رواية لحن الزعفران الفصل الرابع 4 بقلم شامة الشعراوي
رواية لحن الزعفران الجزء الرابع
رواية لحن الزعفران البارت الرابع
رواية لحن الزعفران الحلقة الرابعة
فى غرفة “لارين” كانت نائمة بعمق على فراشها، بينما فُتح باب شرفتها بهدوء شديد ودلف رجل ملثم بوشاح أسود لا يظهر من وجهه سوى عيناه، نظر بخبث إلى تلك السكينة التى يحملها بيده ثم تقدم منها بخطوات هادئة ليقف بجانب الفراش ونظر حوله ليتأكد من أن المكان آمن لا يوجد به أحد لحظات وبدأت “لارين” تتحرك قليلاً فى نومتها بعد شعورها بالقلق، أخذت تفرك جفنها بضيق ثم فتحت عينيها الناعسة ليتسع بريقها بصدمة وهى ترى ذاك الملثم يقف بجانبها ويحمل سكيناً، ثوانٍ وصرخت عالياً بذعر عندما رأته يرفعه يديه بالسكينة ويسقط بها نحوها ليغرزها بها..
بينما نهضت لارين سريعاً من مكانها وأبتعدت عن الفراش وهى تنظر إلى السكين التى غرزت فى الوسادة وفى تلك اللحظة سقطت دموعها بغزرة وأزدادت وتيرة أنفاسها وهى تراه يرفع السكينة عالياً…
بدأ الملثم بالأقتراب منها بهدوء تحت نظراتها الخائفة والمترقبة بينما هى ركضت إلى الباب وجاءت حتى تفتحه وجدته مغلق التفت تنظر إليه وهى تلتصق بالجدار خوفاً وعينيها مازالت مثبتة على يديه، أبتلعت غصتها وقالت بنبرة مهزوزة:
– أنت مين وعايز منى ايه وازاى دخلت هنا.
نظر إليه بنظرات غاضبة وقال: عايز روحك ياحلوة.
أخذ جبينها يتصبب عرقاً وقالت بهلع: أرجوك خد كل حاجة عندك مجوهرات وموبايلات وفلوس كتير خد اللى عاوزه بس بلاش تعمل فيا حاجة.
ولكن كان لا يهتم بما تقوله نظرت إلى الباب وحاولت فتحه مجدداً ولكنها شعرت فجأه بيده التى وضعت على جسدها لتلتفت إليه سريعاً وهى تبعده عنه ولكنه لم يتردد ثانية واحدة عندما وجد منها مقاومة وكانت السكينة تستقر فى بطنها تزامناً مع علو شهقاتها وصدمتها، تسقطت دموعها بغزراة مع أغلاق عينيها بألم بينما هو نظر إليها بحقد ثم ضغط على السكين أكثر بها وبعدها قام بإخراجه منها مرة واحدة ومعها تناثرت دمائها بقوة، لم تشعر لارين بنفسها إلا وهى تسقط أرضاً غارقة فى دمائها..
نظر حوله وهو يبحث عن شيئاً ما ولكنه شعر بالهلع عندما سمع صوت أقدام فى الخارج جعلته يترك ما بيده ليركض سريعاً هارباً من الشرفة، وأثناء هروبه أصتدم بتلك الطاولة الجانبية التى سقطت من عليها المزهرية أرضاً، دخل الشرفة ونظر إلى أسفل ليرى أن المسافة ليست ببعيدة ثم قفز من على السور إلى الحديقة..
أقترب “معاذ” من الغرفة بعد ما سمع صوت إنكسار فى الداخل طرق على الباب منادياً عليها ظل بضع ثوانٍ ولم يتلقى منها أى رداً، قفز فى قلبه القلق والخوف ليقوم بكسر الباب عندما وجده منغلقاً و دلف إليها لينصدم من ما يراه، أقترب منها سريعاً وجلس بجانبها ضاممها إلى أحضانه ليرى بقعة الدماء تلون ملابسها وتلك السكينة الملقاه بجانبها مليئة بالدماء.
نظر إلى “لارين” وهو بضرب على خديها برفق بأيدي مرتعشة قائلاً بقلبٍ منفطر: لارين حبيبتى أنت سمعاني
ثم قام بضمها بقوة إلى أحضانه وقد ترقرقت الدموع بعيناه وهو يصرخ قائلاً:
ياالله…..حد يساعدني ياأنيس ألحقني.
فى تلك اللحظة آتى “أنيس” مهرولاً إلى غرفة شقيقته ليصعق من رؤيتها هكذا، جلس على الجهة المقابلة ويقوم بجذبها إليه برفق ثم قام بحملها ليركض بها إلى الخارج ويليه “معاذ” والعائلة…
بعد مدة من الوقت دلفت لارين إلى غرفة العمليات، بينما والدها كان يقف مستنداً على الجدران والدموع عالقة فى عيناه تأبى أن تفارقه تذكر رؤية أبنته وهى غارقة بدمائها ثم أخذ يتوعد بالهلاك لمن فعل هذا بها اقترب منه شقيقه “أحمد” الذى وضع يديه على كتفه قائلاً بهدوء: عامر أنت كويس.
نظر إليه بدموع حبيسة ليقول بغضب: لا مش كويس بنتي جوا فى أوضة العمليات وأنا واقف هنا ومش عارف هو كويسة ولا لأ أنا حاسس بنار جوايا يا أحمد
– أهدى ياحبيبى إن شاء الله هتبقى كويسة متقلقش وكمان أخوها أنيس معاها جوا.
نظر إلى أعلى وهو يناجى ربه ثم قال: يارب يا أحمد يارب دى لو حصلها حاجة هموت فيها.
نظرت إليه “فيروزة” بعيونه هالكة من البكاء وهى تحتضن والدتها “نازلى” التى كانت تبكى بحرقة لتربت الأخرى على رأسها بحنان ولم يكف لسانها عن الدعاء لشقيقتها.
بعد مرور بضع دقائق كانت يتحدث “عامر” فى الهاتف مع صديقه “رؤوف” وكان يبدو على ملامح وجهه الغضب ليقول بصوتٍ عالٍ: وأنا اعرف منين شايفني بشم على ضهر أيدي بس ورب الكعبة أول ما أعرف مين الحيوان اللى عمل كدا لهقتله يارؤوف سامع لهقتله
ثم قام بغلق الهاتف فى وجهه ويقوم بضرب الجدران بعنف وهو يشعر بغضب جحيمي لتفر دمعه من عيناه متألمة، اقتربت “فيروزة” منه بهدوء لتربت على يديه برفق قائلاً بحزن: بابا لو سمحت أهدى ياحبيبى.. صدقنى يابابا هى هتبقى كويسة والله أختى هتبقى كويسة.
قام بأبعاد يديها عنه بعنف ليردف قائلاً بعصبية:
محدش يقولى أهدى سامعة أنا بنتى الوحيدة جوا بين الحياة والموت وأنتي جاية تقوليلى أهدى أنا مش عايز أسمع صوتك نهائياً فاهمة…..ثم أخذ يبكى ليقول بحرقة: أنا محدش حاسس بيا انا قلبى بيوجعنى من ساعة مشوفتها بالمنظر دا وخايف أوى لخسرها خايف لو مشوفهاش تانى دى بنتى وحته من قلبى وروحى وأغلى ما ليا .
ليجلس على الأرض وهو يضع يديه على رأسه جلس بجانبه “أحمد” معانقاً إياه بين أحضانه مربتاً على ظهره بمواساة، ابتعدت عنهما “فيروزة” ووقفت بعيداً فى أخر الممر وهى تنظر إليهم بعيون منهمرة بالدمع لتقوم بوضع يديها على موضع قلبها الذى ألمها بشدة ثم أغمضت عينيها الفيروزية بعنف محاولة ضبط أنفاسها المتقاطعة لتخرج منها شهقة عالية متألمة…
بعد مرور ساعتين..
خرج “أنيس” من غرفة العمليات فأقترب منه الجميع بقلق نظر إليه والده الذى قال: طمنى ياأنيس على أختك.
نظر الأخر إليه قائلاً: متقلقش ياحبيبى هى دلوقتى كويسة والجرح مش عميق…وتم نقلها لغرفة تانية وشوية هخليكم تشوفوها.
زفر “عامر” بهدوء وقال: الحمدلله أن هى بقت كويسة.
بعد مرور دقائق كان يقف “عامر” بجانبها يمسد على خصلات شعرها بحنان، رمشت “لارين” بعينيها وقطبت حاجبيها ثم تحدثت بوهن وهى تنظر حولها قائلة: أنا فين؟
تحدث والدها قائلاً بأبتسامة: فى المستشفى ياقلب أبوكى حمدلله على سلامتك.
نظرت إليه بعيون دامعة وقالت بخوف: بابا كان ف..
أردف عامر بهدوء ليبث بقلبها الأطمئنان: متخافيش ياحبيبتى أحنا هنا جمبك ومش هسيبك أبداً ومحدش هيقدر يقرب منك بعد كدا.
اقتربت نازلى منها قائلة بأبتسامة سعيدة: حمدلله على سلامتك ياعمرى أنتِ.
أردفت “لارين” بأرهاق: الله يسلمك ياماما.
تحدث “عمر” قائلاً بمرح: ينفع كدا ياعسل الخضة دى دا انا كنت هقطع الخلف بسببك بس يلا مش مهم أهو كله فداكِ.
نظر إليه “أنيس” وقال بسخرية: ياااه على التضحية مش عارف لولاك كنا عملنا ايه.
أقتربت منها “فيروزة” وقبلت رأسها بحنان ثم قالت بأبتسامة: حمدلله على سلامتك يابسبوسة العيلة فداكى روحى ياقلب أختك..كنت هموت من الخوف عليكى.
نظر “عامر” لأخواته بهدوء ليقول:
– يلا يا أحمد خد العيلة وروحهم وانا هفضل هنا مع لارين.
أحمد: أزاى بس هروح واسيبك أنا هفضل هنا معاكم.
نظر إليهم “خالد” قائلاً: ايوه أحمد عنده حق لازم واحد مننا يفضل معاك عشان لو أحتاجت أى حاجة.
زفر عامر بضيق وقال: ياجماعة والله مالهوش لزوم قعدت أى حد فيكم يلا بقا يا أحمد أنا مفيش فيا حيل للمناهدة.
نظروا لبعضهم بقلة حيلة فمهما حاولوا لم يقتنع وسيظل ثابتاً على قراره، ثم تحدث “أحمد” قائلاً:
– ماشى ياعامر زى ما انت عاوز بس لو احتاجت حاجة ياريت تكلمنا ومتطنش ماشى.
– ماشى ويلا بقا.
كانت “فيروزة” واقفة فى حديقة المستشفى، تنظر إلى تلك السحب المتفرقة بشرود، شعرت بنسمة هواء باردة تلفحها جعلتها ترتجف قليلاً ثم حاوطت جسدها بذراعيها، شعرت بشئ يُوضع عليها فألتفتت تنظر خلفها فوجدته أخيها “عمر” يضع جاكته عليها ليردف قائلاً بابتسامة: شكلك بردانه أوى ياروزا.
أومات رأسها بالإيجاب ليكمل حديثه: واقفة هنا لوحدك ليه ومش قاعدة معانا جوا .
نظرت إلي السماء وقالت: ما أنت عارف أن أنا مش بحب قاعدة المستشفيات وبعدين أنت ايه اللى خرجك من جوا.
– خرجت أدور عليكى لما ملاقتكيش وطبعا أنتى عارفة ان أنا بقلق بسرعة لما بتختفى فجأه.
– تعرف ياعمر أنك اكتر واحد فى أخواتي بحبه أوى واكتر واحد بخاف عليه.
أبتسم إليها بحب أخوي وهو يقبل يديها ثم قال:
عارف ياعمري وأنتِ والله أكتر واحدة بحبها فيهم يافيروزة وعلى فكرة دا مش كلام والله.
– عارفة أنه مش كلام.
أقترب منهما “عامر” ليشير إلى”عمر” بأن يتركهم بمفردهم لينفذ الأخر ما أمره، جاء والدها أن يضمها بين ذراعيه ولكنها تراجعت بخطواتها إلى الخلف مبتعدة عنه ليتفهم هو ما يدور بعقلها ليردف قائلًا بهدوء:
– فيروزة عارف أنك زعلانه منى بسبب عصبيتى عليكى ولكن يابنتي كان غصب عنى أنا مكنش قصدي أجرحك بكلامى وأنتى عارفة كدا صح.
خفضت رأسها بحزن ولم تجيبه، أمسك يديها وجعلها تجلس على المقعد وجلس بجانبها ليكمل حديثه بأسى وحزن:
– من ٢٧ سنة أتعرضنا أنا ونازلى لابشع يوم فى حياتنا يوم لما أتخطفت فيه بنتنا كارما أول فرحتنا وكان عمرها ٦ شهور خطفوها جماعة مسلحين بيتاجروا فى كل حاجة أنتى لا تتخيليها، و قرروا يتنقموا منى بسبب العمليات اللى دمرتهلهم وبعض رجالتهم اللى قبض عليهم ولكن أنتقامهم كان عظيم و نفذوه فى بنتي نور عيني، صمت لوهلة وقد بدأت عيناه ترقرق بالدمع ثم أكمل:
بعد ما خطفوها قدرنا نرجعها بس الخوانه قدروا يتسللوا لبيتي وقتلوها قتله طفلة بريئة عمرها شهور بدم بارد وحرقوها مش عارف أزاى قدروا يعملوا فيها كدا أزاى جالهم قلب يأذوا طفلة زيها تعرفى اللى واجعنى لحد دلوقتى أن أنا معرفتش أخد بحق بنتي
أنا يافيروزة موجوع من جوايا وعلى طول خايف أن حد منكم يتأذى زيها علشان كدا كنت خايف على لارين أوى لانها تعرضت للقتل زى أختها… أعدائى ناوين يقهروني على ولادى وأنتى عارفة قد أيه الضنا غالى.
ثم نظر إلى عينيها بألم ليقول: حقك عليا يافيروزة متزعليش من أبوكى أنتى بنتي زيك زيهم وبحبك زى أختك لارين علشان خاطرى سامحيني أنا مابحبش أشوفك زعلانه مني.
رفعت رأسها إليه ثم أرتمت فى أحضانه ليحتويها بذراعيه وسمعها تقول: أنا مش زعلانة منك ياحبيبى وبعدين هو فى حد يزعل من العسل دا.
أبتسم بود ليردف قائلاً بمرح:
– ياراجل عليا الكلام دا ياروزا.
أبتعدت “فيروزة” عنه بأبتسامة مشرقة: تعرف يابابا أنا بحبك أوى وأسفة لو كنت زعلت حضرتك.
– أنا مقدرش أزعل منك يافيروزة.
أخذ “عامر” يحدق فى ملامحها ثم قال: تعرفى أنك فى نفس عمر كارما.
نظرت إليه بعينيها الفيروزية وقالت:
– هى كانت حلوة زيى كدا ولا أحلى.
عامر بشرود: كانت جميلة زيك.
وضعت رأسها على كتفه بهدوء ونظرت إلى السماء المظلمة.
بعد يومين وتحديداً فى القصر ..
دلف “عامر” وهو يسند “لارين” بعد أن أطمئنوا عليها وسمح لهم الدكتور بالخروج، جلست على تلك الأريكة معهم نظر إليها “طارق” بخبث قائلاً: يااااااه يا لارين تصدقى أن البيت كان حلو من غيرك أوبس قصدى كان وحش ..
نظرت إليه بسخرية: تصدق فعلاً.
طارق بشفقة: والله زعلنا عليكى يابنتى أنت متعرفيش أننا بنحبك قد ايه.
أبتسمت أبتسامة صفراء ثم قالت: اه ما أنا عارفة مش محتاجة تقولى.
نظر إليه “أحمد” بحده: ملكش دعوة ببنت عمك يازبالة، ثم التفت إليها ليقول: سيبك منه ياحبيبتى ومتزعليش من كلام البأف دا.
– أبدا ياعمى مش زعلانه وبعدين دا طارق محدش بياخد على كلامه أصلا.
أردف “وليد” بأبتسامة: حمدلله على سلامتك ياعسل.
لارين: الله يسلمك ياوليد.
تحدث “وليد” وقال: عايزك كدا تخفى بسرعة علشان عملك مفاجأة هتفرحك أوي يالى لى.
أردفت “لارين” بسعادة: بجد ياوليد طب ايه هى المفاجأة دى.
أجابها بمرح: لا ياعسل مش هقولك وبعدين لو قولتلك مش هتبقى مفاجأة صح ولا اي.
– صح بس هتبقى أمتى.
– أول ما تروقى كدا من التعب اللى أنتى فيه.
وضعت “سهر” يديها فى وسطها وقالت بحزن مصطنع:
– طب وأنا ياسي وليد مفيش ليا حاجة ولا أنا مش مهمه عندك.
نظر إليها مبتسماً ليقول: مين قال كدا أنتى مهمة عندى كلكم زي بعض والله وبعدين ياستى متزعليش ليكى نفس المفاجأة أى خدمة.
أردفت بمرح قائلة: يعيش وليد.
– يلا أسيبكم أنا بقا وألحق اروح الشركة علشان لو فضلت قاعد جنبكم كدا هفلس.
ثم أتجه إلى الخارج وذهبت خلفه “فيروزة” وهى تنادي عليه، استدار إليها ليردف قائلًا بضيق: خير فى حاجة.
تحدثت بحرج وقالت: اه فيه ممكن نتكلم مع بعض شوية.
– للأسف مش فاضى أنا لازم أمشي.
– لا ياوليد أحنا لازم نقعد نتكلم مع بعض ونشوف حل لموضوعنا دا.
موضوع ايه.
– يعنى أنت مش عارف !
– لا مش عارف وياريت نخلص أنا مش فاضيلك.
– ممكن أعرف أنا بالنسبالك ايه أنا خلاص زهقت ومابقتش فاهمة أنت بتعاملنى كدا ليه… دا أنت حتى بتعامل الكل كويس إلا أنا مع أنى بكون خطيبتك ومعاملتك معايا المفروض تكون أحسن من معاملة الكل.
زفر بضيق قائلًا: شكلك فاضية وعايزة تتخانقى وخلاص.
تحدثت “فيروزة” بحزن :أنا مش عايزة اتخانق أنا عايزة اعرف علاقتنا دى هتوصل لأيه.
– والله لما أعرف هبقى أقولك .
أقتربت منه ووقفت أمامه بهدوء: أنا مابقتش فهماك أنت أتغيرت أوى مش دا وليد اللى كنت أعرفه زمان واللى كان بيحبنى وميستحملش عليا الهوا ايه اللى غيرك كدا من ناحيتي.
نظر إلى ساعته ثم قال: أنا أتأخرت أوى ولازم أمشى عن أذنك يابنت عمى.
نظرت لأثره بشرود بعد مغادرته لتذهب هى إلى الداخل
وصعدت إلى غرفتها، بعد دقائق من التفكير الذى أرهقها جلست على فراشها وهى تمسك مذكراتها تدون بعض الكلمات العالقة بداخلها..
كانت جدتى دوماً تحدثنى بتلك النصيحة إذا أحببت شخصاً ما لا تجعليه محور حياتك ياعزيزتي .. لا تقدمى حياتك هدية له أنتى أولى بها … الله وهبك إياها فلا تهبيها لاحد .. وان فعلتى فنادى فى ظلماتك لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين وأسترجعى أغلى ما تملكين
حبيه ولكن لا تذوبى فيه .. حبيه ولكن لا تعلقى حياتك عليه .. حبيه وأن قرر الرحيل أبتسمى له وأديرى ظهرك ضاحكة فالحياة تنتظرك فلا تنتظريه حرريه وحررى روحك قبله .. فالكووون كله قد سُخر لك فانطلقى وطيرررى وحلقى
لا تحكمى على نفسك بالموت حيا لاجله .. وان فعلتى فاستغفرى لذنبك وظلمك لنفسك وافيقى لازلتى تتنفسى إذا هناك حياة فى انتظارك
قومى ضعى كامل زينتك .. انظرى لنفسك فى المرايا وأخبرى نفسك كم انتى جميلة
لا تحكمى على نفسك بالعيش فى ظلمات داخل ظلمات لاجل رحيله
أرقصى وتميالى على أنغام حزنك وأركضى عليها برجلك وانظرى الى جسدك واخبريه كم هو فاتن
أنتى أيتها الرائعة الفاتنة الرقيقة الجميلة القووووية .. أعرفى انك غالية غالية غالية عند مليك مقتدر
أنتى أيتها الغالية اعرفى قيمتك العالية عند ملك الملوك ولا تسمحى لعبد ان يشعرك انك هينة او .. او كتلة مهملة حتى وان احببتيه .. فحبى نفسك اكتر و حلقى بعيداااا عن موطنه ..
قامت بأغلاق المذكرة ووضعت القلم جانباً بعد أن أخذت قراراً وعزمت على فعل تلك الخطوة التى كانت تخشاها، هبت واقفة من مكانها وأتجهت إلى خزانتها وأخرجت ثوباً من اللون الأسود الطويل والمحتشم، بعد أرتدئها الفستان قامت بتصفيف شعرها وجمعته بهيئة بسيطة ووضعت ميكاب خفيف مع أحمر شفاه قاتم جعلها أكثر أنجذاباً، ثم أخذت تنظر إلى نفسها فى المرآه بتمعن فأرتسمت أبتسامة رضا تزين ثغرها مما زادها جمالاً فوق جمالها.
فى الأسفل كان بعض أفراد العائلة يجلسون مع بعضهم فى هدوءٍ تام، نظر “طارق” نحو السلم عندما رأى “فيروزة” تهبط من عليه ليطلق صفارة عالية بأعجاب ثم قال: أوبا ايه الحلاوة دى ياروزا والله من زمان ياشيخة لم نرأكى فى مثل هذا الفستان الرائع.
اقتربت منهما بخجل وقالت: بجد يعني شكلى حلو ياطروقة.
– دا أنتى صاروخ مش حلوة وبس .
وكزه “عمر” بغضب فى كتفه ليقول بغيرة: عينك ياحلو بدل ما اقلعها ليك.
– يابنى دى أختى.
– ولو متبصش عليها بدل مازعلك.
تحدثت “فيروزة” بتوتر وهى تنظر إلى أخيها: مقولتش ياعمر أيه رأيك فى شكلى حلو ولا وحش.
نظر إليها بابتسامة قائلًا: والله العظيم أنتى قمر ياقلب أخوكى.
أردف عمها “أحمد” بأبتسامة: طول عمرك حلوة وجميلة يافيروزة ومفيش فى حلاوتك أتنين.
– شكرا ياعمو والله مفيش أحلى منك أنت ياحبيبى.
أحمد: راحة فين كدا ؟
– هخرج أتمشى شوية مش أكتر.
– ماشى ياحبيبتى بس عايزك ضروري تروحى الشركة هناك ملفات فى الحسابات محتاجة تتظبط أبقى هاتيهم معاكى واشتغلى عليهم لان مفيش حد عارف يعدل فيهم أى حاجة وطبعا مفيش أشطر منك فى شغل الحسابات مش عارف أنا ايه اللى خلاكى تسيبى الشغل.
– حاضر هبقى اشوفهم … هعدى على الشركة الأول أجيبهم وبعدها هكلمك ياعمر تقابلنى ونخرج سوا.
أومأ رأسه إليها بالموافقة.
بعد مده وصلت للشركة وأخذ الكل يرحب بها بحب شديد فهى لها مكانه كبيرة بينهما، بعد مرور بضع من الوقت أقترب منها ذلك الموظف وأردف قائلًا: فى ملف واحد ناقص وهو دلوقتى موجود عند الأستاذ وليد تحبى أجيبه ليكى.
– لا خليك هاخده وأنا ماشية .
ذهبت إلى مكتبة ووجدت السكرتيرة جالسة على مكتبها منشغله ببعض الأوراق، اقتربت من الباب بحرص شديد وقامت بفتحه لتقف متصنمه مكانها وهى تشعر بالصدمة مما رأت فجعل ما بيديها يسقط أرضاً.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لحن الزعفران)