجأ قذر وياعالم أهلك دول عاملين أزاى ولا شكلك جاية عن طريق زنا أو فتاة ليل مقضيها مع الكل علشان كدا رموكى فى الملجأ لما اتولدتى ولولنا كان زمانك مرمية فى الشارع…أنتى هنا عيشتى عيشة مكنتيش تحلمى بيها فى عمرك وأنا قولت أكسب فيكي ثواب وأتجوزك وخلاص بما إن محدش هيقبل يبص فى وشك بعد ما يعرف أنك بنت ملجأ وبعدين ياعمى أنت بتلومنى ليه وعلى ايه أنا راجل ومسموح ليا أعمل اللى أنا عاوزه حتى لو هقرب من مية واحدة ودا شئ ميعبنيش فى حاجة..
هجم عليه “عمر” بغضب ولكمه فى وجهه جعلت الأخر يسقط أرضاً وجاء أن يهجم عليه مرة أخرى ولكن أمسكه “على” و”أنيس” حاول أن يبعدهم ولكنه لم يقدر فقال:
-أبعدو عني خلوني أربى الحيوان دا وأقسم بالله ياوليد لهقتلك اللى بتتكلم عليها دى بتكون أختى ياكلب وأنا اللى يقربلها أكله بسناني سامع .
وليد بسخرية : والله بقى حتة عيل زيك عايز يقتلني وكمان علشان واحدة ملهاش لازمه زى دي ثم أشار على فيروزة المنهارة، تحدث “أنيس” بغضب عارم :
– مش معنى أنى ساكت ومانع عمر عنك يبقى أنا راضى على اللى بتعمله، فيروزة مش بس أختنا أحنا بنعتبرها أمنا كمان واللى يمسها بسوء بيمسنا وأنا ياوليد عمرى ما أسمح لمخلوق واحد أنه يمس أختى بسوء وأفضل واقف ساكت كدا وأنت شكلك متربتش وأنا بقا اللى هربيك….
أقترب منه سريعاً فى طرف عين ليسدد له بعض اللكمات العنيفة وهو يسبه بأبشع الألفاظ ولم يستطيع الآخر أن يدافع عن نفسه بسبب قوة “أنيس” الجسمانية حاول الكل أن يخلص “وليد” من قبضة “أنيس” ولكنهم لم يقدرون على ذلك.
تراجعت “فيروزة” بخطواتها إلى الخلف وهى ترتجف ثم وضعت يديها على أذنيها بخوف وألم وقد أخذت تلك الكلمات المؤلمة تردد بداخلها أنا عمرى ما حبيتك، أنتى بنت ملجأ، جاية عن طريق زنا، أنا كنت بتسلى بيكى….شعرت بوخزات تؤخز قلبها مثل الأبرة، بدأت الدنيا تدور بها وعم الظلام حولها لتفقد وعيها ويرتطم جسدها بالأرض.
صرخت “سارة” باسمها جعلتهم يلتفتون إليها تقدم منها “أنيس” بخوف وحملها بين يديه واتجه بها إلى غرفتها، وقف “وليد” وهو يمسح أنفه الذى ينزف دماً .
نادية: شوفت ابن أخوك عمل فى أبنك ايه أنت هتسكت ليهم.
نظر إليه والده وقال بحزن: أبنك يستاهل اللى حصله انا مكنتش أعرف أن أبنى بالوساخة دى كلها ياخسارة تربيتى فيك ياوليد بجد ياخسارة بسبب اللى عملته مش هقدر أبص فى وش أخويا روح يابنى ربنا ينتقم منك.
نادية بضيق: هو كان عمل ايه يعني أى شاب فى سنه بيسهر وبيخرج مع البنات ودى فيها ايه.
خالد بصدمة: أنتى واعية لبتقوليه اللى أبنك بيعمله حرام ولا يرضى ربنا.
نادية بلوية بوز: على أساس أنك تعرف الحرام والحلال خليني ساكته بلا خيبة.
فى غرفة “فيروزة” كانت نائمة على الفراش نظرت إليها والدتها “نازلى” الجالسة بجانبها ممسكة بيديها قالت بقلق: طمني على بنتى ياأنيس.
أبتعد الأخر عن الفراش بعد ما فحصها ثم قال:
– أطمنى يا أمى هى بخير.
نازلى: بخير أزاى وهى لسه لحد دلوقتى مفقتش.
أنيس: متقلقيش عليها هى ساعة أو ساعتين وهتفوق.
تحدث “عامر” بلهجة أمر:يلا كل واحد يروح على أوضتة.
نظرت إليه والدته “سعاد” بدموع وقالت: أنا هفضل مع حفيدتي ومش هسيبها لوحدها.
عامر: ماما حبيبتى أنتى تعبانه ولازم تروحى ترتاحي وكمان متنسيش معاد الدواء بتاعك وكمان أنا ونازلى معاها..عمر خد تيتا ووديها اوضتها يلا.
عمر: حاضر يابابا.
بعد خروج الجميع اقترب “عامر” من “فيروزة” وجلس بجانبها على الطرف الأخر من الفراش ومسد على شعرها بحنان ثم قبلها من جبينها وقال بأسف:
-سامحيني يابنتي كل اللى حصل بسببي ياريتني كنت منعت الخطوبة دى من زمان كنت فاكر انه بيحبك وهيقدر يسعدك وهيتغير علشانك أنا كنت مخدوع فيه زيك.
نظرت إليه نازلى بحزن: أنا مكنتش أعرف أن وليد بالقذارة دى وبعدين أنت كنت عارف باللى بيعمله وسكت ياعامر.
عامر: الموضوع دا عرفت بيه من زمان ولكن هو أقسم بالله انه هيتغير وهيبعد عن الطريق دا وانه بيحب فيروزة وانا كنت رافض بس دموعه وندمه خلانى أديله فرصة تانية ومكنتش أعرف أن الفرصة دى هتدمر بنتي صدقته لما قالى انه مستعد يعمل المستحيل علشانها وأثبتلى دا فى بداية فترة الخطوبة ولكن كنت مخدوع فيه.
نازلى: أنا خايفة أوى عليها ياعامر.
عامر بهدوء: متخافيش عليها فيروزة قوية وهتقدر تتخطى كل اللى حصلها وأنا وأنتى عمرنا ما هنتخلى عنها…أنا هقوم أطمن على لارين وهبقى ارجعلك تانى.
هبت نازلى واقفة وقالت: استنى هاجى معاك وشوية نبقى نرجع تكون فاقت.
خرجوا من الغرفة وأغلق “عامر” الباب خلفه.
*********************
فى تمام الساعة ٢ ليلاً أستيقظت فيروزة من نومتها وأعتدلت فى جلستها، ثم أمسكت رأسها التى تؤلمها وأخذت تتذكر ما حدث معها فرت دمعه من عينيها بألم وهى تنظر حولها وتقول:
-دا مطلعش حلم زى ما كنت متخيلة…كل اللى حصل كان حقيقة وأنا مكنتش بحلم.
وقفت تسير تخطوا بخطوات ثقيلة لتنظر إلى نفسها فى المرآه فما حدث لها جعلها باهته مطفية، بدأت تتحسس أنعكاس صورتها فى المرآه وهى تمسح دموعها المنهمرة من عليها وهى تقول:
– خلاص متعيطش أمسحي دموعك روزا …أياكى تعيطي أوعى تعيطي ها مفيش حد يستاهل تعيطي علشانه أهدى كدا خلاص مفيش حاجة حصلت تخليكي ضعيفة بالشكل دا أنتى أقوى من كدا …متعيطش علشان قلبى بيوجعنى من كتر العياط ومش هعرف اخلى نبضه يبطل ينبض بوجع…بصى عينيكى بقت وحشة ازاى وحمرا كدا شكلك هيبقى وحش ومحدش هيرضى يبص ليكي تانى…..طب بصي عيطى النهاردة بس لكن أوعديني أنك مش هتعيطي تاني بعد كدا ماشي….
فضلت تتمعن أكثر وأكثر إلى نفسها المنكسره فى المرآه وداخلها يحترق.
ثم أخذت تبكى وتبكى وتتعالى شهقاتها ويضيق صدرها من الألم ويختنق شريانها إلى أن يذبح فرأت الدنيا بأثرها تدور بها وتتلاشى الأضواء من أمامها رويدا رويدا، فأرتمت على سريرها فأصابها الدوار وعينيها لم تكف عن البكاء..تحدثت وهى تنظر إلى سقف غرفتها:
– أود لو ينتهى المطاف بى عند هذا الحد
أود لو تفيض روحى حتى يهدأ قلبي..أود لو أنتهى بانتهاء بكائي..أو أن أسقط مع سقوط قطرات دموعي..
ولكني لم أتوقف عن البكاء بل تزيد تلك الشهقات التى تتعالى لها نبضات قلبي أشعر به يئن وينتفض ويقول لى: إقتلعيني من بين ضلوعك، إقتلعيني فقد مللت من الألم وتصلبت جدراني، لم يعد بى أى دماً نزفتُ كل ما بى أرجوكى أنزعيني ودعيني أتحرر من تلك الألم الموجعة.
وأسمع روحي تناديني قائلة:
أما أن الأوان بعد؟ أما أن لى أن أخرج من ذلك الجسد البالي وأفيض إلى ربى ..فقد مللتُ منك ومن ألمك الذى لا ينتهى أنزعيني واطعنى تلك الروح بسكينٍ لا يحدوها شفرة أرجوكى أفعلى ذلك من أجلنا نحن…
فأرد وعيني تقطر دمعاً:
– بلى فقد آن الأوان منذ زمن فى كل ليلة أخبرك بأننا لا ننتمى إلى هذا العالم، ليس لنا وجود فى تلك الحياة فلنمت ونستريح وينتهى كل هذا الألم.
دلفت إليها والدتها “نازلى” وجدتها منهارة فألمها قلبها لرؤية أبنتها بهذا الشكل، اقتربت منها ووضعت يديها عليها فانتفضت فيروزة وهى تشهق بالبكاء..
نازلى بدمع: بنتي روزا أنا..
قاطعتها “فيروزة” وهى تنظر إليها بعيون منتفخة من كثرة البكاء قائلة:
– متقوليش بنتي أنا مش بنت حد فيكم أنا ماليش أهل ومعرفش مين هما عيلتي الحقيقة اللى بسببهم دلوقتى أنا موجوعة وبتعرض للأذى من أى حد، فمتجيش تقوليلي بنتي علشان أنا مش بنتك يانازلى هانم أنا مجرد بنت يتيمة جاية من الملجأ وبفضلكم عاشت حياة مكنتش بتحلم بيها….عارفة محدش حاسس باللى أنا حاسة بيه…..من وأنا صغيرة بسمع كلام بيتقال من الناس كلام وحش أوى علشان جيت من الملجأ كلام يكسر النفس ومحدش يقدر يستحمله بس كنت بستحمل وأقول عادي مش مهم كفاية عليا وجودكم فى حياتي وفضلكم كبير أوى عليا عمرى ما هنساه ليكم أبدا أنا بشكرك أنتى واللواء عامر على تربيتكم ليا بفضلكم دخلت أحسن المدارس وكلت أحسن الاكل ولبست افضل واجمل الملابس اللى مكنتش بحلم بيها عمرى ماهنسى فضلكم عليا، كنت بتمني طول عمرى أنى اكون بنتكم بجد مش مجرد بنت متبنيه من الملجأ .
جلست بجانبها وأمكست وجهها بكفها ثم قالت بدموع:
– كفاية يافيروزة كفاية يابنتي متقوليش كدا متوجعيش قلب أمك ياحبيبتى ….أنا طول عمرى بعتبرك بنتي اللى ربيتها وولدتها كمان مش اللى اتبناها جوزي أنتى حته من روحي وقلبي…لو أخواتك سمعوكى بتقولى كدا هيزعلوا منك أوى أنتى متعرفيش أنتى بالنسبه لينا ايه يافيروزة دا انا يابنتى لو حصلك أى حاجة هموت بعدك…علشان خاطرى متزعليش مفيش حد فى الدنيا دي يابنتى يستاهل أنك تعيطي علشانه ومتخليش كلام أى بنادم على وجه الأرض يأثر عليكى أو يشكك فى حبنا ليكي.. وبعدين أنتى غالية أوى ودموعك أغلى ياعمري .
نظرت إليها “فيروزة” ودموعها تسيل على خديها بقلبٍ منفطر ثم أرتمت بحضن والدتها التى ضمتها بحنان وسمعتها تقول:
-ليه الحياة دايما تفرض علينا أشخاص قاسيين مفيش فى قلبهم رحمة ليه؟!
لقد خذلني العالم يا أمي ..خذلني أكتر شخص حبيته كان ذنبى الوحيد أن حبيت شخص زيه أنا انخدعت فيه ومكنتش متصوره أن هو بالحقارة دي..بسبب اللى عمله مش هقدر أثق فى أى حد بعد كدا أو أنى أجرب الحب تانى.
أخذت “نازلى” تمسد على شعرها الذهبى ولم تجد أجابة لترد عليها سوى أن صمتها إليها بقوة.
فى الصباح
كانت “فيروزة” تهبط من على السلالم ولكن قاطع طريقها “وليد” وهو يمسكها من معصمها بقوة جعل تلك الأسورة التى ترتديها تنكسر وتجرح يديها، فقال بسخرية:
– شكلك أمبارح منمتيش كويس من كتر العياط تصدقى ياروزا بجد صعبتى عليا أوى أنا كنت مستني اللحظة اللى هكسرك فيها من زمان وأهى حصلت ودلوقتي بقيتى ضعيفة وذليلة ومنكسرة…أنا مبقاش فارق معايا أى حاجة دلوقتى بعد ما قدرت أكسر غرورك…اقترب منها أكثر ليتحسس بشرتها الناعمة بيديه الخشنة برغبة لتبعدها عنها بأشمئزاز ليقول هو بخبث: مع أنى كان نفسي أجرب حاجة تانية بس عادي ملحوقة لسه الأيام مابينا..
نظرت إليه بأشمئزاز قائلة:
– أنت واحد مريض نفسياً والله أنصحك تروح تتعالج أحسن ليك.
وليد: من رأيى تنصحي نفسك بالنصيحة دي لأنك الفترة الجاية هتحتاجى دكتور نفساني علشان يقدر يساعدك من مرض الحب اللى ابتليتى بيه وكمان فى أنك تنسيني لان اللى أعرفه أنك بتحبينى أوى ومستحيل تقدرى تتخطى الحب دا بالسهولة دى.
أطلقت فيروزة ضحكة عالية مصدر صوت رنة قوية ثم قالت بكل ثقة وقوة لا تعلم من أين أتت بها:
– تعجبني ثقتك فى نفسك أوى ياوليد اسمعنى كويس وخلى الكلام دا محفور فى الذاكرة بتاعتك وأوعى تنساه يابن عمى….أنا مابقتش فيروزة الهبلة اللى كنت تعرفها واللى كانت بتحبك أكتر من روحها….
امبارح بس لأول مرة أختار نفسي ومختاركش مع أنك كنت أول أولوياتي، ولم أسأل ليه انت عملت كدا فيا ومحبتنيش….امبارح أخترت نفسي وقصيتك من حياتي ومسحت كل آثارك من على تليفونى وحرقت كل صورنا ونزعتك من داخل قلبى، امبارح بليل توقفت عن البكا وحسيت فجأه بأن كل حاجة أصبحت عادية بالنسبالي وكأني أصبت بالبرود توقفت عن البكاء وتوقفت عن رؤيتك الهدية اللى جتلى ووهبها الله لى .. أمبارح بس تأكدت بأنك مش دا الشخص اللى كنت بدور عليه طول حياتى أنا عايزة أشكرك على أنك أظهرتلى حقيقتك فى الوقت المناسب عارفة أنك جرحتني وخلتنى اتوجع بس مش مهم المهم أنى قادرة على الشفاء من بعد جرح وقاردة على تخطى كل حاجة وحشه بتحصلي وقادرة على الطيبة من بعد شر ….
فشكراً ليك لأنك تركت قلبي وروحي لمن يستحقهم..
نظرت إليه ثم وضعت يديها على وجهه وقالت بخبث:
– متنساش ياعسل تبقى تعدى على دكتور العيلة علشان يصلحلك الشخبطة اللى فى وشك دى لأنك بقيت عامل زى بتوع الشوارع…
أبتعدت عنه ومازالت تنظر إليه بتلك النظرات الشامتة فقد بدأ مصدوماً ومندهشاً من حديثها وكأنه لم يخذلها بالأمس أخذ يتسأل من أين أتت بهذة القوة التى لم يتعاهدها منها من قبل..غادرت هى المكان وتركته فى صدمته.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مذكرات فيروزة)