رواية ليتك كنت سندي الفصل السادس 6 بقلم أسماء عبد الهادي
رواية ليتك كنت سندي الجزء السادس
رواية ليتك كنت سندي البارت السادس
رواية ليتك كنت سندي الحلقة السادسة
وكتائهة في وسط غابة جرداء، في روحها كل العذاب والألم، لملمت شتات نفسها الضائعة، وما تبقى من
روحها الضالة الشاردة وخرجت تبكي تجر أذيال الخيبة والانكسار قلبها يأن بفزع، يرتجف كمن يهزه في غربال يرجه بلا رحمة أو هوادة ترتاع بشدة عندما تسبح بخيالها وهي تتصور أهلها يرونها تعود إليهم بعد ساعات قليلة من ليلة عرسها، لا بد وأنهم سيصابون بالخَبَل ورأسهم حتما ستمتلأ
بالتراهات التي لا أساس لها من الصحة
أبصرت أعين العاملين بالفندق ترقبها بنظرات تشي بالكثير، وكأنهم ينعتونها بأعينهم بالآثمة أو المذنبة . حاولت التخفي من نظراتهم المهينة تلك خلف غطاء رأسها وأكملت بقية سيرها في الرواق بالركض أشبة بالعدو كمن يهرع من عدو يريد النيل منه، وبالرغم من سرعتها في الخروج الا أن أذنها استطاعت أن تلتقط بعض من همساتهم التي يرشقونها في حقها كأسهم تخترق مسامعها فتصيبها بالصمم من شدة
قساوتها وفظاظتها. طأطأت رأسها أرضا وأمسكت هامتها بقوة تشدد من ضغطها على أذنيها حتى لا تسمع ما يقذفونها به من كلمات كالحجارة يتلقفها قلبها، فيعتصر بأنين لو
شمع الأطرش العالم بأسره . ودت لو استطاعت أن تصرخ بكل ما أوتيت من قوة حتى لا يبقى لصوتها أثر لا تدري ما تفعل وما العمل، كيف
تعود لأهلها هكذا، كيف تخرج من هذا المأذق الذي لا
ملاذ منه
فكرت في مخاطبة أخيها فهو لها الاحتماء واللجوء
ليخرج صوتها من بين شهقاتها
مفيش غير ماجد هو اللي هينجدني.
أخرجت هاتفها وضغطت على اسمه منتظرة الرد. لكنها سمعت الرسالة المسجلة
هذا الرقم غير متاح حاليا .
حاولت أكثر من مرة ولكن لا فائدة، فعلمت أنه قد سافر لعمله، لذا لم تجد بد من مهاتفة والدها ليوقلها من هذا المكان، فهي لا يجب أن تظل هكذا في الشارع في مثل هذا الوقت المتأخر من الليل
وحدها.
ليأتي والدها بعد عدة دقائق مهرولا، يتخبط في سيره، يبحث بعينيه الزائغتين عنها كمن أصابه العته. ليجدها تربض على مقعد على جانب الطريق، يُسمع
شهقات نحيبها من بعيد.
اقترب منها متوجسا أن يكون ما يفكر به صحيحا وخاصة أن عقله وشيطانه لم يتركانه وشأنه طيلة
الطريق
ما إن لمحته حتى إرتمت بين يديه بشدة كمن وجد ضالته أخيرا، تنتحب بعويل يصم القلوب قبل الآذان، بدا مشدوها لا يعرف ماذا يفعل أيواسيها أولا، أم يسألها
لم تركت زوجها في يوم عرسها ؟
ربت على ظهرها بحنان بالغ فهي في الأخير مدللته الغالية، قرر أن يعود بها إلى المنزل وفي الطريق
يسألها ما حدث.
لكنها لم تجيب أي من أسئلته قط… فقط تبكي وتبكي وتتشبث به كطفل صغير وجد أمه بعد طول
غياب
وصلا إلى المنزل، لتجد أخيها الأكبر” ماهر”، يتلقاها بصفعة قوية لم يتحملها صدغها الرقيق فسقطت
على الأرض على حين غرة.
وأعينه تأجج بشرارات من الغضب ستلتهمها من شدتها وهو يقول بصوت انتزع منه الرأفة
عملتي إيه علشان جوزك يرميكي ليلة فرحك يا
حقيرة؟.
أجفلت أمها مكانها من الصدمة وودت لو إنشقت بها
الأرض وابتلعتها ولا ترى ما فعلته ابنتها من مصيبة
كبر مخطيئة سيدفعون ثمنها جميعا.
أبعده والدها عنها
استنى يا بني لما نسمع منها
هدر ماهر بحدة
نسمع ايه .. هو الموضوع ده في كلام تاني… قولي يا
بابا نسمع ايه
ثم نظر اليها بغلظة
ماشي قولي اتكلمي.. إحنا سامعين .. فهمينا
ارتعشت هي من هيئة ماهر الغاضبة وازدردت ريقها
في رعب فليس عندها ما تقوله ، وأي شيء يقال.
سأم هو من صمتها فصرخ بها قلتلك اتكلمي .. عملتي إيه علشان يرميكي رمية الكلاب دي… بحاول أرد عليه أفهم منه تلفونه مغلق
… انطقي يا رهف
نظرت رهف بأعين زائغة إلى أخيها وأطالت النظر في عينيه ومن ثم أخفضتهما لكنه صرخ بها ثانية,
لتنتفض هي إثر صوته
انطقي يا حقيرة.
لم تتمالك نفسها وأنسابت دموعها وهي ترى نظرات التشكك في أعين أهلها .. لكنها لم تكن تعرف ما
تقوله
هي أيضا تتوجع قلبها يأن يعتصر من الوجع حتى بات
غير قادرا المواجهة.
ليقول أبيها ببكاء
اتكلمي يا بنتي إيه اللي حصل !!!
لم يتحمل ماهر صمتها، فنزع عنه حزام خصره ووجهه محتدم من الغضب، وبكل قوته هوي به على جسدها غير آبه بصرخاتها وعويلها، فهو بدي وكأنه منوم قد
فقد رشده بفعل غضبه المستعر بداخله بسبب ما
فعلته أو هكذا ظن.
تابع هو جلد روحها قبل جسدها بضربات وركلات أقوى من سابقيها، ووالديها يشاهدان ولا يحركان ساكنا فقط يزرفان الدمعات بصمت
لم تشفع صرخاتها وآهاتها لأي من أهلها ففعلتها لا تغتفر فهي تستحق الرجم حتى الموت فلا سبيل لغسل عارها سوى بموتها
سمع الجيران صرخاتها بشيء من الاستغراب هم متأكدون أنه صوت رهف .. لكن كيف هذا وهي من المفترض انها مع زوجها الآن …. وإذا ما كانت هي حقا
… لما تصرخ هكذا وماذا يفعلون بها
الى أن جاءت إحدى الجارات تقول بنفور وهي تمط
شفتيها
سيبهوهم يربوها …. جابلتهم العار ورجعت.
هتفت الجارة الأخرى لتعرف المزيد فعلى ما يبدو أن
الا حق الاستماع
بتقولي إيه يا تهاني !!! … جابتلهم العار ازاي يا ختي!!
تهاني شوفتها راجعة من شوية مع أبوها وعلى
وشها أثار بكا وكانت منهارة خالص .
ضربت الأخرى على صدرها بصدمة
يا حومتي ياني!!!!… يا دي الفضيحة يا ولاد .
لتتجمع معظم نساء المنطقة يتخذن من حكاية رهف موضوعا لنسج أقاويلهن والتي معظمها لا أساس له من الصحة ودون تبين أيضا، ولبان ليمضغنه في القيل
والقال بعضهن تتحدثن بشماتة والاخريات بزهول وعدم تصديق وينعتن رهف بالمخادعة فهي اتضح
انها تظهر عكس ما تُخفي.
شوفي البت عرفت تخدعنا إزاي.
لتهدر بهن إحدى الجارات
بس ياولية منك لها .. كل واحدة على شقتها … ربنا
يستر على ولايانا.
صرخت رهف ترجو أخيها أن يكف عن ضربها فلم تعد
تتحمل تلك الآلام
فقالت تحاول استجداء عطفه
ارجوك يا ماهر .. كفاية .. هموت في إيدك.
لكن ماهر كان قد أعما الغضب بصيرته فدفشها
بقدمه
ياريت تموتي ونرتاح منك ومن قذارتك ….. بقى إنتي
تعملي فينا كدا ؟؟ وديني لمخلص عليكي.
لينهال أخيها عليها بالضربات أكثر وأكثر … حتى تفقد
الوعي
وبعد أن تعب ماهر من كثرة ضربه لأخته فيجلس
مرهقا على إحدى الأرائك
فيقترب منها أبيها يتفقدها بدموع تعذر عليها التوقف, حزين, من اجل ابنته .. مكسورا بسبب ما فعلته
… فهي قد كسرت فرحتهم بها في ليلة عرسها
وجعلت سمعتهم في الحضيض
وجدها قد أغشي عليها ووجها قد أختفت ملامحه من
كثرة ما عانته من ضربات
ليهتف بابنه صارخا
– عملت في أختك ايه البنت هتروح مننا
ليهتف ماهر بلا مبالاة وينظر لها دون أدنى رحمة
– ياريت ونبقى غسلنا عارنا وخلصنا .. منها لله وربي ما
هرحمها الحقيرة دي.
حملها والدها إلى غرفتها ودثرها في فراشها
وتركها وغادر فهو لا يستطيع فعل شيء، فهو اذا
استدعى الطبيب فسيدخلون في متاهات هم في
غنى عنها .. لذا اكتفي بالدخول إليها من وقت لآخر
وتفقد حالها…..
أما أمها فجلست تنتحب بصمت تضرب على فخذها
بحسرة مما فعلته ابنتها وهي تعن نفسها انها لم
تستطع تربية ابنتها ووضعت اللوم كلها عليها أنها لم
تشكم ابنتها كما يجب
في اليوم التالي والذي ظن أهل البيت أنهم لن يشرق عليهم فيه
شمس أبدا بسبب ما فعلته رهف بهم كانوا يجلسون يستندون برؤسهم على أيديهم
ويجلسون في صمت وكأن على رؤسهم الطير .
في المساء قام فهمي ليتفقد ابنته بإرهاق شدد فهو لم يذق طعما للنوم او للطعام منذ البارحة .. البارحة والتي
ظنوا فيها أنهم أسعد العائلات في العالم حظا. دلف غرفتها حيث ترقد فوجد جسدها يتأجج نارا فجرى
بسرعة على ابنه ماهر الحق يا بني أختك مولعة .. لازم نتصرف ونشوف
دكتور حالا. لم يتحرك ماهر قيد انملة.. وهتف بصرامة – مفيش دكاترة هتيجي يا بابا … سيبك إنت بس يوم ولا
اتنين وتبقى كويسة .. أو متبقاش مبقتش فارقة
خالص
ليهتف فهمي بلوعة……
– حرام عليك يابني دي أختك
توهجت أعين ماهر بغضب
– وهيه مكانش حرام عليها لما عملت اللي عملته
ومرغت شرفها وسمعتنا في التراب .. ميبقاش قلبك رهيف يا بابا … وسبهالي انا هعرف أربيها من أول
وجديد
وهم بالدخول اليها مشمرا عن ساعديه لا ينوي خيرا
ليقف والده امامه يمنعه
– اياك تقرب لها .. البنت سخنة ومولعة ولسه مفاقتش
لحد دلوقتي .. وربنا يستر.
زفر ماهر بغيظ فهو كان يود أن يذهب ليطفىء نيران
غضبه فيها ضربا.
اتصلت سناء بأختها كي تسألها متى سيذهبون إلى
رهف .
لكن ماهر أجاب هو بدلا عن أمه وحاول أن يتحدث وكأن شيئا لم يحدث، يعرف أن الخبر سينتشر سريعا لكن على
الاقل فليبطئ هو سرعة انتشاره
– مفيش صباحية يا خالتي .. حسن رفض .. وقال عندهم
كل حاجة.
بعدها شاهد والده يدلف الى غرفة رهف بالكمادات
في يده … فكور قبضته بحنق وغادر البيت سريعا لا
يطية، ان يجلس فيه أكثر, فهو لا يريده أن يساعد تلك
المخطئة في نظره.
في حوالي الساعة العاشرة مساءا هاتف ماجد أمه كي يطمئن على أخته.. لم تجد سوسن بد من أن تجيب
على اتصالات ابنها
– ماما .. طمنيني عاملين إيه.. و أخبار العروسة
إيه.. رجعتوا من عندها ولا لسه هناك.. لو لسه هناك
خليني أسمع صوتها
ابتلعت الام مرارة بداخلها وحاولت أن تجيب ابنها لكن
صوتها خرج باكيا
– لا إحنا في البيت يا بني
– ماما صوتك ماله انتي كنتي بتعيطي؟.
ظن انها تشتاق لابنتها و أن دموعها ما هي الا دموع
الفرحة
فاردف – ماما ادعيلها ربنا يهنيها … مش ده اللي كان
نفسك فيه يا ست الكل .. اضحكي كده وفرفشي يمكن بعد كام شهر تشتالي حفيدك بين ايديكي
لم تستطع سوسن ان تتمالك نفسها فابنها مسكين لا
يدري ما حدث .. فاغلقت الخط حتى لا يعرف المزيد
فهو مسافر لعمله ولا تريد ان تشغله.
بعد يومان أخران بدأت رهف تستعيد وعيها شيئا
فشيئا، لكنها لم تجد أحد إلى جوارها تذكرت ما حدث
و ما حل على يد أخيها ونظرات والديها إليها فبكت
فهي كانت تتمنى أن تموت ولا ترى تلك
النظرات المشككة التي تنخر قلبها فتصيبه في
مقتل، تلعن الظروف التي ألقت بها في ذلك المأزق الذي لا خروج منه, فكانت هي ضحيته.. وهي من تدفع الثمن الآن وعائلتها الذين لا ذنب لهم فيما يحدث بعد قضاءها اليوم بأكمله وحدها في غرفتها لا تجرؤ
على القيام للاطمئنان على أهلها وما هي أخبارهم.. ولا حتى تستطيع التحرك من الفراش بسبب ألام جسدها المبرحة وجدت والدها يدلف الغرفة ويحمل بيده طعام لها .. طالعته بشوق شديد ودموع غزيرة تهطل من عينيها .. لكنه اقترب من الكومود
ليضع الطعام عليه ” فلا أمها ولا ماهر يودان يحضراه له لكن قلب أبيها الذي ما زال لم يستطع ان يكرهها لم يطاوعه فأصبح هو من يهتم بها)
لكنه وضع الطعام بصمت وابتعد ليهم بالخروج… خرج صوتها مبحوحا من كثرة البكاء تنادي عليه فهي لا تتحمل أن تراه غاضبا منها فكم كانت علاقتها مع والدها أفضل بكثير من علاقتها مع أمها وأخيها ماهر
– بابا
أجابها دون أن ينظر اليها
– عايزة حاجه ؟
– ممكن تبصلي يا بابا؟
أخفض رأسه بألم
– مش قادر يا رهف … مبقتش عارف أبص في وشك
بعد الي حصل
أغرورقت يدي رهف بالدمعات
أغرورقت يدي رهف بالدمعات
– سامحني يا بابا .. انا … انا … التفت اليها ينظر لها برجاء علها تقول أنها لم تفعل شيئا يغضب ربها انها لم تبع شرفها وتدنس
سمعتهم.
انتي ايه يا رهف قولي.
عصرت قلبها قبل قبضة يدها ومن ثم أخفضت رأسها
لا تعرف ماذا تجيبه عندما رآها تخفض رأسها … نكس رأسه هو الآخر بغضب وهمس لها قبل ان يتركها ويغادر وقلبه
يتقطع مما فعلته – يا خسارة يا رهف يا خسارة …… لا حول ولا قوة الا
بالله… لا حول ولا قوة الا بالله . مدت يدها لتنادي عليه لكن صوتها أبي أن يخرج فماذا عساها ان تقول … تركت لدموعها العنان لأن تهطل
بغزارة فما بيدها شيء سوى البكاء.
في اليوم التالي جاءت سناء وابنتها ملك لتجلس مع أختها قليلا ولتسأل عن أحوال رهف مع زوجها، لكنها وقبل ان
تدلف منزل اختها استمعت لهمهمات النساء في
وفي حقيقة الحال هي في أشد حالاتها من الشماتة
هي وابنتها الحقودة
فتحت سوسن الباب… لتدلف هي صارخة, تضرب على وجهها وتصيح منادية على رهف – عملتيها وضيعتي أهلك معاكي يا رهف.. بقى جالك
قلب تبيعي شرفك .. ضحك عليكي بايه ها.. كان ناقصك ايه أبوكي ما جابوش ليكي.. دي انتي كنتي
متدلعة على الاخر.. أهو ده أخرت دلعك فيها يا فمهي يا جوز اختي .. كل شوية تقول الا رهف .. رهف محدش يجي جنبها .. اشرب بقا أهي مرغت شرفكم
في التراب
استمعت رهف لما تقوله خالتها بأعين متسعة .. هل هذا حقا ما يظنونه بشأنها .. وضعت يدها على فمها من فول الصدمة فما تقوله خالتها فما تقوله خطير … فكيف تفعل هذا دون بينة… لكنها كيف تقول لهم
انها كانت مجرد ضحية….
لم تكتفي ملك بما قالته أمها فأرادت هي ان تزيد
الطيب بلة واقتربت من ماهر الذي رأته يجلس يشتعل
غضبا يحاول أن يتحكم في غضبه قدر المستطاع
– عاملة فيها الخضرة الشريفة والطاهرة النقية وهي
طاحت و دوراها وأرطستنا كلنا .. وبتدور على حل
شعرها من ورانا
كانت ملك كالوقود الذي اشعل الفتيل فانطلق كالسهم نحو غرفة أخته لينقض عليها كالفهد المفترس لتبتسم ملك لأمها بخبث وهي تقول لنفسها – معقول دعوتي استجابت بالسرعة دي انا مش مصدقة نفسي أخيرا هشوفك مكسورة……..
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية اضغط على : (رواية ليتك كنت سندي)