روايات

رواية لحن الزعفران الفصل السابع 7 بقلم شامة الشعراوي

رواية لحن الزعفران الفصل السابع 7 بقلم شامة الشعراوي

رواية لحن الزعفران الجزء السابع

رواية لحن الزعفران البارت السابع

لحن الزعفران
لحن الزعفران

رواية لحن الزعفران الحلقة السابعة

على الطريق كان “عمران” جالساً فى المقعد الخلفى من سيارته التى كانت تقف بجانب الطريق، فكان منتظر سائقه أن يأتى له من مكاناً ما، أخذ يعمل على حاسوبه بدقة ليقطع شروده سائقه الخاص به قائلاً:
– حضرتك الأمور ماشية زى ما خططنا له.
نظر إليه “عمران” من نافذة السيارة وقال:
– حد منهم شافك أو لاحظ حاجة.
– أبداً حضرتك وبعدين متقلقش انا واخد بالي كويس ومحدش يقدر يكشفني بالسهولة دى.
قال “عمران” بهدوء: فين الكاميرا ؟
مد يديه إليه وهو يعطيها له فقال: اتفضل أهى أنا صورت كل حاجة زى ما طلبت منى وعرفت كمان أن هما هيسلموا الشحنة بعد أسبوع من النهاردة.
أبتسم “عمران” وقال:
– عفارم عليك يارامز فعلاً أنت كل يوم بتثبتلي أنك قد المسؤلية اللى بكلفك بيها.
على الجانب الأخر تقف “فيروزة” بجانب سيارتها وهى تزفر بضيق قائلة : هو دا وقتك أنك تعطلى.
نظرت إلى هاتفها فوجدته فاصل القته بداخل السيارة بعصبية : أعمل إيه أنا دلوقتى كل حاجة جاية تبوظ فى نفس الوقت .
نظرت حولها لعلها تجد أحد يساعدها ثوانٍ واقترب منها ثلاث شباب فقال أحدهم: محتاجة مساعدة ياقمر.
حدقت النظر بهم فلم ترتاح لهم منذ قدومهم فقالت بقلق: لا شكرا مستغنيه عن خدماتكم.
وضع الشاب يده على صدره وقال بخبث:
– مينفعش نمشي ونسيبك لوحدك فى حته مقطوعة زى دى ميصحش بردو دا احنا ولاد بلد وجدعان أوى ولا ايه ياشباب.
تحدث الاخر وهو يحاول لمسها: طبعا ولازم نقف جنب بنت البلد ونعمل معاها الواجب.
أبتعدت “فيروزة” عنه فقالت بقوة:
– أيدك لتوحشك وبعدين يلا اتفضلوا من هنا.
الشاب الثانى: لو ما بعدناش هتعملى ايه يعنى.
فيروزة بغضب وصوت عالٍ بعض الشئ:
– هصوت وألم عليكم الناس.
الشاب: اوه بجد طب حاولي كدا وورينا إذا كان فى حد أصلا هيسمعك .
الشاب الأخر: بس يالا حرام تزعل المزة الطلقة دى.
بينما الشاب الثالث أقترب منها وامسكها بعنف من يديها فقامت بدفعه بعيداً عنها وهى تصرخ بوجهه قائلة: أنت مجنون ازاى تسمح لنفسك تلمسني بالشكل ده، دا انا هوديك فى ستين داهية .
ضحكوا عليها فقال الأخر: تعجبني القطة الشرسة نفسي أعرف أنتى جايبة الثقة دى منين.
نظر إليها الشاب الثاني بنظرات قذرة وهو يتفحص جسدها وقال بإبتسامة خبيثة:
– أعملى فيا اللى عيزاه بس مش قبل مدوق الحلاوة دى.
نظرت إليه باشمئزاز قائلة:
-واحد حيوان هستني منه ايه غير كدا..قاطع حديثها هؤلاء الشابين وهم يجذبونها من معصمها بعنف فاطلقت على مصرعها صوت صرخة قوية، لم تلبث ثوانٍ لتجد شاب وسيم قوي البنية فتحولت نظرات عيونها إلى نظرات مندهشة فقد قام بجذبها خلفه، فقال أحد الشباب بسخرية: وياترى بقا مين العصفور الجميل اللى نفاش ريشة علينا ومعرضها على الأخر.
نزع “عمران” نظرته بكل هيبة ووقار وهو يضعها فى سترته وقال بثقة:
-عزرائيل وجاى ياخد روحك النجسة.
الشاب بضيق: طب ليه الغلط بقا ولما اعملها معاك تيجي تزعل.
نظر إليه “عمران” ببعض من الغموض وقال بهدوء:
وأنا حابب أعرف هتعملها ازاى معايا ياسبع البرومبة.
تقدم الشاب منه محاولاً أن يلكمه ولكن بحركة سريعة قام “عمران” بكل مهارة بكسر يديه فى لحظة، تسمروا الآخرين مكانهم فقام أحدهم بوضع مطوة على رقبة “فيروزة” التى أرتجفت خوفاً وشحب وجهها بشدة
فقال الشاب بخوف: ابعد عننا بدل ما أدبحها قدامك.
نظر إليه الأخر بسخرية:
– والله سيب ياشاطر اللعبة اللى فى أيدك دي بدل ماقتلك أنا.
قام بغرز المطوه بها أكثر فقطر عنقها قطرات دماً على يد الشاب، شعر “عمران” بالقلق لوهلة عليها ولكنه ظل ثابتاً ونظر إلي الشاب بغضب جحيمي بعيون سوداء حادة مثل عيون الصقر جعلته يخاف منه وترتعش يديه قليلاً فاستغل “عمران” ذلك وقام بإخراج مسدسه وأطلق رصاصه فى كتف الشاب الذى سقط أرضاً، نظرت إليه “فيروزة” بصدمة وذعر شعرت بأن قدميها تنهار أسفلها حاولت أن تتماسك ولكن غلبها الدوار أكثر كادت ان تسقط فاحتواها بذارعيه سريعاً، استندت على صدره وهى تستمع إلى دقات قلبه المتسارعة فقالت بتعب:
– ممكن تبعد شوية يا أخ وتسبني.
رد عليها “عمران” بغضب: تصدقى أنا غلطان المفروض كنت سيبتك تقعى على الأرض وتتفتح رأسك أو كنت سبته خلص عليكى بالمطوة.
أبتعدت عنه بعنف وهى تقول: تصدق أنك مستفز.
بعد ما أنهت جملتها رأت الدنيا حولها تسود لم تلبث قليلاً وسقطت فاقدة للوعى بأحضانه.
تنفس بهدوء وهو يحملها بين يديه ووضعها بعربيته وأغلق الباب عليها، ثم استدار بجسده المفتول للشابين الساقطين على الأرض بعد أن فر الثالث هارباً أمر سائقه أن يطلب له أحد من أفراد الظابط أن يأتي إليه.
بعد مدة من الوقت فى المستشفى وتحديداً أمام غرفة الفحص، فهب واقفاً عندما خرجت الطبيبة فقالت: مرات حضرتك فاقت وهى دلوقتى كويسة تقدر تشوفها، ثم تركته وغادرت.
وضع يديه على قلبه الذى نبض مرة أخرى وهو يشعر بغرابة أمره،،
فسرح بخياله لمدة ثوانى ثم ادرك نفسه سريعاً : مستحيل اللى بتفكر فيه ده ياعمران فوق لنفسك كدا واعقل.
فتح باب الغرفة ليجدها تحاول أن تقوم من على
السرير، أقترب منها بهدوء وهو يشعر بأن المكان يضيق عليه رويدا من فرض ما حلّ به، ليقول:
– حمدلله على سلامتك يا أنسة مش أنسة بردو.
نظرت إليه بعينيها الفيروزية المشرقتان وقالت بتوتر من نظراته: ايوة أنسة، و شكرا لحضرتك على وقوفك معايا.
اردف “عمران” بأبتسامة: لا شكر على واجب وبعدين أنتى كنتي بتعملى ايه فى طريق مقطوع زى دا.
تحدثت “فيروزة” قائلة: كنت راجعة من مشوار وضيعت طريقي ومن سوء حظي عربيتي عطلت ومعرفتش أعمل إيه .
– الحمدلله أن محصلش ليكى حاجة وحشه لقدر الله وأني جيتلك فى الوقت المناسب قبل ما الزباله يعملوا فيكى حاجة.
أجابته “فيروزة” قائلة: الحمدلله على كل شئ معلش تعبت حضرتك معايا ياأستاذ..قطبت حاجبها وقالت متسائلة: هو حضرتك اسمك إيه.
رد عليها بأبتسامة جميلة بينت غمزاته قائلاً:
– اسمي عمران المنشاوى وبعدين ياستى أنا فى خدمت الشعب دايما.
لم يتلقى منها رداً بسبب شرودها فى غمزاته الساحرة التى أسرت قلبها عندما أبتسم لها، ولكن فاقت من شرودها على صوته المتسأل بقلق وهو ينظر إلى تلك اللاصقة التى وضعتها الطبيبة على عنقها، فقال:
– هى ايه اللاصقة دى أنتى مجروحة فى رقبتك.
أخفضت رأسها بحياء وهى تستغرب قلقه عليها هكذا فقالت بهدوء: أهدى أنا كويسة دا مجرد خدش بسيط بسبب المطوة اللى كانت علي رقبتي.
– ازاى مخدش بالي ان الحيوان جرحك لولا أن هو دلوقتى متصاب كنت روحت خلصت عليه وخدت حقك منه.
أردفت “فيروزة” ببراءة كأنها طفلة صغيرة : هو حضرتك جبت المسدس دا منين هو أنت حرامى.
أطلق ضحكة رجولية جعلتها تتوه مرة أخرى فى ملامحه الرائعة، فقال هو: حرامي ايه بس ياأنسة وبعدين هو فى حرامي هيجيب واحدة حلوة زيك كدا المستشفي دا كان زمانه خاطفها.
قامت بأرجاع خصلة متمردة على وجهها للخلف فقد أحمرت وجنتيها بخجل ثم قالت: احم انا مش قصدي بس غريبه أنك شايله كدا عادي وكمان انت طخيت الراجل.
– ولا غريبة ولا حاجة وبعدين أنا مش أى حد أنا ظابط فى المخابرات ورتبتي مقدم عشان كدا طبيعي يكون معايا مسدس وبعدين الشباب اللى كانت بترخم عليكي اتقبض عليهم كلهم حتى التالت جبناه وهيتعاقبوا على اللى عملوه معاكى ودا غير أن احنا اكتشفنا أن هما عليهم قواضى تانيه هربانين منها.
– كويس انك قبض عليهم خلى الناس ترتاح من شرهم.
نظر “عمران” إليها نظرة طويلة أربكتها ثم قال بتسأل:
– خلى فى علمك انتى لحد دلوقتى مقولتيش أسمك ايه.
أبتسمت بخجل وهى تقول: اسمي فيروزة.
أردف “عمران” بانبهار قائلاً: ماشاءالله أسمك جميل زيك يافيروزة.
شعرت بارتباك عندما نطق اسمها فأدرك هو هذا، ثم اخذ يتسأل: عيونك دى ولا لينسز.
إجابته “فيروزة” بهدوء: عيوني.
– تبارك الرحمن عيونك لونها فيروزية ماشاءالله علشان كدا لايق عليكي اسمك فيروزة، فعلا أهلك عرفوا يختاروا الاسم المناسب.
– دى حقيقة..صمتت لوهلة ثم أضافت بملل:
– هو أنا همشى امتي.
عمران: دلوقتى لو تحبي.
– ياريت علشان انا مش بحب قاعدة المستشفيات.
– تمام هنادي على الدكتورة ونطمن عليكي وبعدها نمشى.
بعد دقائق خرجوا من المستشفي وقام بتوصيلها إلى منزلها
تحدث “عمران” بهدوء: عربيتك انا خليت حد يروح يشوفهالك ولما تتصلح هتتبعتلك على هنا.
أردفت بامتنان قائلة: بجد أنا مش عارفة أشكرك ازاى على وقفتك معايا وأنك مسبتنيش لحد موصلتنا قدام البيت معروفك دا عمرى ما هنساه ليك ياسيادة المقدم.
أبتسم إليها بهدوء : أهم حاجة أنك بخير.
– شكرا عن أذنك..فتحت باب العربية ونزلت منه واغلقته خلفها نظر إليه من النافذة قائلاً:
– أتمنى أني اشوفك تانى.
ردت عليه بأبتسامة ناعمة: بإذن الله.
***************************************
دخلت إلى القصر وهى تشعر بسعادة تغمرها بشدة قابلها “أنيس” الذى تحدث بتوتر: ابوكى عايزنا احنا الاتنين جوا وهيئته لا تبشر على خير وقالى لما الهانم الكبيرة تيجي تعالولى فورا .
– خير ربنا يستر تعالى ندخله بدل ما يومنا يبقى أسود.
دخلوا المكتب بهدوءٍ تام فأغلق “أنيس” الباب خلفهم استدار “عامر” لينظر إليهم ثم قال: أخيرا البهوات شرفوا ممكن أعرف بقا الحلوين كانوا فين النهاردة.
نظر “أنيس” “لفيروزة” بقلق يخشي أن يكون علم بما فعلوه مع والد “دارين” فتحدثت “فيروزة” بهدوء:
– خير يابابا هو فى حاجة.
“عامر” بضيق: و هو يجي من وراكم خير وبعدين أنا سألت سؤال تجاوبي عليه من غير ما تسألي أنتى سامعة.
أخفضت “فيروزة” رأسها بحرج وقالت: كنت فى الشركة.
نظر “عامر” إلى “أنيس” بنظرات لا تبشر بخير فقال: والبيه التاني كان فين.
“أنيس” بتوتر: كنت فى المستشفي.
أبتسم “عامر” أبتسامة جانبية فقال: وقبل كدا كنتوا فين بقا دى الأجابة اللى عاوز اعرفها حالا .
“فيروزة”: حضرتك احنا كنا فى شغلنا هنكون فين يعنى.
ضرب بيده على المكتب افزعهم من مكانهما وقال بغضب: بتكدبوا قدامى بكل بجاحة ياست فيرزوة ليه شيفاني عيل برياله قدامك علشان تضحكي عليه بكلمتين.
أبتلعت ريقها بخوف قائلة: أبدا والله يابابا .
أردف “أنيس” بتوتر: بابا احنا مش قصدنا نزعل حضرتك مننا وكمان احنا مش بنكدب عليك.
– والله والمفروض أصدقكم صح أولا أنتو النهاردة محدش منكم راح على شغله مش صح كلامي ومش عايز كدب.
تحدثوا فى آن واحد قائلين : صح.
قام “عامر” من مكانه ووقف أمامهم وقال:
– وياترى العروسة اللى كنتوا عندها أخبارها ايه ياأستاذ أنيس.
نظر “أنيس” إلى أخته وجبينه يقطر على وجهه عرقاً:
– عروسة ايه أنا مش فاهم قصد حضرتك.
– دارين اللى روحتوا ومشيتوا من دماغكم واتفقتوا مع أبوها على الجواز يادكتور أنيس مش دا اللى حصل هو انتو فاكرنى معرفش تحركات اى حد فيكم ولا ايه.
نظرت إليه فيروزة وقالت بهدوء:
– ايوة يابابا فعلاً احنا روحنا لوالد دارين عشان نوقفه عن اللى هو بيعمله .
زعق والدها بها: وأنتى مالك بيهم هى كانت من بقية أهلك.
هبت “فيروزة” واقفة وقالت: يابابا البنت والدها كان هيجوزها لراجل عجوز قد جدها وهى طلبت مني المساعدة وبعدين أنيس بيحبها وعايز يتجوزها فأيه المشكلة.
“عامر”: فتقومى حضرتك واخدة أخوكى وراحة تخطبى له كأن مفيش راجل كبير تستأذنه منه الأول كأن ماليش اهمية فى حياتكم لا يافيروزة أنا لسه ماموتش علشان تتصرفى من دماغك بالشكل دا وقسماً بالله لو اسلوبك وطريقتك ما أتعدلت ليكون ليا تصرف معاكى مش هيعجبك .
اردف “أنيس” قائلاً: بابا فيروزة مالهاش ذنب فى حاجة أنا اللى طلبت منها تيجي معايا وبعدين أنا مخطبتش دارين لسه كل اللى حصل أن احنا وقفنا جوازها وقلنا لوالدها أنى هجيب حضرتك وهتقدم ليها رسمي لان مينفعش أخد خطوة زى دي بدون علمك.
أبتسم “عامر” بضيق وقال بسخرية: لا والله كتر خيرك أنتو شكلكم عايزين تلغونى من حياتكم ودا مش هيحصل ..أوعى تكونوا فاكرين اللى عملتوه دا هيعدي بالساهل كدا، ثم حول بصره لفيروزة وهو ينظر إليها بملامح جامدة وقال :
– اما أنتى بقا ليا تصرف تانى معاكى.
نظرت إليه “فيروزة” وقالت ببرود: و أنا مش فارقة معايا أى حاجة تحصل مدام مغلطتش فى حاجة يعني حضرتك يابابا تصرفي اللى معترض عليه مكنش غلط.
أقترب منها بخطوات غاضبة لكنها مازالت تنظر إليه بتلك النظرات الباردة، فقال “عامر”: شكلك يافيروزة نسيتي اللى بتتكلمي معاه دا يبقى أبوكى لكن شكل فركشة جوازك من وليد جننتك على الأخر وخلاكي مش واعية لتصرفاتك دا غير أنك بقيتي تتعاملى معايا دلوقتى بقلة أحترام لكن انا هعرف أزاى ارجعك لعقلك.
“فيروزة” بعدم إدراك لما تقوله: حضرتك أنا متجننتش وبعدين أنا حرة فى تصرفاتي وأعمل اللى يريحني ومحدش له أن هو يتدخل فى حياتي حتى لو كنت أنت.
أخرستها صفعة قوية على خديها من والدها وضعت يديها على موضع الصفعه ونظرت إليه بملامح خالية من أى تعبير فهو لأول مرة يضربها، فتحدث هو بغضب عارم لم يعتادوا عليه فقط فقد أعصابه بتلك اللحظة:
-تصدقى أنك مش محترمة وأنا معرفتش أربى، كان عنده حق بقا وليد فى أنه هو يخونك ويسيبك وفى كل كلمة هو قالها، صمت قليلاً عندما أدرك ماتفوه به بينما هى شعرت وكأن حد ضربها بصدرها ضربة عنيفة جعلت قلبها ينتفض بألم على أثرها مع أنها جملة بسيطة ولكنها كفيلة بتدميرها، تحجرت الدموع فى عينيها وأختنق صوتها وضاق تنفسها نظرت إليه بعتاب دون أن تتكلم فكانت نظرتها كفيلة لتصف ما هى تشعر به الآن، أقترب منها وهو يقول بأسف:
– فيروزة أنا يابنتي أسف معرفش أزاى الكلام ده طلع مني الغضب عماني أنا…ابتعدت عنه وهى ترجع للخلف وقالت بصوت مختنق من البكاء وهى تشعر بذهول وخذلان: متتأسفش حضرتك مغلطتش فى حاجة أنا اللى غلطت أنا اللى أسفة شكلى نسيت نفسي ونسيت أصلي وأنى بنت شوارع وبنت حرام زى ما وليد كان بيقولي ودلوقتي حضرتك فوقتنى وفعلا مينفعش البنادم يتخلى عن أصله الحقيقي لان مهما حاول أن هو يتجرد منه أو ينساه هيفضل ملاحقه ولازق فيه..أنا اللى أسفة مكنش ينفع أنى انسى الماضى بتاعي..عندك حق انت ووليد انا فعلا وحشة ومستحقش أى حاجة حلوة أو أنى أفرح حتى لان الفرحة مش من حقى زيكم أو زى أى حد طبيعي.. صمتت وهى تمسح بكف يديها دموعها التى تتساقط دون توقف ثم أكملت قائلة:
– فعلا وليد كان عنده حق فى انه هو يخونى هو كان فى راجل يقدر يستحمل واحدة زيى انا عارفة أنى وحشة ووحشة أوى كمان بس والله أنا فيا روح بتتوجع لما بتقولولها كلام يجرح ومش بعرف اتعافى منه بعد كدا فرفقاً بقلبي .
ذهبت من أمامه سريعاً وهى تتجه إلى غرفتها فكانت فى حالة أنهيار تام ولا تريد أن تنهار أمامهم.
نظر “أنيس” لوالده بعيون دامعة وقال بعتاب:
– أنت دمرت أخر جزء فى فيروزة بكلامك وصدقني يابابا مش هتقدر ترجعها لطبيعتها بعد كدا صحيح أن احنا يمكن يكون غلطنا بس هى مكنتش تستحق منك كدا دا، فيروزة أكتر واحدة فينا بتحبك وبتعتبرك سندها وأمانها ودلوقتى انت خسرتها.ثم غادر المكتب فجلس عامر على الكرس بتعب وهى يشعر بالندم ولكن احيانا الندم لا يفيد بشئ.
***********************************
اقتحم “أدم” غرفتها وهو يثور كالطور الهائج دافعاً الباب بقوة، فزعت على أثرها “سارة” التى كانت تقف أمام شرفتها تنظر إلى الخارج بشرود أقترب منها بطرفة عين وكبل يديها فى يده بقوة تأوهت بألم من قبضته
نظر إليها بملامح خالية من أى تعبير فقال ببرود:
– صحيح اللى سمعته قالولي تحت أن فى عريس جاى النهاردة يتقدم ليكي .
ابتلعت ريقها بتوتر وقالت: ممكن تبعد ياأدم مينفعش تقرب مني كدا.
تحدث “أدم” بغضب قائلاً: ردى عليا الكلام دا صح.
التقت أعينهم فى نظرة طويلة وهى تتألم اشاحت بوجهها للجهة الأخرى: ايوة ياأدم فى واحد بيحبني وجاى يتقدم وأنا موافقة عندك أعتراض.
ضغط على يديها أكثر فصرخت بوجع والتمعت عينيها بالدمع، فقام بدفعها على الحائط خلفها وابتعد عنها ببطء وهو ينطر لها بتحدي وقال بثقة:
– عارفة ياسارة أنتى ملكى أنا وعمرك ما هتكونى لغيري فاهمة ولو فكرتى تقعدى مع الزفت والله العظيم لكون قتله وقتلك معاه .
تحسست يديها بألم وقالت بغضب وصوت عالٍ:
-وانا مش عيزاك ولا هبقى ليك ويلا أطلع برا .
أردف “أدم” بغضب قائلاً:
– ماشى ياسارة استني عليا بس لما أخلص مهمتي وافوق لاربيكي من أول وجديد وهتشوفى مني اللى عمرك ما شوفتيه أولاً علشان تعلى صوتك عليا حلو وثانياً علشان أعرفك ازاى توافقى على الجوازة دى و ابقى وريني بقا هتقابلي عريس الغفلة دا أزاى.
نظرت إليه “سارة” بخوف:
-هو أنت فاكر نفسك ايه علشان تهددني أنت ولا حاجة بالنسبالي ياأدم أنا بكرهك ولو هتموت كدا قدامي عمري ما هوافق عليك وهتجوز العريس اللى جالي غصب عنك.
أبتلع كلامها بغصة جارحة شعرته بألم يشق صدره إلى نصفين ولكن أرتدت قناع البرود حتى لا يظهر ضعفه أمامها، فقال أدم بثبات:
-مش هسمحلك تكونى لغيري ولا هسمح لحد يقربلك ياسارة وهتشوفي أنا هعمل إيه.
أتجه إلى باب الغرفة وخرج منه كما أتى، زفرت بهدوء وهى تجلس على طرف السرير وهى تنطر ليديها الملتهبة من قبضته فأبتسم ثغرها بخفه وتسارعت دقات قلبها فهى تعشقه منذ الطفولة ولكنه كان يصدها دائماً ولكن عندما تقدم لها هذا العريس فثار غضبه بشدة ولم تتوقع ردت فعله هذة، فتأكدت حينها بأنه يحبها ويبادلها نفس الشعور ولكنها سوف تعذبه قليلاً كما فعل هو.
بعد ساعتين من الزمن وتحديداً فى غرفة “أدم” ارتدى بدلة السوداء ثم اتجه إلى الأسفل وهو يدندن ببعض الكلمات الحزينة، نزل من على الدرج ولكن تصلب جسده فجأة مكانه وهو يستمع إلى هذا الحديث…
فكان العريس جالس أمام عمه ويتحدث قائلاً:
– عمي أحمد أن أتشرف وأطلب أيد بنت حضرتك سارة وأتمنى توافق وأنا هنفذلكم كل حاجة تطلبوها مني، و انا زى ما حضرتك عارف جاهز ومستعد للجواز.
تحدث “أحمد” بهدوء وقال:
– معنديش مانع يابني وانا عارفك كويس وابوك غنى عن التعريف لكن أنت شوفت بنتي فين او تعرفها منين
عشان تطلبها.
العريس بتوتر: شوفتها مرة فى المستشفي عند الدكتور أنيس لما والدتي كانت بتكشف عنده وعرفت أنها بنت حضرتك وأنا الصراحة أعجبت بأخلاقها وأحترامها وجيت أخطبها على طول قبل ما تضيع مني.
اقترب “أدم” منها بخطوات حذره ينظر إلى ذاك العريس بعيون مشتعلة من الغضب فهو لن يدع هذا يمر بمرور الكرام.
نظر “أنيس” إلى توأمه فهو يعلم بأنه يحبها لكنه بيكابر ثم حوله بصره للعريس وقال بخبث:
– وافق عليه ياعمي أنا أعرف الاستاذ طه كويس فهو شخص محترم وخلوق ومفيهوش عيب واحد وهيصون بنتك سارة ودا غير أنه شخص يؤتمن ودى صفة قليلة مش هتلاقيها عند حد اليومين دول و بعدين مش هتلاقي زيه بعد كدا دا واحد بيعرف ربنا كويس وبيصلي كمان وغير كدا انا شايف انهم مناسبين لبعض.
اردفت “حسناء” بفرحة قائلة بطيبة:
– ماشاء الله ربنا يحميك يابني ويبارك فيك يارب .
تحدث والد العريس بأبتسامة:
– هى العروسة فين حابين نشوفها ونتعرف عليها.
أردف “أحمد” بهدوء: حاضر ثواني هروح أجيبها.
ذهب إلى غرفة ابنته تحت نظرات “أدم” المشتعلة وبعد لحظات أتى بها شعر حينها بأنها هكذا تضيع من بين يديه وهو يقف صامتاً ويشاهد ما يحدث فى صمت تام يألم كل عاشق وكل محب وهو يرى أمامه ضياع حبه الوحيد، أخذ قلبه وعقله يصارعن بعضهن بشدة فقلبه يحثوا على التحرك وفعل شى حتى يسترد ماهو حقه وعقله رافض هذا بكل كبرياء وغرور، أخرجه من تلك الدوامة صوت “فيروزة” وهى تنظر إليه وتتمني لو يتخلي قليلاً عن غروره حتى لا يخسر محبوبته فقالت باستفزاز:
– مالك ياادم واقف بعيد كدا ليه ياعمري مش تيجي تسلم على عريس بنت عمك ولا أنت مش فرحان ليها.
نظر إليها بغضب وهو يتوعد لها بداخله ثم قال بصوت غير مسموع:
– متقلقيش ياروزا هى دى حاجة تفوتني هسلم عليه بس بطريقتي الخاصة عريس الغفلة.
والد العريس : اللهم بارك قمر ماشاء الله عليها.
تحدث “طه” العريس بسعادة قائلاً: شوفت يابابا حلوة أزاى علشان تعرف بس أن ابنك مش بيختار أى حد بردو.
نظر والد العريس إلى “أحمد” وقال:
– ماشاءالله علي بنتك ياأستاذ أحمد باين عليها محترمة ومتربية أحسن تربية، زين ما أخترت يابني ربنا يهنيكوا ببعض دا احنا طلعنا محظوظين اوي عشان هناسب ناس زيكم.
ابتسموا له بخفه، اقترب “عمر” و “طارق” من “أدم” ووقفوا خلفه ليقول “عمر” بتأثر: والله قمرات بص يا أدم ليهم كدا بذمتك مش لاقين على بعض.
نظر “طارق” للعريس وقال بصوت هامس:
– لا بص كدا ياعمر دا الواد ياعين أم واقع على بوزه انا حاسس أنه شوية كدا وهياخدها ويجرى أنت مش شايف عمال يبصلها ازاى دا هياكلها بعينه.
أردف “عمر” بخبث: الصراحة ما البت حلوة وله حق يبصلها كدا دا ياقلب امه عنيه بتطلع قلوب من كتر الحب والفرحة.
تحدث “طارق” بنفس الخبث: أنا لو مكنتش أصغر منها كنت اتجوزتها على طول ومسبتهاش تخرج برا عيلتنا.
ازدات غضب “أدم” ليضغط بقوة على قبضته التى ابرزت عروقه بشدة، اقتربت منهما “فيروزة” وقالت بخبث وهى تدعى البراءة: عندكم حق ياولاد دا حتى ابوه ياشيخ حبها يابختك ياسوسو وقعتى واقفه يابنت الايه الواد مز الصراحة وجامد جمدان ايه وباين على الواد أنه بيعشقها مش بيحبها تعرف ياأدم أنا لو مكانك مكنتش سيبتها تضيع من أيدي دي عروسة لقطه.
فأكمل عمر وطارق بخ سمهم فى أذنيه بينما استكملت “فيرزوة” الحديث قائلة:
– ياعمري أنا ياخواتى بص يا أدم عصفورين كناريه قاعدين قدامي بيحبوا فى بعض قمرات والله خايفة ليتحسدوا .
أحمرت عيناه وانتفض جسده بعنف أكبر دليل على غضبه أبتسمت “روزا” بانتصار فخطتها نجحت كما خططت لها فهى تعلم الأن بأنه أستوى من كثرة كلامهم و سينفجر بعد دقائق، أقترب سريعاً منهما عندما سمع من العريس يقول: مدام موافقين يبقى على بركة الله نقرأ الفاتحة وملهوش لزوم للتأخير.
صاح بهم “أدم” بصوت مرتفع فى هذة اللحظة وهو يقول بغضب أعمى عيناه: فاتحة مين ياروح امك اللى هتقرائها دا أنت ليلتك سوده معايا وهخليهم يقرأوها عليك

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لحن الزعفران)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى