روايات

رواية ليلة بكى فيها قلبي الفصل الثالث 3 بقلم موني عادل

رواية ليلة بكى فيها قلبي الفصل الثالث 3 بقلم موني عادل

رواية ليلة بكى فيها قلبي الجزء الثالث

رواية ليلة بكى فيها قلبي البارت الثالث

ليلة بكى فيها قلبي
ليلة بكى فيها قلبي

رواية ليلة بكى فيها قلبي الحلقة الثالثة

الحقيقة مره والحال لا يطاق ففي قلبي ألم لا يفهمه أحد غيري هناك دمع يقف على أطراف عيني وقلبي يبكي قهراً فلا استطيع البوح بما في داخله كانت تلك كلمات حنين التي ظلت ترددها بداخلها كانت صلبة من الخارج وعينيها ترفض السماح لدموعها بالانزلاق فعندما أفاقت في المشفى لم تنطق بالكثير بل كل ما نطقت به أنها تريد القصاص ثم اخبرته أنها تريد الخروج من هنا والذهاب للمنزل انكمشت على نفسها وأغمضت عينيها مع دخول السيارة للحي الشعبي الذي تسكن به فوقفت سيارة الأجرة امام المنزل ليترجل والدها أولاً ثم أشار إليها لتترجل هي الأخرى ومد ذراعه يساعدها على ذلك لينبش الرعب مخالبه على خافق حنين خاشية من أعين الناس التي ستتسلط عليها ما أن تخرج من السيارة متسائلين عما حدث لها فقالت بصوت يرتجف خوفاً وهي تستعد لمغادرة السيارة
(( هل سيصدقونني يا أبي أم سيظلمونني ويرمونني بالباطل ؟ ))
سألها هو الاخر بصوت خافت لا يكاد يسمع
(( وهل يعنيك حديث الناس أم أخد القصاص ؟))
تمتمت بوجه يزداد شحوباً
(( أريد حقي .))
لم ينطق ببنت شفه وساعدها على الخروج ليجتمع مجموعة من الناس حولهم يتسألون عن ما يحدث معهم وما بها ابنتهم ليتجاهل شاهين حديثهم ويسرع بابنته ناحية المنزل .
لتقف سيارة فارهة أمام المقهى المجاور لمنزل حنين ليتسأل صاحب السيارة عن منزل حنين شاهين ليشير إليه الرجل على المنزل فألتفت بنظرة حيث يشير ليلمحها من ظهرها وهي تدخل للمنزل فلم يراها جيداً ليهمس بصوت جليدي متشنج
(( هذه هي ؟))
ليجيبه الرجل قائلاً
(( نعم هي لا نعلم ما أصابها فلقد خرجت منذ عدة ساعات بحالة يرثى لها لتعود وهي على نفس الحال .))
اخرج عدة ورقات نقدية كبيرة يعطيها للرجل فأخذها الأخر وهو لا يصدق ينظر للمال بسعادة ، كاد خاطر أن يوقف محرك السيارة ويترجل منها للذهاب لمنزل تلك الفتاة والوصول لحل معها ولكن رنين هاتفه منعه من فعل هذا أمسك بالهاتف يستمع لإحدى العاملات في القصر ولكن سرعان ما خطف والده منها الهاتف وهو يخبره ان فضيحته اصبحت علنيه فلقد أتت الشرطة منذ قليل وأخذت أمجد ليتم التحقيق معه في التهمة المنسوبة إليه لينهي خاطر المكالمة مع والده وهو يطمئنه ويخبره ألا يقلق وأن كل شيء سيكون على ما يرام وان عليه ان يعتمد عليه في حل ذلك الأمر فما أن أنهي المكالمة معه حتي ضرب كفه بقوة في عجلة القيادة وهو يشعر بفوران الدماء في رأسه فأشغل محرك السيارة وتحرك بها يخرج من ذلك الحي قاصداً قسم الشرطة .
