روايات

رواية لا أريد الفصل الثالث 3 بقلم دنيا فوزي

رواية لا أريد الفصل الثالث 3 بقلم دنيا فوزي

رواية لا أريد الجزء الثالث

رواية لا أريد البارت الثالث

لا أريد
لا أريد

رواية لا أريد الحلقة الثالثة

كنت نازل من السطح بهموم مضاعفة وحِمل زايذ ولا اللي راجع من حرب، مش واحد مقابل حبيبته بعد شوق وهجر دام سنين، فتحت باب الشقة ولسه هدخل لقيت أمي بتبصلي نظرة بتبين مدى غضبها من تصرفي، استغفرت في سري وقفلت الباب، مش ناقص عتاب تاني، اتنهدت جوايا وقولت برجاء كامل” أرجوكِ بلاش تبقي القشة اللي تقسم ضهري”
كنت لسه هدخل أوضتي، وقفتني وهي بتقول: هتهرب كتير؟
جاوبتها بتعب: ماما بعد إذنك أ…
قاطعتني وهي بتقول بنبرة ما قبل بُكاها: بعد إذنك أنت!!! رايح تشتغل ولا تتسرمح هناك!
كررت كلمتها بتفاجئ: أتسرمح!!!!
قالتلي بتأكيد: أيوا تتسرمح، لما تجيلي بإبن عنده سنتين وشوية ومتجيبش سيرته في ولا مكالمة بينا يبقى دا إسمه إيه؟
حاولت أهرب بعيوني وكذلك حروفي هربت مني ومعرفتش أقول حاجة، داست على أكتر جزء اتهلك فيا من كتر الضغط عليه وهي بتقول.
_ والبنت اللي أنت سيبتها هنا؟ فاكرنا نايمين على ودانا ومش واخدين بالنا من اللي بينكوا!
كملت بتريقة ممزوجة بحزن: أو بمعنى أصح اللي كان بينكوا…يخسارة يا سِليم…يخسارة بجد، خسرت بنت مش بسهولة تلاقي زيها تاني، السهولة دي تتجوز وتعيش حياتك وترميها بلا عوزة!!!
مسحت وشي بكف إيدي بتعب، إزاي ممكن كل حاجة تتحد فجأة وتضغط إنسان بالطريقة البشعة دي!!!
“سيف” خرج من الأوضة وقال بصوت هادي: إيه يجماعة وطوا صوتكوا شوية أنا ما صدقت نيمته! الواد فرهدني..هو بالصلاة على النبي كده أنا هكمل في دور الدادة دا كتير؟
تقريباً أمي مسمعتوش، كملت كلامها معايا وقالت بدموع وكأنها بتحاول تصحي ضميري تجاه “فريدة” : أبوك عمره ما فكر حتى يبص لواحدة غيري مجرد بصة عابرة من ساعة ما قالي كلمته واعترفلي إنه بيحبني، وأهو كنا قرايب وسافر كذا مرة حتى بعد جوازنا سافر، ومع ذلك أكتفى بيا وبس، أبوك كان راجل بحق وحقيقي…الله يرحمه بقا.
كلامها تجاه والدي قالته بفخر وحب، كنت شايفها واحدة صغيرة بتروي حكايتها بلمعة بانت في عينيها وبطلت الحكاية دي تبقى هي والبطل واحد حبها حُب أستوري من وجهة نظرها رغم بساطته من وجهة نظري، هتفضل الستات مهما كبروا شايفين أي حاجة بسيطة بتتقدملهم من ناحية الحُب شئ كبير لمجرد إن اللي بيحبوه هو اللي قدم الحاجة دي، بس أخر كلمة قالتها وجعتني وهانت كرامتي!!
قولتلها وأنا بضم حواجبي وملامحي بينت جزء من غضبي: وأنا مش راجل!! أنتِ شايفة إن إبنك ميستاهلش يتقال عليه راجل!!
قالتلي بجمود: اللي يكسر كلمته ويكسر قلب واحدة وثقت فيه ميتقالش عليه كده.
المشكلة إن اللي بتقولي الجملة دي أمي!! المشكلة إني مش هقدر أقدم رد فعل يبين ولو جزء من غضبي، بس أنا مقدرتش أسكت أكتر، محستش بنفسي غير وأنا بزعق: خلاص بقيت أنا الإبن العاق والراجل اللي أتحول في نظركوا لعيل لمجرد إنه جاب طفل وهو جاي معاه!
قالتلي بإنفعال: أنت سامع نفسك بتقول إيه؟؟؟ أنت شايف إن دي حاجة قليلة!!!!! بتستقل بخيانتك ليا وللبنت اللي تحت دي؟
رددت جملتها بإستغراب: خيانتي ليكِ!!!
جاوبتني بنفس الإنفعال والعتاب الخفي في نبرتها: آه خيانتك ليا، أنا أمك مش عيلة صغيرة معاك عشان تحطني قدام الأمر الواقع وتقولي إقبليه وأنت عارف إني مش هقدر أرفضه.
عجزتني عن الرد بجوابها، حاولت أغير الموضوع أو بمعنى أصح أهرب كعادتي مؤخراً وأنا بقول: وبعدين إيه دخل البنت بينا، مهتمية بأمرها ليه كده؟!!!
قاطعتني بتأكيد: لأني كنت بنت في يوم من الأيام، كنت مكانها ومستنية رجوع أبوك الله يرحمه، رفضت الكل لأجله ولأجل عيونه هو، ومخذلنيش زي ما أنت عملت.
رخيت جسمي بعد ما كنت منفعل وأعصابي كلها مشدودة، للدرجادي أنا وحش أوي كده في عيونهم!! إبتسمت ابتسامة خفية امتزجت بمدى ألمي بسبب اللي سمعته وعيشته في يومين بس! صارحت نفسي وقولت جوايا”أكيد مكنتش هتتاخد بالحضن يا سِليم، لازم تنال جزاء اللي عملته وتتحمل نتيجة إختيارك للأخر”
كنت واقف زي الطفل المتذنب الميؤوس من حالته، أمي يأست من إنها تاخد جواب مني يحل أو حتى يوضح سبب موقفي دا، سحبت طرحتها ولبستها ونزلت.
رزعت الباب وأنا اترميت على الكرسي وغطيت وشي بكف إيدي، كل حاجة اتقلبت ضدي فجأة، لا أفكاري رحماني وعايزة تساعدني في إني ألاقي حل ولا الواقع هين عليا بناسه.
حسيت في نَفس حواليا في المكان، رفعت راسي بتقل من بين إيديا، لقيت “سيف” بيبصلي بدون ما يرفله جفن.
اتنفست بصوت عالي وقولتله بنفاذ صبر: خير؟ مش عايز ترميلك كلمتين أنت كمان؟ مهو مفضلش غيرك.
_ والله أنا لو عليا هنسى إنك أخويا الكبير وأقوم أرنك علقة محترمة وبصراحة هموت وأعمل كده، بس مستني أسمعك وأفهم الأول قبل ما أقدم أي رد فعل.
كان بيتكلم جد ودي تعتبر من المرات القليلة اللي شوفته فيها جادي ومتعصب كده، سألته وأنا برفع حاجبي: ودا من إيه إن شاء الله!
جاوبني بإنفعال أعلى: من اللي شوفته في عيون البنت الغلبانة اللي كانت راسمه أمل فيك، كل شوية تيجي تسألني..سليم رن؟ سأل عني؟
قام وقف وخطى خطوة قدامي وهو بيقول بلهجة مختلفة: 4 سنين، 4 سنين يا بني أدم مفكرتش حتى تطلب رقم البنت وتتواصل معاها تروي صبرها اللي جف منك وبسببك، وكل ما أسألك تقولي منستش ولسه فاكرها، مفيش تصرف واحد عملته يوحد الله اثبت صحة كلامك دا، أنا اللي كنت في وش المدفع وكل شوية أخلق حِجة وعذر شكل وأنا أصلاً مش مقتنع باللي بقوله، بس أهو أي محاولة لتحسين صورتك اللي بقت زي الزفت في نظرها، تقوم تهدم كل دا وترجعلها بطفل!!! يا جبروتك يالااا!!!!
كل مادا بيأكدولي مدى قسوتي وبشاعة صورتي في نظرهم، وكل مادا صمتي يزيد من كتر الحِمل الزياذة؛ بسبب لومهم وعتابهم الدايم، رغم إن والله لو شافوا وجعي هصعب عليهم.
فضلت باصصله بدون رد، قالي بثبات: سامعك يا سِليم وصدقني أنا معاك بس أَفهم..أنا أخوك.
“أنا معاك” كلمتين رغم بساطتهم إلا إني كنت في أمس الحاجة لسماعهم، وبقيت في إحتياج لسماعم أكتر الفترة دي.
أخدت نَفس عميق زي اللي بيستعد للغطس في حته عميقة وصعبة، وبعدها قولتله بقلة حيلة: هحكيلك، مقداميش حل غير إني أحكيلك يا سيف؛ لإني محتاج اللي يدلني، بقيت تايه ومش لاقي وجهة ولا حتى بَر راضي يرسيني.
_____________________
_ قالك إيه؟
قالتهالي “ريم” أول ما نزلت من فوق، بس أنا كنت في حالة تغني عن الحديث، وشي وملامحي اتكلموا بالنيابة عني وعبروا عن مدى الألم اللي جوايا واللي عيشته في مجرد دقايق من شوية.
اترميت في حضنها وبكيت بحرقة، مَر شريط ذكرياتي معاه في بالي، كل ذكرى مرت لسعت قلبي وداست عليه، كل لحظة كانت حلوة بينا بقت مصدر أذى بالنسبالي دلوقتي، مين كان يصدق إن أكتر إنسان قدملي حُب وحياة هو نفسه اللي هيسحبهم مني ويقدملي بدالهم أسى وجروح متتمحيش!!!! يمكن عيبي إني حلمت كتير ومعملتش حساب أي عوائق، عشان كده لما فوقت ولقيت كابوس حالف ما يسيبني انهارت لإني معملتش حسابه!
الباب دق “ريم” مسحت دموعي وطبطبت عليا وبعدين سابتني عشان تفتح الباب، الحنية في وقت الخذلان بتوجع أكتر ما تداوي؛ لإن وللأسف أنت بتحسها شفقها حتى ولو كانت من أقرب حد ليك، فكرة إن نفس الشخص اللي شِهد على حُبك وحماسك وخططك اللي رسمتها، يشهد كمان على خذلانك من الشخص اللي حذرك منه، فكرة تخليك تتمنى لو وجودك وشعورك يتمحوا وكذلك أنت كمان تتمحي معاهم بلا رجعة.
: طنط يسرية إزي حضرتك.
سمعت “ريم” بتقولها وهي بتفتح الباب، “طنط يسرية” دي مامت “سِليم”! مسحت دموعي ورجعت بصيت للفراغ من تاني.
ماما خرجت من الأوضة واستقبلتها بترحاب وبعدها دخلوا الصالون، كان عندي فضول أسمعهم بس للأسف طاقتي خلصت في بداية اليوم وغلبني النوم من كتر البُكا.
كنت لسه هنام لقيت “ريم” داخله عليا وبتقول: طنط عايزاكِ هناك معاهم.
سألتها بنبرة هادية ظهرت مدى تعبي وهلاكِ: عايزاني في إيه؟
رفعت أكتافها بحركة تدل على عدم معرفتها، اكتفيت بتحريك راسي وقومت أغسل وشي عشان أشوفها.
_________________________
_ أنت بتقول إيه!!!
= زي ما سمعت.
_ مهو لو اللي سمعته دا صح يبقى إحنا في فيلم هندي.
قولتله بلهفة وتمنى: ياريت، ياريت يطلع كل دا فيلم ويجي المخرج ينهي كل العبث اللي شاركت فيه دا، بس للأسف اللي بيحصل واقع وحقيقي مفيش مفر منه.
نهيت جملتي بنبرة فاقدة للشغف وللحياة عموماً، قاطع دوامة أفكاري وسألني: وليه مقولتش ليهم الكلام دا!!!
بصيت لبساطة كلامه بإستغراب وقولت: أقول إيه!!! عايزني أقول لأمك جوزك اللي ناقص تعمليله مقام في إخلاصه ليكِ كان متجوز عليكي وجايب من مراته التانية إبن تالت قذر متحملش مسؤولية إبنه ورماه وأم الطفل جاتلي وقالتلي إنها مش عايزاه وعايزة تعيش حياتها بدون تحكمات أو حاجة تربطها!!!!
بصلي وقالي:أنا دماغي ساحت!!
سألني تاني وكأنه أول مرة يعرف: إحنا عندنا أخ تاني!!
“سيف” كانت حالته لا تقل عن حالتي أول ما عرفت، كل شوية يستغرب رغم إني مقولتش حاجة جديدة.
عدل قعدته على الكرسي وقال: لا معلش من الأول، أخونا دا جه أمتى؟ وإزاي؟ وقابلته فين أصلاً و…
بدأت أسئلته تهل وتضغط عليا أكتر، قاطعته بتعب: لا سيف أهدى عليا الله يسترك أنا مش ناقص.
جاوبني بنفاذ صبر وفضول: تمام هديت، تسمح بقا تفهمني عشان أنا بجد دماغي ساحت.
حركت راسي وبدأت أحكيله: أول ما روحت هناك وأصحاب المنحة استقبلوني، لقيت سِت طالبة إنها تشوفني مخصوص، في الأول فكرتها واحدة من أصحاب المنحة وبس، بعدين أكتشفت إنها كمان مرات أبويا وإن هي اللي رشحتني للمنحة، مطلعتش لعبة حظ زي ما كنت فاهم، بدأت تعرفني بنفسها.. في الأول أتصدمت وأنكرت كل كلامها، قولتلها إستحالة أبويا يخون أمي ويتجوز عليها من وراها، أبويا حَب أمي وكلنا شاهدين على دا، قالتلي بكل برود وثقة، إنه حبها هي كمان، ردها إستفزني..فسبتها ومشيت، عدى يومين قعدتهم في السكن اللي الشركة وفرتهولي وأنا في صدمتي ومش قادر أصدق إن ممكن الراجل اللي عملته قدوتي في الحياة يطلع ضاحك علينا ومخبي سر كبير زي دا!!!
_ وبعدين؟
قالهالي “سيف” بإهتمام إني أكمل، كملت زي المغيب: عدى كام يوم ولقيتها جيالي لحد عندي وبتحكيلي عِرفها أمتى.
قاطعني “سيف” بترقب وإنتظار لجوابي وكأنه عايز يتأكد مين فيهم كانت الزوجة الأولى ومين خانها على حساب التانية: عِرفها أمتى؟
حبيت أريحه وقولتله الإجابة بدون مقدمات: هي التانية يا سيف.
حسيته إني صعقته بجوابي، ضحك ضحكة هيستيرية، ضحكة مخفي وراها صدى صدمة و..جحيم الوعي!
قال بنفس ضحكة الصدمة: وهي هنا عمالة تغني بإسمه وبصفاته الحميدة وتهينك وتقارنك بمقامه وأنت أصلاً بتلم وراه وورا القرف اللي سابه!
قولتله بتحذير رغم حزني الشديد والصورة السيئة اللي بقا فيها في نظري ومش قادر أحسنها: ميجوزش عليه غير الرحمة يا سيف.
ابتسم بسخرية وسألني: وبعد ما جاتلك؟
رجعت براسي على الكرسي وكملت كلامي: قالتلي إن مفيش قدامي غير إني أقبل المنحة اللي هي عرضتها عليا يا إما هيرحلوني مصر.
_ والمقابل؟
= إني أخلي بالي من إبنها.
_ ومين إبنها؟
= صاحب الشركة اللي أنا كنت رايح أشتغل فيها.
حسيت أعصابه ممكن تفلت في أي وقت، كان قاعد بيغلي وكل شوية يحك دقنه أو يفرك إيده بعصبية، وأنا قاعد قدامه واخد مناعة.
قالي بنبرة عالية: أنا عايزة أفهم حاجة واحدة، إيه اللي فكرها بيك؟ ومين الست دي؟ أبوك عرفها فين؟؟ مصرية ولا جنس ملتها إيه دي؟؟
قولتله بإقتناع زايف: فعلاً دي حاجة واحدة.
جاوبني بنفاذ صبر: لا سليم أنا على أخري، ياريت تهديني بأجوبة على أسئلتي ومتسبنيش دمي فاير كده.
