بيزنس

رواية كرسي لا يتسع لسلطانك الفصل الحادي والعشرون 21 بقلم مريم غريب

رواية كرسي لا يتسع لسلطانك الفصل الحادي والعشرون 21 بقلم مريم غريب

رواية كرسي لا يتسع لسلطانك الجزء الحادي والعشرون

رواية كرسي لا يتسع لسلطانك البارت الحادي والعشرون

كرسي لا يتسع لسلطانك
كرسي لا يتسع لسلطانك

رواية كرسي لا يتسع لسلطانك الحلقة الحادية والعشرون

الفصل الحادي و العشرون _ أشعر بك _ :
الصخب يحيط بها ها هنا.. إنها ليست غريبة عن هذا العالم.. و لا حتى عن هؤلاء كلهم ..
هي بالفعل تعرف أغلبهم.. البعض هنا ضمن دائرة أصدقائها.. لولا أن تذرعت بالتوق إلى صحبتهم الليلة خاصةً لما تمكنت من الحضور.. و لكن حضور ماذا !؟
ذكرى زواج “عثمان البحيري” من امرأته العجيبة “سمر حفظي”.. تلك التي سمعت عنها روايات على مدار السنوات القليلة الفائتة.. إنها تراها الآن ..
أخيرًا حظيت بالفرصة لتراه هو أولًا.. ثم زوجته بجواره.. إنهما أمامها مباشرةً على ظهر اليخت التابع له.. و في نفس الوقت يحمل اسم زوجته ..
إذن الشائعات كلها صحيحة و “عثمان البحيري” قد وقع في غرام تلك الفتاة رأسًا على عقب.. الأعمى سيرى كم يعشقها حقًا.. من طريقته في لمسها.. النظر إليها.. الاهتمام بأدق تفاصيلها و عدم سماحه لها بالابتعاد عنه طرفة عينٍ ..
كان يحاصرها طوال الوقت ملاصقًا إيّاها به.. ألهذا الحد يحبّها ؟
لم تنسى بعد ما سمعته عن الطريقة التي تم بها الزواج.. لقد أقاما علاقة قبيل عقد القران الرسمي.. و كان هذا الخبر حديث المدينة و الطبقة المخملية قاطبةً ..
تضمن حرفيًا : “فتاة متسلّقة تسطو على قلب ابن أعرق و أثرى عائلات المدينة و تدفعه للزواج بها” ..
إن “سمر حفظي” فعليًا لم تكن سيئة.. كما ترى.. فهي امرأة جميلة.. ملتزمة.. و تبدو مطيعة و هادئة للغاية.. ليست كما وصفوها بأنها متسلّقة و متصيّدة و متطفلة على عالم الأثرياء ..
إنها أعذب و أرق من ذلك.. هذا واضحٌ جدًا.. إلا إذا كانت ممثلة بارعة و تتقن دورها !!
-هاي !
أجفلت لسماع صوتًا رجولي أتى من الجوار مباشرةً.. قريبًا جدًا ..
أدرات رأسها مستطلعة.. لترى شيء.. كائن.. جعل نبضات قلبها تسكت لجزء من الثانية ..
إنها تحبس أنفاسها بالفعل بينما نظراتها تنزلق عليه كليةً.. رجل بدا في قمّة نضجه سواء في العمر و الوسامة.. تقسم بأنها لم ترى مثله قط.. حتى في البلاد التي نشأت بها.. و جميع الرجال و الشباب الذين تعرفت إليهم و اشتهروا بالفتنة و الجمال.. إنهم لا شيء إلى جانبه ..
ذاك الماكث أمامها.. بدا إنه لا يحب التقيّد بالرسمية.. إذ تجرّد من سترة بذلته الأنيقة.. و كذا ربطة عنقه و قد شمر عن ساعديه أيضًا ليكشف عن ساعدان قويّان ..
تاهت حقًا في تأمل تفاصيله.. جلده البرونزي الفريد.. يناقض زرقة عينيه و شقرة شعره الذي تهدّلت بعض خصيلاته الطويلة على جبينه.. أنفه المستقيم و فمه الممتلئ بمثالية غير معهودة.. لحيته الخفيفة زيتونية تلتمع تحت الأضواء الملوّنة كالآلئ ..
إن له بنية مميزة.. ضخمة.. و متناسقة.. إذا وقفت إلى جواره حتمًا ستبدو في غاية الضآلة فأين تذهب فيه !؟
الآن فقط انتبهت لتلك السيجارة المتوارية خلف كفّه الغليظ.. حين رفعها ليدسّها بين شفتيه الورديتين و يمتصّ عبقها بقوة قبل أن يصل إلى عقبها.. فيسحقها بمنفضة فوق الطاولة التي جلست إليها قائلًا و هو يمد لها يده للمصافحة :
-أنا أسمي رامز.. رامز الأمير !
تغلغل صوته عميقًا بأذنيها.. خاصةً مع نطقه بهذا الأسم.. أسمه.. مع اقترابه النسبي منها تاخمت رائحة عطره الثقيلة الجو المعبّق بعبير البحر.. فكان مزيجًا لعينًا أثملها ..
ظلّت تحدق فيه ببلاهةٍ..و كأنه لم يتحدث و لم يعرف عن نفسه للتو ..
داعبت ابتسامة معابثة ثغر “رامز الأمير” بينما يمرر عيناه مرارًا و تكرارًا على كل جزء منها.. وجهها.. و جسمها صارخ الأنوثة.. و الذي كان أول شيء اجتذبه إليها و جرّه جرًّا إليها حتى أفضى به إلى الوقوف أمامها مترقبًا ردًا منها.. كما يفعل الآن بالضبط …
-أنا حابب أتعرّف عليكي ! .. تحدّث إليها ثانيةً و لا يزال مادًا يده :
-قوليلي لو مضايقك هابعد فورًا ..
ارتفع حاجباها دهشةً و هي تقول غير مستوعبة شيئًا :
-نعم !
عاوز إيه !؟
ضحك “رامز” بخفةٍ و بطريقة أذت مشاعرها المرهفة.. ثم قال من جديد :
-بقول ممكن نتعرّف ؟
أنا سألت صحابي عليكي بس محدش عارفك.. و شوفتك قاعدة لوحدك.. يضايقك لو قعدت معاكي ؟
رغم إن حدسها أنبأها بأنها على وشك ارتكاب أكبر حماقة بعمرها.. لكنها لم تقاوم رغبتها الشديدة بالتنعم بصحبة هذا الرجل خطر الوسامة.. نوع لم تصادفه طوال عمرها و تجزم بأنها لن تفعل مرةً أخرى ..
هزت رأسها سامحةً له بالجلوس إلى طاولتها التي تتّسع لفردان فقط.. فشدّ كرسي و جلس قبالتها متكئًا بطرف زندِه إلى سطح الطاولة الزجاجي ..
أبعدت عينيها بصعوبة عن فتحة قميصه التي أبرزت من ورائها جزء من صدره الواسع العضلي.. ركّزت فقط على عينيه الآن و لم تنبس بكلمةٍ بعد ..
لم يتعجل “رامز الأمير” خطبًا بينهما.. و دام صمتهما لبضع لحظاتٍ طويلة.. بقى يرنو إليها بتفحص أكبر.. جميلة مثل حورية.. فتنة.. و ليست مجرد جسد مثير فقط ..
ليست مثل الفتيات اللاتي اعتادت صحبتهن.. لا في شكلها و لا ذلك النمط الرخيص منهن.. كانت فخمة.. و علائم الأصالة تبدو عليها.. ملامحها الناعمة.. بشرتها الخمرية توحي إليه بخاطر عجب منه.. كأنها مقتبسة من الطبيعة النقيّة.. ليست متكلّفة ..
حتى ثوبها المكشوف.. ربما جريئًا.. لكنه ساهم في تأكيد هذا الخاطر عليه.. زينة وجهها بسيطة للغاية.. إلا الكحل الأسود الذي خطّطت به عينيها.. عينيها الذهبيتان.. و تلك الشامة التي برزت فوق شفتها العلية ..
تلك الملامح المتفرّدة كلها.. لم يرها في أنثى واحدة.. ما أثار فضوله لمعرفتها لحظةً بلحظة.. فهي لا تبدو مثل أقرانها من النساء الأخريات.. إنها.. مختلفة !!!
-أسمك ايه ؟ .. سألها بغتةً
سؤاله هذه المرة جعلها تثوب إلى رشدها قسرًا.. فتسحب نفسًا عميقًا قبل أن تجاوبه بثباتٍ :
-شمس.. أسمي شمس.
-شمس ! .. قلّب أسمها بين شفاهه معجبًا بشدة
كم يلائمها الأسم حقًا ..
يستوقف “رامز” أحد النُدُل في هذه اللحظة و يأخذ منه كأسيّ شراب.. يدفع لها بواحد و يحتسي رشفة من خاصته دون أن يحيد عنها بناظريه :
-مش بتشربي ؟
كان أول اختبار لنيل بغيته منها الليلة.. و جاء ردها في الحال هادئًا متزنًا :
-بشرب.. سوفت درينك بس.
و رفعت كأسًا آخر كانت تشربه قبل أن ينضم إليها ..
أومأ لها و قال برويّة :
-ماقولتليش لسا.. انتي مين بقى ؟
يعني جاية تبع مين ؟
حانت منها إلتفاتة نحو “عثمان البحيري”.. كان يراقص زوجته الآن على أنغام غنوة شعبية صاخبة.. إندهشت “شمس” إنها قد نسيته لدقائق ما إن ظهر المدعو “رامز الأمير” أمامها ..
عاودت النظر إليه ثانيةً.. وجدته يرنو إليها بترقب.. فقالت بتوترٍ طفيف :
-أنا جاية مع صاحبتي.. لينا الشقيري لو تسمع عنها.
رفع “رامز” حاجبه منبهرًا و قال :
-لينا الشقيري طبعًا نار على علم.. دي أكبر بزنس ومان في البلد
بس غريبة يعني إنك بتقولي صاحبتي !
عبست “شمس” : إيه الغريب ؟
-أصلها مش من سنّك.. لينا ست متجوزة و عندها ولاد كبار.. انتي شكلك صغيرة.
-فعلًا !
تديني كام سنة يعني ؟
خمن “رامز” بنصف عينٍ :
-ممم مش أكتر من 20 سنة !
ابتسمت “شمس” حتى بانت أسنانها اللؤلؤية.. و كانت أول مرة تبتسم له فتبثه سحرها الذ أدمنه ..
أرهف لها جميع حواسه و هي تقول برقة فطرية :
-لأ أنا أكبر شوية.. 23 سنة.
رامز بابتسامته الجذّابة :
-مابعدناش كتير.. بردو صغيرة.
إنفتحت “شمس” أكثر له و إنساقت بأسئلتها :
-و انت.. عمرك كام ؟
-تديني كام ؟
خمنت مثله زامة فمها بحركةٍ طفولية :
-ممم ممكن.. 30 سنة !؟
أطلق ضحكة صغيرة و قال بمرحٍ :
-لأ أنا كمان أكبر شوية.. 34 سنة.
قلّدته في نفس اللحظة :
-مابعدناش كتير.
و ضحكا معًا.. لتنقشع من هنا غمامة الغرابة بينهما.. يصبح كل شيء أسهل و أكثر مرونة …
-يعني انتي مش عايشة هنا ؟
أجابته “شمس” و هي تعبث بكأسها الفارغة :
-لأ.. أنا و مامي عايشين في لندن من زمان.. من و أنا صغيرة أوي.
-و باباكي فين ؟
نظرت له في صمت لهنيهةٍ.. و قالت :
-بابي.. مات.
ساد التعاطف قسماته فورًا و هو يقول :
-أنا آسف جدًا !
ابتسمت بحزنٍ قائلة :
-عادي.. أنا مش بزعل لما بفتكره.
-الظاهر كنتي بتحبيه أوي.
-آه.. كنت و لسا بحبه أوي.
و صوّبت بصرها تجاه “عثمان” تلقي عليه نظرةً خاطفة.. لتسمعه من الجهة الأخرى يقول :
-مامتك جت معاكي و لا سايباها في لندن ؟
نظرت إليه “شمس” و قالت :
-مامي بتشتغل و مش سهل تسيب شغلها في أي وقت.. أنا جيت مع لينا بس هارجع لوحدي.
استغربت “شمس” الألق الذي لمع بعينه للحظة.. لم يرد في الحال.. إنما احتسى بقيّة شرابه في جرعةٍ واحدة.. ثم قام فجأةً ما سبب لها إجفالًا …
-تعالي نرقص.
لم يكن طلبًا حتى ..
ابتسمت “شمس” لثقته الشديدة بنفسه.. و لم تمانع أبدًا.. منحته يدها و وثبت من فوق مقعدها.. سارت معه إلى حلبة الرقص البرّاقة.. و كما توقعت.. كان طوله الفارع محرجًا كثيرًا لها.. و أوضح للعيّان كم هي قصيرة ..
لكنه سرعان ما أخذ كل مخاوفها و قلقها بعيدًا.. بمجرد أن توسطا الحلبة.. و ضمّها إليه محيطًا خصرها بساعديه.. يراقصها على وقع موسيقى بطيئة.. الأكثر حميمية على الإطلاق ..
تشابكت نظراتيهما.. و لم تكن “شمس” بحاجة لتبادل كلمة معه.. كان الحديث البصري أبلغ و أعمق.. و الإحساس به و بقربه و دفئه لا يقدّر بثمنٍ ..
لكنه هو الذي تحدّث بصوتٍ خفيض للغاية :
-هاترجعي امتى لمامتك ؟
علا صدرها و هبط متأثرًا بالحالة التي تخوضها لأول مرة بحياتها.. بالكاد جاوبته :
-بكرة.. طيارتي معادها 8 بليل.
-تؤ.. انتي تنسي المعاد ده خالص
مافيش سفر بكرة.
-يعني إيه !؟
-انتي قولتي إنك ماكملتيش هنا أسبوع.. ماينفعش تنزلي مصر و تقضي فيها إجازة قصيرة أوي كده.. خليكي شوية.
هزت “شمس” كتفاها قائلة :
-يعني هقعد أعمل إيه هنا ؟
افتتن “رامز” أكثر بجمالها.. مع هبوب الرياح المعاكسة التي عبثت بها و انتثر شعرها كله من حولها ملامسًا وجهه و عنقه :
-هاتقضي وقت حلو.. معايا.
رمقته بذهول مرددة :
-معاك ؟
إزاي !؟
-هالففك البلد حتة حتة.. و كل يوم هاتشوفي حاجة مختلفة
بس الأول لازم أرجع القاهرة عشان أظبط شغلي.. بكرة الصبح هاطلع على هناك و قبل ما الليل يلون السما هاتلاقيني هنا عندك.
رفرفت “شمس” بأجفانها محدقة فيه.. و قالت :
-رامز.. أنا ماعرفكش !
رد ببساطةٍ : هاتعرفيني يا شمس.
قطبت مفكرة.. لتقول بتردد :
-مش عارفة !
واصل “رامز” الضغط عليها بحنكته و أسلوبه الخاص قائلًا :
-مافيش حاجة أسمها مش عارفة.. مش هاتسافري
ولو قلقانة من قصة سفري للقاهرة خلاص مش هاسافر و هاخلص كل حاجة بتليفون
بس هاتقعدي زي ما قلت لك.. ماتقلقيش أنا مش هاخطفك يعني.. و عشان تطمني أكتر هاسيب الشقة إللي قاعد فيها و هاحجز في الفندق بتاعك.
رفعت “شمس” ذقنها لأعلى و قالت متحديّة :
-تنزل في الفندق إللي أنا فيه يعني ؟
انت عارف الليلة في الفندق ده بأد إيه ؟
انت غني و لا إيه يا رامز !؟
ابتسم بثقة و طفى عرقه المتعجرف في الحال و هو يقول بصوتٍ أجش :
-خليكي معايا شوية زي ما قلت لك.. و هاتعرفي إجابة السؤال ده بنفسك.
شمس بعناد : لأ.. انت حتى ماقولتليش بتشتغل إيه !
لعق “رامز” طرف شفته السفلى و هو يتفرّس بها بشهوانية صريحة متمتمًا :
-أنا ممكن أقولك بشتغل إيه.. في مكان معيّن ..
شمس بفضول : فين ؟
مال صوبها ليهمس في أذنها :
-على السرير !
شهقت “شمس” بصدمةٍ عنيفة في الحال.. دفعته بقبضتيها في صدره فورًا.. لحسن الحظ كان الحضور أكثر إنشغالًا من ملاحظة ما يجري بينهما ..
ساد العداء ملامح “شمس” و هي تلقيها بوجهه بخشونةٍ :
-ده في أحلامك.. في أحلامك !!
و استدارت عائدة إلى طاولتها.. أخذت حقيبتها و معطفها و انطلقت مهرولة إلى الطابق السفلي.. حيث قسم آخر للحفل أكثر هدوءًا.. حيث تتواجد “لينا الشقيري” و زوجها أيضًا ..
من قمّة اليخت.. وقف “رامز” مشرفًا عليها من وراء السور المعدني.. يراقبها من حيث لا تراه.. و يقسم بأنه ليس أخر المطاف معها …
**
هكذا بدأ ..
هكذا انتهى ..
لا يمكنها أن تصدق.. قصة الحب.. العشق المتأجج الذي جمعها برجل عمرها.. أتنتهي هكذا !؟
خالت “شمس البحيري” بأنها ستبكي دمًا بدل الدموع لشدة الحزن الذي ينهش من روحها ..
اليوم و بعد حادث اصطدامها بزوجة أبيها الراحل.. منحتها سببًا اضافيًا لتغمر نفسها بحالة الكآبة أكثر.. لم يعد أيّ شيء مستساغ من بعده هذه المرة ..
لقد تركته من قبل و لم تنهار إلى هذا الحد ..
كان لديها أمل بأنهما عئدان حتى و لو رغم أنف أمها.. و لكن العائق الآن هو أخيها.. كيف تجتمع بحبيبها ما دام الأخير يرفض هذا و يتوّعده بالدمار !؟؟
إنها تحب “رامز الأمير”.. تحبه و يمكنها أن تموت فعليًا لأجله.. تحبه و تريده بكل ذرة في كيانها.. بكل عرقٍ ينبض بجسدها ..
حياتها تتوقف عليه حقًا …
-رامـز ! .. همست “شمس” أسمه من بين شفتيها اللاهثتان
تكوّرت على نفسها بالسرير الفوضوي.. الآن هي وحيدة.. تتلظّى بالحمى و تهذي بأسمه بلا إنقطاع ..
ستعود أمها في أيّ لحظة.. و ربما “عثمان”.. لكنها بحاجة لشخص واحد فقط حالًا ..
الجميع يعرفه.. يعرفون علّتها و يعذبونها …
-رامـز !
هذا بالضبط.. لن يدوايها إلا دائها نفسه ..
“رامز الأمير” …
**
ما حدث للتو.. كان كارثيًا !
طوال إثنى عشر سنة زواج.. لم يتخيّله حتى في أكثر خواطره بشاعة.. ماذا فعل !؟
لقد تعدّى على زوجته.. ابنة عمه.. حبيبته ..
إنها امرأته بطبيعة الحال و لا يمكن لأحد لومه.. و لكن لماذا يشعر بأنه أقترف جريرةً نكراء !!؟
فيما مضى كان الأمر يسير بينهما بكل شغفٍ و حب.. حتى كلّما تظاهرت بالإعراض عنه.. سرعان ما كانت تلين و تبادله الحب بحب أشدّ ..
أما هذه المرة.. لم تمنحه أيّ شيء.. لقد انتزع منها كل شيء حقيقةً.. و ضربه الواقع في الصميم.. لحظة تأكد بأنها حقًا.. لم تعد تريده ..
من تريد إذن !؟؟؟
من ؟؟؟
أطبقت شفاهه و إلتوت من شدة الغضب.. إلتفت إلى جانبها من الفراش.. كانت ترقد على وجهها.. تتدفن رأسها بوسادتها لتكتم صوت بكائها ..
لم يترفّق “صالح البحيري” بحالها البتّة و قبض على ذراعها مجتذبًا إيّاها بعنفٍ.. لتنقلب في غضون لحظة راقدة على ظهرها.. متشبثة بالملاءة حول صدرها …
-مين هو ؟ .. سألها بهدوء مخيف
حدقت “صفيّة” فيه عبر دموعها الساخنة التي غشيت عيناها و أفاضت من حوافها.. انحشر صوتها بحلقها.. لم تستطع ردًا ..
ليستنفذ صبره و يصرخ بوجهها ممسكًا إيّاها بذراعيها بشدة كادت تكسر عظامها :
-انطقـــي ميــن هـو.. إللـي مابقتيـش تطيقـي حتـى لمستـي بسببـه
ميــن ؟؟؟؟
نطقت بأعجوبة جملة من كلمتين :
-طلّقني يا صالح !
سحقًا لغبائها إذ ظنّت بأنها إن كررت ذلك على مسامعه فسوف يذعن ..
لقد استفزته أكثر إلى حد جعله يؤذِها.. و دفعها للصراخ ألمًا بينما يشدد قبضتيه حول ذراعيها تاركًا علامات و كدمات هناك حتمًا …
-أنا هاعيّشك في سواد يا صافي ! .. تمتم بصوتٍ كالفحيح و قد أظلمت نظراته بخطورةٍ
وقف شعر رأسه الناعم و جسده كله و هو يتوّعدها بالأسوأ :
-مابقاش صالح ابن رفعت البحيري.. لو ماندّمتكيش على إللي قولتيه
و شوفي مين يقدر ينقذك مني !!!
يكفي إنه ذكر من يكون أبيه ليلقي بها بأعمق أودية الفزع و العذاب ..
هل ذكر بأن التعدّي السابق عليها كان كارثيًا ؟
حسنًا.. إنه يفعل بها الآن أبشع ما يمكن تخيّله على الإطلاق.. هو بنفسه.. “صالح البحيري”.. يدمر روح و جسد زوجته و ابنة عمه إنتقامًا لشيء لا يعلمه ..
شيء لم يجزم به.. و لكن صمتها و إصرارها أفقداه صوابه !

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية كرسي لا يتسع لسلطانك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى