رواية لأجلك أحيا الفصل السادس عشر 16 بقلم أميرة مدحت
رواية لأجلك أحيا الجزء السادس عشر
رواية لأجلك أحيا البارت السادس عشر
رواية لأجلك أحيا الحلقة السادسة عشر
ثوانٍ مرت منتظرًا أن يختبر شعور الرصاصة حينما تخترق الجسد، ولكن لا وجود لأي ألم، فتح عيناه ببطء وهو ينظر حوله ليجدها تنظر له بجمودٍ مخيف، ولا تزال مصوبة السلاح نحوه، أخفض أنظاره على جسده فلم يجد أي شيء، عاود النظر إليها ليجدها تقول بثقة:
-كان ممكن أموتك يا ساهد، لكن مش أنا إللي أعمل كده.
إبتسامة ألم رسمها على ثغره وعيناه قد أدمعت، دنى منها عدة خطوات وهو يقول:
-والله ما كان قصدي إني أعمل كده، كنت عاوز حق أخويا، لكن والله ما كان قصدي، أنا ندمان، قلبي بيتحرق من الوجع، إنتي مش متخيلة روحي بتتقطع إزاي، أتخدعت فأخويا وظلمتك فالآخر!
رفعت ذقنها قليلاً وهي تقول بقوة:
-وأنا روحي ماتت يوم ما رمتني بفستان فرحي فوسط القرية كلها، وإللي رايح وإللي جاي شايفني بنظرة عمري ما تخيلت أن حد هيبصلي بيها.
تابعت “تيجان” بكرهٍ:
-إنت لسه هتدوق يا ساهد، العذاب لسه هتشوفه، حقي هيرجعلي وهشوفه بعينيا وهو بيتاخد منك، هشوفك وإنت بتدمر زي ما دمرتني.
حرك “ساهد” رأسه بإيماءة خفيفة وهو يقول بإبتسامة باهتة:
-وأنا من يوم ما عرفت الحقيقة، مستني العقاب إللي هاخده، مستني أشوف جزاء على حكم تسرعي وإني أنتقمت منك على حاجة إنتي بريئة منها.
صمت طويل ساد بالمكان قبل أن تتسع عيناي “ساهد” بذهول وهو يرى ظهور آخر شخص توقع حضوره، تحرك “أصهب” في إتجاهه وهو يبتسم له بقساوة، نزع نظارته الشمسية لتظهر عيناه السوداء كالظلام الدامس، وقف أمامه يتمعن في وجهه ثم قال بتهكم:
-غلط غلطة كبيرة إنت مش أدها، طبعًا عارف إنك هتدفع التمن؟!..
أومئ “ساهد” رأسه بهدوء وهو يجيب:
-أيوة يا أصهب باشا، عارف ومستعد.
نظراته النادمة جعلت الحدة التي في عينا “أصهب” تقل تدريجيًا، تنهد بعمق قبل أن يلتفت بوجهه نحو “تيجان” ثم قال بصيغة آمرة:
-يالا يا تيجان، ده الوقت إللي ترفعي فيه راسك لفوق، والكل يعرف إنك بريئة ولسه عايشة.
حركت “تيجان” رأسها بالإيجاب، فتابع “أصهب” وهو يحدق بنظراته الحانقة نحو “ساهد”:
-وإنت يالا قدامي، هتظهر قدام الناس كلهم وهتقول الحقيقة للكل، فاهم؟؟..
إبتسامة ألم رسمها على ثغره وهو يونئ له بعينيه النادمتين، ثم تحرك من أمامه كي يخرج من المكان، سار “أصهب” خلفهما بعد أن أرتدى نظارته الشمسية السوداء، وضع يديه بداخل جيبي بنطاله مفكرًا بعمق ما سيحدث بعد قليل.
لاحقًا، همسات وشهقات أرتفعا بالمكان، ونظرات الجميع المدهوشة والمصدومة تلاحق كل من “أصهب” و”ساهد” و”تيجان”، حتى وصلوا إلى ذات المكان التي سقطت فيه مُنذ أيام بثوب زفافها.
قبض “أصهب” على يد “تيجان” ورفعها قليلاً قبل أن يصدح بصوته الجهوري الصارم:
-كل واحد شاف الحقيقة المزيفة، عرفت الحقيقة متأخر، فإنتوا كمان لازم تعرفوها، وهي أن تيجـــان بريئة من كل ذنب، وأنها دفعت التمن من غير ما تكون عملت حاجة!