************
رغم الارتباك الذي كان يلفه إلا أنه أخذ نفساً عميقاً يستعد رباطة جأشه ثم تشجع وتحرك ناحية مكتب الضابط يطلب اذناً للدخول فلقد كان على وشك مقابلة الفتاة وعائلتها ليجد حلاً ودياً لتلك المشكلة وليعرض عليهم ما لديه من عروض ماديه مقابل التنازل عن المحضر وإن لم يوافقوا سيخبرهم بعرض الزواج ولكن اتصال إحدى العاملات في القصر هو من أوقفه عن إكمال ما أت من اجله ليخبره والده عبر الهاتف أن الشرطة قد أتت للقصر وأخذت أمجد معهما لقسم الشرطة فما كان عليه إلا أن يذهب خلفه وهو يتحدث مع المحامي الخاص بهم يطلب منه لقائه في قسم الشرطة ، سمح له الضابط بالدخول فخطئ خاطر بإتجاهه يمد يده إليه وهو يعرفه بنفسه ليرحب به الضابط وهو يطلب منه الجلوس ، جلس خاطر على المقعد أمامه واضعاً قدم فوق الأخرى وهو يسأله بصوت أجوف
(( هلا أخبرتني لما تم القبض على شقيقي ؟))

رمقه الضابط بنظرة قوية قبل أن يخبره قائلا
(( شقيقك متهم بهتك عرض فتاة بكر واغتصابها لذلك سيظل بالحبس حتي يتم عرضه على النيابة صباحاً .))
حاول خاطر أن يظهر عدم معرفته لجرم شقيقه فنظر للضابط ببلاهة وهو لا يستوعب ما نطق به ليقول بعينين غاضبتين وهو يلوح بيده
(( غير صحيح تلك الفتاة كاذبه طامعة في المال .))
نظر له الضابط مستفسراً وهو يرفع إحدى حاجبيه
(( كيف عرفت انها كاذبة؟ ))
وقف يدور حول المكتب ثم أكمل حديثه قائلا
(( لا أظن أن تلك الفتاة تحديداً ستفعل هذا تبدؤ بريئة والطب الشرعي سيظهر حقيقة الأمر …. أنصحك أن تتحدث إلي محامي ليكون حاضراً معه غداً فوجودك هنا لن يجدي نفعاً .))
رمقه خاطر بغل قبل أن يبدل نظرته لأخري وهو يقول برجاء
(( هل من الممكن أن تسمح له بالمبيت في غرفة مكتبك أو في أي غرفة من الغرف المجاورة لك حتي الصباح ؟))
مط الضابط شفتيه مفكراً قبل ان يخبره برفضه ليرمقه خاطر بنظرة غاضبة ثم سرعان ما ابتسم ابتسامة خبيثة وهو يقف مغادراً مكتب الضابط ليقابله المحامي في الطرقة المؤدية لمكتب الضابط ففتح المحامي فمه يهم بالاعتذار منه عن التأخير إلا أن خاطر تحدث من بين أسنانه بغضب
(( جد لي حلاً وأخرجه … أريده أن يخرج سريعاً دون اثبات أي شيء عليه .))
رفع المحامي كفه يمسد على جبينه وهو يقول بتلعثم
(( لا تقلق كن مطمئن سأقرأ المحضر الأن وأسهر طوال الليل لأجد الحال المناسب أعدك أنني سأخرجه منها .))
هز رأسه مطمئناً وقد ظهرت الراحة على ملامح وجهه بعض الشيء مغادراً لقسم الشرطة كم كان يتمني لو يستطيع ترك امجد يتعفن في السجن ونيل عقوبته لعله يصلح بعد ذلك ولكنه لا يستطيع فعلها فسمعة والدهم ستكون وقتها على المحك فما ازاد الأمر سوء أنه عرف أن تلك الفتاة تقطن بالحي الذي يستعد والده لترشيح نفسه للانتخابات به ، سيكون هناك مشكلة كبيرة إن تسرب الخبر وعرف به الجميع فإن لم يُمنع والده من المشاركة فسيرسب بسبب تصديق الجميع لتلك الفتاة التي تقطن حيهم منذ الصغر يعلمون حقيقتها سيصدقونها بالتأكيد لذلك شعر بالذعر عندما قرأ اسمها وعنوانها ، بينما بدا المحامي أولى خطواته لإيجاد حل سريع لإنهاء الأمر قبل أن يعلم أحد بحقيقة الأمر .
******************
دخلت حنين لغرفتها فساعدتها والدتها في إزالة ملابسها عنها وهي تطلب منها أن تدخل للمرحاض لتستحم أولاً ومن ثم تحظى بالراحة كانت حنين لا تشعر بشيء غير قطرات المياه المتساقطة فوق رأسها بحزن وكأنها تعزيها فيما فقدته شعرت وكأنها مغيبة تدعو بداخلها أن يظهر بصيص أمل أمامهم ليأخذ الجاني عقابه أغمضت عيناها بقوة وهي تتذكر رد فعل جيرانها عندما أتت منذ قليل فما أن خرجت من سيارة الأجرة حتي تدافع إليهم بعض المارة يسألون عن ما يحدث معها ليلزموا الصمت ولكن إلي متي سيصمتون سينتشر كل شيء عاجلاً والكل سيري من منظوره …..فهناك من سيقف معها ويصدقها ….وهناك من سيرفض تصديقها ويجلب سيرتها بالسوء ….. أقفلت والدتها مرش المياه وأخذت تجففها فوالدتها هي من تحركها بعدما ساعدتها على الاستحمام وتبديل ملابسها .
ما أن خرجت حنين من المرحاض تسطحت على الفراش وعيناها مثبتة على والدتها التي تتجاهل النظر بداخل عينيها حتي لا تري حسرة قلبها المنعكسة في عيناها فلم تكف والدتها عن البكاء للحظة واحدة ، تكورت حنين على نفسها وهي تشعر بألآم حادة تضرب جسدها ككل…. عيناها تثقل بشدة فلم تعد قادرة على فتحهم أكثر ….كم تتمنى أن يكون كل ما حدث على مدار اليوم مجرد كابوس مزعج وتفيق منه لتجد كل شيء كما كان بالامس .
اقتربت منها والدتها فجلست على طرف الفراش ومدت كفها تمسد على خصلاتها وهي تنظر للكدمات التي تملئ وجهها تدعو من قلب أم مقهور على من تسبب في أذية ابنتها بتلك الطريقة الشنيعة ، وقت تميل فوقها وهي تسحب الغطاء عليها ثم انسحبت للخارج بهدوء كي لا تزعجها …. وقعت عيناها على زوجها الجالس على مقعد في صالة المنزل ينظر لتقرير المشفى الممسك به بين كفه مقرراً أن يذهب غداً صباحاً ويري محامي ليعرف ما سيكون عليه وضع القضية لمحها شاهين فوقف يغادر قبل أن تسأله زوجته عن شيء لا يستطيع إجابتها فقرر الانسحاب .
*************
كانت تسبح في بحور أحلامها ترسم أمامها صورة شاب بعيون ناعسه وانف مدبدب وشفاه صغيرة ورديه وحاجبان كثيفان وذقن خفيفة ذو شعر أسود طويل بعض الشيء لكنه مبعثر يمتلك ابتسامة جذابه وطول متوسط بجسد رياضي كان يركض باتجاهها فوقف على بعض خطوتين منها فرفع عمرو أصابعه يدلك بها مؤخرة عنقه وقد لفه التوتر ليقول
(( من هذا الشاب الذي كان يتحدث إليكِ؟))
امتقعت ملامح حنين ثم قلبت عينيها وهي تقول بعبوس
(( عمرو هذا لا يجوز لا يوجد شيء بيننا لتسألني كلما تراني مع من كنت واقفة أو مع من أتحدث ولكن لأريحك فقط سأجيبك هذه المرة هذا زميل لي كان يطلب مني دفتر محاضراتي لينقل بعض المحاضرات منه ..هلا ارتحت الأن ؟ ))
ارخت ملامح وجهها عندما رأت هيئته والضيق الذي ظهر عليه من حديثها ارادت قول شيء ولكنه قاطعها وهو يؤمي لها برأسه ثم غمغم بتفهم
(( على كل حال لم أقصد ان أتدخل في حياتك يبدو أنني فهمت حديثك واعترافك لي في المرة السابقة بشكل خاطئ اعتقدت أن اعترافك بالحب تجاهي يعطيني الحق في التدخل في كافة شؤنك .))
اجابته حنين بعفوية
(( بالطبع سيكون لك كل الحق ولكن ليس في الوقت الحالي بل عندما ننتهي من الجامعة ونتخرج وقتها فقط أستطيع الارتباط بك رسمياً .))
زم عمرو شفتيه ثم قال بتأكيد
(( أنتِ حالمة فمنذ أن أحببتك ونحن مرتبطين رسمياً وسنظل إلي أن يجمعنا رابط شرعي .))
اتسعت ابتسامتها ولكن سرعان ما ظهر الامتقاع على وجهها وهي تلتفت لتري صديقتها تقف تراقبها عن بعد هي واثنتان من زملائها يتحدثان وهما يشيران بأعينهم تجاهها فازدردت ريقها وهي تتحرك من أمامه دون أن تخبره برغبتها في المغادرة تنحنح وهو يشعر بالإحراج ثم بدأ يتحرك ناحية قاعة المحاضرات بينما وقفت حنين أمام صديقتها وهي تلقي السلام ليجيبوها ثم سرعان ما قالت صديقتها مازحة
(( من هذا الشاب الذي جعل عيناك تخرج قلوب حمراء ؟))
التفتت ترمقها حنين بتحذير مطل من عينيها ثم قالت بجدية تامة خالية من أي مزاح أو ود
(( لا داعي لهذا الحديث فذلك الشاب يسكن بنفس الحي الذي اسكنه ولا يوجد شيء بيننا فلا اريد ان يتحدث أحد في الأمر مجدداً .))
صمتوا اصدقائها ولم يتطرف أحد منهما للتحدث معها في أي شيء أخر على مدار اليوم تجاهلوا قصة وقوفها مع الشاب وكأنها لم تحدث من الأساس لينتهي اليوم سريعاً وينقلب الجو وتبدا عاصفة قوية لينسحبوا جميعاً الواحدة تلو الأخرى مغادرين الجامعة ولتظل هي واقفة أمام مبنى الجامعة حتي رأت سيارة هذا الشاب كانت حنين تجاهد في نومها لتستيقظ تهز رأسها يميناً ويساراً وهي تنادي على عمرو لينقذها ولكن صوتها لم يكن يخرج حاولت كثيراً إلي أن استيقظت كلياً جالسة نصف جالسة على الفراش تنتفض من شدة خوفها وكأن الساعات التي مرت عليها لم تكن وانها مازالت تعيش كل شيء من جديد كانت مذعورة بشدة لتلوح أمامها صورة حبيبها صاحب العيون الناعسة ليزداد بكائها ويرتفع صوت نحيبها فدفنت وجهها في الوسادة وهي تودع صورة حبيبها التي لطالما رسمتها بداخل مخيلتها ولكن بعد اليوم ستمحي أي ذكرة لها معه فهي لم تعد تصلح له او لغيره بعد اليوم تعلم أنها ستنقض وعدها معه ولكن ما باليد حيلة عاجلاً أم أجلاً سيعلم جميع من في الحي وهو أيضاً لن يتحمل ما حدث لها ولن يستمر معها بعد أن يعلم بما اصابها تعلمه جيدا. وتعلم تفكيره فشخص غيور مثلة لن يتحمل ان تربطه علاقة معها عند وصول تفكيرها لتلك النقطة اجهشت بقوة وحبات اللؤلؤ تتساقط من عينيها الحبة تلو الأخرى .
جلس أمجد طوال الليل على الأرض في إحدى زوايا الحبس ينظر للسماء من بين الاعمدة الحديدة التي تتوسط النافذة كان يشعر بالاختناق وكأن روحه ستزهق في أي لحظة وحبات العرق تنبض على جبينه في شتاء شديد البرودة ينتظر أن يخرجه والده أو خاطر من هنا كم يشعر بالاشمئزاز من المساجين الذين يشاركونه الحبس ينظر إليهم بالدونية وكأنه أفضل منهما لا يعلم أنه مثلهم تماماً بل هناك من هم أفضل منه ، هناك من سرق فقط ليستطيع العيش سرق قوت يومه ولكنهم أمسكوه وتم حبسه ليجد في الحبس راحة له على الأقل يأكل ويشرب دون أن يفكر من أين فالله يدبرها له وهناك من قتل ولكنه لم يتلذذ بتعذيب ضحيته كما فعل هو ، طالع الجميع بنظرات محتقرة وهو يطمئن نفسه بأن والده لن يرضى بتلك الفضيحة وسينهيها عاجلاً .
……..

في الصباح دخل شاهين لغرفة ابنته ليطلب منها ان تذهب معه لمقر النيابه فجلس بجوارها على طرف الفراش ورفع كفه يمسد على خصلاتها لتستيقظ فزعة ليهدأ من روعها وهو يقول بهدوء
(( أهدأي أنه انا .))
لم تستطع أن تنظر بداخل عينيه تشعر بالخزي والعار تعلم ان والدها يساندهم ويقف بجوارها في تلك الازمة وانه لن يتخلى عنها لترتمي عليه تستند براسها على صدره وهي تجهش في بكاء مرير ووالدها يمسد على ظهرها وقلبه يتمزق على رؤية زهرته على تلك الهيئة .
بينما في داخل مقر النيابة بدأ التحقيق مع أمجد الذي كان واقفاً على شفا حفرة من نار ولما لا وحياته متوقفة على خروجه من تلك القضية دون أن يمس بسوء شعر بلهيب حار يخرج من جسده ما أن أستمع لقرار النيابة العامة التي قررت انتداب الطب الشرعي لفحص المجني عليها لبيان حالة التعدي عليها مع حبسه على ذمة القضية .
خرج أمجد من غرفة وكيل النيابة والعسكري واضعاً الأصفاد في معصمه ليتجمد وائل في مكانه فلم يكن يتوقع أن يري ابنه في تلك الهيئة المزرية ليخرج المحامي هو الأخر بعدما حضر معه التحقيق ليجدوا كلاً من والده وخاطر واقفين في الطرقة أمام غرفة وكيل النيابة ليناظرهم خاطر بتساؤل فأجابه المحامي
(( لقد تم انتداب الطلب الشرعي للكشف على الفتاة مع حبس أمجد على ذمة التحقيق …. ولكن لا اريدك أن تقلق سيخرج منها .))
تحدث أمجد بصوت مرتفع بعض الشيء وهو يقول برجاء
(( أبي أرجوك أفعل أي شيء لكن لا تجعلهم يأخذوني للحبس مجدداً لا أستطيع المكوث مع هؤلاء القتلة أقسم أنني أكاد أموت هناك .))
هتف والده على الفور وهو يربط على كتفه يقول باستياء
(( كن قوي وتحمل قليلاً بعد سأخرجك أقسم لك لن أتركك بالسجن .))
أطرق بعينيه ثم قال وهو يمسد كفه الأخر التي تجمعه الأصفاد مع العسكري
(( حقاً . ))
أومأ له والده بعينيه بينما ظل خاطر ينظر له باستغراق يتأمل ملامحه البائسة بغير رضا ثم سأله
(( هل أنت مستعد للزواج من الفتاة ؟))
كاد أن يجيبه أمجد فقاطعه خاطر يكمل حديثه
(( كن على يقين أن هذا هو الحل الوحيد لإنهاء تلك القضية من جذورها فكر جيداً وأخبرني بقرارك .))
انتفض العسكري فجأة يقول بلهجة أمرة
(( تحرك .))
ليشعر أمجد بالذعر فأومأ وهو يجيبه بخفوت
(( أوافق ….. أوافق على الزواج منها ولكن ليخرجني أحدكم من هنا .))
أطلق خاطر زفرة طويلة ثم قال
(( لا تقلق ستجري المصالحة قريباً ويتم عقد القران وبعدها تخرج من السجن وتمارس حياتك الطبيعية كما تريد .))
سحبه العسكري بقوة ليرغمه على أن يتبعه بينما كان والده يتابعه بعينيه وهو يختفي من أمامه ليدير وجهه على حديث المحامي الذي قال وهو يستغرق بالتفكير
(( ان زواج المجني عليها من الجاني لا يتم إلا عبر موافقتها لا بالإكراه ، وفي حال رفضت تأخذ الإجراءات القانونية مجراها.))
وأضاف أنه يتكلّم من منطلق قانوني كونه رجل قانون، معتبراً أن المشرع لم يعف الجاني من العقاب وإنما اعتبر فعله عذراً مخففاً له في حال زواجه من المجنى عليها.
ورأى أن هذا يعدّ معالجة للمشكلة ضمن إطار العادات والتقاليد، نظراً لواقع المجتمع الذي ينظر إلى المرأة الضحية نظرة ريبة، حتى برغم ما عاشته وتابع أن فرض العقوبة لا
يعوض المجني عليها عما أصابها .
تغضن جبين وائل بالضيق وتسأل
(( منذ متي فدائما ما كنا نري قضايا الاغتصاب تنتهي بزواج الجاني من المجني عليها .))
هز المحامي رأسه يقول بإصرار
(( لقد تم تعديل القانون .))
مط خاطر شفتيه يقول بنبرة شديدة الوطأة
(( يا لك من نحس يا امجد.))
مال المحامي للأمام قليلا ينصحه بصوت خفيض
(( الحل أن لا يكون هناك قضية من الأساس وهذه أتركها لي سأجعل الفتاة تدور حول نفسها وتبكي بدل الدموع دماء ولكن اريد الكثير من المال ليمر كل شيء كما خططت له .))
قال وائل وقلة الحيلة تغمره
(( لا تقلق من الناحية المالية فسأعطيك كل ما تريده .))
وصلت حنين منذ وقت ولكنها لم تستطع رؤيته لذلك تخفت خلف والدها الذي ظل واقفاً ليحجب عنها الرؤية لهؤلاء الأشخاص الذي فهم من لهفتهم عليه أنهم عائلته فهي ليست مستعدة لرؤيته أو المواجهة معه التفت خاطر ليري والدها واقفاً على بعد بضعة أمتار قليلة ليبهت وجهها قليلاً وهي تشعر بنظراته لوالدها ليتملك الرعب منها ، فعندما التفت خاطر بوجهه رأي والدها واقفاً على أول الطرقة فلقد رأه البارحة وأرتسم في مخيلته فما أن راه حتي تعرف عليه ، فلقد كان يعلم أنها اتت هنا صباحاً لأخذ اقوالها مرة أخري ولكنه عندما أت ولم يجدها اعتقد أنها غادرت ليتضح له أنها مازالت هنا تنتظر قرار النيابة العامة أراد الذهاب إليهما والتحدث معهما للوصول لحل مرضي للطرفين ولكنه تردد في أخر لحظة وقرر أن ينتظر ويري إلي متي سيصل المحامي وهل سينتهي الأمر وكأنه لم يكن كما قال أم أنه مجرد حديث تفوه به ، أستدار بجسده كلياً على صوت والده وهو يقول
(( أوصلني للمنزل يا خاطر فأنا لا أستطيع فعل اي شيء خاص بحملة الانتخابات اليوم فلنأجلها ليوم أخر ))
هز رأسه موافقاً واستدار برأسه ينظر إلي شاهين بغل وهو يتحدث مع المحامي الذي وكله بسعادة عارمة مردداً بصوت مرتفع “الحمد لله ”
ما أن ذهب خاطر حتي تحركت من خلف والدها تمسك بذراعه تستمع لحديث المحامي الذي يطمئنهم أن عليهم ألا يقلقوا فالطب الشرعي سيثبت حالة الاغتصاب كما أت في تقرير المشفى ليشعر والدها بالراحة وهو يفكر بأن أخذ ثائره وحق ابنته ممن ذبحها قد أقترب وقته .
دخل من باب الشقة والغضب يعتريه فاغلق الباب خلفه بقوة وذهب مباشرة لغرفة ابنته ففتح الباب دفعة واحدة يقول بصوت يحمل الكثير من الغضب في نبرته
(( سمعتي عن ما فعلته صديقتك جميع من في الحي يخوض في سمعتها ويرمونها بالاحاديث لقد شوه شرفها لن اتركك يا رقية تقتربين منها مجدداً حتي لا يطالك اقاويل الناس لا اعرف لما لم يقتلها والدها ليرتاح من عارها ويرفع هامته أمام الجميع .))
نظرت لوالدها بغير فهم تحاول ان تستوعب ما قاله وتفكيرها منشغل بما فعلت حنين تفكر هل رأها أحد واقفة مع عمرو ورموها بالباطل أم ماذا فقالت بلهفة
(( هل هي بخير ؟ ما الذي اصاب حنين ؟))
بدات دموعها في الإنزلاق وهي تستمع لوالدها يقول
(( يشاع انها اغتصبت … وهناك من يقول انها هي من تركت نفسها له برغبتها …اسمعي جيداً يا رقيه امحي تلك الفتاة من ذاكرتك لقد اتفقت مع ابا فراس على موعد عقد القران الجمعة القادمة ولن ارجع في كلمتي .))
شعرت بالغرفة تدور بها لا تصدق ما قاله والدها عن حنين ولكن من اشاع تلك الإشاعات عنها تريد التحدث معها ومعرفة كل التفاصيل ولكن كيف ووالدها يحبسها في غرفتها بعدما حرمها من الذهاب لجامعتها واخذ هاتفها منها عندما وجدها والدها شاردة و علامات الصدمة ظاهرة على وجهها تحرك للخارج مغلقاً الباب خلفه بقوة لتفزع رقيه على صوت غلقة للباب وجلست على المقعد تبكي بقهر لا تعرف اهي تبكي على حنين ام على نفسها وما وصل له حالها.
بعد مرور عدة أيام قد أت اليوم الموعود ستذهب لمقر النيابة العامة فاليوم موعد استلام وكيل النيابة لتقرير الطب الشرعي فلقد تعرضت حنين للكشف مرة أخرى كما أمر وكيل النيابة للتأكد من صحة ادعائها ولكن تلك المرة وقع عليها الكشف داخل مصلحة الطب الشرعي يقوم الطب الشرعي بعدد من التدابير والإجراءات لإثبات هذا النوع من الجرائم ، يبدأ بفحص كلاً من الجاني والمجني عليها فحصا دقيقا، بحثا عن علامات وأعراض تشير إلى أن الواقعة قد تمت دون رضا المجني عليها وهو ما يتم من خلال مقاومة الأنثى لهذا الاعتداء.
أما بالنسبة لجسم المجني عليها، فيجب أن يأخذ الطبيب موافقة المجني عليها إذا كانت بالغة ورأى الحاضر معها كوليها إذا كانت قاصرا، ويركز الفحص على علامات المقاومة العامة في جسدها .
تبدو علامات المقاومة العامة غالبا على هيئة سحجات ظفريه وكدمات صغيرة بالوجه وخاصة حول الفم ، في محاولة من الجاني لمنع المجني عليها من الصراخ والاستغاثة ، كما قد يوجد حول العنق والساعدين وكذلك وجود سحجات ظفريه وكدمات على سائر جسدها لتشعر بالضعف أكثر مع مرور الأيام وهي تري النظرات مسلطة عليها وكأنها هي المخطئة كأنها ارتكبت ذنب لا يغتفر لا أحد يتفهم أن ما حدث لها كان اغتصاب لروحها قبل جسدها ، لا أحد يتفهم حالتها فمنذ تلك الحادثة وهي غير راغبة في أي شيء حتي الجامعة لم تعد تذهب إليها تنازلت عن حلمها في أن تكون طبيبة صيدلانيه تنازلت عن كل شيء حتي عمرو تتهرب منه بعد محاولته للتواصل معها بأكثر من طريقة لقد ذبلت وصارت فتاة أخرى الدموع رفيقها الوحيد فهمست لنفسها وهي تستعد لتذهب مع والدها لمقر النيابة العامة لتتعرف على مستجدات قضيتها
” أقسم أنه سيصيبك ما اصابتني به ستتجرع من الالم والحزن جرعات لتبكي الصخور من أجلك بينما انا قد أكون محيت الذكريات وبدأت تأسيس حياة جديدة ولكنها ستكون كالبئر الجاف لأنك قتلتني.“
خرجت من غرفتها تحاول التماسك وإظهار نفسها في صورة فتاة قوية تقول بصوت مهزوز بعض الشيء
(( أنا جاهزة .))
ابتسم شاهين ابتسامة صغيرة لم تتعدى شفتيه وهو يشير إليها بالاقتراب منه لتري الحزن والقهر المرتسم على وجهه فخطوط وجهه العمرية قد ازدادت اكثر ليظهر بعمر أكبر فما أن اقتربت منه حتي مالت على كفه تلثمه ودموعها تتساقط فوق كفه وهي تهمس بصوت مبحوح
(( أعتذر منك يا ابي … فلتسامحني .))
امسكها والدها من كتفها ليجعلها تستقيم ليقول بهدوء
(( علام تعتذرين لا تكوني مثل هؤلاء وتجعلي تفكيرهم يأثر عليك أنا معك ولن اتركك سننتقم منه سوياً .))
انهي حديثه يحتضنها ويقبل رأسها لتجهش في البكاء وهي تشعر بالراحة والأمان لأول مرة منذ تلك الحادثة تشكر الله على تفهم والدها لحالتها ووقوفه بجانبها ودعم عائلتها لها فليس كل الأباء متفهمين لتلك الحالة فمعظمهم يخشون من الناس فيخسفوا بحق ضحيتهم تحت راية العادات والتقاليد ، نظرت لوالدتها التي اذعنت لرغبة زوجها بعدم ذهابها معهما فازدردت داليا ريقها بصعوبة وهي تقول
(( لا تنسى أن تطمأنني يا شاهين .))
هز زوجها رأسه بالإيجاب مؤكداً انه سيحدثها ما أن يتم حبس الشاب مجدداً يتحرك مغادراً المنزل وهو يمسك بكف ابنته مغلقاً الباب خلفه وقفت داليا عدة دقائق تنظر للباب المغلق بقلب ممزق لتفزع على صوت رنين جرس المنزل فتحركت تخطؤ مسرعة لتفتح الباب معتقدة أنه زوجها وابنتها لتجد أمامها ثلاث نساء من جيرانها هم من بالباب رحبت بهم داليا وطلبت منهما الدخول ففعلوا لتقول إحداهما ببرود
(( ماذا هناك … ما بها ابنتك لم تعد تذهب للجامعة هل هي مريضة ؟))
لتسارع الأخرى تستطرد الحديث
(( يوجد بعض النساء فالحي ينشرون الإشاعات فيقولون ان ابنتك قد اصابها مكروه …. اقصد ! يا الهي لا أستطيع ان أنطق بما يقولونه .))
بهت وجه داليا فتسألت بصوت مهزوز
(( ما الذي يقولونه ومن هم من تجرؤا على الخوض في شرف ابنتي ؟))
ضيقت عيناها تلك السيدة وهي تقول متشككة
(( لكننا لم نقولها صريحة أنهم قد خاضوا في شرف ابنتك فلما اعتقدتِ هذا هل ما يقولونه صحيح أم ماذا ؟))
تطلعت داليا في وجوههم لترى نظرات الاحتقار والشفقة ظاهرة عليهم لتنهار بداخلها تجاهد ألا تظهر هذا أمامهم لتقول بعينين محمرتين وصوت أنفاسها يرتفع تدريجياً من شدة غضبها
(( لن أسمح لكما بالتحدث عن ابنتي ولو بنصف كلمة ابنتي اشرف فتاة في الحي بأكمله.))
وقفت تأخذ أنفاسها ثم أكملت وهي تنتصب واقفة تشير إليهما
((اخرجوا من منزلي في الحال لو كنتوا أتيتم مطمئنين لا لتتهموا ابنتي لكنت قدرت ذلك وشرحت لكم ما حدث ولكنكم اتيتم متشككين اذهبوا ولا تروني وجوهكم مرة أخرى .))
بدا واضحاً لهما أن ما يشاع عن حنين صحيحاً كلياً فلقد راها البعض في تلك الليلة بحالتها المزرية التي عادت بها للمنزل ثم عادت وخرجت مرة أخري مع والدها بنفس هيأتها وهناك من شاع بانها قد دونت محضراً تتهم شاب بالاعتداء عليها واغتصابها وهناك من يقول أنها هي من سلمته نفسها بكامل ارادتها لأنه شاب غني ووالده ذو مركز مرمق في الدولة طمعاً منها في ما لديه من أموال لا يعلموا أي رواية هي الاصدق ولكن رد والدتها يوضح الكثير ويخبرهم أن ابنتها قد صارت معطوبة فوقفوا ينظرون إليها بإزدراء لترفع داليا رأسها عالياً دون اظهار أي تعبير على وجهها ليبدوا بالمشي ناحية الباب فما ان خرجوا من عتبة منزلها حتي اغلقت الباب خلفهم بقوة وبملامح غير مبالية ثم انهارت باكية خلفه بصوت مكتوم خشية من ان يسمعوها .

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ليلة بكى فيها قلبي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى