رواية لأجلك أحيا الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم أميرة مدحت
رواية لأجلك أحيا الجزء الرابع والثلاثون
رواية لأجلك أحيا البارت الرابع والثلاثون
رواية لأجلك أحيا الحلقة الرابعة والثلاثون
لم يشعر بنفسه إلا وهو يتحرك بخطى راكضة نحو مدخل المشفى، قلبه يخفق بجنون سعيد بعدما علم بإفاقتها أخيرًا من تلك الغيبوبة، وعينيه العاشقتين تبحثان عن غرفتها بتلهف حتى وجد الطبيب يقترب منه وإبتسامة صغيرة قد زينت وجهه، تسائل “أصهب” بلهفة عاشق:
-ها يا دكتور، إيه الأخبار؟
رد عليه ببسمة صغيرة:
-الحمدلله فاقت ونقلناها على أوضة عادية، المهم دلوقتي زي ما إنما إحنا أتفقنا، لازم دي تكون آخر مرة تشوفها هنا لغاية ما يتم القبض على الداغر، لأن حياتها لسه في خطر.
أومئ “أصهب” برأسه مؤكدًا بخشونة:
-ماتقلقش، خلاص نهايته قربت، المهم أقدر أدخلها؟؟..
أشار بيده وهو يجيبه:
-آه أتفضل، الأوضة إللي على اليمين.
سار بخطى بطيئة نحو تلك الغرفة التي تقبع بداخلها، وقبل أن يفتح الباب وجد “يسر” يخرج من الغرفة وخلفه “ممدوح” وهما يودعانها، تجهمت تعبيرات “أصهب” وهو يبتسم لهما إبتسامة مخيفة سوداء، ونظراته تكاد أن تقتلهما معًا.
ما أن غادرا من أمامه حتى دخل وهو يتنهد بحنق، ولكن تلاشى ما أن رأها أمامه متمددة على الفراش، مغمضة العينين ومستكينة تمامًا، دنا عدة خطوات بهدوءٍ حذر، وإبتسامة حانية قد شقت شفتيه، جلس على طرف الفراش يقبض على يدها بخفة، فـ فتحت عيناها ببطء وهي تبتسم له إبتسامة باهتة، أنحنى برأسه نحو جبينها يقبله بعمق ثم أبعد رأسه قليلاً وهو يهمس بضعف لأول مرة:
-كان هيجرالي حاجة لو كنتِ روحتي مني.
ألتمعت عيناها وهي تهمس بخفوت:
-كنت فاكرة أن النهاية جت خلاص، عشان كده سبتك يا أصهب، خوفت إنك تفضل معايا فـ تدخل دايرة الموت معايا.
تراجع قليلاً قبل أن يقول بضجر:
-طلعتي غبية يا تيجان، غبية أوي لدرجة إنك مش مستوعبة إنتي أد إيه مهمة عندي وجوا قلبي.
أغمضت عينيها للحظة قبل أن تعاود فتحهما وهي تجيبه بصوتٍ ضعيف:
-مفكرتش فحاجة غير إني أبعد عشان أحمي حياتك، الداغر مش هيسبني إلا وأنا جثة يا أصهب، أرجوك أبعد عني لغاية ما أخرج من الكابوس ده و..
وضع إصبعه على شفتيها يمنعها من تكملة كلماتها التي تشعل براكين صدره، تعانقت نظراتهما للحظات كثيرة قبل أن يقول بصوتٍ واثق:
-واضح إنك مش واعية إنتي بتقولي إيه بعد ما خرجتي من الغيبوبة، مصيري ومصيرك بقوا واحد يا تيجان، مش عايز أسمعك تقولي الكلام الأهبل ده تاني، مفهوم؟؟..
أبعد إصبعه عن شفتيها قبل أن تهمس بإرتجاف:
-أنا خايفة يا أصهب.
رد عليه بحنوٍ كثير وهو يمسح بيده على خصلات شعرها:
-شيلي الخوف ده تمامًا يا قلبي، هانت خلاص، وكل حاجة هترجع لأصلها.
أضاف بصوتٍ عميق وهو يبتسم لها بحب:
-دلوقتي تحاولي تنامي شوية، وانا بكرا هرجعلك تاني، أظن إنتي فهمتي كل حاجة من ممدوح باشا.
حركت رأسها إيجابيًا قبل أن تغمض عيناها براحة لم تعتريها منذ سنوات، زادت نبضات قلبه وهو يشد على يدها الصغيرة هامسًا بتأكيد وعينيه تلتمعان بقسوة:
-إطمني يا تيجان، كل واحد كان السبب في إللي بيحصلك ده هيدفع التمن غالي أوي حتى لو كان مين.
*****
عقب أن وصل “ثاقب” إلى منزله برفقة والدته، حتى تحرك سريعًا نحو غرفته وهو يزأر بغضب:
-بقى أنا يتعمل فيا كده!!!!.. طب والله ما أنا ساكت وهوريهم أيام سودة وأولهم على الكينج.
هتفت “سميحة” بحدة وهي تشير بيدها:
-إنت واعي إنت بتقول إيه؟؟.. وده هيحصل إزاي إن شاء الله؟؟..
رد عليها بإبتسامة مظفرة:
-بتيجان، مش هي دلوقتي بقت كله حاجة بالنسباله، أنا بقى هدمرها، عشان أرتاح منها ومنه، وبكده أكون ضربت عصفورين بحجر واحد.
*****
بعد مرور يومين، وتحديدًا بعد منتصف الليل، ظل “الداغر” جالسًا بداخل سيارته وخلفه ثلاثة سيارات أخرى يجلس فيها رجاله، إبتسامة قاسية لوت فمه ما أن تذكر “تيجان”، أتسعت أكثر وهو يتمتم بسخرية:
-الله يرحمك يا تيجان، عشتي وموتي وإنتي لسه جبروت، بس جبروتك وقوتك مركبوش معايا وأديني أهو عرفت أخد حقي منك.
ظل منتظرًا عدة دقائق حتى أتت سيارتين، ترجل “حمزة” عن سيارته وخلفه العديد من الرجال ما أن خرج “حسني” من سيارته وخلفه ثلاثة رجال منهم “ساهد” الذي إبتسم فور أن وقعت أنظاره عليه، صديق أخيه اللعين.
وقف “حمزة” بثبات وهو يقول بهيمنة:
-ياريت نخلص العملية بسرعة.
ثم سأله بهدوء:
-أنا فلوسي جاهزة، بضاعتك جاهزة؟؟..
أومئ رأسه إيجابيًا وهو ينظر لـ “ساهد”، فـ فتح الأخير الحقيبة السوداء كي تظهر له الأكياس السامة البيضاء، عقد “حمزة” ما بين حاجبيه وهو يقول بغرابة:
-إنت مين؟؟.. أنا شوفتك قبل كده؟؟..
إبتسم “ساهد” وهو يقترب منه عدة خطوات بعد أن ترك الحقيبة على السيارة، ثم قال:
-فعلاً أتقابلنا بس شكلك أتغير عن دلوقتي.
صمت طويل ساد بالمكان قبل أن يقطعه “ساهد” بقوة:
-أنا ساهد أخو جاسم يا حمزة، الشهير بالداغر.
أتسعت عيناه بذهول وهو يهمس بصدمة عارمة:
-إنت بتقول إيه؟؟..
في لحظتين فقط، وكان حاوط المكان الكثير من ضباط الشرطة بعدما قام أحد منهم بتصوير ما حدث، تيقن “حمزة” من أنه لا مفر خاصةً بعد أن قبض رجال الشرطة على رجاله ورجال “حسني”، لم يبقى سواه وثلاثة آخرين، هنا إتجهت أنظاره الحانقة الشريرة نحو “ساهد”.
حيث بدون مقدمات، جذبه من تلابيبه ثم لف ذراعه حول عنقه ليطوقه منه، تفاجئ الأخير بما فعله وقبل أن يتحدث شعر بنصل حاد يحز جلده فتأهوه متألم، حذرهم “حمزة” من جديد وهو يصرخ:
-إللي هيقرب مني هموته.
صرخ “ساهد” بحنق:
-وانا بقى عاوزك تموتني.
صاح أحدهما بنبرة عالية وهو يشهر سلاحه أمام وجهه:
-سيبه يا حمزة، إنت كده كده مقبوض عليك بلاش تزود جريمة تانية.
أخترق نصل المدية عنق “ساهد” فأغمض عينيه بقوة، ألتقط أنفاسه الاهثة بصعوبة وهو يحاول التماسك رغم تلك الدماء التي تنساب من أسفل المدية.
صرخ “ممدوح” وهو يقترب منه قليلاً مشهرًا سلاحه صوبه:
-أحسنلك تسيبه وتسلم نفسك يا حمزة.
تيقن أن نهايته بعدما تأكد أن لا فرصة له في الهروب، فهمس في أذنه بصوت فحيح كالافاعي:
-إنت اللي جبته لنفسك لما قررت تسلمني ليهم.
لم يستغرقه الأمر سوى ثوان لحسم أمره، فقد غرز المدية أكثر لتنحر عنق “ساهد” بلا رحمة، فتضاعف مع ذلك صراخه الهائج، أرخى ذراعه عنه فوضع “ساهد” يده على القطع مانعًا الدماء من التدفق، تحشرجت أنفاسه وأختنق صوته وهو يحاول الإستيعاب على ما حدث توًا، دفعه “حمزة” من ظهره فوقع سريعًا في إتجاه “ممدوح”، ثم ركض سريعًا وخلفه رجال من الشرطة يلحقون به.
*****
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لأجلك أحيا)