روايات

رواية لا يليق بك إلا العشق الفصل السادس والسبعون 76 بقلم سماح نجيب

رواية لا يليق بك إلا العشق الفصل السادس والسبعون 76 بقلم سماح نجيب

رواية لا يليق بك إلا العشق الجزء السادس والسبعون

رواية لا يليق بك إلا العشق البارت السادس والسبعون

لا يليق بك إلا العشق
لا يليق بك إلا العشق

رواية لا يليق بك إلا العشق الحلقة السادسة والسبعون

ج٢-الأخير-” بكَ وبكِ وجهان العشق”
دعا والد ياسمين ذلك الزائر لأن يجلس فى الصالة لحين إخبار إبنته أن هناك من يريد مقابلتها ، فحمحم وهو يقف على باب غرفة المعيشة وما أن انتبهت عليه زوجته ، تركت مجلسها وأقتربت منه لتعلم ما يريد فهمس لها بأن هناك رجلاً جاء يسأل عن إبنتهما وعندما حاول الإستفسار منه عن سبب رغبته فى مقابلة ياسمين ، اخبره بأنه يريدها بشأن عملها كمهندسة ديكور ولم يصرح له عن ماهية طبيعة ذلك العمل الذى يريدها من أجله ، ولكنه اطمئن قليلاً عندما اخبره بأنه جارهم الجديد والذى قام بشراء ذلك المنزل المقابل لهم ، ذلك البيت الذى هجره صاحبه منذ سنوات طوال وفى الآونة الأخيرة اعلن عن رغبته فى بيعه وجاء ذلك الرجل واشتراه منه ، فأشارت والدتها لها بالنهوض ، وشعرت حياء بأن ربما هناك أمر هام ، لذلك أرادت الانصراف هى وبيرى ، ولكن أصرت عليهما ياسمين بالبقاء ، وطلبت من والدتها أن تجلس معهما لحين عودتها بعدما ترى من ذلك الرجل الذى أراد مقابلتها ، فخرجت من غرفة المعيشة للصالة وجدت الرجل جالساً مع أبيها يحتسى من كوب الشاى الذى أتى به والدها من أجله ، ولكنها قطبت حاجبيها بدهشة طفيفة كونها لم ترى ذلك الرجل من قبل ، وأنها ليس لديها علم بأن ربما يأتى لها عميلاً تابعاً لذلك المكتب الهندسى المملوك لخالها والخاص بأعمال الديكور ، الذى تعمل به منذ أن كانت بالجامعة ، رغم أنها كانت تعمل معيدة بكليتها
رغم شعورها بالارتياب إلا أنها ألقت عليه التحية ومن ثم جلست بجوار والدها قائلة بهدوء :
– أفندم حضرتك ، أنا الباشمهندسة ياسمين ، كنت حضرتك طالب تقابلنى خير ؟
وضع الرجل كوب الشاى من يده وقال بإبتسامة ، اختفى تلألئها خلف اطارات نظارته العريضة :
– خير إن شاء الله ، أنا أبقى رامى وهدان جاركم الجديد ، اشتريت البيت اللى قصادكم ده على طول ولما سألت السمسار لو يعرف مكتب ديكور يجددلى البيت علشان هو محتاج تجديد لأنه كان مقفول بقاله سنين طويلة ، فقالى إن حضرتك مهندسة ديكور شاطرة جدا وإن فى مكتب بتشتغلى فيه ، فجيتلك علشان اتفق معاكى
هزت ياسمين رأسها بتفهم ومن ثم قالت وهى تترك مقعدها :
– ثوانى هجبلك الكارت بتاع المكتب وحضرتك تبقى تروح فى أى وقت وهم هيعملولك اللازم لأن حالياً أنا متوقفة عن العمل بسبب حملى وكمان قربت أولد وهناك فى مهندسين كويسين جدا هيعملولك شغلك على أكمل وجه
ذهبت لغرفتها وعادت تحمل بطاقة تعريفية للمكتب الهندسى ، فأخذها منها الرجل وهو يقول بإبتسامة هادئة:
– متشكر جدا يا باشمهندسة واسف جدا لو كنت ازعجتك هو السمسار مقاليش إن حضرتك حامل وحالياً مش شغالة أنا بعتذر
ردت ياسمين قائلة بهدوء وعملية :
– ولا يهمك تحت أمرك ونورتنا
ترك رامى مكانه بعدما وضع كوب الشاى الفارغ إلا من نصفه تقريباً وقدم اعتذاره للمرة الرابعة ومن ثم غادر المنزل بعدما إصطحبه والدها إلى الباب ، وبعد رحيله عادت ياسمين إلى غرفة المعيشة
تلاحما حاجبىّ حياء وتساءلت بلطف :
– فى حاجة يا ياسمين مين اللى كان عايزك
جلست فى المقعد القريب منها واجابتها بهدوء :
– ده واحد شكله اشترى البيت اللى قصادنا وكان جاى طالب إن اعمله شغل الديكور بس بعته على مكتب خالو لأن حاليا من الحمل مبقتش قادرة أخد نفسى
تبعت حديثها بإبتسامة هادئة وهى تمسد على بطنها المنتفخ ، وهى فى غاية الشوق لرؤية صغيرتها ، فربتت حياء على يدها وبعد إنتهاء جلستهن ذهبت هى وبيرى كل منهما إلى منزلها على وعد بلقاء قريب
ولجت ياسمين غرفتها وضغطت زر الإنارة ووجدت نفسها تجلس خلف مكتبها وقامت بتشغيل مقطع الفيديو الخاص بزوجها الراحل ، وفعلت ذلك مرات عدة ، لتعود وتبكى من جديد ، وما أن سمعت توصيته لها بألا تخبر طفلهما عن حياته السابقة ، وضعت يدها على بطنها وجففت عبراتها الدافئة وقالت بوعد :
– أوعدك إن عمرى ما هقول لبنتنا حاجة وحشة عنك يا ديفيد ، هخليها تشوفك دايما فى خيالها فارس وقدوة
شعرت بيد حطت على كتفها فإنتفضت بذعر ، إلا أنها ما أن إلتفتت برأسها ووجدت والدها ، زفرت براحة وعادت تلتقط أنفاسها بإنتظام بعد شعورها بإنتقاصها
جلس والدها على مقعد قريب وحرك مسبحته بين أصابعه قائلاً بلين :
– وبعدين يا بنتى فى اللى بتعمليه فى نفسك ده خلاص مبقاش له لزوم كل شوية تتفرجى على الفيديو وتعيطى ، العياط مش هيرجع اللى فات
وضعت ياسمين وجهها بين يديها وقالت بصوت متحشرج :
– أنا يا بابا لو كنت اديته فرصة مكنش ده كله حصل ، جيت فى لحظة نسيت كل حاجة نسيت أنه برضه عمل علشانى حاجة حلوة وجابلى الدكتور اللى عمل ليا العملية ورجعت شوفت تانى ، يعنى بدل ما كنت احاول حتى أرد جميله وأخد بإيده وكنت كسبت فيه حتى الثواب أن أخليه مسلم يعرف دينه وربه كويس، كرامتى نقحت عليا إن ازاى اتخدع واكتشف إنه على صورة تانية غير اللى اتجوزته بيها ، وكانت النتيجة ايه بنتى هتيجى للدنيا من غير أب ، علشان أمها كان قلبها قاسى عليه ومعرفتش تحتويه لدرجة انه قال فى رسالته إن لو كان رجع ومامتش كان برضه هيبعد عنى ويدينى حريتى يعنى حتى لو كان حى دلوقتى وبرغم إن بينا طفلة مكنش هيرجعلى ، شوفت أنا وصلته لإيه
تركها أبيها تفضى بمكنون قلبها ، لعلها تشعر بالراحة عوضاً عن التخبط وتأنيب ضميرها لها منذ أن تلقت خبر وفاة زوجها ، إلا أن معاتبتها القاسية لذاتها لن تعود وتفيدها بشئ ، إذ أن المعنى بحديثها صار ذكرى تجرى على الألسنة مرفق مع إسمه الطلب والثناء على الله أن يغدق عليه من فيض رحماته ومغفرته
قال والدها بعدما أخذ نفساً عميقاً:
– بصى يا بنتى اللى بتعمليه ده مبقاش منه فايدة خلاص لأن هو راح عند اللى خلقه مبقاش فى ايدينا غير إن احنا ندعيله ، وبالنسبة للى حصل إحنا فى الأول والآخر بشر إحنا مش ملايكة يعنى بنغلط وبنحاول نصلح غلطنا ، وانتى برضه ظروفك النفسية وقتها مخلتكيش تقدرى تشوفيه بأى صورة تانية غير اللى انتى شوفتيه عليها ، وإحساسك بالذنب دلوقتى مش هيفيدك بحاجة غير إنك هتتعبى أعصابك على الفاضى ، فإستهدى بالله وحاولى تفكرى فى اللى جاى ، حتى لما تولدى لازم تفكرى فى حياتك وتتجوزى تانى
صعقت ياسمين من قول أبيها ، إذ لم تضع فى بالها أو معتقدها أن والدها ربما يفكر فى تزويجها مرة أخرى ، فهى سبق ووضعت مخططها بأنها ستحيا من أجل إبنتها ولن تفكر مطلقاً فى أن تعيد تجربة الزواج ثانية ، فقطبت حاجبيها وقالت بدهشة :
– اتجوز تانى وأنت يا بابا اللى بتقول كده
كف أبيها عن تمرير حبات المسبحة بين سبابته وإبهامه ، فحدق بها قائلاً بهدوء :
– هو أنا قولت حاجة غلط ، ده حلال ربنا يا بنتى ، وأنتى يا حبيبتى تقريباً متجوزتيش شهرين على بعض ، وإن كان على بنتك فهى فى عينينا أنا ومامتك وهنربيها زى ما ربناكى أنتى وأخوكى بلال ، أنا بس مستنيكى تولدى بالسلامة ، ونشوف الموضوع ده ، لأن فى كذا حد فاتحنى فى الموضوع بس أجلته لحد ما تقومى بالسلامة علشان تكون عدتك خلصت
صاحت ياسمين برفض :
– لاء يا بابا لاء مش هتجوز ، عايز الناس تقول عليا إيه مفاتش كام شهر على موت جوزها وبتفكر تتجوز تانى
مسد أبيها على لحيته وقال بحنان لتهدأ من ثورتها :
– هى الناس ملهاش غير الكلام ، وأنتى لا هتعملى حاجة عيب ولا حرام ، أنتى يا بنتى زى ما حكتيلى متجوزتيش إلا ليلة واحدة بس وده ميرضيش حد أنك تدفنى عمرك وشبابك خصوصاً إنك مفرحتيش بجوازك زى اللى بيتجوزوا ، على العموم أنا هسيبك ترتاحى دلوقتى ومحدش عارف بكرة فى إيه تصبحى على خير
خرج والدها من الغرفة ، فشعرت بالاختناق فجأة وعادت عبراتها تتدفق من جديد ، فهى لا تريد أن يفكر أباها بهذا الشأن . اتجهت نحو باب الشرفة المتصلة بغرفتها وفتحته ، لعل نسمات الليل تكون قادرة على صرف شعورها بالضيق ،ولكن ما أن خرجت إلى الشرفة ، رآت ذلك الرجل الذى جاء لمنزلهم الليلة واقفاً فى شرفة ذلك المنزل المقابل لهم وتذكرت أنه صار المالك له الآن ، فعادت أدراجها إلى الغرفة ، وهى تفكر أن ربما شرفتها لن تعود و تأخذ حريتها فى الوقوف بها منذ الآن ، فشرفة ذلك المنزل يستطع الواقف بها رؤية ما بداخل غرفتها ، فإمتعضت لكونها أحياناً كانت تترك باب الشرفة مفتوحاً لتسمح بمرور الهواء النقى إليها ، ولكن عليها الآن أن تكون حذرة
مر أسبوع بأكمله وهى مازالت تسمع أصوات العمال القادم من ذلك المنزل ، فجاءها إتصال من شقيق والدتها يرجوها بأن تذهب لهؤلاء العمال التابعين لمكتبه الهندسى وتشرف على العمل اليوم نظرًا لتغيب المهندس المسؤول ، فوافقت ياسمين على مضض رغم شعورها بالتعب والألم ، وليس هذا فحسب فهى لا تترك المنزل أبدًا ، ولكنها لم تريد أن ترد كلمة خالها ، فإرتدت ثيابها وحجابها وخرجت من منزلها الذى أصبح خالياً بعد خروج والديها لزيارة مريض تربطه علاقة صداقة متينة بوالدها
وصلت للمنزل المقابل فحياها العاملين بعد رؤيتها وراح كل منهم يسألها عن أحوالها ، ويعربون عن سعادتهم برؤيتها وراحوا يدعون لها بأن تضع مولودتها بصحة وسلامة
جاء مالك المنزل الجديد ، وتعجب من وجودها ، إلا أنه أسرع فى إبداء تبرمه من وقوع العاملين فى خطأ تبديل ألوان الطلاء بين غرفة النوم وغرفة المكتب ، فنظر إليها وعيناه يتطاير منهما الشرار قائلاً بحنق كأنه وجد فريسته التى سينفث بها نيران استياءه :
– إسمه إيه ده يا باشمهندسة ، أنا كنت طالب اللون ده فى أوضة النوم مش الأوضة اللى هعملها مكتب ، انتوا مش شايفين شغلكم كويس ولا إيه
رفعت ياسمين وجهها بإباء وقالت بهدوء قدر إمكانها :
– حضرتك بتزعقلى أنا ليه يا أستاذ رامى ، أنا جيت بس أشوف العمال علشان المهندس المسؤول عنهم مجاش النهاردة وفى المكتب كلمونى بما إن قريبة من البيت ، يعنى لما ييجى المهندس اتكلم معاه وياريت تتكلم بذوق لأنهم مش عبيد عندك علشان تزعق فيهم براحتك
وضع نظارته فى منتصف رأسه وعاد يقول بإستياء :
– أنا مليش دعوة بكل اللى بتقوليه ده ، أنا طلبت حاجة تبقى تتنفذ ومش عايز حجج فاضية ، زى ما حضرتك شاطرة كده فى الرد عليا ياريت تبقى شاطرة فى تصحيح الغلط اللى حصل
عقدت ياسمين ذراعيها أمام صدرها:
– حد قالك قبل كده يا أستاذ رامى إنك إنسان قليل الذوق فى كلامك
شهق رامى من قولها خاصة بعدما رآى العاملين ينظرون إليهما ومنهم من يحاول كبت ضحكته على ما تفوهت به ياسمين ، فرفع سبابته فى وجهها وصاح حانقاً :
– إنتى اللى بنى أدمة قليلة الذوق ومتكبرة أوى مش عارف على إيه ، مفكرة نفسك إيه يعنى ، أنتى ولا حاجة ، وأنتوا هنا بفلوسى وتعملوا اللى أنا عايزه
لم تستطع ياسمين بلع إهانته لها والتى وصلت حد النيل من ذاتها كأنثى ، فأنتفخت أوداجها وقالت بتجهم وإمتعاض :
– أنت إزاى تكلمنى كده ، صدقنى كلمة كمان مش هيحصل طيب ، إنسان قليل الذوق و ….
من فرط شعورها بالغضب والحنق ، زاد إحساسها بالألم الذى داهمها فى ظهرها وبطنها ، حتى إنها فشلت فى إكمال حديثها ، ولكنها صرخت فجأة بعدما شعرت بألم المخاض ولم يعد فى إمكانها كتمان شعورها بالألم ، فأرتبك الجميع خاصة بعدما رآوا سيدة على وشك وضع جنينها ، ولم يجد ذلك السيد الحانق سوى أن يذهب إلى منزلها ويخبر والديها ، إلا أنه لم يجد أحداً فى المنزل ، ولم يجد مفر من أن يذهب بها لأقرب مشفى عوضاً عن أن تضع مولودها فى ذلك البيت الخالى من الأثاث وتتناثر ألوان الطلاء هنا وهناك
وصلوا للمشفى بسيارته يرافقهما أحد العمال ، فأسرع فى جلب إثنان من الممرضات لأخذها من سيارته ، ومن ثم ذهبوا بها إلى الداخل وتم إستدعاء طبيبة حسب رغبة ياسمين ، إذ لم تكن تريد أن يقوم بتوليدها طبيب رجل ، فذهب هو لدفع ما تم طلبه من المال من أجل دخولها المشفى وما ستتقضاه الطبيبة
بعد مرورة عدة دقائق خرجت إحدى الممرضات وسألته عن ثياب المولودة ولكنه أخبرها أنه لا يملك معه أى ثياب وسيذهب على الفور لجلبها ، فخرج من المشفى وبحث عن متجر ثياب للأطفال وحديثى الولادة ، فإبتاع ما يلزمه ومن ثم عاد للمشفى
وقف هو والعامل يتحدثان لحين خروج أحد ليطمئنهما على صحة الأم والمولودة ، فخرجت احدى الممرضات وقالت بإبتسامة بعدما وضعت الصغيرة بين ذراعيه:
– مبروك ما جالك يا استاذ بنوتة زى القمر
تصلب جسده بعدما وجد الرضيعة بين ذراعيه ، يحملها كأنه يخشى سقوطها ومازال محدقاً فى وجهها بعينان متسعتان ولكن ارتخت قسماته بل وإبتسم ما أن رأها تتمطى وتجعد أنفها ، فهى حقاً فتاة جميلة ، فأدنى برأسه منها وأذن فى كلتا أذنيها ، وحمد الله أن والد ووالدة ياسمين قد جاءا إلى المشفى
فأقترب منهما ووضع الصغيرة بين ذراعىّ والدة ياسمين قائلاً بهدوء :
– اتفضلوا حفيدتكم أهى بس هو فين باباها
رد والد ياسمين قائلاً بأسف وإمتنان فى آن واحد:
– أبوها الله يرحمه أتوفى ، ومتشكرين يا ابنى على أنك جبت بنتى المستشفى
– لا شكر على واجب يا عم الشيخ ، دا احنا جيران والجيران لبعضيها
تمتم عبارته وحاول تضمينها الكثير من كياسته التى اختفت فجأة ما أن تشاجر لفظياً مع ياسمين
أخذه والدها من ذراعه وتنحى به جانباً قائلاً بلطف :
– قولى يا ابنى أنت دفعت كام للمستشفى علشان تاخد فلوسك
ربت على ذراع الإمام قائلاً بإبتسامة هادئة :
– مش وقته الكلام ده يا شيخنا ، إنت اطمن على بنتك وحفيدتك وبعد كده نبقى نتكلم
صمت لهنيهة ثم عاد مستطرداً بنبرة مبهمة :
– إحنا هنروح من بعض فين يعنى ، عن إذنك
قبل أن يذهب ، وجد إثنتان من الممرضات تدفعان السرير المتحرك الراقدة عليه ياسمين لنقلها إلى تلك الغرفة التى ستقيم بها ، فنظرت فى تلك الوجوه الموجودة أمامها ، واطمئنت ما أن رآت والديها ، ولكن علقت نظرة خاطفة منها بعينيه ، وما أن تم نقلها إلى الفراش عن طريق الممرضتان ، وجدته يلج الغرفة خلف أبيها ، بل وراح يحدق بها كأنه أول مرة يراها ، وتعجبت من أن تلك المسحة من الكبرياء والغرور التى كانت تملأ وجهه وعيناه حل محلهما نظرات الشفقة والعطف ، بل كأنه يقدم اعتذاره وأسفه على ما حدث بينهما من شجار ، فأشاحت بعينيها عنه وسمعت صوت خطوات تقترب من باب الغرفة ، فتحققت ظنونها ووجدته قد رحل
ولكن جاء شقيقها بلال وتساءل باسماً وهو يقبل الصغيرة :
– هتسميها إيه يا ياسمين ؟
ردت قائلة بصوتها الخافت :
– هسميها إن شاء الله نور وهتبقى نور تميم
رفعت ذراعيها تحث والدتها أن تأتى لها بالصغيرة ، لكى تأخذها فى أحضانها وتقبلها ، وما أن أستقر رأس الرضيعة على أحد ذراعيها دمعت عيناها كأنها ترى وجه زوجها فى صغيرتها ، كأنه لم يكن يكفيها شعورها بالذنب لتأتى الرضيعة وتظل تذكرها به ، وظن الجميع أن دمعاتها التى تسابقت على وجنتيها ناتجة عن شعورها كأم ترى أول أطفالها ، فأخذت يد الصغيرة تقبلها بنهم ، حتى أغرقتها بعبراتها السخية ، وتتمتم لها بعبارات المحبة والسعادة الممزوجة بالألم ، ولكن مثلما أخبرها أباها من قبل أن الحياة لا تسير على وتيرة واحدة ، فأوقات الحزن لا تدوم وأوقات الفرح أيضاً لا تدوم ، ودائماً ما يسعى الإنسان للبحث عن الراحة والتى لم تكتب فى الدنيا ، ولكن تسير الحياة بين السعادة والشقاء ومن تمسك بدينه وقيمه إستطاع النجاة حتى ولو لقى المشقة فى حياته
❈-❈-❈
ما أن أنهت محاضراتها لليوم خرجت من الكلية ، ولكنها توقفت عن السير إذ شعرت بدوار خفيف ، مما جعلها تضع يدها على رأسها وظلت تفتح عيناها وتغلقهما لعلها تحافظ على توازنها دون أن تفقد وعيها ، وتنفست بعمق ومن ثم راحت تزفر أنفاسها على عدة مراحل ، وما أن شعرت بتحسن نسبى أكملت سيرها ووصلت لتلك السيارة ، التى وضعها زوجها تحت تصرفها وعين لها سائقاً ، لخوفها الشديد من تعلم القيادة ، جلست فى المقعد الخلفى وأنطلق السائق عائداً بها إلى البيت ، فأغلقت سهى عينيها بعدما داهما شعور بصداع مفاجئ ولا تعلم لما اليوم صارت تشعر بالانهاك والإرهاق كأنها لاقت مشقة فى السير والخروج ، ولا تعلم هل هذا الشعور بالإرهاق نتج عن قضاءها يومها دون أن تتناول طعام إفطارها أو أنها تعانى أعراض إحدى نزلات البرد والانفلونزا ، خاصة بعدما وضعت يدها على بطنها بعدما فجأها ألم شديد ولكن سرعان ماعادت إلى طبيعتها ، فربما ما تشعر به ماهى إلا الأعراض الأولية لتلك الوعكة الصحية التى ربما نتجت عن إهمالها فى أن تتدثر جيداً أثناء نومها، لذلك فكرت بأنها عندما تعود للمنزل ستأخذ بعض الأقراص الدوائية قبل أن يتفاقم الأمر أكثر ، فلولا حرصها على تناول أقراص منع الحمل بإنتظام لكانت ظنت أنها حامل الآن ، لذلك إبتسمت على سذاجة أفكارها ، فهى وإن كانت أرجأت الأمر بإرادتها ، إلا أن حقاً غريزتها كزوجة تتمنى لو أن يرزقها الله بطفلاً ، ولكنها فضلت أن تفكر فى الأمر بعد إنتهاء دراستها الجامعية ، ولم تجد إعتراضاً من زوجها ، بل على النقيض فهو من يذكرها بموعد تناول حبوب منع الحمل ويجلبها إليها أيضاً
– الحمد لله المغص راح والصداع كمان
هتفت سهى بعبارتها ما أن وصلت إلى المنزل وبعدما شعرت بتحسن نسبى ، مما جعلها تنسى أمر تناول الأقراص الدوائية الخاصة بنزلات البرد ، وفكرت أن تنام قليلاً لعل بعد إستيقاظها يذهب عنها ما اعتراها اليوم ، فالوقت مازال مبكراً على عودة زوجها من عمله ، وربما نومها سيفيدها فى أن يكون لديها القدرة على أن تنهى مذاكرتها وأن تقضى ليلها معه ، إذ أن عمرو منذ ليلتهما الأولى وهو صار متطلباً لوصالها بنهم وتشعر أحياناً أنه لن يكتفى منه قبل أن يعمل على تعويض تلك السنوات التى مضت من عمره ، ورغم ذلك هو مراعياً ودوداً ولا يحاول فرض وجوده بالاجبار ، ولكن هى التى دائماً ما تشعر بأنها فى حاجة إليه ، وتكفى نظراتها لأن تخبره بمدى إشتياقها حتى لو إستحت من أن تخبره إياها صراحة بأنها تفتقده خلال ساعات النهار عندما يتحتم عليهما الفراق المؤقت والمتمثل فى ذهابه لعمله وذهابها إلى الكلية
إستيقظت بعد مرور بضعة ساعات ، وعندما نظرت فى هاتفها وجدت الساعة تشير إلى الثامنة مساءً ، فغمغمت بكسل بعدما عاودها شعور الإرهاق :
– يا خبر هو أنا نمت كل ده ، دا زمان عمرو راجع من شغله دلوقتى
قبل أن تترك الفراش ، وجدت زوجها يلج الغرفة بعد يوم طويل قضاه فى العمل ، فألقى عليه التحية المتمثلة فى قبلة على جبينها وإبتسامة محبة ، ولكن ما أن رآى وجهها الذى يبدو عليه دلائل الإرهاق ، جلس بجوارها على طرف الفراش متسائلاً بإهتمام:
– مالك يا سهى ، وشك باين عليه الارهاق كده ليه ؟
وضعت يدها على وجنتها وأغمضت عينيها ، بل أنها أسرعت فى إسناد ظهرها للوسائد ، وقالت وهى تعتصر جفنيها :
– مش عارفة ايه اللى جرالى النهاردة حاسة بتعب وارهاق من غير سبب ، من ساعة ما خلصت المحاضرات ورجعت نمت ودلوقتى رجع الصداع تانى
ملأ البشر وجهه وقال بلهفة :
– ما يمكن أنتى حامل يا سهى
ضيقت عينيها ونظرت إليه ملياً ، فهو خير من يعلم أنها تحترس بشأن هذا الأمر ، فقالت وهى تنفض عن رأسها هذا الاحتمال :
– لاء مظنش حامل إيه وأنا أساساً باخد حبوب منع الحمل ، دا تلاقى بس دى أعراض دور برد وشوية وهبقى كويسة لما أخد برشام لأعراض البرد
رفض عمرو رفضاً قاطعاً أن تأخذ أى عقاقير طبية قبل أن يذهبان للطبيبة ، ورغم رؤيتها أنه يبالغ فى الأمر ، إلا أنها وافقت على الذهاب معه إلى إحدى الطبيبات النسائية
فما أن جلسا فى إنتظار دورهما للدلوف إلى الطبيبة ومر بعض الوقت مالت سهى برأسها إلى زوجها وهمست :
– عمرو يلا بينا نروح أنا زهقت وأنا قولتلك تلاقيهم شوية برد وأنت اللى مكبر الموضوع
رد عمرو قائلاً بصوت خافت :
– مش هنخسر حاجة يا أم دماغ ناشفة لو اطمنا ، قدرى كنتى حامل واخدت دوا يأثر على الحمل هيبقى ايه الحل وقتها
رفعت سهى حاجبها الأيسر ولوت شفتها العليا وقالت بإرتياب :
– أموت واعرف جايب الثقة دى منين إن أنا ممكن أكون حامل مع إنك عارف اللى فيها دا حتى أنت اللى كنت بتدينى برشامة منع الحمل و…
أتسعت مقلتيها ما أن تبادر إلى ذهنها أن ربما كان عمرو يخدعها بشأن تلك العقاقير المسماة بـ ” حبوب منع الحمل” ولكن قبل أن تقول ما يدور فى عقلها ، سمعت الممرضة تناديهما من أجل الدخول
جذب عمرو يدها ومن ثم دلفا للداخل ، وبعدما دعتهما الطبيبة للجلوس نظرت لسهى وسألتها بإبتسامة بشوشة :
– خير يا مدام سهى بتشتكى من إيه ، مع إنك صغنونة خالص واللى يشوفك ميقولش إنك متجوزة
إبتسمت سهى لتجارى الطبيبة فى مزحتها اللطيفة والتى جعلت زوجها يقطب حاجبيه من قولها ، إلا أنها شدت على يده لكى يلتزم الهدوء ، فقالت سهى بإبتسامة ودية:
– هو شكلى يبان صغيرة بس أنا متجوزة من كام شهر والنهاردة حسيت بشوية أعراض فجوزى أصر إن احنا نيجى نطمن
قصت سهى للطبيبة كل ما شعرت به اليوم ، وعندما سألتها عن مواعيد أيام حيضها أخبرتها أنه مر عليها أكثر من ثلاثة أيام عن الموعد السابق فى الشهر الماضى ولم تحيض بعد ، ولكنها معتادة على هذا الأمر ، فطلبت منها الخروج وأن تذهب للمعمل التابع للعيادة لعمل اختبار دم لبيان وجود حمل من عدمه
بعد انتهاء أخذ العينة منها جلست هى وزوجها فى انتظار النتيجة والدلوف إلى الطبيبة مرة أخرى ، ولكنها انتبهت على حركة شفتىّ زوجها ، كأنه يدعو إلى الله بأن تأتى نتيجة الاختبار إيجابية ولا تعلم سر إصراره تلك المرة على أن ينجبان رغم اتفاقهما أن ينتظران لحين انتهاءها من دراستها الجامعية
خرجت الممرضة وناولتها ورقة الإختبار قائلة بإبتسامة عريضة :
– مبروك يا مدام سهى أنتى حامل نتيجة الاختبار ايجابية
فغرت سهى فاها فى حين أن زوجها انتفض من مكانه مهللاً فرحاً بما سمعه من الممرضة ، بل أنه لم يبخل بإعطاءها نقودًا نظير أن زفت إليهما ذلك النبأ السعيد
جذبت ذراعه لعله يهدأ فقالت بصوت خافت :
– فى ايه يا عمرو محسسنى إن احنا كنا فى الحرب وعبرنا خط بارليف
ضحك رغماً عنه على مزحتها ، فرد قائلاً بفخر :
– ماهو أنتى والبيبى هتبقوا أعظم انتصاراتى
تبع حديثه بضحكة قصيرة ، جعلتها تضحك هى الأخرى رغم شعورها بأن خططها المستقبلية صارت رأساً على عقب ، ولكنها لم تستطع أن يستمر تجهمها بعد سماع نبأ حملها ، وربما نزعتها الأنثوية كانت الغالبة على عواطفها بتلك اللحظة ، فوضعت يداها تلقائياً على بطنها وأحنت رأسها تنظر لما تفعله يديها من تمسيد وربت بحنان على ما صارت تحويه فى أحشاءها ، وهذا ما جعل عمرو تتضاعف سعادته إذ أنه رآى على وجهها وفى عينيها مدى سعادتها بما سمعته حتى وإن لم تنطق به بعد
– يلا بينا ندخل للدكتورة تانى نشوف هتقولنا إيه
قالها عمرو بلهفة وهو يأخذ بيدها للعودة إلى غرفة الطبيبة ، فبعد أن قامت بفحصها فحص طبى شامل ، وكتبت لها الأدوية اللازمة وأوصتها بعدة وصايا للحفاظ على جنينها ، خرجا من غرفة الطبيبة ، فوجدت سهى نفسها وجهاً لوجه مع معلمها كرم ، فإبتسمت بعفوية وقالت وهى توزع نظراتها بينه وبين هند :
– أزيك يا مستر كرم
رد كرم قائلاً وهو لا يصدق أنه رآى تلميذته بعد مرور بضعة سنوات :
– الحمد لله ازيك يا سهى وأخبارك إيه عاش من شافك
إبتسمت سهى بخجل وردت وهى تشير لعمرو :
– الحمد لله بخير ده عمرو جوزى
تصافح كرم وعمرو ، فداعبت سهى وجنة الصغير قائلة بلطف :
– بسم الله ماشاء الله ، ابنكم عسول خالص ربنا يباركلكم فيه
ردت هند قائلة بإبتسامة هادئة وتساءلت:
– تسلمى على ذوقك ، أنتوا كنتوا عند الدكتورة ، أنتى حامل ؟
حركت سهى رأسها بالإيجاب وقالت بطرافة :
– أيوة حامل وإن شاء الله يمكن ربنا يرزقنى بعروسة حلوة للقمر ده قولتى إيه
ضحكت هند وقالت بلطف :
– تقومى بالسلامة إن شاء الله وربنا يتمم حملك على خير
بعدما أبتعدا سهى وعمرو نظرت هند لكرم قائلة بإبتسامة ماكرة :
– مش دى البنت اللى ضحكت عليا مرة وقولت إنك بتحبها علشان تخلينى أفقد الأمل منك
أنحنى كرم وقبل إبنه الغافى بين ذراعيها ، وقال بعدما رمقها بنظرة عطوفة :
– دى أيام عدت وفاتت خلاص ودلوقتى مفيش أتنين أسعد مننا بالرغم من إن الاستاذ كريم اخدك خالص وعملك عقد إحتكار كمان ، جاى علشان يقطع عليا مش كفاية طول حملك فيه كان جوا وعملى برا حظر تجول ، ده ظلم
قهقهت هند رغماً عنها بعدما سمعت حديثها زوجها المتبرم من إستئثار الصغير بمعظم أوقاتها ، فأدنت برأسها منه وقالت هامسة :
– أنت هتغير من إبنك ولا إيه ، دا انا بحبه وبعشقه مش علشان هو إبنى بس لاء علشان هو كمان حتة منك يا حبيبى
ربت على ذراعها قائلاً بصوت منخفض خشية سماع أحد له :
– طب هاتى الأستاذ كريم اشيله على ما تخلصى مع الدكتورة بتاعتك ، علشان نروح بقى تقوليلى الكلمتين دول على رواقة ، بس إياك الافندي ميضيعهمش عليا كالعادة
قالت هند وهى تضع الصغير بين ذراعيه :
– متقلقش مش هنتأخر هو فحص طبى بتعمل كل كام شهر علشان بس أطمن على أن كل أمورى تمام وخصوصاً علشان وسيلة منع الحمل ، بدل ما ألاقى نفسى حامل تانى وكرملة لسه صغير
حمل الصغير وراح يقبل جبينه وهو ينظر لزوجته برماديتيه المتلألاتين بوميض العشق ، وانتظرا دورهما للدخول إلى الطبيبة ، فلمح كرم خروج سهى مع زوجها وهى تتأبط ذراعه فإبتسم كون أن تلك المراهقة التى عرفها فى الماضى وجدت حبها الحقيقى ، وها هى صارت زوجة وبعد بضعة أشهر ستنجب طفلاً
أخذها عمرو وعاد المنزل وهم لم يكف طوال طريقهما عن إبداء سعادته اللامتناهية بأنهما سيصبحان والدان لطفل صغير ، وما أن وصلا لمنزلهما ودلفا لغرفة نومها ، حملها عمرو ودار بها فى سعادة وهو يتمتم :
– أنا مش مصدق نفسى ، إن احنا هيبقى عندنا بيبى صغير ، وهبقى أب لطفل منك أنتى يا حبيبتى
وضعت سهى يدها على جبهتها وناشدته بأن يتوقف ، إذ أن فعلته ستصيبها بالدوار وربما الإغماء :
– عمرو أرجوك نزلنى دماغى لفت وكده ممكن يغمى عليا
على الفور كف عمرو عن الدوران بها وقدم اعتذاره وأسفه لها ، وما أن وطأت الأرض بقدميها إستندت إليه لحين أن ينتهى ذلك الشعور بالدوار، وما أن شعرت بأنها فى حالة جيدة نسبياً ، حدقت فى وجهه وتساءلت بإلحاح:
– قولى بقى أنت ليه كنت متأكد كده إن أنا حامل ، وفرحتك لما عرفت إن فعلاً طلعت حامل تبين أنك كنت مستنى تسمع الخبر ده ، فقولى كده بصراحة إيه الموضوع ، قر واعترف
ما أن رآها تضيق عينيها وتتأهب لسماع إجابة صريحة منه ، خطى للخلف خطوتين قائلاً بصراحة متناهية:
– الحقيقة المرات اللى كنت انا بديكى فيها حباية منع الحمل ، كنت ببدلها بحباية فيتامينات ، وانتى مكنتيش بتاخدى بالك لأنك كنتى بتبلعى الحباية على طول من غير ما تدققى فيها ، لأن الصراحة كان نفسى يبقى عندنا بيبى ، بس أنتى اللى مخططة أن الحمل ميحصلش دلوقتى ، وكتير أوى إن استنى كام سنة على ما تخلصى دراسة ، دا أنتى لسه فى سنة تالتة فى الكلية
قالت سهى وهى مشدوهة :
– يعنى أنت كنت بتستغفلى يا عمرو ، وعامل نفسك إنك موافق على إن نأجل التفكير فى الخلفة لحد ما أخلص دراستى ، وأنا بقول برضه ايه حنيتك الزايدة دى وخوفك إن أنسى حباية منع الحمل ، طلعت حضرتك بتدبرلى فخ وربنا ما أنا سيباك
أنهت عبارتها وقامت بثنى أكمامها حتى وصلت بهما لمرفقيها كمن تتأهب لعراك حامى ، فما أن رآها عمرو تفعل ذلك أطلق لساقيه الريح ، وفر هارباً من الغرفة ، قبل أن تقترب منه ويصدر منها فعل سيعانى من أثره وقتاً طويلاً
ولكن ما كادت تركض خلفه خطوتين حتى تذكرت أنها لم تعد كالسابق ، فوضعت يداها فى خصرها وقالت وهى تلهث من الغيظ :
– ماشى يا عمرو ، بتستغل الظروف وبتجرى علشان عارف إن مش هقدر أجرى وراك ، بس مسيرك تقع فى ايدى وهوريك
عاد إليها وخطى بخطواته إليها حتى صار ملتصقاً بها تقريباً ، فأدنى برأسه منها قائلاً بمشاغبة :
– أنا أهو عايزة تعملى ايه يعنى ، بذمتك أنتى مش مبسوطة إن هيبقى عندنا طفل
جذبته من ياقة قميصه وكزت على أسنانها وقالت بتبرم :
– ولما حضرتك اسقط فى الكلية هيبقى كويس يعنى ، ولا لما أروح مثلا أولد فى لجنة الامتحان ، هيبقى ايه الحال ساعتها
نقر عمرو على ذقنه وظل يفكر ويحسب أشهر حملها حتى صاح قائلاً بإبتسامة عريضة :
– أنتى لو حسبتيها يبقى هتولدى فى الاجازة بعد ما تخلصى إمتحانات
لوت فمها وقالت بغيظ :
– دا أنت شاطر أوى فى الحساب ، مخطط لجريمتك بالمللى
لفحتها أنفاسه وهو يقترب من وجنتها مغمغماً :
– دى هتبقى أحلى جريمة فى حياتى ، هتبقى جريمة حب
غزاها دفء مفاجئ ما أن صارت سجينة ذراعيه القويتين ، فحتى وإن كان هناك سيل من العتاب والتأفف على صنيعه ، لن تكون قادرة على أن تتفوه بكلمة خاصة بعد رؤيتها لسعادته التى لم يستطع إخفاءها ، ومن غير جهد إستطاع تسكين غضبها ، رغم أن عقلها مازال واقعاً تحت تأثير تلك الوساوس من أن الحمل ربما سيساهم بشكل أو أخر فى تأخير مسيرتها التعليمية ، ولم تستطع كتمان وساوسها تلك بل أخبرته بكل ما تشعر به من متناقضات بتلك اللحظة ، فحاول هو قدر إمكانه تبسيط الأمر لها ، وأخبرها أنه لايريد منها سوى أن تضع مولودهما بسلام وهو سيتكفل بالباقى ، وسيقوم بتوظيف من يمكنها رعاية الطفل حتى يتاح لها الوقت لإتمام مذاكرتها ودراستها ، ونجح كالعادة فى أن يجعلها تتقبل الأمر بعدما سكنت مخاوفها ، بل راحت أيضاً تصف شعورها بمدى سعادتها من أنها ستكون أم لطفل منه ، وأنها لا تنكر ذلك ، ولكن رغبتها فى إتمام دراستها والتى يعلم هو كيف حاربت من أجلها ، جعلتها ترى أمر حملها على وجهان متناقضان ، ولكنه هو تعهد لها بأن سيحرص على راحتها أثناء حملها وحتى بعد أن يأتى طفلهما ، وأنهما لن يفكران فى الإنجاب مرة أخرى ، إلا بعد إنتهاء تحصيلها الدراسى ، رغم أن عقله وصفه بالسخافة ، من أنه لن يستطع مقاومة أن يصبح له عدة أطفال منها ، وربما سيحصل على أخر قبل إنتهاءها الفعلى من دراستها ، وكلما يتخيل تعبيرات وجهها إذا حدث بالفعل وحملت ثانية بعد طفلهما الأول ينفجر ضاحكاً ولكنه فضل أن يجعل الأمر طى الكتمان حتى لا يرى ثورتها ، وهو خير من يعلم طباعها الشرسة ، والتى تروقه كثيراً وتجعله يشعر بمدى قدرته وتفوقه بأن يجعل من تلك الفتاة الشرسة وصعبة المراس زوجة محبة ورقيقة وعطوفة
❈-❈-❈
أنتهى أدم من إرتداء سترته باللون الرمادى الفاتح والتى أرتداها فوق قميص أبيض وبنطال من الجينز الغامق ، وكم بدا فى تلك اللحظة شبيهاً بأباه والذى لم يعلم بوجوده إلا من عدة أشهر ، وها هو الآن بصدد حضور ذلك الحفل الخاص بشقيقه الأصغر والذى إستطاع خطف قلبه ولبه منذ أن وضعه والده بين ذراعيه وأوصاه أن يكون له اخاً وأباً ، فبدأ بتنفيذ وصايا أبيه وها هو صار متعلق الفؤاد بشقيقه ، فما أن سمع صوته الذى دل على أنه إستفاق من نومه الذى دام قرابة الساعة تقريباً ، أقترب من الفراش ورفعه بين ذراعيه يلاطفه بإبتسامات محبة وقبلات وزعها على وجنتيه المزهرتين ، فبدأ الصغير يبتسم إبتساماته الخلابة والتى رق قلب أدم لها ، وراح يحتضنه ويربت على ظهره بحنو بالغ ، كأنه يخشى أن يفرط فى الربت عليه ويسبب له المضايقة ، فهو بات يخشى أن يسمع صوت بكاءه ، فبأيامه الأولى بعد ولادته ، كان كلما سمعه يبكى ، يطلب من والده أن يحمله ، بل ويأخذه معه إلى غرفته لعله يفلح فى إسكاته ويجعله يخلد إلى النوم ، ورغم أن الصغير صار يميز صوته بسهولة ، إلا أن غزل لم تستاء من ذلك الوضع ، بل على النقيض أحبت تعلق طفلها بشقيقه الأكبر ، وربما ذلك أتاح لها الوقت فى أن تعيد التفكير بشأن وجود أدم فى حياتها هى وزوجها ، فحقاً هو شاب لطيف وحنون ودائماً ما ينجح فى خلق جو من الدعابة والألفة
قبل وجنة شقيقه الأصغر قائلاً بحب :
– يلا حبيبى علشان مامتك تلبسك هدومك دى الحفلة اللى فى الجنينة دى علشانك أنت بس
رن صدى صوت ضحكة الصغير فى أذنيه ، فراح يشاركه الضحك رغم أنه لا يعلم علام يضحك ولكن يبدو على شقيقه أنه يعرب عن سعادته بأن هناك من يهتم بأمره لتلك الدرجة ، فأخذه وخرج من الغرفة وذهب للطابق الأول حيث غرفة والده وزوجته فدق الباب بتهذيب وفتحت له غزل التى إبتسمت ما أن رآتهما
فقالت بصوتها العذب والرقيق :
– كويس أن أدهم صحى دلوقتى علشان ألبسه هدومه ، خلاص الحفلة قربت تبدأ ، تعالى يا أدهم بيه
ناولها أدم الصغير ووجد أباه يخرج من الغرفة وطوق كتفه وهما فى طريقهما للخارج ، فقال عاصم بطرافة:
– تعال بقى على غزل ما تجيب أدهم نستقبل الضيوف ، ويمكن ألاقيك عروسة حلوة كده وأجوزك
قهقه أدم على قول أبيه ، ولكن لا يعلم لما تبادر إلى ذهنه صورة تلك الفتاة التى مازال الغموض يحيط بها ، فبعد تلك الليلة التى قابلها بها فى المقهى الليلى ولم تسنح له الفرصة بمد أواصر المعرفة بينهما ، ذهب عدة مرات على أمل ورجاء أن يلتقى بها ثانية ولكن لم يحالفه الحظ
إبتسم أدم ورد قائلاً بتفكير:
– مش لما ألاقى البنت اللى أحبها علشان اتجوز ، ولا مش عايزنى أعيش قصة حب زيك يا بابا
ربت عاصم على صدره باسماً ، ومن ثم بدأ الضيوف فى التوافد وقاما عاصم وأدم بدور المضيفين لهم ، وما أن رأى زوجة أبيه أتية تحمل الصغير ، ذهب إليها على الفور وأخذه منها ، وبدأ فى التنقل بين الحاضرين ، وقام عاصم بتقديمهما على أنهما ولديه ، وكم شعر أدم بالمحبة تجاه والده عندما ذكر للجميع تقريباً أنه ولده الكبير والحامل للواء العمل فى شركات العائلة
– عن إذنكم دقيقة
قالها أدم وهو كان واقفاً يتحدث مع بعض الضيوف ، فتلك الفتاة التى دلفت للحفل وهى تتأبط ذراع رجل كهل ، إستطاعت جذب أنظاره ، وللمرة الثالثة تسبب له الحيرة ، فهاهى يراها مثلما رآها بالمرة الأولى ترتدى ثوباً محتشماً وحجاباً ، فوجد ذلك الرجل والذى يبدو عليه أنه والدها يقترب من والده ، بل ويحتضنان بعضهما البعض كأنهما صديقين منذ زمن بعيد
أقترب أدم من مكان وقوف والده وزوجته وهذا الضيف الذى جاء مصطحباً ” فتاة البروفة ” والتى علم فيما بعد أن إسمها ليليان ، فأشار إليه عاصم وقال بإبتسامة :
– دا أدم اللى حكيتلك عنه يا وجيه
نظر لولده مستطرداً:
– ده عمك وجيه المرسى صاحبى من أيام ما كنا فى المدرسة سوا ، بس مبيقعدش فى مكان مسافر على طول كل شوية فى دولة مختلفة ، ودى بنته لمياء
مد أدم يده وصافح صديق والده الذى قال باسماً بود :
– أهلاً يا أدم سعيد إن قابلتك
تمت المصافحة ومازال أدم مشدوهاً ، فما يعلمه عن تلك الفتاة أن مسماها ليليان فمن تكون لمياء تلك ، هل هما تؤامتان وقابل كل واحدة منهما فى مكانان ووقتان مختلفان
إستغل حديث والدها مع أباه وأقترب منها قائلاً بصوت منخفض :
– أنتى مش فكرانى
ضيقت حاجبيها كأنها تحاول تذكره ، فبعدما إستطاعت إستدعاء صورته من غياهب ذاكرتها وما ارتبط به من أحداث ، قالت كأنها تذكرت أخيراً :
– أه افتكرتك مش أنت اللى قابلتك فى المول وقولتلك خبينى
ضحكت على كلمتها الأخيرة ، فأراد سؤالها عن سبب طلبها له بأن لا يجعل ذلك الرجل يعثر عليها ، خاصة أنها فتاة تنتمى للطبقة الثرية وليست لصة كما ظن عندما اقتحمت عليه غرفة تبديل الثياب
– طب ليه كنتى عيزانى أخبيكى ، وهو مين الراجل اللى كان بيدور عليكى
سألها أدم بإلحاح وفضول ، ورغم شعورها بأنها ليست مجبرة على أن تجيبه على سؤاله ، إلا أنها قالت بهدوء :
– ده كان حارس شخصى تقريباً ماشى ورايا فى كل مكان لحد ما زهقت وحبيت أهرب منه فعملت كده ، لأن مبحبش حد يفضل طول الوقت مراقب خطواتى ، وعن إذنك
تركته وإبتعدت إلا أنه ما أن وجد والده بمفرده أقترب منه على الفور وسأله :
– بابا هى البنت اللى اسمها لمياء دى ليها تؤام
إبتسم عاصم لظنه أن إبنه ربما الليلة سيبدأ التفكير الجدى فى البحث عن عروس له ، فقال ممازحاً :
– بسرعة كده فكرت فى كلامى ، على العموم لمياء بنت جميلة ومحترمة وابوها صاحبى جداً ، لو تحب اكلمهمولك بس فى مشكلة
نسى أدم السبب وراء سؤاله لأبيه ، واراد معرفة ذلك العائق الذى يراه أنه سيكون حائل بينه وبينها ، فرمق والده متسائلاً:
– مشكلة إيه ؟
أجابه عاصم بصدق ودون مواربة :
– أنت ناسى أنك فرنسى ومولود هناك والأوراق كلها تثبت إن ديانتك غير ديانتها وأحنا متكلمناش فى الموضوع ده لأن لاحظت أنك مش متبع ديانة معينة فاهمنى
هزت أدم رأسه وفهم مغزى حديث والده ، ففكر فى إرجاء التفكير فى هذا الأمر وليعود إلى سؤاله الذى يريد أن يحصل على إجابة له :
– بس قولى هى فعلاً ليها تؤام
حرك عاصم رأسه بالايجاب وقال بأسف وأسى :
– أيوة كان ليها أخت تؤام إسمها ليليان للأسف ماتت مقتولة من خمس سنين
تصنمت ملامح أدم على الفور مما سمعه من والده ، فما معنى هذا ؟ فلاشئ يفسر رؤيته لتلك الفتاة على هاتان الصورتان المتناقضتان سوى أن لمياء تحيا بهويتها وهوية شقيقتها الراحلة
ولكن ما الداعى لها لأن تفعل ذلك ؟
فهو وإن كان فكر فى مرة أن يحيا معها مغامرة مثيرة ، ولكن ليس إلى ذلك الحد من التعقيد ، فهل يعلم والدها بما تفعل ابنته ؟ أم هل هى تفعل ذلك لأنها صارت تعانى من أثار نفسية جعلتها تتقمص شخصية شقيقتها ؟ أم تفعل ذلك وهى واعية لكل ما تفعله ؟
ظلت العديد من الأسئلة تدور فى فلك عقله حتى كادت تصيبه بالإعياء والسقم من كثرة التفكير ومحاولة فك لغز تلك الفتاة ، فهل هو قادراً على خوض تلك التجربة ؟ أم أنه سيفضل أن يبتعد قبل أن يجد نفسه وسط متاهة ستتطلب منه جهد فى التفكير والتحمل
لم يخرجه من شروده سوى رؤية راسل يمر من جواره حتى وصل حيث يجلس مالك القصر ، ويبدو أنه يبحث عن شئ ما، فإنتبه رياض على ما يفعله راسل كأنه يبحث عن شئ مفقود
عقد حاجبيه الأشيبين متسائلاً بإهتمام :
– مالك يا راسل بتدور على إيه
إلتفت راسل برأسه يستطلع المكان حول مجلس والده ، فرد قائلاً وعيناه مازالت تدور فى المكان :
– بدور على حياء ، سيبتها شوية رجعت ملقتهاش ، هى مجتش تقعد معاك هنا
رفع رياض عصاه وأشار حيث ذلك الركن الهادئ والذى يبتعد عن مكان إقامة الحفل وقال بهدوء :
– شوفتها ماشية هناك كده ممكن تلاقيها عند تكعيبة العنب ، بس هى حياء لسه مش عايزة تفكر تشوف حياتها بدل حزنها ده
تنهد راسل بعمق ورد قائلاً بحزن على حال محبوبته :
– تقريباً فشلت فى إن اخليها تنسى حزنها ، على الرغم أنها ممكن تتكلم وتبتسم بس أنا حاسس باللى هى فيه وعلشان كده بفكر اخدها هى وسجود واسافر جايز لما تبعد عن هنا شوية تحاول تنسى اللى حصل لأخوها
هز رياض رأسه بتفهم ورد قائلاً برصانة :
– خير ما تعمل ، دا كويس كمان إن يوم دفنة أخوها ماشافتوش لأن بعد أنت ما اخدتها علشان تجيبوا مراته وابوها ، كان لازم أنا وعاصم نتأكد ان هو قبل الدفنة ، كان المنظر مفزع وخصوصاً اثار الحرق فى وشه ، مكنتش هتستحمل تشوفه وكانت نفسيتها هتتعب أكتر ، روح لها وشوفها هى بعدت عن الحفلة ليه
أبتعد راسل عن مجلس أبيه وذهب حيث تجلس حياء ، وربما اختيارها لذلك المكان الهادئ والمنعزل قليلاً عن وجود الحفل ، يعود لطبيعتها فى تلك الأيام من حيث حبها لأن تجلس بمفردها أو برفقته ، وما أن وصل إليها وجدها تجلس على أريكة خشبية وتحمل بيدها وردة حمراء تتأمل أوراقها بشرود
حمحم راسل قائلاً بإبتسامة ممازحاً :
– لو سمحتى مشوفتيش مراتى ، دورت عليها وملقتهاش
رفعت حياء رأسها ونظرت إليه وقالت محاولة أن تجارى مزحته :
– لاء مشوفتهاش ، بس ممكن تقعد معايا أنا وسيبك منها
جذبت يده حتى أجلسته بجوارها ، فقطب حاجبيه قائلاً بجدية زائفة :
– أنا أسف مش بقعد مع حد غير مراتى ، بس أنتى ممكن تساعدينى إن أنا ألاقيها
– عايزنى أساعدك إزاى ؟
تساءلت حياء وهى تستنشق عبير تلك الوردة التى تحملها
مد راسل يده ولمس ثغرها بحنان حتى أنفرجت شفتيها وإبتسمت ، فقال بعشق :
– أهو خلاص لقيتها فى إبتسامتك اللى بتنور أيامى
أخذت كفه وقبلت باطنه ومن ثم أسندت وجهها إليه وهى تقول بحب صادق :
– أنت اللى نور أيامى كلها وحبيبى وعارفة أنك ممكن تكون اضايقت من حالتى اللى أنا فيها ، بس غصب عنى
بكت ما أن زاد إنفعالها ، فأقترب أكثر منها وأخذ وجهها بين كفيه وعملا إبهاميه على تجفيف عبراتها المتدفقة من عينيها ، فقال محاولاً تهدئة انفعالاتها :
– أهدى يا حبيبتى ، أنا عمرى ما اضايق أو ازهق منك لأن مفيش حد بيزهق من روحه وأنتى روحى يا حياء مش كلام وخلاص وقبل ما تكونى مراتى ، فأنا كمان بحس إنك بنتى زى سجود ، فعمرك شوفتى أب اتخلى عن بنته فى أى وقت هى محتاجاله فيه ، وعلى العموم أنا هاخدك أنتى وسجود ونسافر نعمل شهر عسل من جديد إيه رأيك
رفعت يدها ولمست لحيته قائلة بإبتسامة نابعة من قلبها العاشق له :
– عايزة نسافر لندن ، إحنا أجلنا موضوعنا كتير لازم نفكر فيه دلوقتى ، أنا اطمنت على ياسمين وبنت ديفيد وكمان بيرى أمورها تمام ، فإحنا كمان نفكر يبقى عندنا ساجد زى ما بنتمنى
نهض راسل من مكانه ومد يده لها قائلاً بإبتسامة جذابة. :
– وأنا موافق ممكن الصبية الحسناء ترقص معايا الرقصة دى
وضعت يدها فى يده وقالت وهى تترك مجلسها :
– طبعاً يا فارس أحلامى
وضعت يدها اليمنى فى كفه الأيسر ويدها الأخرى حطت بها كتفه فى رقة ونعومة ، ويده أحتضنت قدها الرشيق ، وتمايلان على أنغام الموسيقى الهادئة القادمة من مكان بعيد عن مكان وجودهما ورغم ذلك إستمعا لها بوضوح ، فرقصتهما الهادئة سرعان ما تحولت إلى رقص فالس ناعمة ، تتمايل بين ذراعيه بخفة ، لتدور حول نفسها ويدها مازالت عالقة بيده ، لتعود من جديد وتتناغم خطواتهما سوياً ، حتى أنتهت الموسيقى ووجدت نفسها مائلة بين ذراعيه ، ينظر إليها وهو منحنياً إليها يرمقها بسوداويتيه القاطعتين وعداً لبندقيتيها أن لا سواهما تستطيعان أسر عيناه ، ظهر القمر فى السماء ساكباً لونه الفضى على وجهه وكانت عيناه عميقتين كأنها تنظر إلى عمق البحر ، فبعد أن إستقامت بوقفتها كان ممسكاً بيديها على صدره كأنه يخاف أن تهرب ، ونظرا إلى بعضهما البعض لحظة طويلة وضمها إليه بذراعين كلهما شوق وظمأ ونهم إليها ، وقلبها كان يفيض بالحب مفرقاً ما عداه ، فهى زوجته ، زوجة ذلك الطبيب الوسيم ذائع الصيت
تطلعت إليه بشغف لترى الحب فى عينيه فغمرها بحنانه الرائع ، وبعد قليل من الوقت عاد الحبيبان إلى الحفل ، وهما يدركان أن الحب الحقيقى كالوقت ، يبقى إلى الأبد طالما قلبيهما يخفقان بين أضلعهما ، فبعد مرور بضعة أيام كانت جالسة على المقعد المجاور له على متن تلك الطائرة التى ستكون وجهتها لندن حيث ستقضى عطلة معه ومع سجود ولن تقتصر العطلة على التنزه فقط ، بل ستخوض تلك التجربة التي أرجأت أمرها حتى تبرأ قليلاً من أحزانها ، وستدعو الله ألا تعود خالية الوفاض
❈-❈-❈
لملمت خصيلاتها الشقراء بمشبك للشعر ومن ثم راحت تدلك عنقها لشعورها بالإرهاق ، فبعد إنتهاءها من تأدية تلك التمارين التى تحرص عليها يومياً لتيسر أمر ولادتها ، نهضت من مكانها فى الحديقة فالوقت قد شارف على المغيب ، ولكن ما أن أطرقت برأسها قليلاً وإصطدمت نظراتها ببطنها المنتفخ أبتسمت تلقائياً ، ليس لشىء إلا لتذكرها كيف كان حال عمران عندما أخبرته بشأن حملها ، فطار صوابه من شدة سعادته وخرج من غرفتهما يصيح بأعلى صوته أنه سيصبح أباً ، وتذكرت كيف ظلت تضحك حتى شعرت بإنقباض وألم فى معدتها على تصرفات زوجها التى إتسمت بالجنون وقتها ، ولكن لم تستطع أن تقاوم شعورها الطاغى بالسعادة من أنها رآت رد فعله على نبأ حملها ، وإستطاع أن يجعلها تنسى وتغفر له خطأه الذى تسبب فى خسارة جنينهما الأول ، وهذا ما كانت بإنتظاره أن تضع كل الماضى جانباً وتبدأ من حيث توقف الزمن بها من تلك اللحظة التى ذهبت فيها لتخبره بذلك النبأ السار ، فصغيرتهما والتى لم يتبقى على مجيئها سوى أيام قلائل ، ستكون إحدى دعائم ذلك العشق المتبادل بينهما ، فنظرة واحدة إلى وجه زوجها تخبرها الكثير ، وكل ما فى قلبه يبدو واضحاً في عينيه ، وينعكس ذلك فى دقات قلبها المتسارعة ما أن يقع بصرها عليه
ولجت ميس للداخل من أجل الذهاب إلى غرفتها لتغتسل وتبدل ثيابها ، فوجدت ولاء جالسة تطعم صغيرها عمران ، فقالت باسمة وهى تداعب الصغير :
– حبيب مرات عمه بتاكل إيه يا صغنن
زمت ولاء شفتيها وسرعان ما قالت ممازحة :
– بتحبى الواد علشان على إسم جوزك ، وأنا اللى بقول بتحبيه علشان أنا أمه العسولة الحلوة وسلفتك الكيوتة
ضحكت ميس وجلست على المقعد القريب منها وقالت بصدق :
– والله فعلاً أنتى عسولة وقمر يا ولاء وأنا بحبك مش هتبقى حماة بنتى
قالت ميس وربتت على بطنها المنتفخ ، فقالت ولاء بمحبة :
– تقومى بالسلامة إن شاء الله
ما كادت تنهى ولاء عبارتها حتى سمعت صوت زوجها معتصم وهو يصيح :
– كيلوباترا حياتى الأكل جاهز
وكزه عمران الذى ولج خلفه بعد عودتهما اليوم باكراً من عملهما :
– وطى صوتك يا ابنى هترعب عيالك بصوتك ده ، وأنا مش عايز ازعج بنتى اللى نايمة جوا دى
إبتسموا جميعاً ومن ثم أخذ كل منهما زوجته حتى يحين موعد العشاء ، أغتسلت ميس وبدلت ثيابها وخرجت من المرحاض
عضت على شفتيها بعدما رأت صورة عمران منعكسة أمامها فى المرآة ، فكيف تشعر بالرضوخ دائماً لرغبة هذا الرجل القوى المستبد أحياناً ، كم كان جذاباً وأسرًا وهو يغلق أزرار قميصه ، فرغم عنادها وكبرياءها المتملك منها ، إلا أنها تشعر أمامه بالضعف والهشاشة ، خاصة إذا تطرق الأمر بينهما إلى الغزل والوصال
مد عمران ذراعيه وطوقها بهما قائلاً ويداه تمسد على بطنها كأنها تحمل كنزه الثمين :
– مالك واقفة تبصى عليا فى المراية ليه كده فكرانى مش شايفك
رفعت يديها ووضعتهما على يديه وقالت بتبرم واهى :
– بفكر إن مفضلش كتير وتيجى اللى هتاخدك منى ، يعنى مكتوب عليا كل شوية حد يشغلك عنى
قضم عمران خدها قائلاً برفق وهو يجعلها تستدير بين ذراعيه :
– ليالى خلاص ميجوزش عليها غير الرحمة دلوقتى ، ثم إن اللى جاية دى بنتى حبيبتى اللى أمها تبقى ماستى الغالية وحبيبة قلبى ، ولو بقى عندنا عشر بنات هتبقى أنتى برضة ماسة عمران
ماذا يمكن أن تقول بعدما إستطاع تخدير حواسها ، اشاحت بوجهها فى أرتباك ، لكنه أحاطها بذراعيه وجذبها إليه هامساً بإسمها مرة أخرى ، وكان صداه على لسانه كمذاق الشهد ، أحست بدفئه وقوته وأغلقت عينيها وتركت نفسها تستند إليه وتريح ثقلها على صدره وذراعيه المحيطين بها ، كان بإستطاعتها أن تحس بحرارته تحيط بها وأن تشم رائحته المميزة ، فلثمت شفتاه جبينها وكل ما كان عليها أن تستقبل عناقه بلهفة طغت على كل شعور من الممكن أن يراودها فى تلك اللحظة
وما هى إلا أيام حتى جاءت تلك الصغيرة التى بدت وكأنها نسخة مصغرة من والدتها ، وكم أدهشت أبيها بأنها إستطاعت سلبه قلبه وعقله منذ أن وقع بصره عليها بعد ولادتها مباشرة ، وكيف لا يقع فى عشق تلك الصغيرة وهى إبنته وبضعة منه تحمل دماءه ودماء معشوقته وزوجته الشقراء صاحبة تلك العينين الخضراوتين
❈-❈-❈
فى ذلك القصر المنيف وفى أحد حجراته الواسعة ، كانت حياء تتوسط ذلك الفراش الوثير ، وعيناها ترفان بشعور طاغى من الفرح الذى راح يسرى فى أوردتها ويداها تمررهما على بطنها التى صارت حاملة لثمرة عشقها الفريد لزوجها ، وكم كانت تشعر بالترقب والانتظار لحدوث ذلك ، فبعد سفرهما للندن خضعت للعلاج اللازم من أجل حدوث الحمل ، حتى حصدت النتيجة فى الأخير ، وها هى الآن حاملاً فى الشهر الرابع ، وبدت تلك الأشهر الماضية مرهقة بسبب خوفها الشديد من ألا تكتمل سعادتها ، أو تنتزع منها وتعود ثانية إلى نقطة البداية ، ولكن الله من عليها بفيض نعمته ، ومرت أربعة أشهر ولم يتبقى إلا بضعة أشهر ، ورغم ذلك مازال خوفها و ترقبها قائمان
رأت باب الغرفة يفتح ويدلف منه راسل ، فإبتسم لها تلقائياً ما أن وقع بصره عليها ، فتسارعت خطواته للإقتراب منها ، فقال وهو ينحنى مقبلاً لرأسها:
– عاملة ايه النهاردة يا روحى
اجابته حياء ومازال بريق الخوف يملأ عينيها :
– الحمد لله يا حبيبي نحمد ربنا ، بس لسه احساس الخوف متملك منى يا راسل
جلس قبالتها على طرف الفراش ، وأخذ يدها بين كفيه وربت عليها قائلاً بحنان :
– إن شاء الله خير ، بطلى بس الوساوس دى وإن شاء الله ربنا هيتم نعمته علينا وهنفرح بإبننا يا حياء ، عايزك تسلمى أمرك لله واللى ربنا عايزه هيكون ، هقوم أنا أخد شاور
هى تقر بتلك الحقيقة من أن لا خوف أو إحتراس زائد سيحولان بين قضاء الله وقدره ، ولذلك ما عليها إلا أن تدعو إلى الله أن يمر المتبقى لها من أشهر الحمل بسلام ، فهى مستميتة بالحفاظ على هذا الجنين ، ولما لا وهى من كانت فى غاية الشوق لحدث كهذا
راحت تتأمل زوجها بإبتسامة وهو خارجاً من غرفة الثياب بعدما أخذ ثيابه البيتيه ليرتديها بعد إنتهاءه من إغتساله ، فكم كان صبوراً حنوناً ومراعياً لتقلباتها المزاجية التى تأرجحت بين السعادة والحزن و بين الترقب واللامبالاة ، فكأنها شعرت بكل ما يمكن أن تعترض النفس البشرية من إنفعالات ومشاعر وأحاسيس ، ومازال خوفها لم يخبو ، ولكن لم تشأ أن تزيد من الأمر حتى لا تصاب بإنهاك من كثرة التفكير فيما يمكن أن يحدث
سمع صوت طرق على باب الغرفة ، فأذنت للطارق بالدخول ، وجدت خالة زوجها تدلف حاملة صينية الطعام وفى أثرها سجود ، فقالت وفاء باسمة :
– الأكل أهو يا حبيبتى بالهنا والشفا
ردت حياء بإبتسامة وقالت بمحبة :
– تعبتى نفسك ليه يا ماما ، كان ممكن حد من الشغالات يجيب الأكل
وضعت وفاء الصينية على المنضدة القريبة من الفراش ، وأقتربت منها رابتة على وجنتها قائلة بحنان :
– تعبك راحة ، وتقومى بالسلامة يارب وأشوف حبيب تيتة
قالت سجود وهى تنحنى واضعة رأسها على بطن حياء ، كأنها تريد الإستماع إلى شقيقها:
– مامى هو النونو هييجى أمتى علشان ألعب معاه هو وأدهم
– إن شاء الله ييجى بالسلامة أدعيلى يا سيجو
قالت حياء وهى تمسد على شعر الصغيرة وهى مازالت جالسة بجوارها وواضعة رأسها الجميل على بطنها المنتفخ قليلاً
خرجت وفاء وأخذت سجود معها ، وبدأت حياء تتناول طعامها ببطئ ،ووجدت راسل يخرج من المرحاض ، فرمقته بنظرة وإبتسامة شغوفة منذ خروجه وحتى وقوفه أمام المرآة لتمشيط خصيلاته الرطبة ويضع عطره المفضل بعد الإستحمام ، بادلها الإبتسام وسادت بينهما لحظة مودة جعلتها تتنفس بصعوبة ، فرفعت عينيها نحو وجهه فى حب وشردت أفكارها فى هاتان العينان اللتان كانتا ترمقها بعشق جارف ، وأحست بأنها فى تلك اللحظة تحبه أكثر مما كانت عليه منذ أن وعت على حبها له فهو الحبيب والعزيز المسيطر ، الذى واجه الكثير من الحزن والألم ولكن إستطاع أن يعبر النفق المظلم فى الأخير وتمنت لو أن يرث طفلهما منه الشجاعة والجرأة
توالت ومرت الأيام وها هما يشهدان على معجزة أخرى بعدما وضعت حياء مولودها الأول ، رضيع صغير الحجم ، يتثائب بنعومة ويتمطى بجسده كأن أحدهم أزعجه فى وقت غير ملائم
ضحكت حياء وبكت فى الوقت ذاته قائلة بصوت خافت كأنها تخشى إفزاع طفلها:
– أهلا يا حبيب ماما
تحسست رقبته وكتفيه وشعرت بملمس جلده الناعم ، فرفعت عينيها المتلألاتين بدموع السعادة نحو وجه زوجها مستطردة :
– ربنا رزقنا بساجد يا راسل
مسد بيده على رأس صغيره قائلاً بسعادة لم تخفيها نبرة صوته :
–الحمد لله وإن شاء الله هيبقى أحلى شاب وراجل
ضمهما إليه ، ورغم علمها أن الأمر سيقتصر فى النهاية على عناق ، ولكنه كافياً فى الوقت الحالى ، ففى عناقه حياة أخرى ، فها هى قد نالت أصعب أمنياتها ، وصار لديها طفلاً من زوجها ، وتوجت قصة حبهما بوجود ذلك الصغير ، الذى سيكبر جنباً إلى جنب مع إبنتهما الأولى سجود ، التى لم تكف عن الصياح بسعادة بعدما رآت شقيقها ، ولم تكن هى فقط من تجلت معالم الفرح والسعادة على وجهها بل تجلت على وجوه كل من يقطن في قصر النعمانى خاصة بعدما قام سيد القصر الكبير بتوزيع الهدايا والعطايا على العاملين لديه احتفالاً بقدوم حفيده ، والذى سيمتد معه إسمه وكنية العائلة ، وشهدت حديقة القصر على حفل أخر من أجل ساجد كذلك الحفل الذى أقامه عاصم من أجل صغيره أدهم ، وحضره الجميع ياسمين وصغيرتها نور وأسرتها وشقيقها بلال الذى تزوج منذ بضعة أشهر ، ومربيتها الحنون صالحة ، وهبة وزوجها وحيد وطفليها وأشقاءها ، وبيرى وزوجها وطفليهما علاوة على اجتماع أفراد عائلة الزناتى والنعمانى
بعد مرور شهرين وفى منزلهما القديم كان راسل أخذا صبيته الحسناء بعيداً عن الجميع ، حتى أنه ترك أبناءه فى عهدة خالته وفاء ، لينعمان بوقت خاص بهما ، كان فى هواء ذلك الصباح الجميل سحر خاص ، سحر جعل نبضاتها تتسارع وجعلها تشعر بصباها يتفتح وسعادة غامرة كأنها مليئة بالحياة
– تعرفى أنك وحشتينى أوى من ساعة ما ولدتى ساجد وأنا مكنتش عارف اقعد معاكى كام دقيقة على بعض
كان الصوت حنوناً ودافئاً ، والذراعان اللتان حضنتاها كانتا بدفء الصوت وحنانه ، ولم تكن تقوى على الرد وتركته يقربها من صدره
فقالت وهى مغمضة العينين سابحة فى نهر أحلامها :
– أنت كمان وحشتنى أوى يا حبيبى ، ومتتصورش أنا مشتقالك قد إيه ، خصوصاً أنت كمان كنت مشغول الفترة اللى فاتت فى المستشفى
رفعت رأسها عن صدره مستطردة بإبتسامة مشرقة:
– بس أهم حاجة إن إحنا مع بعض دلوقتى
فما أجمل أن تكون بين ذراعيه ، بين ذراعى الرجل الذى تحب ، وكم تصبو أن تمرر أصابعها على وجهه ، بل أنها تصبو بكل كيانها إليه فكم تحبه وكم تشتاق إليه ، فالعواطف كانت تجتاحها دفعة واحدة
أرتفع صدره بتنهيدة عميقة ثم همس:
– الشهرين اللى فاتوا دول كنت خايف عليكى أوى ، لأن كان باين عليكى التعب والإرهاق بعد الولادة
ردت حياء هامسة :
– الحمد لله عدت على خير واتأقلمت على الوضع ، هو ساجد بس متعب شوية زى أبوه
تبعت حديثها بضحكة ساحرة ، ففاض الحنان من عينيه :
– أبوه بيحبك وبيموت فيكى وبيعشقك حتى العشق شوية عليكى
أخذ يمسد شعرها الجميل بيده بينما كانت اليد الأخرى تلتف حول قدها الرشيق بكل حب وشوق ، فقالت بصوت متهدج :
– إنت اللى مفيش حاجة تليق بيك غير العشق وبس
إنها امرأة مولهة به ، عرفا معاً الحب وذاقا مرارته أحياناً ، ولكن فى الأخير تذوقا حلاوته ، فهى محبوبته ولحن قصيدته ، وفرحته التى جائت بعد سنوات من الألم . عيناها الساحرتان لا يمكن تجاوزهما بسلام دون أن يغرق فى أنهارهما ، و الورد الذى ينبت على شفتيها ، يحوى عبيراً وأريجاً مسكراً يصيبه بالثمالة ، فلو جلس ينظر إليها ما رف له جفن ، وليس في دنياه قمراً كالذي يسطع في عينيها ، فكلّ شيء يغيب، يموت، يرحل ولا يبقى سوى القلوب و نار الأشواق ، التى تزداد في مدفأة الحب ، فهواها قد استباح فؤاده، وعانق شوقها حلمه ، وتيقن أنه فى فضاء عشقها لن يضيع
العشق … هذا الشعور الغريب فيه ألم وفى الوقت ذاته هو تجسيد للبراءة ، فيه نار تحرق وحنان لا حدود لدفقه ، نتوق إليه بوجع ونتمنى أحياناً لو نهرب منه ، إبتسمت بنعومة فهى عرفت كل هذا عن العشق وقد مستها ناره وتذكرت كيف كان يثير غضبها بكبريائه وتسلطه ولكن جوانب شخصيته الحقيقية لم تعرفها إلا بعدما أصبحت زوجته ، انه فى اعماقه يخفى نبعاً من الحنان والدفء إلى جانب صلابته الظاهرة ، فهى قاست معه أحياناً ولكنها وجدت تعويضاً عن ذلك
حاولت السيطرة على قلبها الخافق بعنف وهى تفكر ، كيف سيتم تشكيل حرف ” الكاف ” بكلمة ” بك ” فدائماً ما تهوى هى وضع الفتحة تزينه وتصبح ” بكَ ” لتخصه بها ، وهو يرغب فى أن يضع الكسرة أسفله لتصبح ” بكِ ” ليعنيها بها
وبين هواها ورغبته تظل تلك العبارة حاملة لوجهان من العشق و بإمكانهما الهمس بها قائلين ” لا يليق بك إلا العشق”
❈-❈-❈
تمت .. ألى اللقاء في الجزء التالي

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لا يليق بك إلا العشق)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى