روايات

رواية ونس الفصل الأول 1 بقلم سارة مجدي

رواية ونس الفصل الأول 1 بقلم سارة مجدي

رواية ونس الجزء الأول

رواية ونس البارت الأول

رواية ونس الحلقة الأولى

يجلس خلف مكتبه الكبير يراجع كل الأوراق التي أمامه بتركيز شديد … هو المسؤل الأول و الأخير عن أموال العائلة و عليه أن يقرأ كل ورقة و كل حرف
فرغم خلافه الكبير مع والدته و الذي على أثره ترك قصر الصواف لكنه لم يترك مسؤلياته كمدير لشركات الصواف .. و المسؤل الأوحد
هو أديم الصواف إبن عائلة الصواف الأكبر في عامة الخامس والثلاثون لديه أختان أصغر منه …. تزوجت الأولى من إبن عمه حاتم و الأخرى على وشك الخطبه من إبن عمه الأخر طارق
وهو أيضًا يعتبرهم أصدقائه الوحيدين لكن حاتم الأقرب إليه .. بسبب ثرائهم الفاحش لم يستطع أن يكون صداقات .. صدقات حقيقة دون البحث عن المصالح أو أن يحصلون منه على المال بشكل مباشر و غير مباشر
طرقات على باب مكتبه أخرجته من تركيزه و قال بصوت واضح
– أدخل
ليفتح الباب و دلف حاتم و هو يقول
– أنا لو بشتغل في السخره هتّْقدر أكتر من كده
ليبتسم أديم و هو يترك الأوراق من يده ثم وقف و دار حول المكتب ليقف أمام صديقه و إبن عمه و قال
– أنت بتتكلم عن قلة التقدير في مؤسسة الصواف يا حاتم .. يا ابني كل الموظفين متقدرين .. لكن أنت إبن البطه السودا .. أنت من عيله الصواف لازم تتمرمط يا حبيبي
ليرفع حاتم حاجبيه بأندهاش و صدمه .. و ألتفت ينظر إلى أديم الذي جلس على الأريكه الكبيرة و أراح ذراعيه على ظهرها واضعا قدم فوق الأخرى ينظر له بأبتسامه متسليه
وضع حاتم الأوراق التى بين يديه على المكتب بقوة و قال مازحاً
– طيب أنت ولي عهد الأمبراطوريه و لازم يطلع عينك أنا مالي
جلس على الكرسي و هو يقول آخر كلماته ليتنهد أديم و ظهر الضيق على ملامحه لكن حاتم قال سريعاً
– نفسي أعمل زيك و اسيب قلعه الصواف .. أنا بجد تعبت من كم التجمل و عدم التعامل براحه و حريه
أستند بذراعيه على ساقيه و قال بمرح
– يا ابني نفسي أمشي حافي .. ألبس شورت بس .. أدخل أخد دش و مسرحش شعري .. نفسي أكل فول وطعميه بالعيش البلدي .. و أغمس كده بأيدي مش كل حاجه لازم نعملها بالشوكه و السكينه
ليضحك أديم بصوت عالى و هو يقول
– بس كده أهرب يوم من سالي و تعالى عندي الشقه و أنا أخليك تعمل كل إللى نفسك فيه
ليعود حاتم يريح ظهره على الكرسي و قال بضيق مصطنع
– و هي سالي حد يقدر يهرب منها ..و ههرب إزاي من شاهيناز هانم السلحدار
تحولت الإبتسامه على وجه أديم إلى حزن و ضيق و قال
– أنت هتقولي .. المهم أنت كنت جاي عايز أيه ؟
ليقف حاتم سريعاً وهو يقول
– الورق ده محتاج توقيع رئيس مجلس الإدارة .. إللي هو حضرتك.
ليقف أديم و توجه إلى المكتب أمسك الأوراق من حاتم و بدء يطلع عليها بتركيز شديد ثم أبتسم وقال
– هو أنا نفسي أفهم براجع وراك ليه ؟
ثم أمسك القلم و وقع الأوراق و مد يده بها له و هو يقول
– أتفضل .. و سيبني أخلص إللي ورايا عطلتني.
ليضحك حاتم و هو يقول
– أنا مظلوم في العيله دي و الله الوحيد إللى بيعرف ياخد حقه في العيله دي هو طارق و الله
– طارق .. هو فيه زي طارق .. مش عارف إزاي قادر ياكل بعقل شاهيناز هانم حلاوه .. و دماغ نرمين كمان .. و في نفس الوقت بيعمل كل إللى هو عايزه
قال أديم بحيره و هو يجلس على الكرسي من جديد خلف مكتبه ليبتسم حاتم و هو يقول بحقد مصطنع
– أنا بقر عليه كل يوم .. بس القر ده مش جايب نتيجه تفتكر أحسده؟
ليضحك أديم بصوت عالى و قال مازحاً
– طيب ما نعمله عمل .. مالك يا حاتم قلبت على ست الحجه كده ليه؟ أمشي يا ابني شوف وراك إيه يلا خليني أخلص عايز أروح بقى
غادر حاتم الغرفة و هو يتحدث إلى نفسه و من خلفه أديم يضحك .. حاتم الوحيد القادر على إخراجه من إحساس الضيق و القادر على مواساته خلال فترة عمله بالشركه .. بالفعل إذا لم يكن حاتم معه لمرت تلك الساعات كالأعوام
*******
في قصر الصواف .. ذلك القصر الكبير الذي يشبه القلاع بأسواره العاليه و حراسه الذين يؤمنونه من جميع الإتجاهات، وفي بهو هذا القصر الكبير تجلس سيدة، حين تراها من بعيد تظن أنها فتاه صغيرة، ولكنها في حقيقة الأمر، هي كبيرة عائلة الصواف، والمتحكمه الأولى في كل فرد في تلك العائلة، السيدة شاهيناز السلحدار، أمرأة متسلطه من يوم تزوجت من علام الصواف وهي تتحكم بكل شيء، جميلة بشكل مميز، لكن الغرور أيضاً ينضح من كل نظره، وحركه، ويظهر ذلك أيضاً في حركة الخدم بالبيت،الصمت التام، لكن لغه العيون تتحدث بما لا يستطيع اللسان قوله خوفاً. وبعد وفاته كانت الكلمه الأولى و الأخيره لها، ولم يستطع أي فرد من عائله الصواف تكسير كلمتها إلا “أديم” أبنها الأكبر، وريث والده، و كبير العائلة من بعده، الذي كسر كل القواعد و غادر القصر رافضا الزواج من إبنة عمه الوحيدة كاميليا.
رغم أنه يعلم جيداً أنها تعشقه، و يعلم أيضاً أنها إنسانه رائعة ورغم ان والدته طلبت منه الزواج منها من الممكن أن يتزوجها هو بكامل إيرادته، لكن لأنها أوامر شاهيناز هانم السلحدار رفض بشده، و ترك قصر الصواف، لكنه أبداً لم يتخلى عن مسؤلياته تجاه المؤسسة ، وأيضا تجاه أختيه، سالي و نرمين.
سالي متزوجه من حاتم إبن عمه وصديق عمره، و هو دعم زواجهم بكل قوته و ذلك لأنه يرى في حاتم الرجل الحقيقي الذي يطمئن على أخته معه، لكنه معترض تماماً على أمر زواج نرمين من طارق، من الممكن أن تكون نرمين مغرمه به أو معجبه خاصه أن طارق شاب وسيم دنجوان، كثير العلاقات ويستطيع أن يجعل البنات تتعلق به كثيراً، بسبب حلو كلامه، وشخصيته القويه.
لذلك هو لا يراه منساباً ولكن إذا أمرت شاهيناز هانم السلحدار الأمر قد أنتهى.
*******
بداخل المطبخ الكبير لذلك القصر الضخم، تجلس السيده خمسينيه يبدوا على وجهها أثر الزمن و الشقاء، تشرف على عمل الفتيات بأهتمام و تركيز، فالخطئ ممنوع، و الأوامر لابد أن تنفذ دون نقاش أو تأخير
وبين يديها سبحتها الكبيرة التى لا تفارقها أبداً
أقتربت إحدى الفتايات وهي تقول:
– ست مجيدة كنت عايزه أجازه يوم السبت الجاي علشان أودي أمي المستشفى.
لتنظر لها مجيده بهدوء يعتبر جزء من شخصيتها:
– تاني يا نوال،مش كنتي لسه واخده أجازه السبت إللى فات؟
أخفضت الفتاة رأسها بخجل وقالت بصوت مختنق:
– ما أنتِ عارفة يا ست مجيدة أنا وحيدة أمي ، و عارفه كمان أنها مريضه، وأنتِ عارفه أن مفيش أجازات خالص، و كأننا في السخره.
تنهدت مجيدة بتثاقل فهي تعلم جيداً ما تقوله نوال، لكن ماذا تفعل في قواعد هذا البيت، لتقول بعد أن أخذت نفس عميق:
– هحاول يا بنتي، هحاول وربنا يسهل و الهانم توافق.
لتعود نوال إلى عملها وهي تدعوا الله أن يوفق السيدة مجيدة في أقناع شاهيناز هانم.
*******
تنزل درجات السلم بهدوء و بدلال طبيعي، شابه جميلة رقيقة في العشرين من عمرها بأبتسامة رقيقه ترتسم على ملامحها .. شديدة الجمال والفتنه، أقتربت من مكان جلوس شاهيناز وقالت بهدوء وهي تجلس على الأريكة القريبة منها:
– صباح الخير يا طنط، عاملة أيه؟
إبتسمت شاهيناز وهي تغلق الجريدة، ونظرت إليها بحب قائلة:
– أنا كويسة، أنتِ عاملة أيه يا كاميليا؟
لوت الفتاة فمها ببعض الضيق وقالت:
– حاسه بالملل، و نفسي أعمل حاجة جديدة في حياتي، أنا مش بحب قعدة البيت.
ظلت شاهيناز صامتة تنظر إلى وجه الفتاة التي تتمنى أن تكون زوجة إبنها ، وسوف تكون .. فلا أحد يستطيع أن يقف أمام رغباتها حتى أبنها الوحيد و كبير عائلة الصواف بعد والدة، إبتسمت إبتسامة صغيرة وقالت:
– عندنا بدل الشركة مؤسسة كاملة وأنتِ مش عارفة تلاقي حاجة تعمليها، من بكرة تنزلي تشتغلي مع أخوكي وولاد عمك.
إبتسمت كاميليا بسعادة وهي تقول بعدم تصديق:
– بجد يا طنط؟ بس تفتكري أديم، وحاتم هيوافقوا؟
لترفع شاهيناز رأسها بغرور وقالت بكل تأكيد:
– هيوافقوا متخافيش.
أقتربت مجيدة بخطوات ثابته وقفت أمامهم وقالت بأدب:
– شاهيناز هانم كنت عايزك أتكلم مع حضرتك في موضوع لو تسمحي طبعاً.
ظلت شاهيناز صامته تنظر إليها بغرور طبيعي، وكأنه جزء من شخصيتها ولدت به وتأصل في تفاصيل وخلايا جسدها.
لتقف كاميليا وهي تقول بأبتسامه رقيقة:
– أنا هطلع لنرمين، بعد إذنكم.
وغادرت لتقول شاهيناز بغرور:
– عايزة أية يا مجيدة؟
لعدة ثوان كانت تفكر مجيدة في الرد التي تعلمه جيداً والذي لم يتغير يوماً ولكنها لم تيأس يوماً من طلبه، ظفرت بهدوء وقالت بأدب:
– كنت عايزه استأذن حضرتك في أجازة لنوال يوم السبت علشان والدتها عندها جلسه كيماوي.
لترفع شاهيناز هانم حاجبها الأيسر بتعالي وغرور وقالت برفض قاطع:
– مجيدة أنتِ عارفة أن مفيش عندي هنا أجازات، البنت دي عايزة أجازة تصفي حسابها ومش عايزة أشوفها هنا تاني.
وقبل أن تجيبها مجيدة بشيء، وصلهم صوته وهو يقول:
– ليه هو حضرتك كنتي أشترتيهم من سوق العبيد، ده حتى أيام العبودية كان في رحمه، وشفقه، و تقدير للظروف، و أجازات من العبودية دي للراحه، طول عمري شاكك إنك ملكيش قلب، لكن دلوقتي أتأكدت.
تلونت وجنتي شاهيناز بغضب مكتوم، في حين كانت تنظر إليه مجيدة بسعادة، و أرتياح، أقترب أديم من مكان جلوس والدته وقال:
– الناس إللي شغالين في البيت هنا أصحاب فضل يا شاهيناز هانم، من غيرهم أنتوا كنتوا هتتعبوا، من غيرهم كنتوا هتقوموا بكل شغلهم ده بنفسكم، قوانين العمل كلها بتحدد عدد ساعات معينه في اليوم، وبتحدد يوم أو يومين في الأسبوع أجازة، مفيش حد بيشتغل كل يوم ولمدة ٢٤ ساعه ومن غير أجازات كمان.
ظلت شاهيناز صامتة تنظر إليه ثم قالت:
– أنا قولت لو البنت دي عايزة تاخد أجازة تصفي حسابها وتمشي، و أنت مش من حقك تقول أعمل أيه في بيتي، طالما خرجت من الباب ده وقررت تعيش بره أسوارة إللي بيحصل جواه مش مسموح ليك إنك حتى تتكلم فيه.
أبتسم أديم إبتسامة جانبيه وقال بثقة:
– عندك حق، وفي الحقيقة أنا مش جاي لحضرتك، أنا جاي لنرمين بس أهي فرصة علشان أساعد البنت الغلبانه إللي جار عليها الزمن وجبرها تشتغل هنا.
ثم نظر إلى مجيدة وقال بأحترام:
– من فضلك يا دادا لو البنت دي مصرة على الأجازة يبقى صفي حسابها حسب أوامر شاهيناز هانم وأديها عنواني هوفر لها وظيفه.
وغادر من أمامهم غير مبالياً صاعداً إلى غرفة نرمين تاركاً خلفه قلب يدعوا له أن يوفقه الله دائماً … وقلب آخر يحترق غضباً.

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ونس)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى