روايات

رواية كانت أنثى الفصل الثاني 2 بقلم لولي سامي

رواية كانت أنثى الفصل الثاني 2 بقلم لولي سامي

رواية كانت أنثى الجزء الثاني

رواية كانت أنثى البارت الثاني

كانت أنثى
كانت أنثى

رواية كانت أنثى الحلقة الثانية

المرأة نصف المجتمع …
بل هي المجتمع كله …
فهي نصفه عندما تمثل دور الزوجة والاخت والابنة والخالة والعمة …
وهي كله عندما تمثل دور الأم فتصبح مسؤولة عن تربية الرجال ….
هكذا كان عقلي يترجم افعالي مع ابنائي ،
فعند استيقاظ انس قبلته وبدأت في تغيير على الجرح / يالا يا أنوس يا حبيبي علشان اغيرلك على الجرح…
فور استماعه للفظ جرح حتى ارتعب قليلا ….
لم أنكر أنه كان يصرخ قبل أن المسه حتى ولكني حاولت أن أبث بداخله روح التجلد والتحمل …
واقنعته أنها من شيم الرجال لاعطيه مثال حي …
فطلبت منه أن يريني مدى قوة تحمله إذا جرح وكانت أخته الصغيرة بحوزته …
هل سيترك مسؤولياته تجاهها ؟؟
مما قد يعرضها للخطر !!
او يتألم أمامها لتشعر بالذعر وعدم الامان ؟؟
ام سيتحمل لحين وصوله لحل يخفف من الالامه أو وصول أحد منا فيخف عنه الحمل؟؟
خلال محادثتنا هذه استطعت أن اغير جرحه بهدوء..
وللحق هو تحلى بالصبر والمثابرة للفخر…
فتاكدت أنه سيصير رجلا يتحمل كافة الصعاب .
لانظر له بابتسامة فخر واقبل وجنته .
الحادث نفسي أن هكذا تربية الرجال يجب أن أفتش بداخله عن معنى الجلد والتحمل حتى لو كان طفلا..

بدأت بإعداد الطعام ولم انسى الحلوى الذي يعشقها انس فحقه أن يثاب على تحمله .
انتهينا من وجبة الإفطار وطلبت منهم المذاكرة قليلا حتى يتسنى لي قراءة الخطاب الخاص بالعمل .
لا اخفي عنكم سرا حاول الاولاد خداعي بأنهم يذاكرون فانا أعلمهم جيدا …
لا يبدأون بالمذاكرة بدوني ولكني تصنعت أنني التقمت خدعتهم وذهبت لإعداد قهوتي ،
ثم أحضرت حقيبتي لاخرج منها خطاب الزائرة المجهولة وجلست وانا احاول أصب كل تركيزي على فحوى الخطاب .
فتحته وبدأت اقرا
………………..
انا هناء أو صفاء أو رجاء مش مهم الاسم المهم المعنى …
انا اللي طلبت ان حكايتي تتكتب وبالتفصيل لما حسيت اني توهت ….
توهت ومبقتش عارفة انا ايه في الأساس….
بس اللي متأكدة منه وفكراه كويس اني كنت انثى.
قبل ما اقولكم حكايتي لازم اعرفكم أن الحكاية ده هتقابل رفض من البعض وانا متقبلة ده جدا لاني بصراحة حكايتي بتخاطب فئة معينة من فئات المرأة العاملة .
الفئة الأكثر طحنا أو من تتخذن المسؤوليات على عاتقها حقا…
وليعلم حاملي شعار ( الانبدنتدت ومن والذي كنت أنا من مروجي هذه المفاهيم من قبل)
أن هذه المسألة لم ولن تروق لهم ولكنها بكل أسف الحقيقة …..
الحقيقة التي نهرب منها والتي لطالما هرولنا خلفها لأسباب اوهمونا أنها تعود للحرية…
وربما ابتاعوا لنا أكذوبة إثبات الذات ….
لنكتشف فيما بعد أنها من أكثر القيود التي اخترناها برغبتنا ….
وأنها بعيدة كل البعد عن مفهوم تحقيق الذات .
هذه قصتي أردت أن اتلوها عليكم لتعلموا بدواخل الأمور ربما عدتن لرشدكن وتنحيتن عن أفكار بثها البعض لاجندات خاصة بهم .
قبل الدلوف بالقصة واحقاقا للحق لي كلمة للفتيات…

الانثى خلقت لتكرم وتصان فهى كالزجاج الرقيق إذا تهشم لم تلتئم جزيأته مرة أخرى …..
ولذلك أقول لك عزيزتي ليس العمل هو من سيحقق ذاتك….
ولا ركضك خلف وسائل المواصلات للحاق بالعمل هو من سيثبت قدراتك ومهاراتك…
ولكن لكل قاعدة شواذ فهذا لم ينفي احتياج البعض للعمل من أجل توفير الاحتياجات الضرورية للحياة…
وأؤكد على لفظ الاحتياجات الضرورية فإذا كان عملك أساس لتوفير هذه الاحتياجات فهنا تحطم القاعدة ويصبح سعيك ضروريا…
ولكن حاولي حينها اختيار أدناهم ضررا واقلهم شقاءً .
أما إذا كان من أجل الترفيه ،أو تحقيق الذات، أو توسيع دائرة معرفتك!!
فاعلمي أن جميع هذه الأسباب وهمية ولن تتحقق..
فالترفيه سيحطم مع اول يوم تهرولي خلف سيارات الأجرة للحاق بالموعد المحدد لك والا خصم منك وتم تكديرك بألفاظ لم تتقبليها من قبل من ذويكي…

أما اذا كان الغرض تحقيق الذات فاعلمي انك ستنسي ذاتك وانتي تحاولين تسديد الخانات هنا وهناك حتى تظهري بمظهر الغير مقصرة في بيتك وعملك واطفالك…
وستعودي لرشدك حين تفاجأي أن كل ما سعيتي إليه وكل ما جاهدتي من أجله لم يتحقق بل والادهي لن يذكر لك أحدا جميلا أو حتى مجرد مدح على الجهد التي تبذليه ….
وستجدين نفسك تدورين بدائرة مغلقة ،
اما بالنسبة لهدف اتساع دائرة معارفك فنعم هذا ما ستحققينه في الواقع …..
ستتعرفي على مجموعة من البشر الذي لم يتوقع عقلك أنهم يعيشون بهذه الحياة من الأساس…
لكم الوضاعة التي ستجدينها منهم ..
وهنا تتمني أن لو كانت أصبحت دائرة معرفتك تقتصر على الأقارب التي بالكاد تستطيعين التعامل معهم واتقاء شرهم.
فلتسمعي عزيزتي معضلتي ولتحكمي بنفسك
من أحداث واقعية حدثت بالفعل بكل تفاصيلها …

تستيقظ هناء كل صباحا عفوا كل فجرا فهي امرأة عاملة..
تعمل معلمة رسم باحدي المدارس الحكومية ومتزوجه من عادل يعمل مدرس لغة عربية في مدرسة حكومية أخري،
بإدارة اخري بمرحلة ابتدائي …
ولديها طفلين حسن والذي علي اسم جده وهو بالصف الثالث الابتدائي والاصغر انس وهو بالصف الاول الابتدائي .
وحتى تكتمل المتاهة فإن حسن وعمر بمدارس أخري غير مدارس والديهم وإدارة أخري ايضا …
بسبب رغبة والديهم في اختيار مدرسة جيدة في إدارة جيدة لهم.
بدأت هناء في الاغتسال فور استيقاظها ثم توضأت وصلت وذهبت لتوقظ أبناءها .
دلفت لغرفة أبنائها فامتعض وجهها مما تراه فهم دائما برغم تشديدها عليهم بأن يجمعوا ادواتهم بعد المذاكرة إلا أنهم فور انتهائهم من واجباتهم ينامون بلا تردد ولم يجمعوا شيئا.
ظلت تدور انظارها في الغرفه يمينا ويسارا …
ثم بدأت في المناداه عليهم لايقاظهم وهي تلتقط بعض الملابس الموضوعة أرضا، وتلملم ادواتهم التي سيحتاجونها بمدرستهم وهي تقول/ استغفر الله العظيم، مفيش مرة اطلب منهم يلموا هدومهم وادواتهم ويلموها ….
الله يسامحكوا يا اولادي.
ثم نادت عليهم قائلة/ يا حسن اصحي الساعة ٥ ونص ،يا حسن اصحي يا ابني.
استكملت نداءها وهي تلملم باقي الادوات قائلة/ عمور حبيب ماما اصحي يا سكر، اصحي قبل حسن انت شاطر .
تململ عمر في نومه فهو يستيقظ سريعا عن أخيه نظرا لطبيعة نومه الخفيف بينما حسن يريد من يهزه حتي يفيق .
رأته هناء يتمطع فنادت مرة أخري وهي قريبة منه/ صباح الخير يا عمور شاطر حبيبي قوم يالا علشان المدرسة شاطر يا سكر .
رد عمر بصوت ناعس وهو يقف على الفراش يفتح يده لوالدته قائلا/ صباح الخير يا ماما.
ففتحت هناء يداها تستقبله ليرتمي باحضانها فتحمله وتذهب به الي المرحاض تغسل له وجهه ثم تطلب منه الذهاب لتغيير ملابسه فهو يستطيع أن يرتديها بمفرده.
كما طلبت منه محاولة إيقاظ أخيه حسن الكبير وبالفعل توجه عمر وحاول مرارا أن يوقظ أخيه حتي استيقظ اخيرا بينما هناء دخلت لتوقظ زوجها عادل الذي فور أن استيقظ لم ينطق ببنت كلمه كعادته..
فهو كثير الصمت نادر الكلام ربما لطبيعة عمله التى تطلب كثرة الحديث والشرح بالخارج فيأتي للمنزل وهو غير مستعد للنطق بكلمة واحدة ، وربما لطبيعة شخصيتة الهادئة.
دخل المرحاض يغتسل وتوضا وصلى وهناء تعد سندوتشات المدارس والابناء يرتدون ملابسهم ليمر وقت قصير لا يتجاوز النصف ساعة فكانت تدق الساعة السادسة صباحا فودعتهم منطلقين مع والدهم الي مدارسهم …
فوالدهم يوميا يقوم بتوصيلهم الي مدارسهم بسيارته الصغيرة التي بالكاد تسير بعد أن يقوموا معها بتمارين الصباح من دفع وسحب ثم يذهب هو الي مدرسته مكان عمله.
فور خروج زوجها واولادها بدأت هناء تستعد ليوم عملها فارتدت ملابسها في وقت لا يتجاوز العشر دقائق واسرعت مهرولة علي الدرج تسابق الزمن فليس أمامها متسع من الوقت فيجب أن تصل لعملها في غضون ثلث ساعة فكانت حقا تهرول حرفيا بالشارع غير عابئة بنظرات الناس إليها ….
ومن يتشدق على كونها امرأة وتهرول بين السيارات فهذا ليس بجديد عليها ….
فهي يوميا تكرر نفس الأفعال صباحا مع اختلافها بعد الظهيرة.
وصلت هناء الي عملها في الوقت المحدد لتزفر أنفاسها وهي تمضي بدفتر الحضور وتنطلق لطابور الصباح فقابلت صديقتها حسنة التي قالت فور رؤيتها/ صباح الخير يا هناء مالك بتنهجي كدة ليه؟
زفرت هناء نفسها قائلة/ بنهج علشان جاية جري ،يا دوب اخدت توكتوك ونزلني على اول الشارع خدتها جري لحد هنا.
استمعوا كليهما لصوت مدرس الالعاب وهو ينادي بالميكروفون….
ليجتمعا التلاميذ يقفون في صفوفهم ويبدأ كل معلم يقف بمقدمة كل فصل حتي يتم طابور الصباح وبعد انتهاءه يتوجه كل معلم بالصف الذي أمامه الي فصله وتبدأ مسيرة اليوم الدراسي .
بدأت هناء اول الحصص بمحاولة تهداة حالها فهي معلمة رسم ولذلك لم يرضى أحدا من التلاميذ أو أولياء الأمور أن تضغط عليهم لتعليمهم هذه المادة..
فكانت تحاول معهم بطرق بسيطة فمنهم من يتجاوب ومنهم من يري أن ليس للحصة اي أهمية سوى أنها وقت للراحة أو التحدث.
انتهت هناء من الحصة متوجهه الي غرفة الرسم فقابلت أمامها زميلها خالد الذي ابتسم بكل سماجة قائلا/ مس هنااااااء كويس انى لاقيتك عايزنك في فصل ٦/٣ بسرعة علشان حصة احتياطي.
قضبت هناء وجهها سائلة إياه / حصة مكان مين يا مستر خالد ،ده حصة فاضية عندي وعايزة أفطر مفطرتش والله .
بنفس الابتسامة السمجة اكمل خالد حديثه / معلش يا مس هناء ادخلي الحصه وافطري متعمليش حاجه.
هناء بضيق/ ازاي معملش حاجه ده كفاية بس وهس وكمان الحصه اللي بعدها عندي سنة سادسة ودول بيتعبوني جدا.
تحدث خالد وهو يوليها ظهره/ خلاص يا مس هناء انا كتبت أن الحصه بتاعتك وانتي المسؤولة لو في حاجه حصلت بالفصل سلامو عليكم.
ويختفي من أمامها بينما هي تخرج دخان من أذنها فمتي سيجلبون مدرسين ليخف عنهم هذا الضغط فمن المفترض أن نصابها الاسبوعي من الحصص لا يتجاوز الخمسة وعشرون حصة بواقع خمس حصص يوميا ….
لتكون فترات الاستراحة ثلاث حصص أو حصتان ولكن مع وجود عجز معلمين ودخولها حصص احتياطي يوميا فأصبح نصابها الواقعي يترواح ما بين الثماني وثلاثون حصة أو أربعون فلم يكن لها وقت حتي للإفطار……
وللاحقية فهذا حال جميع المعلمين الا البعض المقرب من المدير أو ما يسمي بالحاشية.
دخلت هناء حصتها مرغمة وحاولت تهداة الفصل واشغالهم ببعض الرسومات فهولاء اطفال لم يستطيعوا الجلوس بدون أن يفعلوا شيئا…
فأما اشغالهم بشكل ما أو يشغلون هم أنفسهم بطريقة ربما يضروا بهم أنفسهم.
ظل الحال بها تتناقل ما بين الفصل والآخر حتى انتهي اليوم الدراسي بعد أن انتهت قوتها ….
لا تعلم باي طاقة ستكمل يومها مع أبناءها .
خرجت هناء من المدرسة تهرول كعادتها الي موقف السيارات فهي تذهب مباشرة الي مدرسة أبناءها حتي تجلبهم فكل يوم ينتظرونها بساحة المدرسة حتي تأتي إليهم…
فهي المسؤولة عن عودتهم كما كان والدهم هو المسؤول عن ذهابهم وهكذا الحال كل يوم.
استقلت هناء ميكروباص وجلست وهي تهدأ من أنفاسها المتسارعة نتيجة هرولتها ثم أخرجت سندوتشات الافطار من حقيبتها فهذا هو الوقت الوحيد التي من الممكن أن تتخذ فيه أنفاسها وتتناول افطارها حتي تصل إلي مدرسة أبناءها.

انتهت من فطارها بطريقة سريعة قبل أن تصل فلم يوجد وقت للتلذذ بطعم الشطائر.
وصلت فهرولت مجددا بداخل الشارع الذي به مدرسة أبناءها حتي وصلت إليهم وجدتهم يلعبون بالكرة مع أصدقائهم نادت عليهم فحمل كلا منهم حقيبته وهرولوا إليها .
قبلتهم هناء وامسكت يدهم مهرولين الي الميكروباص ليعودوا الي منزلهم كما اعتادوا يوميا…
فوالدتهم دائما متعجلة لا يعرفون سبب تعجلها ولكنهم يسرعون معها فقد تعودا على ذلك.
صعدا سيارة الاجرة ليجلس حسن بجوار النافذه فيتذمر عمر قائلا/ كل يوم حسن يقعد جنب الشباك مليش دعوة انا عايز اقعد انا بقي.
قبلته هناء من وجنته قائلة/ انت حبيبي تقعد على رجل ماما حبيبتك لكن حسن كبير مينفعش اخده على رجلي.
حرك عمر كتفيه للأعلي قائلا/ مليش دعوة انا عايز اقعد مرة من نفسي.
انحنت هناء علي إذن حسن تقول له/ حسن حبيبي تعالي علي رجلي انت النهارده وخلي عمر هو اللي جنب الشباك.
تذمر حسن قائلا/ انا كبير يا ماما مينفعش اقعد على رجلك.
هناء بمحاولة الهدوء / معلش يا حسن لو معايا فلوس كنت خليتك تقعد على كرسي لوحدك بس ممعيش فخليه يقعد هو جنب الشباك النهارده وانت بكرة يا حبيبي شاطر.
علي مضض استقام حسن لتغير موقعه وجلست هناء وعمر على قدميها بجوار النافذة..
ولم تتعدي لحظات حاولت هناء تسألهم عن يومهم الدراسي ولكنها وجدتهم وقد غفى كليهما مستندين عليها.
فقد غفي عمر علي صدرها بينما حسن غفي علي كتفها حتي وصلوا الي منطقتهم حاولت افاقتهم وبالكاد …..
هبطوا من السيارة فحملت هناء حقيبة عمر بكتفها الأيمن وحملت حقيبة حسن بكتفها الايسر وامسكت كلا منهم بيد وبدأت تعبر طريقها وتصعد شقتها التي بالسادس وهي تجرهم خلفها جرا.
وصلا الشقة ودلفا بداخلها التي فور دخولهم وكأنها كانت بحرب فزفرت أنفاسها وهمت للاغتسال ولكن عمر وحسن كانا لهم رأي آخر.
بدأ حسن يتذمر قائلا/ ماما انا جعان اوي مفيش اكل؟
هناء باجهاد/ حاضر يا حبيبي عقبال ما تتشطف وتغير هدومك اكون عملتلك سندوتشات انت واخوك.
حسن بتمرد/ سندوتشات ايه عايزين نتغدي يا ماما.
التفتت هناء إليه سائلة بسخرية/ يعني كنت اطبخ وانا جاية بالطريق؟؟
مانا لسه جاية معاكم اهو من برة يا حسن، يالا اتفضل روح اتشطف وغير هدومك ،اتفضل من قدامي
دبدب حسن باقدامه على الارض معارضا لحجتها ذاهبا الي المرحاض.
مر قليل من الوقت كانت هناء أعدت بعض السندوتشات البطاطس وقدمتها لابناءها والتي تناولها بالفعل على مضض …..
لتبدأ هي في إعداد طعام الغداء وهي تكاد تقف على أقدامها تحاول أن تتحمل الاجهاد الفظيع الذي تشعر به.
انتهت هناء من اعداد الطعام فذهبت لغرفة أطفالها لتجد كلا منهم نائم في سبات عميق تنهدت ثم رجعت لتبدأ في إعداد السفرة ووضعت عليها الطعام ثم بدأت في إيقاظ اطفالها ليتناولا غدائهم وبعدها طلبت منهم اعداد دفاترهم لكتابة واجباتهم قائلة/ جهزولي الواجب بسرعة عقبال ما اعمل فنجان قهوة علشان مش قادرة افتح عيني.
توجهت هناء الي المطبخ ثانية لتعد لنفسها قدح من القهوة بل كوبا كبيرا فقد انتهت الطاقة لديها ويجب أن يكون هناك عامل اضافي لخلق طاقة جديدة لاستكمال باقي أعمالها ….
اثناء اعداد قهوتها بدأت بغسل بعض الصحون فإذا بهاتفها يصدح معلنا عن اتصال من والدتها .
سكبت القهوة وارتشفت اول رشفة ثم أعادت الاتصال بوالدتها وهي حاملة فنجانها بيد والهاتف باليد الأخري متوجهه الي غرفة الأطفال الذين كانا يتعاركا من أجل قلم فوبختهم على فعلتهم حتى انتبهت على رد والدتها قائلة بصوت متعب/ أيوة يا هناء انتي فين يا بنتي؟
هناء بتعجب من نبرة صوت والدتها فقد خفق قلبها قلقا فسألت وهي تجلس على المقعد أمام ابنائها/ مالك يا ماما صوتك مش مريحني.
ردت الام بالاتجاه الاخر بكلمات متقطعة من أثر نهجها وتزايد أنفاسها فقالت/ اتصلت بيكي علشان اقولك تعالي علشان انا تعبانه اوي مش قادرة اخد نفسي.
انتفضت هناء من مكانها قائلة /طب اقفلي يا ماما دلوقتي ومتتعبيش نفسك انا جاية حالا.
ثم أغلقت هاتفها هادرة بابناءها بصوت عالي ومضطرب/ عمر وحسن لموا واجباتكم في شنطة هوديكوا عند جدو علشان هروح مع تيتا للدكتور ،بسرعة يالا عقبال ما البس.
وهرولت الي داخل غرفتها ترتدي ملابسها فوالدتها مريضة قلب وهي ابنتها الوحيدة التي يجب أن تهتم بها مهما كانت ظروفها .
خرجت وسحبت ابنائها خلفها تحاول الاتصال بعادل زوجها لإبلاغه أنها ذاهبه بوالدتها الي الطبيب حتى لا ينزعج عند حضوره ولم يجدها ولكن كالعادة لم يجيب عادل علي مهاتفتها لتتغافل عن ذلك فهي اعتادت التصرف بمفردها وهو اعتاد اعتمادها على ذاتها.
وصلت هناء باقصي سرعة لمنزل والدتها فهو لا يبعد كثيرا منها حيث بينها وبين والدتها مدة نصف ساعة بالتوكتوك .
وبالفعل تركت الاطفال مع والدها واصطحبت والدتها للمشفي والتي أخبرها الطبيب بعد الكشف المبدأي أنها لديها ارتفاع بضغط الدم أدى إلي ارتفاع في نبضات القلب؟…
حتي تم بالمشفي ضبط نبضات قلبها وضبط ضغطها وجلست بجوارها لمدة ساعة وهي تكاد تغفو على ذاتها من أثر الإرهاق حتي استقرت حالتها وعادوا مرة أخري للمنزل .
انتظرت قليلا حتى اطمئنت على والدتها ثم تركتها مرغمة فهي مازال خلفها بعض المهام لم تنجز بعد ولكنها تشعر أنها لن تستطيع إتمام اي شيء اخر.
اصطحبت أطفالها وهي تكاد تزفر أنفاسها الأخيرة فقال لها عمر مستفسرا وهم بطريق العودة/ لما هنروح هنذاكر يا ماما؟
أجابت عليه بصعوبه / لا يا عمر مش قادرة يا حبيبي.
رد حسن بدوره معلقا/ الحمد لله احنا كمان مش قادرين انا نفسي اناااام.
ابتسمت هناء علي براءة أطفالها حتي وصلوا معا فوجدت عادل يغير ملابسه فقضب جبينه يسألها بتعجب من هيئتهم ….
فهي منهكة وأطفاله بملابس المنزل فسال مستفسرا/ كنتوا فين كدة بعد الشر.
التفتت هناء لأبنائها قائلة/ ادخلوا انتوا يا حبايبي جهزوا شنطكم وناموا .
وبالفعل توجهوا الاطفال لغرفتهم ليناموا بدون تجهيز شئ فقد انهكوا اليوم بينما هي التفتت إليه قائلة/ شوف موبايلك اتصلت عليك كام مرة عقبال ما اجهزلك الغدا.
وانسحبت من أمامه ذاهبة لتعد له الغداء كالالة التي لا تكل ولا تمل فحتي زوجها لا يشعر بما تفعله ولم يستجب لأي من اتصالاتها وكل ما يفعله هو ان يحضر بنهاية اليوم بدون حتي السؤال كيف انقضي يومهم أو ماذا فعلا أطفاله .
بل يأتي ويتناول طعامه ويهنأ بنوم عميق ليستيقظ بكامل طاقته.
انتهت من إعداد طعامه لتضعه على السفرة تزامنا مع خروجه من الغرفة فسألها مجددا/ برضه مقولتيش كنتوا فين ؟
ولو هتسأليني مردتش ليه على تليفونك، هقولك علشان وقت اتصالك الفون كنت ناسيه في العربية وانا كنت في حصة.
نظرت له بدون ملامح واضحه قائلة/ماما تعبت شوية وودتها للدكتور.
عقد حاجبيه قائلا بلهفة/ الف سلامة عليها وبعدين هي عاملة ايه دلوقتي؟
اخذت هناء نفسا عميقا ثم قالت/ هي افضل كتير الحمد لله…..
بس انا اللي مش كويسه وتعبانة جدا ،فلو سمحت بعد ما تخلص ابقي شيل الاكل علشان بجد مش قادرة.
ودخلت مباشرة الي الفراش لتجده لم يتأخر ودخل بجوارها على الفراش واحتضنها من الخلف هامسا بأذنها/ وحشتيني يا هناء، كدة هتنامي وتسبيني؟
أغلقت هناء عيونها بشدة وزفرت أنفاسها فماذا تقول له وهو بكل بساطة يطلب حقه وكأنها منعمة بالراحة طوال اليوم وتنتظره على احر من الجمر ولم ينقصها سوى وصله.
فالتفتت إليه بعيون متقدة من الغضب قائلة/ يعني اقولك ايه علشان تحس بيا؟؟
أو علشان تعرف اني تعبانة وبموت من التعب كمان ؟؟
بقولك مش قادرة اقف ولا اتكلم يا عادل تقولي وحشتيني!
بينما هو لم يرى سوى حقه بها ووصاله بعد يوم من الشقاء…..
يرى أنه يكد ويتعب من أجل لحظة تجمعهم سويا بنهاية اليوم ليصر هو على رغبته الملحه فحاول وضع يده ليلامس وجنتها قائلا/ طب مالك بس يا حبيبتي؟
استشاطت هناء غضبا من كم بروده أعصابه .
هل في حديثها وما سردته عن يومها حديث غير مفهوم !؟
زفرت انفاسها بشدة وعقدت حاجبيها قائلة بوعيد / والله يا عادل أن ما سيبتني دلوقتي لأقوم انام جنب اولادي انا بجد هموت من التعب حس بيا يا اخي بقي.
ثم التفتت تاركة زوجها مندهش من حدتها فهو لا يعلم سبب عصبيتها…..
بينما لو كان كلفه الأمر شئ بسيط واجري بها اتصالا واحدا باليوم ليعلم ماذا فعلوا أو إذا سألها عن يومهم واشعرها بتحمله بعض المسؤوليات معها لكان الامر اختلف تماما …
فهي تشعر أنها وحيدة في كل حياتها وقراراتها والتزاماتها وهذا ما جعلها دائمة التعصب.
تحرك عادل بهمجية على الفراش ليلتفت موليا إياها ظهره بعد أن نفخ بفمه أنفاسه وقال جملته الشهيرة/ ده عيشه تقصر العمر.
سمعت هناء جملته التي تؤمن خلفها دائما وابدا حقا فهذه الحياة وبهذه الطريقة تقصف العمر وليس تقصيره فقط.

………………
انتبهت من قراءتي على صراخ شمس لاطوي الخطاب سريعا واذهب لغرفتهم لأجدهم يتنازعون على لعبة فانهيت الاشتباك وتوجهت لابدأ في إعداد الغداء فإذا عاد مازن ولم يجد غداء وبعد رفضي له بالامس وانا إجازة فمن المؤكد أن القيامة ستقوم.
دونت اولا ملاحظاتي على الجزء الذي قرأته بدفتر ملاحظاتي ثم استقمت وبدأت باعداد الطعام وغسيل الصحون ووضع الملابس المتسخة بالغسالة .
ثم بدانا في المذاكرة حتى غفيا الاولاد مني تماما ، توجهت لغرفتي ووقفت أمام خزينة ملابسي احاول إقناع ذاتي بارتداء شئ ما .
مسحت وجههي بيدي وانا اشعر وكانني اقدم على شئ ثقيل علي….
نعم فقد مضى وقتا وانا لم ارتدي شيئا كهذا حتى أنني الان أشعر بالخجل وكأنه اول مرة .
فانشغالي في الحياة وابتعاده عني الا بهذه الفترات يجعلني أشعر وكان هذا هو كل همه من هذه الحياة الزوجية…..
واحيانا أخرى يحدث تحت مسمى قضاء واجب بالنسبة لكلانا.
لذلك أشعر بالنفور والامتعاض ولكني اذعنت بالنهاية واخرجت بيجامة عبارة عن بدي وشورت برغم أن تصميمها لم تختلف كليا عن ما ارتديه بالعادي سوى نوع القماش….
ولكن مجرد اختلاف نوع قماشها للشفاف جعلني أشعر باختلافها كليا .
وقفت أمام المرآة لاصفف شعري شعرت بحلاوة الاهتمام بالذات وكم كانت لحظات جميلة أشعر بالاشتياق والحنين إليها .
لابتسم لنفسي بالمرآه وانا اذكر حالي / الأمر ليس بصعب….
يحتاج القليل جدا من الوقت …
وبعض من الحالة المزاجية الحسنة ( إذا وجدت)…..
مع قليل من المجهود الضئيل.
……………….

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية كانت أنثى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى