روايات

رواية كل له من اسمه نصيب الفصل الثاني 2 بقلم آيلا

موقع كتابك في سطور

رواية كل له من اسمه نصيب الفصل الثاني 2 بقلم آيلا

رواية كل له من اسمه نصيب الجزء الثاني

رواية كل له من اسمه نصيب البارت الثاني

كل له من اسمه نصيب
كل له من اسمه نصيب

رواية كل له من اسمه نصيب الحلقة الثانية

_خليني أخمن ، المرة دي رمت نفسها من البلاكونة؟
سأل الممرضة ، لتضع يدها على فمها في محاولة منها لكبت ضحكتها.
استدارت فرح ببطئ لتقع أعينها على تلك الهيئة التي كرهتها كثيراً منذ آخر زيارة لها على وجه التحديد، جسده الضخم حجب الضوء الساطع عن عينيها العسليتين بينما كان شعره البني الفاتح يتوهج باللون الذهبي في أشعة الشمس التي تصطدم بظهره من الخلف.
تسائلت في نفسها لما يجب على كل الأشخاص الوسيمين أن يكونوا مغرورين و سيئين قبل أن تهز رأسها بسرعة و كأنها تنفض عنها تلك الأفكار التي أشعرتها بعدم الراحة، لم تكن مرتاحة لفكرة أنها ما زلت تجده وسيماً و جذاباً على الرغم من شخصيته الباردة و الفظيعة في نظرها!
أمال رأسه يدقق النظر ناحيتها قبل أن يعتدل ليتحدث مجدداً عاقداً حاجبيه معاً:
_ماشي، أعتقد إن جسمك سليم أكتر من إنك تكوني عملتي في نفسك كدا، اي؟ بلعتي سم فيران؟
-أنا مش جاية عشان حاولت أنت*حر.
ردت باقتضاب بينما تكتف يديها إلى صدرها و تشيح وجهها بعيداً.
ابتسم بسخرية متحدثا:
_الآنسة الإنت*حارية مش جاية في محاولة إنت*حار! دي حاجة مش بنشوفها كل يوم، و يا ترى جاية ليه بقى ؟
_شئ ميخصكش.
أدارت وجهها تنظر ناحية الممرضة مرة أخرى لتعيد سؤالها: ممكن تقوليلي الدكتور آسر فين لو سمحتِ؟
حركت الممرضة عينيها باتجاه الطبيب البارد خلفها _كما تسميه هي _ لتنظر إليها فرح بنظرة متشككة و حاجب واحد مرفوع و كأنها تسألها بصمت إن كان ما فهمته صحيحاً.
ضحكت بتوتر تعيد رأسها إلى الخلف لتلقي نظرة خاطفة على الطبيب و من ثم توجهت ببصرها نحو الممرضة مجدداً متحدثة:
_لأ، متقوليش.
أومأت الممرضة بينما تجيبها:
– أيوا، هو.
**********
_ إنتِ محظوظة ، مش أي حد يقدر يدَّرب في مستشفى خاص على فكرة، لولا مكانتي هنا لولا سمحولك بإنك تفضلي.
كانت تستمع إليه بصمت بينما تسير إلى جواره ناحية غرفة مكتبه، تحدث مجدداً محذراً إياها :
_ خدي بالك إنتِ مسئوليتي هنا، إياكش تفكري تعملي أي حاجة غبية!
لم تجب بل اكتفت بالإيماء بهدوء ، توقف عن السير لتتوقف هي الأخرى بينما تنظر إليه بتسائل ليتحدث بابتسامة مريبة:
_لاحظت العادة دي فيكِ من أول مرة و مرضتش أدَّخل، بس بما إنك هتدربي معايا يبقى…
سكت و تنهد بينما يقترب منها ليمسك بذقنها يرفعه ناحيته لتتعانق أبصارهما معاً قبل أن يكمل :
_ لما أقول حاجة متهزيش راسك ، جاوبي بكلمات واضحة، مفهوم؟
تفاجئت فرح من فعلته في البداية، و لكنها حالما تناست كل شئ حولها عندما تنبهت إلى لون عينيه الذي يشبه لون السماء بينما تناثرت فيها بعض البقع الداكنة و كأنها النجوم ، كانت عينيه تشبه مجرة…مجرة تاهت فيها عميقاً قبل أن يرجعها صوته الخشن إلى الواقع مجدداً:
_قولت..مفهوم؟
هزت برأسها مرة أخرى دون وعي منها ، ليبتسم بجانبية بينما يتحدث:
_ معتقدش إنه مفهوم…
ترك ذقنها و قام بقرص وجنتها لتتأوه بانزعاج و تنظر إليه بغضب.
_ قولت استخدمي الكلمات، هعمل كدا في كل مرة تهزي راسك من غير ما تردي.
كادت أن تهز رأسها مرة أخرى لكنها توقفت حالما استوعبت ما أوشكت على القيام به لتتحدث بارتباك:
_ اق..اقصد ماشي.
لاحظ فعلتها ليبتسم برضا و يكمل سيره بينما تتبعه و ما إن دلفا إلى حجرة مكتبه حتى تحدث:
_بما إنك رايحة رابعة أعتقد إن عندك قدر كويس من المعلومات ، تعرفي تقرأي المؤشرات الحيوية؟
أشاحت نظرها بعيداً بخجل بينما تجيب:
_مش..مش قوي يعني.
_ تمام، هنبدأ بيها ، هوريكِ ازاي تقرأي المؤشرات الحيوية بتاعة العيانين و عايزك تبدأي تسجليها لوحدك زي ما هوريكِ بعد كدا.
أومأت برأسها ، ليضحك بعلو بيننا يقترب منها ليقرص وجنتها مرة أخرى متحدثاً باستمتاع:
_إنتِ أكيد من النوع اللي مش بيتعلم بسرعة مش كدا؟! شكلنا هنتسلى.
أنهى حديثه ليخرج من الغرفة و تتبعه هي بسخط بينما تتم ببعض الشتائم في سرها.
**********
_ بصراحة، كانت آخر حاجة أتوقعها إن اسمك يكون فرح، اسمك اللي بيوحي بالسعادة و حالتك الكئيبة بيمثلوا سخرية القدر يا عزيزتي.
تنهدت للمرة الألف بينما تستمع إلى سخريته في حين كانت تقوم بتسجيل المؤشرات الحيوية لبعض المرضى كما علمها.
_ مكدبش عليكِ، بصراحة خاب أملي لما عرفت إنك لسه عايشة ، توقعت إنك تسمعي الكلام و تخليني أحضر جنازتك….
توقف ليضحك بسخرية بينما يطالعها من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها قبل أن يميل ليهمس في أذنها :
_بس طلعتي أضعف من إنك تعمليها، صح؟ عايزة مساعدة؟
توسعت عينيها بصدمة بينما تستمع إلى همسه لتلقي بالقلم و الدفتر و تتوجه إلى خارج الغرفة بغضب.
ابتسم بجانبية بينما يتبعها إلى الخارج ، وقفت في ذالك الرواق الخالي من أي أحد عداهما لتتحدث بصراخ غاضب:
_ بطًّل بقى، عملتلك اي عشان تتمنى مو*تي للدرجادي ؟
تثائب بمللٍ بينما يجيبها:
_كل الحكاية في حقنة جديدة كنا عايزين نجربها فقولت بما إنك مستغنية عن حياتك نجربها عليكِ، أهو تكوني مُتِّي شهيدة في سبيل العلم، يمكن ربنا يغفرلك ساعتها.
قلبت عينيها بنفاذ صبر لتجيبه بينما تعود إلى نفس الغرفة:
_متقلقش هبقى أفتكر عرضك اللطيف دا يوم ما أعوذ أنت*حر شكراً.
ابتسم بينما يجيبها :
_عفواً، إحنا برضو زملاة مهنة.
********
_ افتحي الستاير يا بنتي ، لي نقعد في الضلمة طالما نور ربنا موجود؟
وضعت القلم جانباً و نهضت لتفتح الستائر كما طلب منها ، عندما تسلل ضوء الشمس إلى الغرفة أصبحت الرؤية أفضل ، كان بإمكانها أن تراه الآن بكل وضوح، كان كهلاً كبيراً في نهاية الستينات على أقل تقدير، ملامح الحزن كانت مرسومة على محياه، يستلقي على ذالك الفراش عاجزاً عن الحركة.
في تلك اللحظة دخل إحدى الممرضين ليقوم بحمل الرجل و وضعه على كرسي متحرك بحرص و قام بدفعه خارج الغرفة.
لم تتمكن فرح من كبت فضولها نحوه لتتبعهما إلى وجهتمها بصمت و التي تبين فيما بعد أنها لم تكن سوى حديقة المشفى.
تركه الممرض حتى يقوم بتفقد باقي المرضى لتستغل فرح تلك الفرصة و تجلس على المقعد القريب من الرجل ،و تحمحمت قبل أن تتحدث بشئ من الحرج:
_عفواً، ممكن أسأل حضرتك حاجة؟
أغمض الرجل عينيه ثم فتحهما في إشارة منه على موافقته لتسأله:
_ هو حضرتك عندك كام سنة؟
_ تسعة و أربعين.
سقط فكها في ذهول بينما توسعت عينيها بعدم تصديق ، لم تستطع أن تخفي دهشتها ليقهقه الرجل بضعف على ملامح وجهها الحائرة بينما يعود للتحدث مجدداً:
_معلش، عارف إني أبان عجوز حبتين تلاتة بس نعمل اي بقى؟ الدنيا خلتني أشيب بدري..بدري قوي.
عضت شفتها السفلية و ترددت قليلاً قبل أن تتحدث مجدداً:
_ممكن أسألك اي اللي خلاك توصل للحالة دي؟
سحب الرجل نفساً عميقاً و زفره مجدداً لتتحرك عينيه إلى الأعلى باتجاه السماء قبل أن يتحدث:
_ السما جميلة قوي النهاردا ، بالرغم من إنها مليانة سحاب و تحسي إنها حزينة…إلا إن حزنها برضو لسه جميل، عارفة؟!
بتفكرني بشكل السما في اليوم دا قبل النهاردا بتلات سنين ، لما كنت لسه راجل أعمال كبير قد الدنيا ، كان عندي زوجة و شاب عمره تلاتة و عشرين سنة و متجوز .
أغمض عينيه و كأنه يستحضر تلك الأيام في ذاكرته قبل أن يكمل بابتسامة حالمة على وجهه :
_ زوجتي كانت ست جميلة جداً بعيون رمادية بتلمع شبه عيون الغزال، و ابتسامة دافية قادرة إنها تنسيني هموم العالم كلها بمجرد نظرة منها، لحسن حظ ابني كمان كان شبه مامته ، المهندس آدم ، مهما كان حجم الشغل اللي ورايا كانت ليهم الأولوية دايماً في حياتي.
توقف قليلاً قبل أن يتنهد بحزن و يفتح عينيه ليكمل:
_ في اليوم دا كنا رايحين المستشفى عشان مراة ابني كانت خلاص بتولد بس للأسف…ملحقناش نوصل المستشفى.
ترقرقت عينيه بالدموع، و لم تحتج فرح لسماع المزيد لتفهم ما حدث.
نظرت إليه بحزن قبل أن تسأله:
_ دا سبب إصابتك؟
أومأ و من ثم قهقه بألم بينما يجيبها:
_ الناس كانوا بيقولوا إني محظوظ لأني الوحيد اللي نجيت من الحادثة ، بس ازاي أكون محظوظ و هم مشيوا كلهم سوى و سابوني هنا وحدي مشلول و عاجز ؟ في الحقيقة أنا كنت الأسوأ حظاً بينهم.
أخفضت فرح عينيها ناحية الأرض لا تدري بماذا تجيبه.
_ بس تعرفي حاجة ؟ مع ذالك أنا مش مضايق ، ربنا سابني هنا لهدف.
نظرت ناحيته بفضول ليشير بعينيه ناحية طفل صغيرٍ يقترب منهما.
_ جدووو!
صرخ الفتى بسعادة حالما لاحظ جده و جرى ناحيته ليرتمي في أحضان الجد الذي فتح ذراعيه له يستقبله برحابة صدر.
لاحظت فرح لون عينيَّ الفتى الرمادية ، لتنظر ناحية الرجل الذي ابتسم بدوره مجيباً تساؤلها الخفي:
_أحب أعرفك بحفيدي و الشخص الوحيد اللي باقيلي من الدنيا عمر آدم صدقي.
فتحت فمها بذهول للمرة التي لا تدري كم كانت في ذالك اليوم ، هي تتذكر ذالك الاسم جيداً ، صدقي…إنه رجل الأعمال الشهير الذي تناقلت كل الصحف و مواقع الإخبار حادثته قبل ثلاث سنوات، لم تدرِ أن حفيده نجا من تلك الحادثة و كانت تظن أن الرجل سيقوم بإنهاء حياته فحسب حالما يستيقظ من تلك الغيبوبة و يكتشف ما حل به و بأسرته.
كانت تشاهده بينما يقدم الحلوى لحفيده و يقوم بملاطفته و يضحكان سوياً بصوت مرتفع لتشعر بالحيرة ، فجأة تحدث صوت ما بجانبها و كأنه قرأ أفكارها:
_ السر كله في الرضا، كان يقدر يركز على عيلته اللي فقدها ، على شغله اللي مقدرش يكمله و على رجله اللي مبقاش يقدر يمشي عليها من تاني…
نظرت فرح إلى جوارها لترى الطبيب آسر الذي ابتسم لها مكملاً:
_ بس هو ركز على الحاجات الإيجابية حتى لو كانت بسيطة، هو لسه عايش و بيتنفس ، إذا خسر القدرة على المشي فهو لسه قادر يحرك باقي جسمه و في غضون كام شهر هيقدر يرجع يشتغل تاني من البيت و ينقذ مشاريعه و الأهم من دا كله…يتبي لحفيده.
نظرت إلى الرجل مرة أخرى بينما يحمل حفيده و يقوم برميه عالياً في الهواء و من ثم يلتقطه مرة أخرى، كانت تركز على الفتى الصغير الضاحك تحديداً.
أشاحت بوجهها بعيداً بغضب بينما تتحدث:
_ حتى لو كان ظاهر إنه سعيد هو أكيد من جواه مضايق أنا لو مكانه كنت خل*صت على نفسي ، و الولد الصغير المسكين دا ذنبه اي؟ هو مش فاهم حاجة دلوقتي لكن بكرا و بعده هيفهم ، هيحس بالوحدة و هيزعل و يكتئب و ممكن..
_ يحاول ينت*حر زيك؟
أكمل الجملة العالقة على لسانها لتبتلع في حزن.
_عيبك إنك بتتوقعي الأسوأ في المستقبل، بنصحك إنك تركزي على اللحظة اللي بتعيشيها دلوقتي عشان بكرا و بعده متندميش…
أشاح نظره ناحية السماء قبل أن ينطق بخفوت بصوت مسموع له وحده :
..زيي.
********
_ فرح! حمد الله ع السلامة أخيراً، اتأخرتي قوي في المستشفى.
نطقت خالة فرح حالما رأتها تدخل بعد أن قامت سارة بفتح باب الشقة لها.
جزت على أسنانها بغيظ حينما تذكرت الدفتر الذي أضاعته في مكان ما قبل أن يعطيها الطبيب آسر دفتراً جديداً و يجبرها على تسجيل المؤشرات الحيوية لكل المرضى منذ البداية.
رسمت ابتسامة مصطنعة قبل أن تجيب:
_ آه ، إنتِ عارفة بقى، الشغل في المستشفى مش سهل برضو.
عندما جلسوا على مائدة الطعام لتناول الغداء معاً لاحظت فرح اختفاء ابن خالتها ، على الرغم من الراحة المؤقتة التي شعرت بها إلا أنها كانت تشعر بالقلق يتصاعد في داخلها ، سألت بخفوت:
_ هو..هو فين سيف يا خالتو؟
توقفت الخالة عن الأكل و تبادلت النظرات الخبيثة مع ابنتها التي أومأت لها.
_ يبقى زي ما سيف قال.
على الرغم من همس سارة الخافت إلا أنها تمكنت من سماعها بوضوح ، ابتسمت خالتها بحنان قبل أن تتحدث:
_مامتك اتصلت و طلبت منك تروحي النهاردا عشان عايزاكِ في موضوع ضروري ،متقلقيش أنا متأكدة إنه هيبسطك قوي.
أنهت حديثها لتمسح بهض الدموع الوهمية من عينيها.
عقدت فرح حاحبيها باستغراب، كانت تصرفات خالتها و ابنتها مريبة للغاية، و لكنها على كل حال ما إن أنهت طعامها حتى توجهت إلى غرفة سارة و التي صارت غرفتها هي الأخرى مؤخراً لتقوم بجمع حاجياتها و بداخلها تدعو أن لا يحدث شئ ما سئ.
*********
ما إن فُتح الباب و رأت فرح والدتها حتى ابتسمت لها و لكنها شعرت بشئ ما غريب عندما بادلتها والدتها الابتسامة بقلق واضح على محياها.
قامت بجرها إلى الداخل ثم توقفت أمامها تعقد يديها معاً بتوتر لاحظته فرح لتتحدث بعد أن نفذ صبرها:
_ ماما في اي؟ قوليلي.
نظرت والدتها إلى عينيها مباشرة و فتحت فمها للتحدث و لكن بدا و كأن الكلمات هربت منها، سحبت نفساً عميقاً و استجمعت شجاعتها قبل أن تتحدث بتأتأة:
_ ا..اسمعي يا فرح، إنتِ..إنتِ عارفة إن بابا عايز مصلحتك ص..صح؟ أنا..أنا حاولت أكلمه بس..بس…
صرخت فرح بانفعال:
_ بس اي؟ في اي ؟
فجأة سمعت صوت والدها يتحدث خلف ظهرها:
_ إحنا خلاص قررنا نجوزك لسيف ابن خالتك.
*********

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية كل له من اسمه نصيب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى