رواية لأجلك أحيا الفصل الثامن عشر 18 بقلم أميرة مدحت
رواية لأجلك أحيا الجزء الثامن عشر
رواية لأجلك أحيا البارت الثامن عشر
رواية لأجلك أحيا الحلقة الثامنة عشر
ألتفتت “تيجان” برأسها وهي تنظر حولها بجنونٍ، وجدت أهل القرية ينظرون نحوهما نظراتٍ مُرعبة.. مدهوشة، عقدت حاجبيها بحرقة وهي تصرخ بغضب جامح:
-إنتوا واقفين كده ليه؟؟.. ألحقوه بسرعة، لازم نوديه المستشفى.
ختمت كلماتها وهي تصرخ بغضب أشرس:
-مستنين إيه، يالااااااااااااا.
تحرك كلاً من “وافي” و”يسر” نحوهما وقد قال الأخير بصوتٍ قلق:
-مش هينفع لازم نطلب الإسعاف، الرصاصتين فالضهر!!!!..
هتف “وافي” بقوة:
-مش هنستناهم، خُد مفاتيح العربية من جيبه وهات عربيته بسرعة لازم نلحقه.
أومئ “يسر” رأسه وهو يخرج من جيب بنطال “أصهب” سلسلة مفاتيح، ثم ركض سريعًا نحو السيارة، تحرك ثلاثة رجال من أهل القرية وهم يعرضون عليهم المُساعدة.
بنفس الوقت كان “راجي” أبتعد قليلاً وهو يتحدث في الهاتف ولكن ما أن إستمع إلى صرخة بإسم “أصهب” وأصوات طلقات نارية قد أرتفعت بالمكان، ظل متسمرًا في مكانه والهاتف على أذنه، أستدار بجسده ببطء واضح وقلبه ينبض بعنف خشيًا من أن يكون قد حدث ما في باله.
جحظت عيناي “راجي” بصدمة، وهو يرى وحيده غارقًا في دمائه، للحظة حاول إستيعاب ما يحدث ويا ليته لم يستوعب، فقد ظهرت عروق نحره وهو يصرخ بنبرة جهورية خائفة:
-أصـهــــــب!!!!!..
ألتفتت “تيجان” برأسها نحو ذلك الصوت فوجدت والده، نظرت إليه للحظات معدودة قبل أن تنظر بإتجاه السيارة وتستقل في المقعد الخلفي، بعد أنا حمل أخيها وأثنين من رجال القرية “أصهب” إلى السيارة، في حين ظل “ثاقب” واقفًا مذهولاً من ما يحدث الآن أمامه وكذلك “ساهد”.
وضعت “تيجان” رأس “أصهب” على فخذيها تحدق فيه بملامح جامدة وعينين دامعتين، مسحت على خصلات شعره برفق وهي تهمس بإسمه بعدم إستيعاب:
-أصهب؟!..
أستقل “وافي” مقعد القيادة وبجانبه إبن عمه ثم أنطقوا نحو المستشفى الكبرى الخاصة لعائلة الهامي، ركض “راجي” نحو سيارته سريعًا كي يلحق بهم ولكن قبل أن يستقل سيارته وجد سيارة والده تقف خلف سيارته ويهبط منها “الهامي” بجبروته وهيبته المخيفة، أظلمت عيني “راجي” ظلام دامس مخيف وهو يتحرك نحوه صارخًا بعنف:
-إنت إللي عملتها، مفيش غيرك.
قطب “الهامي” جبينه بقوة وهو يهدر بغضب:
-فين إبنك الـ(…..)، بقى بيستغفلني أنا، آآآ..
قبض “راجي” على تلابيبه وهو يصرخ بغضب حارق:
-هتعمل فيه إيه أكتر من اللي عملته؟؟.. هي وصلت إنك تضرب عليه نار؟!!!!.. وكل ده عشان القانون الـ(….) متنفذش، أنا طول عمري بسكت لكن إلاااااا إبنـــي.
دفعه “الهامي” بقوة وهو يصرخ بعصيبة:
-إنت إزاي تتجرأ وتمسكني كده؟؟.. وبعدين ماله أصهب؟؟..
رد “راجي” عليه بشراسة:
-إيه مش ضربت عليه نار؟؟.. وآآ..
قاطعه “الهامي” بصدمة:
-أصهب أضرب بالنار؟؟.. إنت بتقول إيه؟؟.. أنا معملتش كده؟؟..
قبل أن يصرخ “راجي” كان صرخ هو مضيفًا:
-مش هقتل أنا حفيدي يا راجي، أعقل.
نظر إليه قليلاً قبل أن يلتفت وهو يهمس بجنون:
-أومال مين إللي عملها؟؟.. ميـــن؟؟..
هتف “الهامي” بنبرة مخيفة:
-مش مهم ده دلوقتي، المهم هو إننا نلحق نروح المستشفى، يالاااااا.
******
لاحقًا، تم نقل “أصهب” إلى المشفى وتحديدًا إلى غرفة العمليات، وقفت “تيجان” جامدة بمكانها وعينيها تائهتين، وكأن روحها قد غادرت جسدها، جسد جامد كالصلب يقف، أسندت ظهرها على الحائط بجوار الغرفة وهي مازالت تهمس بشرود:
-أصهب!!..
غير مستوعبة ما حدث، كان يقف معها ويتحدث بهدوء، لهجته كانت قد أبتعدت عن القسوة وبروده المعتاد، وفي لحظة وقع أمامها غارقًا في دمائه، كي يحميها فقط من تلك الرصاصتين، أعطى روحه لها بدون مقابل، ما أن وصلت إلى تلك النقطة حتى أغمضت عينيها وهي تهمس بعدم إستيعاب:
-أصهب، لأ، إياك.
تابعها كل من “وافي” و”يسر” بقلق عارم، هما يعلمان أنها مازالت لم تستوعب، خائفان من تلك اللحظة التي ستستوعب فيها ما حدث له، فتلك اللحظة ستنفجر، وذلك الإنفجار سيكون صعبًا لها قبل أن يكون للجميع.
و”راجي” يتحرك ذهابًا وإيابًا بخوف، وزوجته تجلس على المقعد تبكي بعنف وهي تهمس بدعاء لإبنها الوحيد، غير عابئة بمن حولها، في حين حدق “الهامي” بنظراته القاسية المخفية نحو “تيجان”، إبتسامة مرعبة شقت شفتيه وهو يهمس:
-إستني عليا، هتشوفي أيام سودة، وأنا أهو وإنتي أهو وإلا مبقاش الهامـي.
ساعة وأخرى وأخرى، وكان خرج الطبيب وهو يتنهد بتعب، أخفض الكمامة عن أنفه، فركض الجميع نحوه ماعدا “تيجان”، تساءلت” شاهيناز” بخوف:
-ها يا دكتور طمني؟؟..
بدا عليه الأسف وهو يقول:
-للأسف الحالة مطمنش وفي إحتمال حدوث شلل نصفي.
شهقت “شاهيناز” أرتفعت بالمكان وهي تتراجع للخلف هاتفة بصعوبة:
-شلل؟؟.. لأ مش ممكن.
أتسعت عينا “تيجان” بذهول وزادت نبضات قلبها بشكل غير طبيعي، وضعت يدها على صدرها وهي تهمس:
-لأ.
تابع الطبيب:
-لازم ناخد موافقة كتابية من أهل المريض قبل إجراء العملية، تخلوا فيها مسؤوليتنا ومسؤولية المستشفى من أي حاجة.
صرخت “شاهيناز” بعصبية:
-يعني إيه الكلام ده، لو مش قادرين أخده على أكبر مستشفى حتى لو هسفره برا.
رد الطبيب بهدوء:
-يافندم الوقت مش فصالحنا، فأرجو تبلغوني بالقرار بسرعة.
هتف “راجي” بقوة:
-أعمل الازم يا دكتور، طالمًا مفيش حل غير ده، أعمل أي حاجة المهم أنك تنقذه.
أومئ الطبيب رأسه وهو يقول:
-الممرضة دلوقتي هتخرج وتوصلك للقسم عشان تمضي على الإقرار، بس من فضلكم تقعدوا فأوضة الأستراحة لأن مينفعش الوقفة دي، خصوصًا العدد كبير، عن إذنكم.
ثم أسرع للداخل ليتابع عمله، في حين بدأ الجميع يدخل تلك الغرفة بدلاً من وقفتهم في أمام الغرفة، ماعدا كلاً من “يسر” و”وافي” و”تيجـــان”.
*****
بعد قليل، عاد “راجي” من القسم بعد أن وقع على ذلك الإقرار اللعين، أنتبه إلى والده وهو يتحدث في الهاتف في ركن منعزل، سار نحوه وهو يضيق عينيه بريبة، ولكن سرعان ما أشتعلت بغضب حارق حينما قال “الهامي” للطرف الآخر بصوت آمر:
-عاوزك تعرف مين الشخص التاني اللي ضرب نار، أنا فعلاً ضربت نار بس ضربت رصاصة واحدة، وجت فيه لكن الرصاصتين التانين دول كانوا منين ومن مين؟؟..
*****
أقترب “وافي” منها بقلق وهو يراها تضع يديها على صدرها الذي يرتفع ويهبط، أنفاسها تتلاحق، والظلام يقترب منها، عيناها جافتين بالرغم من رغبتها الشديدة في البكاء والصراخ، وضعت يدها على عنقها وهي تستمع إلى نبرة أخيها المرتعبة:
-مالك يا تيجان؟؟..
ردت عليه بصعوبة بالغة:
-مش عارفة أتنفس يا وافي.
أغمضت عينيها بقوة تكاد أن تعتصرهما وهي تهمس بحرقة:
-فداني بروحه، وأنا روحي دلوقتي بتتحرق، مش هستحمل أن أصهب يجراله حاجة، مش هستحمل، همــــوت.
جذب رأسها سريعًا إلى صدره يحتضنها بقوة وهو يهمس بألم:
-هيبقى كويس يا تيجان، مش إنتي بتثقي فأخوكي؟.. هيبقى كويس إن شاء الله، ماتخفيش.
تلك الكلمة الأخيرة ذكرتها بمن فداها بروحه، داهمها دوار عنيف فـ أغمضت عينيها ببطء بعدما غلف الظلام عليهما، أنتبه “يسر” إلى تراخي جسدها فهتف بقلق:
-تيجان؟؟..
أستشعر “وافي” ثقل جسدها، فأبتعد عنها قليلاً ليجدها على وشك السقوط بعدما فقدت وعيها، صرخ بخوف وهو يمسح على وجنتها بيده وذراعه الآخر يطوق خصرها بقوة:
-تيجـــــان!!!!!..
*****
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لأجلك أحيا)