رواية كانت أنثى الفصل الثالث 3 بقلم لولي سامي
رواية كانت أنثى الجزء الثالث
رواية كانت أنثى البارت الثالث
رواية كانت أنثى الحلقة الثالثة
الروتين كلمة عند سماعها تشعرك للوهلة الأولي بشعور الملل والرتابة…
ولكن حين تدقق الإمعان بها تجدها ذو وجهان..
ككل شئ بحياتنا فحتي الروتين عملة لها وجهين …
وجة الملل والرتابة …
والوجه الآخر هو الاستقرار النفسي والعصبي…
لدرجة تجعلك تستطيع الترتيب والتخطيط لما تود القيام به في المستقبل.
وهذا ما كانت تفتقده هناء أو بالأحرى كل امرأة عاملة …
وهو الاستقرار والتخطيط للغد بل كانت أمنية حياتها التخطيط ليومها فقط وليس الغد .
فحتي يومها لا تستطيع تخطيطه بشكل صحيح فهي ليست ملك نفسها.
برغم أن الهدف الأساسي في سعيها للعمل كان أن تكون ملك نفسها …
إلا أن الواقع يتنافى تماما مع الاحلام …
لطالما تمنت هناء حياة مستقرة يتخللها بعض الروتين الذي يؤهلها ان تخطط لما تود أن تقوم به…
ولكن ليس كل الامنيات تتحقق.
…………
هذا ما دونته من خلال قراءتي لجزء من خطاب هناء ،
لم اعرف بعد هل هذا اسمها الحقيقي ام مجرد أمنية ترجوها ؟؟
ذهبت للعمل بعد وصلة روتيني الصباحي على حد قول هناء …
ولكني للحق انا أقل منها وطأة …
فانا اعد شطائر لاطفالي بالصباح واتركهم يهبطون لحافلة المدرسة…
بينما ابنتي اوصلها بنفسي وانا ذاهبة للعمل فلم أجد كل الشقاء التي اوضحته هناء في حالتها …
ربما يرجع ذلك للمستوى المادي….
فمن الواضح أنني لست افضل شئ …
ولكني والحمد لله أدركت أنني افضل من غيري بكثير….
على غرار هناء .
فور وصولي للعمل وجدت رئيس التحرير ينتظرني فذهبت إليه لأجده يعاتبني في عدم كتابة المقال وعرضه عليه…
لاحاول ابرر له سبب خفقي هذه المرة / بعتذر طبعا يا فندم، وبعتذر اكتر لاني ممكن أجل المقال الاسبوع القادم كمان …
امتعضت ملامحه ليستقيم واقفا …
واضعا يده خلف ظهره كعادته دائما ثم توجه ليجلس امامي سائلا / المفروض اني عارفك محررة نشيطة وقدرتي توصلي لمستواكي بعد مجهود مش قليل…..
ودلوقتي عايزة تضحي بكل ده في سبيل ايه !!
لو عندك مشكلة ممكن تقوليلهالي ونفكر مع بعض في حلها..
لكن اللي انتي بتعمليه ده خسارة .
أعلم جيدا….
أن لا يوجد احد يهتم بمشاكلك الا إذا كانت ستعيقه هو شخصيا …
لذلك تفهمت نبرة رئيس التحرير القلقة بشأني…
أو بالأحرى بشأل عمله …
واذا قمت بسرد ما يؤرقني بالفعل فهو بالنهاية لم يقدم لي اي حل…
اذا كانت هناك مشكلة من الأساس….
وسيكون كل حلوله مجرد حديث مرسل ففي كل الأحوال أرى أنه لا داعي من ذكر شئ .
لذلك اصطنعت الابتسامة وقلت له / ابدا يا فندم مفيش مشكلة ولا حاجه كل ما هنالك أني بحاول اجمع داتا تفيدني بعد كدة في مقالاتي….
علشان احولها من مجرد مقالات مرسلة لتجارب فعلية…
واعتقد ده هيكون افضل ليا وللمجلة .
استقام مرة أخرى فلم يعد للحديث بطريقة ودية من فائدة فليعود مرة أخرى لمنصبه .
عاد لمقعده وتحدث بعملية تامة / حلوة الفكرة ومعنديش مانع طبعا بس اتمنى متتاخريش عن اسبوعين …
ثم نظر لي مضيقا عينيه ربما لمحت نظرة شك بعيونه لاترجم حاله أنه متخوف من أن أكون كل هذا مجرد استعداد للعمل بجريدة أو مجلة أخري ليتحدث بنبرة آمره وكأنه يختبر رد فعلي قائلا / وطبعا الاسبوعين دول مش هتقضيهم قدام الكمبيوتر تجمعي في داتا !!
لكن انا شايف انك تساعدي زمايلك في قسم الاخبار….
اسلوبك في صياغة الخبر جميل وهتكوني إضافة ليهم .
تفهمت تهديده فإما الاستمرار كمحررة وكاتبة لي عمودي الخاص ؟؟
وإما الهبوط بالمستوى لمحررة اخبار كل ما تستطيع القيام به هو صياغة معلومة الخبر بشكل دقيق .
تبسمت مرة أخرى وامات براسي وانا انتصب واقفة واقول بكل ثقة / تمام يا فندم عن اذنك…
تنفست الصعداء فور خروجي من مكتبه فالتحدي بالالفاظ ليس هينا ….
والحمد لله انني استطعت تفهم كل ما كان يرنو إليه بدءا من أسلوب الاستقطاب لجعلي استرسل بالحوار والتحدث عن مشاكلي والتي لم ولن يقدم بها أي جديد…
ثم اسلوب التهديد المبطن مرورا بنظرات الشك تلك..
كل هذا كان يتطلب منى كم هائل من الثبات الانفعالي الذي يجعلني غير منساقة لاي حديث ناعم…
أو اهتز لمجرد نظرات شك أو تهديد مبطن
طرأت لي فكرة بعد خروجي من مكتبه فلم أكن اتحدث معه عن فكرة تجميع بيانات سوى للاستفادة من اكتساب مجرد وقت لدراسة مشكلة هناء….
وإعادة النظر من جديد في ارائي ومبادئي ولكن لما لا؟؟
لما لا استفيد من هذه التجربة وابدا بالتفاعل الجدي مع المتابعين أو من لديهم مشاكل….
واحاول بالفعل القيام على حلها أو التوصل لسبب المشكلة معهم فسبب المشكلة هو نصف الحل …..
ومن هنا طرأت الفكرة أنني أقيم تعاون مع قسم المشاكل وابدا بالفعل بتطبيق كلامي النظري علي مشاكل واقعية .
ولكن الان ساركز كل اهتمامي بمعضلة المدعوة هناء .
ذهبت بالبداية الي قسم الاخبار وبدأت بمساعدة زملائي في صياغة الاخبار بطريقة دقيقة .
والتنقل بينهم هنا وهناك حتى يصل له إنني أتممت أوامره على أكمل وجه فمن المؤكد أن هناك من يخبره بادق التفاصيل ….
وحينها سأخمد نيران الشك التي بدأت تتغلغل بداخله.
عدت لمكتبي بعد أن طلبت قهوتي من العم مصيلحي ثم جلست وأخرجت الخطاب لاكمله بإمعان وتركيز.
……………………………….
استيقظت هناء فجرا كحالها كل يوم تقوم بادائها الروتيني اليومي في الصباح وكان هذا هو الروتين الوحيد في حياتها أما بعد ذلك لا تعلم ماذا سيحدث بيومها.
أيقظت أبنائها واعدت لهم بعض الشطائر وانصرفوا لتهرول كعادتها الي مدرستها فتصل بالميعاد المحدد لها يوميا لتصطدم بمدير المدرسة الذي كان متجهم الوجه قائلا لها/ مس هناء كويس انك جيتي ،انتي هتنقذينا النهارده.
هناء ببعض من القلق وبابتسامة طفيفة لم تتعدي ثغرها/ خير يا مستر محمود في ايه؟
محمود وهو متوجه الى ساحة الطابور غير عابئ بها وهي تهرول خلفه…
تحاول اللحاق بخطواته الواسعة حتى سمعته يملي عليها أوامره / روحي امضي الاول واحضري الطابور…
وتيجي على مكتبي فورا متطلعيش اي حصة لو حتى قالولك الوزير هنا….
ثم تركها وأكمل طريقة بينما ظلت هي مكانها واقفة غير مطمئنة لحديثه وبدأت تفكر في ماذا سيريدها لهذه الدرجة؟؟
ظلت تفكر لبرهة حتى تذكرت انها لم تمضي شهقت وأسرعت الي غرفة شئون العاملين حتى تلحق بميعاد الحضور…
ولكنها للأسف وصلت متأخرة عشرة دقائق..
لتحاول مع المسؤولة والتي تدعى مس منال لتجعلها تمضي بدفتر الحضور وهي تستجديها قائلة/ والله يا مس منال انا جاية من بدري من قبل الميعاد كمان ، بقالي هنا عشر دقائق …..
بس مستر محمود ندهني واتكلم معايا تقدري تروحي تسأليه.
منال بوجه مقتضب وبأسلوب حاد كعادتها دائما/ انا مليش دعوة بحد يا مس هناء …
انتي جيتي قدامي متأخرة خمس دقائق يبقي تمضي بدفتر التأخيرات….
انا مش هروح لحد ، ولا هسال حد انا ليا الدفتر وبس.
هناء بمحاولة أخري لاقناعها فحاولت التحدث بصوت هادي/ يعني يا مس منال المدير يوقفني علشان يكلمني على شغل وانا اقوله استني لما امضي !؟
انا مش بكدب عليكي تقدري تتصلي بيه تسأليه لو مش عايزة تروحيله.
زفرت منال أنفاسها عندما شعرت بمصداقية حديثها ثم فتحت الدفتر على مضض وجعلتها تمضي به تزامنا مع دخول مدرس اخر هائجا/ اشمعنا بقي!!!!
تمضينا تأخير وتمضيها حضور عادي!؟
هو ناس وناس ولا ايه!؟
كانت ستبرر له هناء موقفها بكل احترام ولكن منال قطعت حديثها قائلة بصوت عالي/ احترم نفسك يا استاذ ……
انا مسمحلكش تدخل في شغلي….
وبعدين اه ناس وناس ليك عندي حاجه!؟
اتسعت عيون هناء لا تعرف لما كل هذه المشكلة ؟؟
هي ترى أن من الممكن حل المشكلة بكل هدوء لذلك أرادت توضيح موقفها فنطقت موضحة/ لا يا مستر انا جيت بدري بس كنت بكلم المدير و…
قطعت منال استرسالها وكأنها تحملها مسؤلية الحدث قائلة / اتكلي على الله يا مس علي حصصك مش مكان رغي هنا ….
وكفاية اوي الموقف اللي زي الزفت اللي حطتيني فيه ..
صحيح خيرا تعمل شرا تلقي.
وزعت هناء انظارها بين المدرس ومنال متعجة من الموقف وتطوراته لتقرر عدم إكمال حديثها فمثلهم لا يسمعون لأحد …
ثم زفرت أنفاسها وخرجت من المكتب لتجد أن الطابور قد انتهي فتوجهت مباشرة الي مكتب مدير المدرسة ودلفت تلقي السلام فدائما باب مكتبه مفتوح.
سمح لها الاستاذ محمود بالجلوس قائلا بوجه بشوش علي غير عادته ومناقض لحالته منذ قليل قائلا/ اتفضلي يا مس هناء دانتي بنت حلال بجد هتنقذينا وهتنقذي نفسك.
هناء بتوجس / خير يا مستر.
محمود ببشاشة وجه وكأنه سيبشرها بخبر سعيد / خير اوي دانتي كان معمولك جدول النهارده من ٨ حصص ….
اليوم كله كومبليت بس انا قولتلهم حرام سيبوها تفك عن نفسها شوية مش كل يوم ٨ حصص.
تعالت اسارير هناء وابتسم وجهها معلقة/ ربنا يخليك يا مستر والله ما بلحق افطر.
اومأ برأسه محمود وقد نجح في زرع فكرة المنقذ بعقلها ليشير بسبابته قائلا/ عارف عارف يا مس هناء إنتي من الناس المجتهدة ….
وعلشان كده اخترتك تطلعي مع مس فتحية مسؤولة المسرح…..
حفلة الإدارة عملاها ومشتركين فيها بفقرة باسم المدرسة وقولت ترفهي عن نفسك شويه …
ها قولتي ايه؟؟؟
وكأنها تلقت لكمة للتو لتفقد اتزان تفكيرها …
فهل تترك الحصص التي تحاول الخلاص منها لاجل أن تذهب لحفلة خارج المدرسة …
وتكون مسؤولة عن تلاميذ !!
ولم تعلم متي ستنتهي الحفلة ؟؟
لتدرك سبب حديثه بهذه الطريقة الغريبة عنه فتساءلت بتلعثم وتيهه / ااااه …. بس حضرتك…. في مشكلة ….
انا بعد المدرسة بروح لأولادي علشان اجبهم فكنت عايزة اعرف الحفلة ده هتخلص امتي والطلبه اللي معايا هيروحوا ازاي؟
ابتسم محمود قائلا بعملية مفرطة محاولا طمأنتها ولو حتى بدون علم مسبق منه عن الموعد الأساسي / لا متقلقيش خالص دانتي هتخلصي قبل ميعاد المدرسة كمان ….
ولو اتاخرتي هيكون بالكتير في ميعاد المدرسة…
وهتجيبوا الطلبة للمدرسة تاني علشان اهاليهم هيستلموهم من المدرسة،…
يالا بسرعة اخرجي هتلاقي مس فتحية منتظراكي انا بلغتها انك معاها، توكلوا على الله.
لم يترك لها مجال للرفض أو حتى الاستفسار ليستقيم هو تاركا إياها بحجة المرور علي الفصول بينما هي خرجت من المكتب تجر أذيال الخيبة ….
لم يأتي بخيالها قط أن يأتي يوم وتتمني لو تعطي حصصها وتنتهي بدلا من الذهاب لحفلة هي تعلم جيدا أنها ليس لها مواعيد ثابتة …
حصصها التي دائما كانت تحاول الفرار منها تود حاليا لو تؤديها ….
يا لسخرية القدر قد يأتي اليوم الذي تتمنى به ما كنت تهرول منه .
وصلت حيث تقف مس فتحية لتنظم معها التلاميذ وينطلقوا متوجهين لمسرح الإدارة.
وصل حافلة المدرسة الي الإدارة ليتوجهوا بالتلاميذ لداخل القاعة .
جلسوا منتظرين دورهم لتقديم فقراتهم لمدة تتعدى الساعتين وطوال هذه الفترة ظلت فتحية تتحدث بإسهاب في كل شيء وعن كل شيء دون أن تكل او تمل من فتح عدة مواضيع ليس لها علاقة ببعضها.
شعرت هناء بالصداع الشديد من كثرة الحديث والصخب الدائر حولها من فقرات الحفل فاستأذنت منها لإحضار قهوة ربما هدا الصداع والتفكير قليلا ….
أحضرت قهوتها ثم جلست ترتشف منها علي مهل بينما فتحية استعادت ضفة الحديث مرة أخرى حتى قطعت هناء حديثها بسؤال /مس فتحية هي فقرة الاولاد امتي؟
احنا كدة هنتاخر ….
ياريت لوتسألي علي ميعادها علشان انا تعبت وفاضل على ميعاد المدرسة ساعة واحدة ولسه مطلعناش ……
وعلشان كمان اعرف هلحق اروح لأولادي اجبهم ولا احاول اتصرف ؟؟
اومأت فتحية برأسها واستقامت من مكانها وهي تقول/ ماشي يا حبيبتي هروح اشوف ميعادنا امتي !؟
اصل تقريبا كل المدارس مشتركة بفقرة واتنين فالعدد كبير، وعلشان برضه الاولاد زهقوا.
توجهت فتحية لمسؤول الحفل تحدثت معه قليلا ثم عادت ثانية بوجه هادئ لا يبشر بشئ وجلست بجوار هناء تتحدث بهدوء تام وكان الأمر لا يعنيها أو يمثل لها أي معضلة قائلة لها/ لسه بدري ده تقريبا قدامنا ست مدارس لسه.
شهقت هناء لادراكها المشكلة التي باتت بها لتقول معلقة/ يا نهاري ست مدارس!! طب واولادي؟؟؟؟
،ده مستر محمود قال مش هنتاخر.
لوحت فتحية بكفها بعدم اكتراث وبلامبالاه قائلة بسخرية /وهو مستر محمود يعرف منين !
احنا اللي في الواقع ،.
ثم نظرت إليها بتعجب من أمرها لتسطرد حديثها قائلة لها / وانتي يا اختي مستعجلة على الهم ليه ؟؟
هتروحي تدعكي في البيت اكل ومواعين ومذاكرة خلينا قاعدين مستمتعين شوية.
عبست هناء ملامحها قائلة/ يا مس فتحية اولادي مين هيجبهم من المدرسة يعني ياربي اقعد احرس ولاد الناس واسيب ولادي في الشارع.
لوحت فتحية بيدها قائلة/ ياختي خلي ابوهم يجيبهم النهارده، خليهم يشوفوا شوية اللي بنشوفه.
زمت هناء شفتيها وهي تعلم أن زوجها لم يستطع إلغاء دروسه لجلب أطفاله والجلوس معهم بالمنزل وإعداد طعام لهم من اجل أنها تجلس ومرتبطة بعمل ما.
وبالفعل حاولت الاتصال به ومن أجل اختلافهم بالأمس فتح عادل الخط قائلا/ أيوة يا هناء في حاجة؟
هناء بضيق واضح /أيوة يا عادل انا دلوقتي في حفلة تبع المدرسة المدير كلفني بيها وهتاخر والاولاد مفيش حد ياخدهم من المدرسة لو …….
قطع عادل استرسالها قائلا بحدة/ وحضرتك عايزاني اسيب شغلي والغي الحصص اللي بناكل منها عيش علشان اجيب ولادك واقعد معاهم .
هناء بحدة مماثلة/ ايه ولادك ده! هما مش ولادك برضه ولا ايه!؟
عادل بعصبية/ ولادي يا هانم بس انا متمرمط بره علي اساس انك واخدة بالك منهم.
هناء بقلة حيلة سألته/ اعمل انا ايه دلوقتي؟
عادل بمعانده/ معرفش اتصرفي يا هانم عارفة انك عندك اولاد ليهم ميعاد كنتي رفضتي من البداية مش لازم تحضري حفلات وتهيصي وتصقفي…..
مش بعد ما تخربيها عايزاني الحقها، الاولاد مسؤوليتك وانا مش هقول اكتر من كدة.
ثم باغتها واغلق الهاتف لتتفاجأ من تصرفه.
تعلم أنه مضغوط أيضا فحقا لولا الدروس ما كان استطاع الصرف على المنزل فراتب الحكومة ضئيل جدا مقارنة باحتياجاتهم الأساسية ولهذا يرفض تماما مجرد الطلب منه إلغاء أي حصة الا للضرورة القصوى …ولانه يعلم أنها ستتصرف …
وبالفعل أجرت اتصالا بوالدتها واخبرتها بضرورة الذهاب لابناءها وإحضارهم واطعامهم لحين وصولها.
تعلم أن والدتها مريضة ولكن ليس بيدها حلا اخر.
وبالفعل استجابت الجدة لطلبها فهولاء احفادها ولا تستطيع تركهم بمفردهم بالمدرسة.
هدأت هناء من القلق قليلا ولكن لم تهدأ أعصابها فموقف كذلك ذكرها كيف أنها ليست ملك نفسها حتي في أبناءها.
ظلت جالسه بجوار فتحية التي بدأت احاديثها التي لا تنتهي ولكنها كانت تستمع لها بعقل شارد وبين الحين والآخر تطلب والدتها للاطمئنان على أبناءها.
……………………..
انتبهت على طرق زميلتي علي سطح المكتب تخبرني أنها نادت علي عدة مرات لاعتذر لها عن عدم انتباهي لحديثها / معلش يا هناء مخدتش بالي ..
عقدت حاجبيها وتساءلت بتعجب / هناء مين !؟
زفرت انفاسي ومسحت على وجهي بكفي وانا اقول / اسفة يا دعاء اتلغبطت ، المهم كنتي بتقولي ايه ؟
رفعت حاجبيها وهي تقول بسخرية / لا ابدا كنت بقولك لو ناوية تباتي بالمجلة النهارده ابقي اقفلي عليكي كويس.
شهقت وجحظت عيني مما ادركته فنظرت لهاتفي لأجد حقا أن موعد انتهاء الدوام قد انتهى منذ عشر دقائق طويت الخطاب الذي امامي سريعا ووضعته بالحقيبة ولملمت مستلزماتي من مفاتيح وهاتف وتوجهت سريعا للخروج فميعاد حافلة اولادي على وشك الوصول.
وصلت بابنتي للشقة وحمدت الله أن الطريق كان ميسر ليس به صعوبة مرورية كحال كل يوم مما أتاح لي الوصول قبل الاولاد .
بدأت بتغيير ملابس شمس مع قليل …. لا لا بل الكثير من الزن ولكن اذني وعقلي قد تعودوا على ذلك .
شرعت انا الأخرى بتغيير ملابسي لأجد اتصال من مشرفة الحافلة فعلمت أن الأطفال قد وصلوا ارتديت سريعا وتوجهت للشرفة فرأيت اولادي يهبطون من الحافلة وهم يلوحون لي .
بدأ التزمر الخاص بالابناء فور وصولهم حول ما أن كنت انتهيت من اعداد الطعام ام لا فقلت لهم اجابتي المعتادة التي رددها معي ابني الكبير / انا لسه واصلة قبلكم في مفيش لو عايزين تأكلوا عندكم جبنة ومربى بالثلاجة أو اصبروا عقبال ما تتشطفوا وتغيروا وتصلوا اكون خلصت.
وكطبيعة الحال لم أعي جيدا ما يبرطمون به وكل ما يصل لاذني صوت دبدبة أقدامهم كأسلوب اعتراضي….
فما كان مني إلا أن اتجاهل ما تفوهوا به حتى تأتي شمس وتقوم باخباري.
_ ماما ماما عارفة انس ومروان قالوا ايه ؟
وانا أمام الموقد اشرع في اعداد الطعام نظرت لها بابتسامة فهذه عادتها والتي اعلم انها خاطئة ولكني ابرر لها تصرفها أنها مازالت صغيرة لا تتعدى الثلاث سنوات لاقول لها كلمتي المعتادة / قولي يا رويترز.
_ أنس قال انا زهقت ومروان قال هو كل يوم كدة .
احاول ان اشعرها أن ما قالته لا يمثل أهمية لاتجاهله تماما ولا اعلق عليه بينما الفت انتباهها لشئ اخر فقلت لها / هاتي بططساية من عندك يا شموسة.
عقدت حاجبيها وكانني ارتكبت جرما بحقها لتعلق قائلة بصوت عالي / يوه بقى انا زهقت.
تركتني وانصرفت ….
تركتني وانصرفت وانا لا اصدق حالي بل حالها !!
اتسعت حدقتي وانا اسال حالي هل هذا نتاج التربية الحديثة الذي يدعون اليها !؟
يقولون حين تتغافل عن الخطأ لم يتكرر ولكنه تكرر وبطريقة أوضح …
فقد فهمت ابنتي تغافلي عن خطأ اخواتها وخطأها أنه ليس بخطأ !؟
حاولت تهدأة حالي حتى انهي ما أفعله وبعدها يجب أن اغير طريقة التربية الحديثة تلك فلم تؤتي بثمارها اطلاقا.
علي سيرة التربية تذكرت والدتي لافتح الهاتف احاول الاتصال بها للاطمئنان عليها.
بعد وقت قصير انهيت به اعداد الطعام جلسنا جميعا لتناوله ثم اعددت القهوة الخاصة بي وبدأت اشرع بروتين المذاكرة التي دائما وابدا ما يبدأ ببكاء وتذكر وينتهي كما بدأ تماما .
وخاصة انس الذي لم يستطيع الامساك بالقلم بعد بسبب جرحه والذي انتهز الفرصة في محاولة التهرب من المذاكرة.
غفوا الاولاد لاتوجه لغرفتي اغفو بفراشي لحين قدوم مازن الذي تأخر علي غير عادته .
بعد مرور ساعتين استيقظت من غفوتي لأجد مازن مازال بالخارج أمسكت بهاتفي لاهاتفه واطمئن عليه ولكنني استمعت لصوت غلق الباب فعلمت أنه أتى .
دلف علي الغرفة لاساله سبب التأخير فأجابني بعصبية / هيكون ايه السبب يعني ما اكيد شغل الزفت قعدتنا ساعتين زيادة ، انا اصلا بفكر اسيب المكتب وكفاية شغل الصبح .
تثآبت واعتدلت بجلستي لاحاول تهدأته / اهدي بس يا حبيبي يوم وعدى ، ثم انت عارف ان شغل الصبح مش هيقضي مصارفنا .
جلس بجواري ونظر لي باشمئزاز وكاني اهذي ليعلق قائلا / نامي يا شروق….
نامي ونقطينا بسكاتك علشان انا علي أخري اصلا .
لولا احتياجي الشديد للنوم لكنت أشعلت فتيل المعركة…….
ولكني لم امتلك ولا القدرة ولا الوقت فلدي عمل غدا ويوم ملئ بالاحداث فالله وحده هو العالم ماذا سيحدث بالغد.
سحبت الغطاء واعتبرت أن المناقشة كأنها لم تكن.
تململت بعد فترة من النوم لأجد مازن المتزمر من التأخير وإرهاق جسده ما زال مستيقظا وممسكا بالهاتف ولكنه فور ملاحظته لاستيقاظي اغلق الهاتف وتسطح سريعا .
لم اعر الأمر اهتماما والتفت لاذهب بسبات عميق مرة أخرى
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية كانت أنثى)