ترك يدها ثم تحرك نحو “ساهد” الذي نكس رأسه بألم وخشيًا أن يرى نظرات الإحتقار في أعين أهل قريته، تابع بصوته المخيف الغاضب:
-ساهد عمل كده عشان ينتقم، إنتقام أهبل ومش موجود من أساسه، وهو قدامكم أهو، لو بكدب يعلي صوته ويقول أنه محصلش.
أنتظر كل الحاضرين كلمة منه، وما أن فتح “ساهد” فمه حتى قال بصوت لا حياة فيه:
-كل كلمة بيقولها الكينج صح، كان إنتقام وفالآخر طلعت مظلومة منه وأنا الظالم.
بعضٍ منهم رمقوه بنظرات إحتقار والآخر نظرات حانقة وغاضبة، طأطأ رأسه وهو يقول:
-أنا مستعد لأي عقاب، مستعد.
تحولت عيناي “أصهب” إلى جمرتين من النار وهو يضيف للجميع:
-وبالنسبة لسؤالكم التاني وهو إني إزاي تيجان عايشة، فـ بإختصار الرصاصة اللي ضربتها، تعمدت أنها متصبش أي مكان فيه خطورة على حياتها، أنا مش بقتل أي زانية، مفيش ولا واحدة على مدار السنين إللي فاتت قتلتها، يعني هما حتى الآن عايشين.
شهقات أرتفعت بالمكان قبل أن يتابع صائحًا بقوة وتهكم:
-لكن عقاب بياخدوه، وأي واحدة هترتكب الجريمة دي هتتعاقب، إزاي بقا؟، هتبقوا تعرفوا لما تلاقوا واحدة عملت الجريمة دي.
تهامس الجميع بصدمة على ما يحدث، أضاف “أصهب” بلهجة مخيفة وهو يشير بإصبعيه:
-لو سمعت فيوم أن حد لمس تيجان بكلمة كده ولا كده هيشوف مني أيام سودة، تيجـــان أشرف وأنضف حد ممكن تقابلوه فـ حياتكم، فاهمين؟؟..
حرك الجميع رُؤوسهم ولازال الصدمة تاركة أثر على تعبيرات وجههم، وصل “راجي” إلى ساحة القرية وهو يبحث عن وحيده حتى وجده يقف على بُعد، ما أن رأه الأخير حتى تحرك نحوه بخطى ثابتة، هتف “راجي” بغضب مشحون:
-إيه إللي إنت عملته ده يا أصهب، إنت عارف هيجرى إيه دلوقتي من جدك؟؟.. إنت قولتلي إنك هتاخد الخطوة دي بس مش دلوقتي!!..
قال “أصهب” بعدم إكتراث:
-مش فارق معايا، أنا مش هعيش تحت رحمته تاني، أنا أصهب الهامي، وهو علمني أن قلبي يبقى ميت، فيتحمل شوية طالمًا هو إللي رباني على كده.
صمت قليلاً قبل أن يسأله:
-لو حابب أنه ميعرفش إنك إنت صاحب الفكرة إننا منقتلش ونسجنهم، أنا ممكن آآ..
قاطعه” راجي” بحدة:
-لأ طبعًا أنا عاوزه يعرف، أصهب أنا عملت كده ومش ندمان، بالعكس أنا كده مرتاح، ليه أنام كل يوم وأنا قاتل حد!!.. دي متبقاش عيشة، وأهو لو كنت إنت قتلت تيجان، كنت هتعيش العمر كله تدفع تمن جريمة إنت ملكش ذنب فيها، كل ذنبك إنك نفذت القانون.
قال “أصهب” بسخرية:
-القانون أعمى يا والدي العزيز.
*****
-يعني إيه؟؟.. يعني إيه الكلام ده؟؟.. أصهب يعمل فيا أنا كده؟؟..
قالها “الهامي” بغضبٍ شرس وهو يلتفت حوله بجنون، كور يده بشراسة وهو يضرب على سطح مكتبه بعنف، عيناه تحولت إلى جمرات من الجحيم، وقف قليلاً يحدق حوله بنظرات شرسة مخيفة، قبل آن يفتح درج مكتبه فجأةً ثم سحب سلاحه الناري وهو يهمس بصوته الذي يجعل المرء يرتجف فزعًا:
-مش أنا إللي أخد على قفايا يا إبن الهامي.
*****
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لأجلك أحيا)