روايات

رواية قلوب منهكة الفصل العشرون 20 بقلم جهاد وجيه

رواية قلوب منهكة الفصل العشرون 20 بقلم جهاد وجيه

رواية قلوب منهكة الجزء العشرون

رواية قلوب منهكة البارت العشرون

قلوب منهكة
قلوب منهكة

رواية قلوب منهكة الحلقة العشرون

ليتكِ تعودين يا أمي، ليتكِ تأتين لتربتي بقلبك جِراحي فتخجل منكِ وترحل عني وتبقي أنتِ منبع حناني، ليتكِ يا من أفنيتِ عمرك لإرضائي تنظرين لي مجددًا وكأنني شيئًا عظيمًا جاء إليكِ، ليتكِ تعودين فتضميني !
انتفضت الفتاتان هلعًا من نبرة صوته الحادة والغاضبة، أقبلت عليه رزان محاولة تهدئته ولكن من الواضح أنه بركانْ على وشك الانفجار، ومازاد الطين بلة هو حديث المدعوة شقيقته الساخر : أهلًا باللي قتل أمه وحرمني منها
أعطاها ماجد نظرة حملت بين طياتها الكثير والكثير من اللوم والعتاب والكسرة والألم ولكنها لم تكن أي قسوة لها مطلقًا فهو يعلم قلبها يتفوه بتراهاتٍ عديدة ثم تأتيه تبكي تتحامى به ولكن لما تغير كل ذلك ومقلتيها ترمقه بنظرة لأول مرة يختبرها منها!! نظرة تُوجت جميع مرادفات الحقد والبغض!!
تخطاها بهدوء واضعًا الأغراض التي طلبتها زوجته منه صباحًا وألقى بجسده بأقرب مقعدٍ طالته قدماه، لم يسعفه جسده ولا لسانه بالحديث معها وليس لديها طاقة لتلك المواجهة الآن ولن يتحمل نظرات زوجته ومعشوقته له، أراح ظهره بضيق على المقعد وأمال رأسه لأحد الجانبين مغمضًا عينيه بقوة يحاول جمع شتات روحه ليقف لها بالمرصاد !!
ألتهمت الخطوات الفاصلة بينهم حتى وقفت أمامه مباشرة عاقدة ذراعيها أمام صدره الذي يعلو ويهبط بقوة وكأنها لتوها خرجت من سباق مارثون، مظهرها مسير للشفقة كثيرًا ناهيك عن ضغطها الدائم على ذراعها وقضمها شفتيها بغضبٍ شديد وطرقها بحذائها ذو الكعب العالي الأرضية من تحتها، جميع مؤشرات جسدها تنذز بشيءٍ واحد وهو أنها على وشك الفتك بالقابع أمامها مُريحًا جسده ببرود!!!
رفع رأسه بعد عدة دقائق وفرك جبينه بتعب وإرهاق وتمتم بهدوء: اقعدي يا تقى
شمخت بأنفها عاليًا وهتفت بغضب: مش هقعد في مكان فيه البتاعه بتاعتك دي اللي معرفش جايبها منين
انهت جملتها الحارقة مُشيرة لرزان المرابطة عند باب المنزل تتابع معركة النظرات بين زوجها وشقيقته الحاقدة عليهم!!
همس من تحت أسنانه بنبرة قاسية : خدي بالك من كلامك، البتاعه اللي بتتكلمي عنها دي مراتي وأنتِ في بيتها وممكن بإشارة منها تكوني براه
ضحكت بحقد واقتربت منه حتى أصبحت تطل عليه بجسدها ورفعت سبابتها بوجهه البارد وتمتمت بقسوة: دا لا بيتك ولا بيتها دا بيت أمي، أمي اللي ماتت بسببك ويتمتني بادري، وعارفه أنك معندكش مانع تخرجني منه يا ابن أبويا ما اللي ملوش خير في الست اللي ولدته وربته هيكون ليه خير في مين، طول عمرك واطي وحقير يا ماجد
هدوء كل ما يتواجد بينهم بعد حديثها هو الهدوء التام والصمت الذي يسبق العاصفة التي ستطيح بالجميع وأولهم هي! هب من مقعده وبلمحة كان يقبض على ذراعها بقسوة شديدة ورفع سبابته بوجهها وتمتم بنبرة خالية من المشاعر: أنا لحد دلوقت محترم إنك أختي، محترم الست اللي باقولي ماتت بسببي، راضي بعقلك المريض اللي بيصورلك حاجات ملهاش وجود وبقول دي من الصدمه واتحملها دي مهما كان أختك وملهاش غيرك ومحدش هيتحملها قدك، بس أنا جبت أخري، طاقتي منك نفذت وروحي فارقتني بسبب كلامك اللي زي السم كل ما تشوفي وشي تبخيه فيه ومبتفكريش في لحظه كلامك دا بيعمل فيا إيه، وأنا فعلًا واطي عشان سمحتلك تدهلي بيتي وتهنيني أنا ومراتي في وسط بيتنا وسكت عن حقدك وغلك وكرهك ليا، ولو مليش خير في حد زي ما بتقولي مكنتش لحقت جوزك زمان لما كان هيسجن بسبب حادثه كانت متدبره ليه من واحده يعرفها قبلك، لو مليش خير كنت سبت ابنك ومطلعتش اجري عليه لمجرد ما عرفت أنه اتخطف، اتفصلي اطلعي برا ومتعتبيش باب البيت دا تاني ومن النهارده أنا مليش حد في الدنيا دي غير مراتي وأختي ماتتت فاهمه ماتتت
ترك ذراعها ونفضها بعيدًا عنه وخطى لغرفته بخطواتٍ سريعة وصفع الباب خلفه بقوة اجفلت منها تلك الصغيرة المسكينة التي تابعت ما حدث بعيونٍ تقطر دمعًا لحال زوجها الحنون، دارت مقلتيها لرؤية تلك الواقفة وعينيها تكاد تجحظ من صدمتها من حديث شقيقها، وجسدها المتشنج وعرقها الغزير، يا الله كم يؤلمها قلبها على حالهم الغامض لها، ابتعدت عن الباب عندما أبصرتها تمسد ذراعها بألم وتتقدم منها بخطواتٍ ضعيفة للخارج، أغلقت الباب خلفها بهدوء وسارت خلف زوجها، دلفت لغرفته، رأته يجلس بإرهاقٍ على الأريكة الموازية لفراشها مُرجِعًا رأسه للخلف ومغمضًا عينيه بقوة وكأنه يهرب من دموعه التي تهدد بالهطول، اقتربت منه حتى أصبحت أمامه مباشرة وهمست باسمه بحنانٍ خالص : ماجد
لم تتلقى إجابة منه مما جعلها تسرق المسافة التي بينهم وتهبط على ركبتيها أمامه متناسية كل ما حولها إلا هو وألمه، مسدت على يده الموضوعة على أحد فخذيه وهمست بحنان : ماجد بصلي
**********************
كانت تنظر بين كل ثانية وأخرى لساعة الحائط أمامها، الساعة تجاوزت السابعة وزجها دومًا يأتي بالخامسة أين هو الآن!!؟ ألقت نظرة عابرة على طاولة الطعام الخاصة بهم وابتسمت بتهكم لابد أن الطعام برد الآن ويجب إعادة تسخينه حين عودته، التقطت وشاحها الزيتي من وسط الأريكة الجلدية وهبت متجهة للشرفة المُرفقة لغرفتها تنتظره، أحكمت لف الوشاح حول خصلاتها الناعمة وجيدها المرمي واعطت نفسها نظرة راضية عن مظهرها المُحتشم وخرجت، استندت على سور الشرفة وعينيها تدور بلهفة على الطريق من حولها، ابتسمت بهيام فور رؤيته يهبط من سيارة أوصلته للتو، شردت بمظهره الساحر لها ولها فقط!! لما يكون دومًا بتلك الجاذبية التي تجعلها تُقيد بعشقه بشدة! انتفضت من شرودها على صفعه لباب شقتهم، خرجت بخطواتٍ شغوفة لتلقى معذبها الأول والأخير، ابتلعت رمقها بتوتر قور رؤيته فمن الواضح أنه بأعلى درجات غضبه ولا تعلم سبب غضبه!!
اقتربت بخطواتٍ مُتمهلة منه حتى أصبحت أمامه مباشرة وغمغمت بعشقٍ باتت تُظهره له ببطء: حمدالله على السلامه
رفع ناظريه لها وليته لم يفعل! رأت شرارات الغضب تكاد تندلع من قزحيتيه التي إعتادت هدوؤهم وصفاؤهم!! تلقائيًا تراجعت قدميها للخلف بخطواتٍ مُتعثرة وكادت أن تفر من أمامه لولا صوته الحاد ونبرته التي تختبرها لأول مرة منذ زواجهم: سلمى كنتِ بتعملي إيه براااااا
رمشت عدة مرات بأهدابها الكثيفة وتمتمت بخوف: كنت … كنت مستنياك
التهم الخطوات الفاصلة بينهم وقبض على ذراعها بقوة جعلتها تقاوم غضبه التي تواجهه لأول مرة منه صدق من قال ( أتقِ شر الحليم إذا غضب) فاهو يُريها وجهًا أخر منه فهي كانت تظن أنها حفظته عن ظهر قلب !!
همس بحدة وغضب : وملكيش بيت تستنى فيه، طالعه وشعرك باين يا محترمه ورقبتك باينه
رفعت يديها فورًا لتأتيها الإجابة على هيئة خصلاتها النافرة من وشاحها وعنقها الذي استشعرت ظهوره تحت أصابعها، جف حلقها وحاولت إخراج حروفها هامسة بخوف: والله كنت مغطياه بس.. بس الهوا وقعه
اشتدت أصابعه على ذراعها عندما تخيل نظرات المارين لها، اشعلت فتيل غضبه بفعلتها الهوجاء وجعلته يتخلى عن هدوؤه ورزانته المعهودة وتمتم بصياحٍ: لأول وأخر مره تتكرر وإلا هتشوفي وشك عمرك في حياتك ما شوفتيه يا سلمى، مش مراتي اللي تخرج شعرها باين ورقبتها للناس تستبيحهم وكأنها بتقول ليهم بصوا لحمه ببلاش، وبعد كدا عاوزه تستنيني تقعدي في بيتك باحترامك وبلبسك والبلكونه والشبابيك ملمحكيش فيهم تاني سامعه
صرخ بآخر حديثه مما جعلها ترتعد من صوته الغاضب وكلماته اللاذعة لها، لم تقدر على مجابهة هجومه الكاسح عليها واكتفت بهز رأسها عدة مرات ودموعها تهطل بكثافة على وجنتيها، استشعرت أنامله تتركها ويبتعد عنها متوجهًا لطاولة الطعام وكأن شيئًا لم يكن، وقفت بمنتصف المكان من حولها ودموعها تسير بلا هوادة على خديها تحرق شعيراتها الدموية وتقضم شفتيها بقوة محاولة يائسة منها لكتم رغبتها بالصراخ عليه ولكمه بصدره والعدو أليه للإرتماء بين ذراعيه !! تحركت بضعف نازعة وشاحها الذي انحصر على كتفيها متوجهة لغرفتها تنزوي بها بعيدًا عنه راغبة بدفن وجهها بوسادتها وإشباعها بكاءً
لكم الطاولة أسفل قبضته وهو يراها تتألم بسببه، عندما رأى أحد الشباب يطالعها بنظراتٍ راغبة وشهوانية لم يشعر بذاته سوى عندما عنفها وألمها، حاول فتح حديثًا ولو صغيرًا بينهم وهتف لها : تعالي عشان تأكلي أنتِ مأكلتيش
غمغمت بنبرة مُنكسرة وهي متجهة لغرفتها: اكتفيت منك
***********************
تنهدت بعشقٍ متذكرة حديثهم منذ عدة دقائق وصعوبة هروبها منه، ابتسمت بشغف عندما نسج عقلها حياة خاصة بهم، صدحت ضحكاتها بقوة عندما تذكرت تعابير وجهه عندما أخبرته بموافقتها للزواج منه
فلاش باااك
منذ إسبوع …
طرقت عدة طرقاتٍ مُضطربة على باب مكتبه، تنفست محاولة منها جمع كلماتها وخطت للداخل عند سماع صوته الصارم لها، وقفت على مسافة بسيطة من مكتبه تفرك يديها بتوتر، هو من طلبها والآن يجلس مُنشغلًا عنها بأوراقه، ضربت المكتب أمامه بحنقٍ منه وتمتمت بغيظ: أنتَ جايبني تذنبني يا مهند ؟!
ضيق عينيه يستشف ردة فعلها السريعة فلم يتجاهلها سوى خمسة دقائق وهاهي توبخه! فرد ذراعيه بالفراغ من حوله لتتمدد عظامه براحة أكثر وضمهم سريعًا عند رؤية نظراتها الحارقة وأشار لها بالجلوس أمامه، خلع نظراته الطبيبة بهدوء وهتف بجدية: نور فكرتي في عرضي ليكِ! أظن إسبوع كامل مُهله كويسه عشان تفكري ؟!
ارتفعت حرارة وجنتيها فور إتمام حديثه وغزى كفيها عرقٍ شديد وهذه عادة سيئة تأتيها عندما تخجل أو تتوتر، رفعت خصلة ثائرة سقطت من شعرها وأرجعتها خلف أذنها وغمغمت بخجل: موافقه يا مهند
لم يصدق ما وصل لأذنيه فأعاد سؤاله مجددًا بزهول: نور أنتِ قولتي إيه
ضحكت بخجل على تعابيره المصدومة وغمغمت بنعومة ورقة: بقولك موافقه يا مهند، موافقه على جوازنا
هب من مقعده بسرعة ودار على خول مكتبه وصولًا لها وقبض على كتفيها موقفًا إياها أمامه وتمتم بسعادة وزهول: يعني أنتِ موافقه نتجوز وتيجي بيتي وكدا وتبقى مراتي!؟
علت ضحكاتها الخجولة من تصرفه الطفولي وفكت نفسها من بين قبضتيه وغمغمت بجدية زائفة: ايوا يا باشمهندس واتفضل على شغلك عشان عندي شغل
ابتسم بمُكر وعينيه تتفحصها بقوة وتمتم بخبث: اشبعي من شغلك عشان من بعد جوازنا هتبقي ليا وبس واشبع أنا منك يا نوري
باااك
عادت من ذكرياتها على صوت هاتفها يُعلن اتصالًا منه، ضحكت بصخب على تصرفاته المراهقة فمنذ موافقتها وهو لا يكف عن الاتصال بها كل دقيقة ليسألها عن حالها وما تفعل ولا يتوانى عن إحراجها بحديثه الوقح
*******************
رفع رأسه بإرهاق ونظر لها، رأى يديها التي تحتضن كفه بقوة، ابتسم بحنان لفعلتها البسيطة معه واعتدل في جلسته جاذبًا إياها لقدميه، أجلسها بعشقٍ تخلل دماؤه وروحه واحتضن خصرها بتملكٍ شديد، أعطاها نظرة شغوفة مليئة بالمشاعر الشجية بينهم ودفن وجهه بين طيات عنقها الظاهر من بين خصلاتها، اشتدت قبضته حول خصرها مقربًا جسدها له أكثر بطريقة بثت الدماء بجسده وجعلت منها كتلة من الجليد المُذاب بين يديه، لثم عنقها بقبلاتٍ مُتملكة لأقصى درجة وأصابعه تتشابك مع كفها الناعم، ملمس كفها الصغير بين يديه الخشنة أصابه بنوبة من التخدر جعلته ينسى ما مرَّ به منذ دقائق، تعمق بقبلاته بنحرها من بين رقيقة وحنونة لأخرى شغوفة وجامحة وكل هذا وسط سكونها التام بين ذراعيه القويتين، امتدت أناملها لترفع وجهه ليقابل عينيها الصافيتين ببريقهما المُضيء وأنفاسها تلفح صفحات ملامحه الخشنة وشفتيها تهمس بنعومة ورقة لا تليق بغيرها : ماجد احكيلي مالك
وااه من ماجد وما يفعله نطقها لاسمه بتلك الطريقة التي تجعل عقله ينصاع لها ويتخلى عن جموده وجفاؤه مع الجميع سواها! طبع قبلة ممتنة على إحدى وجنتيها وسارت يده لأسفل ركبتيها والأخرى تحكم على خصرها ضاممًا إياها لصدره بقوة على أثرها ارتفعت يديها لتحيط بعنقه ببراءتها المعهودة معه، حملها بين ذراعيه نحو فراشه ووضعها برقة لتتمدد عليه وسط تعجبها من فعلته، خلع سترته وتبعها قميصه الأسود وسط خجلها واكتفى بمنامة زيتية بلا أكمام، جلس على حافة الفراش جوارها وعينيه تدور بعشقٍ خالص على كافة ملامحها، تمدد جوارها واضعًا رأسه على صدرها وجاذبًا يديها أحدهما تلتف حول خصره والأخرى تستبيح خصلاته لتشعره بمشاعرٍ افتقدها من والدته الراحلة، لف كلتا ذراعيه حولها بتملك وتتيم خالص بها وشرع في سرد مأساته القاسية لها بصوتٍ خافت: من سنتين من قبل معرفتك كنت في مهمه خارج مصر، كانت لتصفية عائلة مافيا كاملة، كانت ناس كبيييرة أووي ومحدش قادر عليهم، وأنا كنت أكفأ واحد بالمهمه دي، وقتها وقبل سفري بنص ساعه كنت بودع أمي وآخر جملته قالتها قبل ما أخرج من الشقة( قلبي راضي عنك يا ماجد وعمره في يوم ما غضب عليك، متغيبش عليا ياابن الأنصاري) مكنتش بتقولي ياابن الأنصاري غير لما يكون قلبها خايف عليا، سافرت شهر كامل بعيد عنها ودي كانت أول مره أطول في مهمه وأسيبها لواحدها بس كنت بطمن عليها من وقت للتاني لأن ممنوع عننا أي موبايلات ولا أي اتصالات خاصه، رجعت بعد شهر وأنا على الباب قلبي اتقبض بطريقة عمري ما عرفتها طول ما هي موجوده، رميت شنطتي ودخلت أنادي عليها، فضلت أدور زي المجنون في كل حته في الشقة وأنادي عليها، ولقيتها
تحشرج صوته بدموعٍ غابته لمدة وحان وقت زيارتها المريرة له وأكمل بضعف: لقيتها مرمية في الحمام، ملحقتهاش، جريت شيلتها وأنا بدعي أنها تكون لسه عايشه، استنيت الدكتور اللي أخدها مني وبعد نص ساعه لقيتها طالعه ليا بس مش زي ما دخلتها لا لا كانا متكفنه، قالولي سكته قلبية، قالولي ادعي ليها بالرحمه، ميعرفوش إني اللي استحق الدعاء، أمي مكنتش مريضة ولا بتشتكي من أي حاجه بس هما قالوا أنها جالها الضغط، كنت داخل بيها على أيدي بتبتسم وطلعت بيها في الكفن الأبيض، روحت دفنتها من غير علم أختي حتى، ورجعت البيت لقيت شنطتي لسه زي ماهي، كانت أول ما برجع بتحضني وتقعد تقولي خسيت يا ماجد وتفضل تأكلني لحد ما ارجع زي عادتي، أختي نزلت من السفر مع جوزها من الكويت وعرفت باللي حصل ومن وقتها وهي بتتهمني إني السبب في موتها لأني بعدت عنها وسافرت وأهملت فيها، كل نظرة ليها بتقول أنت قتلت أمك، معقول اقتل الحاجه الحلوة اللي في حياتي!؟
بكى بقوة وعلت شهقاته وكأنه للتو فقد والدته وليس منذ عامين، هز رأسه نافيًا تلك الفكرة عنه وأكمل بدموعٍ: والله ما قتلتها، مكنش ليا غيرها ولا هي ليها غيري، أبويا مات من بعد ولادتي بخمس سنين وهي اللي ربتني وكانت زي ضلي، كبرتني وعلمتني وقالتلي عشان أنتَ ابن زُهير الأنصاري لازم تبقى زيه وتدخل شرطه، فاكر لدلوقت نظرة الفخر والشكر اللي في عيونها وأنا بتخرج، دي مكنتش بتنام إلا لما تطمن إني نمت وتدخل تغطيني حتى وأنا كبير وشحط كدا، كانت بتصحى من قبل الفجر تصلي وتدعيلي وبعدين تصحيني ونصلي الفجر سوى وتنيمني على رجليها وتلعب في شعري وهي بتحكيلي قد إيه كانت بتحب أبويا، تقى كانت أكبر مني واتجوزت وسافرت ومكتتش قريبة منها كنت أنا ليها كل حاجه بعد ابويا، والله ما قتلتها يا رزان والله دي كانت أمي !
همس بآخر حروفه دافنًا وجهه أكثر بصدرها ليس خجلًا ولا غضبًا من ضعفه وإنما من شدة ألمه من الجميع من رحيل والدته واتهام شقيقته وألم معشوقته بسببه، وصل لأذنيه صوت شهقاتها وانتفاضة جسدها اسفله مما جعله يرفع نظره ليرى بكاؤها المرير عليه، مد أناملة لتزيل دموعها برقة تنافي بروده ولكن دموعه أبت شيءً آخر وتساقطت تشاركها دموعها وبقى الاثنان لمدة لا يعلمها أحدهم يبكيان على سُبلٍ جعلتهم يقاسون مرارة الفقد والحرمان من أعظم ما يمنحه الله ألا وهي الأم!
******************
طرق عدة مرات على بابها ولم تأتيها إجابتها فظنها بالمرحاض فدلف لرؤيتها والإعتذار منها، وجدها تتمدد على الفراش معطية ظهره له متصنعة النوم ولكن ارتعاش جسدها بسبب بكاؤها أوضح عدم نومهت المزعوم فالتف هو ليصبح أمامها، شعر بنصلٍ من الجمر يوضع بين جوانب قلبه لرؤيته عينيها المنتفخة من البكاء وشفتيها الداميتين ووسادتها المبللة بدموعها، جلس على ركبتيه أمام فراشها وأزاح خصلاتها المتلصقة بجبينها وتمتم بأسف: سلمى أنا آسف
لهنا ويكفيها تحمل، نضهت من نومتها وأزاحت الغطاء عنها بعنف متجاهلة نظراتها المستفهمة من فعلتها وهتفت بألم: آسف على إيه؟ على غلطك فيا ولا إهانتك ليا ولا على كلامك اللي قطع فيا ولا تكونش آسف على دراعي اللي ورم بسببك وكل دا لأني طلعت استناك وقلقت عليك!؟ للدرجادي مش طايقني ولا عاوزني اهتم بيك!؟ للدرجادي بتكرهني وشايفني عالة عليك وبتتغصب تستحملني!؟ عملت إيه غير إني استنيت جوزي زي أي ست أصيلة بس جوزي قابل دا بإهانه وقلة قيمة وزعق فيا وطعن في شرفي، معندكش احساس للدرجادي!؟ طب كنت ادخل وقتها صالحني يمكن كنا اصفالك مش بعدها بتلت ساعات !!! أنت قلبك دا إيه شاطر يدوس عليا وبس، قبلت إنك بتحب واحده غيري واتجوزتني عشان تنساني بيها وقبلت بالقليل منك بس أنت كافأتني بصراحة وخلتني في موقف مفيش واحده تتمنى تكون فيه، عارف أنا عمري ما كرهت حد بس بقولهالك اهو يا سامح، أنا بكرهك واكتفيت منك ومن حبك دا، ايوا بحبك ومش من يوم ولا اتنين ولا عشرة لا دا من زماااان اوووي وكنت بدعيلك قبل ما ادعي لنفسي بس
صمتت لتزيح دموعها التي بللت شفتيها الداميتين وتابعت بقهرٍ وحسرة: بس أنا مكنتش شايفني، كنت بتخيلك كل ليلة جنبي واحكيلك يومي وأشكيلك منك، كنت بتمناك في كل لحظه بتمر عليا وكنت عارفه بحبك لواحده تانية ودعيت ربنا ينزع حبها من قلبك أو ينزع حبك من قلبي بس جاتني الإشارة لما طلبت تتقدملي ووافقت لا دا أنا كنت طايرة من الفرحه ورغم علمي إنك مش بتحبني بس قولت هخليك تحبني وحاولت والله حاولت
سقطت أرضًا أمام ناظريه تبكي بعنف، تبكي على حبها الضائع، كرامتها المهدورة، عشقها المستحيل، أنوثتها التي جُرحت، بكت على كل شيء كورقة ضلة وجهتها وبقيت بلا هوادة بين الطرقات، قبضت على أطراف منامتها وهمست بخفوت وألم: حاولت أخليك تحبني بس فشلت، فشلت أداوي قلبك بحبي، مش هتفهم شعوري وأنا بسمعك بتقول اسم واحده تانية في حضني وفي سريري في ليلة دخلتي، مش هتحس بيا وأنا بشوفك كل ليلة بتكلمها كأنها موجوده ولا وأنت بتتخيلني هي، مش هتفهم وجعي ولا حرقة قلبي ولا عمرك هتفهم لأنك معندكش قلب ولا حتى فكرت تسمحلي أقرب منك، أنا اتحملت كتييير منك وأنت مع أول غلط غير مقصود مني بتقولي بتعري لحمك!! أنا !!!
ضحكت بسخرية ودموعها لم تكف على الهطول وأكملت بتهكم مصحوب لأنينٍ دامي: أنا اللي صونتك رغم خيانتك ليا، الخاينة مش بالجسم لا دي ليها ألف طريقها وأقذرها خيانة القلب والعقل، أنا اللي سيبت كرامتي وجريت وراك وورا حبك وقدمت كل قوتي عشانك وأنت مقدمتش أي شىء، بس ملحوقة، أنا اكتفيت منك يا سامح، فاهم يعني إيه اكتفت!!
وقفت بشموخ وكبرياء أنثى جُرحَ للتو وتمتمت بقوة: يعني تطلقني وكل شيء بينا انتهى، اتفضل أخرج عشان تعبانه وعاوزه ارتاح
رأته يكاد أن يتحدث فصرخت به بغضب وحدة لاذعة: بقولك أخرج برااااا مش طايقةةة أشوفكككك ولا عاوزه أشوفككك
كرامة الأنثى كالصقر الجارح إن تفاديتها سلمت وإن جرحتها هكلت بنظرة من صقرها الجارح
******************
طبعت قبلة صغيره على جبينه المتعرق وأزاحت خصلاته الفحمية الملتصقة به وهمست بحزن: طلعت متحمل كتير يا ماجد
تنهدت بألم وهي تتذكر مواجهتها معه عقب خروجها من المشفى
فلاش باااك
جلست أمامه تناظره بقوة وعقلها يطرح المئات من الاسئلة التي ترغب بإجابتها ولكن سرعان ما أتتها الإجابة بصوته الرخيم : رزان يونس يعتبر مش مصري، طول عمره عايش برا مصر وفي طوكيو تحديدًا مع عائلته وأقصد بعيلته مش أهله لا عيلته اللي هو واحد منها وزعيم مافيا لأن المافيا بتتبع أسماء كتير وأهمها أنظمة العائلات دي، يونس كان مُرشح يمسك زعامة عيلته بعد وفاة والده زدا اللي حصل ووقتها بجدارة قدر يمسكها رغم وجود زعماء تانين أكبر وأقوى منه، يونس نزل مصر لسبب غامض ووقتها شافك وحبك زي ما بيقول بس اللي هو ميعرفوش أنه دا حب مرضي وهو بيعاني من مجموعة كامله من الأمراض النفسية أهمها السيكوباتيه ودي صاحبها أقدر اقول أنه على قدر عظيم من الذكاء خلاه خطط ودبر وأقنع لكل شيء جاي….. شافك ووقعك في حبه وبعد فترة كتبتوا الكتاب في ظروف غامضه وسريعة بسبب تشابك قوي في عيلته وصراع على الزعامة بعد نزوله كان مضطر يسافر لوقت هو ميعرفوش عشان كدا اقنعك واقنع مهند وعمي بسرعة جوازكوا ويومها حصل زي ما خطط بالظبط ودا مع الوقت هتعرفيه، واسم يونس دا هو اقتنصه من اسم رجل اعمال متوفي من فترة عشان يداري وجوده في مصر واستخدم معاكي حيلة أنه جاك واسلم وحبك واتعلم العربية عشان وفي الحقيقه دا كله كدب منه وهو أصلا اكبر منك ودخل كلية الهندسة عشانك لأن اللي زيه مش بيقبل الرفض دا عقله مبرمج على تلت كلمات وبس حاضر ونعم وأمرك، وبقية الأحداث أنتِ عرفاها ومع الوقت هتوضحلك الصورة كامله، بس اللي عاوزك تعرفيه إني معاكي ومستحيل أتخلى عنك وديمًا في ضهرك
باااك
شدت من ضمها الضعيف له ودموعها تسقط بصمت على حياا لم تُنسج على وعلى كذبة عاشتها لأعوام وعلى براءتها التي اُقتنصت منها والتي هي من حق زوجها الذي يعشقها رغم رفضها المزعوم لقربه!!!
*******************
تململت في نومتها بضيق على قبلاتٍ رطبة فوق جفنيها ووجنتيها، رفرفت بأهدابها بحنق عندما وقع نظرها عليه، علا ثغرها بسمة راضية عندما رأت بسمته التي تشق شفتيه القاسيتين ودون إرادة منها رفعت أناملها لتتحسسهم بخجلٍ شديد وسط ابتسامته، أغمضت عينيها عندما شعرت بإقترابه الشديد منها بانتظار إحدى قبلاته التي تُدغدغ حواسها، وبالفعل التهم شفتيها بقبلة عاصفة بث بها امتنانه الشديد لتواجده جانبه، تعمق بقبلته لهمهم باستمتاعٍ شديد بقربها التي بات يخدره، ابتسم وسط قبلاته عندما شعر بأناملها تشد على خصلاته مما دفع الأدرينالين لكامل جسده وجعله يزمجر بسعادة مقتنصًا حقه بشفتيها الحبيبتين سامحًا لحواسه بتشرب قربها ولقلبه بإخماد لهيب شوقه لها، ابتعد عنها بضيق عندما شعر بحاجتهم للتنفس، دفنت رأسها أكثر بصدره وسط رغبتها بالإنصهار من نظراته الوقحة لها، رفع وجهها المُحمر من فرط خجلها وهمس أمام شفتيها: زان أنا جوزك يا قلبي متتكسفيش
لكزته بحدة بكتفه وسط ضحكاته الماكرة وتمتمت بغيظ وهي تتجه مبتعدة عنه: ماجد بطل قلة ادبك دي
سخر من حديثها وتمتم بتهكم: هو أنا كدا قليل الأدب دا أنا كدا زي أخوكي، ما تيجي أوريكِ قلة الأدب
دبدبت بقدميها بحنقٍ وخجلٍ منه وهتفت بتذمر: علفكرا أنت سافل ووقح
لاعب حاجبيه بمشاكسة وهتف لها: وقليل الأدب لو تحبي تجربي

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية قلوب منهكة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى