روايات

رواية لا يليق بك إلا العشق الفصل الخامس والخمسون 55 بقلم سماح نجيب

موقع كتابك في سطور

رواية لا يليق بك إلا العشق الفصل الخامس والخمسون 55 بقلم سماح نجيب

رواية لا يليق بك إلا العشق الجزء الخامس والخمسون

رواية لا يليق بك إلا العشق البارت الخامس والخمسون

لا يليق بك إلا العشق
لا يليق بك إلا العشق

رواية لا يليق بك إلا العشق الحلقة الخامسة والخمسون

ظنت صمته وإرتـ ـخاء سـ ـاقيه الذى دل عليه إسراعه بالجلوس على حافة الفراش ، أن عقله بدأ بتحليل ما ألقته على مسامعه ، فليس من السهل بمكان أن يكون هو المالك لتلك الإمبراطورية التى نشأت منذ زمن بعيد ، ويصبح هكذا لا يملك منها فلساً واحداً ، بل آلت إليها بأكملها ولم تدع له مجال للطعن بحديثها ، إذ ذهبت إلى حقيبتها الجـ ـلدية الخاصة بالعمل ، وأخرجت منها تلك الأوراق التى تثبت صحة أقوالها ، وعادت إليه وهى تمد يـ ـدها له بالأوراق ، التى كانت نصب عيـ ـنيه ، مما جعله يقرأ تلك الصفة التى تحملها وهى عقود البيع والشراء
ولكن قبل أن يرفع يـ ـده ليأخذها منها ، حملق بها بهدوء ، بل أنه لم يبدو عليه التأثر بما سمعه منها ، كأنها أخبرته بأحوال الطقس وليس أنه أصبح الآن فاقداً لأمواله وأملاكه من إرث أباه ، فبعد إكتفاءه من النظر إليها ، أخذ من يـ ـدها الأوراق ، ولكنه لم ينظر بها ، بل وضعها بجانبه على الفراش ، وعاد يرمقها بهدوء بعدما أرتكز بمرفقيه على سـ ـاقيه يضم كـ ـفيه أسفل ذقـ ـنه ، أصبح الصمت بينهما ثقيلاً وخانقاً ، كأحد أيام الصيف شديدة الحرارة والتى تكاد تصيب بالإعياء ، وما أن سأمت من وضعهما الصامت ، عادت وأخذت الأوراق من جانبه ووضعتها أمام وجـ ـهه مرة أخرى ، بل هـ ـزت يـ ـدها بها لعله ينتبه أنها تريد أن تسمع رآيه بما قالته
رفع راسل يـ ـده وحط بها على الأوراق جعلها تخفضها من أمام وجـ ـهه ، فقال بهدوء يُحسد عليه :
– مبروك عليكى يا حياء تتهنى بيها إن شاء الله
تلا حم شـ ـفتيها من شعورها بالترقب والجفاف ، جعلها تشعر بألم طفيف لا يذكر وهى تحاول أن تحل تلا حمها ، لكى تتيح المجال لأن تفغر فاها تعبيراً عن دهشتها بسماع رده ، أين ثورته وأين صياحه وإعتراضه ؟ فهى وضعت كل الإحتمالات بردود أفعاله بعد سماع قولها ، إلا أن رده الهادئ والبارد لم يكن ضمن تلك الإحتمالات
قطبت حياء جبينها وتساءلت بدهشة وترقب :
– يعنى أنت مش زعلان ولا مضايق أن أنا أخدت منك كل حاجة يا راسل ، حتى كمان كان ليك حساب فى البنك كان بيتحط فيه أرباح الشركات والأملاك ، أنا برضه سحبت الفلوس وتقريباً مبقاش حيلتك حاجة ، ده كله مش مخليك مضايق أو زعلان أو حتى غضبان
– لاء مش زعلان يا حبيبتى
قالها راسل وحرك رأ سه نافياً دلالة على أنه لا يشعر بالغضب والضيق لفعلتها ، بل عاد يرمقها بهدوء ولا يبدو على محياه وقسمات وجـ ـهه سوى علامات الإسترخاء والهدوء ، وهذا ما كاد يصيبها بالحيرة والغرابة ، ولكن ليس هذا ما تريده ، فهى ظنت أن تلك الخطوة الأولى ، ستبدأ فى تجريده من هدوءه ، وهذا ما كانت بإنتظاره ، كونها لا تريد خوض تلك الحرب بينهما ، وهو مازال متسلحاً ببروده وهدوءه ، بل تريد أن تثير أعصابه حد الموت ، ولا تجعله يهنأ بلحظة واحدة طالما مازالا يجمعهما سقف واحد
ترك راسل مكانه وأنتصبت قامته المديدة ووضع إحدى يـ ـديه بجيب بنطاله قائلاً بهدوء :
– لو مكنتيش لسه أتعشيتى ، أنزلى علشان تأكلى يا حياء متناميش من غير عشا ، لأن باين عليكى الإرهاق
حتماً هو يريد أن يصيبها بالجنون من بروده وجموده ، أطاحت بالأوراق من يـ ـدها وعلا صوتها وهى تقول بصوت صارم :
– مش عايزة أسمع منك مرة تانية أنك تقولى أعملى إيه ومتعمليش إيه ولا أنك تحاول تبينلى أنك جو زى اللى خايف عليها ويهمه مصلحتى وصحتى ماشى يا دكتور راسل
يقسم أنه لم يعد يملك طاقة على الجدال والمناقشة ، وربما تلك البراكين المتفجرة بداخله ، قادرة على حرق الجميع ، ولكن لن يسمح لحمم غضبه البركانية أن تطفو على سطح وجـ ـهه ، بل سيظل محافظاً على هدوءه ، حتى يحين موعد مغادرته للمنزل وعودته من حيث آتى ، فيكفيها ما حدث لها منه ، لذلك لا يريد أن يزيد من موقفه سوءًا أمامها
– لو أنتى اللى ميهمنيش مصلحتها وصحتها ، مين اللى يهمنى يا حياء
نطق بها راسل بصوت خفيض ،وكل ما قالته وفعلته لم يمنعانه من أن يمد يـ ـده لوجنتها ، يمرر إبهـ ـامه عليها ، حتى أصابته الرجفة بإصطدام إصـ ـبعه بثغـ ـرها الوردى ، ولكنها لم تدع له مجالاً بأن يفكر أنها ستتركه يضع يـ ـده عليها مرة أخرى ، لذلك صفعت ظاهر يـ ـده بشئ من الحدة كلطمة كانت تتمنى لو أن تحط بها على وجـ ـهه ، ولم تكتفى بذلك بل دفعته بقوة ، حتى أختل توازنه وكاد يسقط أرضاً لولا وجود تلك الأريكة خلفه التى سقط جالساً عليها ولم يكن هو وحده بل قبضه على طرف حجابها بعفوية ، جعلها تسقط هى الأخرى معه ، ولم يدع لها مجالاً للهرب من بين ذرا عيه اللتان طوقتها بتملك
غمغمت حياء بضيق وهى تنظر بوجـ ـهه :
– شيل ايدك من عليا ، أحسن مش هكتفى بأن اخدت أملاكك من باباك ، لاء هزعلك زيادة و هاخد منك المستشفى وأى حاجة تانية تملكها ، وأبقى ورينى هتصرف منين على الحلوة مراتك التانية ، لما مش هيبقى معاك جنيه واحد من فلوس عيلة النعمانى
تشابك أنفـ ـاسهما وقربه منها جعلها تشعر بالنفور ، كأنها ستتقئ كلما نظرت بوجـ ـهه وتتذكر ما فعله معها ، فإستماتت بأن تبتعد عنه ، خاصة بعد إحكام ذرا عيه حولها ومنعها من تستقيم بوقفتها ، بل زاد الأمر توترًا وإرتباكاً ، بأنه أسند جبـ ـينه لجبـ ـينها وهو يقول بنبرة تفيض بالحنان والحب:
– أنتى لو أخدتى عمرى وروحى وحياتى كلها يا حياء مستحيل أزعل ، ولو اللى بتعمليه ده هيريحك وهتبقى مبسوطة أنا مستعد أتنازلك عن المستشفى وعن أى حاجة بمتلكها ، حتى لو حاسة أن موتى هيريحك موتينى يا حبيبتى ، المهم تكونى سعيدة ومرتاحة ، أنا ميهمنيش إلا راحتك
لو كانت جاءتها عبارته تلك بوقت غير زى وقت ، لطارت فرحًا ، ولكن كأنها أخذت مناعة ضد كلامه المعسول ، ولم تعد تشعر بشئ فى قلبها وجوفها سوى تلك المرارة التى طغت على روحها وأسبغتها بذلك السواد الذى بدا بنظراتها النارية ، فبحزم حلت ذرا عيه من حولها وإستقامت بوقفتها ، ولم تكتفى بذلك بل رفعت يـ ـدها وأشارت لباب الغرفة وهى تقول ببرود:
– أطلع برا أوضتى ووفر كلامك ده لنفسك خلاص لا أنت ولا كلامك بقيتوا تهمونى ، برا
رغم ثباتها وتلك القوة التى تشعر بها ، إلا أنها ما أن رآته يترك الأريكة ، خطت خطوتين للخلف ، كأنها أثارت أعصاب مارد من الجن ، وستجده يقتص منها بما لم تضعه بحسبانها ، فهى تعلم طباعه وتعلم إذا فقد بروده ونفذ صبره ، تكون النتائج غير مرضية لأحد سواه هو ، ولكن لدهشتها وجدته يعدل من هندامه وغرز يـ ـده بين خصيلاته ، وخرج من الغرفة دون أن يفه بكلمة
فهرعت تجاه الباب وأغلقته بالمفتاح خشية أن يعود إليها ، فإرتخت قد ميها حتى سقطت أرضاً ، وأسندت ظهـ ـرها ورأ سها لباب الغرفة ، ضمت ركبتيها وطوقتهما بذرا عيها ، فعطره اللعين صار يعبق داخل أنـ ـفها ، يذكرها بتلك الأيام الخوالى ، عندما كانت تفرط بإستنشاقه وتملأ رئتيها منه ، رفعت يـ ـدها وفركت خـ ـدها بقوة كأنها تريد إزالة أثار يـ ـده من على وجـ ـنتها ، بل لم تكتفى بذلك ، بل ذهبت للمرحاض وجلست بالمغطس وقامت بتشغيل الماء وظلت تفرك وتحـ ـك جلد ذرا عيها ووجـ ـهها وهى تبكى ، كأنها صارت مدنسة بلمـ ـساته ، وكاد الدم يطفر من ذرا عيها وهى تغرز أظافرها به كأنها تريد إستبدال جلدها بجلد أخر ، فأحمر جلدها وشعرت بالألم ، فكفت عما تفعله ، ووضعت رأ سها بين ذرا عيها ريثما تنتهى من بكاءها ، وبعد أن أكتفت من البكاء أغتسلت وأبدلت ثيابها وخرجت من الغرفة
هبطت الدرج وجدتهم جالسين بالصالة ، فخرجت للحديقة دون أن توجه كلمة لأحد منهم ، وصلت لحظيرة الخيول ، وأخرجت ذلك الجواد الأبيض ، الذى اعتادت أن تمتطيه بعد تعلمها ركوب الخيل ، وبرشاقة إمتطت الجواد ، وراحت تعدو به على تلك الحواجز بذلك المضمار الذى تم بناءه قريباً من الحظيرة
– ماااامى
صاحت بها سجود لتخرجها من شرودها وتجعلها تنتبه عليها ، فشدت حياء اللجام حتى وقف الجواد ثابتاً ، وأسرعت سجود بالركض إليها ، كونها هى الأخرى تعشق ركوب الخيل
رفعت الصغيرة ذرا عيها لها وقالت برجاء :
– مامى عايزة أركب الحصان أنا كمان
ولكن قبل أن تهم حياء بالرد عليها ، جاءها صوت أباها وهو يقول برفض :
– مفيش ركوب حصان دلوقتى يا سيجو
إستدارت الصغيرة إليه وعيناها ملأتها الدموع ، ولكنها لم تنتبه إلا لإنحناء حياء إليها ورفعها من ذرا عيها ، حتى جلست أمامها على سرج الجواد ، وحدقت حياء بزو جها بتحدى ، قبل أن توكز الجواد ليبدأ بالعدو والركض
كور راسل قبضته بغضب من فعلتها ، فربما تتسبب بإيذاءهما دون أن تدرى ، خاصة أن الجواد يعدو بسرعة على تلك الحواجز الخشبية ، وربما إذا فقدت حياء السيطرة على الأمر ، ستكون الخسائر فادحة ، ولكن تشتت إنتباهه بسماعه صوت صيحات الصغير على مقربة منه ، فرآى ساندرا قادمة وهى تحمله ، وأكملت سيرها حتى وقفت بجواره
نظرت لحظيرة الخيول فإبتسمت وهى تقول بإعجاب :
– حلو الخيل ده راسل ، البيت كله جميل ، متخيلتش أن عيلتك أغنياء كده
سمعت حياء قول ساندرا أثناء إقترابها منهم ، فإذن هى تشعر بالغبطة والسعادة لرؤية كل هذا ، لذلك أرادت تعكير صفو مزاجها وجعلها تدرك حقيقة الوضع ، رفعت سجود من على الجواد وجعلتها تطأ الأرض بقدميها وتبعتها هى الأخرى ، فوقفت بجوار الجواد ممسكة باللجام وقالت بتهكم وهى تنظر لساندرا بنظرة شامتة :
– متفرحيش أوى كده لأن كل اللى أنتى شيفاه ده ملكى أنا ، وراسل ميملكش أى حاجة فيه ، معلش رسمك طلع على الفاضى ، بس أنا كريمة جدا لعلمك يعنى ، وممكن تاخدى راحتك فى البيت ولو عايزة تركبى حصان اتفضلى ، أن برضه أحب أكرم ضيوفى أخر كرم ، علشان لما تمشوا تبقوا ماشين مبسوطين ، ولو محتاجين أى فلوس أطلبوا متتكسفوش الجيب واحد يا دكتور راسل
قضم راسل شـ ـفته السفلى ، وأمعن بها النظر حتى جعلها بالأخير ، تحيد بعـ ـينيها عن مرمى عيـ ـناه المتفحصتين ، ولكن سرعان ما عادت تنظر إليه بعدما رأته ينحنى برأ سه تجاه ساندرا هامساً بأذنيها بكلمات لم تسمع منها شيئاً ، وما لبثت أن رآت ساندرا تبتسم له بل أخذت الصغير وولجت للداخل ، ولكن يكفى أن تراه يقف بجوار أنثى أخرى ، قادرة على إستنشاق عطره والشعور بدفء أنفاسه والإقتراب منه وقتما تريد ، بل أن ساندرا حصدت منه أكثر منها بأن حملت بأحشاءها طفل منه ، ولم تحظى هى بذلك
فإن كاد يجزم كل من يراها الآن وهى تقف بثبات وشموخ وعيناها خاليتان من الشعور ، بأنها لا ترى ما يحدث أمامها ، إلا أنها من داخلها تشعر بإنصهار وإحتراق قلبها بالغيرة ، ولكنها لن تبديها له ، ولن تجعله يشعر بإنتصاره بأنه يستطيع إثارة غيرتها وقتما يريد ، مستنداً بذلك إلى تصريحاتها السابقة بأنها تعشقه حد الهوس والجنون ، بل وتغار بشدة حتى وصل بها الأمر إلى أن تشعر بالغيرة من زوجته الأولى ، كونها حظيت بوقت من الأوقات وكانت له زوجة وأنجبت له سجود ، كأنها ستظل تراه يغدق نساء أخريات بعاطفته المحـ ـمومة وكل منهما تنجب له طفلاً ، وستظل هى ترى وتحصد ثمار خيانته لها بكل غدوة وروحة
❈-❈-❈
لا يفوح من ذلك القبو الشبيه بالقبر إلا روائح كريهة ، ربما ستصيب ساكنه بالإختناق حد الموت . كساه الغبار من رأسه لأخمص قدميه ، وبات شبيها بأحد الشخصيات المرعبة بشعر رأ سه ولحيته اللتان طالتا عن الحد المعتاد ، ولكن لم يكن هذا الذى يجعل الرائى إليه يشعر بالغثيان أو أن تجف دماءه من هيئته الغير أدمية ، بل ثيابه الملطخة بالدماء والتى ظهرت بوضوح على جسده ، مما تدل على أنه عانى من تعذيب غير أدمى ربما قضى على ما تبقى له من قدرة على أن يبدى إعتراضاً على ما يلاقيه ، علاوة على أطراف أصابعه التى تم بترها الواحد تلو الأخر ، فعلى مدار عام بأكمله عانى من أبشع أنواع التعذيب الجـ ـسدى ، وكلما ظن أن النهاية ستأتيه سريعاً ، يعود عمرو ويفقده الأمل ، بأن يجلب له طبيب لمعالجته ، حتى لا يتركه يموت بتلك السهولة التى يظنها ، فلم يكن يعلم أن القصاص سيأتيه هكذا قاسياً عنـ ـيفاً ، لا تتحمله النفس البشرية التواقة للراحة مما تعانيه وتلاقيه من آلام
-آاه فى حد جاى
قالها بأنين بعدما سمع صوت صرير الباب ، دلالة على أن أحدهم قادماً ، فرفع رأ سه المثقل ونظر بعيناه الغائرتان اللتان أعتلت وجنتان شاحبتان وممتلئتان بالكدمات الزرقاء وبعض الندوب الغائرة ، كأن من وهبه تلك الندوب رسام بوهيمى ترك يـ ـده تترك بصماتها بأى مكان بوجـ ـهه
رآى عمرو يلج القبو برفقة ذلك الجلاد الذى يتولى تعذيبه وحراسته ، فحتى الآن عمرو لم يمد إليه طرف يـ ـده بل ترك تلك المهمة لرجل أخر مكتفياً بالجلوس ومراقبته بجلسات التعذيب التى أعدها من أجله حتى رمقه الأخير ، وبعد أن يشبع عيـ ـناه وأذنيه من رؤية دماءه وسماع صوت صراخه ، يأمر بمجئ الطبيب لمعالجته ، حتى يحين وقت مجيئه إليه بوقت أخر
قال بصوت خفيض قدر سماح أحباله الصوتية ، التى كانت على وشك التلف من صياحه وصراخه أثناء تعذيبه :
– غريبة جاى بدرى النهاردة يا عمرو ، إيه لحقت أوحشك بسرعة كده ، مقولتليش مامتك عاملة إيه دلوقتى ، تلاقيها لسه بتعيط عليا ، أصل أنا متنسيش أبدًا
جلس عمرو على ذلك المقعد ، الذى إعتاد الجلوس عليه كلما جاء لذلك القبو ، فوضع ساق على الأخرى ونظر لزو ج والدته بصمت ، ولكن تلك الإبتسامة التى رآها على وجه زو ج والدته كأن رغم ما يلاقيه مازال قادراً على أن يبتسم تلك الإبتسامة ، التى تثير بنفس عمرو الضيق والغضب ، فضم كفيه وأنحنى للأمام قائلاً بحنق :
– أنت فعلاً متتنسيش لأنك أقذر بنى أدم على وجه الأرض ، حتى كلمة بنى أدم مش لايقه عليك ، أنت حيوان ، ومتتخيلش وأنا شايفك كده مذلول زى الكلب ببقى مبسوط وفرحان إزاى ، وقريب أوى هخلص منك وهمسحك من حياتى نهائى وساعتها هبدأ حياتى من أول وجديد
ضحك زو ج والدته بعدما رفع رأسه للأعلى قائلاً بإستفزاز قوى :
– هتبدأ حياتك مع خطيبتك ، حتة العيلة دى ، شاطر فى إختيارك يا عمرو ، بس المصيبة أنك هتتكشف بسرعة لو اتجو زتها ، وهتبقى فضيحتك بجلاجل لما…..
لم يتركه عمرو يكمل حديثه ، إذ أنتفض من مقعده وأنقض عليه يلكمه بوجهه حتى أدمى أنفه وشفتيه وهو يقول بصياح :
– أخرس خالص مش عايز أسمع صوتك أخرررررس
تخضبت يـ ـد عمرو بدماءه ولم يشعر إلا بجذب الحارس له حتى يكف عما يفعله وسيؤدى بالنهاية لقتل زو ج والدته ، كبل الحارس جـ ـسد عمرو وهو يهتف به قائلاً برجاء :
– إهدى يا عمرو بيه كده هيموت فى إيـ ـدك
وكأن عبارة الحارس أعادت إليه رشده ، فهو لا يريد قـ ـتله بهذا الوقت تحديداً قبل أن ينتهى من خططه التى وضعها ليصبح شخص أخر ، كأنه يريد أن يثبت له أنه تخطى تلك المحنة التى ظل غارقاً بها لسنوات عدة ، وربما بعدها سيعمل على التخلص منه
رنين هاتفه جعله يسرع بالخروج من القبو حتى وصل لسيارته ، فأخرجه من جيب بنطاله ، وجد إسم والد سهى ، قضم طرف إبهامه وهو يفكر فيما يخبره يفسر عدم ذهابه لمقابلته حتى الآن ، فمنذ ما حدث بينه وبين سهى ، وهو لم يفكر مطلقاً بالعودة لمنزلها ومقابلة والدها
حمحم يجلى صوته ورد قائلاً بهدوء :
– أيوة يا عمى ، أخبار حضرتك إيه
رد والد سهى بنبرة جافة :
– عمرو أنا عايز أقابلك ضرورى ، حاولت أكلمك كتير أو أشوفك فى الشركة مش بلاقيك وحتى قولت لسهى تكلمك بس شكلها أنشغلت ونسيت ، فعايزك تجيلى البيت النهاردة إذا وقتك يسمح يعنى
نبرة صوت والد سهى الجافة والباردة ، كانت خير دليل على أنه وصل لحافة صبره من خطبته لإبنته ، فأى خطبة تلك التى لم يرى بها زو ج إبنته المستقبلى إلا بضعة مرات خلال عامين كاملين ، لذلك لم يجد عمرو مهرب ولا مفر من الذهاب إليه ، فرد قائلاً بلين :
– حاضر يا عمى أنا جاى لحضرتك ربع ساعة وهكون عندك
أنهى عمرو المكالمة وإستقل سيارته بعدما أوصى الحارس بتوخى الحذر ، حتى لا ينكشف أمر زو ج والدته أمام أحد ، وإلا بذلك سيقع بمأزق كبير ، حرك الحارس رأسه بطاعة ، وأسرع بالدخول حيث سيتولى مهام حراسته ، قاد السيارة حتى وصل لإحدى متاجر بيع الورود ، فقرر شراء باقة من الزهور وبعض الهدايا ، لعل ذلك يشفع له قليلاً عند والد سهى ، ويظهر له مدى سخاءه بشراء الهدايا وربما ليقنعه أن عدم مجيئه لشئ خارج عن إرادته لضغوط العمل أو ما شابه
وصل لمنزل خطيبته ودق الجرس ، فتحت سهى الباب وأختفت إبتسامتها على الفور عندما أبصرته واقفاً أمام الباب ، فقالت بصوت خالى من الود :
– أتفضل
خطى عمرو خطوتين للداخل ووضع الهدايا من يده بينما ناولها باقة الورود وهو يقول بنبرة حملت بين طياتها ندمه وإعتذاره على ما بدر منه بحقها ، عندما حاول معانقتها رغماً عنه :
– أتفضلى دى علشانك
أخذت سهى باقة الزهور من يـ ـده ووضعتها على المائدة بالصالة ، ورفعت يـ ـدها تشير له بالدخول لغرفة المعيشة ، ريثما يأتى أباها من غرفته ، وصلا للغرفة ولكن قبل أن تخرج نظر إليها قائلاً بإعتذار :
– سهى أنا أسف على اللى حصل منى صدقينى مكنش قصدى
عقدت سهى ذرا عيها وقالت بسخرية فجة:
– شكلك كنت متقل العيار فى الشم ولا حاجة ومكنتش دراى بنفسك
شعور عارم بالحرج والغضب والضيق إكتسح خلاياه ، كأنها لن تمحى من ذاكرتها رؤيتها له وهو يتعاطى المخدرات ، فهل هى عمياء لكى لا ترى ذلك التغير الجذرى الذى حدث له ؟
كز عمرو على أسنانه ورد قائلاً بضيق :
– أنا بطلت يا سهى أتعاطى مخدرات من بعد أسبوع واحد من خطبتنا ، يعنى أنا دلوقتى لا مدمن ولا نيلة ، ليه مش عايزة تغيرى فكرتك دى عنى
لولا علمها بأن أمر خطبتهما لا يتعدى كونه مزحة بينهما ، لكانت ظنت أنه الآن يستميت لأن تمحى صورته القديمة من عقلها ، وتراه من منظور أخر ، ولكن أى منظور هذا الذى بإمكانها أن تراه منه وهى من قابلته بوقت حالك ، كانت به على وشك خسارة حياتها وكان سيكون هو طرفاً بتدميرها ، لولا إستيقاظ شهامته وعمل على إنقاذها ، فالإقتراب من عالمه ، شبيه بإلقاء نفسها وسط جحيم مستعر سيلتهم روحها ولن يحصد الخسارة والحسرة أحدًا غيرها ، لذلك من الأنسب والأفضل لها أن تظل بمأمن ومنأى عن عالمه ، الذى رآت منه لمحة قادرة على أن تجعلها ترى مستقبلها معه محفوف بالمخاطر والأشواك
أبتلعت سهى لعابها وردت قائلة بإرتباك :
– أنا لا عايزة أغير فكرتى عنك ولا عايزة منك حاجة ، أنا مقدرة شهامتك أنك ساعدتنى ، بس اظن دلوقتى خلاص ملوش لازمة نكمل فى اللعبة دى ، ولما ييجى بابا ولو لقيته شد معاك فى الكلام قوله خلاص نفسخ الخطوبة ماشى
تركها تكمل حديثها للنهاية دون محاولة منه أن يقاطعها ، بل أعارها كامل إنتباهه حتى فرغت من قولها ، ولكن ساهم قدوم والدها بجعلها تلتزم الصمت وجلست على أقرب مقعد وجدته
أقترب والدها من عمرو وصافحه وجلس قريباً منه على تلك الأريكة العريضة ، صمت لبرهة ولكن سرعان ما قال وهو يوزع نظراته بينه وبين إبنته :
– وأخرتها إيه بقى إن شاء الله لعبة الخطوبة بتاعتكم دى
جفت دماءهما بعد سماع قوله ، فنظرا لبعظهما البعض بإرتباك ، فعبارة أبيها تدل على أنه ربما علم بحقيقة خطبتهما ، مـ ـسح عمرو على عنقه وإبتسم قائلاً بتوتر :
– قصدك إيه يا عمى
اكفهرت ملامح وجه والد سهى ، ورمق عمرو قائلاً بإستياء :
– أنت مش فاهم قصدى إيه ، أنت خلتنى رفضت إبن أخويا علشان حضرتك تعلقها سنتين خطوبة ، وبتيجى تزورها كل سنة مرة وتقولى أقصد إيه ، فقولى يا ابنى أخرة عمايلك دى إيه علشان كل شئ وله أخر
نصف ساعة تقريباً والحديث بينهما قائماً بين شد وجذب ، وكلما حاول عمرو تبرير غيابه وتأخيره فى المجئ لزيارتهما بإنشغاله بأعماله وأعباءه ، يعود والد سهى ويخبره بأن الأمر برمته صار يثير حنقه ولم يعد لديه طاقة على إهدار المزيد من الوقت بالحديث معه
شد عمرو على يـ ـد والد سهى قائلاً بهدوء:
– خلاص يا عمى أنا مستعد أتجـ ـوز سهى الإسبوع الجاى ، حضرتك أؤمر وأنا هنفذ
قفزت سهى على قدميها كالملدوغة من حية سامة ، فصاحت بإعتراض :
– جو از إيه اللى بعد أسبوع ، لاء طبعاً مش هينفع مش هينفع خالص
رمقها والدها بشك ، فحالها لا يدل على أنها هى بذاتها التى كادت تطير فرحًا يوم خطبتها ، وكلما تحدث معها عن زوا جها المرتقب يصطبغ وجـ ـهها وتلتزم الصمت ، كأنها تشعر بالخجل من حديثه
ترك أبيها مقعده ووقف أمامها متسائلاً بدهشة:
– مالك أتفزعتى كده مرة واحدة لما سمعت كلام عمرو هو فى إيه بالظبط يا سهى
ضمت سهى شـ ـفتيها ، ريثما تفتش بداخل عقلها عن سبب مقنع تخبره إياه ، فلو إنكشف أمرها وعلم أبيها بكل ما دبرته هى وعمرو سوياً ، فحتماً لن تفلت من عقابه الأليم ، وربما يعود ويجبرها على الزو اج من إبن عمها ، أو أى شاب أخر دون الحاجة لموافقتها ، فازدردت لعابها وردت قائلة بتوتر :
– هو يابابا يعنى أنت عارف الكلية وكده وكمان الإمتحان الأسبوع الجاى ، يبقى أتجـ ـوز ولا أمتحن
تلك الحجة هى ما أنقذتها من سؤال أبيها المُلح ، فعاد يحك ذقنه بتفكير ، ولكن أسرع عمرو قائلاً بمكر :
– خلاص يا عمى نعمل الفرح بعد ما تخلص إمتحان وأنا فى الفترة دى هجهز كل حاجة
عاد أبيها يجلس بجوار عمرو ، وأسترخت ملامحه فجأة ، كأنه إستحسن قوله ، رمقته سهى بترقب لسماع رآيه بما سمعه ، وظلت تبتهل بداخلها على أن يبدى رفضه لإقتراح عمرو ، ولكن جاء رده مخيباً لأمالها ، إذ قال وهو يهز رأسه بالموافقة :
– تمام مفيش مشكلة على خير إن شاء الله
أغتمت ملامحها وأظلمت قسماتها عندما تم الإتفاق بين عمرو وأبيها على أن يقام زفافهما بعد إنتهاءها من تأدية إختباراتها بالكلية ، وما أن أنتهيا من حديثهما وإتفاقهما على إقامة مراسم الزفاف وعقد القران وما شابه غادر عمرو ، بينما هى ولجت لغرفتها وهى تكاد تصاب بحالة من الجنون ، ولم يكفيها ندب حظها كعادتها ، بل راحت تدور حول نفسها بالغرفة تبحث عن حل أو مخرج ، فأخذت هاتفها لتتحدث مع عمرو ليجد حلاً لذلك المأزق الذى وضعها به ، ولكنه لم يجيب على إتصالاتها التى وصلت حد عشرون محاولة منها فى أن تجعله يجيب على إتصالها ، وما أن تيقنت من أنه يفعل ذلك عمدًا لكى لا يمنحها فرصة بأن تفسد الزيجة ، ألقت الهاتف من يـ ـدها وكانت سعيدة الحظ ، إذ سقط على الفراش ، وإلا كان تحطم بإصطدامه بالأرض ، فلا شئ يدور بعقلها بتلك اللحظة سوى أنها تريد القبض على عنق عمرو حتى يلفظ أنفاسه الأخيرة ، وربما بعدها تشعر بالهدوء والسكينة ، ولكن من أين سيأتي الهدوء عندما ستكون على وشك مواجهة تلك العاصفة التي ستحدث تغييرا في مواسم حياتها ، لكنها على يقين من أن العاصفة لن تهدأ ما لم تضع حدا لها بيـ ـديها ، حتى لو أجبرتها الظروف أن تكون عروساً بقلب من جليد ، وتضطر لإظهار عدم قبولها لزو جها وتتجبر فى إظهار إعراضها عنه ونفورها منه
❈-❈-❈
منذ مجيئها لمنزل والدها وهى تقضى وقتها بين جلوسها بتلك الغرفة التى كانت لها سابقاً قبل زوا جها ، وبين خروجها برفقة والدتها للتنزة أو زيارة صديقاتها ، ولكن منذ البارحة وهى رافضة ترك فراشها ، لشعورها بالإحباط من أن زو جها ، أكتفى فقط بأن يهاتفها يومياً ولكن دون أن يخبرها بنيته للمجئ لإصطحابها من بيت أبيها ، فهى جاءت للإسكندرية منذ أسبوع ، وأنتظرت كل يوم أن ترى كرم يلج من باب المنزل ويخبرها أنه إشتاق إليها ولم يقوى على تركها كل هذا الوقت بعيداً عنه ، ولكن أقتصر الأمر على سؤاله العابر عنها ، كأنه واجب مقدس ، يريد تأديته حفاظاً على ماء الوجه ، وهذا ما جعلها تشعر بالإمتعاض ، فلولا شعورها بالغضب من تصرفه معها ، لكانت هى التى عادت إليه على جناح السرعة ، ولكن كبرياءها لها بالمرصاد ، لا تريد العودة قبل مجيئه هو ويفرط فى إظهار إشتياقه لها أيضاً
رفعت الهاتف من على الكومود ، ونظرت لصورة خلفية الشاشة والتى كانت إحدى صور زفافهما ، ففتحته وبحثت عن أرقام هواتف صديقاتها اللواتى لم ترى أى واحدة منهن منذ وقت طويل ، فبعد مهاتفتها لثلاثة من صديقاتها اتفقن على أن يتقابلن بالنادى الرياضى ، الذى إعتادت أن ترتاده برفقتهن
تركت الفراش وأرتدت ثيابها ووقفت أمام المرآة تمشط خصيلاتها الطويلة وبعد إنتهاءها ، وجدت والدتها تلج الغرفة ، فإبتسمت لها وهى تقترب منها ، ربتت على ظـ ـهرها وتساءلت :
– إنتى راحة فين يا هند
وضعت هند فرشاة الشعر من يـ ـدها وردت قائلة وهى تطلى شـ ـفتيها بحمرة خفيفة:
– هروح النادى يا ماما هشوف صحباتى ، فى حاجة ؟
هزت والدتها رأ سها بالنفى ، إلا أن عيـ ـنيها إرتسما بهما القلق بوضوح ، فهى تشعر بوجود خطب بين إبنتها وزو جها ، رغم عدم تصريح هند بذلك ، ولكن عدم مجئ كرم معها أثناء زيارتهما كالمعتاد ، جعلها تتيقن من أن هند تخفى عنها أمرًا ، رغم ظهورها بأن كل شئ على ما يرام ، بل قدمت تفسيرها لغياب زو جها بأن لديه عمل طارئ منعه من المجئ معها ، ولكن غريزتها كأم انبأتها بأن ربما هند وكرم نشأ بينهما خلاف، أدى لمجيئها بمفردها دون إصطحاب زو جها
جذبت والدتها ذرا عها برفق وسألتها بإهتمام :
– هند قوليلى الحقيقة فى حاجة حصلت بينك وبين كرم ، لأن مش مقتنعة بأنك جاية كده عادى زى عوايدك ، حتى باين عليكى أنك مضايقة ، فقوليلى أنا مامتك ، ثم كمان موضوع الخلفة ده ساكتين عليه ليه لدلوقتى ، مرحتوش تكشفوا وتعرفوا سبب التأخير ، دا أنتوا بقالكم سنتين ، وأنا وباباكى نفسنا ومنى عينينا نشوف ولادك
أطرقت هند برأ سها أرضاً هرباً من مواجهة والدتها ، وبدأت تشعر بوخز الدموع فى مقلتيها ، ولكنها لن يكون بإستطاعتها أن تخبرها أنها وزو جها متفقان على عدم الإنجاب بالوقت الحالى ، بل دائماً ما تقدم تبريرها لوالديها بأن الله لم يأذن بعد لهما بالإنجاب، على الرغم من أنهما هما من يحتطان بذلك الأمر ، خاصة زو جها المتشدد بإرغامها على إتباع تلك الوسائل المانعة للحمل
لم تشأ أن تتجاذب الحديث مع والدتها وتفضى لها بمكنون قلبها بوقتها الحالى ، لذلك أقتربت منها تقبـ ـلها على وجنتها وقالت وهى تتأهب للخروج من الغرفة :
– لسه ربنا مش رايد يا ماما بس إطمنى أنا وكرم كويسين وصحتنا كويسة ومعندناش حاجة تمنعنا من الخلفة ، هى مسألة وقت وعن إذنك علشان متأخرش على صحباتى علشان وحشونى
خرجت هند من الغرفة ومنها للمرآب وإستقل سيارتها الرياضية ، التى كانت تهوى دائماً قيادتها ، فكأن أبيها مازال شديد العناية بكل ما كان لها بالمنزل ، لذلك وجدت سيارتها كأنها تركتها بالأمس ، قادت السيارة حتى خرجت من البيت ،وبدأ الهواء يضرب وجـ ـهها وتتطاير خصيلاتها ، حتى شعرت بإنتعاش من النسمات الباردة والتى ساهمت بصرف ضيقها مؤقتاً
وصلت النادى الرياضى ، وجدت صديقاتها بإنتظارها ، بل تركن مكانهن وهرولن تجاهها وهم يصيحن بسعادة ، فإحتـ ـضنتهن تباعاً وهى تعرب لهن عن مدى سعادتها برؤيتهن ، جلسن على إحدى الطاولات وبدأن يثرثرن حول أمورهن الشخصية ، حتى قالت إحدى صديقاتها بمداعبة :
– مقولتلناش بقى يا هند عاملة إيه فى الأقصر مبسوطة هناك
ردت هند قائلة بإبتسامة متكلفة :
– الحمد لله تمام ، بس أنتوا وحشتونى والله
وكزتها إحداهن وهى تقول بمكر :
– ومتبقاش مبسوطة ليه طالما مع حبيب القلب لدرجة أنها نسيتنا خلاص
إبتسمت هند إبتسامة خالية من الدفء والمرح ، وأرادت فض النقاش بينهن حول حياتها الزو جية ، فأقترحت عليهن الذهاب للتسوق والترفيه ومن ثم تناول الطعام بأحد المطاعم الفاخرة الخاصة بعمل المأكولات البحرية
بعد قضاءهن عدة ساعات بالتسوق والتنزه ، عادت هند للمنزل تحمل ما إبتاعته بتلك البطاقة الإئتمانية ، التى يحرص أباها على تزويدها بالنقود من أجلها ، وصلت للصالة ومنها لغرفتها ، فتحت الباب ومدت يـ ـدها لزر الإضاءة وسريعاً ما أنتشر الضوء بالغرفة ، ولكن إرتعدت هند بخفة وشهقت بخفوت ، عندما رآت زو جها مستلقياً على فراشها
وضعت يـ ـدها على صـ ـدرها وتمتمت بخوف :
– بسم الله الرحمن الرحيم ده كرم بجد ولا تهيؤات
هرعت ناحية الفراش ومدت أناملها ولمست ذرا عه ، وأيقنت أنه هو كرم زو جها وليس شبحاً كما ظنت بالبداية ، ولكنه نائماً بإرتياح ولم ينتبه بعد على مجيئها ، فجلست بجواره على الفراش وأنحنت إليه وقبـ ـلت وجنته بإشتياق ، كأن ضيقها وإمتعاضها تبخر فجأة ما أن رآته أمامها
تململ كرم بنومه وفتح رماديتيه الناعستين وابصرها وهى قريبة منه حتى كاد يتنفس أنفـ ـاسها المشتاقة ، رفع كفيه وأحاط وجـ ـهها وهو يقول بنبرة ناعسة :
– أنتى كنت فين ده كله يا هند
مررت يـ ـدها على لحيته الخفيفة وردت قائلة بصوت هامس :
– كنت مع صحباتى بس ليه أنت مقولتليش أنك جاى ولما وصلت مرنيتش عليا ليه
– لما وصلت خالتو قالتلى أنك مش هتتأخرى فمن التعب نمت محستش بنفسى
قال كرم بصوته الناعس وما لبث أن جذبها إليه وأدناها منه حتى توسدت صـ ـدره ، وراح يمسد بإحدى يـ ـديه على رأسها وكفه الأخر يمرره بلطف على وجـ ـهها ، فهو إفتقدها وإشتاقها كثيراً ، وكأن منزله صار جنة مهجورة دون وجودها ، حتى وهى بين ذرا عيه الآن ، يكاد يشعر بأن قلبه سيتفتت لوعة من إشتياقه إليها ، لذلك أرسل لها رسالة بليغة من عنـ ـاقه الحـ ـار ، بأنه بحاجة لزو جته راغباً فى ودها ووصالها ، حتى إنه لم ينتبه على أن باب الغرفة ليس موصد بإحكام
دفعته هند عنها بلطف وهى تقول بتوتر :
– كرم باب الأوضة مفتوح
تركها كرم وأتجه صوب الباب ليغلقه ، فتعثرت قدميه بتلك الحقائب ، التى جلبتها هند معها ، فتبعثرت محتوياتها من ثياب وأحذية ، أنحنى بجزعه العلوى ورفع الحقائب من على الأرض ورمق زو جته بتساؤل صامت ، أسندت هند ظـ ـهرها للوسائد خلفها ، وتبادلت النظرات الصامتة معه ، لعلمها بأن ربما سيثير كرم مشهداً درامياً كعادته عندما يراها تحصل على شئ من أباها
فركت هند كفيها وقالت بهدوء :
– كنت وأصحابى بنعمل شوبينج فعجبتنى الحاجات دى وإشترتها
بلل كرم شـ ـفته السفلى بطرف لسانه ، وسرعان ما قضمها بأسنانه ، لعلمه أن ثمن تلك المشتريات ربما يعادل ما يربحه هو من وظيفتيه فى بضعة أشهر ، مد قدمه واغلق باب الغرفة ، وحمل حقائب المشتريات ووضعها على أحد المقاعد ، وإنتظرت هند أن يعود إليها ليكملان ما تركاه عالقاً ولكنه خرج للشرفة ، زفرت هند بيأس من أفعاله وإحـ ـساسه المرهف كلما حصلت من والدها على النقود أو ما شابه
تركت الفراش وولجت للشرفة ، وأرادت تأدية واجبها للنهاية ، وضعت كفها الناعم على يـ ـده وقالت باسمة :
– تعرف أن أحلى حاجة فى اليوم النهاردة لما رجعت البيت ولقيتك حتى إفتكرت أن بتخيل أنك هنا ونايم
رمقها بطرف عيـ ـنه وأطلق نهدة عميقة ورد قائلاً بصدق :
– أنا جيت علشان أنتى وحشتينى والبيت ملوش طعم من غيرك ، فقولت أجى نقضى مع بعض يومين هنا قبل ما نرجع الأقصر ، اعتذار منى على يوم عيد جوا زنا
جذبت هند ذر اعه حتى صار يقف قبالتها ، رفعت يـ ـدها ووضعتها أسفل ذقنه لتجعله ينظر لها ، لعلها تنهى صراعه الداخلى ويفضى لها بما فى قلبه ، لعلهما بعد ذلك يهنئ عيشهما ، فقالت بصوت حانى :
– كرم يا حبيبى قولى إيه جواك وليه دايما بحس إنك حاطط حواجز بينا ، لو فى حاجة صارحنى وقولى ، مش عايزة أجمل سنين عمرنا تضيع من إيـ ـدينا ، فأرجوك لو فى حاجة مضيقاك قولى عليها
تسللت يـ ـده حتى وصلت ليـ ـدها الموضوعة أسفل ذقنه ، فتشابكت أصابعهما وأخذ كرم نفساً عميقاً وقال بشعور غريب من الحيرة والتخبط بأفكاره :
– هند أنا عرفت أن باباكى لما راح المستشفى تانى مرة والدكتور قال إن عنده السكر وتعبان إن دى كانت خطة منه علشان يقربنا من بعض علشان أنتى كنتى زعلانة وكمان يوم فرحنا سمعت المعازيم بيضحكوا عليا علشان أنا فقير وأن أنا ضحكت عليكى واتجو زتك علشان فلوس باباكى ، الكلام وجعنى أوى يا هند ، بقيت عايز أعمل أى حاجة علشان يقولوا بالرغم من أنه فقير بس قدر يعيشها كويس ومحتاجش لفلوس حماه ، حبى ليكى وكرامتى خلونى عايز أعمل أى حاجة علشان متحتاجيش لأى حاجة من باباكى
انطلقت زفرة كبيرة من أعماقها . فكان يجدر بها أن تدرك ذلك منذ البداية وما كان يجب أن تغفل عن أفعاله التى حرص من خلالها على تقديم الأفضل لها وهى تعلم مدى إعتزازه بنفسه وكبرياءه ورغـ ـبته فى إعطاءها ماهو أفضل
إلتصقت به حتى تلاحـ ـمت نبضات قلبيهما ووضعت راحتيها على صـ ـدره وهى تقول بفخر :
– كرم يا حبيبى أنت مش مقصر في أى حاجة وأنا والله راضية أعيش معاك فى أى مستوى زى ما قولتلك قبل كده ثم أنت الوحيد اللى يقدر يدينى أغلى حاجة أنا بتمناها فى الدنيا دى كلها ونفسى فيها
بدت عليه الحيرة وقال متسائلاً:
– وهى إيه أغلى حاجة بتتمنيها ونفسك فيها ياهند ، ولو بإمكانى أحققهالك مش هتأخر يا حبيبتى
إبتسمت هند وأقتربت من أذنه هامسة برجاء :
– كرم أنا عايزة بيبى منك ، عايزة يبقى عندنا بيبى وأحبه زى ما بحبك ، هو ده اللى بتمناه بجد ، يكون عندنا ولد أو بنت وأحكيلهم قصة حبنا ، وقد إيه أنا بحبك وبموت فيك
بحنان فائق جذب رأسها إلى كتفه وكبح جماح نفسه وهو يربت على وجهها ، بينما قبـ ـلته الدافـ ـئة التى وضعها على رأ سها ، خير دليل على أن سهمها الأخير أصاب هدفه ، شهقت بصوت منخفض وهى ترى جـ ـسدها يطيح بخفة حتى إستقر بين ذرا عيه ، وضعت رأ سها على كتفه وطوقتهما بنعومة ، وأخفت إبتسامة وضاءة بين ثنايا عنقه حيث دفـ ـنت وجـ ـهها ، فإن كانت ساورته فكرة عدم الإنجاب سابقاً ، فالأن لن يستطيع أن يخيب رجاءها به ، وكيف يفعل ذلك ؟ وهو ما أن يضـ ـمها إليه ويعبق عطرها فى أنفه ويرتد قدها المياس بين ذرا عيه وتتساوى خفقات قلبيهما ، ينسى كل جدل ونقاش حدث بينهما ، ولا يتذكر سوى أنها خُلقت خصيصاً من أجله
كم تخلب عقله عندما تكون سعيدة وتهبه نفسها دون تحفظ ، ولا يعود هو قادراً على رفض ما عرضته عليه بسخاء من جمالها ودلالها ، أطلقت هند كل ما فى قلبها من عواطف وأحاسيس وسرها ذلك الشعور بالسيطرة عليه ، وتعاظمت دهشتها عندما وجدت أن همستها الرقيقة الحنونة ، قد جعلته يوافق على مطلبها بأن تنجب منه وليس ككل مرة كان يجعلها تغلق باب النقاش والحوار بذلك الأمر ، يكفيها أنها قريبة منه مطمئنة بين ذرا عيه وتنوى الإحتفاظ بما أحرزته من تقدم بمحاولتها صرف تفكيره عن أن يرى ذاته دون مستواها ولن يستطيع تحقيق أمنياتها ، عانـ ـقته وراحت تصب بأذنيه عبارات عاطفية كفيلة بجعله يطمئن أنها لا تريد العيش بدونه ، وإنه هو الوحيد القادر على أن يهبها كل ما تتمناه فى هذا العالم
❈-❈-❈
تعرق وجـ ـهه وجـ ـسده بالكامل بفعل تلك الحرارة التى تملكت منه وهو يهذى بذلك الحلم ، الذى لم يفارقه منذ العاميين الماضيين ، رؤية حبيبته بالمشفى ، وعلمه بموتها ، وفقدانه لحبه الأول ، كل هذا تحالف بخياله ، ليمنعه الراحة والنوم بهدوء ، كأنه يلوم نفسه على ما لاقته ، فلولا إنكشاف أمره بأنه غرق بعشقها ، لربما كانت ستظل على قيد الحياة ، ولكن لم يعد يفيد الندم ، ولن يعود بإمكانه أن يعيد الزمن للوراء ، ولكن تبدل حلمه المزعج ، بذلك الحلم الذى طالما كان يريد تحقيقه ، وهو أن يراها أمامه ، ويشعر بها قريبة من قلبه ، تنثر عطرها بوجدانه ، وتجعله أسعد الرجال حظاً بإمتلاكها
إرتجفت شـ ـفتيه وإنتفض جـ ـسده من الشعور بتلك اللمـ ـسات التى يراها بحلمه ، حتى كاد يظن أن ما يحدث حقيقة ، فإسترخت ملامحه وراح يهذى بإسم محبوبته ، وهو يراها بحلمه تبادله العناق ، ولكن ما يراه بمخيلته ينافى ذلك الشعور الذى بدا كأنه حقيقة ، فإن كانت ياسمين بأحلامه مثلما كانت بالحقيقة فتاة خجولة رقيقة ، حتى أنه رسم أحلامه بها وفقاً لتلك الصفات التى كانت تتحلى بها ، فما يشعر به بتلك اللحظة لم يمت لحلمه الناعم بصلة ، لذلك عقد حاجبيه بدهشة وهو يشعر بتلك اليـ ـد التى تجرى على قسمات وجهه وكتفيه وتزداد جرأة وتطلباً
– ماذا تفعلين هنا ؟
قالها ديفيد بفزع بعدما فتح عيـ ـناه على الفور ، ووجد تلك الفتاة التى من المفترض إنها ضيفته ، هى من كانت تفعل ذلك ، وهى من إستغلت وقوعه تحت تأثير الحلم وبدأت بالتقـ ـرب منه
عادت الفتاة تقترب من وجـ ـهه وهى تقول كالمغيبة :
– لا أفعل شيئاً جديداً ديفيد ، أفعل ما كنا نفعله دائماً أنسيت يا عزيزى أننا كنا على وشك الزو اج لولا رحيلك ، أنت لا تعلم كم أشتقت إليك ، خاصة أننا لم نتقابل منذ أكثر من عامين ، فأنت رحلت عن صقلية وأنا غادرت أيضاً، ولم أصدق عيناى عندما عدت لصقلية وجدت أنك كنت هناك منذ عامين وعدت شريكاً لأبى ، ولكن قبل أن تسمح لى بالإقتراب منك رحلت ثانية ، لذلك جئت إليك هنا يا حبيبى ، فأنا على إستعداد لأن أصبح لك زو جة مثلما كنت تريد
علم ديفيد أنه وقع بشرك من صنع يـ ـده عندما أبدى موافقته على إستقبالها بتلك الزيارة التى من المفترض أنها ستقوم بها فى الإسكندرية ، فحتى وإن كانت إحدى فتياته بالماضى ، بل كانا على وشك الزو اج بإحدى نزواته الغرامية ، إلا أنه لم يعد يشعر بالرغـ ـبة فى التقـ ـرب منها أو من تلك الفتيات على شاكلتها ، بل كأنه مازال يبحث عن ياسمين ، ولا يعلم لما يصر على تعذيب قلبه وذاته بتلك الأمنية المجنونة والمستحيلة
جلس ديفيد بالفراش وجعلها تبتعد عنه قليلاً ريثما يستطيع النظر بوجـ ـهها ويجعلها تفهم أن ما كان بينهما أنتهى إلى غير رجعة ، فأخذ نفساً عميقاً وقال بهدوء :
– ما كان بيننا أنتهى الآن ، فأنا لم أعد ديفيد الذى كنتِ تعرفينه بالماضى ، بل حدثت أشياء كثيرة جعلتنى لا أفكر فى الزو اج منك أو من أى فتاة كانت
عقدت الفتاة حاجبيها وتساءلت بدهشة:
– لم لا تريد الزو اج منى ؟ هل وجدت فتاة أخرى غيرى يا ديفيد ؟
مـ ـسح ديفيد وجـ ـهه بكفيه وترك الفراش ووقف أمام النافذة وهو يقول بغصة :
– لم تعد على قيد الحياة بل توفت منذ عامين ، لذلك لم أعد كما أنا ولم أستطع أن أجد فتاة غيرها ، كأن قلبى تم دفنه معها بلحدها
تعاظمت دهشة الفتاة من وصف عشقه لتلك الفتاة التى يتحدث عنها ، لأنها تعلم طباع ديفيد جيداً ، وإنغماسه بعلاقاته الغرامية ، حتى وإن حظيت هى بوقت وكانت حبيبته ، لم يكن يظهر لها أكثر من تعلق شاب بفتاة خارج نطاق العشق والوله
وضعت قدميها أرضاً ووقفت خلفه ووضعت يـ ـدها على ظـ ـهره ، فشعرت بتقلصات عضلاته كأنه رافضاً لمـ ـساتها ، وهذا ما زاد بجنونها ، كأنه ظن أن ما أن يجعلها تقيم بفندق بعيداً عن منزله ، ستتركه بحاله ، فها هى الأن داخل غرفته الخاصة ببيته دون جهد يذكر ، وربما ساهم معرفة العاملين فى المنزل بطباع ديفيد وعلاقاته الغرامية ، بجعلها تلج لغرفته دون محاولة من أحد أن يمنعها
أرادت إعادة الكرة مرة أخرى ، فجذبت ذرا عه لتجعله ينظر إليها ولكى ترى وجـ ـهه بوضوح ، لعل عناقها له يعيد إليه رشده ، ولكن ما أنقذه بذلك الوقت هو رنين هاتفه
أقترب من الكومود ورفع الهاتف مبتسماً بعد رؤية إسم شقيقته ، فوضعه على أذنه قائلاً بحنان :
– صباح الجمال على حبيبة أخوها
إبتسمت حياء وردت قائلة بصوتها العذب:
– صباح النور ،ديفيد أن كنت عيزاك فى حاجة ضرورى ….
أنصت لها ديفيد بإهتمام حتى أنتهت من قول مطلبها ، فرد قائلاً بهدوء:
– تمام يا حياء أدينى ساعة وهكون عندك
أغلق الهاتف ونظر لتلك الفتاة التى جلست على إطار النافذة ، فأخبرها بضرورة خروجه من المنزل من أجل أمر هام وطارئ ، ولكنه أوصى أحد رجاله بأن يصطحبها بجولتها السياحية ، على أن يوافيها بالفندق مساءًا للإطمئنان على أحوالها ، فبالأخير هى ضيفته ويجب أن يأمن سلامتها حتى تعود لبلادها
ولج ديفيد المرحاض وأنتهى من إغتساله سريعاً وخرج لتنفيذ ما أخبرته به حياء ، فإبتسم بإتساع وإنتشاء كلما تخيل وجه زو ج شقيقته إذا رآه ، وصل لقصر النعمانى وأطلق بوق سيارته ، فأسرع أحد الحراس بفتح الباب ، بعد أن أوصتهم حياء بسماح دخول شقيقها ، وصل ديفيد بسيارته أمام الباب الداخلى وترجل من السيارة ، فإبتسم بمكر ما أن رآى راسل يقف بشرفة إحدى الغرف بالطابق الثاني
جن جنون راسل بعد رؤيته لديفيد يلج للداخل ، فخرج من الغرفة وهبط الدرج حتى وصل لبهو المنزل ، وقبل أن يخطو ديفيد خطوة أخرى سد راسل عليه الطريق ، فقال وهو يدفعه بصدره :
– أنت إيه اللى جابك هنا دلوقتى ، أمشى أطلع برا ، مش عايز أشوف وشك ، ليك عين تيجى لحد بيتى كمان وأنت السبب فى كل المصايب اللى حصلت
حاول ديفيد قمع غضبه ، فرد قائلاً من بين أسنانه :
– جاى أشوف أختى عندك مانع ، وسع كده من طريقى ، هو ده إستقبالك لأهل مراتك
حاول ديفيد مد يـ ـده ليجعل راسل يتنحى جانباً ليسمح بمروره ، ولكن وجده يقبض على ياقه قميصه ، ممهداً لبدء عراك جديد بينهما ، إلا أن صوت خطوات حياء على الدرج ، جعلته يلتفت برأ سه إليها ، وجدها قادمة تجاههما وجذبت ذراع شقيقها وهى ترمقه بضيق ومن ثم نظرت لشقيقها وقالت بإبتسامة صافية :
– فين شنطتك يا ديفيد
عدل ديفيد ياقة قميصه ، التى تجعدت من قبض راسل عليها بكفيه ، فرد قائلاً بدهاء :
– الشنطة فى العربية برا
– أنا هنادى على حد من الشغالين يخرج يجبها حالاً
قالت حياء وما لبثت أن نادت على إحدى الخادمات وأخبرتها بأن تجلب حقيبة ثياب شقيقها من سيارته ، وكل هذا وراسل يقف لا يفقه شيئا مما يحدث
وما أن رآى الخادمة تعود وهى تجر خلفها حقيبة ثياب كبيرة ، نظر لحياء متسائلاً:
-شنطة إيه دى وبتعمل إيه هنا عايز أعرف
وضعت حياء يدها بذراع شقيقها وتأبطته وهى تحدق بزو جها بإبتسامة برعت فى رسمها على شـ ـفتيها ، فقالت وهى توزع نظراتها بينهما :
– دى شنطة هدوم ديفيد علشان هيعيش معايا هنا فى البيت ، ماهو مش معقول هيسيب أخته تعيش فى بيتها مع ناس أغراب ، ثم إن ده بيتى وأنا حرة أستضيف فيه اللى يعجبنى ، واللى مش عاجبه الباب يفوت الجمل يا حبيبى

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لا يليق بك إلا العشق)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى