رواية مالك المصري الفصل الخامس 5 بقلم نسمة مالك
رواية مالك المصري الجزء الخامس
رواية مالك المصري البارت الخامس
رواية مالك المصري الحلقة الخامسة
الفصل الخامس..
مالك المصري..
✍️نسمة مالك✍️..
.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..
بعض العلاقات ليس لها مسمى ولا تتحدد ببداية ونهاية ورغم ذلك تحمل الكثير من التفاصيل مبهمة، مبهرة، و غريبة تمر كالبرق الخاطف وصوت الرعد القوي …
بإختصار تنتبه لها بكل حواسك حتي أن حواسك تحملك فلا تشعر للأرض بجاذبية..
“مالك”..
تملك منه التعب و الإرهاق حتى أصبح في حالة يرثي لها، يرتمي على الفراش بزيه العسكري لا يقوي حتى على خلعه من شدة تعبه..
“اااه.. مش قادر.. سبوني أناااام و محدش يفكر يصحيني السنادي.. اللي هيصحيني هزعله “..
قالها بصوتٍ مرهق بدي كالمخمور تمامًا قبل أن يغلق عينيه فور سقوطه على الفراش و غرق بنومٍ عميق أشبه بالغيبوبة، تجمع حوله جميع عائلته، و قاموا أشقائه بمساعدته على تغير ثيابه، عدلوا وضعه بالفراش لوضع أكثر راحة..
“إبنك متفشفش المرادي أكتر من المرة اللي فاتت يا بوب”..
قالها “زين” و هو ينظر ل”مالك” نظرة يملؤها الأسف، ليجيبه “غفران” و هو يدثر إبنه بالغطاء جيدًا..
“لا المرادي أقل من المرة اللي فاتت بس قلة النوم اللي عاملة فيه كل ده.. الباشا مطبق بقاله كام يوم و هلك روحه في المهمة دي لحد ما كانت هتخلص عليه “..
” ممكن تطلعوا تتكلموا برة و تسبوه يرتاح شوية على ما نحضر له حاجة يأكلها و نصحيه عشان ياخذ علاجه”..
قالتها “عهد” و هي تدفع زوجها و أبنائها لخارج الغرفة برفق حتى اخرجهم منها، و قامت بإغلاق الباب خلفها بعدما نظرت نظرة أخيرة تطمئن بها على ذلك النائم..
مّر أكثر من ساعة عادت” عهد” تدفع عربة مخصصة للطعام، كانت” فاتن”برفقتها دلفوا سويًا لغرفة” مالك” الغارقة في الظلام، و قاموا بإزاحة الستائر ليعم نور الشمس المكان بأكمله..
“ياااا عهد.. يااااا جدتي أبوس أيديكم سبوني أناااام”..
صاح بها بنبرة راجية دون أن يفتح عينيه، اقتربت منه “فاتن” وجلست بجواره على الفراش و تحدثت بحنو قائلة..
“يا حبيبي قوم كل حاجة بسيطة و خد علاجك عشان جروحك دي تلم بسرعة و نام تاني”..
جاءت “عهد” من الجهة الأخرى و جلست بجواره أيضًا و أخذت تربت على كتفه برفق و هي تقول بتأيد لحديث حماتها..
“أسمع كلام جدتك يا مالك” ..
وضعت كف يدها على جبهته تجس درجة حرارته مكملة ببوادر بكاء..
” حرارتك بدأت تعلي و ده غلط أوي على جروحك يا أبني.. قوم عشان خاطرنا كل أي حاجة و خد العلاج خليه ينزل حرارتك دي شوية عشان تنام مرتاح”..
أردف “مالك” بنفاذ صبر قائلاً..
“مش هقدر أكل أي حاجة.. لو كلت مش هعرف أنام و أنا جعان نوووم يا جدعان..هتسبوني أنام و لا أروح أنام في القسم؟”..
حركت” فاتن ” رأسها بيأس و هي تطلع ل” عهد” مردفة..
” سبيه يا عهد ينام.. يمكن يتحسن لو نام شوية و يقوم فايق وقتها هياكل”..
“يعني مش هتصحي حتى عشان خاطرنا و تشرب حتى كوباية الحليب دي عشان تغذيك شوية يا مالك؟ “..
قالتها” عهد” بنبرة راجية،
بكى” مالك” بصطناع مدمدمًا..
” حليب يا عهد هو أنا بسنن !! خديها يا جدتي معاكي من فضلك و اقفلوا الباب وراكم، و مش عايز مخلوق يصحيني مهما كان.. سبوني لما أصحى أنا لوحدي”..
انصاعوا لرغبته على مضض و غادروا الغرفة بعدما أعادوا غلق الستائر من جديد، تركوا الطعام مغطي بجانب فراشه، لتستسلم أعين “مالك” للنوم ثانيةً بينما ذهنه حاضر كأنه في حالة بين الوعي و اللاوعي، مدرك و يستمع لكل ما يدور حوله..
” مالك و مكة أحوالهم مش عاجبني خالص يا ماما فاتن و بالذات مكة حاسة أن في حاجة بتحاول تخبيها و دايمًا بقت حزينة و بتسرح كتير أوي اليومين دول “.. قالتها” عهد” و هي تسير بجوارها و قامت بتوجيهها نحو غرفة “مكة” ..
تنهدت “فاتن” و هي تقول بأسف..
“أنا كمان لاحظت يا عهد.. و كمان عرفت أنها أخر مرة خرجت راحت المقابر زارت شهد الله يرحمها”..
لم تنعتها بوالدتها، الأم بنظرها هي” عهد” من قامت بتربيتها كما لو كانت ابنتها من دمائها بعدما تركتها والدتها منذ والدتها لجدتها و انشغلت بأفكارها السودوية الاي كانت السبب الأساسي في طلاقها من زوجها ، حتى تزوجت” عهد” والدها و اهتمت هي بأولاده بنفسها، واصلت الليل بالنهار بجانب طفلة لم تتعدى الثلاث سنوات حتى أصبحت طالبة متفوقة بكلية الطب..
تيبست أقدام” عهد” محلها لبرهة، و تطلعت ل” فاتن” بأعين زائغة تدل على مدى قلقها و توترها و أردفت بتسأل قائلة..
عرفتي منين يا ماما؟ و من أمتي مكة بتروح المقابر لوحدها! “..
اجابتها” فاتن ” قائلة..
” هي اللي قالتلى.. و متخفيش هي مرحتش لوحدها كانت مع حسن رئيس حرس غفران “..
“اممم.. كانت مع حسن!! “.. دمدمت بها” عهد” و قد بدأ يُهاجمها شعور بالريبة تجاه هذا ال” حسن”..
” طيب خلينا ندخل نصحيها و نشوف مالها و ليه مخرجتش خالص من البيت بعد أخر مرة؟! “..
…………………… صلِ على الحبيب………….
” فارس”..
كان يقود سيارته الفارهه بنفسه، يتوسط بها سيارات الحراسة الخاصة به، بجواره تجلس “إسراء” نسخته المصغرة التي تُشبهه في كل طباعه، حتى في نظراته المتكبرة و غروره المثير للأعصاب..
صف سيارته على جانب الطريق فجأة قبل أن يصل لفيلا صديق عمره “غفران المصري” ، عقدت “إسراء” جاجبيها و نظرت له بقلق مردفة بتسأل..
“وقفت هنا ليه يا بابي؟!”..
خلع “فارس” نظارته الشمسية و نظر لها نظرة مطوّلة، نظرة يملؤها لهفة، خوف، حب أبوي صادق و تحدث بهدوء قائلاً..
“إسراء أوعى تفتكري إني جاي معاكِ دلوقتي عند مالك عشان خايف عليكِ منه..أنا واثق أنه يفديكي بروحه “..
“وأنا كمان واثقة أن مالك عمره ما يأذيني.. إحنا متربين سوا و هو بالنسبالي أخ و صديق و رأيه بصراحة يهمني عشان كده طلبت من حضرتك إني أتكلم معاه و أقنعه برغبتي في السفر “..
أبتسم لها” فارس ” و هو يقول بتعقل..
” بس هو مش اخوكى يا حبيبتي و أنتي بالنسبة له مش أخت ولا هتكوني في يوم من الأيام و كلنا عارفين كده و أنتي كمان عارفه حقيقة شعوره من نحيتك.. أنتي مش هتكوني غير حب حياته اللي مستحيل يتنازل عنه و بغض النظر عن الحرب العالمية اللي بيني و بينه بسببك.. بس مالك ده أنا بعتبره زى أبني و بتمني إنك تديله فرصة و توافقي على جوازك منه يا إسراء “..
ساد الصمت بينهما للحظات قبل أن تتحدث”إسراء” بحكمة اذهلت” فارس ” حين قالت..
” حضرتك علمتني إن كل حاجة في حياتنا ليها وقتها.. و لازم نرتب أولوياتنا و نشوف أيه الأهم و بعدين نشوف أيه المهم.. و أنا الأهم عندي حاليًا هو أحقق حلمي في التعليم.. حابة أخلص تعليمي و أخد شهادة تشرف أرفع رأسك أنت و مامي أخواتي بيها”..
صمتت لوهلة و تابعت بابتسامة خجولة قائلة..
“أما بقي موضوع الحب و الجواز ده و ارتباطي ب مالك أو غيره فأنا بصراحة مش مستعجلة عليه خالص “..
ضيق” فارس ” عينيه و رمقها بنظرة متفحصة مغمغمًا..
” عايزه تقنعيني إن في بنوته زي القمر كده زيك عارفه إن في واحد بيعشق الهوا اللي بيطير حواليها و مبتفكرش تعيش قصة حب جنونية معاه ؟!”..
أبتسمت له “إسراء” و تحدث بفخر قائلة..
” أنا بشوف أن البنت اللي بدور على الحب في راجل غريب بيبقي عندها احتياج للحب ده لأنها محرومة منه في حياتها .. لكن أنا ربنا رزقني بأب ربانى بحب الدنيا كلها.. ملي عيني و قلبي و مسابش أي مكان لذرة احتياج جوايا.. ربنا ميحرمنيش منك أبداً يا بابي أنت و مامي”..
تطلع لها “فارس” بفرحة غامرة تسع الكون بأكمله، يرى أمامه الآن حصاد سنوات طويلة أجتهد كثيرًا ليكون خير الأب لها و لأخواتها، حديثها هذا الآن أثبت له أنه قد نجج بجدارة..
” تمام يا بنت فارس.. اقنعتيني بكلامك “..
أشعل محرك سيارته مجددًا و بدأ يقود مكملاً..
“خلينا نشوف هتقنعي الباشا اللي معطل سفرك ده إزاي؟.. عشان لو مقتنعش هخلصك منه مؤقتًا على ما أنتي تحققي حلمك و تخلصي تعليمك و بعدين تحققي حلمي أنا و أمك بجوازك من مالك يا إسراء “..
رفعت” إسراء ” أنفها بكبر، و قد تشكلت على ملامحها نظرات الغرور مردفة ببرود ..
” إن شاء الله هتجوز و هحقق حلمك أنت و مامي يا بابي بس العريس مش هيكون مالك “..
………………. لا إله إلا الله وحده لا شريك له………….
بقصر الدمنهوري..
هبطت” إسراء” الدرج راكضة حين استمعت لصوت صراخات بأسمها..
“يا خالتو إسرااااء.. الحقيني ماما هتموتني”.. كان هذا صوت” فاطمة” ابنة” إيمان ” صديقة” إسراء ” و كانت زوجة شقيق زوجها المتوفي..
“أيه ده.. في أيه يا إيمان؟!”..
نطقت بها “إسراء” بهلع و هي تهرول تجاه “إيمان ” التي تركض خلف ابنتها ممسكة بيدها قطعة من التحف المعدن، بملامح بدت مرعبة من شدة غضبها..
” أوعى يا إسراء سبيني أموتها “..
أحكمت “إسراء ” سيطرتها عليها و صاحت بانفعال قائلة..
“تموتي بنتك بإيدك يا إيمان!.. أهدي و قوليلي أيه اللي حصل لكل ده بس”..
حاولت” إيمان” الافلات منها بشتى الطرق و هي تقول بأنفاس لاهثة نتيجة غضبها العارم..
“البنت اللي ربنا رزقني بيها بعد سنين طويلة من الحرمان..البنت اللي اترملت عليها و عشت بيها و ليها هي و ربيتها بما يرضي الله لحد ما بقت عروسة في تانية ثانوي عام عايزه تسيب التعليم عشان تسافر برة مصر و تشتغل ممثلة!!.. عايزه تسيبني و تبعد عن حضني هي كمان زي ما أبوها و أخوها سبوني يا إسراء “..
كانت تتحدث و عينيها تذرف الدموع.،ضمتها “إسراء ” لحضنها و قد امتلئت عينيها بالعبرات هي الأخرى من شدة تأثرها، ف” إيمان ” كانت تكفلت هي و زوجها بطفل صغير إسمه” محمود” حين ظنت أنها لن تستطيع الإنجاب، قامت بأرضاعه و أصبح عزيز قلبها الذي عوضها به الله، ليكافئها الله علي صبرها و معاملتها الحسنة بالصغير بحملها للمرة الأولى لكنها أصبحت أم للمرة الثانية، ف “محمود” كان ابنها الأول، كانت حياتها مثالية تمامًا قبل أن يصفعها الزمن صفعة دامية حين توفي زوجها و أبنها بحادث سير منذ عشرة سنوات، جمعت شتات نفسها لأجل صغيرتها و دفنت حزنها بقاع قلبها راسمة القوة و الثبات من أجلها.. لكنها تحيا بقلبٍ محترق دمره فراق أغلى و أحب البشر بالنسبة لها..
تطلعت لها “إسراء” بصدمة و تحدثت بذهول قائلة..
“عايزه تسافري و تسيبي أمك يا فاطمة؟!”..
فتحت “فاطمة” فمها لترد عليها، لكنها أغلقته ثانيةً و ابتلعت صرخة مرتعدة حين صاحت “إيمان” بصراخ مقهور قائلة..
“يا ريتها عايزه تسيبني أنا بس.. بقولك عايزه تسيب التعليم كمان يا إسراء “..
“أنا مش هسيبه غير سنة واحدة و هرجع أكمل تاني يا ماما “.. قالتها “فاطمة” التى اقتربت و وقفت خلف ظهر “إسراء” ..
“و ليه تضيعي سنة من عمرك بس يا بنتي”.. غمغمت بها “إسراء” و هي تجاهد لأبعاد يد ” إيمان ” عنها..
قالت” فاطمة” ببكاء مصطنع..
” معروض عليا فرصة بطولة فيلم في هوليوود متتعوضتش يا خالتو.. مستحيل اضيعها من أيدي لو فيها موتى.. و عماله اتحايل على ماما عشان توافق و تسافر معايا و هي مش راضية”..
تنهدت” إسراء” بنفاذ صبر قائلة..
“يا بنتي ما أنتي عاملة شغل حلو أوي و أنتي هنا في بلدك.. كفاية إنك جنب أمك و بتكملي تعليمك.. و بعدين متضمنيش شغل برة ده هيكون عبارة عن أيه.. خصوصاً دول أجانب و أكيد شغلهم هيبقي مختلف عن شغل التمثيل اللي عملتيه هنا في مصر “..
تحدثت” إيمان” بنبرة متوسلة قائلة..
“قوليلها يا إسراء.. فهميها أنتي أنا مش موافقة و لا هوافق على اللي هي عايزه تعمله ده ليه.. فهميها أنتي أيه اللي ممكن يجرالنا أيه أنا و هي و إحنا لوحدنا في بلد غريبة و مع ناس أغراب منعرفهمش”..
نفخت” فاطمة” بضيق و هي تقول..
” لو أنتي خايفة على نفسك متسافريش معايا و خليكي هنا”..
” و تسافري أنتي لوحدك إزاي بس يا بنتي؟! “..
أردفت بها” إسراء ” بتعجب من إصرارها، لتعقد” فاطمة” كلتا يديها أمام صدرها و رمقتها بنظرة ساخرة مرددة..
” طيب ما إسراء بنتك هتسافر تكمل تعليمها برة مصر و لوحدها يا خالتو! “..
” قولتلك سبيني أموتها يا إسراء”.. هدرت بها” إيمان ” و هي تهجم عليها على حين غرة و تجذبها من خصلات شعرها السوداء الفاحمة بمنتهي العنف، لتسرع “إسراء” بتخليصها من يدها، و تحدثت بنبرة راجية قائلة..
” يااا إيمان أهدي.. مش كده يا حبيبتي ليجرالك حاجة “..
نظرت ل” فاطمة” نظرة نارية، لتبادلها النظرة بأخرى جامدة، و تحدثت بغضب قائلة..
“و مين قالك أني موافقة و لا حتى هوافق على سفر بنتي؟.. و لو حصل و وافقت ف بنتي مبتخطيش خطوة واحدة هنا إلا و وراها حراسة مشددة و أكيد مش هتسافر من غيرهم يعني مش هتبقي لوحدها زي حضرتك يا فاطمة هانم”..
لم تعاير حديثها أي إهتمام، و نظرت لوالدتها نظرة خالية من المشاعر و تحدثت بلهجة حادة لا تقبل الجدال قائلة ..
” لو منعتيني من السفر يا ماما و الله لأموت لك نفسي و أحصل أخويا و أبويا “..
…………………. سبحان الله وبحمده ……..
بفيلا” غفران”..
دلف “فارس” برفقة ابنته، محاوط كتفيها بحماية،رفع حاجبيه بدهشة حين لمح “زين، فهد، فارس” أبناء “غفران” يأتون راكضين نحوه..
” يا مراحب بالغالي أبو الغوالي”..
نطقوا بها بنفس واحد و هم يبحثون بأعينهم عن باقية بناته..
“يا أهلاً بالبهوات”.. قالها و هو يتنقل بنظره بينهم بحاجب مرفوع..
“أيه ده يا فارس يعني أنت يوم ما تحن علينا و تيجي عندنا تيجي أنت أنت و إسراء بس؟!”..
قالها “زين” و هو يبتسم له ابتسامة مزيفة، و عض على شفتيه السفلية في الخفاء بحركة وقحة مكملاً..
“مجبتش معاك زهراء الفرسة حجي ليه بس يا جدع؟ “..
صاح “فهد” بغيظ قائلاً.. “و لا جبت فراستي.. قصدي رواء ليه بس يا كبير!! “..
بينما أبتسم” فارس ” الصغير ابتسامة ماكرة تدل على أنه اكتسب صفاته أيضًا و ليس إسمه فقط حين قال بخبث..
“أنت نورتنا انهارده و بما إنك نورت هنا فأكيد ضلمت هناك عند البنات فأنا هروح لهم أنور بدالك على ما تاخد أنت قعدتك و ترجع بيتك”..
” خدنا ننور معاك عنده هناك ياض”.. أردف بها “زين، فهد” و هموا بالركض من أمامه ليوقفهم هو بإشارة من يده، و ينظر لابنته “إسراء” و تحدث بهدوء مريب قائلاً..
” روحي أنتي ل عهد و مكة و اقفين مستنينك و أنا هحصلك”..
أومأت له و دلفت هي للداخل، لينتظر هو قليلاً حتى تأكد أنها ابتعدت بالقدر الكافي و تحدث بتحذير قائلاً..
“اللي هيروح هناك هيضرب.. أنا مدى أوامر للحرس لو لمح خيال حد فيكم أنتو التلاتة يضربه”..
دوت صوت ضحكاتهم و ساروا من أمامه بخطي واسعة مرددين..
” ضرب الحبيب أحلى من الزبيب يا دمنهور”..
“بس دي مش أي ضربة.. دي هتبقي الضربة القاضية يا ولاد غفران “.. هكذا اوقفهم عن استكمال سيرهم، استداروا ببطء و نظروا له بتوجس ليبتسم هو لهم إبتسامة مصطنعة مكملاً..
“أيوة بالظبط زي ما فهتموا كده.. بعت جبت طقم نبل جديد لانج بيشتغل ديجيتال من هولندا مخصوص عشانكم و وزعتهم على الحرس و طبعاً أنتوا أكيد عارفين أنا وصيتهم ينشنوا فين”..
“أنا بقول ميصحش نسيبك و نمشي يا فارس باشا”..
قالها “زين” و هو يدفع أشقاءه للداخل مرة أخرى و يصعدون معه الدرج المؤدي لداخل المنزل..
………………………….. سبحان الله العظيم…..
” إسراء “..
عانقت” عهد” و من بعدها” مكة” مردفة بصوتها الناعم..
” وحشتوني أوي أوي يا عهودة أنتي و مكة”..
“أنتي اللي وحشتينا يا إسراء”.. قالتها “فاتن” التي انضمت لهم للتو، لتهرول “إسراء” نحوها و تعانقها هي الأخرى مرددة بودٍ..
“حبيبتي يا نانا فاتن”..
” أهلاً أهلاً بحبيبتي بنت حبيبي”.. قالها “غفران” و هو يقترب منهم و وقف ينتظرها تنهي سلامها على والدته..
” انكل غفران.. واحشتني يا انكل”..
أردفت بها “إسراء” و هي تهم بعناقه هو الأخر، لكنها شهقت شهقة قوية حين وجدت “مالك” ظهر لها فجأة من العدم و وقف حائل بينها و بين والده بعدما خرج مندفع كالقذيفه المتوهجة من غرفته فور وصول صوتها لسمعه، كان سيره حثيثًا أقرب إلى الهرولة،مكتفي بسروال قطني من اللون الأسود، عاري الصدر ليظهر الشاش الطبي الموضوع على جرح كتفه، و آثار الجروح الأخرى المتفرقة عل كامل جسده..
سار نحوها.. هدفه هي و مقصده، عينيه مصوبة عليها هي وحدها،
صدمة أصابت الجميع بالشلل المؤقت حين خطف”مالك” “إسراء” من بينهم، احتوي خصرها الصغير بذراعه السليم، و حملها لداخل حضنه حتى لم تعد قدميها لامسة الأرض و أختفي بها من أمامهم لداخل غرفته صافعًا الباب خلفه بالمفتاح في طرفة عين، كان يتحرك كالذئبق تركهم في حالة ذهول، يتطلعون لبعضهم البعض بفمٍ مفتوح ..
“خير يا جماعة مالكم واقفين كده ليه؟!”..
كان هذا صوت “فارس” الذي دار بعينيه يبحث عن ابنته بينهم، فلم يجد لها أثر، فنظر لصديقه و تحدث بنبرة مخيفة قائلاً..
“فين بنتي يا غفران؟!”..
هنا فاقوا من صدمتهم، و ركضوا جميعهم بلا استثناء حتى وصلوا لغرفة ذلك ال “مالك”..
” أفتح يااااا حيوااان”..
صاح بها “غفران” و هو يطرق على الباب بكل قوته، ليأتيه صوت “مالك” يقول بسعادة بالغة و هو يقترب بخطوات متلهفة من “إسراء” التي تقف أمام الخزانة الذي صنعها خصيصًا لأجلها، تشاهد ما بداخلها بأعين منبهرة، فقترب هو منها حاصرها بينه بجسده ..
“ابعت هات فارس الدمنهوري”..
غمز لها بإحدى عينيه مكملاً..
“حمايا و قوله بنته جت لي لحد البيت تطلب أيدي للجواز و أنا وافقت.. خليه يجيب معاه المأذون و يلحقني قبل ما أدخل بها……….. “..
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مالك المصري)