لأني حاسس بيه وكنت زيه في يوم من الأيام، جاوبته بدون ملاوعه: الست دي مصرية بس كانت عايشة في إيطاليا فترة طويلة وأول ما بابا سافر هناك أتعرف عليها بم إنها مصرية زيه، بدأت تعرفه على الأماكن اللي ممكن توفرله شغل هناك وبدأوا يتعرفوا أكتر وعلاقتهم تقوى، لحد ما…حبها و..عرض عليها الجواز.
أخر جملة قولتها كانت تقيلة على لساني، إعترافي إن أبويا حب واحدة تانية غير أمي واتجوزها مكنش هين بالنسبالي، بصيت لسيف لقيت وشه كل شوية يحتقن ويحمر أكتر، كان كاتم غضبه جواه بس ملامحه فضحته.
قالي بحزن بعد فترة من سماعه كلامي: طب ولما رجع كان لسه بيحب أُمنا ولا كان عايش معاها واجب وفضيلة ولا إيه بالظبط.!!
بصلي وهو منتظر مني جواب، وأنا كنت أبعد ما يكون عن إن يبقى معايا جواب للسؤال دا، ابتسمت إبتسامة جاهدت أظهرها وقولتله: شوفت بقا أنا ساكت ليه؟
نظراته كانت تايهه بتحاول تستوعب، فجأة بصلي وسألني: هي قالتلك تاخد بالك منه إزاي؟ من ناحية إيه يعني؟
_ كانت شاكه إنه بيتنصب عليه، مكنتش عايزاه لوحده وسط الناس اللي دخل وسطهم، قالتلي إني أخوه وأكيد مش هنصب عليه، ولما سألتها جايبه الثقة دي منين، قالتلي إنها بتفهم في الناس كويس، وإنها لما شافتني تأكدت إني مش هطمع في حاجة مش من حقي.
_ إزاي قدرت تاخد واحد متجوز وعنده عيال ومكنش بيسافرلها غير كل فين وفين!!
كل شوية يبعد بأسئلته وبعدين يرجع لنفس النقطة، إزاي أبويا سمح لواحدة تشارك أمي فيه!!! إزاي قدر يزيف حبه ليها قدامنا كده!! إزاي مشاعره كانت متقسمه على 2!!! أسئلة كتير دخلت طرف تالت وعامل مشترك بيني وبين “سيف”.
جاوبته بتردد ولسان تقيل: قالتلي إنهم…إنهم حبوا بعض، و..وكانت راضية إنها تشوفه كل فترة ولا إنها متشوفوش خالص.
ضحك كتير بصوت عالي وقالي: لا قنوعة الست ماشاء الله.
مقدرتش أشاركه في ضحكاته الكدابة دي، بدأت تظهر عليه غريزة الضحك وقت التعرض لشئ مُخزي، في حين إن المفروض دا ميبقاش رد فعله! بس عامةً فاهمه.
رجع يسألني تاني بعد ما أتخلى عن الضحكة الزايفة اللي اتمكنت منه لدقايق: وإبنها دا مصري؟
جاوبته بنفس هدوئي: يعني مخلط كده، بس معاه الجنسية لإنه اتولد هنا.
تابع أسئلته: كان عارف إنك أخوه؟
جاوبته بإماءة خفيفة من راسي: بعد ما وافقت على المنحة مامته جت وعرفته عليا بكل بساطة، وهو مهتمش كتير بالأمر.
قاطعني وهو بيقول بسخرية: واحد عايش برا ورامي إبنه أكيد مش هيبقى عنده مشكلة لو حتى أمه ماشية مع راجل تاني غير أبوه.
السكوت إحتل المكان من تاني وقطعه صوت “سيف” وهو بيسألني بقلق: كان بيعاملك كويس؟
بصيت لإيدي اللي شبكتهم سوا في عقدة تشبه العقدة اللي اتحطيت فيها وقفلت عليا بدون مهرب.
تقريباً “سيف” فهمني وأكتفى بتحريك رأسه وبعدين قال بعصبية: ومرجعتش ليه؟؟ طز فيهم وفي فلوسهم لو كانت جاية بذل ومهانة ليك ولكرامتك.
جاوبته بنبرة شبه عاليه: صح…معاك حق، ما أنا اصلي كنت شجاع زيك وعندي حماس في البداية بس بعد ما عرفت نتيجة اللي هعمله دا رجعت أعيد أفكاري من تاني.
_ وإيه النتيجة؟
= 500 ألف دولار.
سألني بعدم فهم: مش فاهم؟
اتنفست بصوت عالي وبعدها استغفرت، مكنتش قادر أحكي وأفتكر وأعيش كل اللي مر عليا هناك، الكلام سهل والتعبير عنه أسهل، بس إنك تعيشه على أرض الواقع دي بطولة، وحقيقي كل ما أبص ورايا وأشوف اللي عيشته ومريت بيه بحس إني خرجت حي من معركة بدون مبالغة في وصفها معركة.
جاوبته بنبرة هادية وملامح مرهقة: يعني من ضمن شروط العقد اللي مضيته في المنحة دي شرط جزائي بالرقم دا لو انسحبت مطالب مني أدفعه يا إما هتسجن، المشكلة مش في كده، المشكلة إن الشرط دا مكنش موجود وأنا بقرأ الشروط أنا واثق إني مشوفتوش ومعنديش فكرة إزاي إتحط ولا جه منين وهي بتواجهني بالعقد.
_ دول اتشطروا عليك بقا.
قولتله بيأس: تقدر تقول حاجة زي كده…بدأت أشتغل وقولت هبقى في حالي، لقيته مورط نفسه في مشاكل ملهاش أخر وداخل شراكة مع ناس مش سهلة أبداً، والدته جاتلي وقالتلي أخوك ومش أخوك وبدأت تلعب على الوتر الحساس، بس هي متعرفش إنه وتر خسران مالوش لازمة يعني، وللأسف صعبت عليا…فضلت تعيط وقالتلي إنها ملهاش حد غيره هنا، قولت خلاص هساعدها لحد ما المدة بتاع المنحة تخلص اللي هم سنتين، بس كل ما أحاول أصلح وراه، الاقيه أتدبس وغرس أكتر..وهكذا بقا.
_ وأدم؟
إبتسمت وقولتله: أدم دا يُعتبر أخر تدبيسة أتدبستها بسببه، في يوم لقيت واحدة إيطالية جيالي وبتقولي إني أحاول أرجعها للي إسمه عاصم دا من تاني، اللي فهمته إن كان في علاقة تجمعهم، بس هي بالنسباله لا شئ مجرد علاقة عابرة وانتهت.
قاطع كلامي صوت صفير “سيف” وبعدها قال: حبيبي، دا بتاع علاقات كمان!
جاوبته بتأكيد: متعدش.
حرك رأسه وقالي بإقتناع: فعلاً الفلوس تفسد النفوس..وبعدين كمل؟
= مكنتش أعرف إنها حامل منه، ولما حاولت أرجعهم هو رفض وقالي متدخلش في أي حاجة تخصه، قولت أنا مالي ومالهم ما يولعوا ببعض، اكتفيت إني أنقلها الكلام وخلاص، بعدها بفترة طويلة لقيت طفل قدام البيت عندي ومكتوب رسالة بتقولي فيها إن دا إبنه ولو هو مش عايزها، هي كمان مش عايزاه ولا عايزة حاجة تفكرها بيه، وإنها مش هتقدر تتحمل مسؤوليته، ساعتها إستغربت وسألت نفسي لما هي مش عايزاه جابته الدُنيا ليه ومسقتطوش؟!! بس للأسف ملقتش اللي يجاوبني وقتها.
سألني بفضول: وعملت إيه؟
كملت بجدية: روحت ليه في الأول فكرني بنصب عليه عشان عايز قرشين، قولتله نعمل تحليل ونشوف، فضل يقاوح ويعند بس أنا عملت التحليل من وراه وأخدت شعره منه والطفل طلع إبنه فعلاً، روحت لوالدته وعرفتها قولتلها تاخده تربيه وتشوف هتعمل معاه إيه، قالتلي إنها مش عايزة أي مسؤليات تربطها، وقالتلي خده أنت وهتدفعلي زيادة.
= قبلت؟
بصيتله شوية وبعدها جاوبته: احتكرت نفسي لما جابت سيرة الفلوس، حسيتهم أشتروني فقولتلها خلاص مهمتي خلصت لحد هنا، لا هاخده ولا عايز منهم حاجة، قولتلها كمان إني هحطه في أي ملجأ في إيطاليا وهمشي، مدتي إنتهت وزيادة كل واحد يشيل شيلته أنا مش مسؤول عن حاجة تاني، بس مقدرتش أسيبه، كل اللي حصل دا مكنش بين يوم وليلة بالعكس أخد وقت، والطفل كان بدأ يتعلق بيا.
قاطعني بسؤاله: أستنى بس، الطفل دا مش متسجل بإسمه؟
قولتله بخفوت وأنا بهرب بعيوني: لأ…متسجل بإسمي أنا.
قام وقف وقالي بصوت عالي: نعم يخويا!!!!!!!!
________________
غسلت وشي ووقفت شوية قدام المرايا وأنا ببص على نفسي، لقيت عيوني حمرا وملامحي باهته، سألت نفس بشفقة على حالي، إيه اللي وصلك لكده يا فريدة؟ يعني إيه تسمحي لواحد يأذيكِ بالطريقة دي؟؟ يعني إيه يدخل علاقة تانية من غير ما يقفل باب العلاقة الأولى؟؟ جاب القسوة دي منين عشان يعمل فيكِ كده؟ المشاعر سهل تتبدل وتتجدد زي ما هو عمل ولا أنتِ اللي لسه ساذجة ومفكرة إنك مدام حبيتي هتاخدي اللي حبتيه؟؟ معقولة دي النتيجة النهائية؟ فراق!!!
بعد ما جت الكلمة دي في بالي شهقت شهقة خفيفة وأنا بحط إيدي على شفايفي، وعيوني كونت دموع من تاني، وقولت بصوت مسموع: بس أنا مش عايزاها، مش دا اللي رسمته واتمنيته!! مش عايزة النتيجة دي!! مستحهقاش!
جه في بالي صوت أم كلثوم وهي بتقول ” هو حناني عليك قساك حتى عليا، ولا رضايا كمان خلاك تلعب بيا؟!”
رجعت أغسل وشي تاني، كنت برمي المية على وشي عشان أفوق، دموعي إختلطت بالمَيه، مبقتش عارفة أحدد أنا بطلت عياط ولا لأ!!
نشفت وشي وأخدت نفس عميق وابتسمت إبتسامة زايفة، وخرجت أشوف والدته عايزة مني إيه، أول ما دخلت ماما اتخضت من شكلي، ماما عارفة إني بحبه بس متعرفش إنه رجع بطفل، لما سألتني بخضة عن حالي قولتلها إن بطني وجعاني شوية، هي يمكن تكون صدقتني بس والدة “سِليم” نظراتها مقالتش كده، جت نحيتي وحضنتني جامد بإحتواء وبعدها بصتلي وقالت.
_ بصراحة كده أنا مش قادرة أستنى أكتر من كده وعايزة البنت الحلوة دي معايا مهو أنا مش هستنى لحد ما واحدة غيري تيجي تاخدها لإبنها.
بصيتلها بإستغراب، أكيد مش هرجع لسِليم، أكيد مش بالسهولة دي! من أمتى بقيت جبان يا سليم!! كل اللي جه في بالي إنه مقدرش يواجهني وباعتلي والدته عشان تصلح اللي هو بوظه.
ماما ابتسمت وقالت بترحاب: والله قوليله يشد حيله وإحنا مستنيين أهو الدور والباقي عليه بقا.
رجعت بصيت لماما وابتسامتها واتمنيت أكون في نعيم الجهل زيها كده، حقيقي المعرفة ممكن تقتل بَشر.
طنط قالت بدون مقدمات: أنا هاخدها لسيف إبني.
اتصدمنا؟ يمكن حاجة قليلة على الصاعقة الكهربائية اللي صابتنا كلنا في الأوضة بسبب جملتها.
ماما قررت تتخلى عن صدمتها وقالت: يعني إيه يا يسرية؟ سيف!!!!!

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لا أريد)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى