روايات

رواية لأجلك أحيا الفصل السادس والعشرون 26 بقلم أميرة مدحت

رواية لأجلك أحيا الفصل السادس والعشرون 26 بقلم أميرة مدحت

رواية لأجلك أحيا الجزء السادس والعشرون

رواية لأجلك أحيا البارت السادس والعشرون

لأجلك أحيا
لأجلك أحيا

رواية لأجلك أحيا الحلقة السادسة والعشرون

رفعت حاجبيها للأعلى وهي ترمقه بعدم إستيعاب، بادلته نفس الإبتسامة الساخرة وهي تحرك رأسها بإيماءة خفيفة، ظل مُبتسمًا تلك الإبتسامة المثيرة للإستفزاز وهو يغمغم:
-قال حب قال!!..
أغمضت عيناها بقوة وهي تخفض رأسها محاولة منع ظهور دموعها أمامه، لاحظ “أصهب” حركتها تلك فـ تلاشت إبتسامته تدريجيًا ودنا منها عدة خطوات بإرتباك طفيف، مد يده نحوها يرفع ذقنها برقة فـ فتحت عيناها الامعة من الدموع تنظر له نظراتٍ غريبة.. غير مفهومة، أحتضن وجهها براحتي يديه قبل أن يبتسم إبتسامة عذبة ولكن جذابة في نظرها ثم قال بحنوٍ مثير:
-متزعليش مني، أنا مقدرش أشوفك زعلانة.
إبتسمت بتهكم، فقال مضيفًا بجدية:
-تيجان أنا شخص صعب!.. تربيتي خرجتني شخص قاسي ومش بعرف أثق في حد بسهولة، شخص محدش يقدر يتعامل معاه إلا بطريقة معينة، إنتي عرفتي توصلي لنقطة البيضا إللي كانت جوا قلبي بقوتك وشجاعتك ومساعدتك ليا، النقطة دي مكنش حد يعرفها حتى أنا ذات نفسي لغاية ما قابلتك.
أبعد يديه عنها قبل أن يقول بتنهيدة حارة:
-كلامي يمكن يكون في نظر أي حد غريب، لكن محدش هيفهمه إلا إللي أتربى على قسوة القلب، ولو على الحب، فـ أنا معرفش وجوده فعلاً، ومش عاوز بصراحة.
سحب نفسًا عميقًا ثم زفره على مهل، أضاف بإبتسامة واثقة:
-بس لازم تعرفي إن مصيرك ومصيري بقوا واحد.
تسائلت بغرابة:
-وده من إمتى؟؟..
أتسعت إبتسامته قليلاً قبل أن يُجيب بلا تردد:
-من أول مرة عيني وقعت عليكي في الساحة.
تأملته بنظراتٍ حزينة وقلبها يعتصر ألمًا، طريقها يختلف عنه تمامًا، فـ طريقه يُعني بداية حياة جديدة مختلفة.. بعيدة عن القسوة وعدم الرحمة، لكن طريقها يحمل الكثير من المخاطر، ونتيجة ذلك الطريق هو الموت!.. لن يجتمع طريقهما أبدًا.
إبتسمت “تيجان” له بألم وهي تقول بمرارة:
-عمر ما مصيري ومصيرك هيبقوا واحد يا أصهب، طريقي كله أشواك ومخاطر صعب تدخله، إنما أنا دخلتها من أول ظهور جاسم فـ حياتي ومن بعدها ساهد، لو دخلته إنت يبقى حياتك هتبقى هي التمن.
قطب جبينه بقوة وهو يقول بحدة:
-في إيه يا تيجان، قصدك إيه بالكلام ده؟؟..
لم تجيبه بل تابعت بإبتسامة حزينة وهي تتأمل تفاصيل وجهه وكأنه آخر لقاء بينهما:
-عشان خاطري يا أصهب خد بالك من نفسك، وإنساني.. إنت في ناس كتير جدًا مستنياك لأنك نجدة ليهم.
كل كلمة تنطقها في تلك اللحظة كانت تهبط عليه كالصاعقة، قبض على ذراعيها بقوة وهو يهدر بصوته الحاد:
-في إيه يا تيجان؟؟.. بتقولي الكلام الغريب ده ليه؟؟.. مالك؟؟..
-أحضني لآخر مرة يا أصهب، آخر مرة بس!!..
لم يتردد في تنفيذ طلبها، بل هو من يحتاج إلى ذلك العناق أكثر منها، أكثر من أي شيء في الحياة، جذبها من خصرها إلى صدره يستقبلها بداخل أحضانه الدافئة، لتضع يدها اليمنى على مكان قلبه الذي يصرخ نابضًا بإسمها هي فقط، أغمض عينيه وهو يستنشق عبيرها بقوة ويعتصرها بداخل أحضانه، همس بصوتٍ متشنج:
-تيجان فهميني، بلاش تسبيني، أنا عمري ما عرفت يعني إيه قلبي يكون موجوع، دلوقتي حاسس أن الأرض كلها واقفة على قلبي، قلبي بيتحرق والنار بتزيد مش بتقل، دايمًا ببقى فاهم إللي قدامي، النهاردة أنا حاسس بعجز، مش قادر أفهمك، ومش قادر أفضل واقف كده وشايفك عاوزة تسبيني، فهميني!!..
سكتت للحظات قبل أن تنهمر دموعها هاتفة بهمسٍ خالي من الحياة:
-سامحني!!..
حاول فهم ما يدور في عقلها ولكن عجز عن فعل ذلك لأول مرة، شد عليها بذراعيه يكاد أن يعتصرها بداخل أحضانه، صوت رنين هاتفه أخرجه من حالتهما التي يملؤها الألم، ما أن تراجع للخلف حتى هربت من أمامه عائدة إلى منزلها، في حين رد “أصهب” على هاتفه بحنق:
-نعم، في إيه؟؟..
رد “راجي” بهدوء:
-أهل القرية كلهم واقفين قدام القصر، محدش عاوز يمشي إلا لما الهامي يمشي من القرية كلها وإنت اللي تحكم بنفسك.
زفر “أصهب” أنفاسه بغضب خفي قبل أن يقول كلمتين أثنين.. صارمتين:
-أنا هتصرف.
*******
أكثر من ألفين ونصف يقفون أمام القصر المهيب، يصرخون بعنف عن رغبتهم بخروج الهامي من القرية بأكملها، فلقد أكتفوا من القسوة وعدم الرحمة ويريدون أن يتذوقوا معنى كلمة الراحة والأمان، ولن يجدوا تلك الصفات إلا مع حفيده “أصهب الهامي”.
تعالت صياحهم ما أن رأوا “أصهب” يخترق بجسده العريض القوي ذلك التجمع حتى يدخل القصر، أرتسمت الفرحة على وجوههم، فـ وجوده يعني تحقيق حلمهم الآن.
أخترق ذلك التجمع بصعوبة وملامحه تزداد قسوة أكثر حتى دخل القصر وهو يهدر بصوتٍ جهوري:
-هــااااااامي.
وجده واقفًا برفقة والده، فـ سار نحوهما بخُطوات سريعة.. ثابتة حتى وقف أمام “الهامي” الذي ما أن رأه حتى بلع ريقه بصعوبة من شدة قساوة ملامحه وعينيه القاسيتين المُظلمتين، رفع “أصهب” إصبعيه أمام وجهه يقول بهمسٍ فحيح كالافاعي:
-شوف بقى، إنت قدامك إختيارين أتنين ومفيش تالت، يا إما تخرج برا القرية دي تمامًا وتروح مكان تعيش فيه مع نفسك، ياإما تفضل هنا بس هتلاقي باب القصر بيتفتح فجأة وكل إللي عذبتهم وقسيت عليهم هيجوا ياخدوا حقهم منك، تختار إيه؟؟..
هدر “الهامي” بغضب مشيرًا بيده:
-محدش يقدر يقرب مني، وبعدين إنت هتسمحلهم يقربوا مني.
عقد “أصهب” ساعديه أمام صدره مجيبًا ببرود:
-آه هسيبهم، أنت سلمتني للموت ومكنش همك، ليه إنت تهمني دلوقتي؟؟.. وبعدين إنت ربتني على قسوة القلب، بس أظاهر محدش قالك، إن القسوة دي يوم ما تطلع هتطلع على إللي الشخص اللي أتعلم منه، عشان يثبتله أنه فعلاً قاسي حتى لو العكس.
قال “راجي” بهدوءٍ قاتل:
-اللي واقفين برا أكتر من ألفين ونص، يعني لو قربوا منك محدش هيقدر يعمل حاجة، أبعد عن شرهم وإنتقامهم ونفذ طلبهم وهو إنك تسيب القرية، وأنا أشتريت شقة كويسة جدًا ليك في مكان تاني تعيش هناك بعيد عننا وعنهم.
رمقهم “الهامي” بذهولٍ وهو يتراجع للخلف عدة خطوات، لأول مرة يشعر بذلك الإنهزام، تبدلت أحواله تمامًا سلبت قوته وأختفت هيبته المخيفة، شعر بتراخي في قدماه فجلس على الأريكة وهو ينظر تحديدًا نحو “أصهب”، في حين سأله الأخير ببرود:
-أخترت إيه؟؟..
*****

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لأجلك أحيا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى