رواية كبرياء صعيدي الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم نور زيزو
رواية كبرياء صعيدي الجزء الثامن والعشرون
رواية كبرياء صعيدي البارت الثامن والعشرون
رواية كبرياء صعيدي الحلقة الثامنة والعشرون
” رجلًا لم يهزمه سوى العشق”
وقف “عيسي” أمام باب الغرفة قبل أن يدخل وتنهد بهدوء يُهد من روعته قبل أن يدخل لزوجته الغاضبة رغم تحذيره لها من قبل ألا تتدخل فى شئونه الخاصة وتخطيها لتحذيره من جديد، ولج غلى الغرفة ليرى “عطر” جالسة على الأريكة المقابلة للباب بوجه عابس يحمل الكثير من معالم الغضب الكامن بداخلها، شعر “عيسي” أنها ستنفجر به مُنفعلة إذا تفوهت بكلمة ورغم خطأها فى رفع صوتها به أمام والدته و”سكينة” وأيضًا معارضة أمره الغير مقبول منها هذا التصرف لكنه يخشي عليها من الحزن وكتم الاستياء بباطنها خصيًا أنها حامل، كان مُدركًا أن الحزن ربما يصيبها بالمرض هي وطفلهما لذا تنازل هو هذه المرة وتخلى عن كبريائه وخضع إلى حُبها الكامن بداخله، أقترب قليلًا تجاهها ثم جلس أمامها يقول بهدوء:-
_ ممكن نتكلم شوية؟
تأففت بخنق من قسوته مع الجميع ثم نظرت إلى عينيه مُباشرة بضيق وقالت غليظة:-
_ نتكلم في أى؟ نتكلم فى أنك بتستقوي على الخلق، ولا نتكلم فى أنك خليت ام تيجي تبوس رجلى عشان ترحم ابنها …. ليه بتقسي فى أخذ الحق، ليه ضربتك دايمًا بتكون القاضية ومُميتة لصاحب نصيبها، أنا معنديش أستعداد أخسرك ولا أن حد يأذيك لمجرد أنك قسيت عليه
أخذ يدها بلطف بين يديه الأثنين وحدق بوجه فتاته البريئة ثم قال:-
_ متعبنيش فى الدنيا دى جد براءة عجلك ونجاء جلبك يا عطر، مش كل الناس هتجدر نجاءك ولا رجتك، الناس وحشة يا عطر ولو أمنتي ليهم هيأكلوكِ وهيجرحه رجتك يا بنت جلبي
دمعت عينيها بحزن شديد من هذه القسوة التى تحدث بها عن البشر وأنقبض قلبها من قوة حديثه الحاد عن العالم الخارجي، ربما ما مر به من أحداث مؤخرًا السبب فى هذه القسوة، عندما جاءت إلى المنزل لأول مرة كان ملأ بالأشخاص والعائلة يتحدث الجميع عن قوتها وترابط افرادها رغم ما يحملوا بداخلهم من كراهية لبعضهم، البعض ذهبت أرواحهم للعالم الآخر والبقية حلت بقولهم الكراهية ونار الإنتقام، توفي أحبابه والمال دمر البقية، رفع “عيسي” يده إلى وجهها كي يجفف دموعها اللؤلؤية وقال:-
_ متبكيش يا عطر، والله لأجل دموعك دى أنا مستعد أعمل أى حاجة، أنا خليت الرجالة يوصلوا عامر وأمه لمحطة الجطار واكتفيت بطردهم من البلد عشانك، هملتهم لحال سبيلهم رغم كسرة خيتي وإجبارها على الجواز من رجل مبتحبهوش حتى لو كان مصطفى زينة الشباب، حرجة جلبها البرئ وكرامتها اللى دسها بغله وكرهه
تبسمت “عطر” بعفوية مع دموعها التى لم تتوقف أبدًا، فرح قلبها من تلبية “عيسي” لطلبها وعفوه عن “عامر” وتركه حيًا بعد أن رق هذا القلب وأخيرًا، تحدثت بنبرة دافئة:-
_ عيسي، أنا مش عايزة الناس تخاف منك ولا تكرهك، عايزاهم يسمعوا كلامك ويجي لحد عندك أحترام وحُب ليك، عايزة العالم دا ميغيرش اللى أتربيت عليه وأنك تفضل ترحم الضعيف وتنصر الغلبان برحمة وحكمة منك
وضع يده على مؤخرة رأسها ليجذبها إليه حتى يطبق شفتيه الدافئة على جبينها يقبلها بإمتنان وهمس فى وجهها الملاكي:-
_ انا مُمتن للجدر اللى رزجني بيكِ يا عطر، ولو كنت أديت لعمي ضياء فلوس فـ دا عشان فرحتي أنه عوضني بيكِ
_ مدتهوش فلوس تاني يا عيسي، بابا الجشع ملئ قلبه،هيرجع تاني عشان عارف أنك بتدفع، أول ما يضيع اللى معاه هيجي
قالتها بحزن من والدها الذي يملك بداخله جشع وحُب المال ولن يتغير أبدًا، مُدركة أنه سيعود وأن هذا الأب هو الورم الموجود بحياتها ولن تتمكن من أستئصاله فتبسم “عيسي” أكثر على طلبها ثم همس بدلال ممزوق بنبرة الحُب والشوق:-
_ فلوس الدنيا كلها يا عطر ما تكفيش لحظة واحدة أعيشها وياكي، لو خد كل ما أملك مهيعبرش عن إمتناني له لأن السبب فى وجودك فى الحياة وبفضله بعد رزج ربنا أنكِ تتولدي عشان تجي تنوري حياتي
كادت أن تتحدث لكن بتر الحديث قبل أن يخرج من فمها حيد دق الباب ودلفت “ذهب” بسعادة تغمرها قائلًا:-
_ ستي فيروزة وصلت تحت
فرحت “عطر” أكثر من “عيسي” ووقفت مُسرعة ليُدهش من حال زوجته لم تبالي لبرهةٍ واحدةٍ إلى حديث الطبيبة الذي يُقيدها فى الفرح وتصبو ركضًا إلى سعادتها وكل شيء جميل، خرج معها فرحًا بهذه الزوجة الطفلة التى رُزق بها، مُحدثًا إياها:-
_ على مهلك يا عطر، جننتني وياكي مجدرش كل يومين أتفزع عليكي
تبسمت على قلقه مُترجلة السلالم معه بيديه وقالت بعفوية:-
_ خليها على الله يا عيسي، أنا متوكلة عليه وببركة ربنا مش هيحصل حاجة وحشة خالص
سمعت “هدى” التى تعانق ابنتها بسعادة مُشتاقة إليها تقول:-
-أخر مرة تغيبي عني، أتوحشتك جوي يا فيروزة جلبي
حدق “عيسي” بأخته التى تبدلت تمامًا بسمتها مُشرقة ومتوهجة كالضوء، تعانق والدتها بحماس وأشتياق بعد أن كانت قد فقدت الشعور بأى شيء، رأت “فيروزة” صديقتها “عطر” وزوجة أخاها تقترب مع “عيسي” مُتكأة على ذراعه فهرعت نحوها، رآها “عيسي” تركض إليه ففتح ذراعيه وإذا به يُصدم حين عانقت “عطر” ليشعر بحرج من ضحك “مصطفى” و “هدى” على تخطي أختاه لعناقه فتنحنح مُحرجًا، صرخت “فيروزة” بشوق باسمهاقائلة:-
_ عطر!! أتوحشك جوى جوى
بادلتها “عطر” العناق بحماس كأنها أختين وقد ألتقي الآن بعد غياب طويل دام بينهما، لم يفهم “عيسي” مدى تعلق هاتان الفتاتان ببعضهما بهذا القدر، لم يفهم سوى أن كلا منهما رُزقت بالأخرى لتعوضها عن شيء أخر من العائلة، أخذتها “فيروزة” فى ذراعها وتقول بحماس:-
_ تعالي عندى كلام كتير جوى عاوزة أحكيهولك… اه لحظة عيسي
ألتف إليها فعادت مُسرعة تعانقه ليضحك رغم حديثه المُتذمر بنبرة غيرة تمزقه من الداخل:-
_ دا ما أفتكرتي يا بت، عطر نسيتك خيك ها …. حمد الله على سلامة رجوعك يا فيروزة
_ وهى عطر أي وأنت أي ما أنتما واحد
قالتها بعفوية ليتبسم بوجهها فقال:-
_ عندك حج، روحي شوفي حكاويكم
صعد الأثنين معًا للأعلى فألتف “عيسي” إلى صديقه الذي أقترب يصافحه فغمز إليه بمكر رجالي يفهمه الأخر جيدًا وقال:-
_ أي الفرحة الغريبة دى، هو حصل؟!
أومأ إليه “مصطفى” بنعم خجلًا من سؤاله ثم قال بنبرة خافتة:-
_ أحم بعد ما غلبتني وياها والله يا عيسي بيه
ضحك “عيسي” بسعادة وصوت قهقته أدهش والدته كثيرًا ونظرت إلى “حِنة” التى تقف جوارها فقال بمرحٍ مشاكسٍ إياه:-
_ بيه اي بجى، دا أنت اللى بيه…. يا ست الكل خليهم يدبحون عجلين ، أجولك خليهم خمسة عشان يبجى خمسة وخميسة على علينا من الحسد
دُهشت “هدى” من طلبه وقالت مُتلعثمة:-
_ وااا ليه كل دا
ربت على ظهر “مصطفى” بسعادة مُمتن إلى صديقه الذي أعاد الحياة إلى أخته وقد فهم حديث “عطر” عن العوض الذي رُزقت به “فيروزة” ونجاتها من الأحمق “عامر”، تحدثت بنبرة جادة:-
_ من غير ليه؟ ذكاة عن فرحة فيروزة واللى يأخد حتة لحمة يدعي لفيروزة بنت هدى بالأسم متخليش حد يدعى لعيسي، ربنا يبارك فى حياتها ويرزجها الخير…ام أنت يا عريس أطلع أرتاح من السفر عشان من بكرة وراك شغل كتير
تبسم “مصطفى” إليه وصعد إلى حيث غرفته بينما خرج “عيسي” من السرايا وأستقل سيارته يقودها إلى الخارج وحده ……
____________________________________
أتسعت أعين “خالد” و “ناجي” على مصراعيها بصدمة ألجمتهما عندما تفوه أحد الرجال أنه رأى بعض مطاريد الجبال وهم يتركون “نصر” على الترعة، تمتم “ناجي” مُتلعثمًا:-
_ المطاريد!!
أجابه “خالد” بنبرة غليظة مُنفعلًا بقلب مقهور على وفأة أخاه:-
_ المطاريد يا أبويا، يعنى عيسي، البلد كلتها من كبيرها لصغيرها حتى الحكومة متعرفش تطلع الجبل ولا تجف فى ضهر المطاريد غير بمساعدة عيسي، عيسي هو اللى عمل أكدة فى نصر، أنا كان لازم أفهم من الأول أن عيسي الوحيد اللى عايز ينتجم من نصر ومننا كلنا
رمقه “ناجي” بصدمة ألجمته وما زال فراق ابنه الأكبر يمزقه من الداخل ولا يستوعب أنه فقد ابنه كما فقد المال وعاش ذليلًا لزوجته “خضرة” بسبب “عيسي” الذي سرق المال والبيت وحتى أنه خسر ابنته “خديجة” حين زوجها بالأكراه لينقذ أولاده بعد أن سجنهم “عيسي” والآن سرق “عيسي” حياة ابنه
________________________________
وقفت “خديجة” فى مكتب الجوازات تستلم جواز السفر الخاص بها ثم خرجت إلى حيث تصف سيارتها، وأتجهت إلى البنك لتسحب كل الأموال الموجودة بحساب “حامد” بعد ان باعت كل الأصول وبمساعدة المحامي حولت كل ما تملك إلى حسابها بالخارج، أعطاها المحامي تذكرة طيران وقال:-
_ الطيارة ميعادها بكرة الساعة 8 بليل
تبسمت “خديجة” بسعادة تغمرها ثم قالت:-
_ شكرًا يا أستاذ أنا معرفاش من غيرك كان مين ممكن يساعدنى، على كلًا دى أتعابك اللى أتفجنا عليها وبالنسبة للجضية بتاعت حامد هملها لحالها، اللى غلط لازم يأخد جزاءه
أومأ إليها المحامي وغادر لتبتسم “خديجة” على ما حصلت عليه من مال ولم تهتم إذا كان المال حلال أم حرام؟ لكنها أعتبره ثمن بيع “ناجي” لها لرجل بعمر والدها وكسرة قلبها الذي أحب “عيسي”، لذا قررت أن تهرب من هذا الوكر المُشتعل بنيران الأنتقام والغدر إلى بلد جديدة لا يعرفها بها أحد وتعيش الحياة التى ترغب بها …..
________________________________
خرج “عيسي” ليلًا من وكالة الفاكهة الخاصة به وأستقل سيارته بينما يضع الهاتف على أذنه يُتحدث زوجته:-
_ أجيبلك أي وأنا جاي؟
_ مش عايزة حاجة، عايزة سلامتك بس، يلا تعالي بسرعة عشان وحشتني أنا والنونو أوى
قالتها “عطر” ببراءة ودفء ليُجيب عليها مُتحمسًا:-
_ مسافى الطريج يا حبيبة جلبي، متتعشيش أنا هجيبلك عشاء ويايا
أومأت إليه بنعم بينما تجلس “عطر” أمام المرآة ترسم شفتيها بأحمر الشفايف مُرتدية روبها الحرير ذات اللون الزيتوني، تحدثت بدلال مُنتظرة عودة زوجها:-
_ماشي، بس متتأخرش عشان إحنا جعانين خالص
أجابها عبر الهاتف بكلمة واحدة تُثر بنبضات قلبها العاشق وتُذيب كيانها:-
_ بحبك
تغلغلت أصابعها فى خصلات شعرها من الأمام المُصفف على ظهرها ويميل على جانبها الأيسر مُجيبة على كلمته بحُب:-
_ وأنا بحبك يا حبيبي
وقفت من مكانها تسير فى الغرفة حافية القدمين حتى تصل إلى الفراش تستكمل حديثها مع “عيسي” الذي أنتبه إلى سيارة تتبعه فشرد عن حديثها مدققًا بالسيارة حتى سمعها تقول:-
_ عيسي أنت معايا
-ها أه يا حبيبتى وياكِ أنا …. ااااااااه
أجابها بلطف حتى لا يُثر قلقها حتى أنهي جملته بصرخة قوية خرجت منه تلقائيًا بعد أن أصطدمت السيارة الأخرى بسيارته من الخلف بقوة وسقط الهاتف من يده، سمعت صوت الأصطدام لتعتدل فى جلستها على الفراش بقلق وظلت تناديه بقلق:-
_ عيسي….. عيسي أنت سامعني…….
صمتت بفزع حين سمعت ضجة أكبر وتكسير زجاج السيارة أخترق أذنيها وصوت رجل واضح يقول :-
_ أسحبه كيف الدبيحة
هلعت من مكانها بذعر وركضت إلى باب غرفتها لكنها توقفت تسحب أسدالها مُسرعة بعد أن أنتبهت لملابسها وخرجت بفزع حيث غرفة “مصطفى” ……..
_________________________________
حاصرها فى خزانة الملابس بيديه وعينيه ترمقها بأشتياق تتفحصها من الرأس لأخمص القدم وجسده مُلتهبًا بنار العشق القائم بداخله فهمست “فيروزة” إليها بخفوت:-
_ وبعدين معاك يا مصطفى
_ واحدة بس!! يا بت أنا جوزك
قالها بخفوت وعينيه تلتهم وجهها، ضحكت على جراءته لتقول مُشاكسة أياه:-
_ بت!! والله وجلبك جمد، الله يرحم لما كنت تجولي أنسة فيروزة
أقترب أكثر وهى تضع يديها على صدره تمنعه بعفوية مُشاكسة له حتى قاطعهما صوت دقات “عطر” فتأفف “مصطفى” بضيق من مقاطعته ليقول:-
_ عجبك كدة، فضلتي تتشاجي عليا لحد ما الوجت خلص
ذهب ليفتح البا ورأى “عطر” تنتفض ذعرًا ودموعها تسيل على وجنتيها ولسانها لا يقوى على الحديث، سأل بقلق:-
_ مدام عطر
جاءت “فيروزة” لتفزع من هيئة “عطر” وسألت بقلق:-
_ عطر حصل حاجة؟
_ عيسي… ألحقه يا مصطفى
قالتها ببكاء شديد وشهقتها تلتهم كلماتها المُتلعثمة فلم يفهم شيء سوى أن زوجها تعرض لأذي وهى بحاجته ……
___________________________________
كان “ناجي” جالسًا على المقعد فى المخزن وأمامه رجلان يقيدون “عيسي” فى المقعد الخشبي الذي يجلس عليه، أقترب أحدهما من “ناجي” يحمل نبوة “عيسي” الأسود ذات رأس الأفعي ليعطيه إلى “ناجي” فمسكه مما أضحك “عيسي” جدًا عليه ووضع قدم على الأخرى رغم تقيده بكبرياء وقال بنبرة جادة:-
_ براحة يا عمي، أصل الأفعى دى مش أى حد يجدر يمسكها ولو كنت جدها كان الكبير أبوك أداها لك أنت، كيف ما شافك برضو مش جد المال ورغم نفختك الكدبة دى مشافش فيك أنك تجدر على حاجة
وقف “ناجي” من مكانه مُمسكًا بالنبوة “عيسي” وبدأ يتقدم للأمام نحوه بينما تلقي “عيسي” لكمة قوية على وجهه من قبضة “خالد” الذي ظهر من الخلف وقال:-
_ أستعد لموتك يا عيسي، أنا مش بس هجتلك لا، أنا بعد ما أحرجك هروح أجتل ابنك وهو فى بطن امه وبعدها هرمي مرتك للمطاريد اللى خليتهم يجتله أخويا يتسلوا بيها ……..
أستشاط “عيسي” غضبًا وتخلى عن بروده حين ذكر “خالد” ابنه وزوجته ليركل “خالد” بقوة اسقطته أرضًا مما أشعل النار بينهما وأنقض “خالد” على “عيسي” يلكمه بقوة على كل أنش فى وجهه حتى سقط المقعد للخلف وأنكسر، بصق “عيسي” الدماء من فمه بغضب وسحب يده بخشب المقعد المقيدة به ولكم وجه “خالد” بقوة فجرح الخشب وجهه، وقف “عيسي” مُنهكًا وقال:-
_ أنا كان ممكن أعدي لعب العيال لكن عطر!! تجاوزت كل الحدود وخسرت فرصة العفو، وأنا مخارجش من اهنا غير جاتل أو مجتول يا ولد عمي
بدأ العراك بينهما وكلما أقترب رجل ليشارك فى هذه الحرب لكمه “عيسي” بقوة، شاهد “ناجي” الحرب بينهما و”عيسي” أوشك على قتل “خالد” فى يديه من قوة لكماته فذهب إلى سيارته المصفوفة وفتح التابلو ليخرج منه المسدس، وصل “مصطفى” إلى المخزن بعد أن تتبع هاتف “عيسي” بمساعدة رئيس المباحث مما جعله يصل سريعًا إليه، أقترب “ناجي” منهما وهو يصوب المسدس على “عيسي” الذي لكمه “خالد” بقوة، أسقطته أرضًا وأدي إلى تلقي “خالد” الرصاصة عوضًا عن “عيسي” مما أوقف عقل “ناجي” بينما يري ابنه الأخر يسقط أرضًا وسقط النبوة من يده وهرع إلى “خالد” يصرخ باسمه :-
_ خالد …. ولدي يا ولـــــــــــــدي
دلفت الشرطة مع “مصطفى” وكان الوضع فوضوي و”ناجي” جالسًا أرضًا يضم ابنه الذي فارق الحياة فور تلقي الرصاصة فى القلب ويصرخ بألم شديد و”عيسي” على الأرض مُنهكًا من تلقي هذا الكم من الضرب بيدي “خالد” والرجال ، هرع “مصطفى” إليه وهكذا الشرطة التى قبضت على رجال “ناجي” معه ……
_______________________________
أتسعت عيني “عطر” على مصراعيها بينما تحدق فى جهاز اللابتوب الخاص بها حادقة بنتيجة كليتها وحصولها على درجة الأمتياز وقد تجاوزت سنتها الثانية فى الكلية، لم تصدق فرحتها بنجاحها فركضت للأسفل بسعادة تغمرها وتقول:-
_ عيسي … عيسي ، حِنة أنتوا يا قوم ، يا أهل الدار
نظر “عيسي” إليها وهو جالسًا على السفرة يتناول غداءه مع أسرته وصُدم من حركتها رغم بطنها المُنتفخة، ذهب نحوها بفزع قائلًا:-
_ وااا جنيتي يا عطر، أنتِ على وش ولادة براحة يا ست البنات
تشبثت بيديه بسعادة تغمرها لا تبالي بشيء سوى سعادتها وبدأت تدور به كثيرًا وتصرخ بحماس:-
_ أنا نجحت يا عيسي، نجحت … نجحت
ضحكاتها تملأ المكان مما أضحك الجميع عليها لم تنضج هذه الفتاة بعد، رغم أنها زوجة وقريبًا جدًا ستصبح أم لكنها ما زالت تملك عفويتها البريئة وتتشبث بضحكتها التى لم تختفي يومًا رغم ما ذاقته فى الحياة من وجع، ضحك “عيسي” على زوجته وهو يدور معها وسط السرايا صارخة بفرحة:-
_ نجحت .. نجحت يأمتياز … أنا نجحت يا بشر، أنا نجـــ……. اااااااه
لم يشاركها الفرح زوجها فقط، بل يبدو أن طفلها شعر بسعادة والدته فأراد أن تكن الفرحة أثنين وقد حسم هذا الطفل أمره بالخروج الآن ليشاركها السعادة التى تغمرها، توقفت عن الحديث مع قدميها التى تشنجت محلها حين شعرت بألم يمزق أحشائها تقريبًا، سقطت أرضًا مُتشبثة بيده ليجثو معها “عيسي” وتتألم مما جعل الجميع يذعرون ويقفوا من أماكنها مُسرعين إليها فتمتم بألم أكثر:-
_ ااااه …. عيسي …. ااااااه لا لالا أاااه هيخرج ااااه
أقترب أكثر لكي يحملها فمنعته مُتذمرة رغم الألم وقالت:-
_ عيسي أنت مش هتحبه أكثر مني صح؟
نظر إليها مُندهشًا رغم ألمها وصرختها التى ملأت المكان لكنها تسأل عن الحُب الآن فقال بضحكة قوية:-
_ لا يا مجنونة مهحبهوش أكتر منك
تشبثت بيده وهى تلتقط أنفاسها بصعوبة ونظرت بعينيه مغرمة بهذه العيون وقالت:-
_ يعنى بتحبني صح؟
_ بموت فيك يا مجنونة
قالها بعفوية ثم حملها لتصرخ من تحريك جسمها وهرع بها إلى المستشفي ولم تكتم صرخة واحدة، بل ظلت تصرخ بقوة أثناء الطريق حتي نظر المارة جميعًا عليها بينما، وصل إلى المستشفي وأخذها منه الممرضة وبعد أن فحصتها الطبيبة تركتها فى الغرفة تعاني من ألم الولادة خصيصًا أن “عطر” ستلد طفلها بجراحة، جهزت الممرضة أكياس دم إحتياطي لـ “عطر” بسبب مرض رحمها الذي يحمل الطفل داخله، وضع “عيسي” يده على قلبه بخوف فهذه اللحظة مُرعبة للجميع لأجل المرض وتحذير الطبيبة لهم أن الولادة ستكون خطر على حياة “عطر”، ربت “مصطفى” على كتف “فيروزة” التى تبكي من رؤية “عطر” وسماعها لصوت الصراخ، نُقلت “عطر” إلى غرفة العمليات فتشبثت بيدي “عيسي” قبل أن تدخل وقالت بألم قد تمكن منها:-
_ متنسنيش يا عيسي، ولو جرالي حاجة ربي أبننا بحنية
مسح على رأسها وعينيه تنظر إلى وجه فتاته الباهت وحبيبات العرق تحتل جبينها من الألم ثم قال ببسمة خافتة:-
_ أنا هستناكِ يا عطري، هنربيه سوا يا حبيبة جلبي
ضحكت “عطر” بعفوية تاركة له بسمتها أخر شيء تراه عينيه قبل أن تفارقه على باب العمليات، ذرفت دموعه من الخوف وبدأ لسانه يدعي كثيرًا أن تخرج سالمة، لم تكن “حِنة” والبقية أقل حال منه والخوف تملك من الجميع لأجلها، غرق “عيسي” فى ذكرياته معها بضعف حتى قاطع هذه الذكريات صوت بكاء طفل من الداخل ثم خرجت الممرضة تقول بسعادة:-
_ مبروك المدام ولدت
سألها “عيسي” بقلق متلهفًا لزوجته:-
_ وعطر؟ كيفها؟
_ الحمد لله زينة جوى، الدكتورة بس هتخلص وتخرج
قالتها بحماس ؛ ليتنفس الصعداء بأريحية وأخرج من جيب عباءته الكثير من المال يعطيه لها قائلًا:-
-مش خسارة فيكِ يا وش السعد، اللهم لك الحمد
نظرت الممرضة إلى المبلغ وكان تجاوز الألفين مما جعلها تسعد بهذا الرزق الذي جاء إليها، خرجت “عطر” بعد نصف ساعة من خبر الولادة كانت شبه غائبة عن الوعي بسبب المُخدر وتُتمتم باسم زوجها فتبسم “عيسي” وأقترب من فراشها يجفف قطرات العرق عن جبينها بوشاحه حتى دلف الجميع للغرفة ومعهم الممرضة تجلب طفله الذي حمله بين ذراعيه، الشعور الذي أصابه حين حمل طفله الرضيع ضئيل الحجم لم يشعر به من قبل، شعور لا يساويه كنوز العالم أجمع، كان طفله صغيرًا جدًا فلم يكن يكفي كفتي يدي والده، مغمض العينين ببشرة حمراء رغم نقائها فضحك “عيسي” بعيني دامعة وتمتم بذهول لا يستوعب أنه حمل هذا الطفل:-
_ اللهم بارك، شوفتي يا أمي، دا اللى كان مجنن عطر فى نومها ومجنننا وياه تسعة شعور
ضحكت “هدى” على ابنها وسعادة التى ظهرت فى دموعه، تحدثت الممرضة بلطف قائلة:-
_ حطه فى حضن أمه
أقترب “عيسي” ليضع طفله على ذراعها تضمه إلى صدرها حتى يشعر بوالدته فضحكت “عطر” رغم تأثير المخدر وبدأت تلمس أصابع طفلها وقالت:-
_ عايزة أسميه زين
تبسم “عيسي” وهو يمسح دموعه وقال بعفوية:-
_ ماشي يا أم زين
نظرت “فيروزة” إلى “مصطفى” بسعادة وخرجت معه من الغرفة ليسيروا معًا، أخذها إلى سيارته وفتح لأجلها الباب وقبل أن يغلقه تشبثت “فيروزة” بوشاحه تمنعه من التحرك، نظر إليها بدهشة وقال:-
_ فى أي؟
ظلت ترمق عينيه بدفء ونبضات قلبها تتسارع بسعادة فهمست إليه بحُب ونبرة ناعمة:-
_ مصطفى أنا بحبك
أتسعت عينيه بدهشة أصابته بعد أن لفظت هذه الكلمة لأول مرة مُنذ أن تزوجها من أشهر، مرت عليهم ليالي كثيرًا ورغم ذلك لم تنطق هذه الكلمة، هزت “فيروزة” رأسها بالإيجاب مُتابعة الحديث:-
_ بحبك أوى يا مصطفى
تبسم بعفوية إليها وقال بلطف:-
_ وأنا بحبك يا فيروزتي
___________________________________
ركضت “عطر” مُتذمرة وراء طفلها الصغير الذي بلغ من العمر أربعة سنوات وبات شقيًا جدًا كالأطفال بعمره وأكثر، يركض متمردًا على والدته الصغيرة يمارس عناده الذي ورثه من والده عليها صرخت به غاضبة من شقاوته:-
_ تعال هنا يا زين
ضحكت “حِنة” عليهم بينما تجلس على الأريكة تحت المظلة الخشبية فى الحديقة مع “هدى”، تحدثت بنبرة دافئة:-
_ وإحنا جايين على الصعيد عمري ما تخيلت أن أشوف عطر كدة، عندها عيلة وأبن مطلع عينيها
_ دا من رحمة ربنا يا حِنة خد مننا كتير وعوضنا بعطر، جابت زين وأهى حبلة فى بنوتة و……
قالتها “هدي” التي ابتلعت بقية حديثها حين سمعت ضجة “فيروزة” التى تاتي ركضًا من الداخل إليهم وتنادي باسم والدتها:-
_ ماما …. يا أمي
وصلت لهما فرمقتها “هدي” بدهشة من ركض فتاتها:-
_ وا جرا أي يا فيروزة
_ أنا حامل
قالتها بحماس وفرحة بعد أن رُزقت بطفل أنتظرته لسنوات كثيرة مُنذ أن تزوجت “مصطفى” وذهبت للأطباء كثيرًا من أجل الحمل، وقفت “هدى” من مكانها بفرحة تغمرها والآن رُزقت فتاتها بطفل وتحققت دعوتهم الدائمة:-
_ أي، انتِ حبلة
هزت “فيروزة” رأسها وهى تمد لوالدتها صورة الأشعة بسعادة تغمرها حين جاء الخير لها بعد صبر طويل وقالت بعفوية:-
_ اه فى توأم كمان، هجيب أتنين
قبلتها “هدى” بفرحة وأخذتها من يدها كى تجلس بأريحية وقالت:-
_ أوعاكي تتحركي حركة واحدة فاهمة
وصل “عيسي” مع “مصطفى” الذي يركض بلا توقف بعد أن أخبرته “فيروزة” بحملها، ركض نحوها مُسرعًا وسألها:-
_ أنتِ …
هزت رأسها بنعم وهى تعطيه الأشعة بحماس وقلبها لا يتحمل الفرحة وتشعر أنه سيتوقف من شدة فرحتها وقالت بعيني باكية :-
_ اه حامل هجيب توأم يا حبيبي
نظر للصورة بسعادة ثم قبل جبينها أمام الجميع بلا خجل، أقترب “عطر” منها بينما ركض “زين” إلى والده الذي جاء مع “مصطفى” ليحمله على ذراعه ويسير نحوهما هامسة بأذنيه:-
_ مش جولنا تسمع كلام ماما ها …. يا ولا هتجبلنا الكلام
ضحك “زين” مع والده حين قرصته “عطر” من خسره بتذمر قائلة:-
_ سمعتك يا عيسي
أخرج “زين” لسانه إلى والدته يغيظها فتأففت بضيق قائلة:-
_ شايف دلعك فيه
تبسم “عيسي” وهو ينزل طفله أرضًا وأقترب يقبل أخته بفرحة ويقول:-
_ مبارك يا حبيبتي ربنا يجومك بالسلامة وتجبلنا نونو حول شبهك أكدة، أوعي تعمليها وتجيبه شبه الواد مصطفى
تحدثت “فيروزة” بحُب يغمرها وعينيها ترمق زوجها الجالسة أمامها على الأرض فوق ركبيته قائلة:-
_ أنا بتمني يطلعوا شبه مصطفى جوى
دمعت عيني “مصطفى” فرحًا ليقاطعهم صوت “زين” يقول بحماس:-
_ أنا عايزها بنوتة تبقى البت بتاعتي وأتجوزها
قرصته “عطر” من أذنه بضيق من حديثه الغير لائق بسنه بينما ضحك الجميع على كلمته ليقول “مصطفى”:-
_ ومين جالك أنى هجوز بنتي ليك يا جرد السرايا أنتِ
تذمرت “عطر” على كلمته بوجه طفولي عابس وقالت:-
_ نعم!!! أنتوا تطول أن ابنى يبص لبنتكم، دا كرم مننا عشان متبورش بس
بدأت المشاجرة بين “عطر” و”فيروزة” كلا منهما تدافع عن طفلها فأقتربت “هدى” من “عيسي” الذي كان شاردًا فى عائلة يحدق بكلا منهم والسلام الذي حل على بيته فقالت:-
_ متخافش يا عيسي من اللى جاي
نظر إلى الجميع بسعادة تنير وجهه وبسمة مُشرقة وأتكأ بيديه الأثنين على نبوته ممسكًا بهذه الأفعي بعد أن حافظ على امانة جده فى المال وفى “عطر” ثم قال:-
_ أنا مخايفش يا أمى، مخايفش على عيال البيت دا عشان اللى هتربيهم عطر وفيروزة ، أتنين جلوبهم أنضف وأرج بكتير من العالم دا، مهيزرعوش جوا العيال دى غير الخير واللى بيزرع بيحصد يا أمى، ولا عطر هتعلمها الكره الغل ولا فيروزة هتعلمهم الطمع والجشع، أنا واثج أن الأثنين هيزرعوا حُب واللي بيزرع حُب بلاقيه يا أمي، والخير عمره ما هيتلوث بالشر
النهــــــــــــــــايــــة …………
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية كبرياء صعيدي)