رواية مالك المصري الفصل السادس 6 بقلم نسمة مالك
رواية مالك المصري الجزء السادس
رواية مالك المصري البارت السادس
رواية مالك المصري الحلقة السادسة
الفصل السادس..
مالك المصري..
✍️نسمة مالك✍️..
.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله…
“أفعل يا إبن آدم ما شئت فكما تُدين تُدان”..
تردت بعقل “فارس” الواقف أمام باب غرفة “مالك” المغلق على ابنته، مّرت ذكريات بينه و بين والدتها لن تُمحي من ذاكرته للأبد..
“أفتح يا مالك الزفت “.. صاح بها بصوتٍ كالإعصار الغاضب، و من ثم نظر ل “غفران” و تحدثا في نفس واحد..
” اللي عملناه في الناس هيطلع علينا و لا أيه!!”..
ساد الصمت للحظات قبل أن ينفجر الجميع في نوبة ضحك معادا الصديقان “فارس، غفران” يتطاير الشرر من أعينهم يدل على مدى غضبهم..
” أفتح يالا..أفتح لكسر أم الباب على دماغك “..
قالها “غفران” و هو يلكم الباب بكل قوته، ليوقفه” فارس ” الذي تحدث بنبرة هادئة لكنها كانت حقًا مرعبة حين قال..
“أهدي يا غفران.. إسراء هي اللى هتفتح الباب دلوقتي حالاً”..
جملته كانت موجهه لابنته التي كانت تقف تطلع بانبهار للخزانة المملؤة بأغراضها حين كانت طفلة صغيرة ، الكثير و الكثير من صورها بمراحل عمرها المختلفة معلقة على جدران الخزانة، فستانينها، ألعابها، خصلات من شعرها حتى ثيابها الداخلية الطفولية محتفظ بهم بعناية فائقة ..
صوت والدها الغاضب جعلها تنتبه على حالها لتجد نفسها محاصرة بين “مالك” و بين الخزانة، يقف خلفها مباشرةً المسافة بينهما لا تُذكر لكنهما لا يتلامسان، تشعر بأنفاسه الساخنة تلفح عنقها ..
“عجبتك؟”.. غمغم بها بهمس متلهف داخل أذنها، أستدارت و نظرت له بعينيها نظرتها التي تُذيب قلبه المُتيم بها عشقًا، بل تُذيب عظامه أيضًا و رفعت يديها دفعته بكفيها بصدره بعيدًا عنها مردفة بتحذير..
“خليني أفتح الباب لبابي الأول لأن لو مفتحتش هيدخل هو و ساعتها اللي هيعمله فيك مش هيعجبنا إحنا الاتنين”..
إعترض طريقها و اقترب منها أكثر حتي التصق ظهرها بالخزانة خلفها، و مال برأسه على وجهها، تأمل ملامحها بافتنان مغمغمًا.. “وافقي على جوازنا يا إسراء”..
“أوعى من طريقي خليني أفتح الباب و بطل جنان يا مالك.. أنت مافيش فيك حتة سليمة يضربوك فيها! “..
قالتها و هي تدفعه ثانيةً و تهرول تجاه الباب بخطي راكضة..
“خد لك ساتر يا مجنون”..
نطقت بها قبل أن تفتح الباب، دون صوت اكتفت بتحريك شفتيها فقط..
ألقى لها قبلة بالهواء، و غمز لها بشقاوة مرددًا باهيام..
” بيكِ.. أنا مجنون بيكِ”..
“تعالالي يا عم المجنون.. أنا بقي هعقلك و هعلقك “.. كان هذا صوت “فارس ” الذي اندفع لداخل الغرفة هو و”غفران ” فور فتح الباب، و هموا بالهجوم عليه لتركض “إسراء” و تقف أمامهم تمنعهم من الوصول إليه مردفة بنبرة راجية..
“بابي.. انكل غفران أهدوا المرادي بليز.. أنتو مش شايفين هو متبهدل إزاي!! “..
” لدرجة دي خايفة عليا يا قلب مالك”.. قالها و هو يلف ذراعه حول خصرها و جذبها بلهفة داخل حضنه ظهرها مقابل صدره و قام بطبع قبلة عميقة على وجنتها ، شهقت “إسراء” بقوة و قفزت مبتعده عنه لداخل حضن والدها و رمقته بنظرة نارية و هي تقول..
“تصدق أنا غلطانة إني بدافع عنك.. تستاهل كل اللي حصل لك و اللي هيحصل لك دلوقتي”..
“سبهولي”.. نطق بها “غفران” و هو يسدد له لكمه قوية تفاداها “مالك” ببراعة، ليفاجئه “فارس” بلكمة من الجهه الأخرى تراجع على آثارها عدة خطوات للخلف..
“بتبوس بنتي قصاد عيني يا بجح!! “..
قالها و هو يهم بلكمه مرة أخرى لكن” مالك” تفاداها و ضحك بملئ فمه و هو يقول..
” تربيتك و تعليمك يا سيادة الدنجوان فارس باشا”..
صك “فارس” على أسنانه بعنف كاد أن يهشمها من شدة غيظه، بينما “غفران” كان يستعد للهجوم عليه ليمنعه “فارس ” بنظرة من عينيه حين رأي حالة “مالك”التي إزدادت سوء جعلته يترنجح في وقفته قليلاً..
“مالك أنت كويس؟”..
كان هذا صوت” إسراء ” التي اقتربت منه بخطوات متلهفة
، نظر لها” مالك” بابتسامة دافئة، و تحدث بصوتٍ مُتعب قائلاً..
“بقيت كويس لما شوفتك”..
زاد ترنجح جسده حتى أوشك على السقوط لولا يدها هي التي التفت حول خصرة بطرفة عين و أسنتدته بجسدها الصغير، جاهد هو حتى يستعيد توازنه لكن شدة إرهاقه لم يمهله، فرتمي بثقل جسده عليها دون أرادته جعلها تصرخ بستغاثه قائلة..
“الحقنا يا بابي”..
ليسرع كلاً من “فارس، غفران” نحوهما و قاموا بمساندته و توجهوا به نحو فراشه، بقي “مالك” متمسكًا بها بذراعه السليم، ليبعد والدها يده عنها، فهمس “مالك” بنبرة متوسلة بين الوعي و اللاوعي..
“خليها معايا يا فارس.. متخدهاش مني”..
“أنت مالك ياض مدغدغ المرادي ليه كده؟!”..
قالها” فارس ” بقلق جمٍ و هو يتنقل بنظره بينه و بين “غفران” الذي أجابه بهمس قائلاً..
“البيه مطبق بقاله كام يوم في مهمة انتحارية الحمد لله أنه رجع منها عايش”..
رمقه “فارس” بنظره غاضبه و همس من بين أسنانه قائلاً..
“و لما أنت عارف كل ده سبتني أضربه ليه بس يا جدع أنت !!.. و كمان كنت عايز تكمل عليه!!.. أنت عايز تموت جوز بنتي يا غفران؟! “..
” إسراء “.. تفوه بها” مالك ” و هو يجاهد بيفتح عينيه ليبحث عنها..
جلست “إسراء” على طرف الفراش و تحدثت بصوتها الناعم قائلة..
“أنا هنا يا مالك “..
مدت يدها وضعتها على يده ليقبض هو على كفها بلهفة، نظر لها بأعين شبه مغلقة، و همس بضعف قائلاً..
“خليكي معايا.. أوعى تسبيني و تمشي”..
” مش همشي.. أطمن”.. أردفت بها و هي تضع كف يدها الأخرى على جبهته ليغرق هو في نومًا عميق على الفور دون أن يترك كفها..
” يا نهار أبيض ده حرارته عالية جدًا.. مكة هاتي مية بسرعة.. و أنتي يا طنط عهد من فضلك تعالي ساعديني نعمله كمدات”..
انبلجت ابتسامة على قسمات ” فارس ” و هو يقول..
“تيجي نجيب المأذون و نجوزهم و نخلص”..
قال “غفران” ..
“بنتنا تقول موافقة بس و أنا أبعت أجيب المأذون وقتي”..
” أيه رأيك يا إسراء.. نبعت نجيب المأذون؟! “..أردف بها”فارس ” بنبرة جادة و تمنى بداخله أن يلين قلبها و توافق على زواجها من هذا المجنون بعشقها..
لتنظر له نظرة عاتبة تُذكره بحديثها معه قبل مجيئهم إلى هنا، و ردت عليه بذكاء لتغير مجري الحديث قائلة..
” أبعت هات دكتور خلينا نطمن عليه الأول يا بابي “..
…………………………. صلِ على محمد………
“مكة”..
كانت داخل المطبخ تضع إناء أسفل الصنبور لتملئه بالمياة التي طلبتها منها “إسراء” حين رأت “حسن” يقف أمام النافذة المطلة على الحديقة يتحدث في هاتفه..
قادها فصولها و سارت تجاه النافذة التي لا تُتيح لمن بالخارج رؤية من بالداخل، فتحتها بحرص و وقفت تصتنت لحديثه..
“قولتلك قبل كده يا فجر متتصليش بيا و أنا في الشغل إلا لو في حاجة مهمة”..
أتاه صوتها الرقيق تقول بلهفة..
“واحشتني أوي يا حسن.. بقالى أسبوع بحاله مسمعتش صوتك”..
حاول السيطرة على انفعاله حتى لا يجرحها بأسلوبه الجاف ، فهي بالأخير لا ذنب لها سوي حبها له، فتنهد و هو يقول بلطفٍ..
“أنتى عارفة إني إجازة بكرة.. مش قادرة يعني تستني لبكرة و تكلميني عشان أعرف أكلمك” ..
ضحكت بغنج مدمدمة..
” اممم.. بصراحة مقدرتش أستنى.. قولت أكلمك أسمع صوتك و أقولك إنك واحشتني و أعرف إن كنت واحشتك أنا كمان و لا أنا مبوحشكش يا حسن؟”..
أطبق جفنيه و هو يتذكر” مكة” حين همس لها و هي داخل حضنه بتلك الكلمة، أسترجع احساسه وقتها و مدى إشتياقه و لهفة قلبه لقربها، تخيلها هي التي تحدثه الآن و تحدث بنبرة عاشق أرهق قلبه الإشتياق قائلاً..
” طبعاً بتوحشيني.. بتوحشيني أوي كمان”..
جملته هذه سقطت كالصاعقة على رأس و قلب “مكة” زلزلت كيانها كله دفعة واحدة، هبطت دموعها كالشلال على وجنتيها، قد شعرت بروحها تتمزق أشلاء من شدة تألمها، فما أصعب شعور الحب من طرف واحد، يضاهي شعور الموت بسهم حارق يُصيب القلب فيشعله بنيران لا تطفئ أبدًا ..
كان الاناء قد امتلأ حتى فاضت منه المياه، لتأتيها فكرة ربما تهدأ من غضبها، و غيظها لو قليلاً، خاصةً أنها تشعر بالغيرة الشديدة عليه تنهش قلبها، و إذا غارت المرأة على رجل تعشقه لا تتحكم في أفعالها حتى أنها لا تدري أعلى الوادي من أسفله..
“إما وريتك يا حسن مبقاش أنا مكة”..
أبتسمت إبتسامة شريرة و هي تحمل الاناء الممتلئ على أخره حملته و صعدت به على رخامة المطبخ، و همت بسكبه فوق رأس “حسن” لكنها فقدت توازنها فصرخت صرخة مرتعدة و هي تسقط من النافذة خلف الاناء..
“مكة!!!”.. كان هذا صوت “غفران” الذي كان يقف برفقة”فارس” بشرفة غرفة “مالك” حين رأي ما فعلته أبنته التي سقطت بين ذراعي “حسن” الذي استقبلها بلهفة فشل في اخفائها، واضعًا يد حول خصرها و الثانية أسفل ركبتيها و قد سقط الهاتف من يده و سقط قلبه معه أرضًا ..
تطلع لها بأعين جاحظة، و تحدث بأنفاس لاهثة قائلاً..
“حصلك حاجة.. فيكي حاجة يا مكة؟!”..
تطلعت لعينيه بأعين دامعة، لتتعلق عينيه بعينيها مقربًا أيها من صدره يضمها بلهفة واضعًا جبهته على جبهتها..
هيئتهم هذه ذكرته هو الأخر بذكري بينه و بين زوجته” عهد” جعلتها تسقط بين ذراعيه هكذا تمامًا، خفق قلبه بخوفٍ مبهم حين شعر أن الزمن يُعاد بأحداثه أمام عينيه من جديد..
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مالك المصري)