رواية لعنة آل دارو الفصل العاشر 10 بقلم آية محمد
رواية لعنة آل دارو الجزء العاشر
رواية لعنة آل دارو البارت العاشر
رواية لعنة آل دارو الحلقة العاشرة
تنيــــن!!
كـاد رسلان يفقد عقلـه وهو يري أمامه ذلك الحيـوان ينظر له بشـر بذيـله المدبب و جناحيـه، تلك الأساطير لا يراها سوي بالأفلام.. تراجـع خطوة أخري و هو يمسك بذلك الرمح يوجـه سنـه تجـاه التنيـن..
” بسمِ اللهِ الذي لا يَضرُ مع اسمِه شيءٌ في الأرضِ ولا في السماءِ وهو السميعُ العليمِ .”..
لفـتت أنظـاره مجـرفه تظهـر من خلف ذلك التنيـن، وان كـان لوجـود ذلك التنيـن أهميه فالبتأكيد هو لحمايـة شئ ما، ولكن المثير للتعجب ان ينتهي به الأمر حاملا تلك المجـرفه للخـارج، أكان ينقص العالم منها ليحـارب تنينا لأجل الحصول عليهـا!!
في وسط أفكـاره رفـع التنيـن ذيله ليهـاجمه فركض رسـلان ينحني أرضا حتي يتفـاداه، ذلك التنين يرصد كل تحـركـاته و الدفـاع لن يجدي نفعـا هنا رسلان، عليك الهجـوم الآن..
اتجـه بكـل قوته يرفـع جسده متسلقا الأحجـار حتي أصبح أمام رأس التنين ثم بكـل قوته كان الرمح يختـرق احدي عينيه و يخرج من الأخـري ففقـد التنين نظـره ولكن الآن اشتدت الحرب و تحفزت بـاقي حـواسه…
سحـب رسلان الرمح مجـددا بصعوبـه و هو الآن بات يشعر بضئاله جسده أمام ذلك الحيـوان، عليه اصابته في مق-تـل، عليه فصـل رأسه عن جسده ولكـن هاجمه التنين قبل ان يتخذ الخطـوة وأصابت أشواكه أقدام رسلان الذي صرخ متألمـا صرخه كادت تتشقق لها جدران الكهف، تعـرق جسده و اصبحت الأرض د’اميه من أعين التنين وقدم رسلان النا’زفـه…
بقدم واحده ورمح عليـه الفوز والا فحياته الثمن، عليه انقـاذ أخيها لتعود لها الحيـاة، هو لم يعرفها قبل ذلك ولكن يشعر بحيـاته ستتجدد وشمسه ستشرق ان استعادت فتـاته سعادتهـا…
فتـاته!! ابتسم رسلان متألما ومتأملا في افكـاره، هو يمتلك شعور قوي تجـاه تلك الفتاة، يمتلكه منذ الوهلة الأولي، شعور قوي يسمي بالحب…
تراجـع للخلف بظهره و هو يري التنين يحـاول الهجوم مجددا، يشتم رائحه الدماء و قد تحفزت حاسه الشم لديـه، نظـر رسلان له و للرمح ثم سمي الله ورمي الرمح بكـل قـوته للتتحرك حافته موازيه لرقبـة التنين ذ’بحتـه و انطلقت الد’مـاء مندفـعه خارج جسده متحرره و سقط أرضا، توسعـت أعيـن رسلان وهو يري تلك المجرفـة خلفه تضئ فأبتسم بألم وكأنها تناديه، وكأن ذلك الضوء هو البداية لحياته من جـديد..
…………………………………………….
كـان يجـلس علي كرسي مقيد من يديه وقدميـه، وأمامـه يجلس شخص يبدو عليـه الثـراء يجلس بكل هيبتـه واضعا قدمـا فوق الأخري و كـريم يحـاول فقط تبيـن ملامحه ليعرفه فقال بحده:
“أنت هتندم علي اللي عملته دا!”..
” الندم مش في قامـوسي يا كريم، بس يمكن يبقي جـزء من حـياتك قـريب “..
” أنت مين؟ “..
” أنا اللي هيعرض عليك 30 في المية من أملاك داليا النجـار، اللي هتبقي ملكي وملكك مش بس تحت تصرفك لمجرد غيابها”..
أجابه كريم بسخـرية:
“ومين قـالك اني هوافق!! فلوس داليا تحت حمايتي لحد ما ترجع، ولو فاكر ان الفلوس و الأملاك هتخليني اخون اخت صاحب عمري يبقي بتحـلم”..
” خلاص بلاش الفـلوس، هتبقي ملكي لوحدي ومعاهم زوجـتين زي القمر، واحده اسمها لينـا والتانيه اسمها مريم، اي رأيك!؟ حلوين صح!؟ “..
” بتهددنـي؟ معقول جبان للدرجـادي!! جبـان من داليا و بتهدد في غيابها و دلـوقتي قاعد تهددني بإخواتي، مسكـين!! “..
تعـالت ضحكات الرجـل الساخـره وقال بصوت غاضب:
” أنا مبهددش، أنا بقـولك، بديلك علم علشان متجيش ساعتها وتزعـل يا ابن الاسيوطـي…
” كويس انك عـارف أنا مين، والابن الاسيوطي اللي قدامك مبيتهددش و اخواتك اقدر كويس اوي احميهم من اللي زيـك… هتفكـني ولا اقوم بنفسي!! “..
نظـر له الرجـل بإستنكـار، قد تهـاون بقـوة من يجـلس أمامه فظنـه شاب مسالم هادئ سيتمكن بسهوله من الإيقـاع به، لم يعرف بأنـه ظل تلك السنوات يحميهـا من أمثـاله، فلم يكن طريق داليا محفوفا بالازهـار بل بأشواكها وكان كريم هو المزارع المسالم الذي أزال كل تلك الأشواك ليمهد لها سيـرها…
فك كريم أوثاقه بسهـولة ثم تحـرك للخـارج ولا زال ذلك الرجـل أمامه و قد ابتسم بخبث:
” قد اي كنت حاسس بالملل من اللعب معاك، بس دلوقتي انت اديتني الحمـاس اني اكمل… “.
تحـرك كريم وهو علي يقيـن بأنه لن يمس بضرر ولكـنه شعـر بالقلق لأجل الأيـام القادمـة وعلي عاتقه حماية الجميـع…
أخـرج هاتفـه يُجري اتصالاته و بالفعـل عندما عاد لبيته كـان محاط بالحراس من كـل اتجـاه وتقدم رئيسهم تجـاه كريم يقول بجديه:
” تمام يا كريم باشا، البيت كله اتأمن.. “..
أومأ كريم برأسه وقال بجديه:
” أقوي حـارسين عندك يا حازم، واحد هيكون معايا انا ومريم و التـاني هيفضل مع جدتي في حالة غيـابك “..
” أنا موجـود دايما يا باشا متقلقش “..
” نفذ يا حازم.. انت هتـوصل لينا وتجيبهـا أول ما الجامعة تبـدأ، وتفضل زي ضلها جـوا الجامعه.. مفهوم!! “..
” مفهوم يا باشا “..
تحـرك كريم للداخـل تحت نظرات مريم التي وقفت في شرفتهـا تنظر لكل ذلك التأمين الزائد، لأجلها!!!!
ربمـا..
ذهبت لنومها من فرط التعب وهو تود ان تسأله بالكثير ولكن قوتها البدنيه لم تتحمل الاستيقاظ لأكثر من دقيقـه…
…………………………………………..
كـانت تنتـظره أمام ذلك الكهـف، فقط الظلام أمامهـا و عيناها تكاد تختـرق تلك الحجـارة لأجـل رؤيتـه، طال غيـابه لساعـات و تعجـبت لذلك الشعور بداخـلها بإستعدادها التام لإنتظـاره لأعـوام..
ومن وسط ذلك الظـلام ظهـر رسـلان وهو يستند علي رمحـه و باليد الأخري يحمـل تلك المجـرفه و يسحـب قدمه التي أفقدته الدمـاء و حينمـا وقع نظـره عليهـا ابتسم ثم استسلم لآلامه وسقط أرضا لتـركض اليـه بخوف وخلفها البقيـه و صاحت ببكاء:
” رسلان! رســـــلان! “..
وضعت رأسه علي ساقهـا تحتضن وجهه فتطـلع لها بأعين دامعه:
” ما كنت أؤمن بالعيون وفعـلها، حتي دهتني في الهوي عينـاكِ… “.
(نزار قباني)….
تطـلعت له بأعين حائـره وأنتشلهـا من حيرتها آفـرين وهي تصـرخ جـوارهـا تقـول بجدية:
” علينا العودة بـه لأتمكن من علاجـه، هيا سنفقده ان تأخرنا لثوانٍ”..
حمـله بعض الرجـال تجـاه بيت الحاكم ايـوان وهناك تـولي هو علاجه بنفسه وسـاعدته ابنتـه و عادت داليا خلفهـم ولكنها لم تخطو لغرفتـه بل ذهبت لأخيـها ألقت نفسها بين يديه تبكـي فسألها بقلق:
“حصل حاجه؟!! مالك يا داليا اي اللي حصل!؟”
قالت بين دموعها:
“أول مره احس اني ضعيفه كـدا يا أدهم، اول مره احس ان العـالم ممكن يتمثـل في شخص واحد، في حدث واحد، حياتك وحياتي كانت واقفه علي خروج رسلان من الكهف عايش، لو مكـانش خرج كنت……
” كنتي اي؟ “…
أغمضت عينيها تشعر بألم يغزو كل جسدها تجـهل سببه وعقلهـا توقف عن التفكيـر و ضمت اخيهـا أكثـر تستشعر الأمان الذي استوحشته، وهي يتمني ان يملك القوة لرفع يديهـا للتربيت عليهـا و طمئنتها..
……………………………………….
كـادت تصـرخ ولكنها وجدت من يكمم فمهـا وقال بهمس:
” اششش.. أنا كريم.. اهدي “..
تنفست لتهدئ نفسها وسألته:
” اي اللي مصحيك دلـوقتي!؟ ”
” عاوز اصلي الفجـر، لقيت الماية قاطـعه هروح بقي اتوضي في المسجـد وخـلاص “..
” طيب وأنا هنـزل اشوف ماية تحت علشان اتوضي انا كمـ…..
غفـلت عن درجـة السلـم فأنزلقت قدمهـا وكادت تسقط لولا أنه أمسك بيدهـا و ان بقيت علي وضعهـا فستقـع بكل تأكيد علي ظهرها فسحبهـا تجـاهه لتستقر يداها علي صدره واحاطها بيده وسكنت بيـن يديه…
ان كـان للتيـه تعريف فـهي ليده التي كانت في حيرة بيـن لمسـها والتمسك بها أو تركهـا، و ان كـان للغوص تعريف فهي عينـاه التي غاصت لأعماق عيناهـا الخائفـة، وان كان للشرود معني فهو عقـل كريم في تلك اللحظة..
تراجـع للخلف بصمت ليترك لها المساحة الكافيـه لتقف من جـديد وقال بهدوء:
“خدي بالك..” ..
تركهـا وتحرك مسرعـا للأسفـل وغادر المنـزل بأكمـله وهي ظلت بمكـانهـا لا زالت تشعر بيده التي تمسكت بهـا و بعيناه وتلك النظرة الغريبـة التي كان يطـالعها بهـا، سكـون، راحـة و آمـان… أحضانه!!!
في الصبـاح التـالي..
خرجـت مريم من مرحاضها الخاص تجفف شعـرهـا و قد سئمت استخدام يد واحده فذلك جعل مهمتهـا صعبه، جلست تمشط شعـرها و ارتدت ثياب فضفـاضه و حجـابا ثم خـرجت من غرفتها التي ظلت بها لساعـات طويلة منذ الليلة الماضيـة و قد قررت تحضير طـعام الإفطـار للجميـع…
و كم كان مطبـخ ذلك البيت واسعا مريحـا و يطـل علي الحديقـة الخـارجيـة فأندمجـت بكـل شغف تحضـر الطعـام حتي شعـرت بدقـه خفيفه علي البـاب فألتفتت لتجـده رجـلا يبدو في منتصف الستينات من العمـر يتطـلع اليها بأعين فاضت بالدمـوع:
” انتي.. انتي ازاي نسخـه عنهـا كدا “..
ابتسمت مريم بسعـادة ف خـالها و الذي حدثته لمرة واحده فقط يقف أمامها وأخيـرا:
” خالو؟! حضـرتك وصلت امتي؟! “..
مسح دمـوعه وقال بإبتسامة:
” لسه واصل يا حبيبتي.. “.
اتجـه لها وصافحـها ثم ضم وجهها بيديه يقول بهدوء:
” انتي عوضي عن اختي اللي اتحرمت منهـا بدري، هتبقي بنتي واختي وصاحبتي وكل حاجه “..
قالت بدموع:
” عمر ما حد عاملني بالطريقة دي بعد بابا الله يرحمه”..
“خالك موجود يا حبيبتي، تعـالي برا سلمي علي فاطمه مراتي و شوفي جايبلك اي دا انا جايب شنطه بحـالها مليانه حاجات ليكي بـس”..
ابتسمت بسعادة وحماس:
” الله بقي.. وأنا عملت فطـار مصري اصيـل هنفطـر و توريني كـل الحاجات بنفسك”..
“بس كدا دا أنا عينيا ليكي و للفطـار، حرفيا انا هموت من الجـوع”..
” هخرج بس اسلم علي طنط واجي أحط الفاينل تاتش “..
ملأت ضحكاته المكـان وقال بإبتسامة:
” براحتك يا حبيبتي، انا كدا كدا كريم مستنيني هنتكلم سوا شوية “..
رحـل من أمامها واتجـه لغرفـة ابنـه الذي استقبله منذ دقـائق ليخبره والده بأن ينتظـره بغرفته للحديث معه..
قال بجدية:
” اي حـوار العريس اللي جاي دا!! “..
” اه يا بابا ما أنا قولت لحضرتك، صالح يبقي محامي و هو انسان كويس و….
” كويس ولا مش كـويس لنفسه، مريم بقت بنتي وأنا اتحرمت منها سنين، عاوزها تفضل جمبي اللي باقي من العمر “…
” يعني اي يا بابا دي بنت و كمـان سنها مناسب للجواز و هي شبه موافقه اساسا، هتقعدها جمبك تعنس!! “..
” لا يا كريم، هقعدها هنا كزوجـة ليك “..
” اي؟! زوجة لمين يا بابا مريم عندي زي لينا! “..
” كـريم انا مش باخد رأيك، أنا بقولك.. أنت هتتجـوز مريم.. ودا قرار نهـائي “…
………………………….
” رسـلان لسه مفاقش!! “..
” لقد خسر الكثير من د’مـائه..وساقه متضرره “…
قالت داليا بإنفعال:
” لو مش عارفين تعملوا حاجه يبقي رجـعوني بيه لمصـر و أنا هتصرف “..
قال آفرين بهدوء:
” عزيـزتي إهدئي، هو يتعـافي وضعت له أدوية فعـاله، سيصبح بخير بحـلول الصباح، ابقِ بجـواره وسأذهب لوضع الأعشاب لأخيكِ “..
تحـركت آفـرين تجـاه غرفـة أدهم فوجدته شـاردا، تحركت بالغرفـة وهي تجمع الأغراض التي تحتاجهـا وهو لا زال علي وضعه، حمحمت تنظر له فأنتبه لها وآخيرا وابتسم ابتسامة واسعه:
” سندريلا! أهلا وسهلا “..
” أعطيتني العديد من الأسماء سيدي، بالبداية سبيستون و من ثم اميرة ديزني و اليوم تنـاديني بهذا الإسم، ألا يعجبك آفرين أم تخجل من قولـه!؟ ”
ضحك أدهم وقال بمشاكسه:
” أخاف ان يُجرح اسمك الرقيق ان نطقه صوتي الخشن “..
ابتسمت بخجـل وبدأت في وضـع أدويته:
” أنت تأخذنـا لطريق لا عودة منه، أرجوك توقف عن وضع الأسماء لي “..
” في الحقيقه أول اسم كـان لما سمعتك بتتكلمي بلغة عربية فصحي، و التـاني لمـا بدأت اتأكد انك جاية من العالم دا، و سندريلا كانت أكثر الأميرات شهره، كان كل اللي حواليها بيغير من جمـالها، لأن كان جمالها طاغي وحضورها مميز وفستانك الأزرق بيفكرني بيها “..
” هل تغازلني؟! “..
” أنا معملتش حاجه غير كدا من أول ما فتحت عيني “..
” اذا تـوقف عن ذلك، فلا اشعر بالراحـه، بالنهاية أنت مجرد ضيف لن اراه بعد ايام قليـلة، لن أراه لبقية عمري، ف دعنـي ودع قلبي في ثبـاته “..
تحـركت آفـرين لغـرفتها وبقي هو في مكـانه مضطرب لكلمـاتها، فلم يبقي علي الرحيـل سوي القليـل….
بالغرفـة المجـاورة استعـاد رسلان وعيه وأخيـرا ليجـدها بجواره من جديد وكأنها لم تفارقـه أبدا فأبتسم بوهن:
” كنت فاكر اني هلاقي مال آرون ولا حته آثار نسند بيها نفسنا “..
ضحكت داليا و قـال بإحساس بتأنيب الضمير:
” كل دا بسببي، كـأني ابتلاء وظهر في حياتك “..
ابتسم رسلان وقال بهدوء:
” و هل يُبتلي الإنسان إلا فيمن يحب!! ♡”..
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لعنة آل دارو)