روايات

رواية ليل يا عين الفصل الرابع عشر 14 بقلم رضوى جاويش

رواية ليل يا عين الفصل الرابع عشر 14 بقلم رضوى جاويش

رواية ليل يا عين الجزء الرابع عشر

رواية ليل يا عين البارت الرابع عشر

ليل يا عين
ليل يا عين

رواية ليل يا عين الحلقة الرابعة عشر

١٤- نقش فرعوني

ظلت على حالها متكومة على فراشها تتطلع إلى الفراغ أمامها تنتظر عودته التي لا أمل فيها، وعلى الرغم من ذلك تستجديها لعل الله يخلف ظنونها وهواجسها .. مدت كفها تحتضن هديته، تتشبث بها كما تمنت لو تشبثت بصاحبها تمنعه الرحيل لمبتغاه ..
دمعت عيناها وهي تستمع لبعض الجلبة بالخارج لكن صوت تلك السرينة المميزة جعلها تدرك أنها ليست الجلبة التي كانت تنتظرها برغم من أنها كانت تتوقعها ..
انفرج الباب بعنف ليدخل إلى حجرتها عدد من العساكر، وأخيرا ظهر الضابط الذي اندفع نحوها في ألفة كأنه يعرفها منذ زمن متسائلا :- أنتِ بخير يا آنسة عين !؟..
أومأت برأسها إيجابا رغم شرودها الذي لم يستغربه، بل إنه قام بمعاونتها على الخروج من الدار لتركب عربته وبإحضانها حقيبة أموالها وهي لاتزل تتشبث بهدية غائبها .. مفتاح الحياة ..
**************
صرخت نجوى في سعادة غامرة وهي تكاد تعتصر هاتفها :- صحيح !؟.. أنت بتتكلم جد يا هشام !؟..
صمت للحظة فقد كانت المرة الأولى التي تزيل فيها الألقاب فيما بينهما وهمس مندفعا في سعادة :- أول مرة اسمعك بتناديني باسمي بدون ألقاب .. يا ريتني كنت لقيت أختك من زمان ..
اضطربت بدورها فلم تكن تقصد أن تغفل التكليف، لكنها السعادة بعودة أختها التي جعلتها تتخطى الحدود دون أن تدرك، فهمست متسائلة تحاول تجاهل كلماته :- هي كويسة !؟.. وهاتيجي إمتى !؟.. ولا نيجي ناخدها إحنا !؟..
هتف هشام مازحا :- يا ستي صبرك عليا .. إحنا بس هناخد منها كلمتين وأنا هجبها بنفسي لحد عندكم .. سلميلى على الوالدة .. وبشريها برجوع الآنسة عين .. حمدا لله على سلامتها ..
هتفت نجوى في سعادة :- حاضر .. هجرى افرحها أهو .. ومتشكرين أوى على تعبك معانا .. الله يسلمك يا حضرة الظابط .. هشام ..
قالت كلماتها الأخيرة في تردد، فقهقه هو لأفعالها واغلق الهاتف مودعا ليعود لعين الحياة التي تركها تتناول عصير الليمون حتى تستعيد بعض من اتزانها قليلا ..
***************
رفعت عين الحياة كوب العصير لترتشف منه القليل قبل أن يهتف هشام مؤكدا :- ايوه .. زي ما بقول لحضرتك كده .. موضع الآنسة نجوى كله كان مجرد هزار عشان تطلعك من دوامة الشغل والمسؤولية اللي كنتِ رامية نفسك فيها من ساعة وفاة الوالد ..
همست عين متحشرجة الصوت :- يعني مكنش لا فيه عصابة ولا فدية !؟..
ابتسم هشام مؤكدا :- بالظبط .. بس للأسف أنتِ قريتي الرسالة اللي نجوى .. أقصد الآنسة نجوى بعتتهالك غلط .. بدل اللقاء ما يكون في فندق أبو سمبل أنتِ قرتيه ف معبد أبو سمبل..
ولما روحتي هناك كان فيه عصابتين بيتاجروا ف الآثار أنتِ وقعتي بين أيدين حد فيهم ..
ترددت للحظة قبل أن تسأل :- طب وايه اللي حصل للعصابة اللي هاجمتوها !؟.. يعني ..
هتف هشام مقاطعا :- الحمد لله قدرنا نخلص الآثار من أيديهم .. بس معرفناش نمسك حد فيهم حي .. كلهم ماتوا ..
ارتجفت عندما شعرت بوقع الحقيقة على قلبها وهمست في عدم تصديق :- كلهم !؟..
أكد هشام :- كلهم .. حداد والراس الكبيرة مرعي، وأس المصايب كلها ليل الجارحي .. ده ياما دوخنا وراه .. بس أهم نالوا جزاءهم ..
هزت رأسها في اضطراب وهمست بصوت متحشرج وهي تنهض مترنحة :- معلش يا حضرة الظابط ممكن استأذنك نأجل التحقيق شوية عشان أنا فعلا تعبانة وعايزة أرجع الفندق استريح ..!؟
هتف هشام معتذرا :- اه طبعا يا آنسة عين .. أنا آسف إني ضغطت عليكِ ف التحقيق .. كان لازم أراعي الضغط العصبي اللي كنتِ فيه .. اتفضلي هوصلك بنفسي للفندق ..
هتفت عين معترضة :- لا مفيش داعي تتعب نفسك.. واضح إن عندك شغل كتير وأنا هاخد تاكسي من قدام القسم .. متشكرة جدا وبإذن الله هاجي بكرة نستكمل التحقيق ..
هز هشام رأسه موافقا وتركها ترحل في عجالة، لتستقل إحدى سيارات الأجرة حتى الفندق .. ألقت بالحقيبة ارضا واتجهت للنافذة تفتحها تحاول استنشاق أكبر قدر ممكن من الهواء ربما يخفف من تلك النيران التي يستعر لظاها بين أضلعها في وجع أصم .. وقفت تتطلع إلى النيل ومراكبه الشراعية الراسية على شاطئه ليتناهى لمسامعها صوت ناي يعزف من إحدى تلك المراكب وصوت يشاركه الغناء في شجن :-
الأولة ااه .. يا ليل ..
چدع بالعشج جلبه سبوه
والتانية ااه.. يا عين ..
بنية چمالها ما تلجى أخوه ..
والتالتة .. اتفرجوا الأحبة ..
كل خل عن وليفه غربوه ..
يا مچمعين الأحبة ..
ردوا كل حِب لحبيبه ..
يا تشاورا الصبر ع الفرجة فين نلجوه ..

تحول ذاك الوجع الأخرس داخلها إلى شهقات متتابعة، تبعها شلال من دموع ظلت تذرفها في قهر ووجيعة وهي تحتضن هديته بكلا كفيها تعتصرها في شوق لصاحبها الذي أصبحت تدرك اللحظة بكل يقين أنها لن تره مرة أخرى ما حيت ..
لكنها كانت تدرك تماما أن ذكرى ليل الجارحي ستظل منقوشة على جدران روحها كنقش فرعوني من المستحيل طمس معالمه أو حتى ترجمة أحرفه..
***************
هللت نجوى في سعادة وهي تحتضن عين عندما هلت عليها ما أن انفرج باب شقتهن عن محياها بصحبة النقيب هشام ..
احتضنتها أمها في فرحة لعودتها وكذا فعلت هي على الرغم من كل ما يحتل روحها من أوجاع إلا أنها تظاهرت بالفرحة كذلك إسعادا لأمها التي علمت أنها اجتازت محنة صحية بسبب حزنها على ما حدث لها وكذلك نجوى التي كانت لا تزل تحمل نفسها ذنب ما حصل كله ..
هتفت نجوى مرحبة بهشام :- اتفضل يا حضرة الظابط ..
هتف هشام معترضا :- لا مش هاينفع دلوقت .. لازم اروح بقى واسيبكم مع عين .. وهبقى اطمن عليها منك .. خدي بالك منها واضح إن التجربة اللي مرت بيها مكنتش هينة عليها ..
اومأت نجوى في طاعة، لينصرف هشام لتتبع نجوى أمها وعين لحجرة الأخيرة ..
دخلت عين الحجرة وكأنها غابت عنها سنين طويلة تطلعت حولها في تيه وهمست :- أنا عايزة أنام .. كأني منمتش من سنين ..
ربتت أمها على كتفها هامسة في تعاطف :- طبعا يا حبيبتي .. نامي ومحدش هيصحيكِ إلا لما تصحي لوحدك ..
خرجت أمهما من الغرفة وهمت نجوى باتباعها إلا أنها اقتربت من عين محتضنة إياها في شوق وهمست باكية :- سامحيني يا عين .. أنا ..
ابتسمت عين في مودة رابتة على كتف أختها تحاول ان تطمئنها هامسة :- أسامحك على ايه بس يا نجوى !؟.. انتِ معملتيش حاجة أسامحك عليها.. روحي خليكِ مع ماما وأنا هنام شوية وبعدين اصحى ونتجمع تاني سوا زي زمان ..
قبلتها نجوى في عجالة، واندفعت لخارج الغرفة تغلق بابها خلفها لتتمدد عين على فراشها متطلعة لسقف غرفتها متعجبة من حال نجوى التي تظن أنها أجرمت في حقها، وهي لا تدرك أنها على الرغم من كل ما حدث قد جعلتها تدرك أن لها قلب ينبض وروح تعشق .. وأن هذه التجربة التي مرت بها ستظل الأروع على الإطلاق ..

***************
تطلعت نجوى لأختها في قلة حيلة هامسة في حنق:- إيه العمل دلوقت يا عين !؟.. بقالنا أسبوعين بنحاول بكل الطرق تسديد الديون اللي ع المصنع مأمكنش .. هنسيب مصنع بابا يروح مننا كده !؟..
هتفت عين تحاول التخفيف عن نجوى كما كانت تفعل دائما :- يا حبيبتي أنتِ إيه بس اللي شاغلك بالفواتير والديون .. أنتِ عروسة خطوبتها بعد كام يوم .. يعني تقومي تجهزي نفسك وتفرحي ..
هتفت نجوى في ضيق :- خطوبة ايه يا عين بس ف اللي إحنا فيه ده .. أنا بفكر نأجلها شوية لحد ما نشوف موضوع المصنع ده هايرسى على إيه ..
هتفت عين محتجة :- إيه تأجليها دي !؟.. يا بنتي ده هشام كان يحصل له حاجة ..
قهقهت نجوى متذكرة كيف كان يحاول إقناعهن بعقد القران مباشرة وتجاوز الخطبة وهتفت مؤكدة:- عندك حق .. ده ممكن يروح فيها .. وحقنا للدماء خلاص نتراجع ف موضوع التأجيل ده .. بس برضو معرفناش هانعمل إيه ف المصنع !؟..
هتفت عين متنهدة في قلة حيلة :- خلاص يا نجوى.. مبقاش عندنا وسيلة ومستخدمنهاش.. الموضوع بقى أكبر من قدراتنا وللأسف .. المصنع هيتباع ف المزاد العلني .. والسعر اللي هايجي منه هيتسدد منه الديون ولو فيه باقي من فلوس البيع هنحطها وديعة ف البنك لأي ظرف ..
همست نجوى في حِزن :- يعني خلاص مفيش أمل..!؟..
هتفت عين في نبرة يعتصرها الحزن :- للأسف مفيش يا نجوى ..
وتطلعت لصورة أبيها الفوتوغرافية التي تزين الجدار أمامها :- ربنا يرحمك يا بابا .. كان نفسنا يفضّل المصنع عليه اسمك .. لكن ما باليد حيلة .. سامحنا يا غالي ..
سالت دموع نجوى في صمت وقد أدركت كلتاهما أن الأمر خرج عن السيطرة وما عاد لهما القدرة على إيقاف مجرى الأحداث …

******************

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ليل يا عين)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى